إعراب القرآن للباقولي منسوب خطأ للزجاج الباب السابع
والستون
هذا باب ما جاء في التنزيل ما يكون على وزن «مفعل» بفتح العين
ويراد به المصدر ويوهمك أنه مكان فمن ذلك قوله تعالى:
(النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها) «1» . المثوى، هاهنا،
مصدر، أي: قال: النار ذات ثوائكم، لا بد من هذا ليعمل في
الحال، ف «خالدين» حال، والعامل فيه نفس المصدر.
وجوز مرة أخرى أن يكون حالا من المضاف إليه، والعامل فيه معنى
المضامة والممازجة، كما قال: (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ
مِنْ غِلٍّ إِخْواناً) «2» .
وقال: (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) «3» .
فيجوز على هذا أن يكون «المثوى» المكان.
ومن ذلك قوله: (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ)
«4» . أي: في مواضع سكناهم، لا بد من هذا، لأنه إذا كان مكانا
كان مفردا مضافا إلى الجمع، والأحسن في مثل هذا أن يجمع، فلما
أفرد علمت أنه مصدر.
ومثله: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) «5» ، أي: في مواضع قعود صدق،
فهو مصدر، والمضاف محذوف.
قال سيبويه «6» : وأما ثلاثمائة إلى تسعمائة فإنه شاذ «7» ،
كان ينبغي أن يكون مئين أو مئات، ولكنهم شبهوه بعشرين وأحد
عشر، حيث جعلوا ما يبين به العدد واحدا، لأنه اسمٌ العدد، كما
أن عشرين اسم العدد، وليس بمستنكر
__________
(1) الأنعام: 128.
(2) الحجر: 47.
(3) الحجر: 66.
(4) سبأ: 15.
(5) القمر: 55.
(6) الكتاب (1: 107) .
(7) العبارة في الكتاب: «تسعمائة مكان» .
(3/847)
في كلامهم أن يكون اللفظ واحدا والمعنى
جميع، حتى قال بعضهم في الشعر من ذلك ما لا يستعمل في الكلام.
قال علقمة بن عبدة:
بها جيف الحسرى فأما عظامها ... فبيضٌ وأما جلدها فصليب «1»
وقال آخر «2» :
لا تنكر القتل وقد سبينا ... في حلقكم عظمٌ وقد شجينا «3»
ونظير هذا قول حميد:
وما هي إلا في إزار وعلقة ... مغار ابن همام على حي خثعما «4»
ف «مغار» ليس بزمان لتعلق «على» به، والمضاف فيه محذوف، أي وقت
إغارة ابن همام.
ومثله:
كأن مجر الرامسات ذيولها ... عليه قضيمٌ نمقته الصوانع «5»
أي: كان مكان مجر الرامسات، ف «مجر» مصدر، لانتصاب «ذيولها»
به، والمضاف محذوف.
وكذلك قول ذي الرمة:
فظل بملقى واحف جزع المعى «6»
نصب «جزع المعى» ب «ملقى» لأنه أراد به المصدر، أي موضع إلقاء
واحف جزع المعى.
__________
(1) الشاهد فيه موضع الجلد موضع الجلود. (الكتاب 1: 107) .
(2) هو: المسيب بن زيد مناة الغنوي.
(3) الشاهد فيه وضع الحلق موضع الحلوق. (الكتاب 1: 107) .
(4) الكتاب 1: 120) . [.....]
(5) الرامسات: الرياح الزافيات التي تنقل التراب من بلد إلى
آخر. والقضيم: الجلد الأبيض. والبيت للنابغة. (اللسان: قضم) .
(6) الجزع: جانب الوادي. والمعي: سهل بين جبلين.
(3/848)
|