إعراب القرآن للباقولي منسوب خطأ للزجاج

الباب التاسع والستون
هذا باب ما جاء في التنزيل حمل فيه الاسم على الموضع دون اللفظ فمن ذلك قوله تعالى: (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ) «1» فقوله: «إلا الله» رفع محمول على موضع «من إله» ، وخبر «من إله» مضمر، وكأنه قال: الله في الوجود.
ولم يجز حمله على اللفظ، إذ لا يدخل «من» عليه. وعلى هذا جميع ما جاء في التنزيل في قوله (لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) «2» خبر لا مضمر، ولفظة «الله» محمول على موضع «لا إله» .
ومثله: (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) «3» ، فيمن قرأه بالرفع في جميع التنزيل.
ومثله: (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) «4» ، فيمن رفعه.
ومثله: (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) «5» ، هو محمول على موضع الجار والمجرور في أحد الوجوه.
وقيل فى قوله: (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) «6» : إن نصبه محمولا على الجار والمجرور ويراد بالمسح، الغسل، لأن مسح الرجلين لما كان محدودا بقوله «إلى الكعبين» حمل على الغسل. وقيل: هو محمول على قوله: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى
__________
(1) آل عمران: 62- ص: 65.
(2) الصافات: 35- محمد: 19.
(3) الأعراف: 59، 65، 73، 85- هود: 50، 61، 84- المؤمنون: 23، 32. [.....]
(4) فاطر: 3.
(5) هود: 71.
(6) المائدة: 6.

(3/854)


الْكَعْبَيْنِ) «1» .
ومن ذلك قوله تعالى: (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً) «2» ، ف «دينا» محمول على الجار والمجرور، أي: هدانى دينا قيما.
وقيل فيه غير ذلك.
ومثله قوله: (وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ) «3» ، إلى قوله: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) «4» ، أي:
جاهدوا في دين الله ملة أبيكم، هو محمول على موضع الجار والمجرور، أي: هدانى.
وأما قوله: (قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ) «5» ، ففي موضع «من» وجهان: الجر على لفظة «الله» ، والحمل على موضع الجار والمجرور، / أي: كفاك الله ومن عنده علم الكتاب.
وهذا قوله: (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ) «6» ، يجوز في موضع «أن» الجر والرفع، فالجر على اللفظ، والرفع على موضع الجار والمجرور، أي: ألم يكف ربك شهادة على كل شىء.
__________
(1) المائدة: 6.
(2) الأنعام: 161.
(4- 3) الحج: 78.
(5) الرعد: 43.
(6) فصلت: 53.

(3/855)