المبسوط في القراءات العشر ذكر الحروف
فاتحة الكتاب
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة:
{مَلِكِ} بغير ألف. وقرأ عاصم والكسائي ويعقوب وأبو حاتم وخلف
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بالألف، ولم يختلفوا في كسر الكاف
واللام.
وقرأت على بكار المقرئ قال: قرأت على أبي علي الصواف المقرئ
قال: قرأت على أبي عمر الدوري قال: قال الكسائي: اقرأ {مَلِكِ
يَوْمِ الدِّينِ} و {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، يعني أنه كان
يقرأ بالوجهين بالألف وغير الألف. ويؤيد هذه الرواية ماروي عن
أبي عبيد أنه قال: قد كان الكسائي زماناً يقرؤها بالألف ثم
بلغني عنه أنه قال: لا أبالي كيف قرأتها {مَلِكِ} أو {مَالِكِ}
والله أعلم بذلك.
قرأ حمزة وحده {الصِّرَاطَ} بإشمام الزاي كل القرآن في جميع
الروايات عنه إل رواية عبد الله بن صالح العجلي فإنه بالصاد
(1/86)
كل القرآن [ .... ] ورواية خلاد وابن سعدان
جميعاً عن سليم فإنه يشم الصاد الزاي في أم الكتاب فقط.
وقرأت على أبي الحسن النقاش المقرئ برواية خلاد فأخذ علي كل ما
فيه الألف واللام بالاشمام وما سواه بالصاد.
وروى أبو حمدون عن الكسائي باشمام السين كل القرآن وقرأ يعقوب
برواية رويس بالسين كل القرآن وذكر نحوه عن ابن كثير وهو غلط
كما قيل، وقال الآخرون بالصاد في جميع القرآن.
قرأ حمزة {عَلَيْهِمْ} و {إِلَيْهِمْ} و {لَدَيْهِمْ} بضم
الهاء في هذه الأحرف الثلاثة كل القرآن.
وقرأ يعقوب {عَلَيْهِمْ} و {إِلَيْهِمْ} و {لَدَيْهِمْ} و
{عَلَيْهِمْا} و {إِلَيْهِمْا} و {عَلَيْهِنَّ} و {فِيهِمَا} و
{فِيهِمْ} و {فِيهِنَّ} وكل ما أشبه ذلك من هاء قبلها ياء
ساكنة في جميع القرآن بضم الهاء. وزاد رويس في روايته عنه ضم
الهاء وإن سقطت الياء قبلها لعلة. نحو قوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ}
و {قِهِمْ} و {أَلَمْ يَأْتِهِمْ} و {وَإِنْ يَأْتِهِمْ} و
{وَيُلْهِهِمُ} وما أشبهه إلا قوله تعالى في الأنفال {وَمَنْ
يُوَلِّهِمْ} فإنه بكسر الهاء في كل القرآن وروي عن رويس كسر
الهاء من {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} و {وَيُزَكِّيهِمْ} كل القرآن و
[ ... ] قرأت {وَيُزَكِّيهِمْ} بضم الهاء وكذلك
(1/87)
{مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}
فإذا كان {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} و
{أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} وكل ما أشبهه فإنه يكسر الهاء
فيه.
وروي عن روح أيضا جميع ذلك بكسر الهاء. وضم الميم من
{أَبِيهِمْ} أيضا حيث كان، والذي قرأت في روايته ضم الهاء في
جميع ما ذكرته إلا قوله تعالى {أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ}
فإنه بكسر الهاء.
والباقون يكسرون الهاء ويسكنون الميم إلا أن يتلقاها ألف وصل
نحو قوله: {عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} و {عَلَيْهِمُ
الْمَسْكَنَةُ} و {مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ} و {يُرِيهِمُ
اللَّهُ} وجميع ما أشبه ذلك فإن أبا جعفر ونافعا وابن كثير
وابن عامر وعاصما يكسرون الهاء ويضمون الميم فيها.
وأبو عمرو يكسر الهاء والميم جميعا فيها.
وحمزة والكسائي وخلف يضمون الهاء والميم جميعا فيها.
ويعقوب يكسرها إذا كسر الهاء قبلها، ويضمها إذا ضم الهاء قبلها
والله أعلم بذلك.
وأبو جعفر وابن كثير يضمان كل ميم جمع في جميع القرآن نحو
{عَلَيْهِمُو} و {إِلَيْهِمْ} و {فِيهِمْ} و {أَأَنْذَرْتَهُمْ
أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} وأشباه ذلك، ونافع
يخير في ذلك برواية إسماعيل وقالون.
(1/88)
والمسيبي يقول: إن شئت ضممت وإن شئت أسكنت.
وأما رواية ورش فإنه يضم الميم عند ألف القطع ويسكن ما سوى
ذلك.
والكسائي في رواية نصير يضم الميم عند رؤوس الآيات إذا كان ما
قبل الميم مضموما نحو قوله {هُمْ يُوقِنُونَ} و {كُنْتُمْ
صَادِقِينَ} {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فإذا كان ما قبل الميم
مكسورا تركه جزما ولم يضمه نحو قوله {بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}
ويضم الميم أيضا عند الألف المقطوعة نحو {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ}
وعند الميم نحو: {جَاءَكُمْ مُوسَى} وأشباه ذلك. قال نصير.
إنما يصل ذلك في الكلمات الخفاف، فإذا طالت الكلمة أو ثقلت ترك
الميم جزما نحو قوله {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ
لَا يُؤْمِنُونَ} {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ
اللَّهِ} وإذا ثقلت الكلمة لا يضم أيضا مثل {لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ} وإنما يضم {هُمْو} و {كُنْتُمْو}
{وَأَنْتُمْو} ونحوها.
وأما قتيبة فإنه لا يضم الميم عند الميم ويضم عند رؤوس الآيات
وعند الألف المقطوعة طالت الكلمة أو ثقلت أو لم تطل. ولا يضم
إذا انكسر ما قبل الميم أيضا، والله أعلم بجميع ذلك.
(1/89)
|