المفردات في غريب القرآن كتاب الياء
يبس
يَبِسَ الشيءُ يَيْبَسُ، واليَبْسُ: يَابِسُ النّباتِ، وهو ما
كان فيه رطوبة فذهبت، واليَبَسُ: المكانُ يكون فيه ماء فيذهب.
قال تعالى: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً
[طه/ 77] والأَيْبَسَانِ «1» : ما لا لحم عليه من الساقين إلى
الكعبين.
يتم
اليُتْمُ: انقطاع الصَّبيِّ عن أبيه قبل بلوغه، وفي سائر
الحيوانات من قِبَلِ أمّه. قال تعالى:
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى
[الضحى/ 6] ، وَيَتِيماً وَأَسِيراً [الإنسان/ 8] وجمعه:
يَتَامَى. قال تعالى: وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ
[النساء/ 2] ، إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى
[النساء/ 10] ، وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى [البقرة/ 220]
وكلُّ منفردٍ يَتِيمٌ، يقال: دُرَّةٌ يَتِيمَةٌ، تنبيها على
أنّه انقطع مادّتها التي خرجت منها، وقيل: بَيْتٌ يَتِيمٌ
تشبيها بالدّرّة اليَتِيمَةِ.
يد
الْيَدُ: الجارحة، أصله: يَدْيٌ لقولهم في جمعه: أَيْدٍ
ويَدِيٌّ «2» . وأَفعُلٌ في جمع فَعْلٍ أكثرُ. نحو: أفلُس
وأكلُب، وقيل: يَدِيٌّ نحو:
عَبْدٍ وعَبِيدٍ، وقد جاء في جمع فَعَلٍ نحو: أَزمُن وأَجبُل.
قال تعالى: إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ
أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ
[المائدة/ 11] ، أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها
[الأعراف/ 195] وقولهم: يَدَيَانِ على أنّ أصله يَدْيٌ على وزن
فَعْلٍ، ويَدَيْتُهُ: ضربت يَدَهُ، واستعير اليَدُ للنّعمة،
فقيل: يَدَيْتُ إليه. أي: أسديت إليه،
__________
(1) انظر: جنى الجنتين ص 24.
(2) انظر: سر صناعة الإعراب 2/ 729، والمسائل الحلبيات ص 163.
[.....]
(1/889)
وتجمع على أَيَادٍ، وقيل: يَدِيٌّ. قال
الشاعر:
474-
فإنّ له عندي يَدِيّاً وأَنْعُماً
«1» وللحوز والملك مرّة يقال: هذا في يَدِ فلانٍ.
أي: في حوزه وملكه. قال تعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ
يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ
[البقرة/ 237] وقولهم: وقع في يَدَيْ عَدْلٍ.
وللقوّة مرّةً، يقال: لفلان يَدٌ على كذا، ومالي بكذا يَدٌ،
ومالي به يَدَانِ. قال الشاعر:
475-
فاعمد لما تعلو فمالك بالّذي ... لا تستطيع من الأمور يَدَانِ
«2» وشبّه الدّهر فجعل له يَدٌ في قولهم: يَدُ الدّهرِ، ويَدُ
المِسْنَدِ، وكذلك الريح في قول الشاعر:
476-
بِيَدِ الشّمال زمامها
«3» لما له من القوّة ومنه، قيل: أنا يَدُكَ، ويقال:
وضع يَدَهُ في كذا: إذا شرع فيه. ويَدُهُ مطلقة:
عبارة عن إيتاء النّعيم، ويَدٌ مَغْلُولَةٌ: عبارة عن إمساكها.
وعلى ذلك قيل: وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ
غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ
مَبْسُوطَتانِ
[المائدة/ 64] ، ويقال: نفضت يَدِي عن كذا. أي: خلّيت وقوله
عزّ وجلّ: إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ
[المائدة/ 110] ، أي:
قوّيت يَدَكَ، وقوله: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ
أَيْدِيهِمْ [البقرة/ 79] ، فنسبته إلى أَيْدِيهِمْ تنبيه على
أنهم اختلقوه، وذلك كنسبة القول إلى أفواههم في قوله عزّ وجلّ:
ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ [التوبة/ 30] ، تنبيها على
اختلافهم.
وقوله: أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها
[الأعراف/ 195] ، وقوله: أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ
[ص/ 45] ، إشارة إلى القوّة الموجودة لهم. وقوله: وَاذْكُرْ
عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ
[ص/ 17] ، أي: القوّة. وقوله: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ
عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ
[التوبة/ 29] ، أي: يعطون ما يعطون عن مقابلة نعمة عليهم في
مقارّتهم. وموضع قوله:
__________
(1) هذا عجز بيت، وصدره:
فلن أذكر النعمان إلا بصالح
وهو لضمرة بن ضمرة النهشلي، والبيت في نوادر أبي زيد ص 250،
والمسائل الحلبيات ص 30، وسر صناعة الإعراب 1/ 240، واللسان
(يدي) ، ونسبه للأعشى، وهو وهم.
(2) البيت لعلي بن الغدير الغنوي، وهو في المسائل الحلبيات ص
28، واللسان (يدي) ، وأمالي القالي 2/ 181، وأضداد الأصمعي ص
7.
(3) البيت بتمامه:
وغداة ريح قد وزعت وقرّة ... إذ أصبحت بيد الشمال زمامها
وهو للبيد من معلقته. انظر: ديوانه ص 176.
(1/890)
عَنْ يَدٍ
في الإعراب. حال «1» . وقيل: بل اعتراف بأنّ أَيْدِيَكُمْ فوق
أَيْدِيهِمْ. أي: يلتزمون الذّلّ.
وخذ كذا أثر ذي يَدَيْنِ «2» ، ويقال: فلانٌ يَدُ فلانٍ أي:
وَلِيُّهُ وناصرُهُ، ويقال لأولياء الله: هم أَيْدِي اللهِ،
وعلى هذا الوجه قال عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ
إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ
[الفتح/ 10] ، فإذا يَدُهُ عليه الصلاة والسلام يَدُ اللهِ،
وإذا كان يَدُهُ فوق أيديهم فيَدُ اللهِ فوق أيديهم، ويؤيّد
ذلك ما روي: «لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه،
فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الذي يبصر به
ويَدَهُ الّتي يبطش بها» «3» وقوله تعالى: مِمَّا عَمِلَتْ
أَيْدِينا
[يس/ 71] ، وقوله: لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ
[ص/ 75] ، فعبارة عن تولّيه لخلقه باختراعه الذي ليس إلا له
عزّ وجلّ. وخصّ لفظ اليَدِ ليتصوّر لنا المعنى، إذ هو أجلّ
الجوارح التي يتولّى بها الفعل فيما بيننا ليتصوّر لنا اختصاص
المعنى لا لنتصوّر منه تشبيها، وقيل معناه: بنعمتي التي
رشّحتها لهم، والباء فيه ليس كالباء في قولهم: قطعته بالسكّين،
بل هو كقولهم: خرج بسيفه. أي: معه سيفه، معناه:
خلقته ومعه نعمتاي الدّنيويّة والأخرويّة اللّتان إذا رعاهما
بلغ بهما السّعادة الكبرى. وقوله: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ
[الفتح/ 10] ، أي: نصرته ونعمته وقوّته، ويقال: رجل يَدِيٌّ،
وامرأةٌ يَدِيَّةٌ.
أي: صناع، وأما قوله تعالى: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
[الأعراف/ 149] ، أي: ندموا، يقال:
سقط في يَدِهِ وأسقط: عبارة عن المتحسّر، أي:
عمّن يقلّب كفّيه كما قال عزّ وجلّ: فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ
كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها [الكهف/ 42] ، وقوله:
فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ [إبراهيم/ 9] ، أي:
كفّوا عمّا أمروا بقبوله من الحقّ، يقال: ردّ يَدَهُ في فمه.
أي: أمسك ولم يجب «4» ، وقيل: ردّوا أَيْدِيَ الأنبياءِ في
أفواههم.
أي: قالوا ضعوا أناملكم على أفواهكم واسكتوا، وقيل: ردّوا نعم
الله بأفواههم بتكذيبهم.
يسر
اليُسْرُ: ضدّ العسر. قال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ
الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة/ 185] ،
سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً
[الطلاق/ 7] ، وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً [الكهف/
88] ، فَالْجارِياتِ يُسْراً [الذاريات/ 3] وتَيَسَّرَ كذا
واسْتَيْسَرَ أي:
__________
(1) انظر: البصائر 5/ 383.
(2) يقال: افعل هذا أثر ذات يدين، وذي يدين. اللسان (أثر) .
(3) الحديث تقدم في مادة (قرب) .
(4) مجاز القرآن 1/ 336.
(1/891)
تسهّل، قال: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة/ 196] ، فَاقْرَؤُا ما
تَيَسَّرَ مِنْهُ
[المزمل/ 20] أي: تسهّل وتهيّأ، ومنه:
أَيْسَرَتِ المرأةُ، وتَيَسَّرَتْ في كذا. أي: سهَّلته
وهيّأته، قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ
لِلذِّكْرِ
[القمر/ 17] ، فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ
[مريم/ 97] واليُسْرَى: السّهل، وقوله: فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْيُسْرى
[الليل/ 7] ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى [الليل/ 10] فهذا-
وإن كان قد أعاره لفظ التَّيْسِيرِ- فهو على حسب ما قال عزّ
وجلّ: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران/ 21] .
واليَسِيرُ والمَيْسُورُ: السّهلُ، قال تعالى: فَقُلْ لَهُمْ
قَوْلًا مَيْسُوراً
[الإسراء/ 28] واليَسِيرُ يقال في الشيء القليل، فعلى الأوّل
يحمل قوله: يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ
عَلَى اللَّهِ يَسِيراً
[الأحزاب/ 30] ، وقوله: إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
[الحج/ 70] . وعلى الثاني يحمل قوله: وَما تَلَبَّثُوا بِها
إِلَّا يَسِيراً
[الأحزاب/ 14] والمَيْسَرَةُ واليَسَارُ عبارةٌ عن الغنى. قال
تعالى: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ
[البقرة/ 280] واليَسَارُ أختُ اليمين، وقيل: اليِسَارُ
بالكسر، واليَسَرَاتُ: القوائمُ الخِفافُ، ومن اليُسْرِ
المَيْسِرُ.
يأس
اليَأْسُ: انتفاءُ الطّمعِ، يقال: يَئِسَ واسْتَيْأَسَ مثل:
عجب واستعجب، وسخر واستسخر. قال تعالى: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا
مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا
[يوسف/ 80] ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ
[يوسف/ 110] ، قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ
الْكُفَّارُ
[الممتحنة/ 13] ، إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ
[هود/ 9] وقوله: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا
[الرعد/ 31] قيل: معناه: أفلم يعلموا «1» ، ولم يرد أنّ
اليَأْسَ موضوع في كلامهم للعلم، وإنما قصد أنَّ يَأْسَ الذين
آمنوا من ذلك يقتضي أن يحصل بعد العلم بانتفاء ذلك، فإذا ثبوت
يَأْسِهِمْ يقتضي ثبوت حصول علمهم.
يقن
اليَقِينُ من صفة العلم فوق المعرفة والدّراية وأخواتها، يقال:
علم يَقِينٍ، ولا يقال: معرفة يَقِينٍ، وهو سكون الفهم مع ثبات
الحكم، وقال: عِلْمَ الْيَقِينِ
[التكاثر/ 5] «2» ، وعَيْنَ الْيَقِينِ
[التكاثر/ 7] «3» وحَقُّ الْيَقِينِ
[الواقعة/ 95] «4» وبينها فروق مذكورة
__________
(1) مجاز القرآن 1/ 332.
(2) الآية: لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ.
(3) الآية: ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ.
(4) الآية: إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ. فعلم اليَقِينِ
كعلمنا بدخول الجنة، فإذا رأيناها فهو عين اليَقِينِ، فإذا
دخلناها فهو حق اليَقِينِ.
(1/892)
في غير هذا الكتاب، يقال: اسْتَيْقَنَ
وأَيْقَنَ، قال تعالى: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ
بِمُسْتَيْقِنِينَ
[الجاثية/ 32] ، وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ
[الذاريات/ 20] ، لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
[البقرة/ 118] وقوله عزّ وجلّ: وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً
[النساء/ 157] أي: ما قتلوه قتلا تَيَقَّنُوهُ، بل إنما حكموا
تخمينا ووهما.
اليم
اليَمُّ: البحر. قال تعالى: فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ [القصص/
7] ويَمَّمْتُ كذا، وتَيَمَّمْتُهُ:
قصدته، قال تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
[النساء/ 43] وتَيَمَّمْتُهُ برمحي: قصدته دون غيره.
واليَمَامُ: طيرٌ أصغرُ من الورشان، ويَمَامَةُ:
اسمُ امرأةٍ، وبها سمّيت مدينةُ اليَمَامَةِ.
يمن
اليَمِينُ: أصله الجارحة، واستعماله في وصف الله تعالى في
قوله: وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ
[الزمر/ 67] على حدّ استعمال اليد فيه، وتخصيص اليَمِينِ في
هذا المكان، والأرض بالقبضة حيث قال جلّ ذكره:
وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ [الزمر/
67] «1» يختصّ بما بعد هذا الكتاب. وقوله:
إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ
[الصافات/ 28] أي: عن الناحية التي كان منها الحقّ، فتصرفوننا
عنها، وقوله: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ
[الحاقة/ 45] أي: منعناه ودفعناه. فعبّر عن ذلك الأخذ
باليَمِينِ كقولك: خذ بِيَمِينِ فلانٍ عن تعاطي الهجاء، وقيل:
معناه بأشرف جوارحه وأشرف أحواله، وقوله جلّ ذكره: وَأَصْحابُ
الْيَمِينِ
[الواقعة/ 27] أي: أصحاب السّعادات والمَيَامِنِ، وذلك على حسب
تعارف الناس في العبارة عن المَيَامِنِ باليَمِينِ، وعن
المشائم بالشّمال. واستعير اليَمِينُ للتَّيَمُّنِ والسعادة،
وعلى ذلك وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ
فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ [الواقعة/ 90- 91] ،
وعلى هذا حمل:
477-
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقّاها عرابة باليَمِينِ
«2» واليَمِينُ في الحلف مستعار من اليد اعتبارا بما يفعله
المعاهد والمحالف وغيره. قال تعالى:
أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ
الْقِيامَةِ
[القلم/ 39] ، وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ
__________
(1) الآية: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ
الْقِيامَةِ، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.
(2) البيت للشماخ من قصيدة يمدح بها عرابة الأوسي صاحب رسول
الله صلى الله عليه وسلم آله، ومطلعها:
كلا يومي طوالة وصل أروى ... ظنون آن مطّرح الظنون
وهو في ديوانه ص 336، والأغاني 8/ 97، ومحاضرات الأدباء 1/
142.
(1/893)
[النور/ 53] ، لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ
بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ
[البقرة/ 225] ، وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ
عَهْدِهِمْ
[التوبة/ 12] ، إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ
[التوبة/ 12] وقولهم: يَمِينُ اللهِ، فإضافته إليه عزّ وجلّ هو
إذا كان الحلف به.
ومولى اليَمِينِ: هو من بينك وبينه معاهدة، وقولهم: ملك
يَمِينِي أنفذ وأبلغ من قولهم: في يدي، ولهذا قال تعالى:
مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ
[النور/ 33] وقوله صلّى الله عليه وسلم آله: «الحجر الأسود
يَمِينُ اللهِ» «1» أي: به يتوصّل إلى السّعادة المقرّبة إليه.
ومن اليَمِينِ: تُنُووِلَ اليُمْنُ، يقال:
هو مَيْمُونُ النّقيبة. أي: مبارك، والمَيْمَنَةُ: ناحيةُ
اليَمِينِ.
ينع
يَنَعَتِ الثمرةُ تَيْنَعُ يَنْعاً ويُنْعاً، وأَيْنَعَتْ
إِينَاعاً، وهي يَانِعَةٌ ومُونِعَةٌ. قال: انْظُرُوا إِلى
ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ
[الأنعام/ 99] وقرأ ابن أبي إسحاق «2» (ويُنْعِهِ) «3» ، وهو
جمع يَانِعٍ، وهو المدرك البالغ.
يوم
اليَوْمُ يعبّر به عن وقت طلوع الشمس إلى غروبها. وقد يعبّر به
عن مدّة من الزمان أيّ مدّة كانت، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ
تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ
[آل عمران/ 155] ، وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ
السَّلَمَ
[النحل/ 87] ، وقال:
أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ
يَوْمٌ
[البقرة/ 254] ، وغير ذلك، وقوله عزّ وجلّ:
وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ
[إبراهيم/ 5] فإضافة الأَيَّامِ إلى الله تعالى تشريف لأمرها
لما أفاض الله عليهم من نعمه فيها. وقوله عزّ وجلّ: قُلْ
أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي
يَوْمَيْنِ
الآية [فصلت/ 9] ، فالكلام في تحقيقه يختصّ بغير هذا الكتاب.
ويركّب يَوْمٌ مع «إذ» ، فيقال:
يَوْمَئِذٍ نحو قوله عزّ وجلّ: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ
عَسِيرٌ [المدثر/ 9] وربّما يعرب ويبنى، وإذا بني فللإضافة إلى
إذ.
__________
(1) عن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم آله: «الحجر يمين
الله في الأرض يصافح بها عباده» أخرجه الخطيب وابن عساكر. قال
ابن الجوزي: في سنده إسحاق بن بشير، كذّبه ابن شيبة وغيره.
وقال العراقي: أخرجه الحاكم وصححه من حديث عبد الله بن عمرو،
بلفظ: الحجر يمين الله في الأرض. انظر: الفتح الكبير 2/ 79،
وشفاء الغرام 1/ 172، وتخريج أحاديث الإحياء 1/ 253، والمستدرك
1/ 457. [.....]
(2) هو يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق
الحضرمي، أحد القراء العشر، كان أعلم زمانه بالقراءات
والعربية، وكلام العرب والفقه. توفي سنة 205 هـ. انظر: بغية
الوعاة 2/ 348.
(3) وهي قراءة شاذة، قرأ بها يعقوب من غير طريق الطيبة، وقرأ
بها ابن محيصن.
(1/894)
يس
يس قيل معناه يا إنسان «1» ، والصحيح أنّ يس هو من حروف
التّهجّي كسائر أوائل السّور،
يا
: يَا حرفُ النّداءِ «2» ، ويستعمل في البعيد وإذا استعمل في
الله نحو: (يَا ربِّ) فتنبيه للدّاعي أنه بعيد من عون الله
وتوفيقه تمّ ما كتبناه بحمد الله وتوفيقه وآخر دعوانا أن الحمد
لله ربّ العالمين
__________
(1) وهو مروي عن ابن عباس والحسن وعكرمة والضحاك أنه يا إنسان
بالحبشية. الدر المنثور 7/ 41.
(2) قال ابن منظور: «يا» حرف نداء، وهي عاملة في الاسم الصحيح،
وإن كانت حرفا.
(1/895)
|