المفردات في غريب القرآن كتاب الواو
وبل
الوَبْلُ والْوَابِلُ: المطر الثّقيل القطار. قال تعالى:
فَأَصابَهُ وابِلٌ
[البقرة/ 264] ، كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ
[البقرة/ 265] ولمراعاة الثّقل قيل للأمر الذي يخاف ضرره:
وَبَالٌ. قال تعالى: فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ
[التغابن/ 5] ، ويقال طعام وَبِيلٌ، وكلأ وَبِيلٌ: يخاف وباله.
قال تعالى: فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا
[المزمل/ 16] .
وبر
الوَبَرُ معروف، وجمعه: أَوْبَارٌ. قال تعالى:
وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها
[النحل/ 80] وقيل:
سكّان الوبر لمن بيوتهم من الوبر، وبنات أَوْبَرَ للكمء
الصّغار التي عليها مثل الوبر، ووَبَّرَتِ الأرنبُ: غطّت
بالوبر الذي على زمعاتها «1» أثرها، ووَبَّرَ الرّجل في منزله:
أقام فيه تشبيها بالوبر الملقى، نحو: تلبّد بمكان كذا: ثبت فيه
ثبوت اللّبد، ووبارِ قيل: أرض كانت لعاد.
وبق
وَبَقَ: إذا تثبّط فهلك، وَبَقاً ومَوْبِقاً. قال تعالى:
وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً
[الكهف/ 52] وأَوْبَقَهُ كذا. قال تعالى: أَوْ يُوبِقْهُنَّ
بِما كَسَبُوا
[الشورى/ 34] .
وتن
الوَتِينُ: عرق يسقي الكبد، وإذا انقطع مات صاحبه. قال تعالى:
ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ
[الحاقة/ 46] والْمَوْتُونُ: المقطوع الوتين، والْمُوَاتَنَةُ:
أن يقرب منه قربا كقرب الوتين، وكأنه أشار إلى نحو ما دلّ عليه
قوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ
الْوَرِيدِ [ق/ 16] واسْتَوْتَنَ الإبلُ: إذا غلُظ وتينُها من
السِّمن.
__________
(1) الزمعة: الشعرة المدلّاة في مؤخر رجل الشاة والظبي
والأرنب، والجمع: زمع وزماع، مثل: ثمرة وثمر وثمار.
اللسان (زمع) .
(1/852)
وتد
الوَتِدُ والوَتَدُ، وقد وَتَدْتُهُ أَتِدُهُ وَتْداً. قال
تعالى: وَالْجِبالَ أَوْتاداً
[النبأ/ 7] وكيفية كون الجبال أوتادا يختصّ بما بعد هذا الباب،
وقد يسكّن التاء ويدغم في الدال فيصير ودّا، والوَتِدَان من
الأذن تشبيها بالوتد للنّتوّ فيهما.
وتر
الوَتْرُ في العدد خلاف الشّفع، وقد تقدّم الكلام فيه في قوله:
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ [الفجر/ 3] «1» وأَوْتَرَ في الصلاة.
والوِتْرُ والوَتَرُ، والتِّرَةُ: الذّحل، وقد وَتَرْتُهُ: إذا
أصبته بمكروه.
قال تعالى: وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ
[محمد/ 35] . والتَّواتُرُ: تتابع الشيء وترا وفرادى، وجاءوا
تَتْرَى قال تعالى: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا
[المؤمنون/ 44] ولا وتيرة في كذا، ولا غميزة، ولا غير،
والوَتِيرَة: السّجيّة من التّواتر، وقيل للحلقة التي يتعلم
عليها الرّمي: الوَتِيرَة، وكذلك للأرض المنقادة، والوَتِيرَة:
الحاجز بين المنخرين.
وثق
وَثِقْتُ به أَثِقُ ثِقَةً: سكنت إليه واعتمدت عليه،
وأَوْثَقْتُهُ: شددته، والوَثَاقُ والوِثَاقُ: اسمان لما
يُوثَقُ به الشيء، والوُثْقَى: تأنيث الأَوْثَق. قال تعالى:
وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ
[الفجر/ 26] ، حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا
الْوَثاقَ
[محمد/ 4] والمِيثاقُ: عقد مؤكّد بيمين وعهد، قال:
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ [آل عمران/ 81] ،
وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ [الأحزاب/ 7]
، وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً [النساء/ 154]
والمَوْثِقُ الاسم منه. قال:
حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ إلى قوله:
مَوْثِقَهُمْ [يوسف/ 66] «2» . والوُثْقَى قريبة من الموثق،
قال: فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى [البقرة/
256] وقالوا رجل ثِقَةٌ، وقوم ثِقَةٌ، ويستعار للموثوق به،
وناقة مُوثَقَة الخلق:
محكمته.
وثن
الوَثَن: واحد الأوثان، وهو حجارة كانت تعبد. قال تعالى:
إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً
[العنكبوت/ 25] وقيل: أَوْثَنْتُ فلانا:
أجزلت عطيّته، وأَوْثَنْتُ من كذا: أكثرت منه.
وجب
الوجوب: الثّبوت. والواجب يقال على أوجه:
__________
(1) وانظر: مادة (شفع) .
(2) الآية: قالَ: لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ
مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ
يُحاطَ بِكُمْ، فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ: اللَّهُ
عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ.
(1/853)
الأوّل: في مقابلة الممكن، وهو الحاصل الذي
إذا قدّر كونه مرتفعا حصل منه محال. نحو:
وجود الواحد مع وجود الاثنين، فإنه محال أن يرتفع الواحد مع
حصول الاثنين.
الثاني: يقال في الذي إذا لم يفعل يستحقّ به اللّوم، وذلك
ضربان:
واجب من جهة العقل، كوجوب معرفة الوحدانيّة، ومعرفة النّبوّة.
وواجب من جهة الشّرع كوجوب العبادات الموظّفة. ووَجَبَتِ
الشمس: إذا غابت، كقولهم:
سقطت ووقعت، ومنه قوله تعالى: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها
[الحج/ 36] ووَجَبَ القلب وَجِيباً.
كلّ ذلك اعتبار بتصوّر الوقوع فيه، ويقال في كلّه: أَوْجَب.
وعبّر بالمُوجِبَات عن الكبائر التي أوجب الله عليها النار.
وقال بعضهم: الواجب يقال على وجهين:
أحدهما: أن يراد به اللازم الوجوب، فإنه لا يصحّ أن لا يكون
موجودا، كقولنا في الله جلّ جلاله: واجب وجوده.
والثاني: الواجب بمعنى أنّ حقّه أن يوجد.
وقول الفقهاء: الواجب: ما إذا لم يفعله يستحقّ العقاب «1» ،
وذلك وصف له بشيء عارض له لا بصفة لازمة له، ويجري مجرى من
يقول:
الإنسان الذي إذا مشى مشى برجلين منتصب القامة.
وجد
الوجود أضرب: وجود بإحدى الحواسّ الخمس. نحو: وَجَدْتُ زيدا،
ووَجَدْتُ طعمه.
ووجدت صوته، ووجدت خشونته. ووجود بقوّة الشّهوة نحو: وَجَدْتُ
الشّبع. ووجود بقوّة الغضب كوجود الحزن والسّخط. ووجود بالعقل،
أو بواسطة العقل كمعرفة الله تعالى، ومعرفة النّبوّة، وما ينسب
إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم المجرّد، إذ كان الله
منزّها عن الوصف بالجوارح والآلات. نحو: وَما وَجَدْنا
لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ
لَفاسِقِينَ [الأعراف/ 102] . وكذلك المعدوم يقال على هذه
الأوجه. فأمّا وجود الله تعالى للأشياء فبوجه أعلى من كلّ هذا.
ويعبّر عن التّمكّن من الشيء بالوجود. نحو: فَاقْتُلُوا
الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة/ 5] ، أي:
حيث رأيتموهم، وقوله تعالى: فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ [القصص/
15] أي: تمكّن منهما، وكانا يقتتلان، وقوله: وَجَدْتُ
امْرَأَةً إلى قوله: يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ [النمل/ 23-
__________
(1) انظر: الإبهاج في شرح المنهاج 1/ 51، والبرهان للجويني 1/
217، وروضة الناظر ص 17.
(1/854)
24] «1» فوجود بالبصر والبصيرة، فقد كان
منه مشاهدة بالبصر، واعتبار لحالها بالبصيرة، ولولا ذلك لم يكن
له أن يحكم بقوله: وَجَدْتُها وَقَوْمَها الآية، وقوله: فَلَمْ
تَجِدُوا ماءً
[النساء/ 43] ، فمعناه: فلم تقدروا على الماء، وقوله: مِنْ
وُجْدِكُمْ
[الطلاق/ 6] ، أي:
تمكّنكم وقدر غناكم وقد يعبّر عن الغنى بالوجدان والجدة، وقد
حكي فيه الوَجْد والوِجْد والوُجْد «2» ، ويعبّر عن الحزن
والحبّ بالوَجْد، وعن الغضب بالمَوْجِدَة، وعن الضالّة
بالوُجُود.
وقال بعضهم: الموجودات ثلاثة أضرب: موجود لا مبدأ له ولا
منتهى، وليس ذلك إلا الباري تعالى، وموجود له مبدأ ومنتهى
كالنّاس في النّشأة الأولى، وكالجواهر الدّنيويّة، وموجود له
مبدأ، وليس له منتهى، كالنّاس في النّشأة الآخرة.
وجس
الوَجْس: الصّوت الخفيّ، والتَّوَجُّس:
التّسمّع، والإيجاس: وجود ذلك في النّفس.
قال تعالى: فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً
[الذاريات/ 28] فالوَجْس قالوا: هو حالة تحصل من النّفس بعد
الهاجس، لأنّ الهاجس مبتدأ التّفكير «3» ، ثم يكون الواجس
الخاطر.
وجل
الوَجَل: استشعار الخوف. يقال: وَجِلَ يَوْجَلُ وَجَلًا، فهو
وَجِلٌ. قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا
ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
[الأنفال/ 2] ، إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ
[الحجر/ 52- 53] ، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ
[المؤمنون/ 60] .
وجه
أصل الوجه الجارحة. قال تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ
وَأَيْدِيَكُمْ
[المائدة/ 6] ، وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ [إبراهيم/ 50]
ولمّا كان الوجه أوّل ما يستقبلك، وأشرف ما في ظاهر البدن
استعمل في مستقبل كلّ شيء، وفي أشرفه ومبدئه، فقيل: وجه كذا،
ووجه النهار. وربّما
__________
(1) الآيتان: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ
وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ
وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ
اللَّهِ.
(2) انظر اللسان: وجد.
(3) مبادئ التفكير والقصد خمس، جمعها بعضهم فقال:
مراتب القصد خمس: هاجس ذكروا ... فخاطر فحديث النّفس فاستمعا
يليه همّ فعزم، كلّها رفعت ... سوى الأخير، ففيه الأخذ قد وقعا
فالخاطر هو الهاجس، والمراتب الأربعة الأولى لا يؤاخذ بها
الإنسان، فقد وقع في العزم استحق الثواب أو العقاب. [.....]
(1/855)
عبّر عن الذّات بالوجه في قول الله:
وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ [الرحمن/
27] قيل: ذاته. وقيل: أراد بالوجه هاهنا التّوجّه إلى الله
تعالى بالأعمال الصالحة، وقال:
فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة/ 115] ،
كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص/ 88] ، يُرِيدُونَ
وَجْهَ اللَّهِ [الروم/ 38] ، إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ
اللَّهِ [الإنسان/ 9] قيل: إنّ الوجه في كلّ هذا زائد، ويعنى
بذلك: كلّ شيء هالك إلّا هو، وكذا في أخواته. وروي أنه قيل ذلك
لأبي عبد الله بن الرّضا «1» ، فقال: سبحان الله! لقد قالوا
قولا عظيما، إنما عني الوجه الذي يؤتى منه «2» ، ومعناه: كلّ
شيء من أعمال العباد هالك وباطل إلا ما أريد به الله، وعلى هذا
الآيات الأخر، وعلى هذا قوله: يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الكهف/ 28]
، تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ [الروم/ 39] ، وقوله: وَأَقِيمُوا
وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف/ 29] فقد قيل:
أراد به الجارحة، واستعارها كقولك: فعلت كذا بيدي، وقيل: أراد
بالإقامة تحرّي الاستقامة، وبالوجه التّوجّه «3» ، والمعنى:
أخلصوا العبادة لله في الصلاة. وعلى هذا النحو قوله تعالى:
فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ [آل
عمران/ 20] ، وقوله: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ
وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى
[لقمان/ 22] ، وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ
وَجْهَهُ لِلَّهِ [النساء/ 125] ، وقوله: فَأَقِمْ وَجْهَكَ
لِلدِّينِ حَنِيفاً [الروم/ 30] فالوجه في كلّ هذا كما تقدّم،
أو على الاستعارة للمذهب والطريق.
وفلان وجه القوم، كقولهم: عينهم ورأسهم ونحو ذلك. وقال: وَما
لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ
وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى [الأعلى/ 19- 20] ، وقوله: آمِنُوا
بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ
[آل عمران/ 72] أي: صدر النهار. ويقال: واجهت فلانا: جعلت وجهي
تلقاء وجهه، ويقال للقصد: وجْهٌ، وللمقصد جهة ووِجْهَةٌ، وهي
حيثما نتوجّه للشيء، قال:
لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها
[البقرة/ 148] إشارة إلى الشّريعة، كقوله: شِرْعَةً [المائدة/
48] وقال بعضهم: الجاه مقلوب عن الوجه لكن الوجه يقال في العضو
والحظوة، والجاه لا يقال إلّا في الحظوة. ووجّهت الشيء: أرسلته
في جهة واحدة فتوجّه، وفلان وجِيهٌ: ذو جاه. قال تعالى:
وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ [آل عمران/ 45]
__________
(1) تقدّم ص 75.
(2) انظر: البصائر 5/ 166.
(3) قال القرطبي: أي: توجهوا إليه في كل صلاة إلى القبلة.
تفسير القرطبي 7/ 188.
(1/856)
وأحمق ما يتوجّه به: كناية عن الجهل
بالتّفرّط، وأحمق ما يتوجّه «1» ، بفتح الياء وحذف به عنه، أي:
لا يستقيم في أمر من الأمور لحمقه، والتّوجيه في الشّعر: الحرف
الذي بين ألف التأسيس وحرف الرّويّ «2» .
وجف
الوجيف: سرعة السّير، وأوجفت البعير:
أسرعته. قال تعالى: فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ
وَلا رِكابٍ
[الحشر/ 6] وقيل: أدلّ فأمّل، وأوجف فأعجف، أي: حمل الفرس على
الإسراع فهزله بذلك، قال تعالى: قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ
[النازعات/ 8] أي: مضطربة كقولك: طائرة وخافقة، ونحو ذلك من
الاستعارات لها.
وحد
الوحدة: الانفراد، والواحد في الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له
البتّة، ثمّ يطلق على كلّ موجود حتى إنه ما من عدد إلّا ويصحّ
أن يوصف به، فيقال: عشرة واحدة، ومائة واحدة، وألف واحد،
فالواحد لفظ مشترك يستعمل على ستّة أوجه:
الأوّل ما كان واحدا في الجنس، أو في النّوع كقولنا: الإنسان
والفرس واحد في الجنس، وزيد وعمرو واحد في النّوع.
الثاني: ما كان واحدا بالاتّصال، إمّا من حيث الخلقة كقولك:
شخص واحد، وإمّا من حيث الصّناعة، كقولك: حرفة واحدة.
الثالث: ما كان واحدا لعدم نظيره، إمّا في الخلقة كقولك:
الشّمس واحدة، وإمّا في دعوى الفضيلة كقولك: فلان واحد دهره،
وكقولك:
نسيج وحده.
الرابع: ما كان واحدا لامتناع التّجزّي فيه، إمّا لصغره
كالهباء، وإمّا لصلابته كالألماس.
الخامس: للمبدإ، إمّا لمبدإ العدد كقولك:
واحد اثنان، وإمّا لمبدإ الخطّ كقولك: النّقطة الواحدة.
والوحدة في كلّها عارضة، وإذا وصف الله تعالى بالواحد فمعناه:
هو الذي لا يصحّ عليه التّجزّي ولا التكثّر «3» ، ولصعوبة هذه
الوحدة قال تعالى: وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ
اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ
[الزمر/ 45] ،
__________
(1) قال ابن فارس: ويقولون: أحمق ما يتوجه. أي: ما يحسن أن
يأتي الغائط. المجمل 3/ 917.
(2) انظر: المجمل 3/ 917.
(3) انظر: الأسماء والصفات ص 29، والمنهاج في شعب الإيمان 1/
189.
ذكر المؤلف أنّ الواحد يستعمل على ستة أوجه، ثم ذكر منها خمسة
فقط، وكذا نقله عنه الفيروزآبادي في البصائر 5/ 170، ولم يذكر
السادس، وكذا السمين في العمدة.
(1/857)
والوحد المفرد، ويوصف به غير الله تعالى،
كقول الشاعر:
456-
على مستأنس وحد
«1» وأحد مطلقا لا يوصف به غير الله تعالى، وقد تقدّم فيما مضى
«2» ، ويقال: فلان لا واحد له، كقولك: هو نسيج وحده، وفي
الذّمّ يقال: هو عيير وحده، وجحيش وحده، وإذا أريد ذمّ أقلّ من
ذلك قيل: رجيل وحده.
وحش
الوحش: خلاف الإنس، وتسمّى الحيوانات التي لا أنس لها بالإنس
وحشا، وجمعه:
وُحُوش. قال تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير/ 5]
، والمكان الذي لا أنس فيه:
وَحْش، يقال: لقيته بوحش إصمت «3» . أي:
ببلد قفر، وبات فلان وحشا: إذا لم يكن في جوفه طعام، وجمعه
أوحاش، وأرض مُوحِشَة:
من الوحش، ويسمّى المنسوب إلى المكان الوَحِش وحشيّا، وعبّر
بالوحشيّ عن الجانب الذي يضادّ الإنسيّ، والإنسيّ هو ما يقبل
منهما على الإنسان، وعلى هذا وحشيّ القوس وإنسيّه.
وحى
أصل الوحي: الإشارة السّريعة، ولتضمّن السّرعة قيل: أمر
وَحْيٌ، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرّمز والتّعريض، وقد
يكون بصوت مجرّد عن التّركيب، وبإشارة ببعض الجوارح،
وبالكتابة، وقد حمل على ذلك قوله تعالى عن زكريّا: فَخَرَجَ
عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ
سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا
[مريم/ 11] فقد قيل: رمز. وقيل: أشار، وقيل: كتب، وعلى هذه
الوجوه قوله: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا
شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ
زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً
[الأنعام/ 112] ، وقوله: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى
أَوْلِيائِهِمْ
[الأنعام/ 121] فذلك بالوسواس المشار إليه بقوله: مِنْ شَرِّ
الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ [الناس/ 4] ، وبقوله عليه الصلاة
والسلام: «وإنّ للشّيطان لمّة» «4» . ويقال للكلمة الإلهيّة
التي تلقى إلى أنبيائه وأوليائه: وحي، وذلك أضرب حسبما دلّ
__________
(1) تمام البيت:
كأنّ رحلي وقد زال النهار بنا ... يوم الجليل على مستأنس وحد
وهو للنابغة في ديوانه ص 31.
(2) انظر: مادة (أحد) .
(3) انظر: المجمل 3/ 918، والبصائر 5/ 175، ومعجم البلدان 1/
212، واللسان (وحش) .
(4) الحديث تقدّم في مادة (لهم) .
(1/858)
عليه قوله تعالى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ
يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً
إلى قوله بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ [الشورى/ 51] «1» وذلك إمّا
برسول مشاهد ترى ذاته ويسمع كلامه، كتبليغ جبريل عليه السلام
للنّبيّ في صورة معيّنة، وإمّا بسماع كلام من غير معاينة كسماع
موسى كلام الله، وإمّا بإلقاء في الرّوع كما ذكر عليه الصلاة
والسلام: «إنّ روح القدس نفث في روعي» «2» ، وإمّا بإلهام نحو:
وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ
[القصص/ 7] ، وإمّا بتسخير نحو قوله:
وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ
[النحل/ 68] أو بمنام كما قال عليه الصلاة والسلام: «انقطع
الوحي وبقيت المبشّرات رؤيا المؤمن» «3» فالإلهام والتّسخير
والمنام دلّ عليه قوله: إِلَّا وَحْياً [الشورى/ 51] وسماع
الكلام معاينة دلّ عليه قوله: أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ
[الشورى/ 51] ، وتبليغ جبريل في صورة معيّنة دلّ عليه قوله:
أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ [الشورى/ 51] ، وقوله:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ
قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ [الأنعام/
93] فذلك لمن يدّعي شيئا من أنواع ما ذكرناه من الوحي أيّ نوع
ادّعاه من غير أن حصل له، وقوله: وَما أَرْسَلْنا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ
الآية [الأنبياء/ 25] . فهذا الوحي هو عامّ في جميع أنواعه،
وذلك أنّ معرفة وحدانيّة الله تعالى، ومعرفة وجوب عبادته ليست
مقصورة على الوحي المختصّ بأولي العزم من الرّسل، بل يعرف ذلك
بالعقل والإلهام كما يعرف بالسّمع. فإذا القصد من الآية تنبيه
أنه من المحال أن يكون رسول لا يعرف وحدانيّة الله ووجوب
عبادته، وقوله تعالى: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ
[المائدة/ 111] فذلك وحي بوساطة عيسى عليه السلام، وقوله:
وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ [الأنبياء/ 73]
فذلك وحي إلى الأمم بوساطة الأنبياء. ومن الوحي المختصّ
بالنّبيّ عليه الصلاة والسلام: اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ
مِنْ رَبِّكَ [يونس/ 109] ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى
إِلَيَّ [يونس/ 15] ، قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
يُوحى إِلَيَّ [الكهف/ 110] .
وقوله: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ [يونس/ 87] فوحيه
إلى موسى بوساطة جبريل، ووحيه تعالى إلى هرون بوساطة جبريل
وموسى، وقوله:
إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ
__________
(1) وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا
وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا
فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ.
(2) الحديث تقدّم في مادة (لهم) .
(3) الحديث تقدّم في مادة (بشر) .
(1/859)
[الأنفال/ 12] فذلك وحي إليهم بوساطة
اللّوح والقلم فيما قيل، وقوله: وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ
أَمْرَها [فصلت/ 12] فإن كان الوحي إلى أهل السماء فقط فالموحى
إليهم محذوف ذكره، كأنه قال: أوحى إلى الملائكة، لأنّ أهل
السّماء هم الملائكة، ويكون كقوله: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى
الْمَلائِكَةِ [الأنفال/ 12] وإن كان الموحى إليه هي السموات
فذلك تسخير عند من يجعل السماء غير حيّ، ونطق عند من جعله
حيّا، وقوله: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها [الزلزلة/ 5] ،
فقريب من الأوّل وقوله: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ
قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ [طه/ 114] فحثّ على
التّثبّت في السّماع، وعلى ترك الاستعجال في تلقّيه وتلقّنه.
ودد
الودّ: محبّة الشيء، وتمنّي كونه، ويستعمل في كلّ واحد من
المعنيين على أن التّمنّي يتضمّن معنى الودّ، لأنّ التّمنّي هو
تشهّي حصول ما تَوَدُّهُ، وقوله تعالى: وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ
مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
[الروم/ 21] ، وقوله: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا
[مريم/ 96] ، فإشارة إلى ما أوقع بينهم من الألفة المذكورة في
قوله: لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ
الآية [الأنفال/ 63] . وفي المودّة التي تقتضي المحبّة
المجرّدة في قوله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً
إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى/ 23] ، وقوله:
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ
[البروج/ 14] ، إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ [هود/ 90] ،
فالودود يتضمّن ما دخل في قوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ
بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة/ 54] وتقدّم
معنى محبّة الله لعباده ومحبّة العباد له «1» ، قال بعضهم:
مودّة الله لعباده هي مراعاته لهم. روي: (أنّ الله تعالى قال
لموسى: أنا لا أغفل عن الصّغير لصغره ولا عن الكبير لكبره،
وأنا الودود الشّكور) «2» .
فيصح أن يكون معنى: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا
[مريم/ 96] معنى قوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة/ 54] .
ومن المودّة الّتي تقتضي معنى التّمنّي: وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ
أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ
[آل عمران/ 69] وقال: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ
كانُوا مُسْلِمِينَ
[الحجر/ 2] ، وقال: وَدُّوا ما عَنِتُّمْ
[آل عمران/ 118] ، وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ
[البقرة/ 109] ، وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ
تَكُونُ لَكُمْ
[الأنفال/ 7] ، وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا
[النساء/ 89] ، يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ
عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ
[المعارج/ 11] ،
__________
(1) راجع مادة (حبّ) . [.....]
(2) لم أجده.
(1/860)
وقوله: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ
[المجادلة/ 22] فنهي عن موالاة الكفّار وعن مظاهرتهم، كقوله:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي
وَعَدُوَّكُمْ إلى قوله: بِالْمَوَدَّةِ [الممتحنة/ 1] «1» أي:
بأسباب المحبّة من النّصيحة ونحوها، كَأَنْ لَمْ تَكُنْ
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ [النساء/ 73] وفلان وديد
فلان: موادّه، والودّ: صنم سمّي بذلك، إمّا لمودّتهم له، أو
لاعتقادهم أنّ بينه وبين الباري مودّة تعالى الله عن القبائح.
والودّ: الوتد، وأصله يصحّ أن يكون وتد فأدغم، وأن يكون لتعلّق
ما يشدّ به، أو لثبوته في مكانه فتصوّر منه معنى المودّة
والملازمة.
ودع
الدّعة: الخفض. يقال: ودعت كذا أدعه وَدْعاً. نحو: تركته،
وادعا وقال بعض العلماء:
لا يستعمل ماضيه واسم فاعله وإنما يقال: يَدَعُ ودَعْ «2» ،
وقد قرئ: (ما وَدَعَكَ ربّك) [الضحى/ 3] «3» ، وقال الشاعر:
457-
ليت شعري عن خليلي ما الذي ... غاله في الحبّ حتى ودعه
«4» والتودّع: ترك النّفس عن المجاهدة، وفلان متّدع ومتودّع،
وفي دعة: إذا كان في خفض عيش، وأصله من التّرك. أي: بحيث ترك
السّعي لطلب معاشه لعناء، والتّوديع أصله من الدّعة، وهو أن
تدعو للمسافر بأن يتحمّل الله عنه كآبة السّفر، وأن يبلّغه
الدّعة، كما أنّ التّسليم دعاء له بالسّلامة فصار ذلك متعارفا
في تشييع المسافر وتركه، وعبّر عن التّرك به في قوله: ما
وَدَّعَكَ رَبُّكَ
[الضحى/ 3] ، كقولك: ودّعت فلانا نحو: خلّيته، ويكنّى بالمودع
عن الميّت، ومنه قيل: استودعتك غير مودع، ومنه قول الشاعر:
458-
ودّعت نفسي ساعة التّوديع
«5»
ودق
الوَدَق قيل: ما يكون من خلال المطر كأنه غبار، وقد يعبّر به
عن المطر. قال تعالى:
فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ
[النور/ 43] ويقال لما يبدو في الهواء عند شدّة الحرّ
وَدِيقَة،
__________
(1) الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ، تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ.
(2) انظر: اللسان (ودع) ، وكتاب سيبويه 2/ 256، والبصائر 5/
187.
(3) وهي قراءة شاذة قرأ بها ابن عباس وعروة بن الزبير.
(4) البيت لأبي الأسود الديلي، وقيل: لأنس بن زنيم.
وهو في الأفعال 4/ 243، وتهذيب اللغة 3/ 136، والمجمل 3/ 920،
والبصائر 5/ 187، واللسان (ودع) .
(5) الشطر في عمدة الحفاظ مادة (ودع) دون نسبة.
(1/861)
وقيل: وَدَقَتِ الدّابّةُ واسْتَوْدَقَتْ،
وأتانٌ وَدِيقٌ ووَدُوقٌ: إذا أَظْهَرَتْ رطوبةً عند إرادة
الفحل، والْمَوْدِقُ: المكان الذي يَحْصُلُ فيه الْوَدَقُ،
وقول الشاعر:
459-
تعفّي بذيل المرط إذ جئت مَوْدِقِي
«1» تعفّي أي: تزيل الأثر، والمرط: لباس النّساء فاستعارة،
وتشبيه لأثر موطئ القدم بأثر موطئ المطر.
وادي
قال تعالى: إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ
[طه/ 12] أصل الوَادِي: الموضع الذي يسيل فيه الماء، ومنه
سُمِّيَ المَفْرَجُ بين الجبلين وَادِياً، وجمعه: أَوْدِيَةٌ،
نحو: ناد وأندية، وناج وأنجية، ويستعار الوَادِي للطّريقة
كالمذهب والأسلوب، فيقال: فلان في وَادٍ غير وَادِيكَ. قال
تعالى:
أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ [الشعراء/
225] فإنه يعني أساليب الكلام من المدح والهجاء، والجدل والغزل
«2» ، وغير ذلك من الأنواع. قال الشاعر: 460-
إذا ما قطعنا وَادِياً من حديثنا ... إلى غيره زدنا الأحاديث
وادياً
«3» وقال عليه الصلاة والسلام: «لو كان لابن آدم وَادِيَانِ من
ذهب لابتغى إليهما ثالثا» «4» ، وقال تعالى: فَسالَتْ
أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها
[الرعد/ 17] أي: بقَدْرِ مياهها. ويقال: وَدِيَ يَدِي، وكنّي
بِالْوَدْي عن ماء الفحل عند الملاعبة، وبعد البول فيقال فيه:
أَوْدَى نحو: أَمْذَى، وأَمْنَى. ويقال:
وَدَى وأَوْدَى، ومَنَى وأَمْنَى، والوَدِيُّ: صغار الفسيل
اعتبارا بسيلانه في الطّول، وأَوْدَاهُ:
أهلكه كأنه أسال دمه، ووَدَيْتُ القتيلَ: أعطيت دِيَتَهُ،
ويقال لما يعطى في الدّم: دِيَةٌ. قال تعالى: فَدِيَةٌ
مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ
[النساء/ 92] .
وذر
[يقال: فلان يَذَرُ الشيءَ. أي: يقذفه لقلّة اعتداده به] ، ولم
يستعمل ماضيه. قال تعالى:
قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما
كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا
[الأعراف/ 70] ، وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ
__________
(1) هذا عجز بيت لامرئ القيس، وصدره:
دخلت على بيضاء جمّ عظامها
وهو في ديوانه ص 105، والمجمل 3/ 921.
(2) انظر: البصائر 5/ 192.
(3) لم أجده.
(4) عن ابن عباس يقول: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول:
«لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف
ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب» أخرجه البخاري 11/
253 باب ما يتقى من فتنة المال، ومسلم برقم (1046) .
(1/862)
[الأعراف/ 127] ، فَذَرْهُمْ وَما
يَفْتَرُونَ
[الأنعام/ 112] ، وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا
[البقرة/ 278] إلى أمثاله وتخصيصه في قوله:
وَيَذَرُونَ أَزْواجاً
[البقرة/ 234] ، ولم يقل:
يتركون ويخلّفون، فإنه يذكر فيما بعد هذا الكتاب إن شاء الله.
[والوَذَرَةُ: قطعة من اللّحم، وتسميتها بذلك لقلة الاعتداد
بها نحو قولهم فيما لا يعتدّ به: هو لحم على وضم] «1» .
ورث
الوِرَاثَةُ والإِرْثُ: انتقال قنية إليك عن غيرك من غير عقد،
ولا ما يجري مجرى العقد، وسمّي بذلك المنتقل عن الميّت فيقال
للقنيةِ المَوْرُوثَةِ:
مِيرَاثٌ وإِرْثٌ. وتُرَاثٌ أصله وُرَاثٌ، فقلبت الواو ألفا
وتاء، قال تعالى: وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ
[الفجر/ 19] وقال عليه الصلاة والسلام: «اثبتوا على مشاعركم
فإنّكم على إِرْثِ أبيكم» «2» أي:
أصله وبقيّته، قال الشاعر:
461-
فينظر في صحف كالرّيا ... ط فيهنّ إِرْثٌ كتاب محيّ
«3» ويقال: وَرِثْتُ مالًا عن زيد، ووَرِثْتُ زيداً:
قال تعالى: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ
[النمل/ 16] ، وَوَرِثَهُ أَبَواهُ
[النساء/ 11] ، وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ
[البقرة/ 233] ويقال:
أَوْرَثَنِي الميّتُ كذا، وقال: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ
كَلالَةً
[النساء/ 12] وأَوْرَثَنِي اللهُ كذا، قال: وَأَوْرَثْناها
بَنِي إِسْرائِيلَ
[الشعراء/ 59] ، وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ [الدخان/ 28]
، وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ
[الأحزاب/ 27] ، وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ
الآية [الأعراف/ 137] ، وقال:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ
تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً
[النساء/ 19] ويقال لكلّ من حصل له شيء من غير تعب: قد وَرِثَ
كذا، ويقال لمن خُوِّلَ شيئا مهنّئا: أُورِثَ، قال تعالى:
وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها
[الزخرف/ 72] ، أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ
يَرِثُونَ
[المؤمنون/ 10- 11] وقوله: وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ
[مريم/ 6] فإنه يعني وِرَاثَةَ النّبوّةِ والعلمِ، والفضيلةِ
دون المال، فالمال لا قدر له عند الأنبياء حتى يتنافسوا فيه،
بل قلّما يقتنون المال ويملكونه، ألا ترى أنه قال عليه الصلاة
__________
(1) ما بين [] نقله الزركشي في البرهان 3/ 453.
(2) الحديث عن يزيد بن شيبان قال: كنا وقوفا من وراء الموقف
موقفا تباعده عمرو من الإمام. قال: فأتانا ابن مربع الأنصاري
فقال: إنى رسول الله إليكم يقول: كونوا على مشاعركم هذه، فإنكم
على إرث من إرث إبراهيم.
أخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 462 وقال: صحيح الإسناد، وأقرّه
الذهبي، وأبو داود (انظر معالم السنن 2/ 202) ، والترمذي،
وقال: حسن صحيح (عارضة الأحوذي 4/ 115) ، والنسائي 5/ 255.
(3) البيت في عمدة الحفاظ (ورث) دون نسبة، وهو لأبي ذؤيب
الهذلي. انظر شرح أشعار الهذليين 1/ 99.
(1/863)
والسلام: «إنّا معاشر الأنبياء لا نُورَثُ،
ما تركناه صدقةٌ» «1» نصب على الاختصاص، فقد قيل:
ما تركناه هو العلم، وهو صدقة تشترك فيها الأمّة، وما روي عنه
عليه الصلاة والسلام من قوله:
«العلماء وَرَثَةُ الأنبياءِ» «2» فإشارة إلى ما وَرِثُوهُ من
العلم. واستُعْمِلَ لفظُ الوَرَثَةِ لكون ذلك بغير ثمن ولا
منّة، وقال لعليّ رضي الله عنه: «أنت أخي ووَارِثِي. قال: وما
أَرِثُكَ؟ قال: ما وَرَّثَتِ الأنبياءُ قبلي، كتاب الله
وسنّتي» «3» ووصف الله تعالى نفسه بأنه الوَارِثُ «4» من حيث
إنّ الأشياء كلّها صائرة إلى الله تعالى. قال الله تعالى:
وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
[آل عمران/ 180] ، وقال: وَنَحْنُ الْوارِثُونَ
[الحجر/ 23] وكونه تعالى وَارِثاً لما روي «أنه» ينادي لمن
الملك اليوم؟ فيقال لله الواحد القهّار» «5» ويقال: وَرِثْتُ
علماً من فلان. أي:
استفدت منه، قال تعالى: وَرِثُوا الْكِتابَ
[الأعراف/ 169] ، أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ
[الشورى/ 14] ، ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ
[فاطر/ 32] ، يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ
[الأنبياء/ 105] فإنّ الوِرَاثَةَ الحقيقيةَ هي أن يحصل
للإنسان شيء لا يكون عليه فيه تبعة، ولا عليه محاسبة، وعباد
الله الصالحون لا يتناولون شيئا من الدّنيا إلا بقدر ما يجب،
وفي وقت ما يجب، وعلى الوجه الذي يجب، ومن تناول الدّنيا على
هذا الوجه لا يحاسب عليها ولا يعاقب بل يكون ذلك له عفوا صفوا
كما روي أنه «من حاسب نفسه في الدّنيا
__________
(1) شطر حديث أخرجه البخاري، قال عمر: أتعلمون أن رسول الله
صلّى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة» ولأحمد:
«إنّا لا نورث، ما تركنا صدقة» راجع: فتح الباري 6/ 144 فرض
الخمس، ومسلم (1757) ، والمسند 1/ 164. [.....]
(2) جزء من حديث وفيه: «وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إن
الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما، إنما ورّثوا العلم، فمن
أخذه أخذ بحظ وافر» أخرجه الترمذي، وقال: وليس هو عندي بمتصل
هكذا، وذكر له سندا آخر، وقال: هذا أصح (انظر: عارضة الأحوذي
10/ 155) ، وأبو داود، وأخرجه ابن ماجة 1/ 81.
قال السيوطي: سئل الشيخ محيي الدين النووي عن هذا الحديث فقال:
إنه ضعيف، أي: سندا، وإن كان صحيحا، أي: معنى. وقال المزي: هذا
الحديث روي من طرق تبلغ رتبة الحسن. وهو كما قال، فإني رأيت له
خمسين طريقا، وقد جمعتها في جزء. انتهى كلام السيوطي.
(3) قال السيوطي في اللآلئ المصنوعة 1/ 324: إنه موضوع، وكذا
ابن الجوزي في الموضوعات 1/ 346.
(4) انظر: الأسماء والصفات للبيهقي ص 28، والمنهاج للحليمي 1/
189.
قال البيهقي: ومعناه: الباقي بعد ذهاب غيره، وربّنا جلّ ثناؤه
بهذه الصفة، لأنه يبقى بعد ذهاب الملّاك الذين أمتعهم في هذه
الدنيا بما آتاهم.
(5) أخرجه الحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال:
ينادي مناد بين يدي الساعة: يا أيّها الناس، أتتكم الساعة،
فيسمعها الأحياء والأموات، وينزل الله إلى السماء الدنيا
فيقول: لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار. انظر: المستدرك 2/
437، والدر المنثور 7/ 279.
(1/864)
لم يحاسبه الله في الآخرة» «1» .
ورد
الوُرُودُ أصله: قصد الماء، ثمّ يستعمل في غيره. يقال:
وَرَدْتُ الماءَ أَرِدُ وُرُوداً، فأنا وَارِدٌ، والماءُ
مَوْرُودٌ، وقد أَوْرَدْتُ الإبلَ الماءَ. قال تعالى: وَلَمَّا
وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ
[القصص/ 23] والوِرْدُ: الماءُ المرشّحُ للوُرُودِ، والوِرْدُ:
خلافُ الصّدر، والوِرْدُ. يومُ الحمّى إذا وَرَدَتْ، واستعمل
في النار على سبيل الفظاعة. قال تعالى: فَأَوْرَدَهُمُ
النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ
[هود/ 98] ، إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً
[مريم/ 86] ، أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ
[الأنبياء/ 98] ، ما وَرَدُوها
[الأنبياء/ 99] . والوَارِدُ: الذي يتقدّم القوم فيسقي لهم.
قال تعالى: فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ
[يوسف/ 19] أي: ساقيهم من الماء المَوْرُودِ، ويقال لكلّ من
يَرِدُ الماءَ وَارِدٌ، وقوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا
وارِدُها
[مريم/ 71] فقد قيل منه: وَرَدْتُ ماءَ كذا: إذا حضرته، وإن لم
تشرع فيه، وقيل: بل يقتضي ذلك الشّروع ولكن من كان من أولياء
الله والصالحين لا يؤثّر فيهم بل يكون حاله فيها كحال إبراهيم
عليه السلام حيث قال: قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً
عَلى إِبْراهِيمَ [الأنبياء/ 69] والكلام في هذا الفصل إنما هو
لغير هذا النحو الذي نحن بصدده الآن. ويعبّر عن المحموم
بالمَوْرُودِ، وعن إتيان الحُمَّى بالوِرْدِ، وشعرٌ وَارِدٌ:
قد وَرَدَ العَجُزَ أو المتنَ، والوَرِيدُ: عرقٌ يتّصل بالكبد
والقلب، وفيه مجاري الدّم والرّوح. قال تعالى: وَنَحْنُ
أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق/ 16] أي: من
روحه. والوَرْدُ: قيل: هو من الوَارِدِ، وهو الذي يتقدم إلى
الماء، وتسميته بذلك لكونه أوّل ما يَرِدُ من ثمار السّنة،
ويقال لنَوْرِ كلِّ شجرٍ: وَرْدٌ، ويقال: وَرَّدَ الشّجرُ: خرج
نَوْرُهُ، وشبّه به لون الفرس، فقيل: فرسٌ وَرْدٌ، وقيل في صفة
السماء إذا احمرّت احمراراً كالوَرْدِ أمارةً للقيامة. قال
تعالى: فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ
[الرحمن/ 37] .
ورق
وَرَقُ الشّجرِ. جمعه: أَوْرَاقٌ، الواحدة:
وَرَقَةٌ. قال تعالى: وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا
يَعْلَمُها [الأنعام/ 59] ، ووَرَّقْتُ الشّجرةَ:
أخذت وَرَقَهَا، والوَارِقَةُ: الشّجرةُ الخضراءُ الوَرَقِ
الحسنةُ، وعامٌ أَوْرَقُ: لا مطر له، وأَوْرَقَ فلانٌ:
إذا أخفق ولم ينل الحاجة، كأنه صار ذا وَرَقٍ بلا ثمر، ألا ترى
أنه عبّر عن المال بالثّمر في قوله:
وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ [الكهف/ 34] قال ابن عباس
__________
(1) الخبر تقدّم في مادة (حسب) .
(1/865)
رضي الله عنه: هو المال «1» . وباعتبار
لونه في حال نضارته قيل: بَعِيرٌ أَوْرَقُ: إذا صار على لونه،
وبعيرٌ أَوْرَقُ: لونه لون الرّماد، وحمامةٌ وَرْقَاءُ. وعبّر
به عن المال الكثير تشبيها في الكثرة بالوَرَقِ، كما عبّر عنه
بالثّرى، وكما شبّه بالتّراب وبالسّيل كما يقال: له مال
كالتّراب والسّيل والثرى، قال الشاعر:
واغفر خطاياي وثمّر وَرَقِي
«2» والوَرِقُ بالكسر: الدّراهم. قال تعالى:
فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ
[الكهف/ 19] وقرئ: بِوَرِقِكُمْ «3» و (بِوِرْقِكُمْ) «4» ،
ويقال: وَرْقٌ ووَرِقٌ ووِرْقٌ، نحو كَبْد وكَبِد، وكِبْد.
ورى
يقال: وَارَيْتُ كذا: إذا سترته. قال تعالى:
قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ
[الأعراف/ 26] وتَوَارَى: استتر. قال تعالى:
حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ
[ص/ 32] وروي أن النبيّ عليه الصلاة والسلام «كان إذا أراد
غزوا وَرَّى بِغَيْرِهِ» «5» ، وذلك إذا ستر خبرا وأظهر غيره.
والوَرَى، قال الخليل «6» : الوَرَى: الأنامُ الذين على وجه
الأرض في الوقت، ليس من مضى، ولا من يتناسل بعدهم، فكأنّهم
الذين يسترون الأرض بأشخاصهم، و (وَرَاءُ) إذا قيل: وَرَاءُ
زيدٍ كذا، فإنه يقال لمن خلفه. نحو قوله تعالى: وَمِنْ وَراءِ
إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [هود/ 71] ، ارْجِعُوا وَراءَكُمْ [الحديد/
13] ، فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ [النساء/ 102] ، ويقال
لما كان قدّامه نحو: وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ [الكهف/ 79] ،
وقوله: أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ [الحشر/ 14] ، فإن ذلك يقال في
أيّ جانب من الجدار، فهو وَرَاءَهُ باعتبار الذي في الجانب
الآخر. وقوله: وَراءَ ظُهُورِكُمْ
[الأنعام/ 94] ، أي: خلّفتموه بعد موتكم، وذلك تبكيت لهم في أن
لم يتوصّلوا بمالهم إلى اكتساب ثواب الله تعالى به وقوله
فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ
[آل عمران/ 187] ، فتبكيت لهم. أي: لم يعملوا به ولم يتدبّروا
آياته، وقوله: فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ
[المؤمنون/ 7] ، أي: من ابتغى أكثر مما بيّناه، وشرعناه من
تعرّض لمن يحرم التّعرّض له فقد
__________
(1) عن قتادة قال: قرأها ابن عباس: «وكان له ثمر» بالضم، يعني:
أنواع المال. الدر المنثور 5/ 390.
(2) الرجز للعجاج في ديوانه ص 118، والبصائر 5/ 199.
(3) قرأ بإسكان الراء أبو عمرو وشعبة وحمزة وخلف ويعقوب.
الإتحاف ص 289.
(4) وهي قراءة شاذة.
(5) قال كعب بن مالك: ولم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلم
يريد غزوة إلا ورّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول
الله في حرّ شديد. يريد غزوة تبوك. انظر: فتح الباري 8/ 113،
باب: حديث كعب بن مالك، وأخرجه أبو داود برقم 2637.
(6) العين 8/ 305.
(1/866)
تعدّى طوره، وخرق ستره، وَيَكْفُرُونَ بِما
وَراءَهُ
[البقرة/ 91] ، اقتضى معنى ما بعده، ويقال: وَرِيَ الزَّنْدُ
يَرِي وَرْياً: خرجت ناره، وأصله أن يخرج النّار من وَرَاءِ
المقدح، كأنما تصوّر كمونها فيه كما قال:
462-
ككمون النار في حجره
«1» يقال: وَرِيَ يَرِي مثل: وَلِيَ يَلِي. قال تعالى:
أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ
[الواقعة/ 71] ويقال: فلان وَارِي الزّندِ: إذا كان منجحا،
وكابي الزّند: إذا كان مخفقا، واللّحمُ الوَارِي:
السّمينُ. والوَرَاءُ: ولدُ الولدِ، وقولهم:
(وَرَاءَكَ) «2» ، للإغراء ومعناه: تأخّر. يقال: وَرَاءَكَ
أوسع لك، نصب بفعل مضمر. أي: ائت.
وقيل تقديره: يكن أوسع لك. أي: تنحّ، وائت مكانا أوسع لك.
والتَّوْرَاةُ: الكتابُ الذي ورثوه عن موسى، وقد قيل: هو
فَوْعَلَةٌ، ولم يجعل تَفْعَلَة لقلة وجود ذلك، والتاء بدل من
الواو نحو:
تَيْقُورٍ، لأنّ أصله وَيْقُورٌ، التاء بدل عن الواو من
الوقار، وقد تقدّم «3» .
وزر
الوَزَرُ: الملجأ الذي يلتجأ إليه من الجبل.
قال تعالى: كَلَّا لا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ
[القيامة/ 11] والوِزْرُ: الثّقلُ تشبيها بِوَزْرِ الجبلِ،
ويعبّر بذلك عن الإثم كما يعبّر عنه بالثقل. قال تعالى:
لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً (يَوْمَ الْقِيامَةِ)
وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ
أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ
[النحل/ 25] ، كقوله: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ
وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [العنكبوت/ 13] وحمل وِزْر
الغيرِ في الحقيقة هو على نحو ما أشار إليه صلّى الله عليه
وسلم بقوله: «من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها
من غير أن ينقص من أجره شيء، ومن سنّ سنّة سيّئة كان له
وِزْرُهَا ووِزْرُ من عمل بها» «4» أي: مثل وِزْرِ مَن عمل
بها. وقوله تعالى: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى
[الأنعام/ 164] أي: لا يحمل وِزْرَهُ من حيث يتعرّى المحمول
عنه، وقوله: وَوَضَعْنا عَنْكَ
__________
(1) العجز لأبي نواس، وصدره:
كمن الشّنان فيه لنا
وهو من قصيدة مطلعها:
أيها المنتاب عن عفره ... لست من ليلي ولا سمره
لا أذود الطير عن شجر ... قد بلوت المرّ من ثمره
وهو في ديوانه ص 427، وما يجوز للشاعر في الضرورة ص 24،
والموشح ص 273.
(2) قال سيبويه: تنحّ ووراءك: إذا قلت: افطن لما خلفك.
انظر: الكتاب 1/ 249، وأصول النحو 1/ 141، والمسائل الحلبيات ص
106.
(3) تقدّم في مادة (توراة) في كتاب التاء. [.....]
(4) الحديث تقدّم في مادة (شفع) .
(1/867)
وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ
[الشرح/ 2- 3] ، أي:
ما كنت فيه من أمر الجاهليّة، فأعفيت بما خصصت به عن تعاطي ما
كان عليه قومك، والوَزِيرُ: المتحمِّلُ ثقل أميره وشغله،
والوِزَارَةُ على بناء الصّناعة.
وأَوْزَارُ الحربِ واحدها وِزْرٌ: آلتُها من السّلاح،
والمُوَازَرَةُ: المعاونةُ. يقال: وَازَرْتُ فلاناً
مُوَازَرَةً: أعنته على أمره. قال تعالى: وَاجْعَلْ لِي
وَزِيراً مِنْ أَهْلِي
[طه/ 29] ، وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ
الْقَوْمِ
[طه/ 87] .
وزع
يقال: وَزَعْتُهُ عن كذا: كففته عنه. قال تعالى: وَحُشِرَ
لِسُلَيْمانَ إلى قوله: فَهُمْ يُوزَعُونَ
[النمل/ 17] «1» فقوله:
يُوزَعُونَ [النمل/ 17] إشارةٌ إلى أنهم مع كثرتهم وتفاوتهم لم
يكونوا مهملين ومبعدين، كما يكون الجيش الكثير المتأذّى
بمعرّتهم بل كانوا مسوسين ومقموعين. وقيل في قوله:
يُوزَعُونَ
أي: حبس أولهم على آخرهم، وقوله: وَيَوْمَ يُحْشَرُ إلى قوله:
فَهُمْ يُوزَعُونَ
[فصلت/ 19] فهذا وَزْعٌ على سبيل العقوبة، كقوله: وَلَهُمْ
مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ [الحج/ 21] وقيل: لا بدّ للسّلطان من
وَزَعَةٍ «2» ، وقيل: الوُزُوعُ الولوعُ بالشيء «3» . يقال:
أَوْزَعَ اللهُ فلاناً: إذا ألهمه الشّكر، وقيل: هو من
أُوْزِعَ بالشيء: إذا أُولِعَ به، كأن الله تعالى يُوزِعُهُ
بشكره، ورجلٌ وَزُوعٌ، وقوله: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ
[النمل/ 19] قيل: معناه:
ألهمني «4» ، وتحقيقه: أولعني ذلك، واجعلني بحيث أَزِعُ نفسي
عن الكفران.
وزن
الوَزْنُ: معرفة قدر الشيء. يقال: وَزَنْتُهُ وَزْناً وزِنَةً،
والمتّعارف في الوَزْنِ عند العامّة: ما يقدّر بالقسط
والقبّان. وقوله: وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ
[الشعراء/ 182] ، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ
[الرحمن/ 9] إشارة إلى مراعاة المعدلة في جميع ما يتحرّاه
الإنسان من الأفعال والأقوال. وقوله تعالى: فَلا نُقِيمُ
لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً
[الكهف/ 105] وقوله: وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
مَوْزُونٍ
[الحجر/ 19] فقد قيل: هو المعادن كالفضّة والذّهب، وقيل: بل
ذلك إشارة إلى كلّ ما أوجده الله تعالى، وأنه خلقه باعتدال كما
قال: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ [القمر/ 49] ،
وقوله: وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ
[الأعراف/ 8] فإشارة إلى العدل في محاسبة الناس كما قال:
وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ
[الأنبياء/ 47] وذكر في
__________
(1) الآية: وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ.
(2) الفائق 3/ 160، والبصائر 5/ 205.
(3) انظر العين 2/ 207.
(4) انظر العين 2/ 207.
(1/868)
مواضع المِيزَانَ بلفظ الواحد اعتبارا
بالمحاسب، وفي مواضع بالجمع اعتبارا بالمحاسبين، ويقال:
وَزَنْتُ لفلان ووَزَنْتُهُ كذا. قال تعالى: وَإِذا كالُوهُمْ
أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
[المطففين/ 3] ، ويقال: قام مِيزَانُ النهارِ: إذا انتصف.
وسوس
الوَسْوَسَةُ: الخطرةُ الرّديئة، وأصله من الوَسْوَاسِ، وهو
صوت الحلي، والهمس الخفيّ. قال الله تعالى: فَوَسْوَسَ
إِلَيْهِ الشَّيْطانُ [طه/ 120] ، وقال: مِنْ شَرِّ
الْوَسْواسِ [الناس/ 4] ويقال لهمس الصّائد وَسْوَاسٌ.
وسط
وَسَطُ الشيءِ: ما له طرفان متساويا القدر، ويقال ذلك في
الكمّيّة المتّصلة كالجسم الواحد إذا قلت: وَسَطُهُ صلبٌ،
وضربت وَسَطَ رأسِهِ بفتح السين.
ووَسْطٌ بالسّكون. يقال في الكمّيّة المنفصلة كشيء يفصل بين
جسمين. نحو: وَسْطِ القومِ كذا. والوَسَطُ تارة يقال فيما له
طرفان مذمومان.
يقال: هذا أَوْسَطُهُمْ حسبا: إذا كان في وَاسِطَةِ قومه،
وأرفعهم محلّا، وكالجود الذي هو بين البخل والسّرف، فيستعمل
استعمال القصد المصون عن الإفراط والتّفريط، فيمدح به نحو
السّواء والعدل والنّصفة، نحو: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً
وَسَطاً
[البقرة/ 143] وعلى ذلك قوله تعالى: قالَ أَوْسَطُهُمْ
[القلم/ 48] وتارة يقال فيما له طرف محمود، وطرف مذموم كالخير
والشّرّ، ويكنّى به عن الرّذل. نحو قولهم: فلان وَسَطُ من
الرجال تنبيها أنه قد خرج من حدّ الخير. وقوله: حافِظُوا عَلَى
الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى
[البقرة/ 238] ، فمن قال: الظّهر «1» ، فاعتبارا بالنهار، ومن
قال: المغرب «2» ، فلكونها بين الرّكعتين وبين الأربع اللّتين
بني عليهما عدد الرّكعات، ومن قال: الصّبح «3» فلكونها بين
صلاة اللّيل والنهار.
قال: ولهذا قال: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى
غَسَقِ اللَّيْلِ الآية [الإسراء/ 78] . أي:
صلاته. وتخصيصها بالذّكر لكثرة الكسل عنها إذ
__________
(1) وبه قال ابن عمر، فقد أخرج الطبراني في الأوسط بسند رجاله
ثقات عن ابن عمر أنه سئل عن الصلاة الوسطى؟
فقال: كنا نتحدث أنها الصلاة التي وجّه فيها رسول الله إلى
القبلة: الظهر. الدر المنثور 1/ 719.
وبه قال زيد بن ثابت كما أخرجه عنه مالك في الموطأ. الزرقاني
على الموطأ 1/ 285.
(2) روى ذلك ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس وابن جرير عن
قبيصة بن ذؤيب. الزرقاني على الموطأ 1/ 286.
(3) أخرج مالك أنّ عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن عباس كانا
يقولان: الصلاة الوسطى صلاة الصبح. وقال مالك:
وقول عليّ وابن عباس أحبّ ما سمعت إليّ في ذلك. الزرقاني على
الموطأ 1/ 285.
وهذا القول محكيّ عن ابن عمر أيضا وعطاء وطاوس وعكرمة. انظر:
الدر المنثور 1/ 917.
(1/869)
قد يحتاج إلى القيام إليها من لذيذ النّوم،
ولهذا زيد في أذانه: (الصّلاة خير من النّوم) «1» ، ومن قال:
صلاة العصر «2» فقد روي ذلك عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم «3»
، فلكون وقتها في أثناء الأشغال لعامّة الناس بخلاف سائر
الصلوات التي لها فراغ، إمّا قبلها، وإمّا بعدها، ولذلك توعّد
النّبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: «من فاته صلاة العصر
فكأنّما وتر أهله وماله» «4» .
وسع
السَّعَةُ تقال في الأمكنة، وفي الحال، وفي الفعل كالقدرة
والجود ونحو ذلك. ففي المكان نحو قوله: إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ
[العنكبوت/ 56] ، أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً
[النساء/ 97] ، وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ [الزمر/ 10] وفي
الحال قوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ
[الطلاق/ 7] وقوله: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ
[البقرة/ 236] والوُسْعُ من القدرة: ما يفضل عن قدر المكلّف.
قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
[البقرة/ 286] تنبيها أنه يكلّف عبده دوين ما ينوء به قدرته،
وقيل: معناه يكلّفه ما يثمر له السَّعَة. أي: جنّة عرضها
السّموات والأرض كما قال: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ
وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة/ 185] وقوله: وَسِعَ
رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً
[الأعراف/ 89] فوصف له نحو: أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً
[الطلاق/ 12] وقوله: وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ
[البقرة/ 268] ، وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً
[النساء/ 130] فعبارة عن سَعَةِ قدرته وعلمه ورحمته وإفضاله
كقوله: وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً
[الأنعام/ 80] وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ
[الأعراف/ 156] ، وقوله: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ
[الذاريات/ 47] فإشارة إلى نحو
__________
(1) قال الترمذي: فسّر ابن المبارك وأحمد أنّ التثويب أن يقول
المؤذّن في صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم، وهو قول صحيح،
ويقال لها: التثؤّب أيضا، وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه،
روي عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في صلاة الفجر: الصلاة
خير من النوم. راجع: عارضة الأحوذي 1/ 215، وشرح الموطأ
للزرقاني 1/ 144، ومعالم السنن 1/ 155.
(2) وهو قول أكثر العلماء. وقاله من المالكية ابن حبيب وابن
العربي وابن عطية، وهو الصحيح عند الحنفية والحنابلة، وذهب
إليه أكثر الشافعية.
انظر: الزرقاني 1/ 286، وفتح الباري 8/ 194.
(3) ففي الحديث أنه صلّى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب:
«شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وأجوافهم
نارا» .
انظر: فتح الباري في التفسير 8/ 195، ومسلم في المساجد رقم
627.
(4) أخرجه الشيخان عن ابن عمر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم
قال: «إنّ الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله» .
انظر: فتح الباري في المواقيت 2/ 24، ومسلم في المساجد رقم
626، ومالك في الموطأ 1/ 11، وغيرهم.
(1/870)
قوله: الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ
خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [طه/ 50] ووَسِعَ الشّيءُ: اتَّسَعَ.
والوُسْعُ:
الجدةُ والطّاقةُ، ويقال: ينفق على قدر وُسْعِهِ.
وأَوْسَعَ فلانٌ: إذا كان له الغنى، وصار ذا سَعَةٍ، وفرس
وَسَاعُ الخطوِ: شديد العدو.
وسق
الوَسْقُ: جمع المتفرّق. يقال: وَسَقْتُ الشيءَ: إذا جمعته،
وسمّي قدر معلوم من الحمل كحمل البعير وَسْقاً، وقيل: هو ستّون
صاعا «1» ، وأَوْسَقْتُ البعيرَ: حمّلته حِمله، وناقة وَاسِقٌ،
ونوق مَوَاسِيقُ. إذا حملت. ووَسَّقْتُ الحنطةَ: جعلتها
وَسْقاً، ووَسِقَتِ العينُ الماءَ:
حملته، ويقولون: لا أفعله ما وَسَقَتْ عيني الماءَ «2» .
وقوله: وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ
[الانشقاق/ 17] قيل: وما جمع من الظّلام، وقيل: عبارة عن طوارق
اللّيل، ووَسَقْتُ الشيءَ: جمعته، والوَسِيقَةُ الإبلُ
المجموعةُ كالرُّفْقة من الناس، والاتِّسَاقُ: الاجتماع
والاطّراد. قال الله تعالى: وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ
[الانشقاق/ 18] .
وسل
الوَسِيلَةُ: التّوصّل إلى الشيء برغبة وهي أخصّ من الوصيلة،
لتضمّنها لمعنى الرّغبة. قال تعالى: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ [المائدة/ 35] وحقيقةُ الوَسِيلَةِ إلى الله
تعالى: مراعاة سبيله بالعلم والعبادة، وتحرّي مكارم الشّريعة،
وهي كالقربة، والوَاسِلُ: الرّاغب إلى الله تعالى، ويقال إنّ
التَّوَسُّلَ في غير هذا: السّرقة، يقال:
أخذ فلان إبل فلان تَوَسُّلًا. أي: سرقة.
وسم
الوَسْمُ: التأثير، والسِّمَةُ: الأثرُ. يقال:
وَسَمْتُ الشيءَ وَسْماً: إذا أثّرت فيه بِسِمَةٍ، قال تعالى:
سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ
[الفتح/ 29] ، وقال: تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ
[البقرة/ 273] ، وقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ
لِلْمُتَوَسِّمِينَ
[الحجر/ 75] ، أي:
للمعتبرين العارفين المتّعظين، وهذا التَّوَسُّمُ هو الذي
سمّاه قوم الزَّكانةَ، وقوم الفراسة، وقوم الفطنة. قال عليه
الصلاة والسلام: «اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله»
«3» وقال تعالى:
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ
[القلم/ 16] ، أي:
نعلّمه بعلامة يعرف بها كقوله: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ
نَضْرَةَ النَّعِيمِ [المطففين/ 24] ، والوَسْمِيُّ: ما يَسِمُ
من المطر الأوّل بالنّبات.
__________
(1) وهو المتعارف عليه عند الفقهاء.
(2) انظر: المجمل 5/ 925، واللسان (وسق) . [.....]
(3) الحديث عن أبي أمامة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:
«اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله» أخرجه الطبراني،
وإسناده حسن. انظر: مجمع الزوائد 10/ 271.
(1/871)
وتَوَسَّمْتُ: تعرّفت بِالسِّمَةِ، ويقال
ذلك إذا طلبت الوَسْمِيَّ، وفلان وَسِيمٌ الوجه: حسنه، وهو ذو
وَسَامَةٍ عبارة عن الجمال، وفلانة ذات مِيسَمٍ:
إذا كان عليها أثر الجمال، وفلان مَوْسُومٌ بالخير، وقوم
وَسَامٌ، ومَوْسِمُ الحاجِّ: معلمهم الذي يجتمعون فيه، والجمع:
المَوَاسِمُ، ووَسَّمُوا:
شهدوا المَوْسِمَ كقولهم: عرّفوا، وحصّبوا وعيّدوا: إذا شهدوا
عرفة، والمحصّب، وهو الموضع الذي يرمى فيه الحصباء.
وسن
الوَسَنُ والسِّنَةُ: الغفلة والغفوة. قال تعالى:
لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ
[البقرة/ 255] ورجلٌ وَسْنَانُ، وتَوَسَّنَهَا: غشيها نائمة،
وقيل: وَسِنَ وأَسِنَ: إذا غشي عليه من ريح البئر، وأرى أنّ
وَسِنَ يقال لتصوّر النّوم منه لا لتصوّر الغشيان.
وسى
مُوسَى من جعله عربيّا «1» فمنقول عن مُوسَى الحديد، يقال:
أَوْسَيْتُ رأسه: حلقته.
وشى
وَشَيْتُ الشيءَ وَشْياً: جعلت فيه أثرا يخالف معظم لونه،
واستعمل الوَشْيُ في الكلام تشبيها بالمنسوج، والشِّيَةُ
فِعَلَة «2» من الوَشْيِ. قال تعالى: مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ
فِيها
[البقرة/ 71] وثورٌ مُوَشَّى القوائمِ. والوَاشِي يكنّى به عن
النّمّام، ووَشَى فلانٌ كلامَه عبارة عن الكذب نحو: موّهه
وزخرفه.
وصب
الوَصَبُ: السّقمُ اللّازم، وقد وَصِبَ فلانٌ فهو وَصِبٌ،
وأَوْصَبَهُ كذا فهو يَتَوَصَّبُ نحو: يتوجّع.
قال تعالى: وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ
[الصافات/ 9] ، وَلَهُ الدِّينُ واصِباً
[النحل/ 52] .
فتوعّد لمن اتّخذ إلهين، وتنبيه أنّ جزاء من فعل ذلك عذاب لازم
شديد، ويكون الدّين هاهنا الطّاعة، ومعنى الوَاصِبِ الدّائم.
أي: حقّ الإنسان أن يطيعه دائما في جميع أحواله، كما وصف به
الملائكة حيث قال: لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ
وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ [التحريم/ 6] ويقال: وَصَبَ
وُصُوباً: دام، ووَصَبَ الدّينُ:
وجب، ومفازةٌ وَاصِبَةٌ: بعيدة لا غاية لها.
وصد
الوَصِيدَةُ: حُجْرَةٌ تجعل للمال في الجبل، يقال: أَوْصَدْتُ
البابَ وآصَدْتُهُ. أي: أطبقته وأحكمته، وقال تعالى:
عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ
[البلد/ 20] وقرئ بالهمز «3» : مطبقة، والوَصِيدُ المتقارب
الأصول.
__________
(1) قال السمين: وهو بعيد جدا. انظر عمدة الحفاظ: وسى.
(2) أصلها: وشية، فحذفت الفاء، نحو عدة وزنة.
(3) وهي قراءة أبي عمرو وحفص وحمزة ويعقوب وخلف. الإتحاف ص
439.
(1/872)
وصف
الوَصْفُ: ذكرُ الشيءِ بحليته ونعته، والصِّفَةُ:
الحالة التي عليها الشيء من حليته ونعته، كالزِّنَةِ التي هي
قدر الشيء، والوَصْفُ قد يكون حقّا وباطلا. قال تعالى: وَلا
تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ
[النحل/ 116] تنبيها على كون ما يذكرونه كذبا، وقوله عزّ وجلّ:
رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ
[الصافات/ 180] تنبيه على أنّ أكثر صِفَاتِهِ ليس على حسب ما
يعتقده كثير من النّاس لم يتصوّر عنه تمثيل وتشبيه، وأنه
يتعالى عمّا يقول الكفّار، ولهذا قال عزّ وجلّ:
وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى [النحل/ 60] .
ويقال: اتَّصَفَ الشيءُ في عين الناظر: إذا احتمل الوَصْفَ،
ووَصَفَ البعيرُ وُصُوفاً: إذا أجاد السّير، والوَصِيفُ:
الخادم، والوَصِيفَةُ: الخادمة، ويقال: أَوْصَفَتِ الجاريةُ
«1» .
وصل
الِاتِّصَالُ: اتّحادُ الأشياء بعضها ببعض كاتّحاد طرفي
الدائرة، ويضادّ الانفصال، ويستعمل الوَصْلُ في الأعيان، وفي
المعاني.
يقال: وَصَلْتُ فلاناً. قال الله تعالى:
وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
[البقرة/ 27] ، وقوله تعالى إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى
قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ
[النساء/ 90] أي:
ينسبون. يقال: فلان مُتَّصِلٌ بفلان: إذا كان بينهما نسبة، أو
مصاهرة، وقوله عزّ وجلّ:
وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ
[القصص/ 51] أي: أكثرنا لهم القول مَوْصُولًا بعضُهُ ببعض،
ومَوْصِلُ البعيرِ: كلّ موضعين حصل بينهما وُصْلَةٌ نحو: ما
بين العجز والفخذ، وقوله: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ
وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ
[المائدة/ 103] وهو أنّ أحدهم كان إذا ولدت له شاته ذكرا وأنثى
قالوا: وَصَلَتْ أخاها، فلا يذبحون أخاها من أجلها، وقيل:
الوَصِيلَةُ:
العمارة والخصب، والوَصِيلَةُ: الأرضُ الواسعة، ويقال: هذا
وَصْلُ هذا. أي صِلَتُهُ.
وصى
الوَصِيَّةُ: التّقدّمُ إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ من
قولهم: أرض وَاصِيَةٌ: متّصلة النّبات، ويقال: أَوْصَاهُ
ووَصَّاهُ. قال تعالى: وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ
وَيَعْقُوبُ
[البقرة/ 132] وقرئ:
وأَوْصَى «2» قال الله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
[النساء/ 131] ، وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ [العنكبوت/ 8] ،
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ
[النساء/ 11] ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها
[النساء/ 12] حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ
__________
(1) أوصف الوصيف: إذا تمّ قدّه، وأوصفت الجارية. اللسان (وصف)
.
(2) وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر. الإتحاف ص 148.
(1/873)
[المائدة/ 106] ، ووَصَّى: أنشأ فضله،
وتَوَاصَى القومُ: إذا أَوْصَى بعضُهم إلى بعض. قال تعالى:
وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ
[العصر/ 3] أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ
[الذاريات/ 53] .
وضع
الوَضْعُ أعمّ من الحطّ، ومنه: المَوْضِعُ. قال تعالى:
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ
[النساء/ 46] ويقال ذلك في الحمل والحمل، ويقال: وَضَعَتِ
الحملَ فهو مَوْضُوعٌ. قال تعالى:
وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ
[الغاشية/ 14] ، وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ
[الرحمن/ 10] فهذا الوَضْعُ عبارة عن الإيجاد والخلق،
ووَضَعَتِ المرأةُ الحمل وَضْعاً. قال تعالى: فَلَمَّا
وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ
أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ
[آل عمران/ 36] فأما الوُضْعُ والتُّضْعُ فأن تحمل في آخر
طهرها في مقبل الحيض. ووَضْعُ البيتِ: بناؤُهُ. قال الله
تعالى:
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ
[آل عمران/ 96] ، وَوُضِعَ الْكِتابُ [الكهف/ 49] هو إبراز
أعمال العباد نحو قوله: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ
كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً [الإسراء/ 13] ووَضَعَتِ
الدابَّةُ تَضَعُ في سيرها وَضْعاً: أسرعت، ودابّة حسنةُ
المَوْضُوعِ، وأَوْضَعْتُهَا: حملتها على الإسراع. قال الله
عزّ وجلّ: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ
[التوبة/ 47] والوَضْعُ في السير استعارة كقولهم: ألقى باعه
وثقله، ونحو ذلك، والوَضِيعَةُ: الحطيطةُ من رأس المال، وقد
وُضِعَ الرّجلُ في تجارته يُوضَعُ: إذا خسر، ورجل وَضِيعٌ بيّن
الضعَةِ في مقابلة رفيع بيّن الرّفعة.
وضن
الوَضْنُ: نسج الدّرع، ويستعار لكلّ نسج محكم. قال تعالى: عَلى
سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ
[الواقعة/ 15] ومنه: الوَضِينُ، وهو حزام الرّحل، وجمعه:
وُضُنٌ.
وطر
الوَطَرُ: النّهمة والحاجة المهمّة. قال الله عزّ وجلّ:
فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً
[الأحزاب/ 37] .
وطأ
وَطُؤَ الشيءُ فهو وَطِيءٌ بيّن الوَطَاءَةِ، والطَّأَةِ
والطِّئَةِ، والوِطَاءُ: ما تَوَطَّأْتَ به، ووَطَأْتُ له
بفراشه. ووَطَأْتُهُ برجلي أَطَؤُهُ وَطْأً ووَطَاءَةً،
وتَوَطَّأْتُهُ. قال الله تعالى: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ
هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً
[المزمل/ 6] وقرئ: وِطَاءً «1» وفي الحديث: «اللهمّ اشدد
وَطْأَتَكَ على
__________
(1) وهي قراءة أبي عمرو وابن عامر. الإتحاف ص 426.
(1/874)
مضر» «1» أي: ذلّلهم. ووَطِئَ امرأتَهُ
كناية عن الجماع، صار كالتّصريح للعرف فيه، والمُوَاطَأَةُ:
الموافقة، وأصله أن يَطَأَ الرجل برجله مَوْطِئَ صاحبه. قال
الله عزّ وجلّ: إِنَّمَا النَّسِيءُ إلى قوله: لِيُواطِؤُا
عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ
[التوبة/ 37] «2» .
وعد
الوَعْدُ يكون في الخير والشّرّ. يقال وَعَدْتُهُ بنفع وضرّ
وَعْداً ومَوْعِداً ومِيعَاداً، والوَعِيدُ في الشّرّ خاصّة.
يقال منه: أَوْعَدْتُهُ، ويقال: وَاعَدْتُهُ وتَوَاعَدْنَا.
قال الله عزّ وجلّ: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ
[إبراهيم/ 22] ، أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ
لاقِيهِ
[القصص/ 61] ، وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً
تَأْخُذُونَها
[الفتح/ 20] ، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
[المائدة/ 9] إلى غير ذلك. ومن الوَعْدِ بالشّرّ:
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ
وَعْدَهُ
[الحج/ 47] وكانوا إنّما يستعجلونه بالعذاب، وذلك وَعِيدٌ،
وقال: قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ
وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا
[الحج/ 72] ، إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ
[هود/ 81] ، فَأْتِنا بِما تَعِدُنا
[الأعراف/ 70] ، وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي
نَعِدُهُمْ
[الرعد/ 40] ، فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ
رُسُلَهُ
[إبراهيم/ 47] ، الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ
[البقرة/ 268] .
ومما يتضمّن الأمرين قول الله عزّ وجلّ:
أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ
[يونس/ 55] ، فهذا وَعْدٌ بالقيامة، وجزاء العباد إن خيرا فخير
وإن شرّا فشرّ. والمَوْعِدُ والمِيعَادُ يكونان مصدرا واسما.
قال تعالى: فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً
[طه/ 58] ، لْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً
[الكهف/ 48] ، مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ [طه/ 59] ، بَلْ
لَهُمْ مَوْعِدٌ
[الكهف/ 58] ، قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ
[سبأ/ 30] ، وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي
الْمِيعادِ
[الأنفال/ 42] ، إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [لقمان/ 33] أي:
البعث إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ
[الأنعام/ 134] ، بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ
دُونِهِ مَوْئِلًا
[الكهف/ 58] . ومِنَ المُواعَدَةِ قوله: وَلكِنْ لا
تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
[البقرة/ 235] ، وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً
[الأعراف/ 142] ، وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً
__________
(1) الحديث عن أبي هريرة قال: كان النبي يدعو في القنوت:
«اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم
أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين،
اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم سنين كسني يوسف» أخرجه
البخاري في الجهاد، باب الدعاء على المشركين 6/ 105، ومسلم
برقم (675)
(2) الآية: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ
يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً
وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ
اللَّهُ.
(1/875)
[البقرة/ 51] وأربعين وثلاثين مفعول لا
ظرف. أي: انقضاء ثلاثين وأربعين، وعلى هذا قوله:
وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ
[طه/ 80] ، وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ
[البروج/ 2] وإشارة إلى القيامة كقوله عزّ وجلّ:
مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة/ 50] . ومن الإِيعَادِ
قوله: وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
[الأعراف/ 86] ، وقال: ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ
وَعِيدِ
[إبراهيم/ 14] ، فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ
[ق/ 45] ، لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ
إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ
[ق/ 28] ورأيت أرضهم وَاعِدَةً: إذا رجي خيرها من النّبت،
ويومٌ وَاعِدٌ:
حرّ أو برد، ووَعِيدُ الفحلِ: هديره، وقوله عزّ وجلّ: وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا إلى قوله:
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ [النور/ 55] «1» وقوله:
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ تفسير لوَعَدَ كما أنّ قوله عزّ وجلّ:
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «2» [النساء/ 11]
تفسير الوصيّة. وقوله: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ
[الأنفال/ 7] فقوله:
أَنَّها لَكُمْ بدل من قوله: إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ،
تقديره: وَعَدَكُمُ اللهُ أنّ إحدى الطائفتين لكم، إما طائفة
العير، وإما طائفة النّفير. والعِدَةُ من الوَعْدِ، ويجمع على
عِدَاتٍ، والوَعْدُ مصدر لا يجمع. ووَعَدْتُ يقتضي مفعولين
الثاني منهما مكان، أو زمان، أو أمر من الأمور. نحو: وَعَدْتُ
زيداً يوم الجمعة، ومكان كذا، وأن أفعل كذا، فقوله:
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لا يجوز أن يكون المفعول الثاني من:
واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ
[البقرة/ 51] لأنّ الوَعْدَ لم يقع في الأربعين بل انقضاء
الأربعين وتمامها: لا يصحّ الكلام إلا بهذا.
وعظ
الوَعْظُ: زجر مقترن بتخويف. قال الخليل «3» :
هو التّذكير بالخير فيما يرقّ له القلب، والعِظَةُ
والمَوْعِظَةُ: الاسم. قال تعالى: يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ
[النحل/ 90] ، قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ
[سبأ/ 46] ، ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ
[المجادلة/ 3] ، قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
[يونس/ 57] ، وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ
وَذِكْرى [هود/ 120] ، وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ
[آل عمران/ 138] ، وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ
شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا [الأعراف/ 145] ، فَأَعْرِضْ
عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ
[النساء/ 63] .
__________
(1) الآية: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ.
(2) الآية: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
(3) العين 2/ 228.
(1/876)
وعى
الوَعْيُ: حفظ الحديث ونحوه. يقال: وَعَيْتُهُ في نفسه. قال
تعالى: لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ
واعِيَةٌ
[الحاقة/ 12] .
والإِيعَاءُ: حفظ الأمتعة في الوِعَاءِ. قال تعالى: وَجَمَعَ
فَأَوْعى
[المعارج/ 18] قال الشاعر:
463-
والشّرّ أخبث ما أَوْعَيْتَ من زاد
«1» وقال تعالى: فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ
أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ
[يوسف/ 76] ولا وَعْيَ عن كذا. أي: لا تماسك للنّفس دونه،
ومنه: مالي عنه وَعْيٌ. أي: بدّ، ووَعَى الجرحُ يَعِي وَعْياً:
جَمَعَ المِدَّةَ «2» ، ووَعَى العظمُ: اشتدّ وجمع القوّةَ،
والوَاعِيَةُ: الصّارخةُ، وسمعت وَعْيَ القومِ. أي: صراخهم.
وفد
يقال: وَفَدَ القومُ تَفِدُ وِفَادَةً، وهم وَفْدٌ ووُفُودٌ،
وهم الذين يقدمون على الملوك مستنجزين الحوائج، ومنه:
الوَافِدُ من الإبل، وهو السابق لغيره. قال تعالى: يَوْمَ
نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً
[مريم/ 85] .
وفر
الوَفْرُ: المال التّامّ. يقال: وَفَرْتُ كذا: تمّمته وكمّلته،
أَفِرُهُ وَفْراً ووُفُوراً وفِرَةً ووَفَّرْتُهُ على
التّكثير. قال تعالى: فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً
مَوْفُوراً
[الإسراء/ 63] ووَفَرْتُ عرضَهُ: إذا لم تنتقصه، وأرضٌ في
نبتها وَفْرَةٌ: إذا كان تامّا، ورأيت فلانا ذا وَفَارَةٍ. أي:
تامّ المروءة والعقل، والوَافِرُ: ضربٌ من الشِّعْر.
وفض
الإِيفَاضُ: الإسراعُ، وأصله أن يعدو من عليه الوَفْضَةُ، وهي
الكنانة تتخشخش عليه، وجمعها: الوِفَاضُ. قال تعالى:
كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ
[المعارج/ 43] أي:
يسرعون، وقيل: الأَوْفَاضُ الفرق من الناس المستعجلة. يقال:
لقيته على أَوْفَاضٍ «3» . أي:
على عجلة، الواحد: وَفْضٌ.
وفق
الوِفْقُ: المطابقة بين الشّيئين. قال تعالى:
جَزاءً وِفاقاً
[النبأ/ 26] يقال: وَافَقْتُ فلاناً، ووَافَقْتُ الأمرَ:
صادفته، والِاتِّفَاقُ: مطابقة فعل الإنسان القدر، ويقال ذلك
في الخير والشّرّ، يقال:
__________
(1) عجز بيت، صدره:
الخير يبقى وإن طال الزمان به
وهو في البصائر 5/ 241، وتاج العروس (وعى) دون نسبة فيهما،
والبيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه تحقيق حسين نصار ص 49، وليس
في ديوانه طبع دار صادر، وهو في المجمل 4/ 930.
(2) الوعي: القيح والمدّة. [.....]
(3) انظر المجمل 4/ 932.
(1/877)
اتَّفَقَ لفلان خير، واتَّفَقَ له شرٌّ.
والتَّوْفِيقُ نحوه لكنه يختصّ في التّعارف بالخير دون الشّرّ.
قال تعالى: وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ
[هود/ 88] ، ويقال: أتانا لِتِيفَاقِ الهلالِ ومِيفَاقِهِ «1»
. أي: حين اتَّفَقَ إهلالُهُ.
وفى
الوَافِي: الذي بلغ التّمام. يقال: درهم وَافٍ، وكيل وَافٍ،
وأَوْفَيْتُ الكيلَ والوزنَ. قال تعالى:
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ
[الإسراء/ 35] ، وَفَى بعهده يَفِي وَفَاءً، وأَوْفَى: إذا
تمّم العهد ولم ينقض حفظه، واشتقاق ضدّه، وهو الغدر يدلّ على
ذلك وهو التّرك، والقرآن جاء بِأَوْفَى. قال تعالى: وَأَوْفُوا
بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ
[البقرة/ 40] ، وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ
[النحل/ 91] ، بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى
[آل عمران/ 76] ، وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا
[البقرة/ 177] ، يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
[الإنسان/ 7] ، وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ
[التوبة/ 111] ، وقوله: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى
[النجم/ 37] ، فَتَوْفِيَتُهُ أنه بذل المجهود في جميع ما طولب
به، مما أشار إليه في قوله:
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ
وَأَمْوالَهُمْ [التوبة/ 111] ، من بذله ماله بالإنفاق في
طاعته، وبذل ولده الذي هو أعزّ من نفسه للقربان، وإلى ما نبّه
عليه بقوله: وَفَّى أشار بقوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلى
إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [البقرة/ 124]
، وتَوْفِيَةُ الشيءِ:
بذله وَافِياً، واسْتِيفَاؤُهُ: تناوله وَافِياً. قال تعالى:
وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ
[آل عمران/ 25] ، وقال: وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ
[آل عمران/ 185] ، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ
[البقرة/ 281] ، إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ
بِغَيْرِ حِسابٍ
[الزمر/ 10] ، مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا
وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها
[هود/ 15] ، وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
يُوَفَّ إِلَيْكُمْ
[الأنفال/ 60] ، فَوَفَّاهُ حِسابَهُ
[النور/ 39] ، وقد عبّر عن الموت والنوم بالتَّوَفِّي، قال
تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها
[الزمر/ 42] ، وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ
[الأنعام/ 60] ، قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ
[السجدة/ 11] ، اللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ
[النحل/ 70] ، الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ
[النحل/ 28] ، تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا
[الأنعام/ 61] ، أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ
[يونس/ 46] ، وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ
[آل عمران/ 193] ، وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ [الأعراف/ 126] ،
تَوَفَّنِي مُسْلِماً
[يوسف/ 101] ، يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ
[آل عمران/ 55] ، وقد
__________
(1) انظر المجمل 4/ 932، وعمدة الحفاظ: وفق.
(1/878)
قيل: تَوَفِّيَ رفعةٍ واختصاص لا تَوَفِّيَ
موتٍ. قال ابن عباس: تَوَفِّي موتٍ، لأنّه أماته ثمّ أحياه «1»
.
وقب
الوَقْبُ كالنّقرة في الشيء، ووَقَبَ: إذا دخل في وَقْبٍ ومنه
وَقَبَتِ الشمسُ: غابت. قال تعالى: وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا
وَقَبَ [الفلق/ 3] والإِيقَابُ: تغييبُهُ، والوَقِيبُ: صوتُ
قُنْبِ «2» الدّابّةِ، وقبّبه، وقبّه «3» .
وقت
الوَقْتُ: نهاية الزمان المفروض للعمل، ولهذا لا يكاد يقال
إلّا مقدّرا نحو قولهم: وَقَّتُّ كذا: جعلت له وَقْتاً. قال
تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً
مَوْقُوتاً
[النساء/ 103] . وقوله: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ
[المرسلات/ 11] . والمِيقَاتُ: الوقتُ المضروبُ للشيء، والوعد
الذي جعل له وَقْتٌ.
قال عزّ وجلّ: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ
[الدخان/ 40] ، إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً
[النبأ/ 17] ، إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ
[الواقعة/ 50] ، وقد يقال المِيقَاتُ للمكان الذي يجعل وَقْتاً
للشيء، كمِيقَاتِ الحجّ.
وقد
يقال: وَقَدَتِ النارُ تَقِدُ وُقُوداً ووَقْداً، والوَقُودُ
يقال للحطب المجعول للوُقُودِ، ولما حصل من اللهب. قال تعالى:
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ
[البقرة/ 24] ، أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ
[آل عمران/ 10] ، النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ
[البروج/ 5] واستَوْقَدْتُ النارَ: إذا ترشّحتُ لإِيقَادِهَا،
وأَوْقَدْتُهَا. قال تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي
اسْتَوْقَدَ ناراً
[البقرة/ 17] ، وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ
[الرعد/ 17] ، فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ
[القصص/ 38] ، نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ
[الهمزة/ 6] ومنه: وَقْدَةُ الصّيفِ أشدُّ حرّاً «4» ،
واتَّقَدَ فلانٌ غضبا. ويستعار وَقَدَ واتَّقَدَ للحرب
كاستعارة النّار والاشتعال، ونحو ذلك لها. قال تعالى: كُلَّما
أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ
[المائدة/ 64] وقد يستعار ذلك للتّلألؤ، فيقال: اتَّقَدَ
الجوهرُ والذّهبُ.
وقذ
قال الله تعالى: وَالْمَوْقُوذَةُ
[المائدة/ 3] أي: المقتولة بالضّرب «5» .
__________
(1) أخرج ذلك ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه. وعن ابن
عباس أيضا قال: رافعك ثم متوفيك في آخر الزمان. الدر المنثور
2/ 225- 226، وتفسير الطبري 3/ 290.
(2) قنب الفرس: وعاء قضيبه.
(3) يقال قبّه يقبّه قبّا، واقتبّه: قطعه. اللسان (قبب) .
(4) وقدة الحر: أشدّه. اللسان: (وقد) .
(5) انظر مجاز القرآن 2/ 151.
(1/879)
وقر
الوَقْرُ: الثِّقلُ في الأُذُن. يقال: وَقَرَتْ أُذُنُهُ
تَقِرُ وتَوْقَرُ. قال أبو زيد «1» : وَقِرَتْ تَوْقَرُ فهي
مَوْقُورَةٌ.
قال تعالى: وَفِي آذانِنا وَقْرٌ
[فصلت/ 5] ، وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً
[الأنعام/ 25] والوَقْرُ:
الحِمْل للحمار وللبغل كالوسق للبعير، وقد أَوْقَرْتُهُ،
ونخلةٌ مُوقِرَةٌ ومُوقَرَةٌ، والوَقارُ: السّكونُ والحلمُ.
يقال: هو وَقُورٌ، ووَقَارٌ ومُتَوَقِّرٌ. قال تعالى: ما
لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً
[نوح/ 13] وفلان ذو وَقْرَةٍ، وقوله: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ
[الأحزاب/ 33] قيل: هو من الوَقَارِ.
وقال بعضهم «2» : هو من قولهم: وَقَرْتُ أَقِرُ وَقْراً.
أي: جلست، والوَقِيرُ: القطيعُ العظيمُ من الضأن، كأنّ فيها
وَقَاراً لكثرتها وبطء سيرها.
وقع
الوُقُوعُ: ثبوتُ الشيءِ وسقوطُهُ. يقال: وَقَعَ الطائرُ
وُقُوعاً، والوَاقِعَةُ لا تقال إلّا في الشّدّة والمكروه،
وأكثر ما جاء في القرآن من لفظ «وَقَعَ» جاء في العذاب
والشّدائد نحو: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها
كاذِبَةٌ
[الواقعة/ 1- 2] ، وقال: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ
[المعارج/ 1] ، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ [الحاقة/
15] ووُقُوعُ القولِ: حصول متضمّنه، قال تعالى: وَوَقَعَ
الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا
[النمل/ 85] أي: وجب العذاب الذي وعدوا لظلمهم، فقال عزّ وجلّ:
وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ
دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ
[النمل/ 82] أي: إذا ظهرت أمارات القيامة التي تقدّم القول
فيها. قال تعالى: قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ
رِجْسٌ وَغَضَبٌ
[الأعراف/ 71] وقال:
أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ [يونس/ 51] ، وقال:
فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [النساء/ 100] واستعمال
لفظة الوُقُوعِ هاهنا تأكيد للوجوب كاستعمال قوله تعالى: كانَ
حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم/ 47] ، كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ
[يونس/ 103] وقوله عزّ وجلّ: فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ
[الحجر/ 29] فعبارة عن مبادرتهم إلى السّجود، ووَقَعَ المطرُ
نحو: سقط، ومَوَاقِعُ الغيثِ: مَساقِطُهُ، والمُوَاقَعَةُ في
الحرب، ويكنّى بالمُوَاقَعَةِ عن الجماع، والإِيقَاعُ يقال في
الإسقاط، وفي شنّ الحرب بالوَقْعَةِ. ووَقْعُ الحديدِ: صوتُهُ،
يقال:
وَقَعْتُ الحَدِيدَةَ أَقَعُهَا وَقْعاً: إذا حددتها
بالمِيقَعَةِ، وكلّ سقوط شديد يعبّر عنه بذلك، وعنه استعير:
الوَقِيعَةُ في الإنسان. والحَافِرُ الوَقِعُ: الشّديدُ
الأثرِ، ويقال للمكان الذي يستقرّ الماء فيه:
الوَقِيعَةُ، والجمع: الوَقَائِعُ، والموضع الذي يستقرّ فيه
الطّير: مَوْقِعٌ، والتَّوْقِيعُ: أثرُ الدَّبَرِ بِظَهْرِ
__________
(1) انظر تهذيب اللغة 9/ 280.
(2) هو الفرّاء في معاني القرآن 2/ 342.
(1/880)
البعيرِ، وأثرُ الكتابةِ في الكتاب، ومنه
استعير التَّوْقِيعُ في القصص.
وقف
يقال: وَقَفْتُ القومَ أَقِفُهُمْ وَقْفاً، ووَاقَفُوهُمْ
وُقُوفاً. قال تعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ
[الصافات/ 24] ومنه استعير: وَقَفْتُ الدّارَ: إذا سبّلتها،
والوَقْفُ: سوارٌ من عاج، وحمارٌ مُوَقَّفٌ بأرساغه مثلُ
الوَقْفِ من البياض، كقولهم: فرس مُحجَّل: إذا كان به مثلُ
الحَجَل، ومَوْقِفُ الإنسانِ حيث يَقِفُ، والمُوَاقَفَةُ: أن
يَقِفَ كلُّ واحد أمره على ما يَقِفُهُ عليه صاحبه،
والوَقِيفَةُ:
الوحشيّة التي يلجئها الصائد إلى أن تَقِفَ حتى تصاد.
وقى
الوِقَايَةُ: حفظُ الشيءِ ممّا يؤذيه ويضرّه.
يقال: وَقَيْتُ الشيءَ أَقِيهِ وِقَايَةً ووِقَاءً. قال تعالى:
فَوَقاهُمُ اللَّهُ
[الإنسان/ 11] ، وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ
[الدخان/ 56] ، وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ
[الرعد/ 34] ، ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ
[الرعد/ 37] ، قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً
[التحريم/ 6] والتَّقْوَى جعل النّفس في وِقَايَةٍ مما يخاف،
هذا تحقيقه، ثمّ يسمّى الخوف تارة تَقْوًى، والتَّقْوَى خوفاً
حسب تسمية مقتضى الشيء بمقتضيه والمقتضي بمقتضاه، وصار
التَّقْوَى في تعارف الشّرع حفظ النّفس عمّا يؤثم، وذلك بترك
المحظور، ويتمّ ذلك بترك بعض المباحات لما روي: «الحلال بيّن،
والحرام بيّن، ومن رتع حول الحمى فحقيق أن يقع فيه» «1» قال
الله تعالى: فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
[الأعراف/ 35] ، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا
[النحل/ 128] ، وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى
الْجَنَّةِ زُمَراً [الزمر/ 73] ولجعل التَّقْوَى منازل قال:
وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ
[البقرة/ 281] ، واتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء/ 1] ، وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ
[النور/ 52] ، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحامَ [النساء/ 1] ، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ
[آل عمران/ 102] . وتخصيص كلّ واحد من هذه الألفاظ له ما بعد
هذا الكتاب.
ويقال: اتَّقَى فلانٌ بكذا: إذا جعله وِقَايَةً لنفسه، وقوله:
أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ
الْقِيامَةِ
[الزمر/ 24] تنبيه على شدّة ما ينالهم، وأنّ أجدر شيء
يَتَّقُونَ به من العذاب يوم القيامة هو وجوههم، فصار ذلك
كقوله: وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ [إبراهيم/ 50] ، يَوْمَ
يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ [القمر/ 48] .
__________
(1) الحديث تقدّم في مادة (بغى) .
(1/881)
وكد
وَكَّدْتُ القولَ والفعلَ، وأَكَّدْتُهُ: أحكمته. قال تعالى:
وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها
[النحل/ 91] والسّير الذي يشدّ به القربوس «1» يسمّى
التَّأْكِيدَ، ويقال: تَوْكِيدٌ، والوَكَادُ: حبل يشدّ به
البقر عند الحلب، قال الخليل «2» : أَكَّدْتُ في عقد الأيمان
أجود، ووَكَّدْتُ في القول أجود، تقول إذا عقدت: أَكَّدْتُ،
وإذا حلفت وَكَّدْتُ ووَكَّدَ وَكْدَهُ: إذا قصد قصده وتخلّق
بخلقه.
وكز
الوَكْزُ: الطّعن، والدّفع، والضّرب بجميع الكفّ. قال تعالى:
فَوَكَزَهُ مُوسى
[القصص/ 15] .
وكل
التَّوْكِيلُ: أن تعتمد على غيرك وتجعله نائبا عنك، والوَكِيلُ
فعيلٌ بمعنى المفعول. قال تعالى: وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا
[النساء/ 81] أي: اكتف به أن يتولّى أمرك، ويَتَوَكَّلَ لك،
وعلى هذا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
[آل عمران/ 173] ، وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ
[الأنعام/ 107] ، أي: بِمُوَكَّلٍ عليهم وحافظ لهم، كقوله:
لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى
[الغاشية/ 22- 23] فعلى هذا قوله تعالى: قُلْ لَسْتُ
عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام/ 66] ، وقوله: أَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا
[الفرقان/ 43] ، أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا
[النساء/ 109] أي: من يَتَوَكَّلُ عنهم؟ والتَّوَكُّلُ يقال
على وجهين، يقال:
تَوَكَّلْتُ لفلان بمعنى: تولّيت له، ويقال: وَكَّلْتُهُ
فَتَوَكَّلَ لي، وتَوَكَّلْتُ عليه بمعنى: اعتمدته قال عزّ
وجلّ: فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
[التوبة/ 51] ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ
[الطلاق/ 3] ، رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا
[الممتحنة/ 4] ، وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا
[المائدة/ 23] ، وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ
وَكِيلًا
[النساء/ 81] ، وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ [هود/ 123] ، وَتَوَكَّلْ
عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان/ 58] . وواكلَ
فلانٌ: إذا ضيّع أمره مُتَّكِلًا على غيره، وتَوَاكَلَ القومُ:
إذا اتَّكَلَ كلٌّ على الآخر، ورجلٌ وُكَلَةٌ تُكَلَةٌ: إذا
اعتمد غيرَهُ في أمره، والوَكَالُ في الدابّة: أن لا يمشي إلّا
بمشي غيره، وربّما فسّر الوَكِيلُ بالكفيل، والوَكِيلُ أعمّ،
لأنّ كلّ كفيل وَكِيلٌ، وليس كلّ وَكِيلٍ كفيلا.
ولج
الوُلُوجُ: الدّخول في مضيق. قال تعالى:
__________
(1) القربوس: حنو السّرج، وجمعه قرابيس. اللسان (قربس) .
(2) انظر: العين 5/ 395.
(1/882)
حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ
الْخِياطِ
[الأعراف/ 40] ، وقوله: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ
وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ
[الحج/ 61] فتنبيه على ما ركّب الله عزّ وجلّ عليه العالم من
زيادة الليل في النهار، وزيادة النهار في الليل، وذلك بحسب
مطالع الشمس ومغاربها. والوَلِيجَةُ:
كلّ ما يتّخذه الإنسان معتمدا عليه، وليس من أهله، من قولهم:
فلان وَلِيجَةٌ في القوم: إذا لحق بهم وليس منهم، إنسانا كان
أو غيره. قال تعالى: وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً
[التوبة/ 16] وذلك مثل قوله:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ
وَالنَّصارى أَوْلِياءَ [المائدة/ 51] ورجل خرجة وَلِجَةٌ «1»
: كثير الخروج والوُلُوجِ.
وكأ
الوِكَاءُ: رباط الشيء، وقد يجعل الوِكَاءُ اسما لما يجعل فيه
الشيء فيشدّ به، ومنه أَوْكَأْتُ فلاناً: جعلت له مُتَّكَأً،
وتَوَكَّأَ على العصا: اعتمد بها وتشدّد بها. قال تعالى: هِيَ
عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها
[طه/ 18] ، وفي الحديث: «كان يُوكِي بين الصّفا والمروة» «2»
قال معناه: يملأ ما بينهما سعيا كما يُوكَى السِّقَاءُ بعد
الملء، ويقال:
أَوْكَيْتُ السِّقَاءَ ولا يقال أَوْكَأْتُ.
ولد
الوَلَدُ: المَوْلُودُ. يقال للواحد والجمع والصّغير والكبير.
قال الله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ
[النساء/ 11] ، أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ [الأنعام/ 101]
ويقال للمتبنّى وَلَدٌ، قال: أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً [القصص/
9] وقال: وَوالِدٍ وَما وَلَدَ
[البلد/ 3] قال أبو الحسن: الوَلَدُ: الابن والابنة، والوُلْدُ
هُمُ الأهلُ والوَلَدُ. ويقال: وُلِدَ فلانٌ. قال تعالى:
وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ [مريم/ 33] ، وَسَلامٌ
عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ
[مريم/ 15] والأب يقال له وَالِدٌ، والأمّ وَالِدَةٌ، ويقال
لهما وَالِدَانِ، قال: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ
[نوح/ 28] والوَلِيدُ يقال لمن قرب عهده بالوِلَادَةِ وإن كان
في الأصل يصحّ لمن قرب عهده أو بعد، كما يقال لمن قرب عهده
بالاجتناء: جنيّ، فإذا كبر الوَلَدُ سقط عنه هذا الاسم، وجمعه:
وِلْدَانٌ، قال: يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً
[المزمل/ 17] والوَلِيدَةُ مختصّة بالإماء في عامّة كلامهم،
واللِّدَةُ مختصّةٌ بالتِّرْبِ، يقال: فلانٌ لِدَةُ فلانٍ،
وتِرْبُهُ، ونقصانه الواو، لأنّ أصله وِلْدَةٌ.
__________
(1) انظر: المجمل 4/ 937، واللسان (ولج) .
(2) هذا في حديث الزبير أنه كان يوكي بين الصفا والمروة سعيا.
فسّره المؤلف بتفسير، وله تفسير آخر: أنه لا يتكلم، كأنه أوكى
فاه فلم ينطق. انظر: النهاية 5/ 223، وغريب الحديث 4/ 8.
[.....]
(1/883)
وتَوَلُّدُ الشيءِ من الشيء: حصوله عنه
بسبب من الأسباب، وجمعُ الوَلَدِ أَوْلادٌ. قال تعالى: أَنَّما
أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
[التغابن/ 15] ، إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ
عَدُوًّا لَكُمْ [التغابن/ 14] فجعل كلّهم فتنة وبعضهم عدوّا.
وقيل:
الوُلْدُ جمعُ وَلَدٍ نحو: أُسْدٍ وأَسَدٍ، ويجوز أن يكون
واحدا نحو: بُخْلٍ وبَخَلٍ، وعُرْبٍ وعَرَبٍ، وروي: (وُلْدُكِ
مَنْ دَمَّى عَقِبَيْكِ) «1» وقرئ: مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ
وَوَلَدُهُ
[نوح/ 21] «2» .
ولق
الوَلْقُ: الإسراع، ويقال: وَلَقَ الرجلُ يَلِقُ كذب، وقرئ:
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ
[النور/ 15] «3» أي: تسرعون الكذب، من قولهم:
جاءت الإبل تَلِقُ، والأَوْلَقُ: من فيه جنون وهَوَجٌ، ورجلٌ
مَأْلُوقٌ ومُؤْلَقٌ، وناقةٌ وَلْقَى:
سريعة، والوَلِيقَةُ: طعامٌ يتّخذ من السَّمْن، والوَلَقُ:
أَخَفُّ الطّعنِ.
وهب
الهِبَةُ: أن تجعل ملكك لغيرك بغير عوض.
يقال: وَهَبْتُهُ هِبَةً ومَوْهِبَةً ومَوْهِباً. قال تعالى:
وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ
[الأنعام/ 84] ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى
الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ
[إبراهيم/ 39] ، إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ
غُلاماً زَكِيًّا
[مريم/ 19] ، فنَسَبَ المَلَكُ إلى نفسه الهِبَةَ لمّا كان
سببا في إيصاله إليها، وقد قرئ: لِيَهَبَ لَكِ «4» فنسب إلى
الله تعالى، فهذا على الحقيقة، والأوّل على التّوسّع. وقال
تعالى: فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً
[الشعراء/ 21] ، وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ [ص/ 30] ،
وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ [ص/ 43] ، وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ
رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا [مريم/ 53] ، فَهَبْ لِي
مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي
[مريم/ 5] ، رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا
وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ
[الفرقان/ 74] ، هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً [آل عمران/
8] ، هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي [ص/
35] ، ويوصف الله تعالى بِالْوَاهِبِ والوَهَّابِ «5» بمعنى:
أنه يعطي كلًّا على استحقاقه، وقوله: إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها
[الأحزاب/ 50] . والِاتِّهَابُ:
__________
(1) وهذا من أمثال العرب. انظر: مجمع الأمثال 2/ 363، والبصائر
5/ 278، وتهذيب إصلاح المنطق 1/ 125 يعني: من ولدته، وليس هو
حديثا كما ظنّه المؤلف.
(2) وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي
ويعقوب وخلف. الإتحاف ص 424.
(3) وهي قراءة شاذة قرأت بها عائشة.
(4) وبها قرأ قالون بخلف عنه، وورش وأبو عمرو ويعقوب. الإتحاف
ص 298.
(5) انظر: الأسماء والصفات ص 97.
(1/884)
قبولُ الهبةِ، وفي الحديث: «لقد هممت أن لا
أَتَّهِبَ إلّا من قرشيّ أو أنصاريّ أو ثقفيّ» «1» .
وهج
الوَهَجُ: حصولُ الضّوءِ والحرِّ من النّار، والوَهَجَانُ كذلك
وقوله: وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً
[النبأ/ 13] أي: مضيئا، وقد وَهَجَتِ النارُ تَوْهَجُ، ووَهَجَ
يَهِجُ ويَوْهَجُ، وتَوَهَّجَ الجوهر: تلألأ.
ولي
الوَلَاءُ والتَّوَالِي: أن يَحْصُلَ شيئان فصاعدا حصولا ليس
بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن
حيث النّسبة، ومن حيث الدّين، ومن حيث الصّداقة والنّصرة
والاعتقاد، والوِلَايَةُ النُّصْرةُ «2» ، والوَلَايَةُ:
تَوَلِّي الأمرِ، وقيل: الوِلَايَةُ والوَلَايَةُ نحو:
الدِّلَالة والدَّلَالة، وحقيقته: تَوَلِّي الأمرِ. والوَلِيُّ
والمَوْلَى يستعملان في ذلك كلُّ واحدٍ منهما يقال في معنى
الفاعل. أي: المُوَالِي، وفي معنى المفعول. أي: المُوَالَى،
يقال للمؤمن: هو وَلِيُّ اللهِ عزّ وجلّ ولم يرد مَوْلَاهُ،
وقد يقال: اللهُ تعالى وَلِيُّ المؤمنين ومَوْلَاهُمْ، فمِنَ
الأوَّل قال الله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا
[البقرة/ 257] ، إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ
[الأعراف/ 196] ، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران/
68] ، ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا
[محمد/ 11] ، نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
[الأنفال/ 40] ، وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ
فَنِعْمَ الْمَوْلى
[الحج/ 78] ، قال عزّ وجلّ: قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا
إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ
النَّاسِ
[الجمعة/ 6] ، وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ
مَوْلاهُ
[التحريم/ 4] ، ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ
الْحَقِ
[الأنعام/ 62] والوالِي الذي في قوله: وَما لَهُمْ مِنْ
دُونِهِ مِنْ والٍ
[الرعد/ 11] بمعنى الوَلِيِّ، ونفى الله تعالى الوَلَايَةَ بين
المؤمنين والكافرين في غير آية، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ إلى قوله: وَمَنْ
يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
[المائدة/ 51] «3» ، لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ
__________
(1) الحديث عن ابن عباس أنّ أعرابيا وهب للنبي صلّى الله عليه
وسلم هبة فأثابه عليها، قال: رضيت؟ قال: لا، فزاده، قال: رضيت؟
قال: لا، فزاده، قال: رضيت؟ قال: نعم، فقال رسول الله صلّى
الله عليه وسلم: «لقد هممت أن لا أتهب هبة إلا من قرشي أو
أنصاري أو ثقفي» . أخرجه أحمد في المسند 1/ 295، وأبو داود
مختصرا 3/ 290، والنسائي 6/ 280.
(2) قال الفراء: وكسر الواو في الولاية أعجب إليّ من فتحها،
لأنها إنما تفتح أكثر من ذلك إذا كانت في معنى النصرة، وكان
الكسائي يفتحها ويذهب بها إلى النصرة. انظر: معاني القرآن 1/
418.
(3) الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ، بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ
بَعْضٍ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ.
(1/885)
وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ
[التوبة/ 23] ، وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ
[الأعراف/ 3] ، ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ
[الأنفال/ 72] ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ [الممتحنة/ 1] ، تَرى
كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
إلى قوله: وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ
وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ
[المائدة/ 80- 81] «1» وجعل بين الكافرين والشّياطين مُوَالاةً
في الدّنيا، ونفى بينهم المُوَالاةَ في الآخرة، قال الله تعالى
في المُوَالاةُ بينهم في الدّنيا: الْمُنافِقُونَ
وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ [التوبة/ 67] وقال:
إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ
[الأعراف/ 30] ، إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ
لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأعراف/ 27] ، فَقاتِلُوا
أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ [النساء/ 76] فكما جعل بينهم وبين
الشّيطان مُوَالاةً جعل للشّيطان في الدّنيا عليهم سلطانا
فقال: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ
[النحل/ 100] ونفى المُوَالاةَ بينهم في الآخرة، فقال في
مُوَالاةِ الكفارِ بعضهم بعضا: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ
مَوْلًى شَيْئاً
[الدخان/ 41] ، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ
بِبَعْضٍ [العنكبوت/ 25] ، قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ
الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا الآية [القصص/
63] ، وقولهم تَوَلَّى إذا عدّي بنفسه اقتضى معنى الوَلَايَةِ،
وحصوله في أقرب المواضع منه يقال: وَلَّيْتُ سمعي كذا،
ووَلَّيْتُ عيني كذا، ووَلَّيْتُ وجهي كذا: أقبلت به عليه، قال
الله عزّ وجلّ: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها
[البقرة/ 144] ، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
شَطْرَهُ
[البقرة/ 144] وإذا عدّي ب (عن) لفظا أو تقديرا اقتضى معنى
الإعراض وترك قربه. فمن الأوّل قوله: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ
مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
[المائدة/ 51] ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
[المائدة/ 56] . ومن الثاني قوله: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ
[آل عمران/ 63] ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ
[الغاشية/ 23] ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا
[آل عمران/ 64] ، وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً
غَيْرَكُمْ
[محمد/ 38] ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا
الْبَلاغُ الْمُبِينُ
[التغابن/ 12] ، وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
مَوْلاكُمْ
[الأنفال/ 40] ، فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ
الْفاسِقُونَ
[آل عمران/ 82] والتَّوَلِّي قد يكون بالجسم، وقد يكون بترك
الإصغاء والائتمار، قال الله عزّ وجلّ:
__________
(1) الآية: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ
سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ
وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ....
(1/886)
وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ
تَسْمَعُونَ
[الأنفال/ 20] أي:
لا تفعلوا ما فعل الموصوفون بقوله: وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ
وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً [نوح/ 7] ولا
ترتسموا قولَ من ذُكِرَ عنهم: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا
تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ [فصلت/ 26]
ويقال: وَلَّاهُ دُبُرَهُ: إذا انهزم.
وقال تعالى: وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ
[آل عمران/ 111] ، وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ
[الأنفال/ 16] ، وقوله: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا
[مريم/ 5] أي: ابنا يكون من أَوْلِيَائِكَ، وقوله: خِفْتُ
الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي
[مريم/ 5] قيل: ابن العمّ، وقيل مَوَالِيهَ. وقوله: وَلَمْ
يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ
[الإسراء/ 111] ، فيه نفي الوَلِيِّ بقوله عزّ وجلّ: مِنَ
الذُّلِّ إذ كان صالحو عباده هم أَوْلِيَاءُ اللهِ كما تقدم
لكن مُوَالاتُهُمْ ليستولي هو تعالى بهم، وقوله: وَمَنْ
يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا
[الكهف/ 17] ، والوَلِيُّ:
المطرُ الذي يَلِي الوَسْمِيَّ، والمَوْلَى يقال للمعتِقِ،
والمعتَقِ، والحليفِ، وابنِ العمِّ، والجارِ، وكلِّ من وَلِيَ
أمرَ الآخرِ فهو وَلِيُّهُ، ويقال: فلان أَوْلَى بكذا. أي
أحرى، قال تعالى:
النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ
[الأحزاب/ 6] ، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ
لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ [آل عمران/ 68] ، فَاللَّهُ أَوْلى
بِهِما [النساء/ 135] ، وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلى بِبَعْضٍ [الأنفال/ 75] وقيل:
أَوْلى لَكَ فَأَوْلى
[القيامة/ 34] من هذا، معناه: العقاب أَوْلَى لك وبك، وقيل:
هذا فعل المتعدّي بمعنى القرب، وقيل: معناه انزجر.
ويقال: وَلِيَ الشيءُ الشيءَ، وأَوْلَيْتُ الشيءَ شيئا آخرَ
أي: جعلته يَلِيهِ، والوَلَاءُ في العتق: هو ما يورث به، و
«نهي عن بيع الوَلَاءِ وعن هبته» »
، والمُوَالاةُ بين الشيئين: المتابعة.
وهن
الوَهْنُ: ضعف من حيث الخلق، أو الخلق.
قال تعالى: قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي
[مريم/ 4] ، فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ
[آل عمران/ 146] ، وَهْناً عَلى وَهْنٍ
[لقمان/ 14] أي: كلّما عظم في بطنها: زادها ضعفا على ضعف: وَلا
تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ
[النساء/ 104] ، وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا [آل عمران/
139] ، ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ
[الأنفال/ 18] .
وهى
الوَهْيُ: شقّ في الأديم والثّوب ونحوهما،
__________
(1) عبد الله بن عمر يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
عن بيع الولاء وعن هبته. أخرجه البخاري في العتق، باب بيع
الولاء وهبته 5/ 167، ومسلم برقم (1506) .
(1/887)
ومنه يقال: وَهَتْ عَزَالَيِ السّحابِ
بمائها «1» ، قال تعالى: وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ
يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ
[الحاقة/ 16] وكلُّ شيءٍ استرخى رباطه فقد وَهِيَ.
وي
وَيْ كلمةٌ تُذْكَرُ للتَّحَسُّر، والتَّنَدُّم، والتَّعَجُّب،
تقول: وَيْ لعبد الله، قال تعالى:
وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ
[القصص/ 82] وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ
[القصص/ 82] ، وقيل: وَيْ لِزيدٍ، وقيل: وَيْكَ، كان وَيْلَكَ
فحذف منه اللام.
ويل
قال الأصمعيّ: وَيْلٌ قُبْحٌ، وقد يستعمل على التَّحَسُّر.
ووَيْسَ استصغارٌ. ووَيْحَ ترحُّمٌ. ومن قال: وَيْلٌ وادٍ «2»
في جهنّم، فإنه لم يرد أنّ وَيْلًا في اللّغة هو موضوع لهذا،
وإنما أراد من قال الله تعالى ذلك فيه فقد استحقّ مقرّا من
النّار، وثبت ذلك له. قال عز وجل: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا
كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ
[البقرة/ 79] ، وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ [إبراهيم/ 2] ، وَيْلٌ
لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية/ 7] ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ
كَفَرُوا [مريم/ 37] ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا [الزخرف/
65] ، وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين/ 1] ، وَيْلٌ لِكُلِّ
هُمَزَةٍ [الهمزة/ 1] ، يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا
[يس/ 52] ، يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ [الأنبياء/
46] ، يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ [القلم/ 31] .
والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده.
تمّ كتاب الواو
__________
(1) يقال للشيء إذا استرخى. اللسان: (وهي) ، والمجمل 4/ 938.
(2) روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم آله أنه قال:
«الويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ
قعره» أخرجه أحمد 3/ 75، والترمذي (انظر: عارضة الأحوذي 12/ 21
كتاب التفسير، تفسير سورة الأنبياء) وإسناده ضعيف.
وقال الترمذي: حديث غريب.
(1/888)
|