المقنع في رسم مصاحف الأمصار باب ذكر ما رسم
بالألف من ذوات الياء على اللفظ
اعلم إن المصاحف اتفقت على رسم ما كان من ذوات الياء من
الأسماء والأفعال بالياء على مراد الإمالة وتغليب الأصل وسواء
اتّصل ذلك بضمير أو لم يتصل أو لقي ساكنا أو متحركا وذلك نحو "
الموتى، والسلوى، والمرضى، والأسرى، وشتّى، وصرعى، وطوبى،
والحسنى، ولليسرى، وللعسرى، والبشرى، وموسى، وعيسى،
(1/68)
واحدى، واحديهما، واحديهن، وبشريكم، وفي
اخريكم، ومجريها، ومرسيها، والهدى، والهوى، والعمى، وادنى،
وازكى، واربى، وهُدًى، وفتى، ومولى، ومصلّى، ومصفّى، ومسمّى،
وقرى، وعمى، وغزّى، وآبى، وسعى، ورمى، ويتلى، وتدعى، ولاتعرى،
وايكم، واريكم، واتيها، ولايصليها " وشبه إلا في اصل مطّرد
وسبعة أحرف فأن المصاحف لم تختلف في رسم ذلك بالألف فالاصل
المطرد هو ما وقع قبل الياء فيه ياء أخرى نحو قوله " الدنيا،
والعليا، والرؤيا، ورؤياك، ورؤياي، والحوايا، وفأحيا به،
وأحياهم، وأحياكم، أحياها، ومحياهم، ونموت، ونحيا، وامات
واحيا، ومحياي " وما كان مثله حيث وقع كراهة الجمع بين ياءين
في الصورة على انّي وجدت في المصاحف المدينة واكثر الكوفية
والبصرية لتي كتبها التابعون وغيرهم " يبشرى " في يوسف بغير
ياء ولا ألف وكذلك وجدت فيها " وسقيها " في الشمس ووجدت في
بعضها " هدى " و " محيى " و " مثوى " كذلك ووجدت ذلك في اكثرها
بالألف وفي كتاب الغازي بن قيس " هداي " بالف و " محيي " و "
يا بشراي " و " سقيها " بغير ألف ولا ياء.
حدثنا محمد بن على قال حدثنا ابن الانباري قال حدثنا إدريس قال
حدثنا خلف قال سمعت الكسائي يقول انما كتبوا " احيا " بالألف
للياء التي
(1/69)
في الحرف فكرهوا إن يجمعوا بين الياءين قال
وكذلك " الدنيا " و " العليا " فأما قوله " يحيى " إذا كان
اسما نحو قوله " ويحيى وعيسى " و " يحيى خذ الكتب " و " بغلام
اسمه يحيى " وشبه اسمه يحيى " وشبهه من لفظه وقوله في الانفال
" ويحيى من حيَّ عن بيّنة " وقوله في طه وسَبِّحْ " ولا يحيى "
فان ذلك مرسوم بالياء على الإمالة فأما قوله " خطينا " وخطيكم
" و " خطيهم " حيث وقع بغير ياء ولا ألف وفي اكثر المصاحف
الألف التي بعد الطاء محذوفة أيضا.
وأما السبعة الأحرف فأولها في إبراهيم " ومن عصاني " وفي سبحان
" إلى المسجد الأقصا " وفي الحج " أنه من تولاه " وفي القصص
ويس " من اقصا المدينة " وفي الفتح " سيماهم " وفي الحاقة "
طغا الماء " ورسم ذلك كذلك على مراد ليس في القرآن غيره وقد
تأملتُ ذلك في مصاحف أهل العراق وعيرها فلم اجد ذلك فيها إلا
بالياء كالحرف الذي في والنازعات سواء ووجدت فيها " كلتا
الجنتين " و " رُسُلنا تَتْرَا " بالألف.
ورسموا في كل المصاحف " على " و " إلى " و " حتّى " بالياء
وكذلك رسموا " يوَيلْتَى " و " يحسرتى " و " ياسفى " و " أنىَّ
" التي بمعنى كيف و " متَى " و " عسى " و " يلى " حيث وقعن.
حدثنا محمد بن علي قال حدثنا محمد بن القسم قال حدثنا ادريس
قال
(1/70)
حدثنا خلف قال سمعت الكسائي يقول " لدا
الباب " كتبت في يوسف بألف قال أبو عمرو واتفّقت المصاحف على
ذلك واختلفت في " لدى الحناجر " في المؤمن فرسم في بعضها
بالياء وفي بعضها بالألف واكثرها على الياء وقال المفسرون معنى
الذي في يوسف " عند " في غافر " في " فلذلك فرق بينهما في
الكتابة وقال النحويون المرسوم بالألف على اللفظ والمرسوم
بالياء لانقلاب الألف ياءً مع الاضافة إلى المكنّى كما رسم "
علىّ " و " الىّ " كذلك.
حدثنا الخاقاني قال حدثنا احمد المكي قال حدثنا علي قال حدثنا
أبو عبيد قال " على " و " لدى " و " إلى " كتبن جميعا بالياء
وأما " حتّى " فالجمهور الأعظم بالياء ورأيتها في بعض المصاحف
بالألف قال أبو عمرو وقد رأيتها أنا في مصحف قديم كذلك بالألف
ولا عمل على ذلك لمخلفة الإمام ومصاحف الأمصار.
وحدثنا محمد بن علي قال حدثنا محمد بن القسم قال حدثنا محمد بن
القسم حدثنا أبي قال حدثنا أبو جعفر النصيبي قال حدثنا ليمس بن
جرير قال حدثنا سعيد بن زيد قال كتبُ لايّوب كتابا فكتبت "
حتّا " بالف فقال اجعلْ " حتا " " حتى " وقال عاصم الجحدري
رأيت في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه " ما طاب لكم " " طيب
" وقال الكسائي رأيت في مصحف أبي بن كعب " وللرجال " و "
جاءتهم رسلهم " و " جياتهم " وجاء امر ربك " وجيا " وقال أبو
حاتم في مصحف أهل مكة " جاء " " جيا " و " جاءتهم " " جياتهم "
كتبتا على الاصل
(1/71)
قال أبو عمرو ولم نجد ذلك كذلك مرسوما في شيء من مصاحف أهل
الامصار وبالله التوفيق. |