الناسخ والمنسوخ لقتادة

ومن [سورة المائدة]
وعن قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ
__________
1 النساء 33. وفي المصحف الشريف "عقدت" بغير ألف وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي. أما عاقدت بألف فهي قراءة باقي السبعة وهم ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر. "ينظر: السبعة في القراءات 233، حجة القراءات 201، الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/388، التيسير في القراءات السبع 96".
2 الأنفال 75.
3 ينظر: ابن حزم 127، النحاس 105، ابن سلامة 36، مكي 191، ابن الجوزي 202، العتائقي 44، ابن المتوج 91.
4 النساء 90.
5 التوبة 5. وينظر: ابن حزم 127، النحاس 108، ابن سلامة 38، مكي 191، وفيه قول قتادة ابن الجوزي 203، العتائقي 44، ابن المتوج 94.

(1/40)


الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً} 1 فنسختها براءة فقال الله عز وجل: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} 2 وقال الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} إلى قوله {وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} 3 فقال عز وجل: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} 4 وهو العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه ونادى علي فيه بالآذان يعني بالآذان أنه قرأ عليهم علي رضي الله عنه سورة براءة5.
وعن قوله عز وجل: {وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} 6 حتى يأتي الله بأمره عز وجل: فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنهم ويصفح ولم يؤمر يومئذ بقتالهم ثم نسخ ذلك بعد في براءة فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} 7 فأمر الله عز وجل: نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقاتلهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية8.
__________
1 المائدة 2.
2 التوبة 5. وينظر ابن حزم 127، النحاس 115، ابن سلامة 40، مكي 218، ابن الجوزي 203، العتائقي 46، ابن المتوج 98.
3 التوبة 17.
4 التوبة 28. وفي الأصل: المشركين، وما أثيتناه من المصحف الشريف.
5 ينظر تفسير الطبري 10/106، أحكام القرآن لابن العربي 913، زاد المسير 3/417.
6 المائدة 13.
7 التوبة 29.
8 ينظر ابن حزم 127، ابن سلامة 41، مكي 232 وفيه قول قتادة، ابن الجوزي 204، العتائقي 46، ابن المتوج 100. ةيلاحظ أن بعض العلماء ذهب إلي أنها منسوخة بآية السيف.

(1/41)


وعن قوله عز وجل: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ} 1 يعني اليهود فأمر الله عز وجل: نبيه صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم أو يعرض عنهم إن شاء ثم أنزل الله عز وجل: الآية التي بعدها {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} 2 فأمر الله عز وجل: نبيه صلى الله عليه وسلم يحكم بينهم بما أنزل الله بعد أن كان رخص له إن شاء أن يعرض عنهم3.
ومن [سورة الأنعام]
وعن قوله عز وجل: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً} 4 ثم أنزل الله في براءة5 فأمر بقتالهم
ومن [سورة الأنفال]
وعن قوله {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} 6 فنسختها الآية التي في براءة {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} 7.
__________
1 المائدة 42.
2 المائدة 48.
3 ينظر: ابن حزم 128، ابن سلامة 41، مكي 234، ابن الجوزي 204، العتائقي 47، ابن المتوج 101. وفي جميعها أن الآية الناسخة هي الآية 49: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ... }
4 الأنعام 70.
5 الآية 5: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} كما ورد عند النحاس 137 ومكي 243 نقلا عن قتادة وذهب إلي ذالك ابن الجوزي أيضا 205. وذهب ابن حزم 128 وابن سلامة 45 والعتائقي 49 وابن المتوج 107 إلي الآية 29 من التوبة: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} .
6 الأنفال 61.
7 التوبة 5. وذكر النحاس 155 ومكي 259 قول قتادة. وذهب إلي ذالك ابن المتوج 121. وهي الآية 29 عند ابن حزم 129 وابن سلامة 49 والعتائقي 51.

(1/42)


وعن / "67 ب" قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} 1 قال فانزلت هذه الآية فتوارث المسلمون بالهجرة فكان لا يرث الأعرابي المسلم من المهاجر المسلم شيئاً ثم نسخ ذلك بعد في سورة الأحزاب فقال عز وجل: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} 2 فخلط الله عز وجل: بعضهم ببعض وصارت المواريث بالملك وعن قوله عز وجل: {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً} 3 يقول: إلى أوليائكم من أهل الشرك وصية لا ميراث لهم فأجاز الله عز وجل: الوصية ولا ميراث لهم4.
ومن [سورة التوبة]
وعن قوله عز وجل: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} 5 ثم أَنزَلَ بعد ذلك في سورة النور فقال: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 6.
__________
1 الأنفال 72.
2 الأحزاب 6. ونقل النحاس 157 ومكي 263 وقول قتادة. ووهم محقق الإيضاح فظنها الآية 75 من الأنفال.
3 الأحزاب 6.
4 ينظر أيضا: ابن حزم 129، ابن سلامة 50، ابن الجوزي 207، العتائقي 52، ابن المتوج 122.
5 التوبة 43. وذكر ابن سلامة 50، وابن المتوج 129 الآية 44 مكان الآية 43 وهي: {لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} .
6 النور 62. وينظر ابن حزم 129، النحاس 168، مكي 274، العتائقي 53.

(1/43)


ومن [سورة النحل]
وعن قوله عز وجل {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} 1.فأما الرزق فهو ما أحل مما يأكلون وينبذون ويخللون ويعصرون وأما السكر فهو خمر الأعاجم فأنزل الله عز وجل: هذه الآية والخمر يومئذ لهم حلال ثم جاء تحريم الخمر في سورة المائدة فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} 2 قرأ إلى آخرها
ومن [سورة الإسراء]
وعن قوله عز وجل: {إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} 3 ثم نسخ منها حرف واحد لا ينبغي لأحد أن يستغفر لوالديه وهما مشركان ولا يقول رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ولكن يخفض لهما جناح الذل من الرحمة ويصاحبهما في الدنيا معروفا وقال عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} 4 هذه الآية نسخت ذلك الحرف5.
وعن قوله عز وجل: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
__________
1 النحل 67ز
2 المائدة 90. وينظر: ابن حزم 130، النحاس 179، ابن سلامة 59، مكي 286، ابن الجوزي 208، العتائقي 57، ابن المتوج 140.
3 الإسراء 23 - 24.
4 التوبة 113.
5 ينظر: ابن حزم 130، النحاس 181، وفيه قول قتادة، ابن سلامة 60، مكي 292، ابن الجوزي 209، العتائقي 58، الن المتوج 144.

(1/44)


حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} 1 وكانت هذه جهدا عليهم لا تخالطوهم في المال ولا في المأكول ثم أنزل الله عز وجل: الآية التي في سورة البقرة {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} 2 فرخص لهم أن يخالطوهم3.
ومن [سورة العنكبوت]
وعن قوله عز وجل: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 4 نهاهم عن مجادلتهم في هذه الآية ثم نسخ ذلك بعد في براءة فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} 5 ولا مجادلة أشد من السيف
ومن [سورة الجاثية]
وعن قوله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} 6 وهم المشركون فأنزل الله عز وجل: للمؤمنين أن يغفروا لهم ثم نسخ ذلك بعد في براءة فقال {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُم} 7.
__________
1 الإسراء 34.
2 البقرة 220.
3 ينظر: النحاس 182 - 183 وفيه قول قتادة. ولم ترد هذه الآية في كتب الناسخ والمنسوخ الأخري. وينظر تفسير الطبري 15/84 والنسخ في القرآن الكريم 752.
4 العنكبوت 46.
5 التوبة 29. وينظر: ابن حزم 132، النحاس 205، ابن سلامة 73، مكي 330 وفيه قول قتادة، ابن الجوزي 210، العتائقي 65، ابن المتوج 170.
6 الجاثية 14.
7 التوبة 5. وجاءت في الأصل: اقتلوا. وما أثبتناه من المصحف الشريف. وينظر ابن حزم 134، النحاس 219 ومكي 355 وفيهما قول قتادة، ابن سلامة 82، ابن الجوزي 212، والعتائقي 72، ابن المتوج 81.

(1/45)


ومن [سورة الأحقاف]
وعن قوله عز وجل: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} 1 قد أعلم الله عز وجل: نبيه صلى الله عليه وسلم ما يفعل به فأنزل الله عز وجل: بيان ذلك فقال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} إلى قوله {نصْراً عَزِيزاً} 2.
عن قتادة عن أنس بن مالك3 إن هذه الآية نزلت4 على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعة من الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مخالطون الحزن والكآبة وقد حيل بينهم وبين مناسكهم فنحروا الهدي بالحديبية فحدثهم أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه أنزلت علي آية أحب إلي من الدنيا جميعاً فتلاها نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من القوم هنيئا مريئا يا نبي الله قد بين الله عز وجل: لك ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله عز وجل بعدها: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً} 5.
حدثنا همام رجل يقال له أبو عبد الله قال سمعت السدي6.
__________
1 الأحقاف 9.
2 الفتح 1 - 3.
3 أنس بن مالك خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم توفي سنة 93هـ "أسد الغابة 1/151، الإصابة 1/126، خلاصة تذهيب الكمال 1/105".
4 ينظر: أسباب نزول القرآن 403 - 405 وفيه رواية قتادة عن أنس لباب النقولفي أسباب النزول198.
5 الفتح 5. وينظر: تفسير الطبري 26/72، تفسير البغوي 6/121، الدر المنثور 6/159. وينظر أيضا: ابن حزم 134، النحاس 219، اب سلامة 82، مكي 356، ابن الجوزي 212، العتائقي 73، ابن المتوج 182.
6 هو إسماعيل بن عبد الرحمن، من رواة الحديث، توفي سنة 127هـ "ميزان الإعتدال 1/236، تهذيب التهذيب 1/313، طبقات المفسرين 1/109"

(1/46)


يقول ما كان في القرآن من خبر فإنما أخبر به العليم الخبير بعلم فليس منه منسوخ إنما هو من الأخبار وأخبر عن الأمم الماضية ما صنعوا وما صنع بهم وعما هو كائن بعد فناء الدنيا فإنما المنسوخ فيما أحل أو حرم.
قال حدثنا همام عن الكلبي1 في هذه الآية {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام رؤيا كأنه مر بأرض ذات شجر ونخل فقال له بعض أصحابه رؤياك التي رأيت فقال {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} أنزل بمكة أو اخرج منها إلى غيرها أو أتحول منها إلى غيرها.
ومن [سورة محمد صلى الله عليه وسلم]
حدثنا همام عن قتادة في قوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} 2 رخص الله لهم أن يمنوا على من شاءوا منهم ويأخذوا الفداء منهم إذا أثخنتموهم ثم نسخ ذلك في براءة فقال {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ3}
ومن [سورة المجادلة]
وعن قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} 4 وذلك أن الناس.
__________
1 هو محمد بن السائب النسابة المفسر، توفي سنة 146هـ "الهرست 145، الوافي بالوفيات 3/83، طبقات المفسرين 2/144".
2 محمد 4.
3 التوبة. وينظر: ابن حزم 134، النحاس 220، ابن سلامة 85، مكي 358، ابن الجوزي 213، العتائقي 73، ابن المتوج 183.
4 المجادلة 12.

(1/47)


كانوا قد أحفوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في المسألة فنهاهم الله عز وجل: عنه وربما قال فمنعهم في هذه الآية فكان الرجل تكون له الحاجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا يستطيع أن يقضيها حتى يقدم بين يدي نجواه صدقة فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: بعد هذه الآية فنسخت ما كان قبلها من أمر الصدقة من نجوى فقال: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} 1 وهما فريضتان واجبتان لا رخصة لأحد فيهما.
ومن [سورة الحشر]
وعن قوله عز وجل: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ / "68 أ" الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} 2 فكان الفيء بين هؤلاء فلما نزلت هذه الآية في الأنفال {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} 3 فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من سورة الحشر فجعل الخمس لمن كان له الفيء وصار ما بقي من الغنيمة لسائر الناس لمن قاتل عليها4.
ومن [سورة الممتحنة]
وعن قوله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ
__________
1 المجادلة 13، وينظر: ابن حزم 135، النحاس 231، ابن سلامة90، مكي 368، ابن الجوزي 213، العتائقي 77، ابن المتوج 190.
2 الحشر 7.
3 الأنفال 41.
4 ينظر ابن حزم 135، النحاس 232، وفيه قول قتادة، ابن سلامة 90، مكي 370 وفيه قول قتادة، ابن الجوزي 213، العتائقي 77، ابن المتوج 191.ويلاحظ أن هناك خلافا فيها.

(1/48)


مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} 1 يعني بذلك كفار نساء العرب إذا أبين أن يسلمن أن يخلى عنهن.
وعن قوله عز وجل: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلوا مَا أَنْفَقُوا} 2 فكن3 إذا فررن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعن4 إلى الكفار الذين بينهم وبين أصحاب رسول الله العهد فتزوجن وبعثن5 بمهورهن إلى أزواجهن من المسلمين فإذا فررن من الكفار الذين بينهم وبين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم العهد فتزوجن وبعثن6 بمهورهن إلى أزواجهن من الكفار فكان هذا بين أصحاب رسول الله وبين أهل العهد من الكفار.
وعن قوله عز وجل: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} 7 فهذا حكمُهُ بين أهل الهدى وأهل الضلالة.
وعن قوله عز وجل: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ
__________
1 الممتحنة 10. وينظر: النحاس 237 – 249، أسباب النزول 451، زاد المسير 8/238، تفسير البغوي والخازن 7/66.
2 الممتحنة 10. وينظر: مكي 176.
3 في الأصل: كان.
4 في الأصل: رجعوا.
5 في الأصل: وبعثوا.
6 في الأصل فبعثوا.
7 الممتحنة 10.

(1/49)


فَعَاقَبْتُمْ} 1 يقول إلى الكفار ليس بينهم وبين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد يأخذون به فغنموا غنيمة إذا غنموا أن يعطوا زوجها صداقها الذي ساق منها من الغنيمة ثم يقسموا الغنيمة بعد ذلك ثم نسخ هذا الحكم وهذا العهد في براءة2 فنبذ إلى كل ذي عهد عهده.
ومن [سورة المزمل]
وعن قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} 3 ففرض الله عز وجل: قيام الليل في أول هذه السورة فقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت أقدامهم فأمسك الله خاتمتها حولا ثوم أنزل الله عز وجل: التخفيف في آخرها قال عز وجل: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} 4 فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من قيام الليل فجعل قيام الليل تطوعا بعد فريضة وقال {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} 5 وهما فريضتان لا رخصة لأحد فيهما.
__________
1 الممتحنة 11. وينظر النحاس 249 ومكي 378 وفيهما قول قتادة.
2 الآية 5. وهي آية السيف.
3 المزمل 1 - 4.
4 المزمل 20.
5 المزمل 20. وينظر ابن حزم 135، النحاس 251، ابن سلامة96، مكي 382، ابن اللجوزي 214، العتائقي 81، ابن المتوج 200وينظر أيضا: زاد المسير 8/388، التسهيل لعلوم التنزيل 4/156.

(1/50)


عن قتادة أن أسباع القرآن1 سبع: الأول إلى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} 2 والثاني3 {إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} 4 والثالث {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} 5 والرابع خاتمة المؤمنين والخامس خاتمة سبأ والسادس خاتمة الحجرات والسابع ما بقى.
قال حدثنا همام عن الكلبي عن أبي صالح6 وسعيد بن جبير7 أنهما قالا إن آخر آية نزلت من القرآن {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} 8.
قال حدثنا همام عن قتادة أن أبي بن كعب9 قال إن آخر عهد القرآن في السماء هاتان الآيتان10 خاتمة براءة {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} 11 إلى آخرها.
__________
1 ينظر: فنون الأفنان 45.
2 النساء 76.
3 في الأصل: الثالث، وهو تحريف.
4 الأنفال 36.
5 الحجر 49 - 50.
6 هو باذام "ويقال: "باذان" مولي أم هاني بنت أبي طالب "تهذيب التهذيب 1/416، خلاصة تهذيب الكمال 1/142".
7 تابعي ثقة، قتله الحجاج سنة 92هـ "طبقات ابن سعد 6/256، الجرح والتعديل 3/1/9، معرفة القراء الكبار56".
8 البقرة 281.
9 صحابي، توفي سنة 21هـ "طبقات ابن خياط 201، حلية الولياء 1/250، طبقات القراء 1/31". ورواية قتادة عن أبي في تفسير الطبري11/78.
10 في الأصل: هاتين الآيتين.
11 التوبة 128.

(1/51)