الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام محققا

باب فضل علم ناسخ القرآن ومنسوخه وتأويل النسخ في التنزيل والآثار
1 - قال (1): حدثنا عبد الرحمن بن مهدي (2) قال: حدثنا سفيان (3) عن أبي حصين (4) عن أبي عبد الرحمن السّلمي (5) أنّ عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه (6) - مرّ بقاصّ يقص فقال: هل علمت الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت (7).
__________
(1) أي أبو عبيد.
(2) عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة، ثبت حافظ، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.
(التقريب 1/ 499).
(3) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، ثقة حافظ فقيه، عابد إمام حجة، من رءوس الطبقة السابعة، وكان ربما دلّس، مات سنة إحدى وستين ومائة وله أربع وستون.
(التقريب 1/ 311).
(4) أبو حصين: هو عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي، ثقة، ثبت سنّي، وربما دلس، مات سنة سبع وعشرين ومائة.
(التقريب 2/ 10).
(5) أبو عبد الرحمن السلمي هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة- بفتح الموحدة وتشديد الياء- الكوفي المقري، ثقة، ثبت، مات بعد السبعين. (التقريب 1/ 408).
(6) علي بن أبي طالب: ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وزوج ابنته، من السابقين الأولين، وأحد العشرة، مات في رمضان سنة أربعين، وهو يومئذ أفضل الأحياء من بني آدم بالأرض بإجماع أهل السنة، وله ثلاث وستون سنة. (التقريب 2/ 39).
(7) روى نحوه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب آداب القاضي «باب: إثم من أفتى أو قضى بالجهل» 10/ 117 - وروى نحوه النحاس في ناسخه المخطوط ورقة 4، ورواه الحافظ ابن أبي خيثمة في كتاب العلم- وقال الألباني: إسناده صحيح علي شرط الشيخين.
انظر: (كتاب العلم للحافظ ابن أبي خيثمة ص 140 تحقيق الألباني).

(1/4)


2 - أخبرنا علي (1)، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: حدثنا محمد بن ربيعة الرؤاسي (2) عن سلمة بن نبيط الأشجعي (3) عن الضحاك بن مزاحم (4) عن ابن عباس (5) أنه رأى قاصا يقص، فقال مثل مقالة علي سواء (6).
3 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح الجهني (7) عن معاوية بن صالح الحضرمي (8) عن على بن
__________
(1) قد مر له ترجمة انظر ص (3).
(2) محمد بن ربيعة الرؤاسي: الكوفي أبو عبد الله ابن عم وكيع، صدوق، من التاسعة، مات بعد التسعين.
(التقريب 2/ 160).
(3) سلمة بن نبيط (بنون موحدة مصغرا) بن شريط الأشجعى، أبو فراس الكوفي، ثقة، يقال اختلط.
(التقريب 1/ 319).
(4) الضحاك بن مزاحم الهلالى أبو القاسم أو أبو محمد الخراساني، صدوق، كثير الإرسال، من الخامسة، مات بعد المائة.
(التقريب 1/ 373).
(5) ابن عباس: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ودعا له الرسول- صلّى الله عليه وسلم- بالفهم في القرآن فكان يسمى البحر، والحبر، لسعة علمه، مات سنة ثمان وستين بالطائف.
(التقريب 1/ 425).
(6) روى نحوه النحاس في مقدمة الناسخ والمنسوخ، المخطوط ورقة 4.
(7) عبد الله بن صالح الجهني: أبو صالح المصري، كاتب الليث، صدوق، كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة، ولد سنة ثلاث وسبعين ومائة، ومات سنة مائتين واثنتين وعشرين، وله خمس وثمانون سنة.
(التهذيب 5/ 256، والتقريب 1/ 423).
(8) معاوية بن صالح بن حدير بن سعيد بن سعد بن فهر الحضرمي الحمصي، أحد الأعلام وقاضي الأندلس، قال يحيى بن معين: ثقة، وقال العجلي والنسائي: ثقة، وقال أبو زرعة: ثقة محدث، وقال ابن
حجر: صدوق له أوهام، مات سنة ثمان وخمسين ومائة.
(التهذيب 10/ 209، والتقريب 2/ 259).

(1/5)


أبي طلحة (1) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً (2). قال أبو عبيد: المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثاله قال: فأما قوله عز وجل: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ (3) فإنه يعني تأويله يوم القيامة لا يعلمه إلا الله (4).
4 - أخبرنا علي قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عز وجل: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ (5). قال: المحكمات ناسخه، وحلاله، وحرامه، وفرائضه، وما يؤمن به ويعمل به، والمتشابهات: منسوخه، ومقدمه، ومؤخره، وأمثاله، وأقسامه، وما يؤمن به ولا يعمل به قال: وقال ابن عباس في قوله عزّ وجل:
ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ (6) قال: ما نبدّل من آية، أو (ننسها) قال: نتركها لا نبدّلها. قال: وقول الله عز وجل: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ (7) يقول:
__________
(1) علي بن أبي طلحة: اسمه سالم بن المخارق الهاشمي، يكنّى أبا الحسن، أصله من الجزيرة وانتقل إلى حمص، روى عن ابن عباس ولم يسمع منه بينهما مجاهد وأبو الوداك جبر بن نوف وراشد بن سعد المقرئي والقاسم بن محمد وغيرهم، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: صدوق قد يخطئ، مات سنة ثلاث وأربعين ومائة. (التهذيب 7/ 339، والتقريب 2/ 39).
قال السيوطي في إتقانه: فمن جيدها- أي طرق الرواية عن ابن عباس- طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي عنه، ثم قال: وقال قوم: لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد ابن جبير، قال ابن حجر: بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير في ذلك.
(الإتقان 2/ 241).
(2) البقرة آية (269).
(3) آل عمران آية (7).
(4) رواه الطبري مفرقا في جامع البيان ج 5، 6 الأثر (6177، 6623) ص 576، 199 تحقيق أحمد ومحمود محمد شاكر.
(5) آل عمران آية (7).
(6) البقرة آية (106).
(7) الرعد آية (39).

(1/6)


يبدل من القرآن ما يشاء فينسخه ويثبت ما يشاء فلا يبدله. وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (1) يقول: وجملة ذلك عنده في أم الكتاب، الناسخ والمنسوخ (2).
5 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج (3) عن ابن جريج (4) عن مجاهد (5) في قوله عز وجل: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها قال: نثبت خطها ونبدل حكمها (6).
6 - قال: وقال عطاء (7) قوله عز وجل: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ يقول:
__________
(1) الرعد آية 39.
(2) روى نحوه الطبري في جامع البيان- البقرة ج 2 أثر (1747) و (1759) ص 473، 476، الرعد ج 16 أثر (20489) ص 485 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(3) حجاج بن محمد المصيصي (بكسر الميم وتشديد الصاد ويقال بفتح الميم وتخفيف الصاد) أبو محمد مولى سليمان بن مجالد وهو ترمذي الأصل، سكن بغداد ثم تحول إلى المصيصة. قال علي بن المديني والنسائي: ثقة، ووثقه مسلم والعجلي، وقال ابن حجر في تقريبه: ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، مات سنة ست ومائتين.
(التهذيب 2/ 205، التقريب 1/ 154).
(4) ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم، أصله رومي. ذكره ابن حبان في الثقات وقال كان من فقهاء أهل الحجاز وقرائهم ومتقنيهم وكان يدلس. وقال في التقريب: ثقة فقيه فاضل وكان يدلس ويرسل مات سنة خمسين ومائة أو بعدها وقد جاوز السبعين، وقيل جاوز المائة.
(التهذيب 6/ 402، التقريب 1/ 520).
(5) مجاهد بن جبر المكي أبو الحجاج المخزومي المقرئ مولى السائب بن أبي السائب، قال ابن معين وأبو زرعة: ثقة. وقال ابن سعد: كان ثقة فقيها عالما كثير الحديث، وقال هو عن نفسه: قرأت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت. وقال في التقريب: ثقة إمام في التفسير وفي العلم، مات سنة إحدى ومائة وله ثلاث وثمانون.
(التهذيب 10/ 42، التقريب 2/ 229).
(6) رواه الطبرى في جامع البيان ج 2 أثر رقم (1750) ص 473 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(7) عطاء بن أبي رباح اسمه أسلم القرشي مولاهم أبو محمد المكى، ذكره ابن حبان في الثقات وقال كان من سادات التابعين فقها وعلما وورعا وفضلا، وقال في التقريب: ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير
الإرسال، من الثالثة، مات سنة أربع عشرة ومائة على المشهور.
(التهذيب 7/ 199، التقريب 3/ 70).

(1/7)


ما نزل من القرآن. قال: وقوله: (أو ننسأها) قال: نؤخرها فلا تكون (1).
قال أبو عبيد: هكذا قراءة عطاء (2).
7 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم (3) ومروان ابن معاوية الفزاري (4) كلاهما عن عبد الملك بن أبي سليمان (5) عن عطاء في قوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها قال: نؤخرها.
8 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يزيد (6) عن جرير
__________
(1) رواه الطبري في جامع البيان بمعناه إلا أنه لم يذكر (فلا تكون) (الطبري ج 2 الأثر رقم (1763) ص 477 تحقيق محمود وأحمد شاكر).
(2) أي بفتح النون الأولى وإسكان الثانية وفتح السين وهمزة بعدها.
(3) هشيم: بالتصغير ابن بشير (بوزن عظيم) ابن القاسم بن دينار السلمي، أبو معاوية بن أبي خازم، بمعجمتين، الواسطي، ثقة، ثبت، كثير التدليس، والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين ومائة وقد قارب الثمانين.
(التقريب 2/ 320).
(4) مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصن الفزارى أبو عبد الله الكوفي الحافظ، سكن مكة ودمشق، قال الذهبي في ميزانه: ثقة عالم صاحب حديث لكن يروي عمن دب ودرج فسيتأنى في شيوخه، وقال ابن نمير: كان يلتقط الشيوخ من السكك، وقال في التقريب: ثقة حافظ وكان يدلس أسماء الشيوخ، مات سنة ثلاث وتسعين ومائة.
(التهذيب 10/ 98، الميزان 4/ 94، التقريب 2/ 239).
(5) عبد الملك بن أبي سليمان: ميسرة العرزمي، بفتح المهملة وسكون الراء وبالزاي المفتوحة، صدوق له أوهام، من الخامسة، مات سنة خمس وأربعين ومائة.
(التقريب 1/ 519).
(6) يزيد بن أبي حبيب اسمه سويد الأزدي مولاهم، أبو رجاء المصري، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال العجلي: مصري تابعي ثقة، وقال ابن سعد:
كان أول من أظهر العلم بمصر والكلام في الحلال والحرام، مات سنة ثمان وعشرين ومائة، وقال في التقريب: ثقة فقيه وكان يرسل.
(التهذيب 11/ 318، التقريب 2/ 363).

(1/8)


ابن حازم (1) عن حميد الأعرج (2) عن مجاهد مثل قول عطاء: (ننسأها) نؤخرها (3).
9 - أخبرنا علي قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج (4) عن ابن جريج عن مجاهد وعطاء أنهما قرءاها: (ما ننسخ من آية أو ننسأها) (5).
10 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (6) عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير (7) عن علي الأزدي (8) عن عبيد بن عمير الليثي (9) أنه قرأها كذلك: (أو ننسأها) (10).
__________
(1) جرير بن حازم بن عبد الله بن شجاع الأزدي ثم العتكي أبو النضر البصري، ثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضعف وله أوهام إذا حدث من حفظه، ولم يحدث في حال اختلاطه، مات سنة مائة وخمس وسبعين.
(التهذيب 2/ 69، التقريب 1/ 127).
(2) حميد الأعرج: هو حميد بن قيس الأعرج المكي أبو صفوان القارئ الأسدي مولاهم، قال ابن حجر: ليس به بأس، مات سنة مائة وثلاثين.
(التهذيب 2/ 46، التقريب 1/ 203).
(3) رواه الطبري في جامع البيان بلفظ «أو ننسأها» نرجئها ونؤخرها.
(الطبري ج 2 الأثر (1765) ص 477 تحقيق محمود وأحمد محمد شاكر).
(4) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(5) رواه الطبري في جامع البيان ج 2 الأثران (1763) و (1765) ص 477 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(6) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(7) عبد الله بن كثير الداري المكي أبو معبد القاري مولى عمرو بن أبي علقمة الكناني قال علي بن المديني: كان ثقة، وقال ابن عيينة: لم يكن بمكة أقرأ منه ومن حميد بن قيس، وقال في التقريب: صدوق.
(التهذيب 5/ 367، التقريب 1/ 442).
(8) علي الأزدي: هو علي بن عبد الله الأزدي أبو عبد الله بن أبي الوليد البارقي، قال الذهبي:
احتج به مسلم، ما علمت لأحد فيه جرحة وهو صدوق. وقال ابن حجر: صدوق ربما أخطأ، من الثالثة.
(التهذيب 7/ 358، الميزان 3/ 142 - التقريب 2/ 40).
(9) عبيد بن عمير الليثي: هو عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، أبو عاصم المكي، ولد على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم، قاله مسلم، وعدّه غيره في كبار التابعين، وكان قاصّ أهل مكة، مجمع على ثقته، مات قبل ابن عمر، قال ابن حبان في الثقات مات سنة 68.
(التهذيب 7/ 71، التقريب 1/ 544).
(10) رواه الطبري في جامع البيان- بلفظ: (أو ننسأها) إرجاؤها وتأخيرها.
انظر: (جامع البيان ج 2 ص 477 أثر (1767) تحقيق محمود وأحمد شاكر).
قلت: قد اجتمع في رواية الطبري الأمران القراءة والتفسير لها.

(1/9)


قال أبو عبيد فمن قرأ هذه القراءة التي قرأ بها عبيد بن عمير ومجاهد وعطاء وكثير عن القراء، منهم أبو عمرو بن العلاء (1) وغيره من أهل البصرة فإنهم يريدون بالنسخ ما نسخه الله عز وجلّ لمحمد- صلّى الله عليه- من اللوح المحفوظ فأنزله عليه. فيصير المنسوخ على هذا التأويل وبهذه القراءة جميع القرآن (2) يقولون: لأنه نسخ للنبي- صلّى الله عليه- من أم الكتاب فأنزله عليه، ويكون النسأ: ما أخره الله عز وجل وتركه في أم الكتاب فلم ينزله، وكذلك النسأ في التأويل إنما هو التأخير، ومنه قوله عز وجل: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ (3) هو في التفسير تأخيرهم تحريم المحرّم إلى صفر.
وكذلك حديث النبي- صلّى الله عليه- «من سرّه النسيء في الأجل والمدّ في الرزق فليصل رحمه» (4).
11 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال سمعت عبّاد بن عبّاد المهلبي يحدثه عن يزيد الرّقاشي عن أنس عن النبي- صلّى الله عليه.
قال أبو عبيد: فهذا الذي أراد عطاء (5) بقوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ قال: ما نزل من القرآن، وبقوله: (أو ننسأها) قال نؤخرها.
قال أبو عبيد: وهو مذهب من قرأ بهذه القراءة وتأول هذا التأويل.
__________
(1) أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن الحصين المازني النحوي البصري المقري، أحد الأئمة القراء السبعة. قال في التقريب: ثقة من علماء العربية من الخامسة، مات سنة أربع وخمسين وهو ابن ست وثمانين سنة.
(التهذيب 12/ 178، التقريب 2/ 454).
(2) كتبت في المخطوط «القراء» وكتب في هامشه صواب ذلك «القرآن» فأعدنا الصواب إلى مكانه في النص.
(3) التوبة آية (37).
(4) رواه البخاري في صحيحه بلفظ مقارب ج 3، كتاب البيوع «باب من أحب البسط في الرزق» ص 8، ورواه الإمام أحمد في المسند 5/ 279 ط دار الفكر.
(5) هو عطاء بن أبي رباح.

(1/10)


قال أبو عبيد: وأما الذي نذهب إليه ونختاره فغير ذلك، وهو: أن يكون المنسوخ ما تعرفه الأمّة من ناسخ القرآن ومنسوخه، وتكون القراءة (أو ننسها) بمعنى النسيان، وهي قراءة الأكابر من أصحاب رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- منهم أبيّ ابن كعب (1)، وعبد الله بن مسعود (2)، وسعد بن أبى وقاص (3) وعبد الله بن عباس- على أنه قد اختلف عن ابن عباس فيها- وقرأ بها من التابعين سعيد بن المسيّب (4) والضحاك بن مزاحم وأهل المدينة وأهل الكوفة.
12 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (5) عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن كثير عن مجاهد في قراءة أبيّ بن كعب (ما ننسخ من آية أو ننسك) (6).
__________
(1) أبيّ بن كعب: بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن النجار الأنصاري الخزرجي، أبو المنذر، سيد القراء من فضلاء الصحابة اختلف في سنة موته فقيل سنة تسع عشرة، وقيل سنة اثنتين وثلاثين وقيل غير ذلك.
(التقريب 1/ 48).
(2) عبد الله بن مسعود بن غافل، بمعجمة وفاء، ابن حبيب الهذلي أبو عبد الرحمن، من السابقين الأولين، ومن كبار علماء الصحابة، مناقبه جمة، أمّره عمر على الكوفة، مات سنة اثنتين وثلاثين بالمدينة.
(التقريب 1/ 450).
(3) سعد بن أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري أبو إسحاق، أحد العشرة، وأول من رمى بسهم في سبيل الله، ومناقبه كثيرة، مات بالعقيق، سنة خمس وخمسين على المشهور، وهو آخر العشرة وفاة.
(التقريب 1/ 290).
(4) سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات، الفقهاء الكبار، اتفقوا على أن مرسلاته من أصح المراسيل، قال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه، مات بعد التسعين، وقد ناهز الثمانين.
(التقريب 1/ 305).
(5) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(6) أورده السيوطي في الدّر المنثور 1/ 255 وعزاه إلى أبي داود في ناسخه.

(1/11)


13 - قال أبو عبيد: والذي يروى عن عبد الله (ما ننسك من آية أو ننسخها) يحدثون بذلك عن قرّة بن خالد (1) عن الضحاك عن ابن مسعود (2).
14 - وقرأها الضحاك أَوْ نُنْسِها (3) على ذلك التأويل.
15 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا يعلى بن عطاء (4) عن القاسم بن ربيعة بن قانف الثقفي (5) قال: سمعت سعد بن أبى وقاص يقرأ: (ما ننسخ من آية أو تنسها) (6). قال: فقلت له:
إن سعيد بن المسيّب يقرأ: (أو ننسها) أو (ننسها) - شك أبو عبيد- فقال: إن القرآن لم ينزل على آل المسيّب، وقال الله عز وجل لنبيه- صلّى الله عليه-: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (7) وَاذْكُرْ (8) رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ (9).
__________
(1) قرّة بن خالد السدوسي البصري، ثقة، ضابط، مات سنة خمس وخمسين.
(التقريب 2/ 125).
(2) أورده السيوطي في الدّر المنثور 1/ 255 وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(3) رواه الطبري في جامع البيان ج 2 الأثر رقم (1761) ص 476 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(4) يعلى بن عطاء العامري ويقال الليثي الطائفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة عشرين ومائة أو بعدها.
(التقريب 2/ 378).
(5) القاسم بن عبد الله بن ربيعة بن قانف الثقفى، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: مقبول.
(التهذيب 8/ 320، والتقريب 2/ 117).
(6) في المخطوط بنون بدل التاء: (أو ننسها)، والصواب بالتاء كما يدل على ذلك سياق الأثر وهي كذلك عند الطبري في جامع البيان.
(7) سورة الأعلى آية (6).
(8) كتب الآية في المخطوط بزيادة «اسم» خطأ، والصواب بدونها.
(9) الكهف آية (24).

(1/12)


16 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال حدثنا إسماعيل بن جعفر (1) عن أبي جعفر القاري (2) وشيبة بن نصاح (3) ونافع بن أبي نعيم (4) أنهم قرءوها: أَوْ نُنْسِها (5).
قال أبو عبيد: وكذلك قرأ الكوفيون.
قال أبو عبيد: والمعنى في قراءة هؤلاء إنما هو مأخوذ من النسيان. قال:
وإن كان بعضهم أضافه إلى النبى- صلّى الله عليه- وبعضهم أخبر أن الله عز وجل فعل ذلك به، وليس بين القولين اختلاف. لأنه ليس يفعل النبى- صلّى الله عليه- إلا ما وفقه الله عز وجل له، فإذا أنساه نسي، إلا أن ابن عباس خاصة أراد بالنسيان الترك في الحديث الذى ذكرناه عنه في قوله عز وجل: أَوْ نُنْسِها قال: نتركها فلا نبدّلها، فكأنه جعله مثل قوله:
__________
روى نحوه الطبري جامع البيان ج 2 الأثر (1755) ص 474، 475، ت محمود وأحمد محمد شاكر.
وروى نحوه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. (المستدرك مع التلخيص ج 2، كتاب التفسير/ ص 242).
(1) إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي مولاهم، أبو إسحاق القاري، ثقة، ثبت، من الثامنة، مات ببغداد سنة ثمانين ومائة.
(التهذيب 1/ 287، والتقريب 1/ 68).
(2) أبو جعفر القاري: المدني، المخزومي، مولاهم، اسمه يزيد بن القعقاع، ثقة، من الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومائة.
(التقريب 2/ 406).
(3) شيبة بن نصاح: بكسر النون بعدها مهملة وآخره مهملة، القاري، المدني، القاضي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ثلاثين ومائة.
(التهذيب 4/ 378 - والتقريب 1/ 357).
(4) نافع بن أبي نعيم: هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ المدني، مولى بني ليث، صدوق، ثبت في القراءة، مات سنة تسع وستين ومائة.
(التهذيب 10/ 408 - والتقريب 2/ 296).
(5) لم أقف على تخريج هذا الأثر بعد طول البحث في مظانه، اللهم إلا أن الطبري في جامع البيان قال في تأويله لآية أَوْ نُنْسِها: اختلفت القراءة في قوله ذلك. فقرأها أهل المدينة والكوفة (أو ننسها).
(جامع البيان 2/ 473 تحقيق محمود وأحمد محمد شاكر).

(1/13)


كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (1) وكقوله عز وجل: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ (2) هو في التفسير الترك، لأن الله عز وجل لا يضل ولا ينسى، فهذا فصل ما بين التأويلين والقراءتين في النسأ والنسيان.
وأما النسخ: فإن له ثلاثة مواضع في الكتاب والسنة ولكلها شواهد ودلائل، فأحدها: نسخ القرآن مما يعمل به، وهو علم الناسخ من المنسوخ والشاهد عليه ما فسره ابن عباس في حديثه الذي ذكرناه: أنه إبدال الآية مكان الآية، ثم أوضحه مجاهد فقال: يثبت خطها ويبدل حكمها، فهذا هو المعروف عند العالم أن الآية الناسخة والمنسوخة جميعا ثابتتان في التلاوة وفي خطّ المصحف إلا أن المنسوخة منهما غير معمول بها، والناسخة هي التي أوجب الله عز وجل على الناس اتباعها والأخذ بها.
وأما النسخ الثاني: فأن ترفع الآية المنسوخة بعد نزولها، فتكون خارجة من قلوب الرجال ومن ثبوت الخط والشاهد عليه أحاديث عدّة.
17 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث (3) عن عقيل (4) ويونس (5) عن ابن شهاب (6) قال: أخبرني
__________
(1) في المخطوط بزيادة واو «وكذلك» والصواب بدونها. سورة طه آية/ 126/.
(2) سورة التوبة آية (67).
(3) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري، ثقة، ثبت، فقيه، إمام مشهور، ولد سنة أربع وتسعين ومات يوم الجمعة سنة خمس وسبعين ومائة.
(التهذيب 8/ 464 - والتقريب 2/ 138).
(4) عقيل: (بالضم) بن خالد بن عقيل (بالفتح) الأيلي (بفتح الهمزة بعدها تحتانية ساكنة ثم لام) أبو خالد الأموي مولاهم، ثقة، ثبت، سكن المدينة، ثم الشام ثم مصر، مات سنة أربع وأربعين ومائة على الصحيح.
(التقريب 2/ 29).
(5) يونس: هو ابن يزيد بن أبي النّجّاد الأيلي (بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام) أبو يزيد، مولى آل أبي سفيان، ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا، وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة، مات سنة تسع وخمسين ومائة على الصحيح.
(التقريب 2/ 386).
(6) ابن شهاب: هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري الفقيه

(1/14)


أبو أمامة بن سهل بن حنيف (1) في مجلس سعيد بن المسيب: أن رجلا كانت معه سورة فقام يقرؤها من الليل فلم يقدر عليها، وقام آخر يقرؤها فلم يقدر عليها، وقام آخر يقرؤها فلم يقدر عليها، فأصبحوا فأتوا رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فقال بعضهم: يا رسول الله قمت البارحة لأقرأ سورة كذا وكذا، فلم أقدر عليها، وقال الآخر: يا رسول الله ما جئت إلا لذلك، وقال الآخر: وأنا يا رسول الله، فقال رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-: إنها، أو قال (2): نسخت البارحة (3) وزاد عقيل في حديثه قال: وابن المسيب جالس لا ينكر ذلك.
قال أبو عبيد: فقد تبين في هذا الحديث أن النسخ هو رفع السورة، وكذلك حديثه الآخر.
18 - أخبرنا أبو الحسن علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر الواسطي (4) عن سفيان عن سلمة بن كهيل (5)
__________
أبو بكر الحافظ المدني أحد الأئمة الأعلام وعالم الحجاز والشام، متفق على جلالته وإتقانه، مات سنة خمس وعشرين ومائة.
(التهذيب 9/ 445 - التقريب 2/ 207).
(1) أبو أمامة بن سهل بن حنيف: هو أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري، ولد في حياة النبى صلّى الله عليه وسلم، له رؤية ولم يسمع من النبى صلّى الله عليه وسلم، معدود فى الصحابة، قال ابن سعد: كان ثقة، مات سنة مائة، وله ثنتان وتسعون.
(التهذيب 1/ 264 - التقريب 1/ 64).
(2) كلمة: «أو قال» وضعت فى هامش المخطوط فأعدتها إلى مكانها من النص.
(3) رواه الطحاوي بلفظ مقارب ثم قال بعد إيراده للحديث: قال أبو جعفر: هكذا حدثنا يونس بهذا الحديث فلم يتجاوز به أبا أمامة، وأصحاب الحديث يدخلون هذا في المسند لأن أبا أمامة ممن ولد في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم ويقول أهله: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان سماه أسعد باسم أبي أمامة أسعد بن زرارة.
(مشكل الآثار 2/ 417).
وروى نحوه أيضا ابن الجوزي في نواسخ القرآن «باب أقسام المنسوخ» ج 1 ص 123، تحقيق محمد أشرف علي.
(4) أبو المنذر اسماعيل بن عمر الواسطي: نزيل بغداد، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال في التقريب: ثقة من التاسعة، مات بعد المائة.
(التهذيب 1/ 319 - التقريب 1/ 72).
(5) سلمة بن كهيل: الحضرمي أبو يحيى الكوفي، ثقة، من الرابعة، ولد سنة سبع وأربعين ومات يوم عاشوراء سنة إحدى وعشرين ومائة وقيل اثنتين وعشرين وقيل ثلاث وعشرين.
(التهذيب 4/ 155 - التقريب 1/ 318).

(1/15)


عن ذر (1) عن عبد الرحمن بن أبزى (2) قال: صلّى رسول ..... (3)
موضعه (4)، فهذا هو المستعمل في كلام العوام وله مع هذا شاهد من القرآن.
19 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال حدثنا أبو معاوية (5) عن الأعمش (6) عن حبيب بن أبي ثابت (7) عن سعيد بن جبير (8) عن ابن عباس
__________
(1) ذرّ: بن عبد الله بن زرارة المرهبي، الهمداني، أبو عمر الكوفي (ذرّ بفتح معجمه وشدة راء، والمرهبي: في لب اللباب بضم الميم وسكون الراء وكسر الهاء موحدة نسبة إلى مرهبة بطن من همدان)، قال أحمد بن حنبل: لم يسمع من عبد الرحمن بن أبزى. وقال البخاري: صدوق في الحديث، وقال في التقريب: ثقة، عابد، رمي بالإرجاء، مات قبل المائة.
(التهذيب 3/ 218 - التقريب 1/ 238).
(2) عبد الرحمن بن أبزى (بفتح الهمزة وسكون الموحدة بعدها زاي مقصورا) الخزاعي، مولاهم، صحابي صغير، وكان في عهد عمر رجلا.
(التقريب 1/ 472).
(3) هذا الحديث غير تام في المخطوط إذ سقطت الصفحة التي فيها نص الحديث وما بعده، ولقد بحثت عن هذا الحديث فإذا في مسند الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن داود الواسطي حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن ذرّ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبيّ ابن كعب قال: صلّى بنا النبي- صلّى الله عليه وسلم- الفجر وترك آية، فجاء أبيّ وقد فاته بعض الصلاة، فلما انصرف قال: يا رسول الله نسخت هذه الآية أو أنسيتها، قال: بل أنسيتها. (المسند 5/ 123، ط.
دار الفكر).
(4) الكلام من قوله «موضعه» فما بعده يدل على السقط فيكون الساقط القسم الثالث من النسخ وهو النقل، من نسخت الكتاب نقلته.
(5) أبو معاوية: هو محمد بن خازم (بمعجمتين) أبو معاوية الضرير الكوفي، ثقة، أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، مات سنة خمس وتسعين ومائة، وله اثنتان وثمانون سنة.
(التقريب 2/ 157).
(6) الأعمش: هو سليمان بن مهران الأعمش، ثقة، حافظ، عارف بالقراءة، ورع، لكنه يدلس، مات سنة سبع وأربعين أو ثمان وأربعين ومائة، وكان مولده أول سنة إحدى وستين.
(التقريب 1/ 331).
(7) حبيب بن أبي ثابت: قيس بن دينار، مولاهم، أبو يحيى الكوفي، ذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان مدلسا، مات سنة تسع عشرة ومائة، وقال في التقريب: ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس.
(التهذيب 2/ 178 - التقريب 1/ 148).
(8) سعيد بن جبير: ابن هشام الأسدي أبو محمد الكوفي، قال ابن حبان في الثقات: خرج مع

(1/16)


في قوله عز وجل: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1) قال: قال ابن عباس: ألستم قوما عربا هل تكون النسخة إلا من أصل قد كان قبل ذلك (2).
20 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سعيد بن جبير في قوله: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ (3) قال: الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن، والذكر هو الأصل الذي نسخت منه هذه الكتب (4).
قال أبو عبيد: فهذان الحديثان لا معنى للنسخ فيهما إلا الاكتتاب من شيء في آخر سواه، وإياه أراد عطاء بقوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ قال: هو ما نزل من القرآن.
__________
ابن الأشعث في جملة القراء فلما هزم ابن الأشعث هرب سعيد بن جبير إلى مكة فأخذه خالد القسرى بعد مدة وبعث به إلى الحجاج فقتله سنة خمس وتسعين وهو ابن تسع وأربعين سنة، وقال في التقريب:
ثقة ثبت فقيه.
(التهذيب 4/ 11 - التقريب 1/ 292).
(1) سورة الجاثية آية (29).
(2) رواه الطبري بلفظ مقارب في تفسيره للآية من سورة الجاثية.
(جامع البيان 25/ 95 ط دار المعرفة).
(3) سورة الأنبياء آية (105).
(4) روى الطبري نحوا من معناه.
(جامع البيان 17/ 81 ط دار المعرفة).

(1/17)