الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام محققا

باب المناسك وما جاء فيها من النسخ
قال أبو عبيد: أما مناسك الحج فإنا لا نعلم في التنزيل منها منسوخا ولكنّ فيها سنتين كانتا على عهد رسول الله- صلّى الله عليه- ثم إن الأئمة أو بعضهم رأى فيهما سوى ذلك وهما: فسخ الإحرام ومتعة الحج (1) ولا نرى ترك من تركها كان إلا لأمر علموه ناسخا لما كان قبله أو لشيء كان للنبي- صلّى الله عليه- ولأصحابه دون غيرهم، وبكلّ قد جاءت السنة والأثر. فأما فسخ الإحرام:
308 - فإن أبا بكر بن عيّاش حدثنا عن أبي إسحاق (2) عن البراء بن عازب قال: خرج رسول الله- صلّى الله عليه- وأصحابه وقد أحرمنا بالحج، فلما قدمنا مكة قال: اجعلوا حجكم عمرة، فقال الناس: يا رسول الله قد أحرمنا بالحج كيف نجعله عمرة فقال: انظروا ما آمركم به فاصنعوا (3).
309 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا اسماعيل بن جعفر ويحيى بن سعيد عن جعفر (4) بن محمد (5) عن أبيه عن جابر بن عبد الله
__________
(1) في المخطوط: «ولكن فيها سنن كانا» والصواب ما أثبتناه.
وفي المخطوط «ومتعة النساء» والصواب ما أثبتناه.
(2) هو أبو إسحاق السبيعي.
(3) روى مسلم نحوا من معناه من حديث جابر: صحيح مسلم ج 2 ص 885، كتاب الحج «باب بيان وجوه الإحرام» تحقيق عبد الباقي.
وروى نحوه ابن ماجة في السنن، وقال محمد فؤاد عبد الباقي في تحقيقه: في الزوائد رجال إسناده ثقات، إلا أن فيه أبا إسحاق واسمه عمرو بن عبد الله وقد اختلط بآخره، ولم يتبين حال ابن عياش: هل روى قبل الاختلاط أو بعده فيتوقف حديثه حتى يتبين حاله.
(سنن ابن ماجة ج 2 كتاب المناسك «باب فسخ الحج» ص 993 تحقيق عبد الباقي).
(4) فى الإسناد سقط والصواب ما أثبتناه. وإنما استدللت على ذلك السقط بما أثبته الناسخ في حاشية المخطوط إذ قال: في نسخة أخرى وهو صحيح: إسماعيل بن جعفر ويحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد.
(5) هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالصادق.

(1/166)


قال: خرج رسول الله- صلّى الله عليه- ونحن لا ننوي إلا الحج لا نعرف العمرة، فانطلق رسول الله- صلّى الله عليه- حتى قضى طوافه ثم نادى الناس وهو على المروة والناس تحته: من لم يكن معه هدي، فليحلل وليجعله (1) عمرة، قال: فحل الناس كلهم (2).
قال أبو عبيد: وهذا في حديث طويل في المناسك.
310 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن أبي عدي (3) عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة (4) عن أبي سعيد الخدري قال:
خرجنا مع رسول الله- صلّى الله عليه- نصرخ بالحج صراخا حتى إذا طفنا بالبيت قال: اجعلوه عمرة إلا من كان معه الهدي قال: فأحللنا بعمرة فلما كان يوم التروية أحرمنا بالحج وانطلقنا إلى منى (5).
311 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (6) عن عبد الملك (7) عن عطاء عن جابر وعن ابن جريج عن أبي الزبير (8) عن
__________
(1) قال الناسخ: في نسخة وليجعلها.
(2) روى نحوه مسلم من حديث طويل فى صحيح مسلم ج 2، كتاب الحج «باب حجة النبي- صلّى الله عليه وسلم-» ص 886 تحقيق عبد الباقي. وفي روايته زيادة (فحلّ الناس كلهم وقصّروا إلا النبي- صلّى الله عليه وسلم- ومن كان معه هدي).
وروى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب ما يدل على أن النبي- صلّى الله عليه وسلم- أحرم إحراما مطلقا» ص 7.
(3) هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي.
(4) هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي العوقي البصري.
(5) روى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5 ص 31، كتاب الحج «باب ما يستحب من الإهلال عند التوجه إلى منى».
رواه مسلم بمعناه من رواية جابر بن عبد الله فى صحيح مسلم ج 2، كتاب الحج «باب بيان وجوه الإحرام» ص 884 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
(6) هو يحيى بن سعيد القطان.
(7) هو عبد الملك بن أبي سليمان.
(8) هو محمد بن مسلم.

(1/167)


جابر قال: لما كانت عشيّة التروية وتوجهنا إلى منى وجعلنا ظهورنا إلى مكة لبيّنا بالحج (1).
312 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يزيد (2) عن يحيى بن سعيد (3) أن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته أنها سمعت عائشة تقول:
خرجنا مع رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- لخمس يفين (4) من ذي القعدة ونحن لا نرى إلا الحج فلما قدمنا أو دنونا أمر رسول الله- صلّى الله عليه- من لم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة قالت: فأحلّ الناس كلهم إلا من كان معه هدي (5).
313 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي- صلّى الله عليه- مثل ذلك وزاد فيه قال: قال يحيى فذكرت ذلك للقاسم بن محمد فقال:
جاءتك بالحديث على وجهه (6).
__________
(1) رواه بمعناه مسلم فى صحيحه ج 2، كتاب الحج «باب بيان وجوه الإحرام» ص 884 تحقيق عبد الباقي.
وروى نحوه الإمام أحمد في المسند ج 3 ص 302 ط دار الفكر.
وانظر: الفتح الربانى ج 11، كتاب الحج والعمرة «باب صفة حج النبي صلّى الله عليه وسلم» ص 82.
(2) هو يزيد بن هارون.
(3) هو يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري.
(4) هكذا في الأصل (يفين) بياء وفاء، فيكون من التوفية وهو الإكمال والإتمام. فعلى هذا لا اختلاف في المعنى في (يفين) أو (بقين) إذ دل قولها: على أنهم خرجوا وقد بقي على شهر ذي القعدة أيام خمسة، ليصبح تاما وافيا يدخل بعده العشر من ذي الحجة.
(5) رواه البخاري بلفظ مقارب فى صحيح البخاري ج 2 ص 151، كتاب الحج «باب التمتع والإقران والإفراد».
ورواه مسلم بلفظ مقارب فى صحيح مسلم، كتاب الحج «باب بيان وجوه الإحرام» ج 2 ص 876 تحقيق عبد الباقي.
ورواه البيهقي بلفظ مقارب فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب ما يدل على أن النبي- صلّى الله عليه وسلم- أحرم إحراما مطلقا» ص 5. قلت: وعند مسلم والبيهقي (بقين) بالباء والقاف.
(6) مر تخريجه، وقول القاسم رواه مسلم في الصحيح والبيهقي في السنن.
انظر: المرجع السابق.

(1/168)


314 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى، أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: وحدثنا أبو النضر (1) عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى (2) قال: قدمت على النبي- صلّى الله عليه- وهو بالبطحاء فقال: «بم أهللت؟ قلت: أهللت بإهلال النبي- صلّى الله عليه- فقال: هل سقت من هدي؟ قلت (3): لا قال: طف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أحل» قال: فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ثم أتيت امرأة من قومي فمشطتني وغسلت رأسي فكنت أفتي الناس بذلك في إمارة أبي بكر وإمارة عمر رضي الله عنهما قال: فإني لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال: إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك فقلت: يا أيها الناس من كنّا أفتيناه بشيء فليتّئذ (4). فهذا أمير المؤمنين قادم عليكم فأتمّوا به قال: فقدم فقلت: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي أحدثت في شأن النسك فقال: إن نأخذ بكتاب الله عز وجل فإن الله يقول: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ (5) وإن نأخذ بسنة نبينا- صلّى الله عليه- فإن النبي- صلّى الله عليه- لم يحل حتى نحر الهدي (6).
__________
(1) هو هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي أبو النضر.
(2) قد جاءت رواية أبي عبيد لهذا الحديث من طريقين.
(3) في المخطوط كتبت «قال» والصواب ما أثبتناه.
(4) بين الناسخ في الحاشية المراد بقوله (يتئد) فقال: يعني بقوله فليتئد: أى فليرفق. وقال في النهاية: يقال اتأد في فعله وقوله وتوأد إذا تأنى وتثبت ولم يعجل، واتئد في أمرك أي تثبت.
(النهاية 1/ 178).
(5) سورة البقرة آية 196.
(6) روى نحوه البخاري في صحيحه، كتاب الحج «باب من أهلّ في زمن النبي- صلّى الله عليه وسلم- كإهلال النبي- صلّى الله عليه وسلم-» ج 2 ص 149.
ورواه مسلم، كتاب الحج «باب نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام» ج 2 ص 894، 895 تحقيق محمد عبد الباقي.

(1/169)


315 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (1) عن عبيد الله (2) عن نافع عن ابن عمر عن حفصة قالت: قلت:
يا رسول الله ما للناس أحلوا ولم تحلل أنت من عمرتك فقال: إني لبّدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أحل من الحج (3).
قال أبو عبيد: فقد صحت الأخبار عن رسول الله- صلّى الله عليه- بفسخ الحج إلى العمرة بعد الطواف إلا من ساق الهدي ثم روي عن الخلفاء بعده (4) أنهم كانوا يقيمون على إحرامهم إلى يوم النحر.
316 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن حماد بن سلمة عن ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير أن أبا بكر وعمر كانا يقدمان ملبيين فلا يحلان إلى يوم النحر (5).
__________
(1) هو يحيى بن سعيد القطان.
(2) هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب.
(3) روى نحوه البخاري في صحيحه ج 2، كتاب الحج «باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق» ص 188.
وروى نحوه مسلم في صحيحه، كتاب الحج «باب بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاج المفرد» ج 2 ص 902 تحقيق عبد الباقي.
ورواه البيهقي فى السنن الكبرى، كتاب الحج «باب من اختار القرآن» ج 5 ص 12.
(4) كلمة «بعده» معلقة في هامش المخطوط فأعدتها إلى مكانها من النص.
(5) روى نحوا من معناه مسلم في صحيحه عن عروة قال: أخبرتني عائشة- رضي الله عنها- أن أول شيء بدأ به- تعني رسول الله- حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت، ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن غيره، ثم عمر مثل ذلك. قال النووي في شرح مسلم: يكون تقدير الكلام: ثم حج أبو بكر- رضي الله عنه- فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن غيره:
أي لم يغير الحج ولم ينقله ويفسخه إلى غيره لا عمرة ولا قران.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي ج 8 ص 221. قلت: فعلى هذا تكون رواية مسلم التى أوردناها دالة على ما دلت عليه رواية أبي عبيد من بقاء أبي بكر وعمر محرمين حتى يوم النحر.

(1/170)


317 - أخبرنا على قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا [أبو] معاوية (1) ويحيى بن سعيد (2) عن محمد بن أبي إسماعيل (3) عن عبد الرحمن بن أبي نضرة (4) عن أبيه عن علي: أنه قدم مكة فطاف بالبيت وبين الصفا والمروة لعمرته ثم عاد فطاف بالبيت وبالصفا والمروة لحجته ثم أقام حراما إلى يوم النحر في حديث فيه طول (5).
قال أبو عبيد وأما عثمان وكان من أشدهم في ذلك لأنه كان يغلظ في المتعة فالفسخ أشد ولا نرى الأئمة أجمعوا على ترك الفسخ إلا لأحد الخصلتين اللتين ذكرنا من المنسوخ والخصوصية على أن تبيانه قد جاءنا في حديث مرفوع وغير مرفوع.
__________
(1) في الأصل معاوية ولم أجد من اسمه معاوية ممن روى عنه أبو عبيد إنما أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ولذا لزم إثبات كلمة «أبو» ليستقيم الإسناد.
(2) هو يحيى بن سعيد القطان.
(3) محمد بن أبي إسماعيل بن راشد السلمي المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة اثنتين وأربعين ومائة.
(التقريب 2/ 146).
(4) هو ابن أبي نصر- بصاد وراء في آخره- كما ترجم له ابن حبان في المجروحين فقال:
عبد الرحمن بن أبي نصر بن عمرو شيخ يروي عن أبيه عن على: (القارن يطوف طوافين) منكر الحديث على قلة روايته، يروي عن أبيه المناكير وأبوه مجهول لا يدرى من هو ولا يعلم له من على سماع وفى دون هذا ما يسقط الاحتجاج برواية من هذا نعته.
انظر: المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين لابن حبان ج 2 ص 59 تحقيق محمود إبراهيم زائد.
(5) روى نحوه الدارقطني بأسانيد كلها ضعيفة فى سنن الدارقطني ج 2 ص 263 تحقيق عبد الله هاشم يماني المدني.
وروى نحوه أبو يوسف- يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، كتاب الآثار ص 101 الحج «باب القرآن أثر (483) تحقيق أبي الوقاء».
وقال ابن حجر في الفتح عند كلامه عن طواف القارن: واحتج الحنفية بما روي عن على: أنه جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين ثم قال: هكذا رأيت رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فعل.
وطرقه عن علي عند عبد الرزاق والدارقطني وغيرهما ضعيفة ... ، والمخرج في الصحيحين وفي السنن عنه من طرق كثيرة. الاكتفاء بطواف واحد، وقال البيهقي: إن ثبتت الرواية أنه طاف طوافين فيحمل على طواف القدوم وطواف الإفاضة، وأما السعي مرتين فلم يثبت، وقال ابن حزم: لا يصح عن النبي- صلّى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من أصحابه في ذلك شيء أصلا. أ. هـ- فتح الباري ج 3، كتاب الحج «باب طواف القارن» ص 495 تحقيق الشيخ عبد العزيز بن باز.

(1/171)


318 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثني نعيم بن حماد (1) عن عبد العزيز بن محمد (2) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث ابن بلال بن الحارث (3) عن أبيه بلال بن الحارث المزني (4) قال: قلت يا رسول الله أفسخ الحج لنا خاصة أم لمن بعدنا؟ قال: لا بل لنا خاصة (5).
319 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو معاوية (6) ويزيد (7) عن يحيى بن سعيد (8) عن المرقّع الأسدي عن أبي ذر قال: لم يكن
__________
(1) نعيم بن حماد: ابن معاوية بن الحارث الخزاعي، أبو عبد الله المروزي، نزيل مصر، صدوق يخطئ كثيرا فقيه عارف بالفرائض، من العاشرة، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين على الصحيح، وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه وقال: باقي حديثه مستقيم.
(التقريب 2/ 305).
(2) عبد العزيز بن محمد بن عبيد الداروردي، أبو محمد الجهيني، مولاهم المدني، صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين ومائة.
(التقريب 1/ 512).
(3) الحارث بن بلال بن الحارث المزني المدني، أخرجوا له حديثا واحدا فى فسخ الحج، قال الإمام أحمد: ليس إسناده بالمعروف، وقال في التقريب: صدوق مقبول.
(التهذيب 2/ 137 - التقريب 1/ 139).
(4) بلال بن الحارث المزني، أبو عبد الرحمن المدني، صحابي، مات سنة ستين، وله ثمانون سنة.
(التقريب 1/ 109).
(5) رواه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب من أحرم بنسك فأراد أن يفسخه لم ينفسخ ولم ينصرف إلى غيره» ص 41.
ورواه ابن ماجة في سننه، كتاب الحج «باب من قال: كان فسخ الحج لهم خاصة».
وقال الإمام أحمد: حديث بلال بن الحارث عندي غير ثابت ولا أقول به ولا نعرف هذا الرجل.
وقال أيضا: رأيت لو عرف الحارث بن بلال إلا أنّ أحد عشر رجلا من أصحاب النبي- صلّى الله عليه وسلم- يروون ما يروون من الفسخ، أين يقوم الحارث بن بلال منهم؟.
سنن ابن ماجة ج 2 ص 994 تحقيق عبد الباقي.
وروى نحوه النحاس في ناسخه «باب ذكر الآية السابعة عشرة» ورقة 31 من المخطوط.
(6) هو أبو معاوية محمد بن خازم.
(7) هو يزيد بن هارون.
(8) هو يحيى بن سعيد الأنصاري.

(1/172)


لأحد أن يهل بحج ثم يفسخه بعمرته إلا للركب من أصحاب محمد- صلّى الله عليه- خاصة (1).
320 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذرّ قال: إنما كانت المتعة بالحج لأصحاب محمد- صلّى الله عليه- خاصة. قال: أبو معاوية يعني أن يجعل الحج عمرة (2).
321 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا أبو سعد (3) عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذرّ مثل حديث الأعمش.
قال أبو عبيد: وإلى هذا انتهت العلماء من أهل الحجاز والعراق والشام منهم سفيان والأوزاعي ومالك وأهل الرأي وغيرهم لا يرون للحاج والقارن إحلالا دون يوم النحر حتى قد كان بعضهم ينكر الفسخ ويحدث بخلافه.
322 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس عن أبي الأسود (4) عن عروة عن عائشة قالت:
خرجنا مع رسول الله- صلّى الله عليه- فمنا من أهلّ بالحج ومنا من أهلّ بالحج
__________
(1) رواه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب كراهية من كره القران والتمتع» ص 22.
وروى نحوه مسلم في صحيحه، كتاب الحج «باب جواز التمتع» ج 2 ص 897 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
(2) رواه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الحج «باب جواز التمتع» ص 897 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
ورواه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب كراهية من كره القران والتمتع» ص 22، وليس في روايتهما ذكر لقول أبي معاوية.
(3) هو سعيد بن المرزبان العبسي أبو سعد النفال الكوفي الأعور.
(4) هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود بن نوفل أبو الأسود المدني.

(1/173)


والعمرة ومنا من أهلّ بالعمرة قالت: وأهلّ رسول الله- صلّى الله عليه- بالحج فأمّا من أهلّ بالعمرة فطاف بالبيت وسعى وأحل. وأمّا من أهلّ بالحج أو بالحج والعمرة فلم يحل إلى يوم النحر (1).
323 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنى عبد الرحمن عن مالك عن أبي الأسود عن سليمان بن يسار مثل ذلك إلا أنه لم يذكر إهلال النبي- صلّى الله عليه- قال: عبد الرحمن وكان مالك يأخذ بهذا وينكر قول أهل مكة في متعة الحج.
قال أبو عبيد: ولا نعلم أحدا من الصحابة تمسك بذلك بعد النبى- صلّى الله عليه- إلا ابن عباس فإن الفسخ معروف من رأيه.
324 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (2) عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء (3) عن ابن عباس قال: لا يطوف أحد بالبيت إلا حل قال: قلت: إنما هذا بعد المعرّف (4) فقال: كان ابن عباس يراه قبل وبعد قال: قلت من أين كان يأخذ هذا؟ قال: من أمر رسول الله- صلّى الله عليه- الناس في حجة الوداع أن يحلوا ومن قول الله تبارك وتعالى:
ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (5) (6).
__________
(1) روى نحوه البخاري في صحيحه، كتاب الحج «باب التمتع والإقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي» ج 2 ص 151.
وروى نحوه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الحج «باب بيان وجوه الإحرام الأحاديث» 112، 114، 117 ص 870 وما بعدها.
(2) هو يحيى بن سعيد القطان.
(3) هو عطاء الخراساني.
(4) بعد المعرّف: أي بعد الوقوف بعرفة.
(لسان العرب 9/ 242).
(5) سورة الحج آية 33.
(6) رواه مسلم بلفظ مقارب في صحيحه، كتاب الحج «باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام» ج 2 ص 13 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

(1/174)


325 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (1) عن شعبة عن قتادة قال: سمعت أبا حسان الأعرج (2) يقول: قال رجل من بني بلجهيم (3) يقال له فلان بن عبد لابن عباس ما هذه الفتيا التي قد شغبت (4) الناس أنه من طاف بالبيت فقد حلّ فقال: سنة نبيكم- صلّى الله عليه- وإن رغمتم قال حجاج (5) قال شعبة: أنا أقول: شغبت ولا أدري كيف هي وقال:
حجاج إنما هو شعبت (6) وهي عندي كما قال حجاج يعني أنها: فرّقت بين الناس في الفتيا (7).
قال أبو عبيد: فناس من أهل العلم اليوم يذهبون إلى هذا القول ويرون الفسخ في الحج، وهو مذهب وحجة لولا حديث بلال بن الحارث الذي ذكرناه عن النبى- صلّى الله عليه- ومقالة أبي ذرّ وما مضى عليه السلف من الخلفاء (8) الراشدين المهديين الذين هم أعلم بسنة رسول الله- صلّى الله عليه- وتأويل حديثه ثم قول العلماء بعده.
__________
ورواه البيهقي بلفظ مقارب فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب تعجيل الطواف بالبيت حين يدخل مكة ... » ص 78.
قال النحاس في ناسخه: وهذا القول (أي لزوم التحلل من الإحرام على كل من طاف بالبيت قبل الوقوف أو بعده) انفرد به ابن عباس كما انفرد بأشياء غيره، فأما قوله ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ فليس فيه حجة لأن الضمير للبدن وليست للناس، ومحل الناس يوم النحر على قوله الجماعة، ولهذا سمي يوم الحج الأكبر.
(الناسخ والمنسوخ للنحاس ورقة 31 من المخطوط).
(1) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(2) هو مسلم بن عبد الله البصري أبو حسان الأعرج.
(3) عند مسلم «من بني الهجيم» بتقديم الهاء على الجيم.
(4) شغبت: من الشغب بسكون الغين: تهييج الشر والفتنة والخصام (لسان العرب 1/ 504).
(5) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(6) كتبت في المخطوط «شغيت» بالياء والصواب بالموحدة. قال النووي في شرح مسلم: وممن ذكر الروايتين فيها المعجمة والمهملة أبو عبيد والقاضي عياض، ومعنى المهملة: أنها فرقت مذاهب الناس واوقعت الخلاف بينهم ومعنى المعجمة: خلطت عليهم أمرهم. ا. هـ صحيح مسلم بشرح النووي، ج 8/ ص 229.
(7) رواه مسلم كتاب الحج «باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام» ج 2 ص 912 تحقيق عبد الباقي.
(8) في المخطوط «الخلف» والصواب ما أثبتناه إن شاء الله.

(1/175)


قال أبو عبيد: فهذا ما فى فسخ الحج وأما المتعة:
326 - فإن ابن أبي مريم (1): حدثنا عن مالك بن أنس عن ابن شهاب أن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل (2) حدثه أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس (3) عام حج معاوية وهما يتذاكران التمتع بالعمرة إلى الحج فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله فقال: سعد بئس ما قلت يا ابن أخى فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك فقال سعد: قد صنعها رسول الله- صلّى الله عليه- وصنعناها معه (4).
327 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن سليمان التيمي عن غنيم بن قيس قال: سألت سعد بن أبي وقاص عن متعة الحج فقال: قد فعلناها وهذا يومئذ كافر بالعرش قال: يعني فلانا.
قال أبو عبيد: والعرش بيوت مكة يعني أنه مقيم بها وهو يومئذ كافر (5).
__________
(1) ابن أبي مريم: سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي بالولاء، أبو محمد المصري، ثقة، ثبت فقيه، من كبار العاشرة، مات سنة أربع وعشرين ومائتين وله ثمانون سنة.
(التقريب 1/ 293).
(2) محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي النوفلي المدني، ذكره ابن حبان في الثقات، قال ابن حجر: له فى السنن حديثه عن سعد في التمتع بالعمرة إلى الحج فيه قصة الضحاك بن قيس، قلت: جزم ابن عبد البر بأن الزهري تفرد بالرواية عنه قال: ولا يعرف إلا برواية الزهري عنه وقال في التقريب. مقبول من الثالثة.
(التهذيب 9/ 251 - التقريب 2/ 175).
(3) الضحاك بن قيس: بن خالد بن وهب الفهرى أبو أنيس، الأمير المشهور صحابي صغير، قتل في وقعة مرج راهط سنة أربع وستين.
(التقريب 1/ 373).
(4) رواه مالك في الموطأ، كتاب الحج «باب ما جاء في التمتع» حديث رقم (60) ج 1 ص 344 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
ورواه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب من اختار التمتع بالعمرة إلى الحج» ص 17.
وروى نحوه الترمذي في جامعه وقال: هذا حديث صحيح ج 3، كتاب الحج «باب ما جاء في التمتع» ص 185 تحقيق أحمد شاكر.
(5) رواه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الحج «باب جواز التمتع» ص 898 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

(1/176)


328 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا حجاج (1) عن عطاء (2) عن جابر بن عبد الله أن سراقة بن مالك بن جعشم قال: يا رسول الله عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد قال: بل هي للأبد مرتين أو ثلاثا (3).
329 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا مروان بن شجاع الجزرى عن خصيف بن عبد الرحمن (4) عن عطاء عن جابر عن النبي- صلّى الله عليه- وسراقة مثل ذلك إلا أنه قال (5): قال رسول الله- صلّى الله عليه- «بل هي لأبد الآبدين».
330 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (6) عن جعفر بن محمد (7) عن أبيه (8) عن جابر بن عبد الله عن النبي- صلّى الله عليه- وسراقة مثل ذلك إلا أنه قال: بل هي لأبد أبد وزاد فيه فشبّك رسول الله- صلّى الله عليه- بين أصابعه وقال: «دخلت العمرة فى الحج إلى يوم القيامة».
قال أبو عبيد: وكلمته- صلّى الله عليه- هذه تفسر تفسيرين أحدهما:
أن يكون دخول العمرة في الحج هو الفسخ بعينه وذلك أن يهل الرجل بالحج ثم يحل من حجه بعمرة إذا طاف بالبيت. والآخر: أن يكون دخول العمرة فى الحج
__________
(1) هو حجاج بن أرطاة.
(2) هو عطاء بن أبي رباح.
(3) روى نحوه مسلم في صحيحه عند سياقه لحجة النبى- صلّى الله عليه وسلم- من رواية جابر ج 2، كتاب الحج «باب حجة النبى- صلّى الله عليه وسلم-» ص 888 تحقيق عبد الباقي.
وروى نحوه أيضا البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب ما يدل على أن النبي- صلّى الله عليه وسلم- أحرم إحراما مطلقا» ص 7.
(4) هو خصيف بن عبد الرحمن الجزرى.
(5) قوله: «إلا أنه قال» إلى قوله: «لأبد الآبدين» العبارة كتبت في هامش المخطوط فأعدتها إلى موضعها من النص.
(6) هو يحيى بن سعيد القطان.
(7) هو جعفر الصادق.
(8) هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

(1/177)


هو المتعة نفسها وذلك أن يقرّب الرجل العمرة في أشهر الحج فإذا قضاها وطاف لها وحلق ثم أراد الحج استأنف له إهلالا وإنما جاء هذا لأن العرب كانت في الجاهلية لا تعرف العمرة في أشهر الحج وتنكره أشد الإنكار.
331 - ويروى عن طاوس أنه قال: كان ذلك عندهم من أفجر الفجور (1).
قال: أبو عبيد وبعضهم يروي هذا عن ابن عباس ولذلك روجع النبى صلّى الله عليه- حين أمرهم أن يحلوا بعمرة ومن أجله قال له سراقة: عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد حتى قال فيها النبي- صلّى الله عليه- ما قال ونزل القرآن بالرخصة والإذن فيها وهو قوله: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ.
قال أبو عبيد: ثم سن رسول الله- صلّى الله عليه- القران، بذلك جاء أكثر الآثار.
332 - أخبرنا على قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (2) عن شعبة قال: حدثني حميد بن هلال قال: سمعت مطرّفا (3) يقول: قال: لي عمران بن حصين إني سأحدثك عسى الله أن ينفعك به: إن رسول الله- صلّى الله عليه- جمع بين الحج والعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل القرآن بتحريمه وإنه كان يسلّم علي فلما اكتويت أمسك عني فلما تركته عاد إلي (4).
333 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن أبى
__________
(1) روى نحوه النحاس في ناسخه من قول ابن عباس- قال: حدثنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى قال: حدثنا أبو أسامة عن وهب بن خالد قال: حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس ثم ذكر الأثر بنحوه.
الناسخ والمنسوخ للنحاس: البقرة «باب ذكر الآية السابعة عشرة ورقة 30 من المخطوط».
قلت: لعلها رواية واحدة إذ طاوس رواها عن ابن عباس كما هو عند النحاس.
(2) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(3) هو مطرّف بن عبد الله بن الشخّير العامري.
(4) روى نحوه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الحج «باب جواز التمتع» ص 899 تحقيق عبد الباقي. وقال النووي في شرحه لهذا الحديث: ومعنى الحديث أن عمران بن الحصين رضي الله عنه كانت به بواسير فكان يصبر على المهمات وكانت الملائكة تسلم عليه فاكتوى فانقطع سلامهم عليه ثم ترك الكي فعاد سلامهم عليه. ا. هـ. انظر صحيح مسلم بشرح النووي ج 8/ ص 206.
وروى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب من اختار القران» ص 14.

(1/178)


زائدة (1) عن حجاج بن أرطاة عن الحسن بن سعد (2) عن ابن عباس قال:
أنبأني أبو طلحة (3) أن رسول الله- صلّى الله عليه- جمع بين حج وعمرة (4).
334 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا حميد (5) عن بكر بن عبد الله (6) قال: سمعت أنس بن مالك يقول:
سمعت رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- يلبي بالحج والعمرة قال: بكر فحدثت بذلك ابن عمر فقال: لبى بالحج وحده قال: بكر فلقيت أنس بن مالك فحدثته بقول ابن عمر فقال: ما تعدوننا إلا صبيانا سمعت رسول الله- صلّى الله عليه- يقول:
«لبيك عمرة وحجا» (7).
__________
(1) يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الهمداني (بسكون الميم) أبو سعيد الكوفي ثقة، متقن، مات سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومائة.
(التقريب 2/ 347).
(2) الحسن بن سعد: ابن معبد الهاشمي، مولاهم الكوفي، قال النسائي ثقة، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة من الرابعة.
(التهذيب 2/ 279 - التقريب 1/ 166).
(3) أبو طلحة: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد الأنصاري، أبو طلحة المدني، صحابي جليل وأحد النقباء، شهد العقبة والمشاهد كلها عاش بعد رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- أربعين سنة، وتوفي بالشام سنة إحدى وخمسين.
(التهذيب 3/ 414).
(4) رواه ابن ماجة في سننه، كتاب الحج «باب من قرن الحج والعمرة» ج 2 ص 990 تحقيق عبد الباقى.
وقال محمد فؤاد عبد الباقي: قال في الزوائد: في إسناده حجاج بن أرطاة ضعيف ومدلس وقد رواه بالعنعنة. أ. هـ.
وقال أبو جعفر النحاس في ناسخه: الحجاج بن أرطاة مدلس عمن لقيه وعمن لم يلقه ولا تقوم بحديثه حجة إلا أن يقول: حدثنا وأخبرنا وسمعت.
الناسخ والمنسوخ للنحاس ورقة 32 من المخطوط.
(5) هو حميد بن أبي حميد الطويل.
(6) هو بكر بن عبد الله بن عمرو المزني أبو عبد الله البصري.
(7) رواه الإمام أحمد في المسند 3/ 99 - 100 ط دار الفكر.
ورواه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب من اختار القران» ص 9.
ورواه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الحج «باب في الإفراد والقران بالحج والعمرة» ص 905 تحقيق عبد الباقي.

(1/179)


335 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال أخبرنا يحيى بن أبي إسحاق (1) وعبد العزيز بن صهيب وحميد (2) كلهم عن أنس قال: سمعت رسول الله- صلّى الله عليه- يقول: «لبيك عمرة وحجا» (3).
336 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا سيار (4) عن أبي وائل (5) عن الصّبي بن معبد (6) أنه كان نصرانيا فأسلم فأراد الجهاد فقيل له ابدأ بالحج فأتى أبا موسى الأشعري فأمره أن يهل بالحج والعمرة جميعا ففعل فبينا هو يلبي بهما إذ مرّ يزيد بن صوحان (7) وسلمان بن ربيعة (8)
__________
(1) هو يحيى بن أبي اسحاق الحضرمي.
(2) هو حميد الطويل.
(3) رواه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الحج «باب في الإفراد والقران بالحج والعمرة» ص 905 تحقيق عبد الباقي.
ورواه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب من اختار القران» ص 9.
(4) سيار: أبو الحكم العنزي الواسطي، قال أحمد: صدوق ثقة ثبت في كل المشايخ، وذكره ابن حبان في الثقات، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة، وقال في التقريب: ثقة.
(التهذيب 4/ 291 - التقريب 1/ 343).
(5) هو شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل.
(6) الصبي بن معبد: صبي (بالتصغير) ابن معبد التغلبي، ثقة، مخضرم، نزل الكوفة.
(التقريب 1/ 365).
(7) زيد بن صوحان: ابن حجر العبدي من بني عبد القيس من ربيعة، تابعي من أهل الكوفة، له رواية عن عمر وعلي، كان أحد الشجعان الرؤساء، وشهد وقائع الفتح فقطعت شماله يوم نهاوند، ولما كان يوم الجمل قاتل مع علي حتى قتل.
وقال ابن سعيد: كان ثقة قليل الحديث.
(الأعلام للزركلي 3/ 98 - سير أعلام النبلاء 3/ 528، رقم (133).
قلت: والصواب زيد كما هو كذلك عند رواة هذا الحديث وعند علماء الرجال.
(8) سلمان بن ربيعة بن يزيد بن عمرو بن سهم الباهلي، أبو عبد الله، سلمان الخيل، يقال له صحبه، ولاه عمر قضاء الكوفة، وغزا أرمينية في زمن عثمان فاستشهد سنة خمس وعشرين وقيل بعدها.
(التهذيب 4/ 136 - والتقريب 1/ 314).

(1/180)


فقال أحدهما لصاحبه: لهذا أضل من بعيره فسمعها (1) الصّبي فكبر عليه فلما قدم على عمر ذكر ذلك له فقال له عمر: هديت لسنة نبيك- صلّى الله عليه وسلم- (2).
337 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: وحدثناه أيضا أبو معاوية (3) عن الأعمش عن أبي وائل (4) عن الصبى عن عمرة (5) نحوه إلا أنه لم يذكر أبا موسى في حديثه قال وقال عمر إنهما لا يقولان شيئا هديت لسنة نبيك- صلّى الله عليه-.
338 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن جعفر (6) عن شعبة عن الحكم (7) عن علي بن حسين عن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان بن عفان- رضي الله عنه- وعليا- رضي الله عنه- بين مكة والمدينة وعثمان ينهى عن المتعة أن يجمع بينهما فلما رأى ذلك علي أهلّ بهما فقال: لبيك بحجة وعمرة معا فقال عثمان: تراني أنهى الناس وتفعله قال: لم أكن لأدع سنة رسول الله- صلّى الله عليه- لقول أحد من الناس (8).
__________
(1) قال الناسخ في حاشية المخطوط: وفي نسخة: فسمعهما.
(2) روى نحوه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب الحج «باب من قرن الحج والعمرة» ص 989 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
وروى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى، كتاب الحج ج 4 «باب جواز القران» ج 5 «باب من اختار القران» ص 352، ص 16. قال البيهقي بعد سياقه لهذا الحديث: وهذا الحديث يدل على جواز القران وأنه ليس على جواز بضلال خلاف ما توهمه زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة، لا أنه أفضل من غيره.
ورواه الإمام أحمد في المسند/ وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
المسند ج 1 أول مسند عمر بن الخطاب حديث (83) / تحقيق أحمد شاكر.
(3) هو محمد بن خازم الضرير.
(4) هو شقيق بن سلمة الأسدي أبو وائل.
(5) هي عمرة بنت عبد الرحمن.
(6) هو محمد بن جعفر المدني المعروف ب «غندر».
(7) هو الحكم بن عتيبة.
(8) روى نحوه البخاري في صحيحه ج 2، كتاب الحج «باب التمتع والقران والإفراد بالحج» ص 151.
ورواه البيهقي فى السنن الكبرى ج الرابع والخامس منه «باب جواز القران» «وباب كراهية من كره القران والتمتع» ص 352، 22.

(1/181)


339 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (1) عن شعبة عن قتادة قال: سمعت جري بن كليب (2) يقول: رأيت عثمان ينهى عن المتعة وعلي يأمر بها قال: فأتيت عليّا فقلت: إن بينكما لشرّا أنت تأمر بها وعثمان ينهى عنها فقال: ما بيننا إلا خير ولكن خيرنا أتبعنا لهذا الدين (3).
340 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: وحدثني أبو المنذر إسماعيل بن عمر عن سفيان عن بكير بن عطاء الليثي قال: حدثني حريث بن سليم العذري قال: سمعت عليا يلبي بالحج والعمرة جميعا يبدأ بالعمرة قبل الحج فقال له عثمان: إنك ممن ينظر إليه فقال: أما إني لم أسمع إلا ما سمعت (4).
قال أبو عبيد: وقد كانت عائشة وابن عمر يحدثان عن النبي- صلّى الله عليه- أنه أهل بالحج وحده والثبت عندنا أنه قرن لأن من رواه أكثر، منهم عمر حين قال للصبي بن معبد وقد قرن بينهما: هديت لسنة نبيك- صلّى الله عليه- على أن بعض الناس تأوله على الدّعاء للصبي وليس هذا عندنا موضع دعاء لأنه إنما جاءه مستفتيا، فكيف يجيبه داعيا، وكذلك قول علي لعثمان:
لم أكن لأدع سنة رسول الله- صلّى الله عليه- لقول أحد، ومنهم أبو طلحة وعمران بن حصين وأنس بن مالك وقد ذكرنا أحاديثهم مع أن رواية من روى الحج خاصة لا ترد رواية الآخرين ولكن هؤلاء حفظوا ما حفظ أولئك وزادوا عليهم شيئا لم يحفظوه، وهذا مثل من روى عن النبي- صلّى الله عليه- أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع، ولم يحفظ الآخرون
__________
(1) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(2) جري: (تصغير جرو) بن كليب السدوسي البصري، مقبول من الثالثة.
(التقريب/ 1/ 128/.).
(3) لم أتمكن من تخريجه.
(4) روى نحوه ابن أبي شيبة وليس في روايته ذكر: أما إنى لم أسمع إلا ما سمعت.
المصنف ج 4، كتاب الحج «باب في الرجل يهل بالحج والعمرة بأيهما يبدأ» ص 99 تحقيق أحمد مختار الندوي.

(1/182)


إلا في التكبيرة الأولى فليست واحدة من الروايتين برادّة للأخرى إلا أنّ الذين حفظوا الزيادة أولى بالاتباع. إنما هذا كرجلين شهدا على رجل أنه أقرّ لصاحبه بألف درهم وشهد آخران أنّه أقر له في ذلك المجلس بألف ومائة وكلا الفريقين في العدالة سواء، أفلست ترى أن شهادة الذين زادوا أوجب من أجل أنّ الأولى لم تكذبهم ولكن هؤلاء زادوا ما لم يحفظ أولئك فكذلك رواية أصحاب النبي- صلّى الله عليه- في رفع اليدين وفى تلبيته بالعمرة مع الحج، إنما الثبت عندنا من حفظ الزيادة فوجدنا متعة الحج في كتاب الله عز وجل ووجدنا قران الحج والعمرة في سنة رسول الله- صلّى الله عليه- ويلزم من أنكر القران أن يبطله البتة لأن الله تبارك وتعالى إنما أنزل في كتابه المتعة ولا نعلم للقرآن أصلا إلا سنة النبى- صلّى الله عليه وسلم- وإنما القران والمتعة هما تخفيف من الله عز وجل ورخصة إذ رضي من عباده فيهما بسفر واحد يبين ذلك حديث يروى عن ابن عمر.
341 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم (1) ومروان بن معاوية (2) عن عبد المؤمن الأزدي (3) قال: سمعت ابن عمر وسأله رجل عن امرأة صرورة (4) لم تحج، أتعتمر في حجها؟ قال: نعم.
إن الله عز وجل جعل ذلك رخصة لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام (5).
__________
(1) هو اسماعيل بن إبراهيم بن علية.
(2) هو مروان بن معاوية الفزاري.
(3) عبد المؤمن الأزدي: هو عبد المؤمن بن أبي شراعة الجلاب، أبو بلال الأزدي، قال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن عبد المؤمن فقال: لم يكن به بأس إذا جاءك بشيء تعرفه، وقال يحيى ابن معين: عبد المؤمن بن أبي شراعة: ثقة.
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 6/ 65.
(4) صرورة: بفتح الصاد وضم الراء الأولى: أصله من الصر: الحبس والمنع والمراد به هنا: امرأة لم تحج قط.
غريب الحديث لأبي عبيد 3/ 98 - والنهاية لابن الأثير 3/ 22.
(5) روى نحوه بن أبي حاتم في تفسيره: البقرة قوله تعالى: لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ج 1 ورقة 132 من المخطوط.

(1/183)


قال أبو عبيد: وقد كان بعض أهل العلم يتأول هذه الآية على الرخصة لأهل مكة خاصة في سقوط دم المتعة عنهم إن هم تمتعوا وقرنوا وإنّ الذي تأوله عمر خلاف ذلك ألا ترى أنه إنما جعل الآية تغليظا على أهل مكة ورخصة لسائر الناس سواهم فأراد أن الله عز وجل لم يأذن لأهل مكة في المتعة البتة لقوله:
ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، يقول: ليس لهم التمتع، وذهب الآخرون إلى أن لهم أن يتمتعوا ولا دم عليهم.
قال أبو عبيد: فالذي عندنا أنه ليس للتأويل وجه إلا قول ابن عمر من أجل أن من بعدت داره عن مكة إذا أخطأتهم الرخصة في المتعة والقران لم يجدوا بدّا من خلتين إحداهما: أن يعتمروا قبل أشهر الحج ثم يقيموا بمكة حتى يحجوا وفي ذلك طول الثوى والاغتراب عن الأوطان، والخلة الأخرى: أن ينصرفوا بعد العمرة إلى منازلهم ثم ينشؤا للحج سفرا ثانيا في أوانه وكلتا الخلتين فيهما مشقة وأذى، فأذن الله عز وجل لهم في الجمع بين الحج والعمرة في سفر واحد بمتعة أو قران مع إقامة يسيرة، وأخرج أهل مكة من هذه الرخصة لأنهم مقيمون في أهليهم لا يتجشّمون سفرا ولا يطول بهم اغتراب عن وطن فلم يجعل لهم أن يعتمروا في أشهر الحج.
قال أبو عبيد: وإنما نهي عمر بن الخطاب عن هذه المتعة فإن ذلك لم يكن منه على وجه التحريم ولا الكراهة لها، وكيف يأباها وهي في الكتاب والسنة جميعا ولكنه كان منه على وجه الاختيار، وذلك لخلال شتى:
إحداهنّ: الفضيلة ليكون الحج في أشهره المعلومة له وتكون العمرة في غيرها من الشهور.
والخلة: الثانية: أنه أحبّ عمارة البيت وأن يكثر زواره في غير الموسم.
والثالثة: أنه أراد إدخال المرفق (1) على أهل الحرم بدخول الناس إليهم وكل هذه الوجوه قد جاءت بها الأخبار عنه مفسّرة.
__________
(1) هكذا هي في المخطوط.

(1/184)


342 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (1) عن عبيد الله (2) عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: إن تقرنوا (3) بين الحج والعمرة فتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج أتمّ لحج أحدكم وأتمّ لعمرته (4).
343 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل (5) عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: كان عمر يقول إن الله عز وجل قال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وقال:
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (6) فأخلصوا أشهر الحج للحج واعتمروا فيما سواها من الشهور وذلك أن من اعتمر في أشهر الحج لم تتم عمرته إلا بهدي ومن اعتمر في غير أشهر الحج تمت عمرته إلا أن يحب أن يتطوع بهدي غير واجب (7).
قال أبو عبيد: فهذا موضع التفضيل وأما عمارة البيت والنظر لأهل البلد:
344 - فإن أبا معاوية (8) حدثنا عن هشام بن عروة عن أبيه قال: إنما كره عمر العمرة في أشهر الحج إرادة أن لا يعطّل البيت في غير أشهر الحج (9).
__________
(1) هو يحيى بن سعيد القطان.
(2) هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب.
(3) هكذا في المخطوط والصواب «تفصلوا» كما في رواية البيهقي.
(4) رواه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب من اختار الإفراد ورآه أفضل» ص 5.
(5) هو عقيل الأيلي.
(6) سورة البقرة آية 197.
(7) روى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب كراهية من كره القران» ص 21.
(8) هو محمد بن خازم أبو معاوية.
(9) روى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب كراهية من كره القران» ص 21.

(1/185)


345 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا أبو بشر (1) عن يوسف بن ماهك (2) قال: إنما نهى عمر عن المتعة لمكان أهل البلد ليكون موسمان في عام واحد فيصيبهم من منفعتهما (3).
قال أبو عبيد: وقد جاءنا عنه أوسع من هذا، إيثار المتعة على غيرها وكذلك يروى عن ابن عمر.
346 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن طاوس عن ابن عباس قال: سمعت عمر يقول:
لو اعتمرت ثم اعتمرت ثم حججت لتمتعت (4).
347 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن جعفر (5) عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن طاوس عن ابن عباس أنه سمع عمر يقول ذلك.
348 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى (6) عن عبيد الله (7) عن نافع عن ابن عمر قال: لأن أعتمر في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة، في شهر يجب عليّ فيه الهدي أحبّ إليّ من أن أعتمر في شهر لا يجب عليّ فيه الهدي (8).
__________
(1) أبو بشر: جعفر بن إياس بن أبي وحشيّة، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس وعشرين ومائة.
(التقريب 1/ 129).
(2) يوسف بن ماهك بن بهزاد، بضم الموحدة وسكون الهاء بعدها زاي، الفارسي المكي، ثقة، من الثالثة، مات سنة ست ومائة.
(التقريب 2/ 382).
(3) روى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب كراهية من كره القران» ص 21.
(4) لم أتمكن من تخريجه.
(5) هو محمد بن جعفر المدني المعروف ب «غندر».
(6) هو يحيى بن سعيد القطان.
(7) هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب.
(8) روى نحوه مالك في الموطأ ج 1، كتاب الحج «باب ما جاء في التمتع» ص 344 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
وروى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج 4 ص 345، كتاب الحج «باب العمرة في أشهر الحج».
ورواه بمعناه الطبري فى جامع البيان ج 4 ص 119 أثر (3551) تحقيق محمود وأحمد محمد شاكر.

(1/186)


قال أبو عبيد: فهذا ما جاء في المتعة من الرخصة وقد أباها مع هذا قوم علماء واختار بعضهم أن تختص العمرة بسفر ويفردونها به.
349 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: سألت ابن مسعود عن امرأة أرادت أن تجمع مع حجها عمرة فقال: أسمع الله عز وجل يقول: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ما أراها إلا أشهر الحج (1).
350 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (2) عن شعبة بإسناده مثله.
351 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم النخعي عن ابن أذينة أو عن أذينة (3) قال: أتيت عمر فسألته عن تمام العمرة فقال: ائت عليا فسله قال: فأتيت عليا فسألته فقال: أن تحرم من حيث أبدأت، من دويرة أهلك (4).
قال أبو عبيد: لا نرى عليا أراد أن يجعل وقت الإحرام من بلده، كان أفقه من أن يريد هذا لأنه خلاف سنة رسول الله- صلّى الله عليه- في المواقيت
__________
(1) رواه الطبري فى جامع البيان ج 4 ص 119 أثر (3552) تحقيق محمد وأحمد شاكر.
(2) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(3) ابن أذينة أو أذينة: أبو العالية البرّاء (بالتشديد) البصري، اسمه زياد وقيل كلثوم وقيل أذينة وقيل ابن أذينة، ثقة، من الرابعة، مات في شوال سنة تسعين.
(التقريب 2/ 443).
(4) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 4 البقرة أثر (3193) ص 8 تحقيق محمود وأحمد شاكر.
وروى نحوه أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، كتاب الآثار الحج «باب القران» أثر (484) ص 101 تحقيق أبي الوفاء.
وروى نحوه البيهقي فى السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج «باب من استحب الإحرام من دويرة أهله» ص 30.
وروى نحوه الحاكم فى المستدرك وقال فى صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبى فى المستدرك ج 2، كتاب التفسير آية وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ البقرة ص 276.

(1/187)


ولكنا نحسبه ذهب إلى أن يخرج من منزله ناويا للعمرة خالصة لا يخلطها بحج ولكن يخلص لها سفرا ثم يحرم متى ما شاء، وقد روي عن أبي ذر مثل ذلك.
352 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو النضر (1) عن المسعودي عن عبد الرحمن بن الأسود (2) عن أبيه (3) قال: خرجنا عمّارا فلما انصرفنا مررنا بأبي ذر فقال: أحلقتم الشعر وقضيتم التفث (4) أما إن العمرة من مدركم (5)، (6).
قال أبو عبيد: قوله من مدركم هو المذهب الذي أراده- يعني عليا- أن ينشئ لها سفرا غير سفر الحج، فالذي صار إليه القول في هذا الباب: أن العمرة في غير أشهر الحج (7). بسفر يختص به إنما هو للفضيلة، وأن المتعة والإقران مجزيان عن أهلهما عن تمام غير نقص إلا أنّ عليه الهدي، فهذا ما جاءت به السنة وتكلمت فيه الأئمة من نسخ المناسك واختلاف وجهها، فأما الكتاب فلا نعلمه نزل بنسخ شيء منها إلا ما كان من حج المشركين قبل حجة النبي- صلّى الله عليه- فإن التنزيل (8) كان هو الناسخ له ثم فسرته السنة.
__________
(1) هو هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي- أبو النضر.
(2) عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وتسعين ومائة.
(التقريب 1/ 473).
(3) الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، أبو عمرو، أو أبو عبد الرحمن، مخضرم ثقة، مكثر فقيه، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين.
(التقريب 1/ 77).
(4) قضاء التفث: هو ما يفعله المحرم بالحج إذا حلّ كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط، وحلق العانة.
وقيل هو إذهاب الشعث والدّرن والوسخ مطلقا.
(النهاية 1/ 191).
(5) من مدركم: أى من بلدكم، ومدرة الرجل: بلدته.
(النهاية 4/ 309).
(6) لم أتمكن من تخريجه.
(7) قول أبي عبيد ابتداء من «فالذي صار إليه» إلى قوله «الحج» قد كتبه الناسخ في هامش المخطوط وأشار إليه. فأعدته إلى موضعه من النص.
(8) قوله صلّى الله عليه «فإن التنزيل» ساقطة من النص وقد علقها الناسخ في هامش المخطوط فأعدتها إلى موضعها.

(1/188)


353 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: في قوله:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قال: كان المسلمون والمشركون يحجون البيت جميعا فنهى الله عز وجل المؤمنين أن يمنعوا أحدا يحج البيت أو يعرضوا لهم من مؤمن أو كافر، ثم أنزل الله عز وجل بعدها: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وقال عز وجل: ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ (1).
__________
(1) رواه بمعناه الطبري فى جامع البيان ج 9 المائدة أثر (10975) ص 477 تحقيق محمود

(1/189)