الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام محققا باب الشراب وما نسخ
من حله بالتحريم
قال أبو عبيد: وجدنا في الأشربة منسوخين والسّكر نسخ حلهما
بالتحريم.
450 - فأما الخمر فإن حجاجا (1) حدثنا عن ابن جريج وعثمان بن
عطاء عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله: يَسْئَلُونَكَ
عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ (2)
وقال في سورة النساء لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ
سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ثم نسختها هذه الآية:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطانِ الآية (3) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ
يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ الآية (4) قال:
فالميسر القمار والأنصاب حجارة كانوا (5) يذبحون لها أو عليها-
شك أبو عبيد-، قال الله تبارك وتعالى: وَما ذُبِحَ عَلَى
النُّصُبِ (6) والأزلام القداح كانوا يقتسمون بها الأمور (7).
__________
(1) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(2) سورة البقرة آية 219.
(3) سورة المائدة آية 90.
(4) سورة المائدة آية 91.
(5) فى المخطوط «كان» والصواب ما أثبتناه.
(6) سورة المائدة آية 3.
(7) روى أول الأثر ابن الجوزي في نواسخ القرآن من طريق عكرمة
عن ابن عباس رواه من أوله إلى قوله: «ثم نسختها هذه الآية» يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ
الآية. نواسخ القرآن النساء الآية الخامسة عشرة تحقيق محمد
أشرف علي.
وروى آخره الطبري في تفسيره جامع البيان ج 4 الأثر (4121) ص
324.
وانظر أيضا: ج 9 الأثران (11054، 11073) ص 509، 515 تحقيق
محمود وأحمد محمد شاكر.
(1/248)
451 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال:
حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة
عن ابن عباس في قوله:
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما
إِثْمٌ كَبِيرٌ، فالميسر القمار كان الرجل فى الجاهلية يخاطر
على أهله وماله قال: وقوله: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ
وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ قال: كانوا
لا يشربونها عند الصلاة فإذا صلوا العشاء شربوها (1) ثم إن
ناسا من المسلمين شربوها فقاتل بعضهم بعضا وتكلموا بما لا يرضي
الله عز وجل فأنزل الله عز وجل: إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطانِ. الآية. قال: فالميسر القمار والأنصاب الأوثان
والأزلام القداح كانوا يستقسمون بها (2).
452 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن
عن سفيان عن أبي إسحاق (3) عن أبي ميسرة (4) قال: قال عمر:
اللهم بيّن لنا في الخمر فنزلت: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ
وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ فقال:
اللهم بيّن لنا في الخمر فنزلت: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ
وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما
فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر فنزلت إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ الآية
فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فقال عمر: قد انتهينا إنما تذهب
المال وتذهب العقل (5).
__________
(1) في المخطوط (شربونها) بزيادة نون قبل الهاء والصواب حذفها.
(2) تفسير كلّ من الميسر والأنصاب والأزلام قد مر تخريجها في
الأثر الذي قبل هذا.
وقول ابن عباس: «كانوا لا يشربونها عند الصلاة فإذا صلوا
العشاء شربوها» قد روى نحوه ابن الجوزي نواسخ القرآن سورة
النساء الآية الخامسة عشرة: تحقيق محمد أشرف علي.
(3) هو عمرو بن عبد الله الهمذاني أبو إسحاق السبيعي.
(4) هو عمرو بن شرحبيل الكوفي أبو ميسرة.
(5) روى نحوه النحاس فى ناسخه فى البقرة الآية الثامنة عشرة
الورقة 38 من المخطوط.
وروى نحوه الطبرى فى جامع البيان ج 10 أثر 12 125 ص 566 تحقيق
محمود محمد شاكر.
وروى نحوه الإمام أحمد فى المسند ج 1 مسند عمر بن الخطاب أثر
(378) ص 316 تحقيق أحمد شاكر. وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
وروى نحوه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في التلخيص.
(1/249)
453 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال:
حدثنا هشيم قال:
أخبرنا مغيرة عن أبي رزين قال: شربت الخمر بعد الآية التي في
البقرة والتي في النساء فكانوا يشربونها (1) حتى تحضر الصلاة
فإذا حضرت الصلاة تركوها قال:
ثم حرمت في المائدة فى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ قال:
فانتهى القوم عنها فلم يعودوا فيها.
454 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن كثير (2)
عن الأوزاعي قال: قرئ علينا كتاب عمر بن عبد العزيز (3): إن
الله عز وجل أنزل في الخمر ثلاث آيات من كتابه: يَسْئَلُونَكَ
عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ
الآية، قال: فتركها الناس بعض الترك ثم أنزل الله عز وجل: يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ
وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ فاجتنبوها
إذا حضرت الصلاة، ثم أنزل الله عز وجل: إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ الآية.
455 - قال: ويروى عن الأوزاعي أن كتاب عمر بن عبد العزيز ورد
على بعض عماله أن لا تحمل الخمر من قرية إلى قرية ولا من مدينة
إلى مدينة ولا تباعنّ في سوق من الأسواق، قال الأوزاعي:
فأخبرني من سمع القاسم بن
__________
المستدرك ج 2، كتاب التفسير: قصة نزول تحريم الخمر ص 278.
(1) في المخطوط (يشربوها) والصواب ما أثبتناه.
(2) هو عبد الله بن كثير.
(3) عمر بن عبد العزيز: ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص
الأموي، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب
ولي إمرة المدينة للوليد وكان مع سليمان كالوزير وولي الخلافة
بعده، من الرابعة، مات في رجب سنة إحدى ومائة وله أربعون سنة،
ومدة خلافته سنتان ونصف.
(التقريب 2/ 60).
(1/250)
مخيمرة يقول: وكتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ
بما في (1) تلك النسخة قال الأوزاعي: فرأيت الروايا (2) تشقق
(3).
قال أبو عبيد: فهذا ما في الخمر.
__________
(1) كتبت في المخطوط «وكتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ بأبى تلك
النسخة».
قلت: ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) الروايا: واحدتها راوية، والروايا من الإبل الحوامل للماء.
(النهاية 2/ 279).
(3) لم أتمكن من تخريجه.
(1/251)
|