الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام محققا

باب الإكراه في الدين وما نسخ منه
515 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا نعيم بن حماد عن بقية بن الوليد (1) عن عتبة بن أبي حكيم (2) عن سليمان بن موسى في قوله:
لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ (3) قال: نسخها جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ (4) (5).
516 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن أبي عدي (6) عن داود بن أبي هند عن الشعبي لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قال:
كانت المرأة في الجاهلية تنذر إن عاش لها ولد أن تجعله على دين يهود فأدرك طوائف من الأنصار الإسلام وهم في اليهود فقالوا: لنكرهنّهم على الإسلام فإنما جعلناهم من اليهود ونحن لا نعلم دينا أفضل منه فقد جاء الله عز وجل بالإسلام فنزلت لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ- إلى قوله:- لَا انْفِصامَ لَها (7).
__________
(1) بقية بن الوليد: صائد بن كعب الكلاعي، أبو يحمد، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومائة وله سبع وثمانون.
(التقريب 1/ 105).
(2) عتبة بن أبي حكيم: الهمداني، بسكون الميم، أبو العباس الأردني- بضم الهمزة والدال بينهما راء ساكنة وتشديد النون- صدوق يخطئ كثيرا، من السادسة، مات بصور سنة سبع وأربعين ومائة.
(التقريب 2/ 4).
(3) سورة البقرة آية 256.
(4) سورة التحريم آية 9. والتوبة آية (73).
(5) روى نحوه ابن الجوزي فى نواسخ القرآن البقرة الآية الرابعة والثلاثون 1 ص 268 تحقيق محمد أشرف علي.
(6) ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، أبو عمرو البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع وتسعين ومائة (التقريب 2/ 141).
(7) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 5 أثر (5814) ص 408 تحقيق محمود وأحمد محمد شاكر.
وروى نحوه ابن الجوزي فى نواسخ القرآن البقرة الآية الرابعة والثلاثون ج 1 ص 266 تحقيق محمد أشرف علي.

(1/281)


517 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن عن شريك عن أبي هلال الطائي (1) عن وشق الرومي (2) قال: كنت مملوكا لعمر بن الخطاب فقال لي: يا وشق أسلم فإنك إن أسلمت استعنت بك على أمانة المسلمين فإني لا أستعين عليهم بمن ليس منهم قال: فأبيت فقال: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قال: ثم أعتقني وقال: اذهب حيث شئت (3).
قال أبو عبيد: وهذا وجه هذه الآية- إن شاء الله- أن تكون في أهل الذمة لأدائهم الجزية أو يكونوا مماليك فأمّا أهل الحرب فلا يكون لهم (4).
__________
(1) أبو هلال الطائي: هو يحيى بن حيان الطائي يكنّى بأبي هلال، قال ابن أبي حاتم: أنبأنا عبد الرحمن أنبأنا أبو بكر بن أبي خيثمة فيما كتب إلي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: يحيى بن أبي حيان أبو هلال الطائي ثقة (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازى 9/ 136).
(2) وشق الرومي: ترجم له ابن سعد في طبقاته وسمّاه «أسق» فقال: أسق مولى عمر بن الخطاب.
انظر: (الطبقات لابن سعد 6/ 158، أما السيوطي فقد ذكره باسم «وسق» بالمهملة).
(3) أورد نحوه السيوطي في الدّر المنثور قال: أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن وسق الرومي ثم ذكر الأثر بنحو ما ذكر أبو عبيد.
وروى نحوه ابن سعد فى الطبقات الكبرى ج 6 ص 158.
وروى نحوه أيضا أبو عبيد في، كتاب الأموال ص 38 أثر (87) تحقيق محمد خليل هراس.
وأورده ابن كثير عند تفسيره للآية من سورة البقرة 1/ 311.
قلت: وقد اختلف في ضبط اسم هذا الرومي: فعند أبي عبيد في ناسخه وشق وعنده في كتاب الأموال والسيوطي في الدر «وسق» بالمهملة. وعند ابن سعد «أسق» وعند ابن كثير في تفسيره «أسبق» بالمهملة والموحدة. فالله أعلم أي ذلك كان؟؟
(4) قال الطبري بعد ذكر الخلاف في معنى آية لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ وإحكامها أو نسخها:
وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآية في خاصّ من الناس- وقال: عنى بقوله تعالى ذكره: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ أهل الكتابين والمجوس وكلّ من جاء بإقراره على دينه المخالف دين الحق وأخذ الجزية منه، وأنكروا أن يكون شيء منها منسوخا ........ ثم دلل الطبري على اعتبار الآية خاصة بأهل الكتاب والمجوس دون أهل الإسلام بقوله: وكان المسلمون جميعا قد نقلوا عن نبيهم صلّى الله عليه وسلم أنه أكره على الإسلام قوما فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب وكالمرتد عن دينه دين الحق إلى الكفر، ومن أشبههم وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبوله الجزية منه وإقراره على دينه الباطل وذلك كأهل الكتابين ومن أشبههم ...
انظر: الطبري 5/ 415 تحقيق محمود وأحمد محمد شاكر.

(1/282)