الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام محققا باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر والنسخ لتركهما بالإيجاب والتغليظ
قال أبو عبيد: أما هذا الباب فلم نجد في القرآن كله آية واحدة
جمعت الناسخ والمنسوخ غيرها وهو قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ
إِذَا اهْتَدَيْتُمْ (1) فإن تأويلها جاء في بعض الأثر أن
الآية كانت مرجاة غير معمول بها في أول الدهر إلى أوقات من
الزمان موصوفة فإذا بلغها الناس أتاهم حينئذ أوان استعمالها
والأخذ بها ثم جاءت أحاديث أخر بأن الآية محكمة يجب على الناس
العمل بها إلا أنها على خلاف ما يتأولها العامة. فأمّا الوجه
الأول:
524 - فإن هشام بن عمار حدثنا عن صدقة بن خالد عن عتبة بن أبي
حكيم قال: حدثني عمر (2) بن جارية (3) عن أبي أمية الشعباني
(4) قال:
أتيت أبا ثعلبة الخشني (5) فقلت: كيف أصنع بهذه الآية يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ الآية
فقال: سألت رسول الله عنها فقال: (6) ائتمروا بالمعروف وتناهوا
__________
(1) سورة المائدة آية 105.
(2) الصواب عمرو كما في مشكل الآثار وسنن ابن ماجة وجامع
الترمذي.
(3) عمرو بن جارية- بالجيم- اللخمي، شامي مقبول، من السابعة.
(التقريب 2/ 66).
(4) أبو أمية الشعباني: الدمشقي اسمه يحمد- بضم الياء وكسر
الميم وقيل بفتح الياء-، مقبول، من الثانية (التهذيب 12/ 15 -
التقريب 2/ 392).
(5) أبو ثعلبة الخشني- بضم المعجمة بعدها نون-، صحابي مشهور
بكنيته مات سنة خمس وسبعين، وقيل قبل ذلك بكثير، أول خلافة
معاوية بعد الأربعين (التقريب 2/ 404).
(6) كلمة «فقال» ساقطة من المخطوط وقد علقت في هامشه فأعدتها
إلى موضعها.
(1/286)
عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى
متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ورأيت أمرا لا يدان
لك به أو قال: لا يد لك به فعليك نفسك ودع العوام فإن
من ورائكم أيام، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن
مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله (1).
525 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو مسهر (2)
عن عبّاد الخواص (3) قال: حدثنا يحيى بن أبي عمرو الشيباني (4)
أن أبا الدرداء وكعبا (5) كانا جالسين بالجابية (6) فأتاهما آت
فقال: لقد رأيت اليوم أمرا إن
__________
(1) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 11 ص 146 أثر (12863)
تحقيق أحمد ومحمود شاكر.
وروى نحوه الطحاوى فى مشكل الآثار ج 2 ص 64.
وروى نحوه ابن ماجة في السنن ج 2، كتاب الفتن «باب قوله تعالى
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ» الآية
ص 1330، 1331 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
وروى نحوه أيضا الترمذي في سننه وقال: هذا حديث حسن غريب ج 5،
كتاب التفسير/ المائدة ص 257، 258 تحقيق إبراهيم عطوة عوض.
(2) أبو مسهر: عبد الأعلى بن مسهر الغساني، الدمشقي، ثقة فاضل
من كبار العاشرة، مات سنة ثمان عشرة ومائتين وله ثمان وسبعون
سنة (التقريب 1/ 465).
(3) عباد الخواص: عباد بن عباد الرملي الأرسوفي- بمهملة وفاء-
أبو عتبة الخواص، صدوق يهم، أفحش ابن حبان فقال: يستحق الترك،
من التاسعة (التقريب 1/ 392).
(4) الصواب «السّيباني» بالسين المهملة كما في التهذيب
والتقريب لابن حجر وهو: يحيى بن أبي عمرو السيباني- بفتح
المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة- أبو زرعة الحمصي- ثقة،
من السادسة، روايته عن الصحابة مرسلة، مات سنة ثمان وأربعين
ومائة وهو ابن خمس وثمانين سنة وشهد غزوة القسطنطينية مع مسلمة
بن عبد الملك (التهذيب 11/ 260 - التقريب 2/ 355).
(5) كعب بن ماتع الحميري، أبو إسحاق، المعروف بكعب الأحبار،
ثقة، من الثانية، مخضرم، كان من أهل اليمن فسكن الشام، مات في
خلافة عثمان، وقد زاد على المائة.
(التقريب 2/ 135).
(6) الجابية: بكسر الباء وياء مخففة، وهي قرية من أعمال دمشق.
(معجم البلدان 2/ 91).
(1/287)
كان لحقا على من رآه أن يغيره، فقال رجل:
إن الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ
أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
الآية فقال كعب: إن هذا لا يقول شيئا، ذبّ عن محارم الله كما
تذب عن عينيك حتى يأتي تأويلها قال:
فانتبه لها أبو الدرداء فقال: متى يأتي تأويلها؟ قال: إذا هدمت
كنيسة دمشق وبني مكانها مسجد فذاك من تأويلها، وإذا رأيت
الكاسيات العاريات فذلك من تأويلها، وذكر خصلة ثالثة لا أحفظها
فذلك من تأويلها، قال أبو مسهر (1):
وكان هدم الكنيسة بعهد الوليد بن عبد الملك (2) أدخلها في مسجد
دمشق فزاد في سعته بها (3).
قال أبو عبيد: وقد أروني مكانها هناك والناحية التي كانت بها
قبل الهدم.
526 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (4) عن
أبي جعفر الرازي (5) عن الربيع بن أنس عن أبي العالية (6) عن
عبد الله بن مسعود أنه ذكرت عنده هذه الآية يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ فقال:
لم يجيء تأويل هذه بعد، إن القرآن أنزل حين أنزل ومنه آي قد
مضى تأويلهن قبل أن ينزلن وكان منه آى قد وقع تأويلهن على عهد
النبي- صلّى الله عليه-
__________
(1) أبو مسهر: هو عبد الأعلى بن مسهر الغساني.
(2) الوليد بن عبد الملك: ابن مروان بن الحكم الأموي الدمشقي،
الخليفة، أبو العباس، أنشأ جامع بني أمية، مات فى جمادى الآخرة
سنة ست وتسعين وله إحدى وخمسون سنة.
انظر: (سير أعلام النبلاء: الذهبي ج 4 ص 347 تحقيق مأمون
الصاغرجي).
(3) روى جزءا منه ابن أبي حاتم في تفسيره/ ج 3/ الجزء الأول
منه/ ورقة 42 من المخطوط.
قال عبد القادر بدران في تحقيقه لتهذيب تاريخ دمشق عند سياق
هذا الأثر: أقول تأويل هذه الآية على هذا الوجه مما لا يحتمله
لفظها ولا يدل شيء على تقييدها بهذا الذي قيده بها كعب، وفي
الأحاديث الواردة في تأويلها ما ينفي هذا من أصله.
(تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 200 تحقيق الشيخ عبد
القادر بدران).
(4) لم يتبين لي من حجاج هذا.
(5) هو عيسى بن أبي عيسى.
(6) هو رفيع الرياحي، أبو العالية.
(1/288)
وكان منه آي وقع تأويلهن بعد النبي- صلّى
الله عليه- بيسير، ومنه آي (1) يقع تأويلهن بعد اليوم ومنه آي
يقع تأويلهن عند الساعة ومنه آي يقع تأويلهن يوم الحساب بين
الجنة والنار، فأما ما دامت قلوبكم واحدة وأهواؤكم واحدة، ولم
تلبسوا شيعا ولم يذق بعضكم بأس بعض فأمروا بالمعروف وانهوا عن
المنكر، فإذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستم شيعا وذاق بعضكم
بأس بعض فاجروا وتقدموا، عند ذلك جاء تأويل هذه الآية (2).
527 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا هشيم قال:
أخبرنا يونس (3) عن الحسن عن ابن مسعود في هذه الآية قال:
قولوها ما قبلت منكم، فإذا ردت عليكم فعليكم أنفسكم (4).
قال أبو عبيد: فهذا تأويل من جعل الآية وقتين، وأما الوجه
الآخر:
528 - فإن محمد بن يزيد الواسطي حدثنا عن إسماعيل (5) عن قيس
ابن أبي حازم (6) قال: سمعت أبا بكر على المنبر يقول: إني
أراكم تأولون هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا
اهْتَدَيْتُمْ وإني سمعت رسول الله يقول: إن الناس إذا عمل
فيهم بالمعاصي فلم يغيروا يوشك أن يعمهم الله بعقابه (7).
__________
(1) من قوله: «يقع تأويلهن بعد اليوم» إلى أول قوله: «يقع
تأويلهن يوم الحساب» هذا مدون في هامش المخطوط وقد أشير إلى
ذلك بسهم فأعدنا العبارة إلى مكانها من الأثر.
(2) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 11 أثر (12859) ص 143
تحقيق محمود شاكر.
(3) هو يونس بن عبيد.
(4) رواه الطبري فى جامع البيان ج 11 أثر (12850) ص 139 تحقيق
محمود شاكر.
(5) هو إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي.
(6) قيس بن أبي حازم البجلي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من
الثانية، مخضرم، مات بعد التسعين أو قبلها، وقد جاوز المائة
وتغير (التقريب 2/ 127).
(7) روى نحوه الطبري فى جامع البيان ج 11 الأثران (12876،
12878) ص 150، 151 تحقيق محمود شاكر.
وروى نحوه أبو جعفر الطحاوي فى مشكل الآثار ج 2 ص 63.
(1/289)
قال أبو عبيد: لم يذهب أبو بكر في احتجاجه
بالحديث مع ذكر الآية إلى أن يعارض القرآن بشيء يكون حجة على
التنزيل فهذا ما لا يظنّ مثله بالصّدّيق، ولكنا نراه خاف أن
يتأول الناس الآية غير متأولها فيدعوهم ذلك إلى ترك الأمر
بالمعروف والنهى عن المنكر فأراد أن يعلمهم أنها ليست كذلك
وأنه لو كان وجهها هذا الذى ذهبوا إليه ما تكلم رسول الله-
صلّى الله عليه- بخلافها وقد روينا عن سعيد بن جبير ومجاهد
شيئا كأنه تفسير (1) لحديث أبى بكر.
529 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج (2) عن
ابن جريج عن مجاهد في هذه الآية قال: من اليهود والنصارى ومن
ضل من غيرهم (3).
قال أبو عبيد: أحسبهما أرادا (4) أن الذي أذن الله في إقراره،
والإمساك عن تغييره من المنكر أن يكرهوا بشرك على أن شرط لهم
ذلك الإقرار شرطا مؤكدا وبه حلت جزيتهم للمسلمين، فأمّا الفسوق
والعصيان والريب من أهل الإسلام فلا يدخل في هذه الآية فهذا
الذي نرى سعيد بن جبير ومجاهدا عنياه بتفسيرهما ولا ينبغي أن
يكون وجه حديث أبي بكر إلا هذا المذهب لأنه ليس في حديثه وقت
من الزمان يمكن الرخصة فيه لترك الأمر والنهي فيه كالأحاديث
الأول فصار أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أهل المعاصي
من المسلمين واجبا على الأبد وكذلك وجدنا أكثر الحديث بلا
توقيت.
__________
وروى نحوه ابن الجوزى: نواسخ القرآن المائدة الآية الثامنة ج 2
ص 405 تحقيق محمد أشرف علي. قال ابن كثير بعد إيراده للحديث
عند تفسيره لقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ
أَنْفُسَكُمْ الآية. وقد روى هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة
وابن حبان فى صحيحه وغيرهم من طرق كثيرة عن جماعة كثيرة عن
إسماعيل بن أبى خالد به متصلا مرفوعا ومنهم من رواه عنه به
موقوفا على الصّديق، وقد رجح رفعه الدارقطنى وغيره. انظر:
تفسير ابن كثير ج 2 ص 109.
(1) في المخطوط الكلمة مشتبهة بين «يفسر» و «تفسير».
وقد صححت في هامشه «يفسر». قلت: وفي نفسي من هذا التصحيح شيء
إذ أن الأقرب لمفهوم السياق ولشكل الكلمة اعتبارها «تفسير»
فاعتبرتها كذلك.
(2) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(3) لم أتمكن من تخريجه.
(4) كلمة «ارادا» علقت على هامش المخطوط فأعدتها إلى موضعها من
النص. قلت: وضمير التثنية في قوله «أرادا» عائد إلى مجاهد
وسعيد بن جبير المذكورين بقوله: وقد روينا عن سعيد بن جبير
ومجاهد، أما مجاهد فقد مر له قول، وأما سعيد بن جبير فلم أجد
لقوله ذكرا فيما تقدم ولا فيما يلحق.
(1/290)
530 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال:
حدثنا إسماعيل بن جعفر (1) عن عمرو بن أبي عمرو عن عبد الله بن
عبد الرحمن الأشهل (2) عن حذيفة بن اليمان عن النبي- صلى الله
عليه- قال (3) قال رسول الله- صلى الله عليه- والذي نفسي بيده
لتأمرون بالمعروف ولتنهون (4) عن المنكر أو ليعمنكم الله بعقاب
من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم (5).
531 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يزيد (6) عن
شريك عن أبي إسحاق (7) عن المنذر بن جرير (8) عن أبيه جرير بن
عبد الله (9) قال: قال رسول الله- صلى الله عليه- ما من قوم
يكون بين ظهريهم من يعمل بالمعاصي هم أعز منه وأمنع فلم يغيروا
إلا أصابهم الله بعقاب (10).
532 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن
__________
(1) هو إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير.
(2) عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري الأشهلي حجازي، ذكره ابن
حبان في الثقات، وقال في التقريب: حجازي مقبول، من الثالثة
(التهذيب 5/ 300 - التقريب 1/ 429).
(3) القائل حذيفة.
(4) فى صلب المخطوط «لتنهن» والتصويب من هامشه.
(5) روى نحوه الترمذي، وقال: حديث حسن.
سنن الترمذي ج 4، كتاب الفتن «باب ما جاء في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر» ص 468 تحقيق إبراهيم عطوة عوض.
(6) هو يزيد بن هارون.
(7) هو أبو إسحاق السبيعي.
(8) المنذر بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي، مقبول، من
الثالثة.
(التقريب 2/ 274).
(9) جرير بن عبد الله بن جابر البجلي، صحابي مشهور، مات سنة
إحدى وخمسين.
(التقريب 1/ 127).
(10) روى نحوه الطحاوي فى مشكل الآثار ج 2 ص 65.
(1/291)
سعيد (1) عن ثور بن يزيد (2) عن خالد بن
معدان (3) قال: إن للإسلام- صوى- قال أبو عبيد: الصّوى:
الأعلام (4) ومنارا كمنار الطريق فمنها: أن يؤمن بالله لا يشرك
به شيئا وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تسلم على أهلك إذا دخلت
إليهم وأن تسلم على القوم إذا مررت بهم فمن ترك من ذلك شيئا
فقد ترك سهما من الإسلام ومن تركهن فقد ولّى الإسلام ظهره قال
يحيى قال ثور: حدثنيه رجل عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله
عليه- فقال رجل ليحيى: (5) إن عيسى بن يونس (6) يحدثه عن ثور
عن خالد بن معدان عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه- فأنكر
ذلك يحيى وردّه (7).
__________
(1) هو يحيى بن سعيد القطان.
(2) ثور بن يزيد: أبو خالد الحمصي، ثقة ثبت، إلا أنه يرى
القدر، من السابعة، مات سنة خمسين (التقريب 1/ 121).
(3) خالد بن معدان:- بفتح فسكون- الكلاعي- بفتح أوله وثانيه-،
الحمصي، أبو عبد الله، ثقة عابد، يرسل كثيرا، من الثالثة، مات
سنة ثلاث ومائة (التقريب 1/ 218).
(4) وقال أيضا في كتابه الإيمان: صوى: هي ما غلظ وارتفع من
الأرض، واحدتها صوّة.
(5) هو يحيى بن سعيد القطان.
(6) عيسى بن يونس: ابن أبي إسحاق السّبيعي- بفتح المهملة وكسر
الموحدة- كوفي نزل الشام مرابطا، ثقة مأمون، من الثامنة، مات
سنة سبع وثمانين (التقريب 2/ 103).
(7) رواه أبو عبيد في، كتابه الإيمان «باب نعت الإيمان» ص 59،
60.
وروى نحوه الحاكم وقال فى صحيح على شرط البخاري فى المستدرك ج
1، كتاب الإيمان ص 21. وقال الألباني في تحقيقه لكتاب الإيمان
عند ذكره لهذا الحديث: أخرجه جمع منهم الحاكم، وصححه على شرط
البخاري ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
قلت: ولم أجد للذهبي فى تلخيصه موافقة لتصحيح الحاكم فلا أدري
من أين جاء الألباني بموافقة الذهبي لعله استوحى ذلك من خلال
تعليق ذكره الذهبي على هذا الحديث، وذلك منه ليس ببعيد.
والتعليق هو: قال الذهبي: فإن قيل متنه شاذ فلينظر في الصحيحين
ليجد من المتون الشاذة التي ليس لها إلا إسناد واحد ما يتعجب
منه.
(1/292)
533 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال:
حدثنا حجاج (1) عن حمزة الزيات (2) عن أبي سفيان (3) عن أبي
نضرة (4) قال: جاء رجل إلى عمر ابن الخطاب فقال: إني أعمل
بأعمال البر كلها إلا خصلتين قال: وما هما؟
قال: لا آمر ولا أنهي قال: لقد طمست سهمين من سهام الإسلام إن
شاء الله غفر لك وإن شاء عذبك (5).
534 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا محمد بن يزيد
(6) عن جويبر عن الضحاك (7) قال: الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر فريضتان من فرائض الله كتبهما الله (8).
قال أبو عبيد: فأرى الضحاك إنما أول بالفرائض هذه الآية:
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
(9) فصار قوله:
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ تفعل ذلك عزما، وقد تأول مجاهد في
توكيدهما وجها (10) آخر من اشتراطهما.
__________
(1) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(2) حمزة الزيات: هو حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات- بالزاي
وتشديد الياء- القارئ أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم، ولد سنة
ثمانين ومات سنة مائة وثمان وخمسين. وقال في التقريب:
صدوق زاهد، ربما وهم (التهذيب 2/ 27 - التقريب 1/ 199).
(3) أبو سفيان: طريف بن شهاب، أو ابن سعد السعدي، البصري،
الأشل، ضعيف، من السادسة.
(التقريب 1/ 377).
(4) أبو نضرة: المنذر بن مالك بن قطعة- بضم القاف وفتح المهملة
العبدى العوقي- بفتح المهملة والواو ثم قاف- البصري، أبو نضرة-
بنون ومعجمة ساكنة- مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، مات سنة
ثمان أو تسع ومائة (التقريب 2/ 275).
(5) لم أتمكن من تخريجه.
(6) هو محمد بن يزيد الكلاعي الواسطي.
(7) هو الضحاك بن مزاحم.
(8) لم أتمكن من تخريجه.
(9) سورة آل عمران آية 104.
(10) في المخطوط «وجه» بالرفع والتصويب من الهامش.
(1/293)
535 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال:
حدثنا حجاج (1) عن ابن جريج عن مجاهد في قوله: كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ فقال:
على (2) هذا الشرط على أن تأمروا بالمعروف وتنهوا (3) عن
المنكر وتؤمنوا (4) بالله (5).
قال أبو عبيد: وقد كان ابن شبرمة حدّ في العدد الذي يوجب الأمر
والنهي حدّا.
536 - قال أبو عبيد: أخبروني عن ابن عيينة قال: حدّثت ابن
شبرمة بحديث ابن عباس: من فرّ من اثنين فقد فرّ ومن فرّ من
ثلاثة فلم يفرّ، فقال ابن شبرمة: أما أنا فإن الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر مثل هذا لا يعجز الرجل عن اثنين أن يأمرهما
وينهاهما (6).
قال أبو عبيد: ولا أعلم هذا يوجد فيه أصل أحسن من الذي ذهب
إليه ابن شبرمة على أن ابن عباس أيضا إنما ذهب في الجهاد (7)
إلى أصل في القرآن وهو قوله: فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ
صابِرَةٌ- (8) إلى قوله:- وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ..
(انتهى الكتاب)
__________
(1) هو حجاج بن محمد المصيصي.
(2) كلمة: (على) غير واضحة في المخطوط.
(3) في المخطوط «تنهون» وهذا خطأ وصوابه حذفها لأن الفعل
«تنهوا» معطوف على الفعل قبله «تأمروا» فكلاهما منصوب بحذف
النون. والذي عند الطبرى حذفها.
(4) في المخطوط «يؤمنوا» بالتحتية وحيث أن الفعل قبله «تأمروا»
بالفوقية جعلت هذا مثله.
(5) روى نحوه الطبري: جامع البيان ج 7 ص 102، 103 أثر (7615)،
تحقيق محمود وأحمد شاكر.
(6) روى نحوه ابن أبي حاتم في تفسيره بسورة الأنفال ج 4 الجزء
الأول آية إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ ورقة 18
من المخطوط.
(7) كلمة «في الجهاد» علقها الناسخ فى هامش المخطوط فأعدتها
إلى موضعها من النص.
(8) قوله: مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ في الأصل أثر مسح ذهب
بأكثر الحروف.
(1/294)
|