الناسخ والمنسوخ للمقري وسوة الْبَقَرَة
مَدَنِيَّة تحتوي على ثَلَاثِينَ آيَة مَنْسُوخَة
أَولهَا قَوْله تَعَالَى {وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقون} اخْتلف
أهل الْعلم فِي ذَلِك فَقَالَ طَائِفَة وهم الْأَكْثَرُونَ
هِيَ الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وَقَالَ مقَاتل ابْن حَيَّان
وَجَمَاعَة هَذَا مَا فضل عَن الزَّكَاة نسخته الزَّكَاة
الْمَفْرُوضَة وَقَالَ أَبُو جَعْفَر يزِيد بن الْقَعْقَاع
نسخت الزَّكَاة المفروضه كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن وَنسخ
صِيَام شهر رَمَضَان كل صِيَام فِي الْقُرْآن وَنسخ ذَبِيحَة
الْأَضْحَى كل ذبح
الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين آمنُوا
وَالَّذين هادوا} وَالنَّاس فِي ذَلِك
(1/31)
قائلان فَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم مُجَاهِد
وَالضَّحَّاك ابْن مُزَاحم هِيَ محكمَة وقدرونها ويقرؤونها
بالمحذوف الْمُقدر فَيكون التَّقْدِير على قَوْلهمَا إِن
الَّذين آمنُوا وَمن آمن من الَّذين هادوا وَالنَّصَارَى
وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هِيَ مَنْسُوخَة وناسخة عِنْدهم {وَمن
يبتغ غير الصائبين الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ}
الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَقَولوا لِلَّناسِ
حُسناً} و {حُسناً} فِيهَا قَولَانِ قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح
وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن
أبي طَالب هِيَ محكمَة وَاخْتلفَا بعد مَا أجمعا على إحكامها
فَقَالَ مُحَمَّد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ {وَقُولُوا
للنَّاس} أَي قُولُوا لَهُم إِن مُحَمَّدًا رَسُول الله (صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم) وَقَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح وَقُولُوا
للنَّاس مَا تحبون أَن يُقَال لكم
(1/32)
وَقَالَ ابْن جريج قلت لعطاء إِن مجلسك
هَذَا قد يحضرهُ الْبر والفاجر أفتأمرني أَن أغْلظ على
الْفَاجِر فَقَالَ لَا ألم تسمع إِلَى قَول الله تَعَالَى
{وَقولوا لِلَّناسِ حُسناً}
وَقَالَ جمَاعَة هِيَ مَنْسُوخَة وناسخها عِنْدهم قَوْله
تَعَالَى {فَاقْتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُموهُم}
الْآيَة
الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {فَاِعفوا وَاِصفَحوا}
نسخ مَا فِيهَا من الْعَفو والصفح بقوله تَعَالَى {قاتِلوا
الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِاليَومِ الآخِر} إِلَى
قَوْله {وَهُم صاغِرونَ} وَبَاقِي الْآيَة مُحكم
الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ المَشرِقُ
وَالمَغرِبُ} هَذَا مُحكم والمنسوخ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى
{فَأَينَما تُوَلّوا فَثَمَّ وَجهُ اللَه} وَذَلِكَ أَن
طَائِفَة أرسلهم النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
(1/33)
فِي سفر فعميت عَلَيْهِم الْقبْلَة فصلوا
إِلَى غير جِهَتهَا فَلَمَّا تبينوا ذَلِك رجعُوا إِلَى رَسُول
الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فأخبروه فَنزلت هَذِه الْآيَة
{وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله}
وَقَالَ قَتَادَة وَالضَّحَّاك وَجَمَاعَة لما قدم رَسُول الله
(صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الْمَدِينَة صلى نَحْو بَيت
الْمُقَدّس سَبْعَة عشر شهرا ثمَّ حول الى الْكَعْبَة وَهَذَا
قَول الْأَكْثَرين من أهل التَّارِيخ مِنْهُم معقل بن يسَار
والبراء بن عَازِب وَقَالَ قَتَادَة ثَمَانِيَة عشر شهرا
وفيهَا رِوَايَة أُخْرَى عَن ابراهيم الْحَرْبِيّ قَالَ فِيهَا
ثَلَاثَة عشر شهرا وَقَالَ آخَرُونَ قَالَت الْيَهُود بعد
تَحْويل الْقبْلَة لَا يَخْلُو مُحَمَّد من
(1/34)
أَمريْن إِمَّا أَن يكون كَانَ على حق فقد
رَجَعَ عَنهُ وَإِمَّا أَن يكون على بَاطِل فَمَا كَانَ
يَنْبَغِي لَهُ أَن يُقيم عَلَيْهِ فَأنْزل الله تَعَالَى
{وَلِلّهِ المَشرِقُ وَالمَغرِب} الْآيَة ثمَّ نسخت بقوله
{وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره}
وَاخْتلف أهل الْعلم فِي أَي صَلَاة وَفِي أَي وَقت فَقَالَ
الْأَكْثَرُونَ حولت القبله فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ النّصْف
من رَجَب على رَأس سَبْعَة عشر شهرا من مُقَدّمَة الْمَدِينَة
فِي وَقت الظّهْر وَقَالَ قَتَادَة حولت يَوْم الثُّلَاثَاء
النّصْف من شعْبَان على راس ثَمَانِيَة عشر شهرا من مُقَدّمَة
الْمَدِينَة وَكَانَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِذا
قَامَ إِلَى الصَّلَاة يحول وَجهه ويرنو نَحْو السَّمَاء بطرفه
وَيَقُول يَا جِبْرِيل إِلَى مَتى أُصَلِّي الى قبْلَة
الْيَهُود فَقَالَ جِبْرِيل إِنَّمَا أَنا عبد مَأْمُور فسل
رَبك قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ على ذَلِك إِذْ نزل عَلَيْهِ
جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ اقْرَأ يَا مُحَمَّد / قد
نرى تقلب ذَلِك وَجهِكَ فِي السَماءِ / تنْتَظر الْأَمر فَحذف
هَذَا من الْكَلَام لعلم السَّامع بِهِ وَنزل {فَوَلِّ وَجهَكَ
شَطرَ المِسجِدِ الحَرامِ} أَي نَحوه وتلقاءه والشطر فِي
(1/35)
كَلَام الْعَرَب النّصْف وَهَذِه هَهُنَا
لُغَة الْأَنْصَار فَصَارَت ناسخة لقَوْله {فَأَينَما تُوَلّوا
فَثَمَّ وَجهُ اللَه}
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى رَوَاهُ ابراهيم الحرابي قَالَ حولت
الْقبْلَة فِي جمادي الْآخِرَة
الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَلنَا أَعمالُنا
وَلَكُم أَعمالَكُم} نسخ هَذَا بِآيَة السَّيْف على قَول
الْجَمَاعَة
الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الصَفا
وَالمَروَةَ مِن شَعائِرِ اللَه} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله
{فَمَن حَجَّ البَيتَ أَو اِعتَمَر فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَن
يطوف بهما} وَمَعْنَاهَا أَن لَا يَطَّوَفَ بِهِما وَكَانَ على
الصَّفَا صنم يُقَال لَهُ إساف وعَلى الْمَرْوَة صنم يُقَال
لَهُ نائلة وَكَانَا رجلا وأمرأة فِي
(1/36)
الْجَاهِلِيَّة فدخلا الْكَعْبَة فزنيا
الْكَعْبَة فِيهَا فمسخهما الله تَعَالَى صنمين فَوضعت
الْمُشْركُونَ الصَّنَم الَّذِي كَانَ رجلا على الصَّفَا
والصنم الَّذِي كَانَ امْرَأَة على الْمَرْوَة وعبدوهما من دون
الله تَعَالَى فَلَمَّا أسلمت الْأَنْصَار تحرجوا أَن يسعوا
بَينهمَا فَأنْزل الله تَعَالَى {إِنَّ الصَفا وَالمَروَةَ مِن
شَعَائِر الله} الْآيَة ثمَّ نسخ الله تَعَالَى ذَلِك بقوله
{وَمَن يَرغَبُ عَن مِلَّةِ إِبراهيمَ إِلّا مَن سفه نَفسه}
الْآيَة
الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذينَ
يَكتُمونَ مَا أَنزَلنا مِنَ البَيِّناتِ وَالهُدى} إِلَى
قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} نسخهَا الله تَعَالَى عَمَّن أسلم
بِالِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِلّا الَّذينَ
تَابُوا وَأَصْلحُوا وبينوا} وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة لَوْلَا
هَذِه الْآيَة مَا حدثتكم بِشَيْء
(1/37)
وَيُقَال من ورع الْعَالم أَن يتَكَلَّم
وَمن ورع الْجَاهِل أَن يسكت
الْآيَة التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّما حرم عَلَيْكُم
الْميتَة وَالدَّم} الْآيَة نسخ الله تَعَالَى بِالسنةِ بعض
الْميتَة وَالدَّم بقوله عَلَيْهِ السَّلَام أحلّت لنا
ميتَتَانِ وَدَمَانِ السّمك وَالْجَرَاد والكبد وَالطحَال ثمَّ
قَالَ {وَما أُهِلًّ بِهِ لِغَيرِ اللَه} ثمَّ رخص للْمُضْطَر
وللجائع غير الْبَاغِي والعادي بقوله تَعَالَى {فَمَنِ
اِضطَرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثمَ عَلَيه}
الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ
آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُم القِصاصُ فِي الْقَتْلَى الْحر
بِالْحرِّ} الأية وَذَلِكَ أَن حيين اقتتلا قبل الْإِسْلَام
بِقَلِيل وَكَانَ لأَحَدهمَا على الآخر طول فَلم يقْتَصّ
أَحدهمَا من صَاحبه حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَام فَقَالَ
الْأَكْثَرُونَ لَا نرضى أَن يقتل بِالْعَبدِ منا إِلَّا الْحر
مِنْهُم وبالمرأة منا إِلَّا الرجل مِنْهُم فسوى الله تَعَالَى
بَينهمَا فِي الْقصاص وَنزل {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي
الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالعَبدُ بِالعَبدِ وَالأُنثى
بِالأُنثى} إِلَى هَهُنَا
(1/38)
مَوضِع النّسخ وَبَاقِي الْآيَة مُحكم
وَأجْمع الْمُفَسِّرُونَ على نسخ مَا فِيهَا من الْمَنْسُوخ
وَاخْتلفُوا فِي ناسخها قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَجَمَاعَة
ناسخها الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى
{وَكَتَبنا عَلَيهِم فِيهَا أَنَّ النَّفس بِالنَّفسِ} الْآيَة
فَإِن قيل هَذَا كتب على بني إِسْرَائِيل كَيفَ يلْزمنَا حكمه
فَالْجَوَاب على ذَلِك أَن آخر الْآيَة ألزمنا ذَلِك وَهُوَ
قَوْله تَعَالَى {وَمَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللَهُ
فَأولئِكَ هم الظَّالِمُونَ}
وَقَالَ الحجازيون وَجَمَاعَة إِن ناسخها الْآيَة الَّتِي فِي
بني إِسْرَائِيل وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَمَن قُتِلَ مَظلوماً
فَقَد جَعَلنا لوَلِيِّه سُلْطَانا فَلَا يسرف فِي الْقَتْل}
وَقتل الْمُسلم بالكافر إِسْرَاف وَكَذَلِكَ قتل الْحر
بِالْعَبدِ لَا يجوز عِنْد جمَاعَة من النَّاس
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يجوز وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث ابْن
الْبَيْلَمَانِي أَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قتل
مُسلما بِكَافِر معاهد وَقَالَ أَنا أَحَق من وَفِي بعهده
(1/39)
الْآيَة الْحَادِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى
{كُتِبَ عَلَيكُم إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوتُ إِن تَرَكَ
خَيراً الوَصِيَّةُ لِلوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ بِالمَعروفِ
حَقّاً عَلى المُتَّقينَ} نسخت بِالْكتاب وَالسّنة فالكتاب
قَوْله تَعَالَى {يوصيكُمُ اللَهُ فِي أَولادِكُم} الْآيَة
وَالسّنة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أَلا لَا وَصِيَّة لوَارث
وَقد ذهب ظائفة إِلَى أَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
قَالَ من لم يُوصي لِقَرَابَتِهِ فقد ختم عمله بِمَعْصِيَة
وَقَالَ جمَاعَة الْآيَة كلهَا محكمَة ذهب الى ذَلِك الْحسن
الْبَصْرِيّ
(1/40)
وطاووس وَقَتَادَة والْعَلَاء بن زيد
وَمُسلم بن يسَار
الْآيَة الثَّانِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها
الَّذينَ آمَنوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين
من قبلكُمْ} اخْتلف النَّاس فِي الْإِشَارَة إِلَى من هِيَ
فَقَالَ بَعضهم الآشارة الى الْأُمَم الخالية وَهُوَ قَول
الْأَكْثَرين وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى مَا أرسل نَبيا
إِلَّا فرض عَلَيْهِ وعَلى أمته صِيَام شهر رَمَضَان فكفرت
بِهِ الْأُمَم كلهَا وَآمَنت بِهِ أمة مُحَمَّد (صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم) فَيكون التَّنْزِيل على هَذَا الْوَجْه مدحا
لهَذِهِ الْأمة وَقَالَ بَعضهم الاشارة الى النَّصَارَى
وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا إِذا أفطروا وأكلوا وَشَرِبُوا جامعوا
النِّسَاء مَا لم يَنَامُوا وَكَانَ الْمُسلمين كَذَلِك
وَزِيَادَة عَلَيْهِم كَانُوا إِذا أفطروا وأكلوا وَشَرِبُوا
جامعوا النِّسَاء مَا لم يَنَامُوا ويصلوا الْعشَاء الْآخِرَة
فَعمد أَرْبَعُونَ رجلا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار
فجامعوا نِسَاءَهُمْ بعد النّوم مِنْهُم عمر بن الْخطاب رَضِي
الله عَنهُ وَذَلِكَ
(1/41)
أَنه رواد امْرَأَته عَن نَفسهَا فَقَالَت
إِنِّي كنت قد نمت وَكَانَ أَي الزَّوْجَيْنِ إِذا نَام حرم
على الآخر فَلم يلْتَفت الى قَوْلهَا فجامعها فَجَاءَت
الْأَنْصَار فأقرت على أَنْفسهَا عِنْد رَسُول الله (صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم) بفعالها وَأقر عمر على نَفسه بِفِعْلِهِ
فَقَالَ لَهُ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لقد كنت يَا
عمر جَدِيرًا أَن لَا تفعل فَقَامَ يبكي وَكَانَ النَّبِي (صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم) يمشي بِالْمَدِينَةِ فَرَأى شَيخا
كَبِيرا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ صرمة بن قيس يكنى أَبَا
قيس من بني النجار وَهُوَ يهادي بَين رجلَيْنِ وَرجلَاهُ تخطان
الأَرْض خطا فَقَالَ لَهُ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
مَا لي أَرَاك يَا أَبَا قيس طليحا قَالَ الشَّيْخ هبة الله
والطليح الضَّعِيف فَقَالَ يَا رَسُول أَنِّي دخلت على
امْرَأَتي البارحة فَقَالَت عَليّ رسلك أَبَا قيس حَتَّى أسخن
لَك طَعَاما قد صَنعته لَك فمضت لإسخانه فحملتني عَيْنَايَ
فَنمت فجائتني بِالطَّعَامِ فَقَالَت الخيبة الخيبة حرم وَالله
(1/42)
عَلَيْك الطَّعَام وَالشرَاب فَأَصْبَحت
طاويا وعملت فِي أرضي فَغشيَ عَليّ من الضعْف فرق لَهُ
النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) حَتَّى دَمَعَتْ عَيناهُ
وَكَانَ قصَّة صرمة قبل قصَّة عمر وَالْأَنْصَار فَبَدَأَ الله
بِقصَّة عمر وَالْأَنْصَار لِأَن الْجنَاح فِي الْوَطْء أعظم
مِنْهُ فِي الْأكل وَالشرب فَنزل {أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ
الصِيام الرَفَثُ إِلى نِسائَكُم} إِلَى قَوْله {فَتابَ
عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم} فِي شَأْن عمر وَالْأَنْصَار وَنزل
فِي قصَّة صرمة قَوْله تَعَالَى {وَكُلوا وَاِشرَبوا} إِلَى
قَوْله {ثُمَّ أَتِمّوا الصِيامَ إِلى اللَيلِ} فَصَارَت هَذِه
الْآيَة ناسخة لقَوْله تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا
كتب على الَّذين من قبلكُمْ} الْآيَة
الْآيَة الثَّالِثَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَعَلى الَّذينَ
يُطيقونَهُ فِديَةٌ طَعامُ مِسكينٍ} وَهَذِه الْآيَة نصفهَا
مَنْسُوخ وَنِصْفهَا مُحكم وَقد قَرَأت / يطوقونه / فَمن
قَرَأَ {يطيقُونَهُ} أَرَادَ يُطِيقُونَ صِيَامه وَمن قَرَأَ
يُطَوَّقونَهُ يَعْنِي يكلفونه
(1/43)
وَكَانَ الرجل فِي بَدْء الأسلام مُخَيّرا
إِن شَاءَ صَامَ وَإِن شَاءَ أفطر وَأطْعم مَكَان يَوْمه
مِسْكينا حَتَّى قَالَ الله تَعَالَى فَمن تطوع خيرا وَأطْعم
مِسْكينا بمَكَان يَوْمه كَانَ أفضل وَالْإِطْعَام مد من
طَعَام على قَول أهل الْحجاز وعَلى قَول أهل الْعرَاق نصف صَاع
حَتَّى أنزل الله تَعَالَى الْآيَة الَّتِي تَلِيهَا وَهِي
قَوْله تَعَالَى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَهرَ فَليَصُمهُ}
وَهَذَا الظَّاهِر يحْتَاج إِلَى كشف وَمَعْنَاهُ وَالله أعلم
من شهد مِنْكُم الشَّهْر حَاضرا عَاقِلا بَالغا صَحِيحا فليصمه
فَصَارَ هَذَا نَاسِخا لقَوْله تَعَالَى {وَعَلى الَّذينَ
يطيقُونَهُ}
الْآيَة الرَّابِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَقاتِلوا فِي
سَبيلِ اللَهِ الَّذينَ يقاتلونكم وَلا تَعتَدوا} أَي فتقاتلوا
من لَا يُقَاتِلكُمْ كَانَ هَذَا فِي الأبتداء ثمَّ نسخ الله
تَعَالَى ذَلِك بقوله تَعَالَى {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا
عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَبِقَوْلِهِ {وقاتلوا
الْمُشْركين كَافَّة كَمَا يقاتلونكم كَافَّة} أَي جَمِيعًا
وَبِقَوْلِهِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ
وخذوهم} الْآيَة
(1/44)
الْآيَة الْخَامِسَة عشرَة قَوْله تَعَالَى
{وَلا تُقاتِلوهُم عِندَ المَسجِدِ الحَرامِ حَتَّى
يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} صَارَت هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة بِآيَة
السَّيْف
الْآيَة السَّادِسَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {فَإِنِ اِنتَهوا
فَإِنَّ اللَهَ غَفورٌ رَحِيم} هَذَا من الْأَخْبَار الَّتِي
مَعْنَاهَا الْآمِر وَتَقْدِيره فاعفوا عَنْهُم واصفحوا لَهُم
صَار ذَلِك الْعَفو والصفح مَنْسُوخا بِآيَة سيف
الْآيَة السَّابِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحلِقوا
رُؤوسَكُم حَتّى يَبلُغَ الهَديُ مَحَلَّهُ}
نزلت فِي كَعْب بن عجْرَة الْأنْصَارِيّ وَذَلِكَ أَنه قَالَ
لما نزلنَا مَعَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
الْحُدَيْبِيَة مر بِي النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
وَأَنا أطبخ قدرا لي وَالْقمل يتهافت على وَجْهي فَقَالَ
رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يَا كَعْب بن عجْرَة
لَعَلَّك يُؤْذِيك هوَام
(1/45)
رَأسك فَقلت نعم يَا رَسُول الله فَقَالَ
ادْع بحلاق فَاحْلِقْ رَأسك وَنزلت {فَمن كَانَ مِنْكُم
مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه} وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف
تَقْدِيره فحلق فَعَلَيهِ مَا فِي قَوْله تَعَالَى {ففِديَةٌ
مِن صِيامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ}
الْآيَة الثَّامِنَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَسأَلونَكَ
مَاذَا يُنفِقونُ قُل مَا أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين
واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} الْآيَة
كَانَ هَذَا قبل أَن يفْرض الله الزَّكَاة فَلَمَّا فرضت
الزَّكَاة نسخ الله بهَا كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن فَقَالَ
الله تَعَالَى إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين
الْآيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر يزِيد بن الْقَعْقَاع نسخت
الزَّكَاة كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن وَنسخ شهر رَمَضَان كل
صِيَام وَنسخ ذباحة الْأَضْحَى كل ذبح فَصَارَت هَذِه ناسخة
لما قبلهَا
الْآيَة التَّاسِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَسأَلونَكَ عَنِ
الشَهرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ} وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا
يمتنعون عَن الْقِتَال فِي الْجَاهِلِيَّة فِي الْأَشْهر
الْحرم حَتَّى خرج عبد الله
(1/46)
ابْن جحش وَأمره النَّبِي (صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم) أَن يخرج الى بطن نخله يلقِي بهَا عَمْرو
الْحَضْرَمِيّ فقاتله فَقتله فَعير الْمُشْركُونَ الْمُسلمين
بقتل هَذَا الرجل لعَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ وَكَانَ قد قتل فِي
آخر يَوْم من جُمَادَى الْآخِرَة وَكَانَ ذَلِك فِي ابْتِدَاء
رَجَب فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة يعظم الله شَأْن
الشَّهْر الْحَرَام وَالْقَتْل فِيهِ ثمَّ صَارَت منسوخه بقوله
{فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} يَعْنِي فِي
الْحل وَالْحرَام
الْآيَة الْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر
وَالْميسر} فالخمر كل مَا خامر الْعقل وغطاه وَالْميسر
الْقمَار كُله وَذَلِكَ أَن
(1/47)
الله تَعَالَى حرم الْخمر فِي اوطان
خَمْسَة فأولهن قَوْله تَعَالَى {وَمن ثَمَرَات النخيل
وَالْأَعْنَاب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا}
فمعناها وتتركون رزقا حسنا وَهُوَ تعيير من الله تَعَالَى
لَهُم فظاهرها تعدد النعم وَلَيْسَ كَذَلِك فَلَمَّا نزلت
هَذِه الْآيَة امْتنع عَن شربهَا قوم وَبَقِي آخَرُونَ حَتَّى
قدم رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الْمَدِينَة فَخرج
حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَقد شرب الْخمر فَلَقِيَهُ رجل من
الْأَنْصَار وَبِيَدِهِ نَاضِح لَهُ والأنصاري يتَمَثَّل
ببيتين لكعب بن مَالك فِي مدح قومه وهما
جَمعنَا مَعَ الإيواء نصرا وهجرة
فَلم ير حَيّ مثلنَا فِي المعاشر ... فأحياؤنا من خير أَحيَاء
من مضى
وأماوتنا فِي خير أهل الْمَقَابِر
فَقَالَ لَهُ حَمْزَة أُولَئِكَ الْمُهَاجِرُونَ فَقَالَ لَهُ
الْأنْصَارِيّ بل نَحن الْأَنْصَار فتنازعا فَجرد حمزه سَيْفه
وَعدا على الْأَنْصَار فَلم يُمكن الْأنْصَارِيّ أَن يقوم لَهُ
فَترك نَاضِحَهُ وهرب فظفر حَمْزَة بالناضح وَجعل يقطعهُ فجَاء
الْأنْصَارِيّ الى النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) مستعديا
فَأخْبرهُ بِخَبَر حمزه وفعاله بالناضح فغرم النَّبِي (صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم) لَهُ ناضحا فَقَالَ عمر بن الْخطاب يَا
رَسُول الله أما ترى الى مَا نلقي من أَمر الْخمر إِنَّهَا
مذهبَة لِلْعَقْلِ متلفة لِلْمَالِ فَأنْزل الله تَعَالَى
بالمدينه {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم
كَبِير}
(1/48)
وَقد قريء كثير والمعنيان متقاربان
{وَمَنَافع للنَّاس} وعَلى هَذَا مُعَارضَة لقَائِل يَقُول
أَيْن الْمَنْفَعَة مِنْهَا وَقد قَالَ رَسُول الله (صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم) أَن الله تَعَالَى لم يَجْعَل شِفَاء أمتِي
فِيمَا حرم عَلَيْهَا فَالْجَوَاب على ذَلِك أَنهم كَانُوا
يبتاعونها فِي الشَّام بِالثّمن الْيَسِير ويبيعونها فِي
الْحجاز بِالثّمن الثمين وَكَانَت الْمَنَافِع فِيهَا من
الأرباح وَكَذَلِكَ قَالَ الله تَعَالَى {قُل فيهِما إِثمٌ
كَبيرٌ} فَانْتهى عَن شربهَا قوم وَبَقِي آخَرُونَ حَتَّى
دَعَا مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ قوما
فأطعمهم وسقاهم حَتَّى سَكِرُوا فَلَمَّا حضر وَقت الصَّلَاة
صلوا الْمغرب فقدموا رجلا مِنْهُم يُصَلِّي بهم وَكَانَ
أَكْثَرهم قُرْآنًا يُقَال لَهُ ابْن أبي جعونه حَلِيف
الْأَنْصَار فَقَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب وَقل يَا أَيُّها
الكافِرون فَمن أجل سكره خلط فَقَالَ فِي مَوضِع {لَا أعبد}
أعبد وَفِي مَوضِع {أعبد} لَا أعبد فَبلغ ذَلِك رَسُول الله
(صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فشق عَلَيْهِ فَأنْزل الله تَعَالَى
{يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لَا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم
سُكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ}
(1/49)
الْآيَة فَكَانَ الرجل مِنْهُم يشرب الْخمر
بعد الْعشَاء الْأَخِيرَة ثمَّ يرقد وَيقوم عِنْد صَلَاة
الْفجْر وَقد صَحا ثمَّ كَانَ يشْربهَا إِن شَاءَ بعد صَلَاة
الْفجْر فيصحوا مِنْهَا عِنْد صَلَاة الظّهْر فَإِذا كَانَ
وَقت الظّهْر لم يشْربهَا الْبَتَّةَ حَتَّى يُصَلِّي الْعشَاء
الْأَخِيرَة حَتَّى دَعَا سعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ وَقد
عمل وَلِيمَة على رَأس جزور فَدَعَا أُنَاسًا من الْمُهَاجِرين
وَالْأَنْصَار فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَسَكِرُوا وافتخروا
فَعمد رجل وَالْأَنْصَار فَأخذ أحد لحيي الْجَزُور فَضرب بِهِ
أنف سعد ففزره وَجَاء سعد مستعديا إِلَى رَسُول الله (صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم) فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذين
آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من
عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ أَي فاتركوه لَعَلَّكُمْ
تفلحون} وَهَذِه الْآيَة تدل على تَحْرِيم الْخمر فِي
الْقُرْآن لِأَن الله تَعَالَى ذكره مَعَ الْمُحرمَات وَاخْتلف
الْمُفَسِّرُونَ فِي مَوضِع التَّحْرِيم أهوَ هَهُنَا أم غَيره
فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هَهُنَا وَقَالَ آخَرُونَ التَّحْرِيم
عِنْد قَوْله تَعَالَى {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} فَقَالُوا
أنتهينا يَا رَسُول الله وَالْمعْنَى انْتَهوا كَمَا قَالَ فِي
الْفرْقَان {أَتَصْبِرُونَ} وَالْمعْنَى اتَّقوا اصْبِرُوا
وَفِي الشُّعَرَاء {قوم فِرْعَوْن أَلا يَتَّقُونَ}
وَالْمعْنَى اتَّقوا
(1/50)
وأكد تحريها بقوله تَعَالَى {قُل إِنَّما
حَرَّمَ رَبّي الفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنها وَما بَطَن
وَالإِثمَ وَالبَغيَ بِغَيرِ الحَقٍّ} وَالْإِثْم الْخمر قَالَ
الشَّاعِر
شربت الْإِثْم حَتَّى ضل عَقْلِي
كَذَاك الْإِثْم يذهب بِالعُقولِ ... وَقَالَ آخر
تَشرَبُ الإِثمَ بِالكُؤوسِ جِهاراً
وَترى المتك بَيْننَا مستعارا
ويروي بِالنَّهَارِ جهارا والمتك الأترج فَهَذَا تَحْرِيم
الْخمر والنتقاله فِي مواطنه
الْآيَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {ويسألونك
مَاذَا يُنفِقونَ قُلِ العَفوَ} وَمعنى الْعَفو الْفضل من
المَال وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى فرض عَلَيْهِم قبل
الزَّكَاة إِذا كَانَ للْإنْسَان مَال أَن يمسك مِنْهُ ألف
دِرْهَم أَو قيمتهَا من الذَّهَب وَيتَصَدَّق بِمَا بَقِي
وَقَالَ آخَرُونَ فرض عَلَيْهِم أَن يمسكوا ثلث أَمْوَالهم
ويتصدقوا بِمَا بقى وَإِن كَانَ من أهل زراعة الأَرْض وعمارتها
أَمرهم أَن يمسكوا مَا يقيتهم حولا ويتصدقوا بِمَا بَقِي وَإِن
كَانَ مِمَّن يَلِي عمله بيدَيْهِ أمسك مَا يقوته يَوْمه
وَيتَصَدَّق
(1/51)
بِمَا بقى فشق ذَلِك عَلَيْهِم حَتَّى أنزل
الله تَعَالَى الزَّكَاة فَفرض فِي المَال الذَّهَب
وَالْفِضَّة إِذا حَال عَلَيْهِ الْحول ربع عشرَة إِذا بلغ من
الذَّهَب عشْرين دِينَارا أَو من الْوَرق مِائَتي دِرْهَم
فَيكون من كل عشْرين دِينَارا نصف دِينَار وَمن كل مِائَتي
دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم فأسقط عَنْهُم الْفضل فِي ذَلِك
فَصَارَت آيَة الزَّكَاة وَهِي قَوْله تَعَالَى {خُذ مِن
أَموالهِم صَدَقَةً تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا} فبينت أَلْسِنَة
أَعْيَان الزَّكَاة من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالنَّخْل
وَالزَّرْع والماشية فَصَارَت هَذِه الْآيَة ناسخة لما قبلهَا
الْآيَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {وَلا
تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} هَذَا عَام فِي جَمِيع انواع
الْكفْر فنسخ الله تَعَالَى بعض أَحْكَامهَا من اليهوديات
والنصرانيات بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة وَهِي
قَوْله تَعَالَى {اليَومَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَات
وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم وطعامكم حل لَهُم
وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات وَالْمُحصنَات من الَّذين
أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} الى وَالطَّعَام الذَّبَائِح
فَقَط وَهُوَ عُمُوم
(1/52)
الْآيَة لِأَن الشّرك يعم الكتابيات
والوثنيات لِأَن الْمُفَسّرين أَجمعُوا على نسخ الْآيَة
الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة الْمَذْكُورَة وعَلى إحكام
الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة غير عبد الله بن عمر
فَإِنَّهُ يَقُول الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة
محكمَة وَالْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة مَنْسُوخَة
وَمَا تَابعه على هَذَا القَوْل أحد فَإِن كَانَت الْمَرْأَة
الْكِتَابِيَّة عاهرة لم يجز نِكَاحهَا وَإِن كَانَت عفيفة
جَازَ
الْآيَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى
{وَالمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة
قُرُوء} الْآيَة أجمع النَّاس على إحكام أَولهَا وَآخِرهَا
إِلَّا كَلِمَات فِي وَسطهَا وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى جعل
عدَّة الْمُطلقَة ثَلَاثَة قُرُوء إِذا كَانَت مِمَّن تحيض
وَإِن كَانَت أيسة فَثَلَاثَة أشهر وَإِن كَانَت مِمَّن لم
تَحض فَمثل ذَلِك والحوامل وضع حَملهنَّ فجيع ذَلِك مُحكم
وَهُوَ أَي الْمَنْسُوخ من الْآيَة قَوْله تَعَالَى
{وَبِعولتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِك} وَذَلِكَ أَن
الرجل كَانَ يُطلق الْمَرْأَة وَهِي حَامِل وَكَانَ يُخَيّر
فِي مراجعها مَا لم تضع نزلت فِي رجل من غفار أَو من أَشْجَع
يعرف بِإِسْمَاعِيل بن عبد الله جنى على امْرَأَته فَطلقهَا
وَهِي حَامِل ثمَّ لم يطلّ حكمهَا كَمَا طَال فِي حكم
الْمَنْسُوخ فَكَانَ أَحَق برجعتها مَا لم تضع يُقَال أَنه لم
تضع امْرَأَته حَتَّى نسخت وناسخها الْآيَة
(1/53)
الَّتِي تلتها وَبَعض الثَّالِثَة وَهِي
قَوْله تَعَالَى {الطَلاقُ مَرَّتانِ} فَإِن قَالَ قَائِل
فَأَيْنَ الثَّالِثَة قيل هِيَ قَوْله تَعَالَى {فَإِمساكٌ
بِمَعروفٍ أَو تَسريحٌ بِإِحسانٍ} يرْوى ذَلِك عَن رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أخرون بل نسخهَا الله
تَعَالَى بِالْآيَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى
{فَإِن طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعدُ حَتّى تَنكِحَ
زَوجاً غَيرَهُ}
الْآيَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {وَلا
يَحِلُّ لَكُم أَن تَأخُذوا مِمّا آتَيتُموهُنَّ شَيئاً} ثمَّ
اسْتثْنى بقوله تَعَالَى {إِلّا أَن يَخافا} يَعْنِي يعلمَا
{أَلا يُقيما حُدود اللَه} وَهُوَ أَن تَقول الْمَرْأَة
تَعْنِي بَعْلهَا وَالله لَا أَطَأ لَك فراشا وَلَا اغْتسل لَك
جَنَابَة وَلَا أطيع لَك أمرا وَإِذا قَالَت ذَلِك فقد أحل
الله لَهُ الْفِدْيَة وَلَا يحل لَهُ أَن يَأْخُذ أَكثر مِمَّا
سَاق إِلَيْهَا من الْمهْر فَصَارَت الْآيَة ناسخة لحكمها
بِالِاسْتِثْنَاءِ
الْآيَة الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى
{وَالوالِداتُ يُرضِعنَ أَولادَهُنَّ حَولَين كامِلَين} ثمَّ
نسخ الله الْحَوْلَيْنِ بقوله {فَإِن أَرَادَا فَصالاً عَن
تَراضٍ مِنهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِمَا}
(1/54)
فَصَارَت هَذِه الْآيَة ناسخة للحولين
الكاملين بالِاتِّفَاقِ الْآيَة السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ
قَوْله تَعَالَى {وَالَّذينَ يُتَوَفّونَ مِنكُم وَيَذَرونُ
أَزواجاً وَصِيَّةً لأَزواجِهِم مَتاعاً إِلى الْحول غير
إِخْرَاج} كَانَ رجل إِذا مَاتَ عَن أمْرَأَته أنْفق عَلَيْهَا
من مَاله حولا كَامِلا وَهِي فِي عدته مَا لم تخرج فَإِن خرجت
انْقَضتْ الْعدة وَلَا شَيْء لَهَا وَكَانُوا إِذا أَقَامُوا
بعد الْمَيِّت حولا عَمَدت الْمَرْأَة فَأخذت بَعرَة فألقتها
فِي وَجه كلب تخرج بذلك من عدتهَا عِنْدهم فنسخ الله تَعَالَى
ذَلِك بِالْآيَةِ الَّتِي قبلهَا فِي النّظم وَهِي قَوْله
تَعَالَى {وَالَّذينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُم وَيَذَرونَ أَزواجاً
يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَعَشراً}
فَصَارَت الْأَرْبَعَة أشهر وَالْعشر ناسخة للحول وَلَيْسَ فِي
كتاب الله تَعَالَى آيَة ناسخة فِي سُورَة إِلَّا والمنسوخ
قبلهَا إِلَّا هَذِه الْآيَة وَآيَة أُخْرَى فِي سُورَة
الْأَحْزَاب وَهِي قَوْله تَعَالَى {لَا يحل لَكَ النِساءُ مِن
بَعدُ} نسختها
(1/55)
الْآيَة الَّتِي قبلهَا وَهِي قَوْله {يَا
أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} الْآيَة هَذِه
الناسخة والمنسوخة {لَا يحل لَكَ النِساءُ مِن بَعدُ} وَنسخ
النَّفَقَة بِالربعِ وَالثمن فَقَالَ {وَالَّذين يتوفون
مِنْكُم} الى قَوْله {وَعشرا} جَمِيعهَا مُحكم غير أَولهَا
الْآيَة السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {لَا
إِكراهَ فِي الدّين} الْآيَة نسخهَا الله تَعَالَى بِآيَة
السَّيْف وَذَلِكَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
لما أجلى الْيَهُود إِلَى أَذْرُعَات من الشَّام كَانَ لَهُم
فِي أَوْلَاد الْأَنْصَار رضَاع فَقَالَ أَوْلَاد الْأَنْصَار
نخرج مَعَ أمهاتنا أَيْن خرجن فَمَنعهُمْ آباؤهم فَنزلت هَذِه
الْآيَة {لَا إِكراهَ فِي الَّدينِ} ثمَّ صَار ذَلِك مَنْسُوخا
نسخته آيَة السَّيْف
الْآيَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى
{وَأَشهِدوا إِذا تَبايَعتُم} فَأمر الله بِالشَّهَادَةِ وَقد
كَانَ جمَاعَة من التَّابِعين يرَوْنَ أَن يشْهدُوا فِي كل بيع
وابتياع مِنْهُم الشّعبِيّ
(1/56)
وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ كَانُوا
يَقُولُونَ إِنَّا نرى أَن نشْهد وَلَو على جرزة بقل ويروي
حزمة ثمَّ نسخت الشَّهَادَة بقوله تَعَالَى {فَإِن أَمِنَ
بَعضُكُم بَعضاً فَليُؤَدِّ الَّذي أُؤتُمِنَ أَمانَتَه}
الْآيَة التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {لِلَّهِ
مَا فِي السَماوات وَما فِي الأَرض} هَذَا مُحكم والمنسوخ
قَوْله {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تَخفوهُ يُحاسِبكُم
بِهِ اللَه} الْآيَة
اخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَاهَا فَروِيَ عَن عَائِشَة
رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت إِن الله تَعَالَى يخبر
الْخلق يَوْم الْقِيَامَة بِمَا عمِلُوا فِي الدُّنْيَا سرا
وجهرا فَيغْفر لِلْمُؤمنِ مَا أسر ويعاقب الْكَافِر على مَا
أسر وَقَالَ ابْن مَسْعُود هِيَ عُمُوم فِي سَائِر أهل
الْقبْلَة
(1/57)
وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ لما نزلت هَذِه
الْآيَة شقّ نُزُولهَا عَلَيْهِم وَقَالُوا إِنَّه يجول
الْأَمر فِي نفوسنا لَو سقطنا من السَّمَاء إِلَى الأَرْض
لَكَانَ ذَلِك أَهْون علينا وَقَالَ الْمُسلمُونَ يَا رَسُول
الله لَا نطيق فَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لَا
تَقولُوا كَمَا قَالَت الْيَهُود سمعنَا وعصينا وَلَكِن
قُولُوا سمعنَا واطعنا فَنزلت {لَا يُكَلِّفُ اللَهُ نَفساً
إِلّا وُسعَها} الْآيَة
الْآيَة الثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى {لَا يُكَلِّفُ اللَهَ
نفسا إِلَّا وسعهَا} علم الله تَعَالَى أَن الوسع لَا يُطَاق
فَخفف الوسع بقوله تَعَالَى {يُريدُ اللَه بِكُمُ اليُسرَ وَلا
يُريدُ بِكُمُ الْعسر} وَقد قيل إِن الله تَعَالَى نسخ بآخر
آيَة الدّين أَولهَا وَقد روى عَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم) حجَّة لمن ذهب الى نسخ قَوْله {أَو تُخْفُوهُ} وَهُوَ
قَول النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِن الله تجَاوز
لأمتي مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم
(1/58)
يكلم بِهِ أَو يعْمل وَعَن الْخَطَأ
وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ فَهَذَا مَا ورد فِي
مَنْسُوخ سُورَة الْبَقَرَة وَالله تَعَالَى أعلم
(1/59)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
سُورَة آل عمرَان
مَدَنِيَّة تحتوي من الْمَنْسُوخ على عشر آيَات
الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {فَإِن أَسلَموا فَقَدِ
اِهتَدوا} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله تَعَالَى {وَإِن
توَلّوا فَإِنَّمَا عَلَيْك الْبَلَاغ} نسختها آيَة السَّيْف
الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {لَا يَتَّخِذِ
المُؤمِنونَ الكافِرينَ أَولِياءَ مِن دونِ المُؤمِنين} هَذَا
مُحكم والمنسوخ قَوْله تَعَالَى {إِلّا أَن تتقوا مِنْهُم
تقاة} نسختها أَيَّة السَّيْف
(1/60)
الْآيَة الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة
وَالْخَامِسَة متصلات أولهنَّ بآخرهن قَوْله تَعَالَى {كَيفَ
يَهدي اللَهُ قَوماً كَفَروا بعد إِيمَانهم} الى قَوْله
تَعَالَى {وَلا هُم يُنظَرونَ} نزلت فِي سِتَّة رَهْط
ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام ثمَّ اسْتثْنى الله وَاحِدًا
مِنْهُم يُقَال لَهُ سُوَيْد ين الصَّامِت من الْأَنْصَار
وَذَلِكَ أَنه نَدم على فعاله وَأرْسل إِلَى أَهله يسْأَلُون
رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) هَل لَهُ من تَوْبَة
فَقَالَ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) نعم فَصَارَت
فِيهِ وَفِي كل نادم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَلِلّهِ عَلى الناسِ
حِجُّ الْبَيْت} قَالَ السّديّ فَهَذِهِ على الْعُمُوم ثمَّ
اسْتثْنى الله بِمَا بعْدهَا فَصَارَ نَاسِخا لَهَا وَهُوَ
قَوْله تَعَالَى {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} فَخص
المستطيعين
(1/61)
فَسئلَ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم) عَن السَّبِيل مَا هُوَ فَقَالَ هُوَ الزَّاد
وَالرَّاحِلَة
الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الِّذينَ
آمَنوا اِتَّقوا اللَهَ حق تُقَاته} وَذَلِكَ أَنه لما نزلت
ألآية لم يعلمُوا مَا تَأْوِيلهَا حَتَّى سَأَلُوا رَسُول الله
(صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا حق
تُقَاته فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حق تُقَاته أَن يطاع
فَلَا يعْصى وَأَن يذكر فَلَا ينسى وَأَن يشْكر فَلَا يكفر فشق
نُزُولهَا عَلَيْهِم فَقَالُوا يَا رَسُول الله إننا لَا نطيق
ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لَا
تَقولُوا كَمَا قَالَت الْيَهُود سمعنَا وعصينا وَلَكِن
قُولُوا سمعنَا وأطعنا وَنزل وَبعدهَا بِيَسِير {وَجاهِدوا فِي
اللَهِ حَقَّ جِهادِهِ} فَكَانَ هَذَا أعظم عَلَيْهِم من الأول
وَمَعْنَاهَا اعْمَلُوا حق عمله وكادت عُقُولهمْ تذهل حَتَّى
يسر الله تَعَالَى ذَلِك وَسَهل فَنزل {فَاتَّقُوا الله مَا
اسْتَطَعْتُم} فَصَارَت ناسخة لما كَانَ فبلها
(1/62)
الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى {لَن
يَضُرّوكُم إِلّا أَذَى} الْآيَة نسختها {قاتِلوا الَّذينَ لَا
يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخر} الأية التَّاسِعَة
قَوْله تَعَالَى {وَمَا كانَ لِنَفسٍ أَن تَموتَ إِلّا بِإِذنِ
اللَهِ كِتاباً مُؤَجَلاً} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله
تَعَالَى {ومَن يُرِد ثَوابَ الُدنيا نُؤتِهِ مِنها وَمَن يرد
ثَوَاب الْآخِرَة نؤته مِنْهَا} فنسخ ذَلِك قَوْله تَعَالَى
{مَن كانَ يُريدُ العاجِلَةَ عَجَّلنا لَهُ فِيهَا مَا نشَاء
لمن نُرِيد}
الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى {لتبلون فِي أَمْوَالكُم
وَأَنْفُسكُمْ} هَذَا مُحكم الى قَوْله تَعَالَى {أَذَى كثيرا}
قَوْله تَعَالَى {وَإِن تَصبِروا وَتَتّقوا فَإِنَّ ذلِكَ مِن
عَزمِ الْأُمُور}
(1/63)
نسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {قاتِلوا
الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر}
(1/64)
|