الوجيز في شرح قراءات القرأة الثمانية أئمة الأمصار الخمسة [مقدمة المحقق]
الفصل الأول سيرة الأهوازي
اسمه ونسبته:
هو أبو عليّ الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز بن
شاهويه الأهوازي «1»، منسوب إلى الأهواز أو (الأحواز) «2»
الإقليم المشهور الواقع إلى الجنوب الشّرقيّ من البصرة، وإلى
جنوب وجنوب غربي إيران حيث تفصله عنها سلسلة جبال لرستان من
الشّمال وجبال البختيارية من الشّرق، فتكون هذه السّلاسل
الجبلية الحدود الطّبيعية للهضبة الإيرانية. ويمثّل هذا
الإقليم في الوقت نفسه الامتداد الشّرقي لمنطقة الهلال الخصيب
التي تبدأ عند السّهول الفلسطينية وتمر بلبنان وسوريا والعراق
فتكوّن القسم الشّمالي الشّرقي للوطن العربيّ والحاجز الطّبيعي
بينه وبين المناطق غير العربية من آسيا. وقد تكوّنت أرضه
الرسوبية من الترسّبات التي كوّنها نهر دجيل الأهواز «3»
وروافده الكثيرة، وهو النّهر الذي أطلق عليه الفرس اسم نهر
(كارون) في العصر الحديث «4».
وقد ارتبط تحرير الأهواز بتحرير منطقة البصرة، وكانت القبائل
العربية في هذه المنطقة، ولا سيّما قبيلة بكر بن وائل، تقوم
بغارات على الأطراف الغربية للامبراطورية السّاسانية قبل
الإسلام، فاشتدّت هجماتها بعد انتصارها على الفرس في موقعة ذي
قار المشهورة. وحينما تولّى عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه-
الخلافة أمر قادة جيوش
__________
(1) معجم الأدباء لياقوت: 3/ 152، وتاريخ الإسلام للذهبي،
الورقة 429 (مجلد أياصوفيا 3009 بخطه).
(2) أطلق العرب عليه اسم الأحواز- بالحاء المهملة- وأصل الحوز
في كلام العرب مصدر حاز الرجل الشيء يحوزه حوزا إذا حصله
وملكه، قال ياقوت «فلما كثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيرتها
حتى أذهبت أصلها جملة، لأنه ليس في كلام الفرس حاء مهملة، وإذا
تكلموا بكلمة فيها حاء قلبوها هاءا فقالوا في حسن: (هسن)، وفي
محمد: (مهمد) ثم تلقفها منهم العرب فقلبت منهم بحكم الكثرة في
الاستعمال. وعلى هذا يكون الأهواز اسما عربيا سمي به في
الإسلام» (معجم البلدان: 1/ 410)، وبهذا يقرر ياقوت الحموي بأن
لفظة (أهواز) - بالهاء- هي لفظة عربية مستحدثة بعد الإسلام»،
وقد شاعت في المصادر العربية، فلم نر بأسا من إثباتها.
(3) سمي بدجيل تصغير (دجلة)، وأضيف إليه لفظ «الأهواز» تمييزا
له عن دجيل دجلة الذي في أعلى بغداد (معجم البلدان: 2/ 555).
(4) لم نجد اسم (كارون) في جميع الكتب الجغرافية العربية
والفارسية في العصور الوسطى (انظر بلدان الخلافة الشرقية
للسترنج: 268).
(1/11)
البصرة بتحريرها، فتمّ تحريرها نهائيا في
إمارة أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعريّ على البصرة سنة 17
هـ، ولذلك ارتبطت إدارتها طوال العصور الإسلامية بالبصرة
وأصبحت إقليما من أقاليمها «1».
وحين ازدهرت الحركة الفكرية في البصرة في صدر الإسلام تأثّرت
بها الأهواز فكانت آنذاك «مشحونة بالعلماء والأئمة» «2» ذكرت
كتب الرّجال والتّراجم عددا كبيرا ممّن نسب إليها، ولكنّ
الخراب بدأ يصيبها على إثر حركة الزّنج بحيث قال أبو سعد
السّمعانيّ في القرن السادس الهجري: «قد خربت أكثرها وبقيت
التلال ولم يبق منها إلا جماعة قليلة «3».
مولده ونشأته:
نقل الحافظ أبو القاسم ابن عساكر «4» وياقوت الحموي «5» عن أبي
عليّ الأهوازيّ أنه قال: ولدت في سابع عشر محرم سنة 362، وكان
مولده بالأهواز. على أنّ المصادر لم تسعفنا بشيء عن عائلته أو
نشأته. والظّاهر أنّه كان من عائلة مغمورة، إذ لم نقف في كتب
التّراجم على أحد من ذوي قرباه. ويبدو أنه تعلّم القراءة
والكتابة في طفولته، وأنه عني منذ صغره بالقرآن الكريم، قال
الذّهبيّ: «عني من صغره بالرّوايات والأداء» «6».
عنايته بالقراءات:
بدأت عناية الأهوازي بالقراءات القرآنية في سنّ مبكرة، حيث
وجدناه في سنة 378 هـ-، وهو في السادسة عشرة من عمره، يقرأ
القرآن الكريم من أوله إلى خاتمته بالهمز والإظهار وترك الهمز،
وبترك الهمز مع الإظهار من قراءة أبي عمرو بن العلاء برواية
أبي محمد اليزيديّ عنه على شيخه بالأهواز أبي الحسن علي بن
الحسين بن عثمان بن سعيد الغضائريّ «7» البغداديّ المقرئ «8».
وكان أبو الحسن الغضائريّ البغداديّ قد قرأ على أبي
__________
(1) انظر: تاريخ خليفة بن خياط: 117 - 118، 127، 131، 135،
وفتوح البلدان للبلاذري: 336، وتاريخ الطبري: 4/ 72 فما بعد،
وتحرير الأحواز في صدر الإسلام للدكتور بشار عواد معروف (آفاق
عربية، السنة السادسة، العددان: 3 - 4، بغداد 1980).
(2) أنساب السمعاني: 1/ 392.
(3) المصدر نفسه.
(4) تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران: 4/ 197.
(5) معجم الأدباء: 3/ 154، وقال الذهبي: في أول سنة 362 (تاريخ
الإسلام، الورقة 429 من مجلد أياصوفيا 3009)، وهو ينقل من
تاريخ دمشق لابن عساكر.
(6) معرفة القراء: 1/ الترجمة 343.
(7) منسوب إلى الغضارة وهو إناء يؤكل فيه الطعام، والنسبة إلى
عمله، كما في أنساب السمعاني: 9/ 155.
(8) انظر: المخطوطة، الورقة 6 ب، ومعرفة القراء للذهبي: 2/
الترجمة 257 وتاريخ الإسلام، الورقة 195 (مجلد أحمد الثالث
2917/ 10)، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 2205.
(1/12)
بكر أحمد بن موسى بن مجاهد التّميميّ «1»،
وأبي عيسى أحمد بن حمدان الفرائضيّ المقرئ «2»، وأحمد بن فرح
«3» المفسّر، وسعيد بن عبد الرّحيم الضّرير، وأبي الحسن بن
شنبوذ «4»، وأحمد بن سهل الأشنانيّ «5»، ومحمد بن إبراهيم
الأهناسيّ، والقاسم بن زكريا المطرز «6»، وعبد الله بن هاشم
الزّعفراني «7»، وغيرهم.
ومع أنّ شمس الدّين ابن الجزري ذكر أنّ الغضائري هو أقدم شيخ
«8» له إلا أننا وجدناه في السّنة نفسها يقرأ القرآن الكريم من
أوله إلى خاتمته بقراءة عبد الله بن كثير- رواية قنبل عنه- على
شيخ عربي من بني عجل هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عبيد الله
بن إسماعيل التّستريّ نزيل الأهواز «9»، وهو ممّن قرأ على أبي
بكر أحمد بن موسى بن مجاهد أيضا «10»، وأحمد بن محمد بن عبد
الصّمد الرازيّ «11»، وأحمد بن محمد بن عثمان بن شبيب الرازيّ
«12»، والهيثم بن الخضر الطّوسيّ «13»، وأبي العباس الفضل بن
محمد الأنصاريّ «14»، وأبي بكر محمد بن أحمد الرّمليّ
الدّاجوني «15»، وغيرهم.
إنّ القراءة بالرّوايات في مثل هذا العمر المبكّر تدلّ على أنّ
عائلته قد وجّهته منذ صغره إلى العناية بالكتاب العزيز، فوجد
ذلك هوى في نفسه على ما دلت عليه سيرته فيما بعد فتوجّه اليه
بكليته.
كما قرأ أبو عليّ ببلدة الأهواز- في هذه المدة تقريبا- القرآن
الكريم من أوله إلى خاتمته بقراءة حمزة بن حبيب الزّيات- رواية
سليم عنه- على شيخه أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن الحسين بن
إسماعيل الجبي المتوفى بالأهواز سنة
__________
(1) المخطوطة، الورقة 7 أ.
(2) غاية النهاية: 1/ الترجمة 218.
(3) بالحاء المهملة. وذكر ابن الجزري في ترجمته أن قراءته على
الغضائري بعيدة جدا. (غاية النهاية:
1/ الترجمة 437).
(4) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2205.
(5) انظر غاية النهاية: 1/ الترجمة 257.
(6) معرفة القراء للذهبي: 1/ الترجمة 141، وتاريخ الإسلام،
الورقة 24 (مجلد أحمد الثالث 2917/ 9) وغاية النهاية: 1/
الترجمة 2588.
(7) غاية النهاية: 1/ الترجمة 898.
(8) المصدر نفسه: 1/ الترجمة 2205.
(9) انظر المخطوطة، الورقة 3 أ، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة
258، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 597.
(10) المخطوطة، الورقة 3 أ.
(11) غاية النهاية: 1/ الترجمة 597.
(12) معرفة القراء: 1/ الترجمة 185.
(13) المصدر نفسه: 1/ الترجمة 258.
(14) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2568.
(15) معرفة القراء: 1/ الترجمة 184، وهو منسوب الى داجون من
قرى الرملة.
(1/13)
381 هـ- «1». وكان أبو الحسين الجبي قد قرأ
على أحمد بن فرح المفسر سنة 300 هـ-، وعلى أحمد بن محمد
الرّازيّ، وابن شنبوذ، وأبي بكر الدّاجونيّ، والحسين بن
إبراهيم صاحب ابن جبير، والخضر بن الهيثم، ومحمد ابن موسى
الزّينبيّ، ومحمد بن عبد الله الرّازيّ، وعبد الله بن عمر بن
كثير الهمذانيّ، ومحمد بن أحمد بن عمران بن رجاء، وأبي بكر
محمد بن الحسن النقّاش، ومحمد بن أحمد الشعيري، وهبة الدّين بن
جعفر، وأحمد بن عبد الصّمد الرّازيّ، وأحمد بن محمد بن عثمان
القطّان، وعبد الله بن محمد بن عبد العزيز البخاري «2»، وعبد
الله بن محمد بن هاشم الزّعفرانيّ «3»، وأبي الحسن عليّ بن
العباس البجليّ الكوفيّ «4»، وقرأ على الإمام محمد بن جرير
الطّبريّ سنة 308 هـ- «5».
رحلته إلى البصرة:
وعلى الرّغم من الضّعف الذي أصاب الحركة الفكرية في البصرة منذ
حركة الزّنج التي أدّت إلى تدمير الكثير من أجزائها ورحلة
العديد من العلماء عنها، لكنّها بقيت تمثّل أكبر مركز في جنوب
العراق، لذلك وجدنا الأهوازيّ أول من يتجه إليها وهو في مطلع
شبابه، فتشير النصوص إلى وجوده فيها سنة 383 هـ- حيث قرأ في
تلك السّنة القرآن الكريم من أوله إلى خاتمته بقراءة نافع-
رواية قالون عنه- على شيخه أبي الحسن علي ابن الحسن بن عليّ بن
عبد الحميد السّميساطيّ «6» المعروف بالثّغري الواسطي البزّاز
الخطيب المقرئ المعروف «7».
وفي هذه السنة أيضا قرأ القرآن الكريم من أوله إلى خاتمته
بقراءة نافع- رواية ورش عنه- «8» وبقراءة الكسائي- رواية أبي
عمرو الدّوريّ عنه- «9» على شيخه محمد بن أحمد ابن محمد بن عبد
الله بن يعقوب بن عليّ العجليّ اللالكائيّ المقرئ الشّيخ
المتصدّر الذي قرأ على أحمد بن نصر الشّذائيّ وأبي الأشعث محمد
بن حبيب الجاروديّ وأبي الفرج أحمد بن محمد بن الحسن البرمكيّ
الدّينوريّ الصّائغ المعروف بالرّصّاص «10».
__________
(1) أنساب السمعاني: 3/ 204، ومشتبه الذهبي: 140، وغاية
النهاية: 1/ الترجمة 318، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين: 1/
الورقة 122 (نسخة دار الكتب الظاهرية). وقد تكرر على الذهبي في
معرفة القراء فذكره مرتين من غير أن ينتبه إلى ذلك: 1/ الترجمة
256، والترجمة 262.
(2) انظر غاية النهاية: 1/ الترجمة 1879.
(3) المصدر نفسه: 1/ الترجمة 1898.
(4) المصدر نفسه: 1/ الترجمة 2238.
(5) المصدر نفسه: 1/ الترجمة 318.
(6) ويقال فيه الشمشاطي- بالمعجمتين- (انظر التعليق على النص،
الورقة 2 أ).
(7) المخطوطة، الورقة 2 أ، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 2190.
(8) المخطوطة، الورقة 2 ب.
(9) المخطوطة، الورقة 6 أ.
(10) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2795، وانظر: 1/ الترجمة 506.
(1/14)
وفي سنة 383 أيضا قرأ الأهوازيّ بالبصرة
القرآن الكريم من أوله إلى خاتمته بقراءة يعقوب- رواية روح بن
عبد المؤمن بن قرّة البصري عنه- على شيخه أبي عبيد الله
محمد بن محمد بن فيروز بن زاذان الكرجي «1» كما نصّ على ذلك في
مقدمة كتابه هذا «2». وأبو عبيد الله الكرجي شيخ جليل مقرئ،
قرأ على أحمد بن عبد الله بن عيسى الهاشميّ، ومحمد ابن الحسن
بن يونس الكوفيّ، وأبي العباس محمد بن يعقوب بن الزّبرقان،
وأبي بكر محمد بن هارون التّمّار، والحسن بن الحباب، وعبد الله
بن مخلد بن شعيب، وعبد الله بن محمد بن العباس المدنيّ «3»،
ومحمد بن جرير الطبريّ «4»، ومحمد بن عمير الهمذانيّ «5»،
وغيرهم «6». ولا نعلم يقينا إن كان الأهوازيّ قرأ عليه القرآن
الكريم بقراءة حمزة بن حبيب الزّيات- رواية خلّاد عن سليم عنه-
في البصرة أيضا أو في مكان آخر إذ لم ينصّ المؤلّف على ذلك
«7».
والظاهر أنّ الأهوازيّ بقي في البصرة إلى سنة 385 هـ في الأقل
وهي السنة التي قرأ فيها القرآن الكريم من أوله إلى خاتمته
بقراءة حمزة بن حبيب الزّيات- رواية الضّبي عنه- على شيخه أبي
بكر محمد بن أحمد بن عليّ الباهليّ البصريّ الصّناديقيّ
النجّار في مسجده بالبصرة «8»، وهو شيخ قد قرأ على محمد بن
أحمد بن إسماعيل الأدميّ «9»، والقاسم بن زكريا المطرّز، وأبي
بكر الدّاجونيّ الكبير، وعمر بن محمد الكاغدي، وأبي سلمة عبد
الرّحمن بن إسحاق الكوفيّ «10»، ومحمد بن الرّبيع بن سليمان
الجيزيّ «11»، وعبد الله
__________
(1) بفتح الكاف والراء نسبة إلى الكرج وهي بلدة من بلاد الجبل
بين أصبهان وهمذان.
(2) الورقة 7 ب.
(3) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3432.
(4) المصدر نفسه: 2/ الترجمة 2886.
(5) المصدر نفسه: 2/ الترجمة 3337.
(6) معرفة القراء: 1/ الترجمة 260، وغاية النهاية: 2/ الترجمة
3432.
(7) المخطوطة، الورقة 7 ب وقد قال الذهبي في ترجمة أبي عبيد
الله الكرجي: «ذكر الأهوازي أنه قرأ على هذا الشيخ بالأهواز
بروايات» (معرفة القراء: 1/ الترجمة 260) لكنه لم يحدد
الروايات التي قرأها. وقال شمس الدين ابن الجزري في ترجمته:
«قرأ عليه أبو علي الأهوازي بالبطائح سنة ست وثمانين وثلاث
مائة»، (غاية النهاية: 2/ الترجمة 3432)، فلعلهما نقلا ذلك من
غير هذا الكتاب مع احتمال حصول الوهم، لكن تحديد ابن الجزري
لتاريخ القراءة وموضعها يعطي لروايته قوة، ولا يبعد تحوله إلى
البطائح القريبة من البصرة في هذه المدة وقد فعل ذلك شيخ
الأهوازي محمد بن أحمد العجلي اللالكائي الذي قرأ عليه
الأهوازي في البصرة سنة 383 هـ- ثم وجدناه في البطائح سنة 386
هـ- كما سيأتي.
(8) المخطوطة، الورقة 5 ب.
(9) انظر غاية النهاية: 2/ الترجمة 2706.
(10) معرفة القراء: 1/ الترجمة 263.
(11) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2760.
(1/15)
ابن محمد بن صالح السّلميّ «1»، وغيرهم.
وفي البصرة أيضا قرأ الأهوازيّ القرآن الكريم من أوله إلى
خاتمته بقراءة الكسائيّ- رواية أبي الحارث عنه- على شيخه أبي
الحسن محمد بن عبد الرحيم بن إسحاق بن عوّاد الأسيدي البصري
«2». كما قرأ فيها على شيخه أبي القاسم عبد الله بن نافع بن
هارون العنبريّ، وهو شيخ روى القراءة عن أحمد بن فرح المفسّر،
وأحمد بن عليّ بن وهب «3»، وأبي بكر أحمد بن الحسن بن هارون بن
محمد العوقي «4»، وأبي بكر أحمد بن محمد بن علي بن إسحاق
الصّيدلانيّ «5»، وأبي عثمان سعيد بن عبد الرّحيم المؤدب «6»،
ومحمد بن عمر بن أيوب القلوسي «7»، وغيرهم.
ولعل الأهوازيّ قرأ بالبصرة أيضا على شيخه أبي الحسين عليّ بن
أحمد بن عثمان الهجري المقرئ، قال ابن الجزري في ترجمته: «شيخ
قرأ على معتّب بن محمد بن يوسف المقرئ، قرأ عليه أبو علي
الاهوازيّ ونسبه وكنّاه» «8».
رحلته إلى البطائح:
توجّه الأهوازيّ بعد أن قرأ على شيوخ البصرة إلى البطائح، وهي
عدة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة خرج منها عدة من
العلماء المعنيين بالقراءات القرآنية «9»، فوجدناه فيها سنة
386 هـ-، قال ابن الجزري في ترجمة محمد بن أحمد بن محمد بن عبد
الله بن يعقوب بن علي العجليّ اللالكائيّ: «صاحب تلك القصيدة
الرّائية عارض بها قصيدة أبي مزاحم الخاقانيّ، رواها عنه
الأهوازيّ في البطائح سنة ست وثمانين وثلاث مائة، وأولها:
__________
(1) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1875.
(2) المخطوطة، الورقة 6 أ، وغاية النهاية: 2/ الترجمة 3130،
وأنظر أيضا: غاية النهاية: 2/ الترجمة 3342.
(3) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1922.
(4) منسوب إلى العوقة محلة بالبصرة، (وانظر غاية النهاية: 1/
الترجمة 197).
(5) غاية النهاية: 1/ الترجمة 572.
(6) المصدر نفسه: 1/ الترجمة 1922.
(7) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3309، والقلوسي بضم القاف واللام
منسوب إلى القلوس جمع قلس وهو الحبل الذي يكون في السفينة.
(8) المصدر نفسه: 1/ الترجمة 2152، وقد قال في ترجمته معتب بن
محمد بن يوسف المقرئ: «لا أعرفه» (غاية النهاية: 2/ الترجمة
3627)، فهذا شيخ لم يذكره غير الأهوازي على ما يظهر.
(9) انظر: أنساب السمعاني: 2/ 239 - 240، ومعجم البلدان
لياقوت: 1/ 668 - 670، وذيل تاريخ مدينة السلام لابن الدبيثي،
الورقة 220 (من مجلد باريس 5922)، والتاريخ المجدد لمدينة
السلام لابن النجار، الورقة 196 (من مجلد دار الكتب الظاهرية
بدمشق)، وعقد الجمان للعيني:
16/ الورقة 600 - 601.
(1/16)
لك الحمد يا ذا المنّ والجود والبرّ ...
كما أنت أهل للمحامد والشّكر «1»
وفي البطائح أيضا قرأ الأهوازيّ على شيخه أبي الحسن أحمد بن
عبد الرّحيم بن يعقوب الفسوي وهو شيخ مقرئ قرأ على أبي جعفر
أحمد بن محمد بن حمدون السّرخسي «2».
ولعله قرأ بالرّوايات في هذه السنة بالبطائح على شيخه أبي عبيد
الله محمد ابن محمد بن فيروز بن زاذان الكرجي «3».
رحلته إلى بغداد:
وكان لا بدّ لهذا الشّاب المتحرّق في طلب العلم أن تتوق نفسه
إلى الرحلة إلى عاصمة الدّنيا العربية الإسلامية وموئل الحضارة
ومعدن العلم والعلماء مدينة السّلام بغداد لطلب الأسانيد
العالية ومذاكرة علمائها في هذا الفنّ الجليل الذي ملك عليه
قلبه وروحه.
والظاهر أنه توجّه إلى بغداد بعيد سنة 386 هـ-، وكان فيها
يقينا قبل شهر صفر سنة 388 هـ-، وهو تاريخ وفاة شيخه أبي الفرج
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون الشّنبوذي
البغدادي «4»، فقد قرأ عليه الكتاب العزيز من أوله إلى خاتمته
بقراءة عاصم بن أبي النّجود- رواية أبي بكر ابن عيّاش عنه-
«5»، وبقراءة يعقوب- رواية رويس عنه «6» -.
وكان من الطبيعي أن يتوجه الأهوازيّ إلى هذا الأستاذ الإمام في
القراءات، فهو ممّن رحل ولقي الشيوخ وأكثر عنهم، وعمّر، فعلت
أسانيده، حيث ولد سنة 300 هـ-،
__________
(1) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2795.
(2) غاية النهاية: 1/ الترجمة 296، وانظر ترجمة السرخسي أيضا:
1/ الترجمة 513، وقد نص ابن الجزري في ترجمة الأهوازي أنه قرأ
عليه بالبطائح، ولكنه أخطأ فسماه محمدا، أو هو من غلط الطبع
(1/ الترجمة 1006).
(3) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3432، وراجع تعليقنا قبل قليل.
(4) مع أن بعضهم قال بوفاته في أواخر سنة 387، وإن كان ما
ذكرناه هو المرجح عند أهل العلم بالتاريخ، انظر: تاريخ الخطيب:
2/ 92، وأنساب السمعاني: 7/ 395، والمنتظم لابن الجوزي: 7/
204، وإرشاد الأريب لياقوت: 6/ 304، واللباب لابن الأثير: 2/
30، ومعرفة القراء للذهبي: 1/ الترجمة 252، وتاريخ الإسلام،
الورقة 198 (أيا صوفيا 3008)، وتذكرة الحفاظ: 3/ 1020، والعبر:
3/ 40، وميزان الاعتدال: 3/ 461 - 462، والوافي بالوفيات
للصفدي: 2/ 39، وغاية النهاية: 2/ الترجمة 2701، ونهاية
الغاية، الورقة 206، والنجوم الزاهرة: 4/ 199، وطبقات المفسرين
للسيوطي: 37، وطبقات المفسرين للداودي: 2/ 54 - 57، وشذرات
الذهب: 3/ 129، وإنما قيل له الشنبوذي لأنه قرأ على ابن شنبوذ
وتلمذ له كما في أنساب السمعاني وغيره.
(5) المخطوطة، الورقة 4 ب.
(6) المخطوطة، الورقة 7 ب.
(1/17)
وأخذ القراءة عرضا بالروايات عن مجموعة
كبيرة من أساتذة هذا الشأن منهم: ابن مجاهد، وإبراهيم بن عرفة
نفطويه، وابن الأخرم الدّمشقيّ، ومحمد بن هارون التّمار، وأبو
بكر الأدميّ، وأبو مزاحم الخاقانيّ، وأبو بكر النقّاش، وغيرهم.
قال الدّاني: «مشهور نبيل، حافظ، ماهر، حاذق، كان يتجوّل في
البلدان «1». وقال الخطيب البغداديّ: «سمعت أبا الفضل عبيد
الله بن أحمد بن علي الصّيرفي يذكر أبا الفرج الشّنبوذيّ،
فعظّم أمره، ووصف علمه بالقراءات وحفظه للتفسير» «2».
والظاهر أنه بقي مقيما ببغداد إلى أواخر سنة 391 هـ- حينما
غادرها إلى الشام «3»، وقد قرأ ببغداد في هذه المدة على مجموعة
من شيوخها في القراءات منهم:
1 - أبو الفرج المعافى بن زكريا النّهروانيّ الجريري «4»،
الإمام العلّامة المشهور صاحب التّصانيف المشهورة المتوفى سنة
390 هـ- «5».
قال الخطيب: «وكان من أعلم النّاس في وقته بالفقه والنّحو
واللّغة وأصناف الأدب» «6». وقال ابن الجزري: «أخذ القراءة
عرضا عن أبي الحسن بن شنبوذ، وبكّار، وأبي مزاحم الخاقانيّ،
والخضر بن الحسين الحلواني، أخذ القراءة عرضا عنه:
عبد الوهاب بن علي، ومحمد بن عمر النّهاونديّ، وأحمد ابن
مسرور، وأبو علي الأهوازيّ ... » «7».
2 - أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير بن هارون
البغداديّ الكتانيّ المقرئ المحدّث الثّقة المعروف بابن كوجك
المتوفى سنة 390 هـ- «8».
ولد سنة 300 هـ-، وعرض على أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر
الحربي
__________
(1) معرفة القراء: 1/ الترجمة 252.
(2) تاريخ الخطيب: 2/ 92. وقد أساء الدارقطني القول فيه، ولكن
وثقه غير واحد، منهم أبو العلاء، الهمذاني وناهيك به.
(3) معجم الأدباء: 3/ 152، وتاريخ الإسلام، الورقة 429
(أياصوفيا 3009) ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 343.
(4) إنما قيل له الجريري لأنه كان على مذهب الإمام محمد بن
جرير الطبري.
(5) ترجمته في تاريخ الخطيب: 15/ 308، وطبقات الشيرازي: 93،
ومعجم الأدباء: 7/ 162، وإنباه الرواة للقفطي: 3/ 296، ووفيات
الأعيان: 5/ 221، وتاريخ الإسلام، الورقة 208 (أيا صوفيا 3008،
والعبر: 3/ 47، وتلخيص ابن مكتوم، الورقة 249، ومرآة الجنان:
2/ الورقة 443 - 444، والبداية والنهاية لابن كثير: 11/ 328،
وشذرات الذهب: 3/ 134 وغيرها.
(6) تاريخ الخطيب: 15/ 308.
(7) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3623، وانظر: نهاية الغاية،
الورقة 276.
(8) تاريخ الخطيب: 13/ 138، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 283،
وتاريخ الإسلام، الورقة 207 (أيا صوفيا 3008)، والعبر: 3/ 46،
وغاية النهاية: 1/ الترجمة 2382، وشذرات الذهب: 3/ 134.
(1/18)
وسمع الحروف من إبراهيم نفطويه، وسمع كتاب
«السّبعة» من ابن مجاهد. وقد وثّقه الخطيب البغداديّ، وذكر أنه
كان ينزل بالكرخ عند نهر الدّجاج «1»، وكان له مسجد هناك يقرئ
به «2»، وفي هذا المسجد قرأ عليه الأهوازيّ القرآن الكريم من
أوله إلى خاتمته بقراءة عبد الله بن كثير- رواية البزّي عنه-
«3».
3 - أبو الحسن علي بن إسماعيل بن الحسن بن إسحاق البصريّ
القطّان المعروف بالخاشع الأستاذ المشهور المتوفى بحدود سنة
390 هـ-، قال الإمام شمس الدين الذهبيّ في «تاريخ الإسلام» -
بخطّه-: «أحد من عني بالقراءات ورحل فيها، قرأ بمكة على أبي
بكر محمد بن عيسى بن بندار صاحب قنبل، وبأنطاكية على الأستاذ
إبراهيم بن عبد الرّزاق، وبغيرها على محمد بن عبد العزيز بن
الصباح، وأحمد بن محمد بن بقرة، ومحمد بن عبد الله «4» الرازيّ
صاحب الحسين بن عليّ الأزرق. وتصدّر للإقراء ببغداد، قرأ عليه
أبو عليّ الأهوازيّ، وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأبو بكر محمد بن
عمر بن زلال النهاونديّ» «5». وقال في «معرفة القرّاء الكبار»:
«أقرأ ببغداد مدة واشتهر ذكره، وطال عمره، وصنف في القراءات،
وبقي إلى حدود التّسعين وثلاث مائة» «6».
وقد صرّح الأهوازيّ في كتابه هذا بأنه قرأ القرآن الكريم من
أوله إلى خاتمته بالهمز والإظهار وبترك الهمز والإدغام
وبالإظهار وترك الهمز بقراءة أبي عمرو بن العلاء- رواية شجاع
بن أبي نصر البلخيّ عنه «7».
4 - أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله
الطّبريّ ثم البغداديّ المالكيّ العدل الثّقة المتوفى ببغداد
سنة 393 هـ- «8».
كان أحد أساتذة الإقراء المشهورين ببغداد، ولد سنة 324 هـ-،
وقدم بغداد
__________
(1) تاريخ الخطيب 13/ 138.
(2) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2382.
(3) المخطوطة، الورقة 3 ب.
(4) في غاية النهاية: «عبيد الله» مصحف.
(5) الورقة 265 (أياصوفيا 3008).
(6). 1/ الترجمة 261، وانظر: غاية النهاية: 1/ الترجمة 2175،
والعجيب أن أبا بكر الخطيب لم يترجمه في تاريخ مدينة السلام
فيستدرك عليه. كما لم يذكره الأستاذ العلامة فؤاد سزكين في
المصنفين في القراءات من كتابه «تاريخ التراث العربي» مع نص
الذهبي على تصنيفه.
(7) المخطوطة، الورقة 7 أ.
(8) تاريخ الخطيب: 6/ 510، وتاريخ الإسلام، الورقة 220 (أيا
صوفيا 3008)، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 285، وغاية النهاية:
1/ الترجمة 5، والنجوم الزاهرة: 4/ 209، وشذرات الذهب:
3/ 142، ووقع اسمه في المطبوع من غاية النهاية: «إبراهيم بن
أحمد بن إسحاق»، وهو خطأ لا ريب فيه إذ لم نعرف في أجداده من
اسمه «إسحاق»، وهي كنيته فكأنها اشتبهت عليه، وما أثبتناه من
تاريخ الخطيب، وهو العليم به، ومن خط الإمام الذهبي في «تاريخ
الإسلام» وفيهما الكفاية.
(1/19)
وسكنها، وصار شيخ الشّهود العدول بها، وقال
الذّهبيّ في «تاريخ الإسلام»: «قرأ لقالون على أبي الحسين بن
بويان، وقرأ لأبي عمرو على أبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الولي
والحسن بن محمد الفحام، وقرأ لعاصم على أبي بكر محمد بن الحسن
بن زياد النّقّاش، وقرأ لحمزة على أبي بكر محمد بن الحسن بن
يعقوب بن مقسم صاحب إدريس الحدّاد، وقرأ لحمزة أيضا على أبي
عيسى بكّار بن أحمد وأبي الحسن محمد بن عبد الله بن مرّة
الطّوسيّ» «1». وقال الخطيب: «وكان كريما سخيا، مفضلا على أهل
العلم، حسن المعاشرة، جميل الأخلاق، وداره مجمع أهل القرآن
والحديث، وكان ثقة» «2».
وقد صرّح الأهوازيّ في كتابه هذا بأنه قرأ عليه القرآن الكريم
من أوله إلى خاتمته بقراءة عاصم بن أبي النّجود- رواية حفص بن
سليمان عنه- «3».
5 - أبو مسلم محمد بن أحمد بن عليّ بن حسين الكاتب البغداديّ
المتوفى بمصر سنة 399 هـ- «4».
ولد سنة 305 هـ-، وروى القراءات سماعا عن أبي بكر بن مجاهد،
ومحمد بن أحمد ابن قطن، وعلي بن أحمد بن بزيع. وسمع من جماعة،
ودخل المغرب، وسكن مصر بأخرة، قال الذّهبيّ في «تاريخ
الإسلام»: «روى عنه الحافظ عبد الغني، وأبو عمرو الدّاني، ورشأ
بن نظيف، وأبو علي الأهوازيّ» وذكر غيرهم «5».
6 - ولعلّه قرأ بها على شيخه أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن
عيسى الحربيّ، فالحربية من محالّ بغداد كما هو معروف، قال ابن
الجزري: «شيخ روى القراءة عن أحمد ابن عبد الرّحمن الولي، قرأ
عليه أبو عليّ الأهوازيّ ونسبه وكناه» «6».
قلت: وممّا يؤيد كونه بغداديا أنّ شيخه أحمد بن عبد الرحمن بن
الفضل الولي شيخ بغدادي معروف توفي سنة 355 هـ- «7».
7 - ولعلّه قرأ ببغداد على شيخه أبي بكر أحمد بن محمد بن سويد
الباهليّ المؤدب، قال ابن الجزري: «روى القراءة عرضا عن عليّ
بن سعيد بن ذؤابة، روى القراءة عنه أبو عليّ
__________
(1) الورقة 220 (من مجلد أياصوفيا 3008 بخطه).
(2) تاريخ الخطيب: 6/ 511.
(3) المخطوطة، الورقة 5 أ.
(4) تاريخ الخطيب: 2/ 168، وتاريخ الإسلام، الورقة 249 - 250
(أياصوفيا 3008)، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 286، وميزان
الاعتدال: 3/ 461، والوافي بالوفيات: 2/ 52، وغاية النهاية: 2/
الترجمة 2756.
(5) تاريخ الإسلام، الورقة 250 (أياصوفيا 3008).
(6) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2796.
(7) انظر: تاريخ الخطيب 5/ 410، وتاريخ الإسلام، الورقة 18
(أحمد الثالث 2917/ 10)، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 227، وغاية
النهاية: 1/ الترجمة 288.
(1/20)
الأهوازيّ «1»، فابن الجرزي وإن لم يصرّح
بمكان قراءة الأهوازيّ عليه أو ينسبه إلى بغداد، فمن المحتمل
جدا أنّ هذا الشّيخ بغدادي، فشيخه أبو الحسن علي بن سعيد بن
الحسن بن ذؤابة بغدادي معروف «2»، فضلا عن أنّ ابن الجزري ذكر
في ترجمة أبي العباس أحمد بن سهل الأشنانيّ البغداديّ الثّقة
المشهور المتوفى سنة 307 هـ- ببغداد أنه من شيوخ أبي بكر أحمد
بن محمد بن سويد الباهليّ شيخ الأهوازي «3».
8 - وقرأ ببغداد أيضا على شيخ يقال له عبد العزيز بن هاشم بن
عبد العزيز الخراسانيّ «4».
9 - وقرأ بها أيضا على شيخ يقال له عبد القدّوس بن محمد بن
أحمد البغداديّ «5»، وهو ممّن قرأ على أبي العباس أحمد بن سهل
بن الفيروزان الأشنانيّ البغداديّ المقرئ المشهور «6».
رحلته إلى الشّام واستقراره بها:
وفي ذي الحجّة من سنة 391 وصل الأهوازيّ إلى دمشق «7» وهو في
التاسعة والعشرين من عمره، فقرأ على الكثير من شيوخها كان من
أبرزهم وأكثرهم أهمية شيخه أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن
عبد الله بن هلال بن عبد العزيز السّلميّ الجبني «8» الأطروش،
شيخ القرّاء بدمشق والمتوفى سنة 407 هـ- على الصحيح «9».
قال الذّهبيّ في «تاريخ الإسلام»: «قرأ على أبيه وعلى أبي
الحسن محمد ابن النّضر ابن الأخرم، وجعفر بن حمدان بن سليمان
النّيسابوريّ، وأحمد بن محمد بن الفتح النّجاد، وأبي بكر بن
أبي حمزة إمام مسجد باب الجابية وأحمد بن عثمان السّبّاك. قرأ
عليه علي بن الحسن الرّبعيّ، وأبو علي الأهوازيّ، ورشأ بن
نظيف، وأبو العباس بن مردة الأصبهانيّ. وانتهت إليه الرئاسة في
قراءة ابن عامر، قرأها على جماعة من أصحاب هارون
__________
(1) غاية النهاية: 1/ الترجمة 541.
(2) معرفة القراء: 1/ الترجمة 212، وغاية النهاية: 1/ الترجمة
2226.
(3) غاية النهاية: 1/ الترجمة 257، وانظر: تاريخ الخطيب 5/
300، وتاريخ الإسلام، الورقة 30 (أحمد الثالث 2917/ 9)، ومعرفة
القراء: 1/ الترجمة 154، ونهاية الغاية، الورقة 15، وشذرات
الذهب: 2/ 250.
(4) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1006. ولم أقف له على ترجمة.
(5) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1006.
(6) المصدر نفسه: 1/ الترجمة 257.
(7) تهذيب تاريخ دمشق: 4/ 197، ومعجم الأدباء: 3/ 152، وتاريخ
الإسلام، الورقة 429 (أيا صوفيا 3009).
(8) كان أبوه يؤم بمسجد تل الجبن بدمشق، فقيل له: الجبني.
(9) ذيل موالد العلماء ووفياتهم للكتاني، وفيات سنة 408،
ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 303، وتاريخ الإسلام، الورقة 82
(أياصوفيا 3009) وغاية النهاية: 2/ الترجمة 2793، وطبقات
المفسرين للداودي: 2/ 70 - 71.
وقد ذكر الكتاني وفاته سنة 408، وذكر الأهوازي أن وفاته في
السابع من ربيع أول سنة 407، كما نص عليه الذهبي في «تاريخ
الإسلام» وصححه ابن الجزري ورجحه على قول الكتاني.
(1/21)
الأخفش «1»».
ولذلك عني الأهوازيّ بأخذ قراءة ابن عامر عنه، فذكر في كتابه
هذا أنّه قرأ القرآن من أوله إلى خاتمته بقراءة ابن عامر-
رواية عبد الله بن ذكوان، وهشام بن عمّار عنه- سنة 393 هـ-
«2».
وكان الأهوازيّ معجبا بشيخه أبي بكر السّلميّ إعجابا شديدا،
فقد نقل العلّامة شمس الدّين ابن الجزري في «غاية النهاية» من
كتاب «الاتضاح» لأبي علي الأهوازيّ قوله فيه: «وما خلت دمشق
قطّ من إمام كبير في قراءة الشّاميين يسافر إليه فيها، وما
رأيت بها مثل أبي بكر السّلميّ، من ولد أبي عبد الرحمن
السّلميّ، إماما في القراءة ضابطا للرّواية قيّما بوجوه
القراءات يعرف صدرا من التّفسير ومعاني القراءات، قرأ على سبعة
من أصحاب الأخفش، له منزلة في الفضل والعلم والأمانة والورع
والدّين والتقشّف والفقر والصّيانة» «3».
وقرأ الأهوازيّ بدمشق على أبي الحسين محمد بن أحمد بن خلف بن
أبي المعتمر الرّقيّ المعروف بابن الفحّام المتوفى بالرقة سنة
399 هـ-. وقد ذكر الذهبيّ «4» وابن الجزريّ «5» أنّ ابن
الفحّام أخذ القراءة عرضا عن زيد بن علي ابن أبي هلال وعليه
عمدته، وأنّه نزل دمشق في أيام العبيديين، فكان يتشيّع، ووصفه
أبو عمرو الدّاني بالخير والفضل والزّهد والتقشّف. وذكرا أنّ
أبا عليّ الأهوازي روى عنه القراءة عرضا.
وقرأ بها أيضا على إمام جامع دمشق ومقرئه أبي الحسن علي بن
داود بن عبد الله الدّارانيّ القطّان المتوفى سنة 402 هـ-. وهو
إمام مقرئ ضابط متقن محرر زاهد ثقة. قرأ القرآن الكريم
بالرّوايات على طائفة منهم: أحمد بن عثمان ابن السّبّاك، وأبو
الحسن ابن الأخرم وهو آخر من روى عنه في الدّنيا. قال
الكتّانيّ: «كان ثقة انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشّاميين
... حضرت جنازته في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربع مائة» «6».
وذكر الإمامان الذّهبيّ «7» وابن الجزري «8» أنّ الأهوازيّ قرأ
عليه بدمشق.
كما قرأ بها على شيخه أبي الفرج الهيثم بن أحمد بن محمد بن
سلمة القرشيّ الشّافعيّ الدّمشقيّ المعروف بابن الصّباغ إمام
مسجد سوق اللؤلؤ بدمشق، وهو ممّن أخذ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة 82 (أياصوفيا 3009 بخطه).
(2) المخطوطة، الورقة 4 أ.
(3) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2793.
(4) تاريخ الإسلام، الورقة 250 (أياصوفيا 3008).
(5) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2789.
(6) ذيل موالد العلماء ووفياتهم، وفيات سنة 402.
(7) معرفة القراء: 1/ الترجمة 295، وتاريخ الإسلام، الورقة 20
(أياصوفيا 3009).
(8) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2218، وانظر: تبيين كذب المفتري
لابن عساكر: 214 - 217، ونهاية الغاية، الورقة 155، وشذرات
الذهب: 3/ 164.
(1/22)
القراءات عرضا عن أبي الفرج الشّنبوذيّ
وأبي الحسن عليّ بن محمد بن إسماعيل الأنطاكيّ، وتوفي بدمشق
سنة 403 هـ- «1».
ولعلّه قرأ بدمشق على أحمد بن محمد بن إدريس الخطيب ببلد منبج،
قال ابن الجزري: «قرأ على أبي بكر النّقّاش، وأبي طاهر بن أبي
هاشم. قرأ عليه أبو عليّ الأهوازيّ» «2».
وقد وقفنا على عدد من شيوخه، لكننا لم نعرف مواطنهم أو المكان
الذي قرأ فيه الأهوازيّ عليهم وهم:
1 - أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن خالد، أبو الحسن
المقرئ.
قال ابن الجزري: «شيخ قرأ على أحمد بن محمد بن الحسن البرمكيّ،
قرأ عليه أبو عليّ ابن الأهوازي ونسبه وكنّاه» «3».
2 - أحمد بن محمد بن عبدون بن عمرويه، أبو الحسن الصيدلاني
القاضي الشّافعيّ.
قال ابن الجزري: «شيخ معمر. أخذ القراءة عن النّقّاش، وهبة
الله بن جعفر، وأحمد بن كامل بن خلف. أخذ عنه عرضا أبو علي
الأهوازيّ. قلت: إن يكن ابن عبدوس، فقد قال فيه الحاكم: كان من
علماء الشّافعيين مات في شهر رمضان سنة خمس وثمانين «4» وثلاث
مائة» «5».
3 - عليّ بن محمد بن عبد الله بن عبد الصّمد، أبو الحسن
الورّاق.
قال ابن الجزري: «شيخ قرأ على هبة الله بن جعفر وأبي بكر
النّقّاش، قرأ عليه أبو عليّ الأهوازيّ» «6».
4 - محمد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم، أبو بكر الخرقيّ.
قال ابن الجزري: «شيخ قرأ على أبي بكر بن سيف «7»، وأحمد بن
عبد الله بن ذكوان،
__________
(1) معرفة القراء: 1/ الترجمة 309، وتاريخ الإسلام، الورقة 36
(أياصوفيا 3009) وغاية النهاية:
2/ الترجمة 3793.
(2) غاية النهاية: 1/ الترجمة 487، وقد يكون رحل إليه إلى بلده
منبج؟!
(3) غاية النهاية: 1/ الترجمة 488، وانظر ترجمة أحمد بن محمد
بن الحسن البرمكي: 1/ الترجمة 506.
(4) في الأصل: «وثلاثين» وهو تحريف فاحش، والتصحيح من تاريخ
الإسلام للذهبي، الورقة 176 (أيا صوفيا 3008). وعبارة الحاكم
نقلها السبكي في طبقاته الوسطى، وهو أحمد بن محمد بن عبدوس ابن
حاتم الفقيه أبو الحسن الحاتمي الطرائفي (راجع التعليق على
الطبقات الكبرى: 3/ 46 - 47).
(5) غاية النهاية: 1/ الترجمة 566.
(6) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2321.
(7) هو عبد الله بن مالك بن عبد الله بن يوسف بن سيف، أبو بكر
التجيبي المصري النجاد المتوفى سنة 307 (غاية النهاية: 1/
الترجمة 1852، ونهاية الغاية، الورقة 123).
(1/23)
وأحمد بن محمد الرازيّ، وإبراهيم بن أحمد
الحجبيّ. قرأ عليه أبو عليّ الأهوازيّ، ولا يعرف إلا من جهته.
وقد انفرد عن أبي بكر بن سيف، عن الأزرق، عن ورش بعدم البسملة
في أول الفاتحة. ذكر ذلك عنه الأهوازيّ، ولا يصحّ ذلك عن ورش
ولا غيره» «1».
5 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم أبو بكر الأدميّ.
قال ابن الجزري: «شيخ قرأ عليه أبو عليّ الأهوازيّ عن قراءته
على أحمد ابن عليّ ابن عيسى الكوفي» «2».
وقال في ترجمة أبي العباس أحمد بن عليّ الكوفيّ: «روى القراءة
عن إبراهيم بن نصر الرّازيّ عن خلّاد. قرأ عليه محمد بن عبد
الله بن إبراهيم الأدمي شيخ الأهوازي» «3».
6 - محمد بن يوسف بن محمد بن إسحاق، أبو عبد الله الخراسانيّ
المقرئ.
قال ابن الجزري: «صاحب تلك القصيدة الرّائية في مدح أهل
القرآن، رواها عنه أبو علي الحسن بن عليّ الأهوازي (ثم ذكر
منها خمسة أبيات وقال:) والقصيدة نحو سبعين بيتا أحسن فيها،
كان في أواخر الأربع مائة» «4».
عنايته بطلب الحديث وروايته:
لم تقتصر عناية الأهوازي بالقراءات فحسب، بل عني بطلب الحديث
منذ عهد مبكر، فرواه وحدّث به عن جماعة كثيرة «5»، وقال
الذّهبيّ في «تاريخ الإسلام»: «وقد روى الحديث عن نصر بن أحمد
بن الخليل المرجّى، وعبد الجبّار بن محمد الطّلحيّ، وأبي حفص
الكتانيّ «6»، وهبة الله بن موسى الموصليّ، والمعافى بن زكريا
النّهروانيّ «7»، وعبد الوهّاب بن الحسن الكلابيّ، وتمام بن
محمد الرّازيّ، وأبي مسلم محمد بن أحمد الكاتب «8»، وخلق يطول
ذكرهم» «9».
وروى عنه من أعلام المحدّثين: أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت
الخطيب البغداديّ المتوفى سنة 463 هـ-، وأبو سعد إسماعيل بن
عليّ الرازيّ السّمان المتوفى سنة 445 هـ-، وأبو زكريا عبد
الرّحيم بن أحمد البخاريّ المتوفى سنة 461 هـ-، وأبو محمد عبد
العزيز بن
__________
(1) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3172، وانظر معرفة القراء: 1/
الترجمة 259، ونهاية الغاية، الورقة 245.
(2) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3143.
(3) المصدر نفسه: 1/ الترجمة 391.
(4) غاية النهاية: 1/ الترجمة 3557.
(5) تهذيب تاريخ دمشق: 4/ 197.
(6) أخذ عنه القراءات أيضا كما مر بنا.
(7) مثله.
(8) مثله.
(9) الورقة 429 (أياصوفيا 3009).
(1/24)
أحمد التّميميّ الكتانيّ الدّمشقيّ المتوفى
سنة 466 هـ-، وأبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسيّ
النابلسيّ شيخ الشّافعية بالشّام والمتوفى سنة 490 هـ-، وأبو
طاهر محمد بن الحسين الحنّائي المتوفى سنة 510 هـ-، وأبو
القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسينيّ الدّمشقيّ المعروف
بالنّسيب المتوفى سنة 508 هـ-، وكلّهم أخذوا عنه بدمشق «1».
ومهما قيل عن عنايته بالحديث النّبوي الشّريف فإنّه لم يبلغ
فيه مبلغه في القراءات، مع قول الذّهبيّ: «وله تواليف في
الحديث» «2»، لكنّ كتابه الذي ألّفه في «الصّفات»
واعتمد فيه على الرّوايات الحديثية قد انتقد عليه انتقادا
شديدا كما سيأتي بيانه.
تلاميذه:
اتّخذ الأهوازيّ دمشق سكنا له وبقي فيها إلى حين وفاته وكان قد
استكمل علمه على رأس الأربع مائة وهو بحدود الثامنة والثلاثين
من عمره، فانتصب للإقراء وإفادة الطّلبة بدمشق من بعد سنة أربع
مائة وقسم من شيوخه ما زالوا أحياء يقرءون «3»، فانثال عليه
طلبة القراءات من كلّ حدب وصوب، فقرأ عليه الجمّ الغفير، ذكرت
المصادر بعضهم وسكتت عن كثير ممّن لم يتميزوا منهم «4»، وإليك
ما وقفنا عليه منهم مرتبين على حروف المعجم:
1 - أحمد بن الحسين بن أحمد أبو بكر المقدسيّ القطّان المقرئ،
المتوفى سنة 468 هـ-.
كان أحد من جرد العناية في طلب القراءات، فقرأها على أبي عليّ
الأهوازيّ بدمشق وغيره. أخذ عنه أبو بكر محمد بن الحسين
المزرفي «5» البغداديّ المتوفى سنة 527 هـ- «6».
2 - أحمد بن عليّ بن محمد بن يحيى بن الفرج، الشّيخ أبو نصر
الهاشميّ البصريّ ثم البغداديّ المقرئ المعروف بالهبّاري
وبالعاجي والمتوفى بعد سنة 490 هـ-.
ولد سنة 396 هـ- ورحل في طلب القراءات، فقرأ على أبي عليّ
الأهوازي بدمشق
__________
(1) انظر: تهذيب تاريخ دمشق: 4/ 197، ومعجم الأدباء: 3/ 152 -
153، وتاريخ الإسلام، الورقة 429 (أياصوفيا 3009) وغيرها من
مصادر ترجمته، وراجع «تاريخ الإسلام» في وفيات المذكورين.
(2) تاريخ الإسلام، الورقة 429 (أياصوفيا 3009).
(3) انظر معرفة القراء: 1/ الترجمة 343.
(4) لا شك أن مثل هذا العالم وغيره من العلماء قد أقرءوا مئات
من الطلبة طوال حياتهم العلمية، ولكن الكثير من هؤلاء الطلبة
لا يستمرون في حياتهم العلمية أو لا ينتصبون للعلم فلا تذكرهم
كتب التراجم لعدم وجود ما يبرر ذكرهم. وإنما تذكر الكتب من
استمر في الدراسة والعطاء فيما بعد وإن كان قليلا.
(5) المزرفي: بكسر الميم وسكون الزاي وفتح الراء وبعدها الفاء
منسوب إلى المزرفة قرية بالقرب من بغداد ما زالت معروفة.
(6) معرفة القراء: 1/ الترجمة 376، وتاريخ الإسلام، الورقة 247
(أحمد الثالث 2917/ 11)، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 204.
(1/25)
وغيره. قرأ عليه أبو الكرم المبارك بن
الحسن الشّهرزوري القراءات جمعا إلى سورة الفتح «1».
3 - أحمد بن عمر بن أبي الأشعث، الإمام البارع الشّيخ أبو بكر
السّمرقندي «2».
قال ابن الجزري: «قرأ بدمشق على أبي عليّ الأهوازيّ. روى
القراءة عنه أبو الكرم الشّهرزوريّ، وكان عارفا بكتابة المصاحف
على الرّسم» «3». وقد صرّح ابن الجزري في ترجمة أبي حفص عمر بن
ظفر الشّيبانيّ المغازلي 461 - 542 هـ- «4»، بأنه قرأ كتاب
«الموجز» للأهوازيّ على أبي بكر السّمرقندي هذا «5».
4 - أحمد بن محمد بن عليّ، أبو بكر الهروي الضّرير المتوفى
بالقدس سنة 489 هـ-.
ولد سنة 405 هـ-، وقدم دمشق فقرأ بها على أبي عليّ الأهوازي،
وألّف كتابا في القراءات الثّمان سمّاه «التّذكرة». قرأ عليه
أبو بكر عبد الله بن عمر الرّوذباري «6» الذي أقرأ ببغداد عنه
سنة 494 هـ- فسمع بقراءته أبو سعد محمد ابن عبد الجبار
الجويميّ «7».
5 - الحسن بن عليّ بن عمّار الأوسيّ.
ذكره ابن الجزري فيمن قرأ على الأهوازي من ترجمته «8»، وذكر في
ترجمة أبي أحمد محمد بن الحسن بن شمول «9» البصري أنّه قرأ على
الأوسي هذا «10».
6 - الحسن بن القاسم بن عليّ، أبو عليّ الواسطيّ المقرئ
المعروف بغلام الهرّاس، شيخ القراء ومسند العراق المتوفى سنة
468 هـ-.
ولد سنة 374 هـ-، ورحل في القراءات شرقا وغربا وأدرك الكبار،
فقرأ على جملة
__________
(1) معرفة القراء: 1/ الترجمة 381، والوافي بالوفيات: 7/ 207،
وغاية النهاية: 1/ الترجمة 400.
(2) ترك ابن الجزري تاريخ وفاته بياضا، فما وقفنا على تاريخ
وفاته.
(3) غاية النهاية: 1/ الترجمة 420.
(4) انظر مشيخة ابن الجوزي: 135 - 136، وتاريخ الإسلام، الورقة
292، (أياصوفيا 3010)، وتذكرة الحفاظ: 4/ 1294، والعبر 4/ 115،
ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 448، وشذرات الذهب: 4/ 131.
(5) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2410.
(6) غاية النهاية: 1/ الترجمة 579.
(7) منسوب إلى «جويم» مدينة بفارس، ذكرها ياقوت في معجم
البلدان (2/ 164) وابن نقطة في «الجويمي» من «إكمال الإكمال»
ونسبا محمد بن عبد الجبار هذا إليها (وانظر التعليق على أنساب
السمعاني: 3/ 384). وتحرفت النسبة في ترجمة الروذباري من غاية
النهاية (1/ الترجمة 1829) إلى: «الحريمي»، ولكنها وردت صحيحة
في ترجمة الجويمي منها (2/ الترجمة 3093)، فعلم أن ذلك من غلط
الطبع.
(8) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1006.
(9) بفتح الشين وضم الميم.
(10) غاية النهاية: 1/ الترجمة 504.
(1/26)
منهم أبو عليّ الأهوازي بدمشق. وتصدّر
للإقراء بدمشق في حياة شيخه الأهوازي. قرأ عليه أبو العز
القلانسيّ، وأبو المجد محمد بن محمد بن جهور قاضي واسط، وعليّ
بن عليّ بن شيران، وغيرهم «1».
7 - سبيع بن المسلّم بن عليّ بن هارون الدّمشقيّ الضّرير، أبو
الوحش، المعروف بابن قيراط، شيخ دمشق، المتوفى سنة 508 هـ-.
ولد سنة 419 هـ-، وقرأ على أبي عليّ الأهوازيّ وسمع منه كتاب
«الوجيز» هذا.
وكان ثقة كبيرا، قرأ عليه إسماعيل بن عليّ بن بركات شيخ عبد
الوهاب بن بزغش. وروى القراءات عنه الخضر بن شبل الحارثيّ،
وعليّ ابن الحسن الكلابيّ الذي حدّث بكتاب «الوجيز» عنه سماعا
فرواه عن الكلابيّ سماعا محمد بن الحسن بن عيسى اللّرستاني
«2».
8 - سعيد بن أحمد بن عمرو، أبو منصور الجزري القاضي.
قدم دمشق وقرأ بها على أبي عليّ الأهوازيّ بالقراءات السّبع
بكتابه «الموجز»، وسمعه منه، وتصدّر بجزيرة ابن عمر، وأقرأ سنة
493 هـ-، فقرأ عليه أبو بكر محمد بن عليّ بن سلامة «3»
الدّارميّ الآمديّ بالقراءات السّبع بكتاب «الموجز» للأهوازيّ
«4».
9 - عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد القدوس، الأستاذ
أبو القاسم القرطبي، مقرئ أهل قرطبة، ومؤلف كتاب «المفتاح» في
القراءات، المتوفى سنة 461 هـ-.
ولد سنة 403، ورحل وقرأ القراءات على أبي عليّ الأهوازي وغيره
فقال الذهبي: «كان عجبا في تحرير هذا الشّأن ومعرفة فنونه».
قرأ عليه أبو القاسم خلف ابن النّحاس، وعليّ بن أحمد بن كرز،
وأبو الحسن يحيى بن البيّاز وجماعة «5».
__________
(1) سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 59 - 62، والمنتظم: 8/
298، وتاريخ الإسلام،، الورقة 237 (أحمد الثالث 2917/ 11)
والعبر: 3/ 266 ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 366، وميزان
الاعتدال: 1/ 518، ومرآة الجنان 3/ 99، وغاية النهاية: 1/
الترجمة 1040، ونهاية الغاية، الورقة 45، ولسان الميزان: 2/
245. وشذرات الذهب: 3/ 329، وتهذيب ابن عساكر: 4/ 242.
(2) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8/ 54، ومعرفة القراء: 1/
الترجمة 405، والعبر: 4/ 16 وتاريخ الإسلام، الورقة 72
(أياصوفيا 3010)، وعقد الجمان للعيني: 15/ الورقة 698، وغاية
النهاية: 1/ الترجمة 1319، وانظر: 1/ الترجمة 773، وشذرات
الذهب: 4/ 23. وراجع ترجمة عليّ بن الحسن الكلابي في غاية
النهاية: 1/ الترجمة 2187.
(3) في غاية النهاية (1/ الترجمة 1335): «سلام» محرف.
(4) معرفة القراء: 1/ الترجمة 397، وغاية النهاية: 1/ الترجمة
1335. وذكر ابن الجزري في ترجمة محمد بن عليّ بن سلامة الدارمي
أن أحمد بن أحمد ابن القاص قرأ عليه بالموجز للأهوازي (غاية
النهاية: 2/ الترجمة 3258).
(5) الصلة لابن بشكوال: 2/ 381، والذيل والتكملة: 5/ 1/ 96،
ومعرفة القراء: 1/ الترجمة
(1/27)
10 - عتيق بن محمد، أبو بكر الردائي، شيخ
الإقراء بقلعة حماد من أرض المغرب.
رحل ودخل دمشق فقرأ بها على أبي عليّ الأهوازيّ، وعمّر دهرا.
رحل إليه أبو بكر محمد بن محمد بن معاذ الإشبيليّ فقرأ عليه
«1».
11 - عليّ بن أحمد بن عليّ، أبو الحسن المصّيني الأبهريّ
الضّرير المقرئ راوي نسختنا من كتاب «الوجيز».
قال الذّهبيّ: «قرأ القراءات بدمشق على أبي علي الأهوازيّ،
وأقرأ بالدّيار المصرية.
قرأ عليه الشّريف أبو الفتوح ناصر الخطيب، وعليه دارت في وقتنا
طرق الأهوازي. ولا أعلم أحدا ذكر له ترجمة، وكان موجودا في
حدود عام خمس مائة» «2».
12 - عليّ بن الحسين بن زكريا، أبو الحسن الطّريثيثيّ «3»
الصّوفيّ.
شيخ مقرئ أخذ القراءة عرضا عن أبي عليّ الأهوازيّ وغيره. قرأ
عليه أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصّمد الطّبريّ، وعبد السيّد
بن عتّاب، وأحمد بن المحسّن العطّار «4».
13 - محمد بن أحمد بن الهيثم، أبو بكر الرّوذباريّ «5» البلخيّ
الإمام المقرئ المحرّر.
تلا بالرّوايات الكثيرة على أبي عليّ الأهوازيّ، وغيره.
واستوطن مدينة غزنة في أفغانستان الحالية، وأقرأ بها القراءات،
فكان بصيرا بعللها عالي الرّواية فيها «6». قال ابن الجزري:
«هو مؤلف كتاب «جامع القراءات» لم يؤلف مثله، رأيته بمدينة
هراة جمع فيه القراءات العشر وغيرها، وأتى فيه بفوائد كثيرة
بالأسانيد المختلفة وفرغ منه في يوم الأحد السّابع عشر من
المحرم سنة تسع وستين وأربع مائة» «7».
14 - محمد بن عبد الله بن الحسن بن موسى، أبو عبد الله
الشّيرازيّ القاضي نزيل مصر.
قرأ على أبي عليّ الأهوازيّ، وهو من قدماء أصحابه، وقرأ على
غيره. قرأ عليه أبو
__________
392، وتاريخ الإسلام، الورقة 207 (أحمد الثالث 2917/ 11)،
وغاية النهاية: 1/ الترجمة 2004، ونهاية الغاية، الورقة 136،
ونفح الطيب: 3/ 393. وراجع ترجمة عليّ بن أحمد بن كرز في غاية
النهاية: 1/
الترجمة 2162.
(1) معرفة القراء: 1/ الترجمة 394، وغاية النهاية: 1/ الترجمة
2082. ولم يذكره الحافظ ابن عساكر في «تاريخ دمشق» مع أنه من
شرطه.
(2) معرفة القراء: 1/ الترجمة 391، وغاية النهاية: 1/ الترجمة
2153.
(3) بضم الطاء المهملة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف
وبعدها الثاء المثلثة بين الياءين هذه النسبة إلى طريثيث ناحية
كبيرة من نواحي نيسابور.
(4) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2202.
(5) بضم الراء وسكون الواو والذال المعجمة، نسبة إلى مواضع عند
الأنهار الكبيرة يقال لها الروذبار، ذكر السمعاني عددا منها
(الأنساب: 6/ 180 - 182).
(6) معرفة القراء: 1/ الترجمة 384.
(7) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2817.
(1/28)
القاسم الهذليّ تلميذ الأهوازيّ بمصر «1».
15 - محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن مندة، أبو عبد
الله الجاجانيّ «2» الدشتيّ «3» الأصبهانيّ.
روى القراءات عن أبي عليّ الأهوازيّ، ورواها عنه أبو بكر محمد
بن عليّ بن محمد الأصبهانيّ شيخ الحافظ أبي العلاء الهمذانيّ
«4».
16 - محمد بن عبد الرّحمن، أبو بكر النّهاونديّ المعروف
بمردوس.
رحل إلى دمشق وقرأ بها على أبي عليّ الأهوازيّ، وعاد إلى
نهاوند فأقرأ بها، ثم قدم بغداد فقرأ عليه الأستاذ طاهر بن
سوار المقرئ «5».
17 - محمد بن المفرّج بن إبراهيم بن محمد، أبو عبد الله
البطليوسيّ المتوفى سنة 494 هـ-.
قرأ بالرّوايات على أبي عمرو الدّاني، ورحل فقرأ على أبي عليّ
الأهوازيّ، وابن نفيس، والكارزينيّ، وعبد الباقي بن فارس،
والقنطريّ، ونصر الشّيرازيّ قرأ عليه يحيى بن خلف بن الخلوف،
وعبد الرّحمن بن أبي رجاء البلوي، ويوسف بن أحمد القرشيّ،
وسليمان بن يحيى «6».
18 - هبة الله بن عليّ بن عراك بن الليث، أبو القاسم الأندلسيّ
المتوفى، قبل سنة 490 هـ-.
قرأ بدمشق على أبي عليّ الأهوازيّ سنة 420 هـ- ونزل تستر وأقرأ
بها، قرأ عليه أبو سعد محمد بن عبد الجبّار الجويميّ سنة 487
هـ- «7».
19 - يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل المغربي، أبو
القاسم الهذليّ
__________
(1) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3153.
(2) لم نقف على هذه النسبة في كتب الأنساب، وانظر التعليق على
أنساب السمعاني 3/ 153 رقم 457 من المستدرك.
(3) وقع في المطبوع من غاية النهاية (2/ الترجمة/ 3176):
«الدستي» بالسين المهملة، وما أظنه إلا مصحفا، فآل مندة منهم
من ينسب إلى «دشت» قرية من قرى أصبهان، ولا نعرفها بالمهملة
(وانظر أنساب السمعاني: 5/ 314 - 315 وراجع التعليق عليه: 5/
313 هامش رقم 3.
(4) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3176.
(5) غاية النهاية: 1/ الترجمة 3126.
(6) فهرست ابن خير: 33، والصلة لابن بشكوال: 2/ 563 - 564،
وتاريخ الإسلام، وفيات سنة 494 (أحمد الثالث 2917/ 11)، ومعرفة
القراء: 1/ الترجمة 395، وميزان الاعتدال: 4/ 46، وغاية
النهاية: 2/ الترجمة 3479 على أن ابن بشكوال قال: «روى ابن
المفرج عن أبي عمرو الداني فيما كان يزعم وذكر أن له رحلة إلى
الشرق روى فيها عن الأهوازي، وكان يكذب فيما ذكره من ذلك كله،
وقد وقف على ذلك كله أصحابنا، وأنكروا ما ذكره».
(7) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3771.
(1/29)
المقرئ الجوّال مؤلف «الكامل» وغيره من
الكتب في القراءات والمتوفى سنة 465 هـ-.
رحل من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق، وكانت رحلته في سنة 425
هـ- وبعدها، فقرأ على مجموعة من الشّيوخ منهم: أبو عليّ
الأهوازي بدمشق، وألّف المصنّفات الكبيرة في القراءات، روى عنه
إسماعيل بن الإخشيد، وأبو العز محمد بن حسين القلانسيّ
وغيرهما، ودرس النحو في نظامية نيسابور «1».
وقد أجاز «2» أبو عليّ الأهوازيّ لعدد من الطّلبة رواية كتبه
منهم:
أحمد بن عبد الجبّار، أبو سعد ابن الطّيوري الكتبي الصّيرفي
البغدادي المتوفى سنة 517 هـ-، قال الذّهبيّ في «تاريخ
الإسلام»: «أجاز له محمد بن عليّ الصّوريّ الحافظ وأبو عليّ
الأهوازيّ المقرئ. وكان دلالا في الكتب صدوقا.
روى عنه السلفي، والحسين بن عبد الملك الخلال، والصّائن ابن
عساكر، وذاكر بن كامل، وجماعة آخرهم وفاة يحيى بن بوش. وكان
مولده في سنة أربع وثلاثين وأربع مائة» «3». وأشار ابن الجزري
وغيره إلى إجازة الأهوازي له «4».
ومنهم: عبد الكريم بن عبد الصّمد بن محمد، أبو معشر الطّبريّ
القطّان الشافعي مقرئ أهل مكة ومصنّف «التلخيص» و «سوق العروس»
وغيرهما من كتب القراءات
والمتوفى بمكة سنة 478 هـ-.
قرأ على عدد من الشّيوخ، وروى القراءات الكثيرة بالإجازة عن
أبي عليّ الأهوازيّ وألّف كتاب «سوق العروس» وفيه ألف وخمس
مائة طريق أكثر فيه الرواية عن الأهوازي قال ابن الجزري: «وروى
عنه الطّم والرّم أبو معشر الطّبريّ بالإجازة في كتابه «سوق
العروس» وغيره» «5».
__________
(1) الإكمال لابن ماكولا: 1/ 458 - 459، والصلة لابن بشكوال:
2/ 680، وتاريخ الإسلام، الورقة 236 (أحمد الثالث 2917/ 11)،
ومعرفة القراء 1/ الترجمة 367، ونكت الهميان للصفدي: 314،
ومرآة الجنان: 3/ 93 وغاية النهاية: 2/ الترجمة 3929، ونهاية
الغاية، الورقة 302، وبغية الوعاة: 2/ 359، وشذرات الذهب: 3/
324.
(2) الإجازة: إذن بالرواية، وهي لا تتطلب لقاء الشيخ والأخذ
عنه أو القراءة عليه، ومن هنا فإن قيمتها العلمية قليلة جدا،
كما هو معروف في كتب المصطلح.
(3) الورقة 121 (أياصوفيا) 3010.
(4) غاية النهاية: 1/ الترجمة 282، وانظر: المنتظم: 9/ 247،
والعبر 4/ 39، وعقد الجمان للعيني: 15/ الورقة 832 وشذرات
الذهب: 4/ 53.
(5) غاية النهاية 1/ 1006 وانظر: تاريخ الإسلام، الورقة 4
(أحمد الثالث 2917/ 11)، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 371،
والعبر: 3/ 290، وميزان الاعتدال: 2/ 644، ومرآة الجنان: 3/
123، وطبقات الشافعية للسبكي: 5/ 152 - 153، وطبقات الشافعية
للإسنوي: 2/ 165 والعقد الثمين للفاسي: 5/ 475، وغاية النهاية:
1/ الترجمة 1708، ونهاية الغاية، الورقة 101، ولسان
(1/30)
مؤلفات الأهوازي
وأهميتها:
ترك الأهوازيّ مجموعة من الآثار جلّها في القراءات. وقد ذكر
الذّهبيّ في «معرفة القراء» أنّه «صنّف عدة كتب في القراءات»
«1»، وقال في «تاريخ الإسلام»: «وله تواليف في الحديث» «2».
وشهد له تلميذه الإمام أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتانيّ
الدّمشقيّ المتوفى سنة 466 هـ- بحسن التّصنيف في القراءات وأنه
جمع في ذلك شيئا كثيرا «3». وإليك ما وقفنا عليه من مؤلفاته
مرتبة على حروف المعجم:
1 - الاتضاح:
في القراءات ذكره المؤلّف في كتابه «الوجيز» وأحال عليه «4»،
وذكره ابن الجزري في «النشر» «5»، ونقل منه في غاية النهاية
«6».
وقد رواه عن مؤلفه تلميذه أبو علي الحسن بن القاسم الواسطيّ
المعروف بغلام الهرّاس «374 - 468 هـ-»، فرواه عنه أبو العز
محمد بن الحسين ابن بندار القلانسيّ «435 - 521»، ورواه عن
القلانسيّ أبو محمد عبد الله بن عليّ المعروف بسبط الخيّاط
«464 - 541 هـ-»، ورواه عن سبط الخياط العلامة ابو اليمن زيد
بن الحسن الكنديّ «520 - 613 هـ-» «7».
وقرأه أبو النّجم هلال بن أبي الهيجاء بن أبي الفضل المسيّبي
المعروف بابن الزريقا- من أهل نهر الملك- على أبي العز
القلانسيّ أيضا «8».
ورواه الإمام الكبير أبو إسحاق يوسف بن جامع القفصيّ البغداديّ
صاحب التآليف المشهورة في «القراءات» 606 - 682 هـ- على شيخه
قيصر بن عبد الله البغداديّ المعروف بالسّتري «9»، وقرأه على
القفصي تلميذه أبو الحسن علي بن أحمد الجزري ببغداد سنة 674
هـ- «10».
2 - الإقناع في القراءات الشّاذة:
__________
الميزان: 4/ 49، وطبقات المفسرين للداودي: 1/ 332، وشذرات
الذهب: 3/ 358.
(1) معرفة القراء: 1/ الترجمة 403.
(2) تاريخ الإسلام، الورقة 429 (أياصوفيا 3009).
(3) معجم الأدباء: 3/ 153.
(4) الوجيز، الورقة 19 ب.
(5) النشر: 1/ 35.
(6) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1780، 2/ 2793.
(7) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1307.
(8) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3790.
(9) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2618.
(10) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2169.
(1/31)
ذكره ابن الجزري ونقل منه وأشار إلى وجود
قراءة أبي بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزّهريّ فيه «1»، كما نقل
منه وفاة شيخ الأهوازي أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن الحسين
الجبيّ، فقال: «توفي فيما ذكره الأهوازي في كتابه «الإقناع»
سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة بالأهواز» «2». وذكره حاجي خليفة
«3»، والبغداديّ «4».
وقد رواه عن مؤلّفه تلميذه غلام الهرّاس بقراءته عليه، فرواه
عنه أبو العز القلانسيّ، ورواه عن القلانسيّ أبو محمد سبط
الخيّاط، وقرأه على سبط الخيّاط العلامة أبو اليمن الكنديّ،
كما ذكرنا عند الكلام على «الاتّضاح» «5».
وقرأه الإمام أبو إسحاق يوسف بن جامع القفصيّ البغداديّ
المتوفى سنة 682 هـ- على شيخه أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم
بن أبي الفضل بن سالم المعروف بالرّواشني البغدادي «6»، وقرأه
على القفصيّ تلميذه أبو الحسن علي ابن أحمد الجزري ببغداد سنة
674 هـ- «7».
3 - الإيجاز:
وهو في القراءات. ذكره الذّهبيّ «8»، والصّفديّ «9»، وابن
الجزري «10».
4 - الإيضاح:
في القراءات. ذكره المؤلّف في كتابه «الوجيز» وأحال عليه «11».
وذكره ابن الجزري في «النشر» «12»، ونقل منه في «غاية النهاية»
«13». كما ذكره حاجي خليفة «14»، والبغدادي «15».
وقد رواه كما هو الحال في «الاتّضاح» و «الإقناع» عن مؤلّفه
تلميذه غلام الهرّاس،
__________
(1) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3470.
(2) غاية النهاية: 1/ الترجمة 318.
(3) كشف الظنون: 1/ 140.
(4) هدية العارفين: 275.
(5) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1037.
(6) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3378.
(7) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2169.
(8) تاريخ الإسلام، الورقة 429 (أياصوفيا 3009).
(9) الوافي بالوفيات: 12/ 122.
(10) النشر: 1/ 35.
(11) الوجيز، الورقة 19 ب.
(12) النشر: 1/ 35.
(13). 1/ الترجمة 1780.
(14) كشف الظنون: 1/ 211.
(15) هدية العارفين: 275.
(1/32)
فرواه عنه أبو العز القلانسيّ، ورواه عن
القلانسيّ أبو محمد سبط الخيّاط الذي قرأ عليه العلامة أبو
اليمن الكندي هذا الكتاب وغيره من كتب القراءات «1».
وكذلك قرأه القفصيّ على شيخه الرواشني البغدادي «2»، فقرأه أبو
الحسن الجزري على شيخه القفصي ببغداد سنة 674 هـ- «3».
5 - البيان في شرح عقود أهل
الإيمان:
وهو كتاب في الصّفات ذكره ابن عساكر «4»، وياقوت الحموي «5»،
والذّهبيّ «6»، والصّفديّ «7»، وابن حجر «8» وغيرهم «9». وقد
انتقده عليه العلماء بسبب استشهاده بالأحاديث الضعيفة
والموضوعة التي تقوّي رأيه فيه، قال الإمام الذّهبيّ في «تاريخ
الإسلام»: «صنف كتابا في الصّفات وروى فيه الموضوعات ولم
يضعّفها فما كأنه عرف بوضعها» «10»، وقال في «ميزان الاعتدال»:
«وصنّف كتابا في الصّفات لو لم يجمعه لكان خيرا له، فإنّه أتى
فيه بموضوعات وفضائح» «11» ونقل منه. وشنّع الحافظ أبو القاسم
ابن عساكر بالأهوازيّ بسبب ثلبه للأشعريّ كما سيأتي، وذكر أنّ
بعض هذا الكتاب كان موجودا على أيامه بدمشق بخطّ الأهوازي «12»
وقد وصل إلينا منه الجزء السّابع عشر «13».
وهذا كلّه من بلاء التعصّب للعقائد مما لم يخل منه زمان.
6 - جامع المشهور والشّاذ:
ذكره ابن الجزري في «النشر» «14». ولعلّه هو الذي ذكره حاجي
خليفة باسم «الجامع الأكبر» «15».
__________
(1) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1307.
(2) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3378.
(3) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2169.
(4) انظر تهذيب تاريخه: 4/ 197، وتبيين كذب المفتري: 369.
(5) معجم الأدباء: 3/ 153.
(6) معرفة القراء: 1/ الترجمة 404.
(7) الوافي بالوفيات: 12/ 122.
(8) لسان الميزان: 2/ 237.
(9) هدية العارفين: 275 - 276 وغيره ممن ترجم للأهوازي.
(10) تاريخ الإسلام الورقة 429 (أياصوفيا 3009) وهذا اعتذار
لطيف من الإمام الذهبي، لأنه لو كان عارفا بوضعها انطبق عليه
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من كذب عليّ عامدا متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار».
(11) ميزان: 1/ 512.
(12) تبيين كذب المفتري: 369 - 370.
(13) في دار الكتب الظاهرية بدمشق ضمن مجموع برقم 129.
(14). 1/ 35.
(15) كشف الظنون: 2/ 1319.
(1/33)
7 - سيرة معاوية
ذكرها الذهبي، فقال: جمع سيرة لمعاوية «1».
8 - الفوائد والقلائد:
ذكره حاجي خليفة وأشار إلى أنّه قد يسمى الفوائد والعوائد وأنّ
الغزالي ذكره في «نصيحة الملوك» «2». وذكر إسماعيل باشا
البغدادي كتابين هما: «الفوائد والعوائد» و «القلائد والفوائد»
«3» ولا شك أنّهما كتاب واحد شكّ فيه حاجي خليفة.
9 - قراءة الحسن البصري ويعقوب:
ذكره حاجي خليفة «4»، وقصره البغداديّ على «قراءة الحسن
البصري» «5».
10 - قراءة ابن محيصن:
ذكره حاجي خليفة والبغدادي «6».
11 - كتاب فيه الحروف التي اختلف
فيها عن نافع
ستة مشهورون بالنّقل عنه، وعن ابن كثير سبعة مشهورون بالنّقل
عنه، وعن ابن عامر ستة مشهورون بالنّقل عنه، وعن عاصم ستة
مشهورون بالنّقل عنه، وعن حمزة سبعة عشر راويا مشهورين بالنقل
عنه، وعن الكسائي اثنا عشر راويا مشهورين بالنقل عنه، وعن أبي
عمرو بن العلاء ستة مشهورون بالنقل عنه، وعن يعقوب بن إسحاق
الحضرمي عشرة رواة مشهورين بالنّقل عنه، وذكر شرح ما خالف فيه
محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السّهمي المكي أبا عمرو بن العلاء
من طريق أبي عمرو ابن العلاء (كذا) «7» من طريق أبي عمر
الدّوري عن يحيى بن المبارك العدوي عنه، وذكر شرح ما خالف فيه
حميد بن قيس الأعرج المكيّ أبا عمرو ابن العلاء البصري في
قراءته بالهمز والإظهار من طريق أبي عمر الدّوريّ «8» عن
اليزيديّ عنه».
هكذا ذكره ابن خير الإشبيلي المتوفى سنة 575 هـ- في فهرسته
وقال: «وكل ذلك مجموع في سفرين تأليف الشيخ الحافظ أبي عليّ
الحسن بن عليّ ابن إبراهيم بن يزداد المقرئ الأهوازي رحمه
الله، وجميع الرّواة المذكورين في هذا التأليف عن الأئمة
القرّاء
__________
(1) سير أعلام النبلاء 18/ 14.
(2) كشف الظنون: 2/ 1303.
(3) هدية العارفين: 275.
(4) كشف الظنون: 2/ 1323.
(5) هدية العارفين: 275.
(6) كشف الظنون: 2/ 1322 - 1323، وهدية العارفين 275.
(7) هكذا في المطبوع، ولعل الصواب حذف «من طريق أبي عمرو بن
العلاء».
(8) في المطبوع: «عمرو» وليس بشيء.
(1/34)
العشرة المذكورين فيه اثنان وسبعون راويا،
وجميع الطّرق المسماة فيه عن الرواة المذكورين فيه مائتا طريق
وسبعة وثمانون طريقا «1» حسب ما تفسر في التأليف المذكور».
ثم ذكر سنده إلى الأهوازيّ في هذا الكتاب من طريق تلميذ
الأهوازي الشّيخ أبي القاسم عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب
القرطبيّ المتوفى سنة 461 هـ- «2».
12 - المسند
ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء، فقال: «في بضعة عشر جزءا
حشاه بالأباطيل السمجة» «3».
13 - مفردات القرّاء:
ذكره حاجي خليفة «4».
14 - مفردة حمزة:
ذكره ونقل منه ابن الجزري في عدة مواضع «5».
15 - مفردة عاصم:
ذكره ونقل منه ابن الجزري في عدة مواضع «6».
16 - مفردة أبي عمرو:
رآه ونقل منه ابن الجزري في غير موضع من «غاية النهاية» «7».
17 - مفردة الكسائي:
رآه ونقل منه ابن الجزري، وكانت عنده نسخة منه مقروءة على مقرئ
عصره الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العطّار
الهمذانيّ «8».
18 - الموجز:
وقفت على نسخة منه «9»، وهو كتاب موجز في القراءات السّبع،
ذكره
__________
(1) في الأصل المطبوع: «مائتا طريق اثنتان وسبعة وثمانون
طريقا» ولا معنى لها.
(2) فهرست ابن خير الإشبيلي: 37 - 38.
(3) سير أعلام النبلاء 18/ 14.
(4) كشف الظنون: 2/ 1773.
(5) غاية النهاية: 1/ الترجمة 523، 1394، 2435، 2/ 3872.
(6) غاية النهاية: 1/ الترجمة 779، 915، 1831، 2238، 2/ 3815.
(7). 1/ الترجمة 357، 2/ الترجمة 2707، 3511.
(8) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1068 والحافظ أبو العلاء ولد سنة
488 هـ- وتوفي سنة 569 وكان أعلم أهل عصره وأتقنهم (المنتظم:
10/ 248، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 2 (مجلد باريس 5922)،
وسير أعلام النبلاء: 21/ الترجمة 2، والمستفاد من ذيل تاريخ
بغداد، الورقة 30، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة، الورقة 124
وغيرها).
(9) عندي نسخة مصورة منه.
(1/35)
الذّهبيّ «1»، والصّفديّ «2»، وابن الجزري
«3»، والبغدادي «4».
ورواه عنه تلميذه أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعث
السّمرقندي، فرواه عن السّمرقنديّ أبو حفص عمر بن ظفر
الشّيبانيّ البغداديّ المغازليّ المتوفى سنة 542 هـ- «5».
وسمعه على الأهوازي تلميذه أبو منصور سعيد بن أحمد بن عمرو
القاضي الجزري وأقرأ به سنة 493 هـ- «6».
وقرأه أبو النّجم هلال بن أبي الهيجاء بن أبي الفضل المسيبي
المعروف بابن الزريقا، من أهل نهر الملك، على أبي العز محمد بن
الحسين الواسطيّ «7».
وقرأه الإمام أبو إسحاق يوسف بن جامع القفصيّ البغداديّ «606 -
682» على شيخه قيصر بن عبد الله البغدادي المعروف بالستري «8»،
فقرأه على القفصي تلميذه أبو الحسن عليّ بن أحمد الجزري ببغداد
سنة 674 هـ- «9».
وقد احتلّ هذا الكتاب منزلة متميزة فكان من الكتب التي
يتداولها طلبة القراءات طوال العصور «10».
19 - الوجيز:
وهو كتابنا هذا وسيأتي الكلام عليه مفصّلا في الفصل الآتي.
20 - الموضح:
كان هذا الكتاب متداولا داخلا في سلسلة الكتب التي يعنى طلبة
القراءات بروايتها، فقد قرأه القفصي على أبي عبد الله محمد بن
أبي القاسم بن أبي الفضل الرواشني
البغدادي «11»، وقرأه أبو الحسن عليّ بن أحمد الجزري على
القفصي ببغداد سنة 674 هـ- «12».
__________
(1) معرفة القراء: 1/ الترجمة 403، وتاريخ الإسلام، الورقة 429
(أياصوفيا 3009).
(2) الوافي: 12/ 122.
(3) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2410.
(4) هدية العارفين: 276.
(5) انظر أعلاه كلامنا على تلامذته، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة
448، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 2410.
(6) معرفة القراء: 1/ الترجمة 397.
(7) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3790.
(8) غاية النهاية: الترجمة 2618.
(9) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2169.
(10) انظر معرفة القراء: 1/ الترجمة 397.
(11) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3378.
(12) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2169.
(1/36)
21 - النّيّر الجلي (في) قراءة زيد بن
عليّ:
ذكره البغداديّ «1».
22 - مثالب ابن أبي بشر:
هكذا ورد عنوانه في النّسخة التي وصلت إلينا من الكتاب «2»،
وهو في الطّعن على الإمام أبي الحسن الأشعريّ. وقال الذّهبيّ
في ترجمة الأهوازيّ من «ميزان الاعتدال»: «وكان يحطّ على
الأشعريّ، وجمع تأليفا في ثلبه» «3». وقال ابن تغري بردي:
«وكان يكره مذهب الأشعريّ ويضعّفه ومن أجله صنف ابن عساكر
كتابه المسمى «تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى أبي الحسن
الأشعري» «4».
وقد نقل ابن عساكر في «تبيين كذب المفتري» الكثير من هذا
الكتاب وردّ عليه بعنف شديد وصف به الأهوازي بأقبح الأوصاف
وأقذع في شتيمته «5»، سامحهما الله، فذلك من التعصّب العقدي.
وفاته:
أجمع المؤرخون على أن الأهوازي توفي بدمشق في يوم الاثنين
الرابع من ذي الحجة سنة 446 هـ- «6»، وأشار ابن عساكر إلى أنه
كانت له جنازة عظيمة «7».
منزلته العلمية:
تعرّض الأهوازيّ إلى حملة شديدة في الحطّ عليه والكلام فيه
واتّهامه بالاتّهامات الشّنيعة، تزعّمها الحافظ أبو القاسم
عليّ بن الحسن الدّمشقيّ المعروف بابن عساكر المتوفى سنة 571
هـ-، حينما ترجم له في «تاريخ دمشق» وألف كتاب «تبيين كذب
المفتري فيما نسب إلى أبي الحسن الأشعريّ» في الردّ عليه،
وشتمه بكلّ الشّتائم المقذعة، فاتّهمه بالكذب والتّزوير،
واجتهد في إيراد الأقوال المضعّفة له المشنّعة به، فابتدأ
الفصل الذي كتبه في «تبيين كذب المفتري» بقوله «فأما ما ذكره
ذو المعايب والمخازي أبو عليّ الحسن بن عليّ ابن إبراهيم
الأهوازي فمما لا يعرّج عليه لبيب ولا يرعيه سمعه مصيب، لأنّه
رجل
__________
(1) هدية العارفين: 276.
(2) في دار الكتب الظاهرية بدمشق، 4521 عام.
(3) ميزان: 1/ 512، ولسان الميزان: 2/ 237.
(4) النجوم الزاهرة: 5/ 56.
(5) تبيين كذب المفتري: 364 فما بعدها.
(6) ذيل موالد العلماء ووفياتهم للكتاني، وفيات سنة 446 وتبيين
كذب المفتري 416، وإرشاد الأريب: 3/ 154، ومعرفة القراء: 1/
الترجمة 343، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 1006 وغيرها.
(7) انظر تهذيب تاريخه: 4/ 198، والذي ذكر ذلك هو تلميذه أبو
محمد عبد العزيز الكتاني الدمشقي (إرشاد: 3/ 155).
(1/37)
قد تبيّنت عداوته لأهل الحقّ وشنآنه،
ويكفيك من كتابه ترجمته وعنوانه، ولو كان من ذوي الدّيانات لم
يتفرّغ لذكر المثالب، ولو أنّه من أولي المروءات لاستحيى من
تتبع المعايب، ولولا أنّه وجدها كثيرة في نفسه لما اختلقها لمن
ليس هو من أبناء جنسه» «1».
وقال في موضع آخر من هذا الكتاب: «ولا يستبعدنّ جاهل كذب
الأهوازي فيما أورده من تلك الحكايات «2»، فقد كان من أكذب
النّاس في بعض ما يدّعيه من الرّوايات في القراءات، فلقد سمعت
الشّيخ الفقيه أبا الحسن عليّ بن أحمد بن منصور بن قبيس
الغساني رحمه الله وكان ثقة «3» يحكي عن أبيه أبي العباس بن
قبيس الفقيه وكان في الثّقة مثله أو فوقه «4» - وكان قد لقي
الأهوازيّ وعاصره وسمع معه من بعض شيوخه- أنّه لما أظهر
الأهوازيّ من الإكثار من الرّوايات في القراءات ما أظهر اتّهم
في ذلك، فسار أبو الحسن رشأ بن نظيف وأبو القاسم بن الفرات
وابن القمّاح المقرءون إلى العراق لكشف ما وقع في نفوسهم منه
ووصلوا إلى بغداد وقرءوا على بعض الشّيوخ الذين روى عنهم
الأهوازيّ وجاءوا بالإجازات عنهم وبخطوطهم بما أقرءوا فمضى
الأهوازيّ إليهم وسألهم أن يروه تلك الخطوط التي معهم، ففعلوا
ودفعوها إليه فأخذها وغيّر أسماء من سمّي عنده ليستتر دعواه،
فعادت عليه بركة القرآن فلم يفتضح. هذا معنى ما سمعته منه.
وبلغني عنه أنّهم سألوا عنه بعض المقرئين الذين ذكر أنّه قرأ
عليهم وحكوه له فقال: هذا الذي تذكرونه قد قرأ عليّ جزءا من
القرآن أو نحوه. قال أبو الحسن بن قبيس: وحدّثني والدي أبو
العباس، قال: عاتبت، أو عوتب أبو طاهر الواسطيّ المقرئ في
القراءة على أبي عليّ الأهوازيّ، فقال: أقرأ عليه للعلم، يعني
بالقراءات، ولا أصدّقه في حرف واحد» «5».
وقال ابن عساكر أيضا: «وأنبأنا الشّيخ أبو الفضائل الحسن بن
الحسن بن أحمد الكلابيّ الإمام، قال: حدّثني أخي لأمي أبو
الحسن عليّ بن الخضر بن الحسن العثمانيّ، قال: توفي أبو عليّ
الأهوازيّ الحسن بن عليّ يوم الاثنين الرابع من ذي الحجة سنة
ست وأربعين وأربع مائة، تكلّموا فيه وظهر له تصانيف زعموا أنّه
كذب فيها» «6».
وقد ضمّن الحافظ ابن عساكر هذه الأخبار والطّعون والشّتائم
ترجمته له في «تاريخ دمشق» فنقلها الناقلون من كتبه على مرّ
العصور فلا نجد مؤلّفا ترجم له إلا وضمّن بعضها كتابه.
وظاهر على هذه النعوت التي أطلقها الحافظ ابن عساكر في حقّ
الأهوازيّ أنّها
__________
(1) تبيين كذب المفتري: 364.
(2) يعني: في الطعن على الأشعري.
(3) توفي سنة 530 هـ- (العبر: 4/ 82).
(4) توفي سنة 468 هـ- (تهذيب ابن عساكر: 2/ 100).
(5) تبيين كذب المفتري: 415 - 416.
(6) تبيين كذب المفتري: 416.
(1/38)
صدرت عن غضب وحميّة وتعصّب لعقيدته
الأشعرية، فضلا عن أنّ النصوص التي ساقها في تكذيب الأهوازي
فيها نظر إذا ما حوكمت على وفق المنطق العقلي المنصف وإليك
دلالات ذلك:
1 - إذا كان رشأ بن نظيف وصحبه قد قصدوا بغداد للتحقّق من
روايات الأهوازي فكيف يعقل موافقتهم على دفع الإجازات وخطوط
العلماء إليه- وهي وثائق خطيرة- ليأخذها بعيدا عنهم ويغيّر
فيها الأسماء على هواه؟ ولماذا لم يعلنوا ذلك ويفضحوه بين
العلماء فيروون مثل هذا بأنفسهم وهم أمناء على العلم وسلامته؟
وأما تعليل الراوي بأنّ عدم افتضاحه إنّما يعود إلى بركة
القرآن ففيه ما فيه من التعليل الواهي السّاذج، إذ قد افتضح
كثير من القراء بسبب تزويرهم ودعاواهم الباطلة كما هو معروف
منتشر في كتب تراجم القرّاء.
2 - أما الرّواية التي تشير إلى سؤالهم «بعض المقرئين» وقوله:
«هذا الذي تذكرونه قد قرأ عليّ جزءا من القرآن أو نحوه» فهي
مردودة لجهالة هذا الشّيخ وعدم تعيينه، فضلا عن أنّه لم ينكر
القراءة عليه، بل أنكر إكمال القراءة ولو عرفناه لحكمنا
بتصديقه أو ردّه.
3 - إنّ ظاهر كلام أبي طاهر الواسطيّ- إن صحّ عنه- هو اعتراف
كبير بعلم الأهوازيّ بالقراءات مع عدم تصديق لأسانيده في
الرّواية، وهو يشير إلى اضطراره القراءة عليه وأخذ هذا العلم
عنه لما له من منزلة متميزة على الرّغم من معرفته بعدم صحة
أسانيده.
4 - وأما رواية عليّ بن الخضر العثمانيّ فهي رواية تمريضية
صدّرها الرجل بلفظة «زعموا» مما يؤكّد شكّه فيها وعدم وجود
دليل يؤيدها.
ومع أنّ المصادر نقلت معظم هذه الرّوايات، لكنّها نقلت أيضا
روايات بضدّها توثّق الرجل، أو تعترف بعلمه وفهمه، أو تأخذ
عليه مآخذ معينة لا تضير علمه كثيرا.
فقد نقل الذهبيّ «1» وابن الجزري «2» وابن حجر «3» أنّ تلميذه
الثّقة الشّريف النّسيب أبا القاسم عليّ بن إبراهيم الحسيني
الدّمشقيّ المتوفى سنة 508 هـ- قد قال فيه: ثقة ثقة.
ونقل ابن عساكر نفسه عن شيخه أبي الحسن عليّ ابن أحمد بن قبيس
عن أبيه أبي العباس بن قبيس أنّه قال فيه: «كان عالما
بالقراءات» «4».
وتوفي الأهوازيّ وترك جملة من المؤلّفات في القراءات اشتهرت في
حياته وبعد موته فتلقّفها أئمة القراء بالدّراسة والفحص
والتّتبع، فكانت النتيجة: امتداح حسن تصنيفه، والثناء على علمه
في هذا المجال، وهو أمر أجمع عليه أئمة القراء، قال أبو عمرو
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة 429 (أياصوفيا 3009).
(2) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1006.
(3) لسان الميزان: 2/ 238.
(4) تبيين كذب المفتري: 368.
(1/39)
الدّاني: «أخذ أبو عليّ القراءة عرضا
وسماعا عن جماعة من أصحاب ابن مجاهد وابن شنبوذ، وكان واسع
الرّواية، كثير الطّرق حافظا» «1»، وقال تلميذه أبو محمد عبد
العزيز الكتانيّ: «كان الأهوازيّ مكثرا من الحديث وصنّف الكثير
في القراءات، وكان حسن التّصنيف، وجمع في ذلك شيئا كثيرا، وفي
أسانيد القراءات غرائب كان يذكر في مصنّفاته أنّه أخذها رواية
وتلاوة وأنّ شيوخه أخذوها رواية وتلاوة» «2». وقال الذّهبيّ:
«أما القراءات فتلقّوا ما رواه من القراءة بالقبول، وصدّقوه في
اللّقاء، وكان مقرئ أهل الشّام بلا مدافعة معرفة وضبطا وعلوّ
إسناد» «3» وقال علامة عصره في القراءات شمس الدّين ابن
الجزري- وكانت عنده كتب الأهوازي-: «وكان بدمشق الأستاذ أبو
عليّ الحسن بن عليّ بن إبراهيم الأهوازيّ مؤلّف الوجيز
والإيجاز والإيضاح والاتّضاح، وجامع المشهور والشّاذ، ومن لم
يلحقه أحد في هذا الشّأن» «4» وقال أيضا: «صاحب المؤلّفات، شيخ
القراء في عصره، وأعلى من بقي في الدّنيا إسنادا إمام كبير
محدّث .. وأكثر من الشّيوخ والرّوايات فتكلّم فيه من قبل ذلك،
وانتصب للكلام في الإمام أبي الحسن الأشعريّ، فبالغ الأشعرية
في الحطّ عليه مع أنّه إمام جليل القدر أستاذ في الفن، ولكنّه
لا يخلو من أغاليط وسهو، وكثرة الشّره أوقع الناس في الكلام
فيه» «5» فهذه شهادة لثلاثة من أئمة القراءات: أبو عمرو
الدّانيّ، والذّهبيّ وابن الجزري، وناهيك بهم.
على أننا لا نشكّ بعد سبرنا لسيرته وشيوخه والإنعام في دراسة
أقوال الثّقات من معاصريه، ودراستنا لبعض كتبه أو مما وصل
إلينا من مقتطفات منها أنّ الرجل ابتلي بآفتين هما: الإغراب في
الأسانيد، والتعصّب العقدي.
أما الإغراب فهو الانفراد بشيوخ لم يتابعه في الدرس عليهم أحد
من أهل العلم فما هم بالمعروفين عند الآخرين. وهذا من غير شك
إنّما أتى بسبب الشّره في الاستكثار من الشّيوخ وطلب الأسانيد
العالية، وهي عادة قبيحة ابتلي بها الكثير من العلماء «6»، وقد
أشار الكتانيّ إلى ذلك «7»، ونبّه عليها الذّهبيّ «8» وابن
الجزري «9» في غير موضع من كتبهم.
__________
(1) نقله الذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة 429 (أياصوفيا
3009).
(2) معجم الأدباء: 3/ 154.
(3) تاريخ الإسلام، الورقة 429 (أياصوفيا 3009).
(4) النشر: 1/ 35.
(5) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1006 وانظر نهاية الغاية، الورقة
43.
(6) كان من أكبر عوامل تضعيف المحدثين للواقدي وتركه- على
جلاله وعلمه- هو كثرة إغرابه (انظر دفاع ابن سيد الناس عنه في
مقدمة كتابه: عيون الأثر.).
(7) إرشاد الأريب: 3/ 154.
(8) انظر مثلا معرفة القراء: 1/ الترجمة 256، 257، 258، 259،
260 ... الخ.
(9) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3511، 3637 وغيرهما.
(1/40)
وأما التعصّب العقدي، فقد كان الرّجل كما
يظهر ممّن يغالون في إثبات الصّفات للبارئ عزّ وجل ويتمسّكون
بظاهر النصوص تمسكا لا يقوم على فهم صحيح لأصول العقيدة
الإسلامية، فصار من المتحرّقين على الإمام أبي الحسن الأشعري،
إمام الأشاعرة، بحيث ألّف كتابا في ثلبه، فأقام الأشاعرة عليه
الدّنيا من أجل ذلك. قال الذّهبيّ: «وكان من غلاة السّنة صنّف
كتابا في الصّفات ... فتكلّم فيه الأشاعرة لذلك، ولأنّه كان
ينال من أبي الحسن الأشعري» «1».
من هنا نستطيع القول بأنّ النّقد الذي وجّه إلى الأهوازيّ
إنّما كان ينصبّ في القراءات على أسانيده فيها وليس على المادة
العلمية التي احتوتها كتبه المؤلّفة في هذا العلم. ودليلنا على
ذلك أنّ أئمة هذا الشّأن قد تلقّوها عنه بالقبول كما أشار إلى
ذلك الإمامان: الذّهبيّ وابن الجزري، بل إنّنا لم نجد عالما من
علماء هذا الفنّ قد تكلّم في كتبه أو وجد أخطاء فاحشة مجاوزة
للحدّ فيها، وإلا كانوا أشاروا إليه ونبّهوا عليه وردّوه في
كتبهم، فالمهم في تقويم مثل هذا العالم هي المادة العلمية التي
احتوتها كتبه، وهي مادة متقنة جمعها من المصنّفات السّابقة
وعني بتنظيمها، ولم تعد الأسانيد في عصره الذي شاع فيه
التّدوين وانتشر انتشارا واسعا سوى تقليد يحرص عليه الطّلبة
والعلماء، لا فائدة كبيرة ترتجى منه «2».
وتشير النصوص الكثيرة التي وقفنا عليها في تراجم القراء إلى
أنّ كتب الأهوازي كانت من بين الكتب البارزة التي يعنى طلبة
القراءات بدراستها وروايتها على شيوخهم طوال أعصر امتدّت إلى
القرن التّاسع الهجري في الأقل مما يدلّل على أهميتها وشيوعها
ومنزلتها بين الكتب التي من بابتها «3».
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة 429 (أياصوفيا 3009).
(2) يراجع في هذا الشأن ما كتبه أستاذنا العلامة الدكتور بشار
عواد معروف في مقدمته لتاريخ الخطيب 1/ 105 - 110.
(3) انظر ما كتبناه عن كتبه، وراجع غاية النهاية: 1/ الترجمة
168، 257، 588، 1414، 1496 وغيرها. وقد وقع بعضها لابن الجزري
بخط الأهوازي (انظر غاية النهاية: 1/ الترجمة 2175)، وراجع
مقدمة
كتابه النشر: 1/ 35.
(1/41)
|