الوجيز في شرح قراءات القرأة الثمانية أئمة الأمصار الخمسة

الفصل الثاني كتاب الوجيز
أولا- منهج الكتاب:
يبدا الكتاب بذكر القراء الثّمانية في الأمصار الخمسة، وأنّه يشتمل على ست عشرة رواية عن كلّ قارئ منهم روايتان، فيبدأ بالقارئ الأول وهو نافع رواية قالون وورش، والثّاني قارئ مكة ابن كثير الدّاري رواية قنبل والبزّي، والثّالث قارئ الشّام ابن عامر اليحصبي رواية ابن ذكوان وهشام، والرابع عاصم بن أبي النّجود رواية أبي بكر وحفص، والخامس حمزة رواية خلف وخلّاد، والسادس الكسائي رواية أبي عمر الدّوري وأبي الحارث المروزي، والسابع أبو عمرو بن العلاء رواية اليزيدي وشجاع، والثامن يعقوب الحضرمي رواية رويس وروح.
ثم يبدأ المؤلف برسم الخطوط العريضة للمنهج الذي يسير عليه في هذا الكتاب فيقول في مقدمة كتابه: «وعرّيته من العلل وكثرة الرّوايات ولم أذكر عنهم فيه كثيرا من أخبارهم وحكاياتهم وسيرهم، إذ قد ذكرت ذلك في المصنّفات الكبار فمن أرادها فليطلبها من تلك يجدها على نهاية الشّرح والبيان إن شاء الله».
فميزة الكتاب إذن الإيجاز والاختصار، وليس من شأنه أن يذكر العلل والأخبار، فحجم هذا الكتاب لا يحتمل ذلك، فمن أراد التوسّع فإنّ للمؤلف كتبا أخرى تفي بذلك الغرض نحو كتابي: «الإيضاح» و «الاتضاح» كما سيذكره فيما بعد «1».
ويحاول المؤلف أن يترجم لكلّ قارئ من هؤلاء القراء الثّمانية ورواتهم على وجه يتوخّى في ذلك الإيجاز والاختصار، كما أنّه يتوخّى البيان والإفهام، ثم يوضّح لنا منهجه أكثر تفصيلا فيقول: «وكلّ ما يكثر دوره من حروف القرآن المختلف فيها فلكلّ أصل منه باب في كتابي هذا يشتمل على استيفائه، ولم أعد شيئا منه في مواضعه من السّور بعد ذكره في بابه إلا أحرفا يسيرة لا بدّ من إعادتها خوف الالتباس، وكلّ حرف مختلف فيه مذكور في ترجمته أسماء الأقل منهم ثم أقول والباقون بعد ذلك، إلا الياءات المحذوفات والمثبتات والمفتوحات والمسكّنات لم أجعل لها بابا، وذكرتها بشرح الاختلاف فيها معدودة في آخر كلّ سورة ليكون أبين في الفهم وأسهل في الحفظ».
__________
(1) انظر: الورقة 19 ب من المخطوط.

(1/42)


ينقسم الكتاب إلى قسمين: القسم الأول يتعلق بمواد الأصول كأبواب الإدغام والإمالة والهمز وغيرها. والقسم الثاني يتعلّق بفرش الحروف، ويؤلف هذا القسم معظم حجم الكتاب.
أما القسم الأول فإنّ المؤلف قد جمع في كلّ باب من أبواب الأصول حروفه التي تخصّه كالحروف التي تخصّ باب الإدغام، وباب الإمالة وباب الهمز وغير ذلك، إلا أنه قد يعيد بعض هذه الحروف في مواضعها من السّور خوفا من الالتباس، وسنتطرق إلى ذلك عند كلامنا على منهجه في فرش الحروف ونضرب الأمثلة على ذلك.

القراء الثّمانية:
وبعد أن رسم المؤلّف خطّته العامة للكتاب أخذ يشرح أحوال القراء الثّمانية وسند المؤلف الذي ينتهي إلى هؤلاء القراء، فذكر الشّيوخ الذين تلقّى عنهم تلك القراءات، والذين اعتمد عليهم في كلّ الكتاب. فمثلا في قراءة نافع يسوق المؤلّف سند شيوخه إلى ذلك القارئ عن طريق راوييه، ثم يشرع بالتّعريف بذلك القارئ والترجمة له باختصار ذاكرا ما قيل عن اسمه وشيوخه الذين قرأ عليهم، وشيئا من حياته وأخباره، وما قيل فيه، وذكر وفاته. وكذلك الحال بالنسبة للراويين اللذين يرويان عنه القراءة بالطريقة نفسها.

أبواب الكتاب:
يتناول المؤلّف أبواب هذا الكتاب بأسلوب يتّسم بالإيجاز والجمع والاستقصاء، فهو يتكلّم على كلّ باب بصورة مركّزة محاولا حصر كلّ مادة في بابها، ومبتعدا عن ذكر العلل والأخبار. والمواد التي عالجها المؤلف في هذا الكتاب هي المواد نفسها التي نجدها في كتب القراءات وحججها مع اختلاف في طريقة العرض، حيث جمعت تلك المواد على وفق نسق خاص أملاه على المؤلف الإيجاز والاختصار.
ولا بدّ لنا أن نلقي هنا بعض الضّوء على أبواب الكتاب بصورة عامة لتكوين فكرة واضحة عن مضامين الكتاب ومنهجه وطريقة عرض مادته.
يبدأ الكتاب بباب الاستعاذة وقد تحدّث فيه بألفاظ يسيرة، وخصّها بالحديث فيما يتعلق بإخفاء الاستعاذة والجهر بها ولم يستطرد بالكلام عليها، وكذلك الحال بالنسبة لباب البسملة، فقد عالج فيها الإخفاء والجهر بها والتّسمية وتركها بين السّور.
ثم يأتي ذكر باب تغليظ اللام وترقيقها في اسم الله تعالى، حيث خصّ هذا الباب باسم الله تعالى، ولم يتحدّث المؤلف عن ترقيق اللام وتفخيمها بصورة عامة كما هو الحال في كتب القراءات الأخرى التي تجعل باب ترقيق اللام موضوعا عاما قد يدخل ضمنه بحث

(1/43)


اللام في لفظ الجلالة كالذي نراه في «الكشف» و «النشر».
ثم يأتي بعد ذلك موضوع الإدغام والإظهار، وقد جعله في عدة أبواب:
الباب الأول في إدغام وإظهار الحروف التي لا تعرف حركتها أي الحروف السّواكن نحو دال قد وذال إذ وتاء التأنيث.
والباب الثاني في الحروف التي سكّنت لعلة وأصلها الحركة كالأفعال المجزومة، نحو قوله تعالى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ (التوبة 80)، ويَنْشُرْ لَكُمْ (الكهف 16)، أو الأفعال المتصلة بالضمائر نحو اتَّخَذْتُمُ* (البقرة 51 وغيرها)، وَأَخَذْتُمْ (آل عمران 81)، ثُمَّ أَخَذْتُ (فاطر 26).
والباب الثالث في ذكر اختلافهم في الغنّة وأحكامها ومذاهبهم في إظهارها وإدغامها، فيتحدّث في هذا الباب عن إدغام الغنّة وإظهارها عند اللام والراء نحو قوله تعالى: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (البقرة 2)، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا* (البقرة 24، 279)، غَفُورٌ رَحِيمٌ* (البقرة 173 وغيرها).
والباب الرابع في إدغام المثلين والمتجانسين في كلمة أو كلمتين، ويستعرض فيه إدغام أبي عمرو للمثلين والمتجانسين، وضرب الأمثلة الكثيرة على ذلك، نحو قوله تعالى: لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ (البقرة 20)، الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ (الأنعام 61)، النُّبُوَّةَ ثُمَّ (آل عمران 79)، الْمَلائِكَةُ ظالِمِي* (النساء 97، النحل 28).
ثم يأتي بحث الهمز وقد جعله في أبواب كالذي رأيناه عند دراستنا لباب الإدغام والإظهار وجعله في قسمين: القسم الأول فيما يتعلّق بالهمزة الساكنة، والقسم الثاني ما يتعلّق بالهمزة المتحركة، وكلّ قسم منهما جعله في أبواب، وراعى في تقسيمه للأبواب فاء الاسم أو الفعل وعينه ولامه.
فالقسم الأول وهو ما يتعلق بالهمزة السّاكنة قسّمه إلى الأبواب الآتية:
الباب الأول في الهمزة السّاكنة في محل الفاء في الأسماء والأفعال نحو يُؤْمِنُ* (البقرة 232 وغيرها)، يا صالِحُ ائْتِنا (الأعراف 77)، لِقاءَنَا ائْتِ (يونس 15).
والباب الثاني في الهمزة السّاكنة في محل العين في الأسماء نحو (الكأس) (الصافات 45 وغيرها)، والْبَأْسِ* (البقرة 177 وغيرها)، والرَّأْسُ (مريم 4).
والباب الثالث في الهمزة الساكنة في محل اللام في الأفعال نحو أَخْطَأْتُمْ (الأحزاب 5)، نَبَّأْتُكُما (يوسف 37)، فَادَّارَأْتُمْ (البقرة 72).
والباب الرابع في الهمزة الساكنة للجزم في الأفعال نحو قوله تعالى: اقْرَأْ* (الإسراء 14، العلق 1، 2)، وهَيِّئْ لَنا (يوسف 37)، فَادَّارَأْتُمْ (البقرة 72).
والباب الرابع في الهمزة الساكنة للجزم في الأفعال نحو قوله تعالى: اقْرَأْ* (الإسراء 14، العلق 1، 2)، وهَيِّئْ لَنا (الكهف 10)، ونَبِّئْ عِبادِي (الحجر 49).

(1/44)


وفي كلّ هذه الأبواب عالج المؤلف اختلاف القراء في إثبات الهمز وتركه.
وبعد أن أنهى البحث فيما يتعلّق بالهمزة الساكنة أخذ بالكلام على الهمزة المتحركة وبالطّريقة عينها التي عالج بها موضوع الهمزة الساكنة.
فالباب الأول في الهمزة المتحركة في محل الفاء في الأسماء والأفعال وقسم هذا الباب إلى قسمين: القسم الأول يختلف إعراب الهمزة وإعراب الحرف الذي قبلها نحو قوله تعالى: يَؤُساً (الإسراء 83)، مُؤَجَّلًا (آل عمران 145)، ومُؤَذِّنٌ* (الأعراف 44، يوسف 70).
والقسم الثاني يتفق إعرابها وإعراب الحرف الذي قبلها نحو قوله تعالى: تَأَخَّرَ* (البقرة 203، الفتح 2)، وتَأَذَّنَ* (الأعراف 167، إبراهيم 7)، و (مآب) (آل عمران 14 وغيرها).
والباب الثاني في الهمزة المتحركة في محل العين في الأسماء والأفعال نحو قوله تعالى: يَسْأَمُونَ (فصلت 38)، وسَأَلَ (المعارج 1)، وفَسْئَلُوا* (النحل 43، الأنبياء 7)، والْفُؤادَ* (الإسراء 36 وغيرها).
والباب الثالث في الهمزة المتحركة في محل اللام في الأسماء والأفعال نحو قوله تعالى: قُرِئَ* (الأعراف 204، الانشقاق 21)، واسْتُهْزِئَ* (الأنعام 10 وغيرها)، و (منشئون) (الواقعة 72)، ومَوْطِئاً (التوبة 120)، و (مالئون) (الصافات 66، الواقعة 53).
وأخيرا باب الهمزة المتحركة في أول الكلم نحو (إنك)، و (لأنه)، و (كأن)، و (بأنهم) ونحو ذلك.
وحين انتهى من بحث الهمزة المفردة أتى إلى بحث المد والقصر الذي عالجه في باب واحد سماه: «باب تمكّن المدّ للهمز» تناول فيه اختلاف القراء في أحوال المد وعدم المد من حيث طول المدّ وقصره في كلمة أو كلمتين كقوله: بأن ابن كثير وأبا عمرو ويعقوب وقالون عن نافع، وهشاما عن ابن عامر لا يمدون الألف والواو والياء إذا أتى بعدهن همزة وكانا من كلمتين بل يمكّنون حرف المد في ذلك من غير وقفة ولا زيادة مد كقوله تعالى: بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ (البقرة 4)، فِي آذانِهِمْ* (البقرة 19 وغيرها)، وَفِي أَنْفُسِكُمْ (الذاريات 21) ونحو ذلك.
ثم ذكر أنه إذا كان حرف المد والهمزة في كلمة واحدة فإنهم أجمعوا على المد وإنهم يتفاضلون فيه على قدر مذاهبهم في التّجويد والتّحقيق ومثّل لذلك بنحو قوله تعالى: مِنَ السَّماءِ ماءً* (البقرة 22 وغيرها)، وسُوءَ الْعَذابِ* (البقرة 49 وغيرها)، وجِيءَ* (الزمر 69، الفجر 23)، وسِيءَ* (هود 77، العنكبوت 33).

(1/45)


ثم جاء إلى باب الهمزتين في كلمة أو كلمتين، وهو باب طويل نسبيا، تناول فيه المد والقصر في الهمزتين والاستفهام والخبر موضحا اختلاف القراء في ذلك، فذكر مثلا في قوله تعالى: أَأَنْذَرْتَهُمْ* (البقرة 6، يس 10)، وما كان مثله نحو أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ (المائدة 116)، وأَ أَقْرَرْتُمْ (آل عمران 81)، وأَ أَشْفَقْتُمْ (المجادلة 13) إذا اجتمعتا مفتوحتين في كلمة فإنّ نافعا وأبا عمرو ورويسا عن يعقوب بهمزة واحدة ممدودة، وأنّ ابن كثير بهمزة واحدة قصيرة في جميع ذلك، وهشاما عن ابن عامر بهمزتين بينهما مدة إلا في سبع كلمات منهن، قوله تعالى: آمَنْتُمْ بِهِ في سورة الأعراف (123)، وآمَنْتُمْ لَهُ في سورة طه (71) والشعراء (49)، وءَ أَعْجَمِيٌّ في سورة فصلت (44)، وأَ آلِهَتُنا في سورة الزخرف (58)، وأَنْ كانَ ذا مالٍ في سورة القلم (14) فإنهن بهمزة واحدة ممدودة. وقوله تعالى: أَذْهَبْتُمْ في سورة الأحقاف (20) فإنه بهمزتين مقصورتين.
الباقون: بهمزتين مقصورتين في جميع ذلك حيث كان.
وذكر اختلافهم في الاستفهام في نحو قوله تعالى: إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ في سورة الأعراف (81)، وأَ إِذا ما مِتُّ في سورة مريم (66)، وإِنَّا لَمُغْرَمُونَ في سورة الواقعة (66).
ثم أتى إلى باب الاستفهامين الذي ختم به البحث فيما يتعلّق بموضوع الهمز فلخّص فيه مذاهب القراء الثّمانية واختلافهم في هذا الباب في كل سور القرآن، كقوله بأنّ نافعا يستفهم بالأول ويأتي بالثاني على الخبر حيث اجتمع الاستفهامان إلا في سورة النمل والعنكبوت، فإنّه كان يستفهم فيهما بالثاني ويأتي بالأول على الخبر، وهكذا يستعرض باقي القراء بالأسلوب نفسه.
وبعد أن انتهى من بحث موضوع الهمز شرح بحث الإمالة، وهو مقسّم على أبواب عدّة ذكرها على النحو الآتي:
الباب الأول في الإمالة والتّفخيم في الألف التي بعدها راء مكسورة في الأسماء نحو قوله تعالى: عَلى أَبْصارِهِمْ (البقرة 7، 20 وغيرها)، عَلى آثارِهِمْ* (المائدة 46 وغيرها)، مِنْ أَنْصارٍ* (البقرة 270 وغيرها)، عُقْبَى الدَّارِ* (الرعد 22، 24، 42) فيذكر أن أبا عمرو والدّوري عن الكسائي: بكسر جميع الباب، وقالون عن نافع؛ كل ذلك بين الفتح والكسر وهو إلى الفتح أقرب، وورشا بفتح جميع ذلك من غير إفراط.
والباب الثاني في إمالة الألف التي قبلها راء في الأسماء والأفعال وذلك نحو قوله تعالى: الذِّكْرى * (الأنعام 68 وغيرها)، وبُشْرى * (البقرة 97 وغيرها) وافْتَرى * (آل عمران 94 وغيرها)، وتَراهُمْ* (الأعراف 198 وغيرها)، وأُخْراكُمْ (آل عمران 153).

(1/46)


والباب الثالث في إمالة الألف المنقلبة من الياء في الأسماء والأفعال والمشبهة بالمنقلبة من الياء في الأسماء مثل قوله تعالى: الْهَوى * (النساء 135 وغيرها)، والزِّنى (الإسراء 32)، ويَحْيى * (آل عمران 39 وغيرها) وشَتَّى* (طه 53 وغيرها)، والْحَوايا (الأنعام 146)، وضِيزى (النجم 22)، و (سيماهم) (البقرة 273 وغيرها)، ويَتَمَطَّى (القيامة 33)، واصْطَفى * (البقرة 132 وغيرها). وتعرض في هذا الباب إلى أواخر الآي واختلاف القراء في ذلك، وهي في إحدى عشرة سورة: طه والنجم وسأل والقيامة والنازعات وعبس والأعلى والشمس والليل والضحى واقرأ.
والباب الرابع في إمالة أحرف بأعيانها نحو قوله تعالى: (أحياكم) (البقرة 28، الحج 66)، وأَوْصانِي (مريم 31)، وحَقَّ تُقاتِهِ (آل عمران 102)، وأَنْسانِيهُ (الكهف 63)، ومَرْضاتِي (الممتحنة 1)، ومَحْيايَ (الأنعام 162)، وطُغْيانِهِمْ* (البقرة 15 وغيرها)، وجَبَّارِينَ* (المائدة 22، الشعراء 130)، وكَمِشْكاةٍ (النور 35).
والباب الخامس في إمالة حروف الهجاء التي في أوائل السور نحو قوله تعالى:
كهيعص في سورة مريم (1) وطه في سورة طه (1) ويس في سورة ياسين (1)، وتعرض لاختلاف القراء في ذلك.
والباب الأخير من أبواب الإمالة عقده لما قبل هاء التأنيث في حال الوقف نحو قوله تعالى: فاقِرَةٌ (القيامة 25)، وخاسِرَةٌ (النازعات 12)، وخَلِيفَةً* (البقرة 30، ص 26)، وحَبَّةٍ* (البقرة 261 وغيرها)، و (طامة) (النازعات 34). وذكر في هذا الباب الحروف الموانع للامالة وهي تسعة: الحاء والخاء والعين والغين والصاد والضاد والطاء والظاء والقاف نحو قوله تعالى: الشُّقَّةُ (التوبة 42)، والنَّطِيحَةُ (المائدة 3)، وخَصاصَةٌ (الحشر 9).
وحين انتهى المؤلف من بحث الإمالة والتفخيم جاء إلى باب ذكر اختلافهم في حال الوقف، وتعرّض فيه إلى الإشمام في الإعراب في حال الوقف كما في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة 5)، وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ (آل عمران 144)، وَمِنَ الْأَحْزابِ (الرعد 36)، وذكر اختلافهم فيما إذا كان في الكلمة همزة متطرّفة مفتوحة قبلها ألف نحو قوله تعالى: وَيُمْسِكُ السَّماءَ (الحج 65)، ونَسُوقُ الْماءَ (السجدة 27)، وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ (النساء 5).
وتعرض للوقف في حال تخفيف الهمز في نحو قوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ (التكوير 8)، وهُزُواً* (البقرة 67 وغيرها)، وكُفُواً (الإخلاص 4)، ودِفْءٌ (النحل 5)، ومَوْئِلًا (الكهف 58)، وخَطِيئَةً (النساء 112).

(1/47)


وتعرّض لأنواع الوقف فذكر الوقف الحسن عند أبي عمرو، والوقف غير التّام عند عاصم، ووقف الضّرورة عند حمزة، والوقف التام عند الباقين.
ثم شرح ما يتعلّق برسم المصحف في حال الوقف من حيث حذف الياء وإثباتها، وذكر مذهب يعقوب في ذلك، فذكر أنّ يعقوب يصل ويقف على كل ياء محذوفة من وسط الآي وهي في ست وثمانين موضعا، فمثل ما هو في وسط الآي قوله تعالى: دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة 186)، وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (البقرة 197). ومثل ما في أوائل الآي نحو قوله تعالى: فَارْهَبُونِ* (البقرة 40، النحل 51)، وَلا تَكْفُرُونِ (البقرة 152). كما أنه يقف على كل ياء محذوفة عند ساكن بياء نحو قوله تعالى: وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ (النساء 146)، وبِالْوادِ الْمُقَدَّسِ* (طه 12، النازعات 16) والْجَوارِ الْكُنَّسِ (التكوير 16)، وفَما تُغْنِ النُّذُرُ (القمر 5). وأنّه يقف بهاء على مثل قوله تعالى: «وهوه»، «وهيه»، «لهيه». وأنّ روحا يقف على مثل قوله تعالى: (عليّ)، (إليّ)، (لدي)، (بم)، (فيم) بهاء حيث كن.
وعقد بابا في ذكر تجريد الرّواية وتجريد التّلاوة عنهم. وعرض في هذا الباب إلى مذاهب القراء في التّجويد، فأبو عمرو وابن كثير ويعقوب مثلا كانوا يؤثرون التّخفيف والتّسهيل، وكذلك نافع إلّا ورشا، فإنّه قرأ بالتّجويد والتّمطيط، وإشباع الحركات، ومراعاة المشدد، وتخفيف المخفف، واستيفاء حروف المد، وتصحيح الهمزات، وتعديل المدّات، وإشباع الضّم قبل الواو، وترتيل الحروف، والتّوقف على الحروف وإخراجها من مخارجها بلا تكلّف، وإعطاء كلّ حرف حقّه من البيان
والإخفاء والإدغام والتّشديد والتّخفيف والحركة والسّكون. ثم عرض بعد ذلك لمذهب عاصم ثم ابن عامر، ثم أشار إلى أنّه قد شرح ذلك شرحا وافيا في كتابيه «الإيضاح» و «الاتّضاح».
وتحدّث في آخر الكتاب عن التّكبير عند ابن كثير بكلام يسير أشار فيه إلى أنّ ابن كثير إذا ختم «والضّحى» كبّر إلى آخر القرآن موصولا بالتّسمية.
وجعل هذا الباب عند آخر كلامه لفرش الحروف في سورة الفلق. وأشار ابن الجزري «1». إلى أنّ بعض المؤلفين من لم يذكر هذا الباب أصلا كابن مجاهد في «سبعته» وابن مهران في «غايته»، وكثير منهم يذكره مع باب البسملة متقدّما كالهذليّ وابن مؤمن، والأكثرون أخّروه لتعلّقه بالسّور الأخيرة، ومنهم من يذكره في موضعه عند سورة والضّحى وأ لم نشرح كأبي العز القلانسيّ والحافظ أبي العلاء الهمذانيّ وابن شريح، ومنهم من أخّره إلى بعد إتمام الخلاف وجعله آخر كتابه، وهم الجمهور من المشارقة والمغاربة وهو الأنسب لتعلّقه بالختم والدّعاء وغير ذلك.
__________
(1) النشر: 2/ 405.

(1/48)


فرش الحروف:
وبعد أن أنهى المؤلف مباحثه في الأصول شرع في القسم الأكبر من كتابه وهو ما يتعلّق بفرش الحروف، ويمتاز هذا البحث بما يأتي:
1 - يسير في ترتيب السّور حسب الترتيب المتّبع في المصحف إلا أنّه قد يخالف في تسمية بعض السّور كتسميته لسورة الإسراء بسورة بني إسرائيل والتكوير بكوّرت والنّبأ بالتّساؤل وغير ذلك.
2 - قد يخالف ترتيب تسلسل بعض الآيات في بعض سور القرآن كتقديمه لقوله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ في سورة البقرة (273) على قوله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا (267). وقدم قوله تعالى: حَتَّى يَمِيزَ في سورة آل عمران (179) على قوله تعالى:
وَلا يَحْزُنْكَ (176)، وقدم الآية (92) من سورة الأنعام وهي قوله تعالى: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى على قوله تعالى: تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ (91).
3 - يتطرّق أحيانا عند كلامه على فرش بعض الحروف إلى أمور تتصل بمواد الأصول كالإدغام والإمالة والهمز والوقف وما إلى ذلك، مع أنّه قد يكون ذكر ذلك في بابه في القسم الأول من الكتاب، كالذي نراه في قوله تعالى: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ في سورة النساء (90) حيث نصّ المؤلف على أنّ يعقوب وحده قرأ هذه الآية «حصرة صدورهم» بالنصب والتنوين والباقون قرءوا ذلك بإسكان التّاء. ثم تطرّق إلى موضوع الإدغام والإظهار فذكر أنّ نافعا وابن كثير وعاصما قد أظهروا التاء، في حين أدغمها الباقون. وفي سورة هود عند قوله تعالى: وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ (66) ذكر فيها أنّ نافعا والكسائي قرآ ذلك بفتح الميم. ثم تطرّق إلى الإدغام والإظهار فذكر أنّ شجاعا عن أبي عمرو بالإدغام، واليزيدي عنه إذا آثر ذلك، والباقون بالإظهار.
4 - كما أنّه يذكر أحيانا حروفا تدخل ضمن أبواب الأصول الصّرفة، مع أنّه قد يكون ذكر ذلك فيما تقدّم من تلك الأبواب. فمن ذلك قوله تعالى في سورة البقرة: فِيهِ الْقُرْآنُ (185) فيوضّح فيه اختلاف القراء في همزه وعدم همزه، فذكر أنّ ابن كثير وحده بغير همز وما كان منه حيث كان اسما، وتابعه حمزة إذا وقف، والباقون بالهمز فيهما في الحالين حيث كان.
ومن ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران: التَّوْراةَ (3) حيث ذكر مذاهب القراء في إمالة هذا الحرف، فذكر أنّ ابن كثير وعاصما ويعقوب وهشاما عن ابن عامر- بالفتح، وقالون عن نافع بين الفتح والكسر وهو إلى الفتح أقرب، والباقون بالكسر.
وفي سورة هود يذكر اختلاف القراء في إدغام قوله تعالى: ارْكَبْ مَعَنا (42) فيشير إلى

(1/49)


أنّ نافعا وابن عامر، والبزّي عن ابن كثير، وخلفا عن حمزة، وروحا عن يعقوب بالإظهار، والباقون بالإدغام.
5 - يشير في أحيان كثيرة عند كلامه على فرش بعض الحروف إلى ورود تلك الحروف في سور أخرى، ثم نراه قد يذكرها ثانية عند سورها التي قد أشار إليها سلفا. من ذلك قوله تعالى: أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ عند سورة البقرة (33) حيث ذكر عن ابن عامر بكسر الهاء من غير همز، ثم أشار إلى نظير ذلك في سورتي الحجر والقمر. وفي سورة البقرة (51) عند قوله تعالى: وَإِذْ واعَدْنا بعد أن ذكر قراءة أبي عمرو ويعقوب هذا الحرف بغير ألف أشار إلى نظيرية في سورتي الأعراف وطه. ومنها أيضا قوله تعالى: كُنْ فَيَكُونُ (البقرة 117)، فذكر أنّ ابن عامر وحده بنصب النّون وأشار إلى المواضع الأخرى من سور القرآن فذكر نظير ذلك في سورة آل عمران فَيَكُونُ وَيُعَلِّمُهُ (47، 48) فقط، والنحل ومريم ويس والمؤمن. وفي سورة النساء عند قوله تعالى: يُدْخِلْهُ* (13، 14) يذكر قراءة نافع وابن عامر هذا الحرف بالنون في الموضعين ويشير بعد ذلك إلى نظير هذا الحرف في سورة الفتح والتّغابن والطّلاق.
6 - ينبّه عند كلامه على بعض الحروف إلى إجماع القراء على قراءة ما عند آخر الحرف غالبا كالذي نراه في قوله تعالى: قِيلَ في سورة البقرة (11)، فإنّه يشير بعد أن يتعرّض لمذاهب القراء واختلافهم في هذا الحرف من حيث ضم القاف وإشمام الضم والكسر يشير أخيرا إلى إجماع القراء على كسر قاف قوله تعالى: أَصْدَقُ .. قِيلًا في النساء (122)، وأَقْوَمُ قِيلًا (المزمل 6)، وقِيلًا سَلاماً (الواقعة 26)، وقِيلِهِ يا رَبِّ (الزخرف 88) أربعة أحرف لا غير. وفي سورة البقرة أيضا عند قوله تعالى: إِثْمٌ كَبِيرٌ (219)
فبعد أن ذكر قراءة هذا الحرف بالثّاء والباء أشار إلى أنّهم أجمعوا على الياء في قوله تعالى:
وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ (219). وفي سورة التوبة (99) ذكر اختلاف القراء في رفع وإسكان الرّاء من قوله تعالى قُرْبَةٌ (99) ثم إجماعهم على رفع راء قوله تعالى: قُرُباتٍ (99).
7 - وفي أحيان أخرى ينبّه المؤلف على مخالفة بعض القراء أصولهم لبعض الحروف نحو قوله تعالى في سورة البقرة (90): أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ وبابه فقد ذكر اختلاف القراء في تخفيف وتشديد ما كان من الإنزال ثم أعقب ذلك بمخالفتهم لأصولهم في خمس كلمات: في سورة الأنعام الآية (37)، وفي سورة النّحل (101)، وفي سورة الإسراء (82، 93)، وفي سورة لقمان (34) وفي الشّورى (28). وفي سورة الرعد (5) عند قوله تعالى: (أئذا)، (أئنا) ذكر اختلاف القراء في هذين الحرفين من حيث الاستفهام والخبر ثم ذكر اختلافهم في سورة النّمل والعنكبوت والواقعة والنّازعات.
8 - لم يجعل لبعض موادّ الأصول أبوابا وإنّما ذكر ذلك من خلال بحثه لفرش

(1/50)


الحروف، فمن ذلك ياءات الإضافة والياءات المحذوفات لم يجعل لها أبوابا كما ذكر في المقدمة، وإنّما ذكرها عند آخر كلّ سورة، ونحو باب هاء الكناية فإنّه لم يذكر لها بابا وإنّما نجد ذلك في ثنايا البحث عند كلامه على فرش الحروف. كما أنّه لم يجعل لترقيق الراءات وتفخيمها بابا، ولم يجعل لتغليظ اللام بابا، وإنّما ذكر بابا في ترقيق وتفخيم اللام عند لفظ الجلالة خاصّة.
9 - جعل المؤلف سورة فاتحة الكتاب ضمن بحثه لفرش الحروف، أي أنّه جعلها في بداية بحثه لسور القرآن، فكان موضعها قبل سورة البقرة، في حين نجد أنّ كتب القراءات الأخرى تضعها بعد ذكر باب الاستعاذة والبسملة.
10 - لم يفرّق المؤلف بين علامات الإعراب التي هي الرّفع والنّصب والجر والجزم، وبين حركات البناء التي هي الضم والفتح والكسر والوقف، وهذا ما كان يسير عليه الكوفيون، ومنهم الفرّاء في كتابه (معاني القرآن) حيث اتبع الطريقة نفسها «1».

ثانيا- رواة الوجيز وأهميته:
عني تلامذة الأهوازي برواية «الوجيز»، فأصبح من الكتب المتداولة بين المعنيين بقراءة القراءات وإقرائها المدة الطويلة وحتى عصر ابن الجزري في الأقل.
وعلى الرّغم من أنّ الكثير من تلامذته قد قرءوا الكتاب على مؤلّفه أو سمعوه منه إلّا أنّ رواية الكتاب انتشرت عن طريق ثلاثة من تلامذته النّجب وهم: أبو الحسن علي بن أحمد بن عليّ المصّيني الأبهري الضّرير المقرئ راوي نسختنا من الكتاب، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم بن عليّ بن هارون الدّمشقي المقرئ المعروف بابن قيراط الدّمشقي المتوفى سنة 508 هـ-، وأبو عليّ الحسن بن القاسم بن عليّ الواسطيّ المقرئ المعروف بغلام الهرّاس شيخ قراء العراق المتوفى سنة 468 هـ-.

1 - رواية المصّيني «2»:
وقد روى الكتاب عن المصّيني مقرئ الدّيار المصرية الشّريف الخطيب أبو الفتوح ناصر بن الحسن بن إسماعيل الزيدي «482 - 563 هـ-»، قال الذّهبيّ: «قرأ بالرّوايات على أبي الحسن عليّ بن أحمد الأبهري .. انتهت إليه رئاسة الإقراء بالدّيار المصرية وكان من جلّة العلماء في زمانه، قرأ عليه بالرّوايات أبو الجود غياث بن
__________
(1) ينظر نحو القراء الكوفيين 349 - 350، ومدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو 256 - 259.
(2) وانظر وصف النسخة الخطية.

(1/51)


فارس» «1».
ورواه عن الشّريف الخطيب شيخ القراء بديار مصر الأستاذ أبو الجود غياث بن فارس بن مكي اللّخمي المنذري المصري «518 - 605 هـ-» الذي قرأ القراءات على الشّريف الخطيب وغيره وتفرّد عنه مدة طويلة، فصار أكثر المتصدّرين للإقراء بمصر في منتصف القرن السّابع الهجري هم من أصحابه وأصحاب أصحابه «2».
ورواه عن أبي الجود شيخ القراء بالدّيار المصرية في وقته الإمام المقرئ الكبير المسند كمال الدّين أبو الحسن عليّ بن شجاع بن سالم الهاشميّ العبّاسيّ الضّرير «572 - 661 هـ-» «3».
وبهذا السّند المذكور وصلت إلينا نسخة «الوجيز» الخطّية الفريدة التي اعتمدناها في التّحقيق «4».
وبهذا السّند قرأ العلّامة شمس الدّين ابن الجزري «5» القرآن الكريم كله بقراءات «الوجيز» على شيوخه الثّلاثة: أبي عبد الله محمد بن عبد الرّحمن بن عليّ الحنفي المعروف بابن الصّائغ «704 - 776 هـ-» «6»، وأبي محمد عبد الرّحمن بن أحمد بن عليّ بن المبارك ابن البغدادي «702 - 781 هـ-» «7»، وأبي بكر بن ايدغدي بن عبد الله الشمسي ابن الجندي «699 - 769 هـ-» «8»، بحقّ قراءتهم على مسند عصره وشيخ زمانه تقي الدّين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الخالق الصّائغ المصري الشافعي «636 - 725 هـ-» الذي رواه قراءة وسماعا عن الكمال الضّرير.

2 - رواية ابن قيراط:
__________
(1) معرفة القراء: 2/ الترجمة 469، وتاريخ الإسلام، الورقة 292 (أحمد الثالث 2917/ 13)، وانظر: العبر: 4/ 183، وغاية النهاية 2/ الترجمة 3714، ونهاية الغاية، الورقة 284، والنجوم الزاهرة: 5/
380، وحسن المحاضرة: 1/ 495، وشذرات الذهب: 4/ 210.
(2) التكملة للمنذري: 2/ الترجمة 1073، وتاريخ الإسلام، الورقة 149 (باريس 1582)، وسير أعلام النبلاء: 21/ 473، ومعرفة القراء 2/ الترجمة 548، والعبر: 5/ 13، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة، الورقة 236 - 237، وغاية النهاية: 2/ الترجمة 2542 وغيرها.
(3) صلة التكملة للحسيني: 2/ الورقة 71، وذيل مرآة الزمان: 2/ 220، وتاريخ الإسلام، الورقة 232 (أياصوفيا 3013)، وتذكرة الحفاظ: 4/ 1454، والعبر: 5/ 266، ومعرفة القراء: 2/ الترجمة 626، ونكت الهميان: 212 - 213، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 2231، ونهاية الغاية، الورقة 156، وحسن المحاضرة: 1/ 501، وشذرات الذهب: 5/ 306.
(4) انظر أدناه كلامنا على وصف النسخة.
(5) النشر: 80 - 81.
(6) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3111.
(7) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1554.
(8) غاية النهاية: 1/ الترجمة 837.

(1/52)


رواه عن أبي الوحش سبيع بن قيراط عالمان دمشقيان معروفان هما:
أ- أبو القاسم عليّ بن الحسن بن الحسن ابن الماسح الكلابيّ الدّمشقيّ الشافعيّ المعروف بجمال الأئمة معيد المدرسة الأمينية والمدرّس بالمجاهدية «488 - 562 هـ-» قال الذّهبيّ: «وقرأ بالرّوايات على جماعة منهم: أبو الوحش سبيع صاحب الأهوازيّ ...
وحدّث بكتاب الوجيز للأهوازي عن أبي الوحش» «1».
ب- الفقيه أبو البركات الخضر بن شبل بن الحسين الحارثيّ المعروف بابن عبد خطيب دمشق ومدرّس العمادية والغزالية، والمجاهدية «486 - 562 هـ-» «2». قال ابن الجزري في ترجمته: «روى الوجيز للأهوازي عن سبيع بن قيراط سماعا عنه» «3».
وقد رواه عن ابن الماسح وأبي البركات الحارثي الشّيخ تقي الدّين أبو عبد الله محمد ابن الحسن بن عيسى اللرستاني العدل المتوفى بالقاهرة سنة 612 هـ-، قال المنذريّ: «سمعت منه وسألته عن مولده فذكر ما يدلّ تقديرا أنّه في سنة ثمان عشرة أو تسع عشرة وخمس مائة، وسمع معنا مع كبر سنّه على بعض شيوخنا. وكان شيخا صالحا على سمت أهل الخير» «4»، وقال ابن الجزري في ترجمته: «حدّث بالوجيز للأهوازي عن عليّ بن الحسن الكلابي والخضر بن شبل الحارثي» «5».
ورواه عن اللرستاني ثلاثة من كبار علماء مصر في القرن السابع الهجري هم «6»:
أ- حافظ مصر زكي الدّين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري صاحب «التكملة» و «الترغيب والترهيب» وغيرهما «581 - 656 هـ-» «7».
ب- شيخ القراء بالدّيار المصرية الإمام كمال الدّين أبو الحسن علي بن شجاع ابن سالم الضّرير الهاشميّ العباسيّ «572 - 661 هـ-» قال ابن الجزري: وسمع الوجيز للأهوازي من محمد بن الحسن بن عيسى اللرستاني» «8»، وذكر أنّ سماعه كان في سنة 605 هـ- «9».
__________
(1) معرفة القراء: 2/ الترجمة 467 وانظر: إنباه الرواة: 2/ 241 - 242، وتاريخ الإسلام، الورقة 284 (أحمد الثالث 2917/ 13) وتلخيص ابن مكتوم الورقة 132، وطبقات الشافعية للسبكي: 7/ 214، وغاية النهاية 1/ الترجمة 2187، والنجوم الزاهرة: 5/ 375، وبغية الوعاة: 2/ 155.
(2) مرآة الزمان: 8/ 270 - 271، وتاريخ الإسلام، الورقة 283 (أحمد الثالث 2917/ 13)، والعبر:
4/ 177، وطبقات السبكي: 7/ 83، وعقد الجمان للعيني: 16/ الورقة 400، والنجوم الزاهرة: 5/ 375، وشذرات الذهب: 4/ 205، وتهذيب ابن عساكر: 5/ 165.
(3) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1223.
(4) التكملة: 2/ الترجمة 1384. وانظر تاريخ الإسلام، الورقة 194 (باريس 1582).
(5) غاية النهاية: 2/ الترجمة 2935.
(6) المصدر نفسه.
(7) انظر عنه: المنذري وكتابه التكملة للدكتور بشار عواد معروف.
(8) غاية النهاية: 1/ الترجمة 2231.
(9) النشر 1/ 81.

(1/53)


ج- الشّيخ معين الدين أبو الفتح عبد الهادي بن عبد الكريم بن عليّ القيسي المصري المقرئ الشّافعي» 577 - 671 هـ-» «1».
وبهذا الطّريق أيضا قرأ العلّامة شمس الدين ابن الجزري القرآن الكريم كلّه بقراءات «الوجيز» على شيوخه الثّلاثة: ابن الصّائغ وابن البغدادي وابن الجندي بحق قراءتهم على أبي عبد الله الصّائغ الذي رواه قراءة وسماعا عن الكمال الضّرير، كما هي الحال بالنسبة لرواية المصيني المقدّم ذكرها «2».
وروى العلامة شمس الدّين ابن الجزري «الوجيز» من هذا الطّريق بسند دمشقي في غاية العلو، فقرأه بدمشق على شيخه شيخ القراء أبي العباس أحمد ابن إبراهيم بن داود
ابن المنجي المعروف بابن الطّحان «702 - 782 هـ-» «3»، عن أبي عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله ابن الشّيرازي الدّمشقي «629 - 723 هـ-» «4»، عن جدّه أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشّيرازي «5»، عن الخضر بن شبل الحارثي، عن أبي الوحش سبيع، وقال ابن الجزري: «هذا سند صحيح في غاية العلو تسلسل لنا إلى المؤلف بالدّمشقيين وبدمشق إلى المؤلف» «6».

3 - رواية غلام الهرّاس «7»:
رواه عنه مقرئ العراق صاحب التّصانيف أبو العز محمد بن الحسين بن بندار القلانسيّ الواسطيّ «435 - 521 هـ-» «8».
ورواه عن أبي العز أبو النّجم هلال بن أبي الهيجاء بن أبي الفضل المسيبي المعروف بابن الزريقا الخطيب بنهر الملك «9»، ولكنّ روايته عنه لم تنتشر.
كما رواه عن أبي العز القلانسي الإمام المحقّق صاحب التّصانيف المشهورة أبو محمد عبد الله بن عليّ بن أحمد البغدادي المقرئ النّحوي المعروف بسبط أبي منصور
__________
(1) صلة التكملة: 2/ الورقة 110، وتاريخ البرزالي: 1/ الورقة 34، وتاريخ الإسلام، الورقة 4 (أيا صوفيا 3014)، والعبر: 5/ 295، ومعرفة القراء 2/ الترجمة 632، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 1975، وحسن المحاضرة 1/ 502، وشذرات الذهب: 5/ 373.
(2) النشر: 1/ 80 - 81.
(3) غاية النهاية: 1/ الترجمة 134، والنشر: 1/ 80.
(4) الوافي بالوفيات: 1/ 285، وذيل العبر للحسيني: 131، والدرر الكامنة 4/ 233.
(5) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3510.
(6) النشر: 1/ 80.
(7) انظر هذه الرواية في غاية النهاية: 1/ الترجمة 1307.
(8) سؤالات الحافظ السلفي: 51 - 52، وخريدة القصر (قسم العراق) 4/ 1/ 352 والمنتظم: 10/ 8، وتاريخ الإسلام، الورقة 148 (أياصوفيا 3010)، والعبر: 4/ 50، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 417، وعيون التواريخ: 12/ 193 والوافي: 3/ 4، وطبقات السبكي: 6/ 97 وغيرها.
(9) غاية النهاية: 2/ الترجمة 3790.

(1/54)


الخيّاط «464 - 541 هـ-» «1».
ورواه عن سبط الخيّاط العلامة تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي البغدادي المقرئ النّحوي الذي صار شيخ القراء والنّحاة بدمشق «520 - 613 هـ-» «2».
قال الذّهبيّ: «قرأ القرآن تلقينا على أبي محمد سبط الخياط وله نحو من سبع سنين وهذا نادر، وأندر منه أنّه قرأ بالرّوايات العشر وهو ابن عشر حجج، وما علمت هذا وقع لأحد أصلا، وأعجب من ذلك أنّه عمّر الدّهر الطّويل، وانفرد في الدّنيا بعلو الإسناد في القراءات وعاش بعد ما قرأها بعدّة كتب ثلاثا وثمانين سنة، وهذا لا نظير له في الإسلام» «3»، وأشار ابن الجزري إلى أنّ الكندي قرأ «الوجيز» على سبط الخيّاط، عن أبي العز، عن غلام الهرّاس «4».
وقد بقي «الوجيز» يتداول بين الطّلبة لدراسته وبين العلماء للإفادة منه والنّقل عنه، فنقل عنه غير واحد كالذّهبيّ وابن الجزري، وأصبحت مقدمته التي ذكر فيها طرقه مصدرا من مصادر مؤلّفي طبقات القراء «5»، ونظرا لأهميته ذكره ابن الجزري في مقدمة كتابه «النّشر» وأشار إلى الطّرق التي رواه بها إلى مؤلّفه «6». وإنّ انتشار رواية الكتاب بين العلماء ممّا ذكرنا قبل قليل لتدلّ دلالة أكيدة على المنزلة الرفيعة التي احتلّها هذا الكتاب بين كتب القراءات.

ثالثا- وصف النّسخة الخطّية:
اعتمدت في تحقيق الكتاب على نسخة مصوّرة عن النّسخة المحفوظة في مكتبة جستربتي بدبلن وهي نسخة فريدة برواية أبي الحسن عليّ بن أحمد الأبهري المصيني عن
__________
(1) نزهة الألباء: 298، وخريدة القصر (قسم العراق): 3/ 25، والمنتظم: 10/ 122 والكامل لابن الأثير: 11/ 118، وإنباه الرواة 2/ 122، ومرآة الزمان 8/ 193، والعبر 4/ 113، وتاريخ الإسلام، الورقة 283 (أياصوفيا 3010) ومعرفة القراء 1/ الترجمة 443، وعيون التواريخ 12/ 411، ومرآة الجنان 3/ 275 والبداية والنهاية 12/ 222، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 1817 وغيرها.
(2) التقييد في معرفة رواة السنن والمسانيد، الورقة 98، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 54 - 55 (باريس 5922)، وإنباه الرواة: 2/ 10 - 14، والتكملة للمنذري: 2/ الترجمة 1498، وتاريخ الإسلام، الورقة 199 - 200 (باريس 1582)، وتاريخ ابن الفرات: 9/ الورقة 79 وغيرها.
(3) معرفة القراء: 2/ الترجمة 546.
(4) غاية النهاية: 1/ الترجمة 1307.
(5) انظر مثلا معرفة القراء: 1/ الترجمة 257، 258، 259، 260، 303 إلخ وغاية النهاية: 1/ الترجمة 41، 514، 553، 1273، 1852، 2190 ... إلخ وراجع تاريخ الإسلام، الورقة 38 (أياصوفيا 3009).
(6) النشر: 1/ 80 - 81.

(1/55)


المؤلف، إذ لم أوفّق في العثور على نسخة أخرى مع طول بحثي وتنقيري في فهارس المخطوطات.
تتكوّن النّسخة من مائة وعشر ورقات، في كلّ ورقة صفحتان، مسطرة الصّفحة ثلاثة وعشرون سطرا، ويحتوي السطر على 11 - 12 كلمة. وخطّ النّسخة اعتيادي لا ينتمي إلى قاعدة من قواعد الخطّ المنسوبة، وهو خطّ جيد بالجملة. وقد كتبت عناوين السّور، وكلمة «قوله» التي تسبق الآيات القرآنية بخط غليظ فتميّزت عن باقي الكتاب.
وقد فرغ النّاسخ من كتابة النّسخة لأربع خلون من ذي الحجة سنة 657 هـ- كما نصّ على ذلك في آخرها، ولكنّه لم يذكر اسمه.
وجاء في طرّة النّسخة عنوان الكتاب وهو: «الكتاب الوجيز في شرح قراءات القراء الثّمانية أئمة الأمصار الخمسة، وهم السّبعة المشهورون ويعقوب، رضوان الله عليهم.
تأليف الإمام الأوحد أبي عليّ الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن يزداد الأهوازي المقرئ- نضّر الله وجهه-».
وقد قوبلت النّسخة على الأصل المنتسخ منه، فظهرت آثار المقابلة على حواشيها، وقرئت على شيخ القراء بالبلاد المصرية الإمام العلامة كمال الدّين عليّ بن شجاع بن سالم الهاشمي العباسي الضّرير «572 - 661 هـ-» في جمادى الآخرة سنة 658 هـ- كما يظهر من طبقة السّماع في آخر الكتاب ونصّها:
«يقول الشّيخ الفقيه الإمام العلامة كمال الدّين شيخ الفقهاء والقراء المتصدّرين أبو الحسن عليّ بن شجاع بن سالم القرشيّ العباسيّ المتصدّر بمصر والقاهرة «1» المحروسة نفع الله به: قرأ عليّ جميع هذا الكتاب، وهو كتاب «الوجيز» في القراءات الثّمان «تصنيف الإمام أبي عليّ الأهوازي رحمه الله صاحب هذه النّسخة الفقيه الأجلّ المقرئ الأعز زين الدّين حسن بن أبي الحسن بن صالح بن نباتة، وأخبرته به: عن الإمام أبي الجود رحمه الله عن الشّريف الخطيب، عن الأبهري، عن المصنّف. وعن الشّيخ الصّالح تقي الدّين اللرستاني بسماعه عن أبي القاسم عليّ بن الحسن الكلابي وأبي البركات الخضر بن شبل الحارثي، كلاهما عن أبي الوحش سبيع بن المسلّم عن مصنّفه وسمع بسماعه آخرون مثبتون في أول هذا الجزء. وصحّ ذلك في عدة مجالس بقراءة زين الدّين. وأجزت للجميع رواية ذلك عني بالسّند المذكور وبما يصحّ لهم من أسانيدي فيه وفي غيره وبذلك أذن الشّيخ كمال الدّين المذكور في الكتابة عنه لضرته، وكتب العبد الفقير إلى عفو ربه عبد القوي بن عطايا بن عبد القوي بن عطايا القرشي وهو ممّن سمع جميع الكتاب المذكور. وكتب في العشر
__________
(1) يريد: بفسطاط مصر والقاهرة، وقد حذف المتأخرون كلمة «فسطاط».

(1/56)


الأوسط «1» من جمادى الآخرة الذي من سنة ثمان وخمسين وست مائة أحسن الله إليه بمنّه وكرمه. الحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلامه، وحسبنا الله ونعم الوكيل» «2».
وقد اتلفت الرطوبة طبقة السّماع التي في طرّة النّسخة فأصبحت قراءتها متعذّرة.
وفي حاشية الورقة (28) سماع بخط عيسى بن عمر بن خالد بن عبد المحسن الخشّاب الشافعي «3» بسماعه الكتاب على الكمال الضّرير سنة 658 هـ-.

رابعا- نهج العمل في التّحقيق:
1 - لقد نظمت النّصّ على نسق واحد من أوله إلى آخره بما يفيد فهم النّصّ فهما جيدا ويظهر معانيه ودلالاته واضحة، فجعلت قراءة كلّ قارئ في فقرة مستقلة ثم تليها القراءة التي بعدها وهلمّ جرا.
2 - اعتمدت في ضبط الآيات القرآنية على المصحف الشّريف، ولم أكتف بما يكتبه النّاسخ بل قمت بالتثبّت من ذلك بالرجوع إلى المصحف الكريم عند ورود كل آية أو جزء من آية.
3 - في فرش الحروف اعتمدت قراءة حفص عن عاصم في أول ذكرها، ولم أتقيد بطريقة المؤلف حيث إنه لم يلتزم بذكر قراءة حفص في كلّ المواضع، كما أنني وضعت قراءة حفص بين قوسين مزهرين، والقراءات الأخرى بين قوسين مزدوجين.
4 - التزمت ترقيم حروف القرآن جميعها اعتمادا على المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، وسرت على ذلك في كلّ الكتاب عند بحثي لمواد الأصول ولمواد فرش الحروف، على أنّني لم أذكر ترقيم بعض الحروف التي يكثر سورها في المصحف كونها حروفا عامة كأن تكون حروف جر أو حروف نصب أو حروف عطف وغير ذلك.
5 - جعلت ترقيم الآيات ضمن مادة المتن الأصلية ولم أضعها في الهامش، كما ذكرت أرقام الآيات عند ورود كلّ سورة بجانبها، ولم أذكر ذلك في الهامش إلا في حالة إشارة المؤلّف إلى ورود حرف ما بمواضع عديدة فعند ذلك فقط أشير إلى أرقام تلك الآيات في الهامش.
6 - إذا وردت الآية في موضع أو موضعين نصصت على السّور التي وردت فيها تلك الآية، أما إذا وردت في مواضع متعدّدة فرأيت أن أشير إلى موضع واحد ثم أتبعه بقولي:
وغيرها.
__________
(1) كذا قال، والصحيح: «الوسط» وراجع المصباح المنير للفيومي، في «وسط».
(2) انظر كلامنا على رواة الوجيز قبل قليل.
(3) توفي ابن الخشاب سنة 711 هـ- (غاية النهاية: 1/ الترجمة 2495).

(1/57)


7 - أما إذا تكررت الآية القرآنية في عدّة مواضع فإنّني أنبّه إلى ذلك بالإشارة إلى تلك السّور التي ورد فيها الحرف القرآني، وأحيل القارئ إلى تخريجات تلك الآية في
موضعها من السّورة مشيرا إلى رقمها، فالحرف الذي يذكر في سورة البقرة مثلا ثم يتكرّر في غيره من السّور فإنّني أنبه عليه ولا أعيد القول فيه.
8 - التزمت بترتيب المؤلف لتسلسل الآيات ولم أغير من ذلك شيئا فهو قد يقدّم بعض الآيات التي تستحقّ التّأخير، ويؤخّر بعض ما يستحقّ التّقديم، وهو ما نجده واضحا عند بحثه للأصول في القسم الأول من الكتاب خاصّة.
9 - وقعت في نصّ المخطوطة بعض الأخطاء اللّغوية أو حصل بعض السّهو في بعض آيات نصّ التّنزيل، فأصلحت ذلك في المتن وأشرت إليه في الهامش، لإيماني أنّ ذلك لا يجوز في مثل هذا الكتاب، ولاحتمال كونها من أخطاء النّساخ.
10 - لما كان المؤلف يقوم عند بحثه لفرش الحروف بشرح حروف القرآن في كلّ سورة مرتّبة حسب ترتيب المصحف، ويتناول كلّ سورة من بدايتها إلى نهايتها ليشرح اختلاف القراء في حروفها، فإنّني اقتصرت على ذكر رقم الآية من دون ذكر اسم السّورة لأنّه في هذه الحالة يتناول سورة واحدة، وتكرار ذكرها ليس له معنى.
11 - وقد التزمت بأسماء السّور حسبما أثبت المؤلف لها من أسماء مغايرة لما هو معروف مشهور في المصاحف المطبوعة المتداولة، نحو تسميته لسورة الإسراء «بني إسرائيل»، ولسورة النبأ: «التساؤل» وهلمّ جرا.
12 - وخرّجت القراءات القرآنية على الكتب المعنية بها، من كتب القراءات، وكتب حجج القراءات وعللها، وكتب إعراب القرآن، والتّفاسير، وكلّ ما له صلة بذلك.
13 - التزمت بتنظيم المصادر في الهامش الواحد حسب وفيات مؤلّفيها سواء أكان ذلك عند تخريج القراءات أم في الدّراسة، فهذا منهج محمود مطلوب لما فيه من الفوائد والعوائد.
14 - أما بالنسبة لأسماء الأعلام الواردة في المتن فقد عنيت بضبطها على كتب التّراجم المعنيّة، ولما كانت النّسخة فريدة فقد اضطررت إلى تصحيح بعض الهفوات التي وقع فيها النّاسخ اعتمادا على هذه الكتب إذا لم أجد لها وجها، وإن كان ضعيفا، فأصلحتها في المتن، وعلّلت ذلك في الهامش، على أنّني أبقيت على بعض الأوهام القليلة التي أيقنت أنّها من كلام المؤلف وعلّقت عليها في الهامش.
15 - وقد عنيت عناية بالغة بمقابلة أسماء الأعلام والمادة التراجمية التي احتوتها على أمهات كتب التّراجم المعنية بها، ولا سيما كتب تراجم القراء والمشتبه، فإذا وجدتها متفقة معها سكتّ ولم أعلّق دلالة على صحّة الاسم أو المادة، أما إذا وجدت خلافا فقد عنيت

(1/58)


بالتّعليق ورجّحت الصّواب بعد التعليل وأحلت على الموارد التي أدّت إلى هذا الترجيح.
وهذه الطّريقة فيما أرى هي الأولى بالاتباع لأنّ مثل هذه المقابلات تؤدي- كما يظهر في تعليقاتي على النّص- إلى ضبطه وضبط مادته من غير إثقال هوامش الكتاب بتعريفات لا مسوغ لها يستطيع كلّ أحد أن يستخرجها من الكتب بسهولة ويسر.
ميزات الكتاب وفوائده:
وأرى من المفيد أن ألخص في نهاية هذه المقدمة الوجيزة ميزات كتاب «الوجيز» وفوائده لطلاب الدراسات القرآنية عامة، ولدارسي علم القراءات خاصة، فأقول:
1 - إنه من الكتب المتقدمة زمنيا في علم القراءات، ومؤلفه أحد أبرز العلماء في هذا الفن، لذلك صار مصدرا لكثير من المؤلفين الذين جاءوا بعده.
2 - وضوح منهج الكتاب، ومراعاة الناحية التعليمية في هذا المنهج، لذا لا نجد فيها إحالات كثيرة، بل قد يعيد المصنف ما يجده ضروريا في موضعه، وهو أمر يساعد طلبة هذا العلم ويرسخ المادة في أذهانهم.
3 - إن الكتاب من الكتب القليلة التي تبحث في القراءات الثمان، وقراءة يعقوب التي أضافها المصنف للقراءات السبع من القراءات المعتبرة، يظهر ذلك في القائمة التي ذكرها العلامة شمس الدين الجزري في مقدمة «النشر».
4 - ومما يعلى شأن هذا الكتاب أن مؤلفه ذكر بعضا من أوجه القراءات التي تفرد بذكرها، فما أخذه عن شيوخه.
5 - إن الكتاب ظل حبيسا في خزائن الكتب الخطية حتى هيأ الله سبحانه الأسباب ليخرج محققا على وفق أحدث الطرائق العلمية في التحقيق والتدقيق، فضلا عن المراجعة الشاملة، والطباعة الأنيقة الفاخرة.
ولا بد لي وقد أنهيت تحقيق هذا الكتاب أن أتقدم بالشكر إلى أستاذي الدكتور حاتم الضامن الذي أشرف على تحقيق النص حين قدمته لنيل رتبة الماجستير من جامعة بغداد، وإلى السيد محمد عبد الكريم على أريحيته وكرمه حين أهداني نسخته المصورة من مخطوطة الوجيز، وإلى ابن عمتي وأستاذي محقق العصر الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف الذي فتح لي خزانة كتبه الغنية بنفائس المخطوطات المصورة، وواكب تحقيق النص فراجعه وقرأه غير مرة حتى ظهر بهذه الهيئة الأدبية البارعة النافعة، جزاهم الله عني خير الجزاء ووفقهم إنه سميع الدعاء.
الدكتور دريد حسن أحمد

(1/59)


طرة النسخة الخطية وتظهر فيها طبقة السماع

(1/61)


آخر النسخة الخطية ويظهر فيها تاريخ النسخ وطبقة سماع

(1/62)