الوجيز في شرح قراءات القرأة الثمانية أئمة الأمصار الخمسة [مقدمة المؤلف]
بسم الله الرّحمن الرّحيم (الحمد لله والصّلاة على رسول الله.
أخبرنا الشيخ الصالح الإمام أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عليّ
الأبهريّ البصير المقرئ المعروف بالمصيني- أدام الله توفيقه
ورضي عنه وعن والديه وأرضاه- وتلوت عليه، قال: قال الشيخ
الإمام الأوحد أبو عليّ الحسن بن عليّ بن إبراهيم الأهوازيّ
المقرئ رضي الله عنه-) «1»:
الحمد لله الذي بنعمته حمد، وبهدايته عبد، وبخذلانه جحد،
وبتوفيقه سعد، فلا حجّة عليه لمن عصاه، وله المنّة على من
هداه، فلا إله إلا هو كفى به وكيلا، وبكتابه سبيلا، وبرسوله
محمد صلى الله عليه وآله وسلم دليلا، بعثه بأصل شامخ، وفرع
باذخ، وشرع للشّرائع ناسخ، فقام بأمره صادعا، ولمن زاغ عن
الحقّ قامعا، بالحسنات آمرا، وعن السّيئات زاجرا، صلى الله
عليه وعلى آله أولا وآخرا، وباطنا، وظاهرا.
(قال الشيخ أبو عليّ الحسن بن عليّ بن إبراهيم الأهوازيّ رحمه
الله:) «2» أما بعد حمد الله الرّحيم، والصلاة على رسوله
الكريم أبتدئ بذكر شرح ما اختلف فيه القراء الثمانية
المشهورون، الأئمة الأعلام المقتدون في الأمصار الخمسة،
المذكورون، دون ما اتّفقوا عليه ما لا خلاف فيه، وجعلته كتابا
وسمّيته مختصرا وجيزا يشتمل على ستّ عشرة رواية عنهم حسب: عن
كل واحد منهم روايتان لا غير وهم:
من أهل المدينة: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ، رواية
أبي موسى قالون وأبي القاسم ورش عنه.
ومن أهل مكة: عبد الله بن كثير الدّاري، رواية أبي عمر قنبل
وأبي الحسن البزّي عنه.
ومن أهل الشام: عبد الله بن عامر اليحصبي «3»، رواية عبد الله
بن ذكوان، وهشام بن عمّار، عنه.
__________
(1) هذا هو سند النسخة وليس من كلام المؤلف، لذلك وضعناه بين
حاصرتين، على أننا إنما أثبتناه في الأصل بسبب أنّ المخطوطة هي
برواية المصيني.
(2) هذا كلام المصيني، ومثله ما سيأتي في تضاعيف النسخة.
(3) قيدها ناسخ النسخة بضم الصاد، وقد قال السمعاني في الأنساب
وتابعه ابن الأثير في اللباب: «بكسر الصاد المهملة، وقيل
بضمها» نسبة إلى يحصب قبيلة من حمير، فهما رجحا الكسر على
الضم، وهو المشهور، ولكنني أبقيت ما في النسخة لوجود وجه له.
(1/63)
ومن أهل الكوفة: عاصم بن أبي النّجود الأسديّ رواية أبي بكر بن
عيّاش، وحفص ابن سليمان عنه. وحمزة بن حبيب الزّيّات، رواية
خلف وخلّاد، عن سليم عنه، والضبي عن رجاله عنه. وعليّ بن حمزة
الكسائيّ رواية أبي عمر الدّوري، وأبي الحارث المروزيّ عنه.
ومن أهل البصرة: أبو عمرو بن العلاء المازنيّ، رواية أبي محمد
اليزيدي وشجاع ابن أبي نعيم البلخي عنه. ويعقوب بن إسحاق
الحضرمي رواية أبي عبد الله رويس وأبي الحسن روح عنه.
وعرّيته من العلل وكثرة الرّوايات، ولم أذكر عنهم فيه كثيرا من
أخبارهم وحكاياتهم وسيرهم، إذ قد ذكرت ذلك في المصنفات الكبار،
فمن أرادها فليطلبها من تلك يجدها على نهاية الشّرح والبيان إن
شاء الله.
وكلّ ما يكثر دوره من حروف القرآن المختلف فيها فلكلّ أصل منه
باب في كتابي هذا يشتمل على استيفائه، ولم أعد شيئا منه في
مواضعه من السّور بعد ذكره في بابه إلا أحرفا يسيرة لا بدّ من
إعادتها خوف الالتباس.
وكلّ حرف مختلف فيه مذكور في ترجمته أسماء الأقل منهم ثم أقول:
والباقون بعد ذلك. إلا الياءات المحذوفات والمثبتات والمفتوحات
والمسكّنات لم أجعل لها بابا وذكرتها بشرح الاختلاف فيها
معدودة في آخر كلّ سورة ليكون أبين في الفهم، وأسهل في الحفظ،
وإن أيّد الله سبحانه منه بتوفيق ذكرت ما شرطت من ذلك حسب
الطاقة ومبلغ العلم، وفوق كلّ ذي علم عليم. |