الوجيز في شرح قراءات القرأة الثمانية أئمة الأمصار الخمسة

[باب ذكر القراء الثمانية]
أما قراءة نافع رواية قالون عنه
- قال أبو عليّ-: فإني قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي الحسن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عبد الحميد السّميساطي «1» بالبصرة في منزله دار ابن حبيب الصّير في أصحاب القماقم سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة. وأخبرني أنّه قرأ على أبي بكر محمد بن عليّ بن محمد بن عبد الرّحيم المؤدب بسميساط سنة عشرين وثلاث مائة، وأخبره أنّه قرأ على أبي عليّ الحسن بن عليّ بن عمران الشّحامي، وأخبره أنّه قرأ على أبي موسى عيسى بن مينا بن وردان قالون، وأخبره أنّه قرأ على أبي نعيم نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيم القارئ المدني.

وأما رواية ورش عنه
- قال أبو عليّ-: فإني قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يعقوب بن عليّ العجليّ
__________
(1) منسوب إلى سميساط من بلاد الشام، ورجح ابن الجزري أنه «شمشاطي» بالمعجمتين، وذكر أن الذهبي شك فيه، فرجحت ما أثبته لأنني وجدته متقن التقييد في النسخة الخطية. (تنظر: غاية النهاية: 1/ الترجمة 2190).

(1/64)


اللالكائي بالبصرة في الجامع «1» عند باب الأحنف بن قيس «2» سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة، وأخبرني أنّه قرأ على أبي بكر أحمد بن نصر بن منصور بن عبد المجيد الشّذائي، وأخبره أنّه قرأ على أبي العباس عبد الله بن أحمد بن الهيثم «3» البلخي ثم البخاري الملقب دلبة، وأخبره أنّه قرأ على أبي موسى يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة الصّدفي، وأخبره أنّه قرأ على أبي سعيد، ويقال أبي القاسم، عثمان بن سعيد ورش، وأخبره أنّه قرأ على نافع.
وهو أبو نعيم وقيل: أبو رويم «4» وقيل: أبو عبد الرّحمن وقيل: أبو الحسن نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيم مولى جعونة «5» بن شعوب الليثي حليف حمزة بن عبد المطّلب، وكان يقول: أصلي من أصبهان. قرأ على جماعة منهم: مسلم بن جندب «6» ويزيد بن رومان، وصالح بن خوات، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع.
وقرأ أبو جعفر على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي وعلى عبد الله بن عباس بن عبد المطّلب، وقرأ على أبي بن كعب وقرأ أبي على النّبي صلى الله عليه وسلم. وقرأ الأعرج على أبي هريرة، وقرأ أبو هريرة على أبي بن كعب، وقرأ أبي على النّبي صلى الله عليه وسلم.
وكان نافع رحمه الله محتسبا فيه دعابة، وقيل: كان عريفا على السّوق في المدينة قرأ وأقرأ وتصدّر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة مائة.
قال الليث بن سعد: حججت سنة عشر ومائة فقدمت المدينة ونافع إمام النّاس في القراءة لا ينازع.
__________
(1) يعني: جامع البصرة الكبير.
(2) الأحنف بن قيس التميمي السعدي، أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ونزل البصرة وكان شيخ بني تميم فيها واشتهر بحلمه وشجاعته وقيادته، توفي سنة 67 هـ- في أصح الأقوال.
(انظر ترجمته ومصادرها في تهذيب الكمال للمزي: 2/ 282 - 287).
(3) نسبه ابن الجزري: «عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن الهيثم بن مخلد» وزعم أن الأهوازي وهم فيه فقال: «عبد الله بن محمد بن الهيثم بن خالد» (غاية النهاية: 1/ الترجمة 1719)، ولم نجد في النسخة الخطية اسم (خالد) فلعله نقله من كتاب آخر له. على أن الحافظ ابن حجر ذكره في كتابه «الألقاب» كما ذكره الأهوازي، فقال: «دلبة البلخي أحد القراء، هو عبد الله بن أحمد بن الهيثم، من طبقة الفضل بن شاذان» (الورقة 74 من نسخة الأوقاف ببغداد)، والظاهر أن معتمد ابن الجزري هو الحافظ أبو عمرو الداني كما يظهر من ترجمته.
(4) قال الذهبي: أشهرها أبو رويم (معرفة 1/ الترجمة 41).
(5) قيده ناسخ النسخة بفتح الجيم وضم العين المهملة، وليس بشيء، فقد ضبطه ابن منظور في (جعن) من لسان العرب كما قيدناه بفتح الجيم وسكون العين المهملة وفتح الواو، وقال: «من أسماء العرب» وترجمه ابن سعد في طبقاته الكبرى فقال: «وهو من ولد الأسود بن عبد شمس بن مالك بن جعونة بن عويرة بن شجع بن عامر بن ليث، وشعوب امرأة من خزاعة وهي أم الأسود وكان الأسود حليفا لأبي سفيان بن حرب، وشهد معه أحدا ... وسمع جعونة بن شعوب من عمر بن الخطاب» (5/ 61).
(6) بفتح الدال المهملة، وتضم أيضا.

(1/65)


وقال مالك بن أنس رحمه الله: قراءة نافع السّنّة.
ولم يزل يقرئ في المدينة إلى أن مات سنة تسع وخمسين ومائة في أيام المهدي.
والأشهر عند أهل النّقل أنّه مات سنة تسع وستين ومائة في أيام الهادي ابن المهدي.
واختلف أيضا في كنية ورش، فقيل: أبو القاسم، وقيل: أبو سعيد، وقيل: أبو عمرو. ولد بمصر سنة عشر ومائة «1»، وقرأ على نافع سنة خمس وخمسين ومائة. ومات سنة سبع وتسعين ومائة في أيام المأمون، وله سبع وثمانون سنة.
وأما قالون فهو أبو موسى عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى بن عبد الصّمد بن عمرو بن عبد الله المدني، وجدّه عبد الله سبي من الروم في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبيع في المدينة فاشتراه بعض الأنصار فأعتقه فهو مولى الأنصاري «2»، وكان أصمّ ولد سنة عشرين ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، وقرأ على نافع سنة خمسين ومائة، ومات سنة خمس ومائتين «3» في أيام المأمون. وله خمس وثمانون سنة.

وأما قراءة عبد الله بن كثير رواية قنبل عنه
- قال أبو عليّ-:
فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي العباس أحمد بن محمد بن عبيد الله بن إسماعيل العجليّ، وأخبرني أنّه قرأ على أبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التّميمي، وأخبره أنّه قرأ على أبي عمر محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن خالد بن سعيد ابن جرحة المكيّ، الملقب قنبلا، وأخبره أنّه قرأ على أبي الحسن أحمد بن محمد بن عون النّبّال القوّاس، وأخبره أنّه قرأ على أبي القاسم وهب بن واضح المكي الملقب أبا الإخريط، وأخبره أنّه قرأ على أبي محمد «4» إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين مولى بني ميسرة، وقرأ إسماعيل بن عبد الله على أبي داود شبل بن عبّاد مولى عبد الله بن عامر بن كريز، وعلى أبي الوليد معروف بن مشكان، وقرأ على عبد الله بن كثير الدّاري.

وأما رواية البزيّ عنه
- قال أبو عليّ-: فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير الكتانيّ المعروف بابن كوجك ببغداد في مسجد نهر الدّجاج
في الكرخ، وأخبرني أنّه قرأ على أبي الحسن عليّ بن سعيد ابن الحسن بن ذؤابة القزاز، وأخبره أنه قرأ على أبي عبد الرّحمن عبد الله بن محمد بن
__________
(1) نقله الذهبي في «معرفة القراء» عن الأهوازي (1/ الترجمة 63).
(2) هكذا في النسخة، فلو قال: مولى الأنصار لكان أحسن، وهو مولى بني زهرة من الأنصار كما هو معروف مشهور.
(3) كذا قال، وغلطه الذهبي وابن الجزري، وأثبت الذهبي وفاته سنة 220 هـ-، وصححها ابن الجزري، وقال الداني: توفي قبل سنة 220 (انظر: معرفة القراء: 1/ الترجمة 64، وتاريخ الإسلام، الورقة 148 (مجلد أياصوفيا 3007 بخطه) وغاية النهاية: 1/ الترجمة 2509، ونهاية الغاية، الورقة 182).
(4) هكذا كناه، وفي معرفة القراء (1/ الترجمة 53) وغاية النهاية (1/ الترجمة 771): أبو إسحاق.

(1/66)


إبراهيم «1» وعلى أبي جعفر محمد بن محمد بن أحمد، وعلى أبي العباس أحمد بن محمد: اللهبيين، وأخبروه أنّهم قرءوا على أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة مولى بني مخزوم مؤذن المسجد الحرام، وأخبرهم أنه قرأ على أبي القاسم عكرمة بن سليمان بن كثير بن عامر المكي، وأخبره أنه قرأ على شبل ابن عباد وعلى إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، وأخبراه أنهما قرءا على عبد الله بن كثير وهو أبو بكر، وقيل أبو عباد، وقيل أبو معبد عبد الله بن كثير الدّاري، والدّار بطن من لخم، وهو مولى عمرو بن علقمة الكناني.
قرأ على مجاهد بن جبر المخزومي، وقرأ مجاهد على عبد الله بن عباس، وقرأ ابن عباس على أبي بن كعب، وقرأ أبي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقيل أيضا: قرأ ابن كثير على درباس مولى عبد الله بن عباس، وقرأ على مولاه، وقرأ على أبي، وقرأ أبي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وكان ابن كثير عطارا يخضب بالحنّاء، وكان يعظ النّاس ويقصّ عليهم، توفي بمكة سنة عشرين ومائة في أيام هشام بن عبد الملك.
ومات قنبل سنة إحدى وتسعين ومائتين، وله ست وتسعون سنة، وكان قد قطع الإقراء قبل أن يموت بعشر سنين.
ومات البزي سنة خمسين «2» ومائتين، وله ثمانون سنة.

وأما قراءة عبد الله بن عامر، رواية عبد الله بن ذكوان عنه
- قال أبو عليّ-:
فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال السّلميّ بدمشق في منزله درب الحبّالين ... «3» في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة. وأخبرني أنّه قرأ على أبي الحسن محمد بن النّضر بن مر بن الحر الرّبعي المعروف بابن الأخرم، وعلى أبي الفضل جعفر بن حمدان بن سليمان النّيسابوري المعروف بابن أبي داود، وعلى أبي القاسم عليّ بن الحسين بن أحمد بن محمد بن السّفر «4» الجرشي البزاز، وأخبروه أنّهم قرءوا على أبي عبد الله هارون بن موسى بن شريك
__________
(1) هكذا سماه، وهو وهم، وفي غاية النهاية (1/ 1819 و 2226): «عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن حمزة بن إبراهيم» وهو مقرئ مكي مشهور ثقة.
(2) في الأصل: «سبعين» ولا أشك أنه محرف وما أثبتناه هو الصواب الذي أجمعت عليه المصادر، ويؤيده أنه ولد سنة 170 هـ-. (انظر معرفة القراء: 1/ 77 ومصادر ترجمته فيها).
(3) كلمة لم أوفق إلى قراءتها.
(4) في الأصل بالسين المهملة والقاف، ولم نعتد ذلك في الأسماء، اللهم إلا أن يكون «الصقر» بالصاد، ثم أبدل سينا، فالمشهور في مثل هذا الرسم «السفر» بالفاء، وهكذا وجدته مجودا في ترجمته من نسخة تاريخ الإسلام الخطية للذهبي الذي نقلها عن أبي عمرو الداني فقال في وفيات سنة 338: «عليّ بن الحسين بن أحمد بن السفر أبو القاسم الجرشي الدمشقي البزاز» (الورقة 197

(1/67)


الأخفش بدمشق بباب الجابية، وأخبرهم أنّه قرأ على أبي عمرو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان القرشي، وأخبره أنّه قرأ على أبي سليمان أيوب بن تميم التّميمي وأخبره أنه قرأ على أبي عمر يحيى بن الحارث الذّماري، وأخبره أنّه قرأ على عبد الله بن عامر اليحصبي، وأخبره أنّه قرأ على رجل قرأ على عثمان ابن عفان رضي الله عنه، وقرأ عثمان على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

وأما رواية هشام بن عمار عنه
- قال أبو عليّ-: فإني قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال السّلمي بدمشق في منزله، وأخبرني أنّه قرأ على أبي الحسن محمد بن النّضر بن مر بن الحر بن الأخرم وعلى أبي عليّ الحسين بن محمد بن عليّ بن عتاب، وعلى أبيه أبي الحسن «1»، وأخبروه أنّهم قرءوا على أبي عبد الله هارون بن موسى بن شريك الأخفش، وأخبرهم أنّه قرأ على أبي الوليد هشام بن عمار بن نصير بن أبان بن ميسرة السّلمي، وأخبره أنّه قرأ على أيوب بن تميم التّميمي، وعلى عراك بن خالد بن يزيد المري، وسويد بن عبد العزيز، وأخبروه أنّهم قرءوا على يحيى بن الحارث الذّماري، وأخبرهم أنّه قرأ على عبد الله بن عامر اليحصبي.
قال هشام: قال أيوب بن تميم: قرأ ابن عامر على رجل قرأ على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقرأ عثمان على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال عراك وسويد: قرأ عبد الله بن عامر على المغيرة بن أبي شهاب المخزومي، وقرأ المغيرة على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقرأ عثمان على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال هشام بن عمار: وحدّثنا الوليد بن مسلم، عن يحيى بن الحارث، عن عبد الله بن عامر أنّه قرأ على عثمان بن عفان ليس بينه وبينه أحد.
قال هشام: وحديث عراك عندنا أصحّ.
واختلف في كنية عبد الله بن عامر، فقيل: أبو عمران، وقيل: أبو موسى، وقيل أبو عبد الله، وقيل: أبو عليم. وكان قاضي الجند، وقيل: ولي القضاء بدمشق بعد بلال بن أبي الدّرداء وكان على بناء مسجد دمشق وكان لا يرى فيه «2» بدعة إلا غيّرها، وقيل: إنه كان
__________
- من مجلد أحمد الثالث 2917/ 9) وهكذا نقله عن الداني أيضا ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 2198)، لكنه ذكر أنه مصحف عن الصقر، ثم ترجم له مرة أخرى فقال: «عليّ بن الحسين بن الصقر أبو العباس الحرسي (كذا) الدمشقي البزاز، شيخ معروف ... مات سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.
وعندي أنّه ابن السفر المتقدم «(1/ 2203) قلت: وهو الصواب، فقد نص على تقييده الحافظ ابن ماكولا في إكمال الإكمال 4/ 299، ونقله عنه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق 41/ 348.
أما ما ورد في غاية النهاية من أنه «حرسي» بالحاء والسين المهملتين، فهو تصحيف من غير ريب، فما عرفنا في أهل الشام حرسيين والحرسيون مصريون، فهو جرشي منسوب إلى جرش بضم الجيم وفتح الراء ثم الشين المعجمة، بطن من حمير، وهكذا نسب عدد من أهل الشام.
(1) يعني: أبا أبي بكر السلمي (انظر: غاية النهاية: 1/ الترجمة 556).
(2) يعني في المسجد.

(1/68)


إمام الجامع. ولم يزل مقيما بها إلى أن مات سنة ثماني عشرة ومائة في أيام هشام بن عبد الملك.
ومات عبد الله بن ذكوان في شوال سنة اثنتين وأربعين ومائتين وكان مولده يوم عاشوراء سنة ثلاث وسبعين ومائة، عاش تسعا وستين سنة.
ومات هشام بن عمار سنة خمس وأربعين ومائتين، وله اثنتان وتسعون سنة «1»، وقيل: إنه توفي سنة ست وأربعين ومائتين وله تسع وثمانون سنة.

وأمّا قراءة عاصم بن أبي النّجود رواية أبي بكر بن عياش عنه
- قال أبو عليّ-: فإني قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي الفرج مخلد بن أحمد بن إبراهيم الشّنبوذي، وأخبرني أنّه قرأ على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه، وأخبره أنّه قرأ الحروف على القاضي أبي بكر شعيب بن أيوب بن رزيق الصّريفيني عن أبي زكريا يحيى بن آدم بن سليمان القرشي على أبي بكر بن عياش، وقرأ أبو بكر بن عياش على عاصم بن أبي النّجود.

وأما رواية حفص بن سليمان عنه،
- قال أبو عليّ-:
فإني قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطّبري ببغداد، وأخبرني أنّه قرأ على أبي بكر أحمد بن عبد الرّحمن بن الفضل بن الحسن بن البختري الدّقّاق المعروف بالولي، وأخبره أنّه قرأ على أبي جعفر أحمد بن محمد بن حميد الفامي الملقب فيلا، وأخبره أنّه قرأ على أبي حفص عمرو بن الصّبّاح بن صبيح سنة سبع عشرة وثماني عشرة وتسع عشرة وعشرين ومائتين، وأخبره أنّه قرأ على أبي عمرو حفص بن سليمان بن المغيرة الغاضري البزّاز، وأخبره أنّه قرأ على عاصم بن أبي النّجود الكوفي الأسدي.
وهو أبو بكر عاصم بن أبي النّجود الكوفي الأسدي الخيّاط. واسم أبي النّجود بهدلة، وقيل عبد الله، وقيل: بهدلة اسم أمّه، والله أعلم. قرأ على أبي عبد الرّحمن عبد الله بن حبيب السّلمي، وقرأ السّلمي على عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه، وقرأ عليّ على النّبي صلى الله عليه وسلم.
وقرأ عاصم أيضا على أبي مريم زر بن حبيش الأسدي، وقرأ زر على عبد الله بن مسعود، وقرأ ابن مسعود على النّبي صلى الله عليه وسلم.
وكان عاصم ذا علم وفهم وحفظ للقرآن كثير الرّواية للحديث وكان كاتبا.
توفي في طريق الشّام سنة سبع، ويقال سنة: تسع وعشرين ومائة في أيام مروان بن محمد.
واختلف في اسم أبي بكر بن عياش، فقيل: شعبة، وقيل: رؤبة، وقيل: عنترة،
__________
(1) هذا هو التاريخ المعتمد الذي ذكره البخاري (تاريخه الكبير: 8/ 199) وغيره.

(1/69)


وقيل مطرف «1»، وقيل: عتيق، وقيل: حبيب «2»، وقيل: اسمه كنيته وغير ذلك. مات رحمه الله في جمادى سنة ثلاث وتسعين ومائة وله تسع وتسعون سنة لأن مولده كان سنة أربع وتسعين «3»، وكان يقول أنا شطر «4» الإسلام.
ومات حفص سنة تسعين ومائة «5»، وله ثلاث وتسعون «6» سنة.

وأما قراءة حمزة بن حبيب الزّيات رواية سليم عنه
- قال أبو عليّ- فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل الجبي «7». وأخبرني أنّه قرأ على أبي الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصّلت ابن شنبوذ، وأخبره أنّه قرأ على أبي الحسن إدريس بن عبد الكريم بن أحمد الحدّاد المعروف بابن الخزاز «8»، وأخبره أنّه قرأ على أبي
محمد خلف بن هشام بن غالبه البزار «9» وأخبره أنّه قرأ على أبي عيسى سليم بن عيسى بن سليم بن عامر الحنفيّ، وأخبره أنّه قرأ
__________
(1) في الأصل: مطوف، مجودة الضبط، وليس بشيء، وما أثبتناه من مصادر ترجمته ومنها نسخة متقنة من تهذيب الكمال للمزي بخط ابن المهندس (21/ الورقة 65) وسير أعلام النبلاء للذهبي: 8/ 435، ومعرفة القراء (1/ الترجمة 50 وقد قرئت النسخة على الإمام الذهبي).
(2) غير واضحة في الأصل، وعرفناها من تهذيب الكمال 21/ ورقة 65 وغيره.
(3) في الأصل: (وسبعين) خطأ لا يستقيم بها عمره، وما أثبتناه هو الصواب الموافق للحساب.
(4) يعني نصف الإسلام.
(5) هذا ما رآه في تاريخ وفاته، وهو الذي قرر قريبا منه أبو عمرو الداني حيث ذكر أنه توفي قريبا من سنة 190 هـ-. أما البخاري فقد ذكره في فصل من توفي بين 180 - 190 هـ-. وذكر الذهبي أنه توفي سنة 180 هـ-، وهو التاريخ الذي صححه ابن الجزري. (انظر: تاريخ البخاري الكبير: 2/ 363) ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 52، وغاية النهاية: 1/ 1158).
(6) في الأصل: (وسبعون) وما أظنها إلا من التصحيف، فقد ذكر الذهبي وابن الجزري أنه ولد سنة 90 هـ- (معرفة: 1/ 52، 1/ 254)، وذكر المزي أنه توفي وله تسعون سنة، وتابعه الحافظ ابن حجر، فهذا هو الصواب.
(7) تصحف في غاية النهاية لابن الجزري (1/ ت 318) إلى الجبني وهو منسوب إلى جبّة قرية من سواد النهروان، نص عليه السمعاني في (الجبي) من الأنساب وقيده الذهبي في المشتبه 140، وضبطه ابن ناصر في توضيحه لمشتبه الذهبي بالحروف ونص عليه (1/ الورقة 122 من نسخة الظاهرية).
(8) كتبها الناسخ بحروف منفصلة في حاشية النسخة خوفا من التصحيف (خ زاز) ولكن العجيب أن هذا الرجل لم يعرف بهذه النسبة وما عرف إلا بابن الحداد، كما في تاريخ الخطيب 7/ 466، وتاريخ الإسلام للذهبي (الورقة 263 من مجلد الأوقاف 5882)، وتذكرة الحفاظ 2/ 654، ومعرفة القراء 1/ الترجمة 163 والعبر: 2/ 93، ومرآة الجنان 2/ 220، وغاية النهاية 1/ 717، والنجوم الزاهرة 3/ 157، وشذرات الذهب 2/ 210. بل إن كتب المشتبه لم تذكره مع الخزازين أو الجزارين أو الحرارين أو الخرازين مع طول تفتيشي في أمهاتها.
(9) في الأصل: (البزاز) بزاءين وليس بشيء، فهذا الرجل كان بزازا كما هو معروف مشهور إذ نص عليه الذهبي في المشتبه (71) وابن ناصر الدين في توضيحه 1/ الورقة 55، وابن حجر في التقريب (143) من طبعة الهند.

(1/70)


على أبي عمارة حمزة بن حبيب بن عمارة الزّيّات.

وأما رواية خلّاد عن سليم عنه
- قال أبو علي-: وقرأت أيضا بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي عبيد الله محمد بن محمد بن فيروز بن زاذان الكرجي، وأخبرني أنّه قرأ على أبي الحسن عليّ بن محمد بن عمار الأبزاري «1» المعروف بالزّريريّ «2»، وأخبره أنّه قرأ على أبي عبد الله محمد بن يحيى الخنيسي «3» بالكوفة، وأخبره أنّه قرأ على أبي عبد الله خلّاد بن خالد الصّيرفي، وقرأ خلّاد على سليم بن عيسى الحنفي، وقرأ سليم على حمزة.

وأما رواية الضّبي عنه
- قال أبو عليّ-: فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي بكر محمد بن أحمد بن عليّ الباهلي بالبصرة في مسجد بني لقيط، وأخبرني أنّه قرأ على أبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الأدمي «4» القارئ، وأخبره أنّه قرأ على أبي أيوب سليمان بن أيوب بن يحيى بن الوليد بن أبان الضّبي «5»، وأخبره أنّه قرأ على أبي المستنير رجاء بن عيسى اللؤلؤي، ويقال: الجوهري، وأخبره أنّه قرأ على عبد الرّحمن بن قلوقا «6»، وعلى يحيى بن عليّ الخزاز «7»، وأخبره أنّهما قرآ على حمزة.
وقرأ أبو المستنير أيضا على أبي بكر محمد بن حرب الحذاء المعروف بترك، وعلى إبراهيم بن زربي، وقرآ على سليم، وقرأ سليم على حمزة، وقرأ حمزة على جماعة، منهم: سليمان بن مهران الأعمش، وقرأ الأعمش على جماعة، منهم يحيى بن وثّاب الأسدي، وقرأ يحيى بن وثّاب على جماعة منهم:
أبو عبد الرّحمن السّلمي، وقرأ السّلمي على عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه، وقرأ عليّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) نسبة إلى شيئين أحدهما بيع الأبزار، وإلى قرية بالقرب من نيسابور، لا نعلم إلى أيهما ينسب.
(2) جود الناسخ تقييدها وضبطها بالقلم في الأصل وفي حاشية النسخة، وهذه النسبة لم يذكرها السمعاني في الأنساب ولا استدركها عليه ابن الأثير في اللباب، ولا وجدتها في كتب المشتبه ومعجمات اللغة، ولعلها نسبة إلى جد له يعرف بزرير تصغير زر، والرجل مترجم في غاية النهاية 1/ الترجمة 2332.
(3) منسوب إلى جده خنيس.
(4) نسبة إلى بيع الأدم، وهو جمع أديم، وهي الجلود.
(5) هكذا في الأصل، والمعروف أنه: «سليمان بن يحيى بن الوليد، أبو أيوب الضبي» (تاريخ الخطيب:
10/ 83، وتاريخ الإسلام، الورقة 276 - من مجلد الأوقاف ببغداد، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 166). وقال ابن الجزري: «ووقع في مفردة الأهوازي لحمزة: يحيى بن الوليد بن أبان، وهو خطأ «(غاية النهاية: 1/ الترجمة 1394) ويبقى بعد ذلك أنه ليس: «سليمان بن أيوب بن يحيى»، بل «سليمان بن يحيى» كما أجمعت المصادر.
(6) بقافين، وهو كذلك في غاية النهاية، وقال: ويقال: أقلوقا (1/ 376).
(7) قيده ابن الجزري في غاية النهاية فقال: «بالخاء والزايين» (2/ الترجمة 3859) فأمن اللبس.

(1/71)


وقرأ حمزة أيضا على حمران بن أعين، وقرأ حمران على عبيد بن نضيلة، وقرأ عبيد على علقمة بن قيس، وقرأ علقمة على عبد الله بن مسعود، وقرأ ابن مسعود على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وكان حمزة رحمه الله مقرئا تاجرا يجلب الزّيت من العراق إلى حلوان ويجلب الجبن والجوز من حلوان إلى الكوفة. مات بحلوان سنة ست وخمسين ومائة في أيام المنصور، وله ست وسبعون سنة، وكان مولده سنة ثمانين.
ومات سليم سنة ثمان وثمانين ومائة، وله سبع وستون سنة.
ومات خلف سنة تسع وعشرين ومائتين.
ومات خلاد سنة ثلاثين «1» ومائتين.
وقال الضّبي: جلست مكان أبي المستنير في جامع مدينة المنصور بعد وفاته بثلاثة أيام سنة ثلاثين ومائتين «2». ومات «3» سنة إحدى وتسعين ومائتين، أقرأ إحدى وستين سنة رحمه الله.

وأما قراءة الكسائي رواية أبي عمر الدّوري عنه
- قال أبو عليّ-:
فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد ابن عبد الله بن يعقوب العجلي بالبصرة في الجامع، وأخبرني أنّه قرأ على أبي بكر أحمد بن نصر بن منصور بن عبد المجيد الشّذائي، وأخبره أنّه قرأ على أبي العباس عبد الله بن أحمد ابن الهيثم البلخي، وأخبره أنه قرأ على أبي عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز الدّوري، وأخبره أنّه قرأ على أبي الحسن عليّ بن حمزة الكسائي.

وأما رواية أبي الحارث عنه
- قال أبو عليّ-: فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي الحسن محمد بن عبد الرّحيم بن إسحاق بن عوّاد «4» الأسيدي «5» العلّاف بالبصرة في بني بهثة «6»، وأخبرني أنّه قرأ على أبي الطّيب «7» محمد بن عيسى بن
__________
(1) هكذا في الأصل، وهو وهم، فالمعروف المشهور المجمع عليه أنه توفي سنة عشرين ومائتين.
(تاريخ البخاري الكبير: 3/ 189، وتاريخه الصغير: 2/ 341، وتاريخ الإسلام، الورقة 107 (أيا صوفيا 3007)، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 104، وغاية النهاية: 1/ الترجمة 1238).
(2) هكذا ذكر وفاته، مع أن ابن الجزري نقل عن الضبي وفاته سنة 231 هـ- (غاية النهاية: 1/ الترجمة 1265). فالظاهر أن كلمة «إحدى» سقطت من النسخة.
(3) يعني: الضبي، فهو الذي مات سنة 291 كما هو معروف في مصادر ترجمته المذكورة قبل قليل.
(4) بالدال المهملة كما في كتب المشتبه وغاية النهاية (2/ 170).
(5) الاسيدي: نسبة إلى (أسيد) بطن من تميم، والمحدثون يشددون الياء في هذه النسبة، وأما النحاة فإنهم يسكنونها، كما قرره ابن الأثير في اللباب: 1/ 61.
(6) بنو بهثة- بضم الباء الموحدة وسكون الهاء وبعدها الثاء المثلثة، بطن من قيس عيلان (اللباب: 1/ 191).
(7) كناه ابن الجزري: «أبا الليث» (غاية النهاية: 2/ الترجمة 3342).

(1/72)


جعفر الإصطخري، وأخبرني أنّه قرأ على أبي مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى الخاقاني، وأخبره أنّه قرأ على أبي عبد الله محمد بن يحيى الكسائي الصّغير، وأخبره أنه قرأ على أبي الحارث الليث بن خالد المروزي الحاجب «1» وأخبره أنّه قرأ على الكسائي، وهو أبو الحسن عليّ ابن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الكسائي من أهل باكسايا، قرية من سواد العراق. ولد بالكوفة، ونشأ بها، وقرأ على جماعة من أهلها، منهم: حمزة بن حبيب الزّيات، وقرأ حمزة على جماعة، منهم: ابن أبي ليلى، وقرأ ابن أبي ليلى على أخيه، وقرأ أخوه على أبيه، وقرأ أبوه على عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، وقرأ عليّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقرأ الكسائي أيضا على عيسى بن عمر الهمداني، وقرأ عيسى على طلحة بن مصرّف وقرأ طلحة على إبراهيم النّخعي، وقرأ النّخعي على علقمة ابن قيس، وقرأ علقمة على عبد الله بن مسعود، وقرأ ابن مسعود على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وكان الكسائي رحمه الله إماما في القراءة، عالما في العربية، معلما الأمين والمأمون، خرج مع الرّشيد في خروجه إلى طوس، مات في قرية من قرى الرّي يقال لها أرنبوية «2» سنة تسع، ويقال سنة خمس، ويقال: اثنتين وثمانين ومائة «3»، هكذا أهل القراءة يقولون. وأما أهل التواريخ فإنّهم يزعمون أنّ خروج الرّشيد إلى طوس كان سنة إحدى وتسعين ومائة، والله أعلم.
ومات أبو عمر الدّوري سنة ست وأربعين ومائتين.
ومات أبو الحارث سنة أربعين ومائتين.
وقال أبو عبد الله الكسائي الصّغير: مات أبو الحسن الكسائي ولي أربع سنين.

وأما قراءة أبي عمرو بن العلاء رواية أبي محمد اليزيدي عنه،
- قال أبو عليّ-: فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته بالهمز والإظهار وبالإدغام وترك الهمز، وبترك الهمز مع الإظهار على أبي الحسن عليّ بن الحسين بن عثمان بن سعيد البغدادي المقرئ بالأهواز سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة. وأخبرني أنّه قرأ بها كذلك على
__________
(1) هكذا نسبه المؤلف، وغلطه ابن الجزري، وذكر أن المروزي الحاجب رجل آخر قديم محدث من أصحاب مالك، يكنى أبا بكر توفي سنة مائتين أو نحوها، ويقال له البلخي أيضا، وهذا مات سنة أربعين ومائتين: «(غاية النهاية: 2/ الترجمة 2637، وانظر: تاريخ الخطيب 14/ 542، ومعرفة القراء: 1/ الترجمة 105، وتاريخ الإسلام، الورقة 64 (أحمد الثالث 2917/ 7).
(2) ينظر: معجم البلدان: 1/ 223، ويقال فيها: برنبويه- بالباء الموحدة- كما في معجم ياقوت.
(3) صحح الإمام الذهبي وفاته في سنة تسع وثمانين ومائة وهو قول أحمد بن جبير الأنطاكي وابن مجاهد وغير واحد. أما قول من قال بوفاته سنة 181 أو 182 أو 183 أو 185 فقد وهاها الذهبي (انظر المعرفة 1/ الترجمة 45).

(1/73)


أبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التّميميّ، وأخبره أنّه قرأ على أبي الزّعراء عبد الرّحمن بن عبدوس الهمداني الدّقاق، وأخبره أنّه قرأ على أبي عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز الدّوري، وأخبره أنّه قرأ على أبي محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي المعروف باليزيدي، وأخبره أنّه قرأ على أبي عمرو بن العلاء. وأخبرني أبو الحسن البغدادي أنّه قرأ أيضا على أبي الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصّلت بن شنبوذ، وأخبره أنّه قرأ على أبي عيسى موسى بن جمهور، وأخبره أنّه قرأ على أبي الفتح عامر بن عمر أوقية، وأخبره أنّه قرأ على أبي محمد اليزيدي، وأخبره أنّه قرأ على أبي عمرو بن العلاء.
وقال لي أبو الحسن البغدادي: كانت قراءتي على أبي الحسن بن شنبوذ بالإدغام والإظهار وبالهمز وتركه.

وأما رواية شجاع عنه
- قال أبو عليّ-: فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته بالهمز والإظهار، وبترك الهمز والإدغام، وبالإظهار وترك الهمز على أبي الحسن عليّ بن إسماعيل بن الحسن البصري القطّان ببغداد وأخبرني أنّه قرأ على أبي بكر أحمد بن محمد بن عمرو البزاز، وأخبره أنّه قرأ على أبي علي الحسن ابن الحباب بن مخلد الدّقّاق، وأخبره أنّه قرأ على أبي جعفر محمد بن غالب بن حرب الضّبي الأنماطي «1»، وأخبره أنّه قرأ على أبي نعيم شجاع بن أبي نصر البلخي، وقرأ شجاع على أبي عمرو بن العلاء.
وهو أبو عمرو بن العلاء بن عمّار بن العريان المازني، وكان يقول: أصلي من كازرون.
واختلف في اسمه فقيل: زبان، وقيل: العريان، وقيل: حميد، وقيل: اسمه كنيته، وغير ذلك. قرأ على جماعة من أهل الحجاز، منهم: مجاهد بن جير، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقرءوا على عبد الله بن عباس، وقرأ ابن عباس على أبيّ بن كعب، وقرأ أبيّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) هكذا قال الأهوازي وتبعه أبو الفضل الرازي وغيره، وتعقبهم ابن الجزري فقال: «وهو غلط ظاهر وذلك أن محمد بن غالب بن حرب تمتاما لم يدرك شجاعا ولا كان مقرئا كما سنوضحه، قال الحافظ أبو بكر الخطيب: قال ابن المنادي: وكان بمدينة السلام ممن يقرئ بقراءة أبي عمرو جماعة، منهم: أبو جعفر محمد بن غالب صاحب شجاع بن أبي نصر، وقرأ عليه بها جماعة، منهم: الحسن بن الحباب بن مخلد الدقاق، ونصر بن القاسم الفارض وخلق كثير، ثم ذكر بعد ذلك فقال: محمد ابن غالب بن حرب أبو جعفر الضبي التمار المعروف بتمتام من أهل البصرة ولد سنة ثلاث وتسعين ومائة، سكن بغداد، ثم ذكر له حكايات. ولم يذكر أنه كان من القراء، وقال:
توفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين». انتهى.
وشجاع مات سنة تسعين ومائة فظهر أن تمتاما ولد بعد موت شجاع بثلاث سنين، وابن غالب صاحب شجاع عارف مشهور .. (غاية النهاية: 2/ الترجمة 3351، وانظر: تاريخ الخطيب: 4/ 241، وتاريخ الإسلام، الورقة 277 (أحمد الثالث 2917/ 7)، ومعرفة القراء 1/ الترجمة 115) وما قاله ابن الجزري صحيح.

(1/74)


وقرأ أبو عمرو- في قول عبد الوارث عنه- على يحيى بن يعمر العدواني، وقرأ يحيى بن يعمر على أبي الأسود ظالم بن عمرو الدّؤلي، وقرأ أبو الأسود على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وقرأ عليّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وكان أبو عمرو لغويا، ولد بمكة سنة سبعين، ونشأ بالبصرة، ومات بالكوفة عند محمد بن سليمان الهاشمي سنة أربع وخمسين ومائة، وله أربع وثمانون سنة في أيام المنصور.
ومات اليزيدي سنة اثنتين ومائتين.
ومات شجاع سنة تسعين ومائة.

وأما قراءة يعقوب رواية رويس عنه
- قال أبو عليّ-: فإنّي قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي الفرج محمد بن أحمد بن إبراهيم الشّنبوذي، وأخبرني أنّه قرأ على أبي بكر محمد بن هارون بن نافع البصري التّمّار، وأخبره أنّه قرأ على أبي عبد الله محمد بن المتوكل اللؤلؤي المعروف برويس، وأخبره أنّه قرأ على يعقوب بن إسحاق الحضرمي.

وأما رواية روح عنه
- قال أبو عليّ-: فإني قرأت بها القرآن من أوله إلى خاتمته على أبي عبيد الله محمد بن محمد بن فيروز بن زاذان الكرجي بالبصرة سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة، وأخبرني أنّه قرأ على أبي العباس محمد بن يعقوب بن الحجّاج بن الزّبرقان بن صخر التّيميّ المعدّل، وأخبره أنّه قرأ على أبي بكر محمد بن وهب بن يحيى بن العلاء بن الحكم الثّقفي، وأخبره أنّه قرأ على أبي الحسن روح بن عبد المؤمن بن قرّة بن خالد البصري، وأخبره أنّه قرأ على يعقوب.
وهو أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي.
قال رويس: قرأ يعقوب على أبي المنذر سلّام بن أبي سليمان الطّويل، وقرأ سلّام على عاصم بن أبي النّجود، وعلى أبي عمرو بن العلاء، وعلى عاصم بن أبي الصّبّاح الجحدري، وقرأ عاصم بن أبي النّجود على أبي عبد الرّحمن السّلمي، وقرأ السّلمي على عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه، وقرأ عليّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقرأ أبو عمرو بن العلاء على مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير، وقرآ على عبد الله بن عباس، وقرأ ابن عباس على أبيّ بن كعب، وقرأ أبي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقرأ عاصم الجحدري على نصر بن عاصم اللّيثي، وقرأ نصر على أبي الأسود الدّؤلي، وقرأ أبو الأسود على عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه، وقرأ عليّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال روح: قال لي يعقوب: قرأت على شهاب بن شرئفة المجاشعي في خمسة أيام، وقرأ شهاب على مسلمة بن محارب المحاربي في سبعة أيام، وقرأ مسلمة على أبي الأسود ظالم بن عمرو الدّؤلي، وقرأ أبو الأسود على عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه،

(1/75)


وقرأ عليّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقرأ يعقوب أيضا على يونس بن عبيد، وقرأ يونس على الحسن بن أبي الحسن البصري، وقرأ الحسن على حطّان بن عبد الله الرّقاشي، وقرأ حطّان على أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، وقرأ أبو موسى على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخذ يعقوب أيضا: القراءة عن مهدي بن ميمون عن شعيب بن الحبحاب عن أبي العالية الرّياحي عن زيد بن ثابت، وقرأ زيد على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخذ يعقوب أيضا القراءة عن شهاب بن شرنفة ويقال شرنفة وهما لغتان، عن أبي رجاء العطاردي عن أبي موسى الأشعري عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال روح: وقرأ يعقوب على سلّام في سنة ونصف.
وقال أبو حاتم السّجستاني: ما رأيت أقوم بالقراءات ولا أعرف برجالها من يعقوب وأخذتها منه، وكان إمام جامع البصرة في الصّلوات الخمس، ويصلّي ترويحة في كل ليلة من شهر رمضان، فكان إذا أراد أن يتقدّم إلى المحراب شمّر ثيابه وشال سراويله وكشف عن بعض ساقه كأنّه يخوض الوحل، فقيل له في ذلك فقال: المحراب مفعال من الحرب، وقيل أيضا عنه أنّه قال: سمّي المحراب محرابا لأنّه يحارب.
قال أبو حاتم: سمعته يقرأ في شهر رمضان في جامع البصرة (يرضهوا لكم) في سورة الزمر (7) - بالإشباع- وهذا خلاف قراءته، وكان يعظم عليه أن يسمع اللحن في كتاب الله.
سمعت أبا عبد الله اللالكائي رحمه الله يقول بإسناد لا يحضرني حفظه: أنّ بعضهم رأى يعقوب مارا في شارع من شوارع البصرة وهو غضبان وطرف ردائه ينجرّ في الأرض والطّرف الآخر على كتفه، فقال له: إلى أين يا أبا محمد؟ فقال: إلى النار- بالإمالة-، فتعجّبت من ذلك لأن الإمالة ليست من اختياره في قراءته، فجاء «1» إلى مجلسه في الجامع وسأل عن خبره، فقيل له: قرأ عليه رجل فلحن فغضب وقام وانصرف على تلك الحالة.
ولم يزل مقرئا ملازما للإقراء إلى أن مات في ذي الحجة سنة خمس ومائتين في أيام المأمون.
ومات رويس سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
ومات روح سنة خمس وثلاثين ومائتين.
قال أبو عليّ: ثمّ ها أنا ذا مبتدئ بذكر ما شرطت ومنبئ بشرح ما وعدت مبيّنا، ملخّصا، مختصرا، وجيزا ليكون أبلغ في اللفظ، وأسهل في الحفظ، والله أسأل التّوفيق بمنّه، وهو حسبي ونعم الوكيل.
__________
(1) يعني جاء الرجل الذي رأى يعقوب وهو غضبان.

(1/76)