الوجيز في شرح قراءات القرأة الثمانية أئمة الأمصار الخمسة باب ذكر إدغام
المثلين والمتجانسين إذا التقيا في كلمة أو كلمتين
قال أبو عليّ: كان أبو عمرو رحمه الله يدغم كلّ حرف لقي مثله،
أو ما يقاربه من كلمة أخرى، وكانا متحركين ما لم يكن الأول
مشدّدا أو منوّنا أو منقوصا إذا آثر إدغام المتحركات مثل قوله
تعالى: لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ (البقرة 20)، يُعَذِّبُ مَنْ
يَشاءُ* (البقرة 284 وغيرها) حيث كان. الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ
رُسُلُنا (الأنعام 61)، النُّبُوَّةَ ثُمَّ (آل عمران 79)،
الْمَلائِكَةُ ظالِمِي* (النساء 97، النحل 28)، الذِّلَّةُ
وَالْمَسْكَنَةُ (البقرة 61)، وَالذَّارِياتِ ذَرْواً
(الذاريات 1)، بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ* (النور 4، 13)،
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (العاديات 1)، والسَّيِّئاتِ جَزاءُ
(يونس 27)، ثالِثُ ثَلاثَةٍ (المائدة 73)، الْبَناتِ
سُبْحانَهُ (النحل 57)، فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (الصافات 2)،
الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (النجم 59)، وَالْحَرْثِ ذلِكَ (آل
عمران 14)، الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ
__________
(1) أبو طاهر هو عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم
البغدادي الإمام النحوي مؤلف كتاب البيان والفصل، سمع الحروف
من جماعة شاركه شيخه ابن مجاهد في أكثرهم، ولما توفي ابن مجاهد
أجمعوا على أن يقدموه فتصدر للإقراء في مجلسه، وكان ينتحل في
النحو مذهب الكوفيين (ت 349 هـ-) ينظر غاية النهاية (1/ 475 -
477).
(2) السبعة 470، والتيسير 165، والنشر 2/ 19 من باب الإدغام
الصغير.
(3) السبعة 538، والتيسير 183، والنشر 2/ 17.
(4) السبعة 646، والنشر 2/ 18.
(1/84)
(القلم 44)، ثَلاثِ شُعَبٍ (المرسلات 30)،
ال حَدِيثُ ضَيْفِ (الذاريات 24)، ذِي الْمَعارِجِ تَعْرُجُ
(المعارج 3، 4)، أَخْرَجَ شَطْأَهُ (الفتح 29)، النِّكاحِ
حَتَّى (البقرة 235)، كادَ يَزِيغُ (التوبة 117)، داوُدُ
جالُوتَ (البقرة 251)، نَفْقِدُ صُواعَ (يوسف 72)، يُرِدْ
ثَوابَ (آل عمران 145)، مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ* (يونس 21، فصلت
50)، مِنْ بَعْدِ ذلِكَ (البقرة 52)، وَشَهِدَ شاهِدٌ* (يوسف
26، الأحقاف 10)، يَكادُ سَنا (النور 43)، يَكادُ زَيْتُها
(النور 35)، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ (الكهف 61)، مَا اتَّخَذَ
صاحِبَةً (الجن 3)، الْبَحْرَ رَهْواً (الدخان 24)، سَخَّرَ
لَكُمُ* (إبراهيم 32 وغيرها)، الشَّمْسَ سِراجاً (نوح 16)،
الرَّأْسُ شَيْباً (مريم 4)، النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (التكوير
7)، يَشْفَعُ عِنْدَهُ (البقرة 255)، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ
(آل عمران 85)، تَعْرِفُ فِي* (الحج 72، المطففين 24)، أَفاقَ
قالَ (الأعراف 143)، خَلَقَ كُلَّ* (الأنعام 101 وغيرها)،
رَبَّكَ كَثِيراً (آل عمران 41)، ذلِكَ قَدِيراً (النساء 133)،
جَعَلَ لَكُمُ* (البقرة 22 وغيرها)، قالَ رَبِّ* (آل عمران 38
وغيرها)، كَمَثَلِ رِيحٍ (آل عمران 117)، يَعْلَمُ ما* (البقرة
77 وغيرها)، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ (البقرة 30)، نُؤْمِنَ لَكَ
(البقرة 55)، تَأَذَّنَ رَبُّكَ (الأعراف 167)، الْعَفْوَ
وَأْمُرْ (الأعراف 199)، مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ
(الجمعة 11)، إِنَّهُ هُوَ*، جاوَزَهُ هُوَ (البقرة 249)، أَنْ
يَأْتِيَ يَوْمٌ* (البقرة 254 وغيرها).
وما أشبه ذلك في كلّ القرآن «1».
زاد شجاع عنه: إدغام فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ (آل عمران
185)، إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (الإسراء 42)، لِبَعْضِ
شَأْنِهِمْ (النور 62)، دارُ الْخُلْدِ جَزاءً (فصلت 28) هذه
الأحرف بأعيانها لا غير، هُوَ وَالْمَلائِكَةُ (آل عمران 18)
ونحوها حيث كان.
ولم يدغم النّون في اللام إذا سكّن ما قبله إلا حرفا واحدا،
قوله تعالى: وَنَحْنُ لَهُ* حيث كان.
ولم يدغم أبو عمرو من المثلين في كلمة إلا حرفين فقط لا غير
قوله تعالى: مَناسِكَكُمْ في البقرة (200) وما سَلَكَكُمْ في
المدثر (42).
ومن المتقاربين إلا خَلَقَكُمْ* (البقرة 21 وغيرها)،
ورَزَقَكُمُ* (المائدة 88 وغيرها) وسَبَقَكُمْ (الأعراف 80)،
ونحوهن في كلمة الجمع لا غير إذا تحرك ما قبل القاف إلا قوله
تعالى: طَلَّقَكُنَّ (التحريم 5) فإنّه يظهره لا غير «2». وكان
يشم المدغم إعرابه في حال الرفع والخفض ولا يشم في حال النصب،
إلا أربعة أحرف لا يشمّ
__________
(1) السبعة 116 - 122، والتيسير 20 - 29، والنشر 1/ 274 وما
بعدها.
(2) النشر 1/ 280.
(1/85)
الإعراب فيهن في كلّ حال: الميم عند الميم،
والباء عند الباء، والباء عند الميم، والميم عند الباء كقوله
تعالى: يَعْلَمُ ما* (البقرة 77 وغيرها)، مِنَ الْعِلْمِ ما
(مريم 43)، وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ (النساء 36)، ويَحْكُمُ
بَيْنَهُمْ (البقرة 113)، يُعَذِّبُ مَنْ* (البقرة 284 وغيرها)
ونحو ذلك حيث كان «1». وكان لا يدغم حرفا في غير مثله في موضع
النصب إذا سكن ما قبله إلا أربع كلمات فقط قوله تعالى: قالَ
رَبِّ* (آل عمران 38 وغيرها) حيث كان، والصَّلاةَ طَرَفَيِ
النَّهارِ (هود 114)، كادَ يَزِيغُ (التوبة 117)، بَعْدَ
تَوْكِيدِها
(النحل 91) لا غير، وكان يظهر يَخْلُ لَكُمْ (يوسف 9)، وفَآتِ
ذَا الْقُرْبى (الروم 38)، وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ (النساء 102)
لأنّ ذلك من المنقوص. ولم يدغم من ذلك إلا حرفا واحدا، قوله
تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ (آل عمران 85) فقط.
ولم يدغم تاء المخاطبة حيث كانت، كقوله تعالى: أَفَأَنْتَ
تَهْدِي (يونس 43)، كُنْتُ تُراباً (النبأ 40)، أُوتِيتَ
سُؤْلَكَ (طه 36)، رَأَيْتَ ثَمَّ (الإنسان 20)، كِدْتَ
تَرْكَنُ (الإسراء 74) ونحو ذلك، وأيضا كُنْتَ*، وكِدْتَ* هما
من المنقوص «2».
واختلف عن اليزيدي في آلَ لُوطٍ* (الحجر 59 وغيرها) حيث كان
فقرأته من هذا الطّريق عنه بالإظهار، وشجاع عنه يدغمه بلا خلاف
عنه «3».
رويس عن يعقوب: يدغم الباء عند الباء حيث كان كقوله تعالى:
لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ (البقرة 20)، الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ
(البقرة 79)، الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ (البقرة 175) ونحو ذلك
إلا حرفا واحدا فإنّه يظهره لا غير قوله تعالى في سورة الأنعام
(27) وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا فقط.
ويدغم اللام من (جعل) حيث كان عند اللام كقوله تعالى: جَعَلَ
لَكُمُ* (البقرة 22 وغيرها)، وجَعَلَ لَها (النمل 61) ونحوهما.
وكذلك يدغم وَأَنْزَلَ لَكُمْ* في سورة النمل (60) والزمر (6)،
وفَتَمَثَّلَ لَها (17) في سورة مريم، لا قِبَلَ لَهُمْ (37)
في سورة النمل، هذه الكلمات فقط بالإدغام لا غير.
ويدغم الكاف عند الكاف في خمسة أحرف لا غير: قوله تعالى في
سورة طه (33):
كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ
كُنْتَ بِنا بَصِيراً، وفي سورة الروم (55) كَذلِكَ كانُوا،
وفي سورة الانفطار رَكَّبَكَ كَلَّا (8، 9).
ويدغم العين عند العين في موضع واحد قوله تعالى في سورة طه:
وَلِتُصْنَعَ عَلى
__________
(1) ينظر النشر 1/ 296 فصل الإشمام والروم.
(2) ينظر النشر 1/ 278 وما بعدها.
(3) ينظر النشر 1/ 281 في باب اختلافهم في الإدغام الكبير.
(1/86)
عَيْنِي (39).
ويدغم الهاء عند الهاء في موضعين من سورة والنجم (48، 49) فقط
قوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى، وَأَنَّهُ هُوَ
رَبُّ الشِّعْرى لا غير.
وأدغم يعقوب بلا خلاف عنه قوله تعالى: وَالصَّاحِبِ
بِالْجَنْبِ في سورة النساء (36).
الباقون: بالإظهار في جميع ذلك في كلّ حال «1».
روح عن يعقوب: يخفي الميم السّاكنة عند الواو والفاء مثل قوله
تعالى: عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (الفاتحة 7)،
وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ (الأنعام 110) ونحوهما حيث كان
ذلك ولا يضبطه الكتاب، وهو مذهب البصريين عن الجماعة.
الباقون: بالإظهار فيهما حيث كانا «2».
ورأيت الشّيوخ يختلفون في اللفظ بهما، والإظهار في ذلك مذهب
البغداديين عن الجماعة. |