تأويل مشكل القرآن

باب مخالفة ظاهر اللفظ معناه

من ذلك الدعاء على جهة الذم لا يراد به الوقوع:
كقول الله عز وجل: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) [الذاريات: 10] ، وقُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (17) [عبس: 17] ، وقاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة: 30] وأشباه ذلك.
ومنه
قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم، للمرأة: «عقرى حلقى» «1»
، أي عقرها الله، وأصابها بوجع في حلقها.
وقد يراد بهذا أيضا التعجب من إصابة الرجل في منطقه، أو في شعره، أو رميه، فيقال: قاتله الله ما أحسن ما قال، وأخزاه الله ما أشعره، ولله درّه ما أحسن ما احتج به.
ومن هذا قول امرئ القيس في وصف رام أصاب «2» :
فهو لا تنمي رميّته ... ما له لا عدّ من نفره
يقول: إذا عدّ نفره- أي قومه- لم يعدّ معهم، كأنه قال: قاتله الله، أماته الله.
وكذلك قولهم: هوت أمّه، وهبلته، وثكلته.
قال كعب بن سعد الغنوي «3» :
هوت أمّه ما يبعث الصّبح غاديا ... وماذا يؤدّي اللّيل حين يؤوب
__________
(1) أخرجه البخاري في الحج باب 34، 145، 151، والطلاق باب 43، والأدب باب 93، ومسلم في الحج حديث 387، والبر حديث 8، وابن ماجه في المناسك باب 83، والدارمي في المناسك باب 73، وأحمد في المسند 6/ 123، 175، 24، 253، 266، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 163، وأبو حنيفة في جامع المسانيد 1/ 502، والبغوي في شرح السنة 5/ 15، وابن حجر في فتح الباري 10/ 550.
(2) البيت من المديد، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص 125، ولسان العرب (نفر) ، (نمي) ، وتهذيب اللغة 15/ 518، وتاج العروس (نمي) ، وكتاب العين 8/ 293، وأساس البلاغة (نمي) ، والمعاني الكبير 2/ 786، 836، وبلا نسبة في مقاييس اللغة 5/ 480.
(3) البيت من الطويل، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص 95، ولسان العرب (أمم) ، (هوا) ، وتهذيب اللغة 15/ 602، 641، وجمهرة اللغة ص 229، وسمط اللآلي ص 773،

(1/170)


ومن ذلك الجزاء عن الفعل بمثل لفظه والمعنيان مختلفان:
نحو قول الله تعالى: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة: 14، 15] ، أي يجازيهم جزاء الاستهزاء.
وكذلك: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ [التوبة: 79] ، وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ [آل عمران: 54] ، وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى: 40] ، هي من المبتدئ سيئة، ومن الله، جل وعز، جزاء.
وقوله: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ [البقرة: 194] :
فالعدوان الأول: ظلم، والثاني: جزاء، والجزاء لا يكون ظلما، وإن كان لفظه كلفظ الأول.
ومنه
(قول النبي) صلّى الله عليه وسلم: «اللهم إنّ فلانا هجاني، وهو يعلم أني لست بشاعر، اللهم والعنه عدد ما هجاني، أو مكان ما هجاني» «1»
، أي جازه جزاء الهجاء.
وكذلك قوله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة: 67] .

ومنه أن يأتي الكلام على مذهب الاستفهام وهو تقرير:
كقوله سبحانه: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [المائدة: 116] ، وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (17) [طه: 17] ، وماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص: 65] ، قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ [الأنبياء: 42] .

ومنه أن يأتي على مذهب الاستفهام وهو تعجب:
كقوله: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) [النبأ: 1، 2] ، كأنه قال: عمّ يتساءلون يا محمد؟ ثم قال: عن النبأ العظيم يتساءلون.
وقوله: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) [المرسلات: 12] على التعجب، ثم قال: لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) [المرسلات: 13] أجّلت.
__________
وجمهرة أشعار العرب ص 703، وتاج العروس (أم) ، (هوى) ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة 6/ 492، 14/ 274، والمخصص 12/ 182، ولسان العرب (هبل) .
(1) أخرجه ابن أبي حاتم الرازي في علل الحديث 2283، والطحاوي في مشكل الآثار 4/ 300، 324، والجرح والتعديل 23/ 2، 391، والبخاري في التاريخ الكبير 4/ 1، 44، 3/ 2/ 391، والعقيلي في الضعفاء 355، والذهبي في تاريخ الإسلام 4/ 277، والمزي في تهذيب الكمال 446، وميزان الاعتدال 3/ 61/ 317، وتهذيب التهذيب 7/ 165، 8/ 218.

(1/171)


وأن يأتي على مذهب الاستفهام وهو توبيخ:
كقوله: أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (165) [الشعراء: 165] .

ومنه أن يأتي الكلام على لفظ الأمر وهو تهديد:
كقوله: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ [فصلت: 40] .

وأن يأتي على لفظ الأمر وهو تأديب:
كقوله: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق: 2] ، وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء: 34] .

وعلى لفظ الأمر وهو إباحة:
كقوله: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً [النور: 33] ، فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ [الجمعة: 10] .

وعلى لفظ الأمر وهو فرض:
كقوله: وَاتَّقُوا اللَّهَ [البقرة: 282] ، وأَقِيمُوا الصَّلاةَ [الأنعام: 72] ، ووَ آتُوا الزَّكاةَ [البقرة: 43] .

ومنه عام يراد به خاص:
كقوله سبحانه حكاية عن النبي، صلّى الله عليه وسلم: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 163] ، وحكاية عن موسى: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف: 143] ولم يرد كل المسلمين والمؤمنين، لأن الأنبياء قبلهما كانوا مؤمنين ومسلمين، وإنما أراد مؤمني زمانه ومسلميه.
وكقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (33) [آل عمران: 33] ، ولم يصطفهم على، محمد صلّى الله عليه وسلم، ولا أممهم على أمّته، ألا تراه يقول: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110] ، وإنما أراد عالمي أزمنتهم.
وكقوله سبحانه: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا [الحجرات: 14] ، وإنما قاله فريق من الأعراب.
وقوله: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224) [الشعراء: 224] ولم يرد كل الشعراء.
ومنه قوله سبحانه: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ [آل عمران: 173] ، وإنما قاله نعيم بن مسعود لأصحاب محمد، صلّى الله عليه وسلم إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ، يعني: أبا سفيان، وعيينة بن حصن، ومالك بن عوف.

(1/172)


وقوله: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) [الذاريات: 56] ، يريد المؤمنين منهم. يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ [الأعراف: 179] ، أي خلقنا.
وقوله: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً [المؤمنون: 51] ، يريد النبي، صلّى الله عليه وسلم، وحده.

ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور: 2] : واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ [التوبة: 66]-: كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ [الحجرات: 4] : هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم
فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز»
ونزلت الآية «1» .
وقوله سبحانه: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء: 11] ، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: وَأَلْقَى الْأَلْواحَ [الأعراف: 150] ، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التحريم: 4] ، وهما قلبان.
وقوله: أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ [النور: 26] ، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [النمل: 35] ، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله:
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ [النمل: 37] .

ومنه واحد يراد به جميع:
كقوله: هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ [الحجر: 68] ، وقوله: نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
[الشعراء: 16] . وقوله: نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [الحج: 5] .
__________
(1) أخرجه الترمذي في تفسير سورة 49، باب 2، وأحمد في المسند 3/ 488، 6/ 394.

(1/173)


وقوله: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة: 285] والتفريق لا يكون إلا بين اثنين فصاعدا.
وقوله: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (47) [الحاقة: 47] .
والعرب تقول: فلان كثير الدرهم والدينار، يريدون الدراهم والدنانير.
وقال الشاعر «1» :
هم المولى وإن جنفوا علينا ... وإنّا من لقائهم لزور
وقال الله عز وجل: هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ [المنافقون: 4] ، أي الأعداء، وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً [النساء: 69] ، أي رفقاء.
وقال الشاعر «2» :
فقلنا: أسلموا إنّا أخوكم ... وقد برئت من الإحن الصّدور

ومنه أن تصف الجميع صفة الواحد:
نحو قوله: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6] . وقوله: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم: 4] .
وتقول: قوم عدل. قال زهير «3» :
من يشتجر قوم يقل سرواتهم: ... هم بيننا فهم رضا وهم عدل
وقال الشاعر «4» :
__________
(1) البيت من الوافر، وهو لعامر الخصفي في لسان العرب (جنف) ، (ولى) ، وتاج العروس (ولي) ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1/ 66، 67.
(2) البيت من الوافر، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص 52، ولسان العرب (أخا) ، والمقتضب 2/ 174، ومجاز القرآن 1/ 79، 131، 2/ 44، 195، ومجمع البيان 1/ 365، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 285، وتذكرة النحاة ص 144، وجمهرة اللغة ص 1307، وخزانة الأدب 4/ 478، والخصائص 2/ 422. [.....]
(3) البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص 107، والأشباه والنظائر 2/ 385، والأضداد ص 75، والخصائص 2/ 202، وشرح شواهد الإيضاح ص 507، والصاحبي في فقه اللغة ص 213، ولسان العرب (رضي) ، وبلا نسبة في المحتسب 2/ 107.
(4) صدر البيت: يا عاذلاتي لا تردن ملامتي والبيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الخصائص 3/ 174، وشرح شواهد المغني 2/ 561، ومغني اللبيب 1/ 232، ولسان العرب (عذل) ، وتفسير الطبري 19/ 34، ومجاز القرآن 2/ 245.

(1/174)


إنّ العواذل ليس لي بأمير وقال آخر «1» :
المال هدي والنّساء طوالق

ومنه أن يوصف الواحد بالجمع:
نحو قولهم: برمة أعشار وثوب أهدام وأسمال، ونعل أسماط، أي غير مطبقة.
قال الشاعر «2» :
جاء الشّتاء وقميصي أخلاق

ومنه أن يجتمع شيئان ولأحدهما فعل فيجعل الفعل لهما:
كقوله سبحانه: فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما [الكهف: 61] .
روي في التفسير: أن النّاسي كان يوشع بن نون ويدلّك قوله لموسى، صلّى الله عليه وسلم: فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ [الكهف: 63] .
وقوله: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ
[الأنعام: 130] والرسل من الإنس دون الجن.
وقوله: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (19) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (20) [الرحمن: 19، 20] ثم قال: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (22) [الرحمن: 22] . واللؤلؤ والمرجان إنما يخرجان من الماء الملح لا من العذب.
وكذلك قوله: وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها [فاطر:
12] .
وقد غلط في هذا المعنى أبو ذؤيب الهذليّ ولا أدري أمن جهة هذه الآيات غلط
__________
(1) الشطر من الكامل، وهو بلا نسبة في الصاحبي في فقه اللغة ص 181، 351.
(2) يليه:
شراذم يعجب منه التوّاق والرجز بلا نسبة في الأزهية ص 30، وجمهرة اللغة ص 619، وخزانة الأدب 1/ 234، والصاحبي في فقه اللغة ص 213، ولسان العرب (توق) ، (خلق) ، (شرذم) ، وتهذيب اللغة 7/ 30، 9/ 256، وتاج العروس (خلق) ، (شرذم) ، وجمهرة اللغة ص 619، وكتاب العين 6/ 302، والاقتضاب ص 12، وتفسير الطبري 14/ 14، 19/ 47، والجمهرة 2/ 240، ومعاني القرآن للفراء 1/ 427.

(1/175)


أم من غيرها؟ قال يذكر الدّرّة «1» :
فجاء بها ما شئت من لطميّة ... يدوم الفرات فوقها ويموج
والفرات لا يدوم فوقها وإنما يدوم الأجاج.

ومنه أن يجتمع شيئان فيجعل الفعل لأحدهما، أو تنسبه إلى أحدهما وهو لهما:
كقوله: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها [الجمعة: 11] .
وقوله: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ [التوبة: 62] .
وقوله: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ (45) [البقرة: 45] .
وقال: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ [ق: 17] أراد: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد.
وقال الشاعر «2» :
إنّ شرخ الشّباب والشّعر ... الأسود ما لم يعاص كان جنونا
وقال آخر «3» :
__________
(1) البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص 134، والمعاني الكبير ص 883، وتاج العروس (فرت) ، (لطم) ، وللهذلي في مقاييس اللغة 2/ 256، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 1328، والمزهر 2/ 502، ويروى عجز البيت بلفظ:
تدور البحار فوقها وتموج وهو بهذا اللفظ في شرح أشعار الهذليين ص 134، ولسان العرب (دوم) ، (لطم) ، وتاج العروس (دوم) .
(2) البيت من الخفيف، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص 282، ولسان العرب (شرخ) ، وتهذيب اللغة 7/ 81، وجمهرة اللغة ص 92، 585، وتاج العروس (شرخ) ، وديوان الأدب 1/ 101، وأمالي ابن الشجري 1/ 277، والكامل 2/ 79، ولحسان بن ثابت أو لابنه عبد الرحمن في كتاب الحيوان 3/ 108، وكتاب الصناعتين ص 152، وبلا نسبة في مقاييس اللغة 3/ 269، والمخصص 1/ 38، وكتاب الحيوان 6/ 244، وكتاب الصناعتين ص 145، ومجاز القرآن 1/ 258، 2/ 161، 3/ 2، والصاحبي في فقه اللغة ص 186، ومجمع البيان 1/ 100، وتفسير البحر المحيط 1/ 185، ومعاني القرآن للفراء 1/ 468.
(3) البيت من المنسرح، وهو لقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص 239، وتخليص الشواهد ص 205، والدرر 5/ 314، والكتاب 1/ 75، والمقاصد النحوية 1/ 557، ولعمرو بن امرئ القيس الخزرجي في الدرر 1/ 147، وشرح أبيات سيبويه 1/ 279، وشرح شواهد الإيضاح ص 128، ولدرهم بن زيد الأنصاري في الإنصاف 1/ 95، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 100، 6/ 65، 7/ 116، وأمالي ابن الحاجب 2/ 726، وخزانة الأدب 10/ 295، 476، وشرح

(1/176)


نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف

ومنه أن تخاطب الشاهد بشيء ثم تجعل الخطاب له على لفظ الغائب:
كقوله عز وجل: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها [يونس: 22] .
وقوله: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) [الروم: 39] .
وقوله: وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 7] ثم قال:
أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ [الحجرات: 7] .
قال الشاعر «1» :
يا دار ميّة بالعلياء فالسّند ... أقوت وطال عليها سالف الأبد
وكذلك أيضا تجعل خطاب الغائب للشاهد:
كقول الهذليّ «2» :
يا ويح نفسي كان جدّة خالد ... وبياض وجهك للتّراب الأعفر

ومنه أن يخاطب الرجل بشيء ثم يجعل الخطاب لغيره:
كقوله: فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ [هود: 14] ، الخطاب للنبي، صلّى الله عليه وسلم، ثم قال للكفار:
فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ [هود: 14] يدلك على ذلك قوله:
__________
الأشموني 1/ 453، وشرح ابن عقيل ص 125، والصاحبي في فقه اللغة ص 218، ولسان العرب (قعد) ، ومغني اللبيب 2/ 622، والمقتضب 3/ 112، 4/ 73، وهمع الهوامع 2/ 109، وأمالي ابن الشجري 1/ 265، 278، وتفسير البحر المحيط 2/ 323، 3/ 128، ومجمع البيان 1/ 89، 100، ومعاني القرآن للفراء 1/ 434، 445.
(1) البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص 14، والأغاني 11/ 27، والدرر 1/ 274، 6/ 326، وشرح أبيات سيبويه 2/ 54، والصاحبي في فقه اللغة ص 215، والكتاب 2/ 321، والمحتسب 1/ 251، والمقاصد النحوية 4/ 315، ولسان العرب (قصد) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 92، ورصف المباني ص 452، وشرح الأشموني 2/ 493، وشرح التصريح 1/ 140، ولسان العرب (سند) ، (جرا) ، (يا) .
(2) البيت من الكامل، وهو لأبي كبير الهذلي في ديوان الهذليين ص 101، وأمالي ابن الشجري 1/ 102، وتفسير البحر المحيط 1/ 24، ومجمع البيان 1/ 27، والصاحبي في فقه اللغة ص 183، وأمالي المرتضى 4/ 139، وتفسير الطبري 1/ 52.

(1/177)


فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [هود: 14] .
وقال: فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى؟ [طه: 49] .
وقال: فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [طه: 117] .
وقال: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (8) [الفتح: 8] ، ثم قال: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [الفتح: 9] .
وقال: إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [النجم: 32] ، يريد أباكم آدم، صلّى الله عليه وسلم.

ومنه أن تأمر الواحد والاثنين والثلاثة فما فوق أمرك الاثنين: فتقول:
افعلا.
قال الله تعالى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) [ق: 24] ، والخطاب لخزنة جهنم، أو زبانيتها.
قال الفراء: والعرب تقول: ويلك ارحلاها وازجراها، وأنشد لبعضهم «1» :
فقلت لصاحبي لا تحبسانا ... بنزع أصوله واجتزّ شيحا
قال الشاعر «2» :
فإن تزجراني يا ابن عفّان أنزجر ... وإن تدعاني أحم عرضا ممنّعا
قال الفراء: ونرى أصل ذلك أنّ الرّفقة أدنى ما تكون: ثلاثة نفر، فجرى كلام الواحد على صاحبيه، ألا ترى أنّ الشعراء أكثر شيء قيلا: يا صاحبيّ، ويا خليليّ.
وقال غير الفراء: قال النبي، صلّى الله عليه وسلم: «الواحد شيطان والاثنان شيطانان، والثلاثة ركب» «3» .
__________
(1) البيت من الوافر، وهو لمضرس بن ربعي في شرح شواهد الشافية ص 481، وله أو ليزيد بن الطثرية في لسان العرب (جزز) ، والمقاصد النحوية 4/ 591، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 85، وخزانة الأدب 11/ 17، وسر صناعة الإعراب ص 187، وشرح الأشموني 3/ 874، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 228، وشرح المفصل 10/ 49، والصاحبي في فقه اللغة ص 109، 218، ولسان العرب (جرر) ، والمقرب 2/ 166، والممتع في التصريف 1/ 357.
(2) البيت من الطويل، وهو لسويد بن كراع في لسان العرب (جزز) ، والتنبيه والإيضاح 2/ 239، وتاج العروس (جزز) ، وشرح شواهد الشافية ص 484، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 839، والمخصص 2/ 5، والصاحبي في فقه اللغة ص 186، وتفسير الطبري 26/ 103.
(3) أخرجه بهذا اللفظ ابن خزيمة في صحيحه 2570، وابن أبي شيبة في مصنفه 12/ 522، والمنذري في الترغيب والترهيب 4/ 71، والمتقي الهندي في كنز العمال 17571، وأخرجه بلفظ: «الراكب شيطان والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب» . مالك في الاستئذان حديث 35، وأبو داود في الجهاد باب 79، وأحمد في المسند 2/ 186، 214.

(1/178)


وتوعّد معاوية روح بن زنباع فاعتذر روح فقال معاوية خلّيا عنه «1» :
إذا الله سنّى عقد شيء تيسّرا وقوله: سنّى: أي فتح.
قالوا: وأدنى ما يكون الآمر والنّاهي بين الأعوان اثنان، فجرى كلامهم على ذلك، ووكّل الله، عز وجل، بكل عبد ملكين، وأمر في الشهادة بشاهدين.

ومنه أن يخاطب الواحد بلفظ الجميع:
كقوله سبحانه: قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون: 99] ، وأكثر من يخاطب بهذا الملوك، لأنّ من مذاهبهم أن يقولوا: نحن فعلنا. بقوله الواحد منهم يعني نفسه، فخوطبوا بمثل ألفاظهم. يقول الله عز وجل: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف:
3] ، وإِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (49) [القمر: 49] .
ومن هذا قوله عز وجل: عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ [يونس: 83] ، وقوله: فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ [هود: 14] ، وقوله: فَأْتُوا بِآبائِنا [الدخان: 36] .
ومنه أن يتصل الكلام بما قبله حتى يكون كأنه قول واحد وهو قولان:
نحو قوله: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً، ثم قال: وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ [النمل: 34] ، وليس هذا من قولها، وانقطع الكلام عند قوله:
أَذِلَّةً، ثم قال الله تعالى: وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ.
وقوله: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [يوسف: 51] ، هذا قول المرأة، ثم قال يوسف: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ [يوسف: 52] ، أي ليعلم الملك أني لم أخن العزيز بالغيب.
وقوله: يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا، وانقطع الكلام، ثم قالت الملائكة: هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس: 52] .
__________
(1) صدر البيت:
فلا تيأسا واستغورا الله إنّه والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في لسان العرب (غور) ، (سنا) ، وتهذيب اللغة 13/ 78، وأساس البلاغة (سنو) ، (غور) ، وتاج العروس (غور) ، (سنا) ، والمعاني الكبير 1/ 74، وأمالي القالي 1/ 235، وتهذيب الألفاظ ص 77. [.....]

(1/179)


قوله حكاية عن ملأ فرعون: يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ، هذا قول الملأ، ثم قال فرعون: فَماذا تَأْمُرُونَ [الأعراف: 110] .

ومنه أن يأتي الفعل على بنية الماضي وهو دائم، أو مستقبل:
كقوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110] ، أي أنتم خير أمّة.
وقوله: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [المائدة: 116] ، أي وإذ يقول الله يوم القيامة. يدلك على ذلك قوله سبحانه: هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة: 119] .
وقوله: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل: 1] ، يريد يوم القيامة. أي سيأتي قريبا فلا تستعجلوه.
وقوله: قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا [مريم: 29] ، أي من هو صبيّ في المهد.
وكذلك قوله: وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً [النساء: 134] ، وكذلك قوله: وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً [الأحزاب: 27] .
إنما هو: الله سميع بصير، والله على كل شيء قدير.
وقوله: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ [فاطر: 9] ، أي فنسوقه.
في أشباه لهذا كثيرة في القرآن.

ومنه أن يجيء المفعول به على لفظ الفاعل:
كقوله سبحانه: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ [هود: 43] ، أي لا معصوم من أمره.
وقوله: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (6) [الطارق: 6] ، أي مدفوق.
وقوله: فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ [الحاقة: 21] ، أي مرضيّ بها.
وقوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً [العنكبوت: 67] ، أي مأمونا فيه.
وقوله: وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً [الإسراء: 12] ، أي مبصرا بها.
والعرب تقول: ليل نائم، وسرّ كاتم، قال وعلة الجرميّ «1» :
__________
(1) البيت من الطويل، وهو للحارث بن وعلة في شرح اختيارات المفضل 2/ 780، والمفضليات

(1/180)


ولما رأيت الخيل تترى أثايجا ... علمت بأنّ اليوم أحمس فاجر
أي يوم صعب مفجور فيه.

وأن يأتي فعيل بمعنى مفعل:
نحو قوله: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [البقرة: 117] ، أي مبدعها.
وكذلك: عَذابٌ أَلِيمٌ [البقرة: 10] ، أي مؤلم.
وقال عمرو بن معديكرب «1» :
أمن ريحانة الدّاعي السميع ... يؤرّقني وأصحابي هجوع؟
يريد الداعي المسمع.

وفعيل، يراد به فاعل:
نحو: حفيظ، وقدير، وسميع، وبصير، وعليم، ومجيد، وبديء الخلق، أي بادئه، من قولك: بدأ الله الخلق.
وبصير في هذا المعنى من بصر، وإن لم يستعمل منه فاعل إلا في موضع واحد، وهو قولهم: أريته لمحا باصرا. أي نظرا شديدا باستقصاء وتحديق.

ومنه أن يأتي الفاعل على لفظ المفعول به، وهو قليل:
كقوله: إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا [مريم: 61] ، أي آتيا.
__________
ص 166، والأزمنة والأمكنة 2/ 308، 3/ 312، ولوعلة الجرمي في المعاني الكبير ص 946، والأصمعيات ص 198، والمعاني الكبير 2/ 946، والعقد الفريد 5/ 231، والأغاني 15/ 77، والنقائض 1/ 155، والخزانة 1/ 199، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 244.
(1) البيت من الوافر، وهو لعمرو بن معديكرب في ديوانه ص 140، والأصمعيات ص 172، والأغاني 10/ 4، وخزانة الأدب 8/ 178، 179، 181، 182، 187، 11/ 119، وسمط اللآلي ص 40، والشعر والشعراء 1/ 379، ولسان العرب (سمع) ، والأضداد للسجستاني ص 133، وبلا نسبة في لسان العرب (أنق) ، وتفسير الطبري 1/ 95، وتفسير البحر المحيط 1/ 364، وصدره في الصاحبي في فقه اللغة ص 201، ومجاز القرآن 1/ 282.

(1/181)