تحبير التيسير في القراءات العشر (بَاب ذكر الِاسْتِعَاذَة)
اعْلَم أَن الْمُسْتَعْمل عِنْد الحذاق من أهل الْأَدَاء فِي
لَفظهَا:
(1/181)
أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم
دون غَيره وَذَلِكَ لموافقة الْكتاب وَالسّنة [فَأَما] الْكتاب
فَقَوله تَعَالَى لنَبيه [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ -] : فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه من
الشَّيْطَان الرَّجِيم) وَأما السّنة فَمَا رَوَاهُ نَافِع بن
جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم أَنه أستعاذ قبل الْقِرَاءَة بِهَذَا اللَّفْظ بِعَيْنِه
وَبِذَلِك قَرَأت وَبِه آخذ وَلَا اعْلَم خلافًا بَين أهل
الْأَدَاء فِي الْجَهْر بهَا عِنْد افْتِتَاح الْقُرْآن وَعند
الِابْتِدَاء برءوس الْأَجْزَاء وَغَيرهَا فِي مَذْهَب
الْجَمَاعَة اتبَاعا للنَّص واقتداء بِالسنةِ.
فَأَما الرِّوَايَة بذلك فوردت عَن أبي عَمْرو أَدَاء من
طَرِيق [أبي] حمدون عَن
(1/182)
اليزيدي عَنهُ، وَمن طَرِيق مُحَمَّد بن
غَالب عَن شُجَاع عَنهُ، وروى إِسْحَاق الْمسَيبِي عَن نَافِع
أَنه كَانَ يخفيها فِي جَمِيع الْقُرْآن وروى سليم عَن حَمْزَة
أَنه كَانَ يجْهر بهَا فِي أول أم الْقُرْآن خَاصَّة ويخفيها
بعد ذَلِك فِي سَائِر الْقُرْآن. كَذَا قَالَ خلف عَنهُ،
وَقَالَ خَلاد عَنهُ: أَنه كَانَ يُجِيز الْجَهْر والإخفاء
جَمِيعًا. وَلَا يُنكر على من [يجْهر] وَلَا على من [يخفي]
وَالْبَاقُونَ لم يَأْتِ عَنْهُم فِي ذَلِك شىء مَنْصُوص
[وَالله أعلم] .
(1/183)
|