تحبير التيسير في القراءات العشر

 (بَاب ذكر مَذْهَب أبي عَمْرو فِي ترك الْهمزَة)
اعْلَم أَن أَبَا عَمْرو كَانَ إِذا قَرَأَ فِي الصَّلَاة أَو أدرج [الْقِرَاءَة] أَو [قَرَأَ] بِالْإِدْغَامِ لم يهمز كل همزَة سَاكِنة سَوَاء كَانَت فَاء أَو عينا أَو لاما نَحْو قَوْله تَعَالَى (- يُؤمنُونَ ويؤلون والمؤتفكات وَبئسَ وبئسما وَالذِّئْب وبئر والرؤيا ورؤياك. وكدأب وَجئْت وجئتم [وَجِئْنَا] وشئت وشئتم [وشئنا] [وفادّارأتم] واطمأننتم - 5) وَشبهه إِلَّا أَن يكون سُكُون الْهمزَة للجزم نَحْو [قَوْله تَعَالَى] : (أَو ننسأها وتسؤهم وَإِن نَشأ ويهيىء لكم) . شبهه وَجُمْلَته تِسْعَة عشر موضعا (- أَو يكون للْبِنَاء نَحْو [أنبئهم

(1/219)


ونبئهم] واقرأ وأرجئه وهيىء لنا [وَشبهه] وَجُمْلَته أحد عشر موضعا - 12) أَو يكون ترك [الْهَمْز] فِيهِ أثقل من [همزَة] وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: (تؤوي وتؤويه) أَو يكون يُوقع الالتباس بِمَا لَا يهمز وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: (ورئيا) أَو يكون يخرج من لُغَة إِلَى لُغَة [أُخْرَى] وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: (مؤصدة) فَإِن ابْن مُجَاهِد كَانَ يخْتَار تَحْقِيق الْهمزَة فِي ذَلِك كُله من أجل تِلْكَ الْمعَانِي.
[وَبِذَلِك] قَرَأت وَبِه آخذ، فَإِذا تحركت الْهمزَة نَحْو قَوْله تَعَالَى: (يؤلف ومؤذن ويؤخرهم) وَشبهه فَلَا خلاف عَنهُ فِي تَحْقِيق [الْهَمْز] فِي ذَلِك [كُله] [وَالله أعلم] .

(1/220)


( [قلت] بَاب [ذكر] مَذْهَب أبي جَعْفَر فِي ترك الْهمزَة)
اعْلَم أَن أَبَا. جَعْفَر كَانَ يُبدل كل همزَة سَاكِنة نَحْو (- يُؤمن وَبئسَ وَيَأْتِي واقرأ ونبىء وَإِن نَشأ وتسؤهم وَتُؤْوِي ورئيا - 3) / وَلم يسْتَثْن من ذَلِك شَيْئا سوى (أنبئهم ونبئهم) لَا غير، فَأَما (رُؤْيا [والرؤيا] كَيفَ جَاءَت فَإِنَّهُ إِذا أبدل [الْهَمْز] قلب الْوَاو يَاء لوُقُوع الْيَاء بعْدهَا ثمَّ يدغم الْيَاء فِي الْيَاء، وَأما قَوْله تَعَالَى: (من يَشَأْ اللَّهِ يضلله، فَإِن يَشَأْ اللَّهِ يخْتم) فَإِنَّهُ إِذا وقف أبدل الْهمزَة [مِنْهُ] ألفا وَلَا يبدلها وصلا لوُجُود الكسرة ويبدل من الْهمزَة المتحركة أصلا مطردا وَهُوَ إِذا وَقعت الْهمزَة مَفْتُوحَة بعد ضم وَكَانَت فَاء [من] الْفِعْل نَحْو: [يُؤَاخذ] ويؤلف ومؤجلا) وَاسْتثنى ابْن وردان من ذَلِك حرفا وَاحِدًا وَهُوَ (يُؤَيّد) لَا غير وَكَذَلِكَ يُبدل الْهمزَة الْمَفْتُوحَة بعد

(1/221)


[كسرة] يَاء من (ليبطئن) . (- ورئاء وقرىء وَلَقَد استهزىء ولنبوئنهم [وَفِئَة وَمِائَة] [كَيفَ وَقعا] وملئت وخاطئة [والخاطئة] [وناشئة وشانئك] وخاسئا وَاخْتلف عَنهُ فِي (موطئا) وَكَذَلِكَ يحذف الْهمزَة المضمومة إِذا وَقعت بعد كسرة وَكَانَ بعْدهَا وَاو نَحْو: (يستهزؤن [ومستهزؤون] وأنبئوني وليطفئوا وليواطئوا) وَقد اسْتثْنِي لِابْنِ وردان حرف وَاحِد وَهُوَ: (المنشئون) على خلاف بَين أهل الْأَدَاء، وَإِذا حذف [الْهَمْز] من ذَلِك ضم مَا قبل الْوَاو وَكَذَلِكَ يحذف الْهمزَة من (يطئون [وتطئوهم] [وَلم تطئوها] حَيْثُ وَقع [وَكَذَلِكَ] يُبدل الْهمزَة من

(1/222)


(كَهَيئَةِ) يَاء ويدغم الْيَاء الأولى فِيهَا وَهُوَ فِي آل عمرَان والمائدة وَكَذَلِكَ يحذف الْهمزَة إِذا وَقعت مَكْسُورَة وَبعدهَا يَاء [من] (متكئين حَيْثُ وَقع وخاطئين والْمُسْتَهْزِئِين) هَذِه الثَّلَاثَة [الأحرف] لَا غير وَكَذَلِكَ يحذفها من قَوْله تَعَالَى [مُتكئا] وَهُوَ فِي سُورَة يُوسُف وَسَهل [الْهمزَة بَين بَين من] (إِسْرَائِيل) حَيْثُ وَقع (وكأين) حسب لَا غير وَسَتَأْتِي فِي موضعهَا، وَالله الْمُوفق.

(1/223)