تحبير التيسير في القراءات العشر

 (بَاب ذكر مَذْهَب حَمْزَة وَهِشَام فِي الْوَقْف على الْهمزَة)
اعْلَم أَن حَمْزَة وهشاما كَانَا يقفان على الْهمزَة الساكنة والمتحركة إِذا وَقعت طرفا فِي الْكَلِمَة بتسهيلها، ويصلان فِي تحقيقها، فَإِذا [سهلا] المضموم مَا قبلهَا أبدلاها واوا فِي حَال تحريكها وسكونها نَحْو قَوْله تَعَالَى: (ولؤلؤا، وَإِن امْرُؤ) وَشبهه وَلم تأت فِي الْقُرْآن سَاكِنة، وَإِذا سهلا المكسور مَا قبلهَا أبدلاها فِي [الْحَالَتَيْنِ] يَاء نَحْو قَوْله تَعَالَى: (وهيىء لنا ويهيىء لكم ونبىء عبَادي وتبوىء الْمُؤمنِينَ، وَمن شاطىء) وَشبهه وَإِذا سهلا المفتوح مَا قبلهَا أبدلاها فِي الْحَالَتَيْنِ ألفا نَحْو قَوْله تَعَالَى: (إِن يَشَأْ وذرأ وَبَدَأَ ويستهزأ وَالْمَلَأ) وَشبهه، وَالروم والإشمام [ممتنعان] فِي الْحَرْف الْمُبدل من الْهمزَة لكَونه سَاكِنا مَحْضا، فَإِذا سكن مَا قبل الْهمزَة وسهلاها ألقيا حركتها [على] ذَلِك السَّاكِن وأسقطاها إِن كَانَ ذَلِك السَّاكِن أَصْلِيًّا غير ألف نَحْو

(1/224)


[قَوْله] [تَعَالَى] : (الْمَرْء ودفء والخبء وَشَيْء وَالسوء وَعَن السوء وَجِيء وسيء والمسيء ويضيء) وَشبهه [فَإِذا] كَانَ [ذَلِك] السَّاكِن زَائِدا للمد وَكَانَ يَاء أَو واوا أبدلا الْهمزَة مَعَ الْيَاء يَاء وَمَعَ الْوَاو واوا وأدغما مَا [قبلهمَا فيهمَا] نَحْو قَوْله [تَعَالَى] : (بَرِيء والنسيء وقروء) وَشبهه، وَالروم والإشمام جائزان فِي الْحَرْف المتحرك بحركة الْهمزَة وَفِي الْمُبدل مِنْهَا غير الْألف إِن انضما وَالروم إِن انكسرا والإسكان إِن انفتحا كالهمزة سَوَاء، وَإِن كَانَ السَّاكِن ألفا سَوَاء كَانَت مبدلة [من حرف أُصَلِّي أَو كَانَت] زَائِدَة أبدلت الْهمزَة بعْدهَا ألفا بِأَيّ حَرَكَة تحركت ثمَّ حذفت إِحْدَى الْأَلفَيْنِ [للساكنين] وَإِن شِئْت زِدْت فِي الْمَدّ والتمكين لتفصل بذلك بَينهمَا وَلم تحذف وَذَلِكَ الْأَوْجه وَبِه ورد النَّص عَن حَمْزَة من طَرِيق خلف وَغَيره وَذَلِكَ نَحْو قَوْله تَعَالَى: (إِذا جَاءَ وَالسَّمَاء وَمن مَاء والسفهاء وعَلى سَوَاء) [وَشبهه] [وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق] .

(1/225)


(فصل)
وَتفرد حَمْزَة بتسهيل الْهمزَة المتوسطة وَلذَلِك أَحْكَام أَنا أبينها إِن شَاءَ اللَّهِ [تَعَالَى] [اعْلَم] أَن الْهمزَة إِذا توسطت وسكنت فَهِيَ تبدل حرفا خَالِصا فِي حَال تسهيلها كَمَا تقدم وَذَلِكَ نَحْو قَوْله تَعَالَى: (الْمُؤمن والمؤمنون ويؤفكون والرؤيا وتسؤكم وتأكلون وكدأب وَالذِّئْب وبئر وَبئسَ) وَشبهه وَكَذَلِكَ (الَّذِي أؤتمن ولقاءنا أئت وَفرْعَوْن ائْتُونِي) وَشبهه، وَاخْتلف أَصْحَابنَا فِي إدغام الْحَرْف الْمُبدل من الْهمزَة وَفِي إِظْهَاره فِي قَوْله تَعَالَى: {ورئيا وَتُؤْوِي وتؤويه} فَمنهمْ من يدغم اتبَاعا لِلْخَطِّ وَهُوَ الَّذِي رَجحه أَبُو الْحسن وَمِنْهُم من يظْهر لكَون [الْبَدَل] عارضا، والوجهان جيدان جائزان وَاخْتلف أهل الْأَدَاء أَيْضا فِي تَغْيِير حَرَكَة الْهَاء مَعَ إِبْدَال الْهمزَة يَاء قبلهَا فِي قَوْله تَعَالَى: (أنبئهم ونبئهم) فَكَانَ بَعضهم يرى كسرهَا من أجل الْيَاء وَهُوَ مَذْهَب أبي الْحسن وَكَانَ آخَرُونَ [يقرءونها] على ضمتها لِأَن الْيَاء عارضة وَهُوَ مَذْهَب أبي الْفَتْح وهما

(1/226)


صَحِيحَانِ، فَإِذا تحركت الْهمزَة وَهِي متوسطة فَمَا قبلهَا يكون سَاكِنا [ومتحركا] فَإِن كَانَ سَاكِنا وَكَانَ أَصْلِيًّا وسهلتها ألقيت حركتها [على ذَلِك السَّاكِن وحركته بهَا] مَا لم يكن ألفا وَذَلِكَ [نَحْو] قَوْله تَعَالَى: (- شَيْئا وَخطأ والمشأمة [وكهيئة] ويجأرون ويسألون [ويسئل] [وفسأل] وَالْقُرْآن [ومذءوما ومسئولا وسيئت ومؤئلا] والموءودة - 5) وَشبهه وَإِن كَانَ زَائِدا أبدلت وأدغمت [إِذا] كَانَ يَاء أَو واوا نَحْو [قَوْله تَعَالَى] : (- هَنِيئًا [مريئا] وبريئا وبريئون [وخطيئة] وخطيئاتكم - 12) وَشبهه، وَلم يَأْتِ الْوَاو فِي الْقُرْآن فَإِن كَانَ السَّاكِن ألفا سَوَاء كَانَت

(1/227)


مبدلة أَو زَائِدَة جعلت الْهمزَة بعْدهَا بَين بَين وَإِن شِئْت مكنت الْألف [قبلهَا] وَإِن شِئْت قصرتها، والتمكين أَقيس [وَذَلِكَ] نَحْو قَوْله تَعَالَى: (نِسَاؤُكُمْ، وأبناؤكم وغثاء وَمَاء وَسَوَاء وآباؤكم وهاؤم وَمن آبَائِهِم وَمَلَائِكَته) وَشبهه. [وَإِذا] كَانَ مَا قبل الْهمزَة متحركا فَإِن انفتحت هِيَ وانكسر مَا قبلهَا [أَو انْضَمَّ] أبدلتها فِي حَال التسهيل مَعَ [الكسرة] يَاء وَمَعَ [الضمة] واوا وَذَلِكَ نَحْو قَوْله تَعَالَى: (وننشئكم، وَإِن شانئك وملئت والخاطئة وَلِئَلَّا ولؤلؤا ويؤده إِلَيْك / ويؤلف) . وَشبهه ثمَّ بعد هَذَا تجعلها بَين بَين فِي جَمِيع حركاتها وَأَحْوَالهَا وحركات مَا قبلهَا، فَإِن انضمت جَعلتهَا بَين الْهمزَة وَالْوَاو نَحْو قَوْله تَعَالَى: (فادرءوا ويؤسا ورءوف وبرءوسكم وَلَا يؤوده ومستهزءون وليواطئوا وينبئوم) وَشبهه مَا لم [تكن] صورتهَا يَاء نَحْو (أنبئكم وسنقرئك وَكَانَ سيئه) وَشبهه فَإنَّك تبدلها يَاء مَضْمُومَة اتبَاعا لمَذْهَب

(1/228)


حَمْزَة فِي اتِّبَاع الْخط عِنْد الْوَقْف على [الْهَمْز] وَهُوَ قَول الْأَخْفَش وَمذهب أبي الْفَتْح أَعنِي التسهيل فِي ذَلِك بِالْبَدَلِ وَإِن انفتحت جَعلتهَا بَين الْهمزَة وَالْألف نَحْو قَوْله [تَعَالَى] : (- سَأَلتهمْ، [وويكأن اللَّهِ وويكانه] وَخطأ ومتكئا [وملجأ]- 3) وَشبهه [وَإِذا] انْكَسَرت جَعلتهَا بَين الْهمزَة وَالْيَاء نَحْو قَوْله تَعَالَى: (- جبرئيل [ويئس الَّذين] وَسُئِلَ ويومئذ وَحِينَئِذٍ - 7) وَشبهه.

(1/229)


(فصل)
وَاعْلَم أَن جَمِيع مَا يسهله حَمْزَة من الهمزات فَإِنَّمَا يُرَاعِي فِيهِ خطّ الْمُصحف دون الْقيَاس، كَمَا [قدمنَا] و [قد] اخْتلف أَصْحَابنَا فِي تسهيل مَا يتوسط من الهمزات بِدُخُول الزَّوَائِد [عَلَيْهِنَّ] نَحْو قَوْله تَعَالَى: (أفأنت، وفبأي آلَاء وبأيكم وكأين وَكَأَنَّهُ وفلأقطعن ولبإمام وَالْأَرْض وَالْآخِرَة) وَشبهه [وَكَذَا] مَا وصل من الْكَلِمَتَيْنِ فِي الرَّسْم فَجعل فِيهِ كلمة وَاحِدَة نَحْو قَوْله تَعَالَى: (هَؤُلَاءِ وَهَا أَنْتُم وَيَا أَيهَا وَيَا أُخْت وَيَا آدم) [وَيَا أولى الْأَلْبَاب] وَشبهه، فَكَانَ [بَعضهم] يرى التسهيل فِي ذَلِك اعتدادا بِمَا صرن بِهِ [متوسطات] وَهُوَ مَذْهَب أبي الْفَتْح، وَكَانَ آخَرُونَ لَا يرَوْنَ إِلَّا التَّحْقِيق اعْتِمَادًا على كونهن مبتدءات وَهُوَ مَذْهَب أبي الْحسن والمذهبان جيدان وَبِهِمَا ورد [النَّص وَالرِّوَايَة] [وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق] .

(1/230)