تحفة الأقران في ما قرئ بالتثليث من حروف القرآن

حرف الثَّاء
فمن ذلك قوله تعالى في سورة " الأنبياء " عليهم السلام: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) .
قرئ بخفض الثاء من (مُحْدَثٍ) ورفعها ونصبها:
فأما قراءة الخفض فقرأ بها السبعة، ووجهها أنها صفة لـ (ذِكْرٍ)
على اللفظ.
وأما قراءة الرفع فقرأ بها ابن أبي عَبلة، ووجهها أنها صفة لـ (ذِكْرٍ)
على الموضع لأنَّ (من) زائدة، والتقدير: ما يأتيهم ذكرٌ مُحْدَثٌ، كما
تقول: ما من أحد فاضل في الدار، أي: ما أحد فاضل، والموضع من
مواضع زيادة " من ".
وأما قراءة النصب فقرأ بها زيد بن علي، ووجهها أنها حال من (ذِكْرٍ)
وإن كان نكرة، فإنه قد وصف بقوله تعالى: (من ربِّهم) .

(1/59)


تتميم:
في هذه الآية الكريمة لطيفة: وهو توالي أربع أحوال ف (محدث) -
فيمن نصب - حال من (ذكر) ، و (إلاّ استمعوه) حال من المفعول
في (ما يأتيهم) ، (وهم يلعبون) حال من الضمير المفعول في
(استمعوه) . و (لاهيةً) حال من الضمير في (يلعبون) .
ونظير هذه الآية في توالي الحالات قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ)
فقوله تعالى: (لَا تُؤْمِنُونَ) حال، (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ) حال ثانية، (وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ) حال ثالثة.
ومن توالي الحالات قوله تعالى: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) .
في قراءة زيد بن علي، فإنّه قرأ بنصب (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) و (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا) جملة في موضع الحال من (الْوَاقِعَةُ) ، أي: إذا وقعت صادقةً.
و (خَافِضَةٌ) ، و (رَافِعَةٌ) حالان منها أيضاً.

(1/60)