جامع البيان في القراءات السبع

باب ذكر الخبر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنّ القرآن أنزل على سبعة أحرف وبيان ما ينطوي عليه من المعاني ويشتمل عليه من الوجوه
[روايات الحديث]
36 - حدّثنا فارس بن محمد بن خلف المالكي، قال: نا عبد الله بن أبي هاشم قال: نا عيسى بن مسكين قال: نا سحنون بن سعيد قال: حدّثنا عبد الرحمن بن القاسم قال: نا مالك بن أنس قال: نا ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن ابن عبد القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته «1» بردائه، فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [اقرأ] «2»، فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هكذا أنزلت»، ثم قال لي: اقرأ فقرأت فقال: «هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسّر منه» «3».
__________
(1) يقال: لببت الرجل ولبّبته، إذا جعلت في عنقه ثوبا أو غيره، وجررته به، النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير 4/ 223.
(2) سقط من (م).
(3) فارس بن محمد بن خلف شيخ الداني لم أظفر بترجمته.
- عبد الله بن أبي هاشم هو ابن مسرور، أبو محمد، فقيه مالكي، توفي سنة ست وأربعين وثلاث مائة. ترتيب المدارك للقاضي عياض 3/ 340، الديباج المذهب لابن فرحون 1/ 423.
- عيسى بن مسكين بن منصور، الأفريقي، فقيه مالكي، ثقة، مأمون، صالح، توفي سنة خمس وسبعين ومائتين، ترتيب المدارك 3/ 212، الديباج المذهب 2/ 66.
- سحنون، واسمه عبد السلام بن سعيد بن حبيب، التنوخي، أبو سعيد، الأفريقي، فقيه مالكي كبير، ثقة، توفي سنة أربعين ومائتين. ترتيب المدارك 2/ 585، الديباج المذهب 2/ 30.
- عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة، العتقي، أبو عبد الله، البصري، الفقيه، صاحب مالك، ثقة. توفي سنة إحدى وتسعين ومائة. التقريب 1/ 495، ترتيب المدارك 2/ 433.

(1/93)


37 - حدّثنا خلف بن إبراهيم بن محمد المقرئ قال: نا أحمد بن محمد المكي قال: نا عليّ بن عبد العزيز قال: نا القاسم بن سلام قال: نا عبد الله بن صالح عن الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده [ويزيدني] حتى انتهى إلى سبعة أحرف» «1».
__________
الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الإمام المشهور. توفي سنة أربع وعشرين ومائة. تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 108.
- عروة بن الزبير بن العوام، ثقة، فقيه كبير، روى عن عبد الرحمن بن عبد القارئ، روى عنه الزهري، توفي سنة أربع وتسعين. التقريب 2/ 19، تهذيب الكمال 2/ 927.
- عبد الرحمن بن عبد القاريّ- بتشديد الياء نسبة إلى القارة قبيلة- تابعي ثقة، قيل له صحبة. توفي سنة ثمان وثمانين. التقريب 1/ 489. تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر 3/ 1144.
أخرجه البخاري في صحيحه في فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، وفي الخصومات باب كلام الخصوم بعضهم في بعض.
وأخرجه مسلم في صحيحه في صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف.
(1) خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن حمدان بن خاقان، أبو القاسم، المصري، الخاقاني، أستاذ ضابط، مات سنة اثنتين وأربع مائة. غاية 1/ 271، معرفة 1/ 292.
- أحمد بن محمد بن أحمد، المكي، أبو بكر، المعروف بابن أبي الموت، ضعف قليلا، المغني في الضعفاء 1/ 57، ميزان الاعتدال 1/ 152، العقد الثمين للفاسي 3/ 128.
أقول: هذا التضعيف ينبغي أن يكون في غير روايته عن علي بن عبد العزيز البغوي، لأني اعتبرت روايته عنه بروايات الثقات فوجدتها متماثلة، كما في الفقرات/ 37، 41، 230، 459. واعتبرت روايته عنه بما في فضائل القرآن لأبي عبيد فوجدتها مماثلة، كما في الفقرات/ 45، 81، 97، 113، 119، 135. وعليه فقد ضبط أصله عن البغوي، وهو في روايته عنه في مرتبة الثقة.
- علي بن عبد العزيز بن عبد الرحمن، أبو الحسن، البغوي البغدادي، ثقة، مات سنة سبع وثمانين ومائتين. تذكرة الحفاظ 1/ 622، غاية 1/ 549، العقد الثمين 6/ 185.

(1/94)


38 - حدّثنا فارس بن أحمد بن موسى [المقرئ قال: نا عبيد الله بن محمد، قال [نا] «1» علي بن الحسين القاضي: قال نا يوسف بن موسى قال: نا أبو معمر عبد الله بن عمرو قال: نا عبد الوارث قال: نا محمد بن جحادة عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيّ بن كعب قال «2»: أتى جبريل النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله يأمرك أن تقرئ أمّتك على سبعة أحرف فمن قرأ منها حرفا فهو كما قرأ» «3».
__________
- عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم، أبو صالح، المصري، كاتب الليث، صدوق، كثير الخطأ، مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين، التقريب 1/ 423، تهذيب الكمال 2/ 693.
- الليث هو ابن سعد، الإمام الثقة، مات سنة خمس وسبعين ومائة. التقريب 2/ 138.
- يونس بن زيد بن أبي النجاد، الأيلي بفتح الهمزة وسكون الياء، ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا، روى عنه الليث بن سعد، مات سنة تسع وخمسين ومائة. التقريب 2/ 386، تهذيب الكمال 3/ 1572.
- عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ثقة ثبت، روى عنه الزهري، روى عن ابن عباس، مات سنة ثمان وتسعين. التقريب 1/ 535، تهذيب الكمال 2/ 880.
والحديث في فضائل القرآن لأبي عبيد من طريق عبد الله بن صالح به مثله برقم/ 721. وهذا الإسناد حسن لغيره، غير أن الحديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه في فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، من طريق ابن شهاب به مثله.
وأخرجه مسلم في صحيحه في صلاة المسافرين باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف من طريق يونس عن ابن شهاب به مثله.
(1) سقط من (م)، وسقطت (نا) من (ت).
(2) تكررت قال في (م).
(3) فارس بن أحمد بن موسى بن عمران، أبو الفتح، أستاذ كبير، ضابط، ثقة، توفي سنة إحدى وأربع مائة. غاية النهاية 2/ 5، معرفة القراء الكبار 1/ 304.
- عبد الله بن محمد بن إبراهيم، أبو القاسم، الرازي، توفي بمصر بعد سنة ثمانين وثلاثمائة.
غاية النهاية 1/ 446، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 71.

(1/95)


39 - حدّثنا فارس بن أحمد قال: نا أحمد بن محمد قال: نا علي بن حرب قال: نا يوسف بن موسى القطان، قال: نا عبد الله بن موسى عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن سقير العبدي عن سليمان بن صرد عن أبيّ [بن كعب] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبيّ بن كعب إن ملكين أتياني فقال أحدهما: اقرأ القرآن على ستة أحرف، فقال الآخر: زده، فقلت: زدني، فقال: اقرأ القرآن على سبعة أحرف» «1».
__________
وفي (ت، م):" عبيد الله" مصغرا، وهو خطأ. وسيأتي في الفقرة/ 43 (عبد الله) بدون تصغير.
- علي بن الحسين بن حرب بن عيسى، أبو عبيد، المعروف بابن حربويه، ثقة، ثبت، توفي سنة تسع عشرة وثلاث مائة. تاريخ بغداد للخطيب 11/ 395.
- يوسف بن موسى بن راشد القطان أبو يعقوب، الكوفي، صدوق، مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين غاية النهاية 2/ 403، التقريب 2/ 383.
- عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ميسرة، أبو معمر، ثقة ثبت، توفي سنة أربع وعشرين ومائتين. التقريب 1/ 436، غاية النهاية 1/ 439.
- عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة، ثقة، مات سنة ثمانين ومائة. غاية النهاية 1/ 478، التقريب 1/ 527.
- محمد بن جحادة بضم الجيم وتخفيف الحاء. ثقة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة التقريب 2/ 150.
- الحكم بن عتيبة، مصغرا، أبو محمد، ثقة ثبت إلا أنه ربما دلس، روى عن مجاهد، روى عنه محمد ابن جحادة. مات سنة ثلاث عشرة ومائة. التقريب 1/ 192، تهذيب الكمال 1/ 312. وذكره ابن حجر في طبقات المدلسين فيمن احتمل الأئمة تدليسه، وهم أهل الطبقة الثانية. طبقات المدلسين/ 20.
- مجاهد بن جبر- بفتح الجيم وسكون الباء- أبو الحجاج، ثقة. مات سنة ثلاث ومائة.
كان من أعلام التابعين في التفسير. التقريب 2/ 229، غاية النهاية 1/ 41.
- عبد الرحمن بن أبي ليلى، تابعي، ثقة، روي عن أبي بن كعب، روى عنه مجاهد. مات سنة ست وثمانين. التقريب 1/ 496، تهذيب الكمال 2/ 813.
والحديث صحيح، أخرجه الطبري في التفسير (1/ 39) من طريق عبد الوارث بن سعيد به بنحوه، وصحح أحمد محمد شاكر إسناده.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (10/ 516) في فضائل القرآن، باب القرآن على كم حرفا نزل من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيّ بنحوه.
وإسناد المؤلف فيه عبد الله بن محمد بن إبراهيم لم أجد فيه توثيقا ولا تضعيفا، لكنه توبع، وعليه فالإسناد حسن لغيره.
(1) أحمد بن محمد بن جابر، أبو بكر، التنيسي، روى القراءة عن ابن بدر النفاح، روى القراءة عنه فارس بن أحمد، غاية النهاية 1/ 109.

(1/96)


40 - حدّثنا خلف بن حمدان بن خاقان قال: نا أحمد بن محمد قال: نا علي بن عبد العزيز قال: نا أبو عبيد نا عبيد الله بن صالح عن الليث عن يزيد بن الهادي عن محمد بن إبراهيم عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن رجلا قرأ [3/ ظ] آية من القرآن فقال له عمرو بن العاص: إنما هي كذا وكذا، لغير ما قرأ الرجل، فقال
الرجل: هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
__________
- علي بن حرب هو علي بن الحسين بن حرب تقدم.
- عبيد الله بن موسى بن أبي المختار، أبو محمد، ثقة، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين.
التقريب 1/ 539، تهذيب الكمال 2/ 889.
- إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق أبو يوسف، ثقة، تكلم فيه بلا حجة، روى عن جده، روى عنه عبيد الله بن موسى، توفي سنة ستين ومائة. التقريب 1/ 64، تهذيب الكمال 1/ 92.
- عمرو بن عبد الله بن عبيد، أبو إسحاق، السبيعي، بفتح السين وكسر الباء، ثقة، اختلط بآخره. مات سنة تسع وعشرين ومائة. التقريب 2/ 73، تهذيب الكمال 2/ 1039.
- سقير، مصغرا، العبدي، تابعي، ثقة، انظر تفسير الطبري 1/ 33.
وذكره الحافظ المزي فيمن روى عنه سليمان بن صرد. تهذيب الكمال 1/ 540.
- سليمان بن صرد، صحابي توفي سنة خمس وستين. التقريب 1/ 326.
إسناد المؤلف فيه أحمد بن محمد بن جابر، لم أجد فيه توثيقا ولا تجريحا، لكنه توبع، وعليه فالإسناد حسن لغيره.
والحديث صحيح أخرجه الطبري في التفسير (1/ 32) من طريق إسرائيل به بنحوه، وصحح أحمد شاكر إسناده.
- وأخرجه أبو داود في سننه في الصلاة باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، من طريق يحيى ابن يعمر عن سليمان بن صرد. بسياق أتم.
- وأخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 124) من طريق يحيى بن يعمر عن سليمان بن صرد بإسنادين. وزاد في أول الحديث قصة اختلاف أبي مع ابن مسعود في القراءة.
- وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد بإسنادين: أحدهما من طريق يحيى بن يعمر عن سليمان ابن صرد، وزاد في أوله قصة اختلاف أبي مع ابن مسعود في القراءة. والآخر من طريق عبيد الله بن موسى بإسناد المؤلف بنحو سياقه، وزاد في أوله قصة اختلاف أبي مع رجل في القراءة. انظر المسند 5/ 124.
- ونقله في مجمع الزوائد (7/ 153) عن الطبراني قال: وفيه جعفر ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
- ونسبه في كنز العمال (2/ 602) إلى ابن حبان في صحيحه وابن منيع وأبي يعلى.

(1/97)


أتياه، فذكرا ذلك له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ««1» [إن هذا القرآن] نزل على سبعة أحرف بأيّ ذلك قرأتم أصبتم، فلا تماروا في القرآن فإن مراء فيه كفر» «2».
41 - حدّثنا خلف بن إبراهيم بن محمد قال: نا أحمد بن محمد قال: نا علي قال: نا القاسم بن سلام قال: نا أبو النصر عن شيبان عن عاصم بن أبي النجود عن زرّ بن حبيش عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقيت جبريل عند أحجار المراء «3»، فقلت: يا جبريل إني أرسلت إلى أمة أميّة؛ الرجل والمرأة والغلام والجارية
__________
(1) سقط من (ت، م) والتصحيح من المسند 4/ 205، ومجمع الزوائد 7/ 150.
(2) صدر الإسناد قبل يزيد بن الهاد تقدم في الفقرة/ 38.
- يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، أبو عبد الله، ثقة، روى عن محمد بن إبراهيم، روى عنه الليث، مات سنة تسع وثلاثين ومائة. التقريب 2/ 367، تهذيب الكمال 3/ 1536.
- محمد بن إبراهيم بن الحارث، أبو عبد الله، ثقة، مات سنة عشرين ومائة. التقريب 2/ 140.
- بسر بن سعيد، المدني، ثقة جليل، روى عن أبي قيس، روى عنه محمد بن إبراهيم. مات سنة مائة. التقريب 1/ 97، تهذيب الكمال 1/ 142.
- أبو قيس مولى عمرو بن العاص، اسمه عبد الرحمن بن ثابت، ثقة من كبار التابعين، مات سنة أربع وخمسين. التقريب 2/ 464، تهذيب الكمال 3/ 1639.
- والحديث في فضائل القرآن لأبي عبيد من طريق عبد الله بن صالح به مثله. برقم/ 719.
- وإسناد المؤلف حسن لغيره، لأن الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 205) بأتم من هذا السياق عن أبي سلمة الخزاعي عن عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن عن يزيد بن الهاد به.
- قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 150): ورجاله رجال الصحيح إلا أنه مرسل، أي لأن أبا قيس مولى عمرو بن العاص لم يحضر القصة.
- وأخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 204) موصولا لكن سياقه مختصر، وليس فيه قصة اختلاف عمرو مع الرجل. أقول: أخرجه عن سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد الله بن جعفر ثنا يزيد بن الهاد عن بسر ابن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نزل القرآن .. الحديث.
- قال ابن حجر في فتح الباري (9/ 26): إسناده حسن. وانظر مجمع الزوائد 7/ 150.
- وله شاهد من حديث أبي الجهم أن رجلين اختلفا في آية من القرآن بنحو القصة. ووراه أحمد ورجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد 7/ 151.
(3) أحجار المراء: بكسر الميم وتخفيف الراء وبالمد، هي قباء. النهاية 4/ 323. وما ذكره أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم (1/ 117) من أنه موضع بمكة، فقد حقق أحمد شاكر وهمه فيه. انظر تفسير الطبري 1/ 36.

(1/98)


والشيخ الفاني الذي لم يقرأ كتابا قطّ. قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف» «1».
42 - حدّثنا خلف بن أحمد بن هاشم «2» قال: حدّثنا زياد بن عبد الرحمن قال:
نا محمد بن يحيى بن حميد «3» قال: نا محمد بن يحيى بن سلام قال: نا أبيّ قال:
حدّثنا الحسن بن دينار وحماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي
__________
(1) صدر الإسناد قبل أبي النصر تقدم في الفقرة/ 37.
- أبو النصر هو هاشم بن القاسم بن مسلم، ثقة ثبت، مات سنة سبع ومائتين. التقريب 2/ 314.
- شيبان بن عبد الرحمن، أبو معاوية، ثقة، روى عن عاصم بن بهدلة، روى عنه أبو النصر، مات سنة أربع وستين ومائة، التقريب 1/ 356، تهذيب الكمال 2/ 591.
- عاصم بن بهدلة، الإمام الكبير في القراءة، ثقة، ستأتي ترجمته عند المؤلف في الفقرة/ 284 وما بعدها.
زر بكسر أوله وتشديد الراء- ابن حبيش مصغرا- ابن حباشة- بضم الحاء- أبو مريم، تابعي ثقة جليل، روى عنه عاصم بن بهدلة. مات سنة اثنتين وثمانين. غاية النهاية 1/ 294، التقريب 1/ 259، تهذيب الكمال 1/ 428. والحديث في فضائل القرآن لأبي عبيد برقم/ 720 من طريق أبي النصر به مثله.
- وإسناد المؤلف صحيح. والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/ 400) قال حدثنا عفان، ثنا حماد، عن عاصم، عن زر، عن حذيفة، وساق الحديث مثله. وعفان هو ابن مسلم، وحماد هو ابن سلمة، وهذا الإسناد صحيح. وأخرجه بنفس الإسناد مختصرا في (5/ 391)، وأخرجه في المسند كذلك (5/ 405) من طريق عبد الصمد عن حماد به كالأول.
- ونقله في مجمع الزوائد (7/ 150) عن البزاز بسياق مختلف، قال: وفيه عاصم بن بهدلة وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح.
- وأخرجه أحمد في المسند (5/ 385) من طريق ربعي بن حراش عن حذيفة بسياق مختلف كذلك.
- والحديث له شاهد من حديث أبي بن كعب عند الإمام أحمد في المسند (5/ 132) وعند الطبري في التفسير (1/ 35) قال أحمد شاكر: وهذا إسناد صحيح، قال: ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده رقم/ 543. قلت: ورواه الترمذي في القراءات باب ما جاء أنزل القرآن على سبعة أحرف. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن أبي بن كعب من غير وجه. ونسبه في كنز العمال (2/ 602) إلى الطبراني في الكبير وابن منيع والروياني.
(2) في (ت، م):" قاسم" بدل" هاشم" وهو تحريف. والتصحيح من المقنع في رسم مصاحف الأمصار للداني/ 16. كما أنه لا يوجد في شيوخ الداني خلف بن أحمد بن قاسم.
(3) في (ت، م):" حبيب" وهو خطأ. والتصحيح من المقنع/ 16، والمكتفى في الوقت والابتداء للداني/ 131.

(1/99)


بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل وميكائيل فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري، فقال جبريل: بسم الله، في حديث الحسن، وفي حديث حمّاد:
«يا محمد اقرأ القرآن على حرف، فنظرت إلى ميكائيل فقال: استزده، فقلت: زدني، فقال: بسم الله اقرأه على حرفين، ثلاثة أحرف، فنظرت إلى ميكائيل فقال: استزده، فقلت: زدني، قال: بسم الله اقرأه على خمسة أحرف، فنظرت إلى ميكائيل فقال:
استزده، فقلت: زدني، قال: بسم الله اقرأه على ستة أحرف، فنظرت إلى ميكائيل فقال:
استزده، قلت: زدني، فقال: بسم الله اقرأه على سبعة أحرف».
وفي حديث الحسن بن دينار «فنظرت إلى ميكائيل فسكت فعلمت أنه قد انتهى العدة «1»، فقال جبرئيل: اقرأه على سبعة أحرف كلّهن شاف كاف لا يضرك كيف قرأت ما لم تختم رحمة بعذاب أو عذابا برحمة» في حديث الحسن، وفي حديث حمّاد «ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب بمغفرة «2»».
__________
(1) في النشر (1/ 26)، والإتقان للسيوطي (1/ 46): انتهت.
(2) خلف بن أحمد بن هاشم، من أهل سرقسطة، وقاضيها، أبو الحزم، له رحلة إلى المشرق، حدث عنه أبو عمرو المقري. الصلة 1/ 165.
- زياد بن عبد الرحمن اللخمي، القرطبي، أبو عبد الله، المعروف بشبطون، كان رجلا صالحا، رفض القضاء، مات سنة ثلاث ومائتين. جذوة المقتبس/ 218، ترتيب المدارك 2/ 349.
- محمد بن يحيى بن حميد لم أجده.
- محمد بن يحيى بن سلام، فقيه محدث، ثقة نبيل، مات سنة اثنتين وستين ومائتين. انظر طبقات أبي العرب/ 113، معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان 2/ 145.
- يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة، أبو زكريا، ضعيف يعتبر به، مات سنة مائتين. ميزان الاعتدال للذهبي 4/ 380. المغني في الضعفاء للذهبي 2/ 736. هذا في الحديث وأما في القراءات، فقال ابن الجزري، كان ثقة ثبتا. غاية النهاية 2/ 373.
- الحسن بن دينار، أبو سعيد، ويقال الحسن بن واصل، كان ربيب دينار، ضعيف يعتبر به، انظر ميزان الاعتدال 1/ 487، لسان الميزان 2/ 203، المغني 1/ 159.
- حماد بن سلمة بن دينار، أبو سلمة، ثقة، تغير حفظه بآخره. مات سنة سبع وستين ومائة.
التقريب 1/ 197.
- علي بن زيد بن عبد الله بن جدعان، ضعيف، روى عن ابن أبي بكرة، روى عنه حماد بن سلمة. مات سنة إحدى وثلاثين ومائة. التقريب 2/ 37، تهذيب الكمال 2/ 967.
- عبد الرحمن بن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي، ثقة روى عن أبيه مات سنة ست وتسعين. التقريب 1/ 474، تهذيب الكمال 2/ 778.

(1/100)


43 - حدّثنا أبو الفتح شيخنا قال: حدّثنا عبد الله بن محمد، قال: حدّثنا علي بن حرب قال: حدّثنا يوسف بن موسى، قال: حدّثنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، وسمعته منه قال: حدّثنا عليّ بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، أنّ جبريل أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف كلّ شاف وكاف، ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة، وآية رحمة بآية عذاب، وهو قولك: هلم وتعال وأقبل وأسرع واذهب واعجل» «1».
44 - حدّثنا خلف بن أحمد قال: نا زياد بن عبد الرحمن قال: حدّثنا محمد بن يحيى قال: حدّثنا محمد بن يحيى بن سلام، قال: حدّثنا أبي عن يزيد بن إبراهيم عن
__________
- واسم أبي بكرة نفيع بن الحارث، صحابي مشهور بكنيته. التقريب 2/ 306.
- هذا السياق لم أظفر به إلا أن ابن الجزري أشار إليه في النشر (1/ 26) في قوله: وفي حديث أبي بكرة فنظرت إلى ميكائيل فسكت، فعلمت أنه قد انتهت العدة. وكذلك نفس الإشارة في الإتقان للسيوطي 1/ 46.
(1) صدر الإسناد قبل عفان بن مسلم تقدم في الفقرة/ 38، وعجز الإسناد بعده تقدم في الفقرة/ 42.
- عفان بن مسلم بن عبد الله، أبو عثمان، ثقة ثبت، مات سنة عشرين ومائتين. التقريب 2/ 25. تذكرة الحفاظ 1/ 379.
- والحديث رواه أحمد في المسند (5/ 51) عن عفان به بنحوه، وفي (5/ 41) عن ابن مهدي عن حماد مختصرا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 151): رواه أحمد والطبراني بنحوه إلا أنه قال: وأذهب وأدبر، وفيه علي بن زيد بن جدعان، وهو سيّئ الحفظ، وقد توبع، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.
- وأخرجه الطبري في تفسيره (1/ 43) من طريق زيد بن الحباب عن حماد بن سلمة به بنحوه.
- وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (10/ 517) في فضائل القرآن باب القرآن على كم حرفا نزل، من طريق زيد بن الحباب عن حماد بنحوه.
- وله شاهد من حديث حذيفة عن البزاز، نقله في مجمع الزوائد (7/ 150)، قال: وفيه عاصم بن بهدلة، وهو ثقة وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح.
- وله شاهد آخر من حديث أبيّ عند عبد الرزاق في مصنفه (11/ 219) باب على كم أنزل القرآن من حرف، وعند أبي داود في الصلاة باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، وعند النسائي في الافتتاح باب جامع ما جاء في القرآن. ونسبه في كنز العمال (2/ 51) إلى عبد بن حميد.
ونسبه من حديث عبادة بن الصامت إلى ابن الضريس. وعليه فإسناد المؤلف حسن لغيره، والحديث حسن لغيره.

(1/101)


محمد بن سيرين أن عبد الله بن مسعود قال: «نزل القرآن على سبعة أحرف كقولك:
هلمّ، أقبل، تعال» «1».
45 - حدّثنا الخاقاني خلف بن حمدان قال: نا أحمد بن محمد قال: حدّثنا عليّ قال: حدّثنا أبو عبيد قال: حدّثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل، قال: قال ابن شهاب في الأحرف السبعة: هي في الأمر الواحد الذي لا اختلاف فيه «2».
__________
(1) صدر الإسناد قبل يزيد بن إبراهيم تقدم في الفقرة/ 42. يزيد بن إبراهيم، التستري، بضم التاء وسكون السين وفتح التاء الثانية، أبو سعيد، ثقة ثبت، إلا في روايته عن قتادة. روى عن محمد بن سيرين. مات سنة ثلاث وستين ومائة. التقريب 2/ 361، تهذيب الكمال 3/ 1529.
- محمد بن سيرين، بن أبي عمرة، أبو بكر، ثقة، تابعي، مات سنة عشر ومائة. التقريب 2/ 169.
- أقول: ولم يلق ابن مسعود؛ لأنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان. التاريخ الكبير للبخاري 1/ 90. واستشهد عثمان سنة خمس وثلاثين. الإصابة 2/ 462. وتوفي ابن مسعود سنة اثنتين وثلاثين. الإصابة 2/ 368. فرواية ابن سيرين عن ابن مسعود مرسلة.
- والحديث بدون (كقولك .. الخ) صحيح ثابت رواه ابن حبان في صحيحه رقم/ 74، كذا قال العلامة أحمد شاكر. انظر تفسير الطبري 1/ 23، وانظر مجمع الزوائد 7/ 152.
- وروى الإمام أحمد والطبراني في قصة خروج ابن مسعود إلى المدينة: فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه اعجل وحيهلا. قال في مجمع الزوائد (7/ 153) وفيه من لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح.
- ونقل في كنز العمال (2/ 53) عن الطبراني في الكبير عن ابن مسعود: أنزل القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ على حرف منها فلا يتحول إلى غيره رغبة عنه.
- وستأتي شواهد كثيرة لحديث نزول القرآن على سبعة أحرف.
(2) صدر الإسناد قبل عقيل تقدم في الفقرة/ 37. وتقدم أنه إسناد ضعيف.
- عقيل بالضم- ابن خالد بن عقيل- بالفتح- أبو خالد، ثقة ثبت، روى عن الزهري روى عنه الليث بن سعد. مات سنة أربع وأربعين ومائة. التقريب 2/ 29، تهذيب الكمال 2/ 948.
وإسناد المؤلف حسن لغيره، والخبر أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن بهذا اللفظ رقم/ 713.
- وأخرجه مسلم في صحيحه بنحوه في صلاة المسافرين باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف من طريق ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب وساقه، ومن طريق عبد الرزاق، ولم يسق نصه.

(1/102)


46 - قال أبو عمرو: فيما ذكرناه من طرق هذا الخبر المجتمع «1» على صحته كفاية ومقنع، فأمّا معناه ووجهه: فإنّي تدبّرته وأمعنت النظر فيه بعد وقوفي على أقاويل
المتقدّمين من السّلف والمتأخّرين من الخلف، فوجدته متعلّقا بخمسة أسئلة هي محيطة بجميع معانيه، وكل وجوهه:
__________
(1) حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف، له روايات كثيرة، سوى ما تقدم، منها:
- عن عمرو بن العاص، رضي الله عنه، عند البيهقي في شعب الإيمان، ذكره صاحب كنز العمال 2/ 50. وعند الطبراني في الكبير. انظر كنز العمال 2/ 56.
وعند أبي نصر السجزي في الإبانة. انظر كنز العمال 2/ 56.
وعند ابن أبي شيبة في مصنفه 10/ 516.
- وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، عند الطبري في التفسير 1/ 45، وكذلك 1/ 22، قال أحمد شاكر: ونسبه ابن كثير في الفضائل للنسائي، والظاهر أنه يريد كتاب التفسير للنسائي:
الطبري 1/ 22. وعند أحمد في المسند بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح. انظر مجمع الزوائد 7/ 151. وعند ابن حبان في صحيحه. انظر موارد الظمآن/ 440. وعند نصر المقدسي في الحجة. انظر كنز العمال 2/ 54.
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عند عبد الرزاق في مصنفه 11/ 219. وعند ابن الضريس. انظر كنز العمال 2/ 54.
- وعن أبي جهيم رضي الله عنه، عند الطبري في التفسير 1/ 43. وعند أحمد في المسند 4/ 169 بإسناد صحيح. انظر الطبري 1/ 44. ونقله عن المسند الهيثمي في مجمع الزوائد 7/ 151. وقال رجال الصحيح. وعند البيهقي في شعب الإيمان. انظر كنز العمال 2/ 56.
- وعن أبي بن كعب. رضي الله عنه، عند أحمد في المسند 5/ 114. بسند صحيح. انظر الفتح الرباني 18/ 52. وعند الطبري في التفسير 1/ 34. وعند ابن أبي شيبة في مصنفه 10/ 517، 518.
- وعن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، عند الطبراني، ورجاله ثقات، مجمع الزوائد 7/ 154.
- وعن أم أيوب، رضي الله عنها، عند أحمد في المسند 6/ 433، 463 قال فيه ابن كثير في فضائل القرآن: إسناد صحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة. فضائل القرآن/ 19.
مطبوع في نهاية تفسير ابن كثير وعند الطبري في التفسير 1/ 31 بإسناد صحيح. وعند الطبراني ورجاله ثقات. مجمع الزوائد 7/ 154.
وعن ابن مسعود، رضي الله عنه، مرفوعا، عند ابن أبي شيبة في مصنفه 10/ 517. وعند الطبري في التفسير 1/ 22، 45. وعند ابن حبان في صحيحه. انظر موارد الظمآن/ 440.
وعند البزار. انظر مجمع الزوائد 7/ 152.
- وعن عمر، رضي الله عنه، عند الطبري (1/ 27) بإسناد ضعيف جدا. وعند ابن أبي شيبة 10/ 518.

(1/103)


فأوّلها: أن يقال: ما معنى الأحرف التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم هاهنا، وكيف تأويلها؟
والثاني: أن يقال: ما وجه إنزال القرآن على هذه السبعة أحرف وما المراد بذلك؟
والثالث: أن يقال: في أيّ شيء يكون اختلاف هذه السبعة أحرف؟
والرابع: أن يقال: على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف؟
والخامس: أن يقال: هل هذه السبعة أحرف كلها متفرّقة في القرآن موجودة فيه في ختمة واحدة، حتى إذا قرأ القارئ القرآن بأيّ حرف من حروف أئمة القراءة بالأمصار المجتمع على إمامتهم، أو بأيّ رواية من رواياتهم فقد قرأ بها كلها، أم ليست كلها متفرقة وموجودة في ختمة واحدة بل بعضها، حتى إذا قرأ القارئ القرآن بقراءة من القراءات أو برواية من الروايات فقد قرأ ببعضها لا بكلها؟ وأنا مبيّن ذلك كله ومجيب عنه وجها وجها إن شاء الله تعالى.
__________
وعن حذيفة، رضي الله عنه، عند أحمد في المسند 5/ 391، والبزار والطبراني وفيه عاصم ابن بهدلة، وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر. مجمع الزوائد 7/ 150.
- وعن أبي سعيد رضي الله عنه، رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ميمون، أبو حمزة، وهو متروك. مجمع الزوائد 7/ 153.
- وعن سمرة، رضي الله عنه، في مسند أحمد 5/ 16 وعند البزار والطبراني في المعاجم الثلاثة، ورجال أحمد وأحد إسنادي الطبراني والبزار رجال الصحيح مجمع الزوائد 7/ 152.
وقال ابن كثير في فضائل القرآن عن إسناد أحمد: إسناد صحيح ولم يخرجوه. فضائل القرآن/ 19.
- وعن عمر بن دينار، مرسلا، عند الطبري في التفسير 1/ 45. قال أبو عبيد في فضائل القرآن/ 307: قد تواترت هذه الأحاديث كلها على الأحرف السبعة. اهـ. هذا، وقد تتبع ابن الجزري طرق هذا الحديث، فجمعها في جزء مفرد، وذكر أنه ورد كذلك من حديث عبد الرحمن بن عوف، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، وعمر بن أبي سلمة، وأبي طلحة الأنصاري، رضي الله عنهم. انظر النشر 1/ 21.

(1/104)


[معنى الأحرف السبعة]
47 - فأمّا معنى الأحرف التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم هاهنا فإنه يتوجّه إلى وجهين؛ أحدهما: أن يكون يعني بذكر أن القرآن أنزل على سبعة [أحرف سبعة] «1» أوجه من اللغات، لأن الأحرف جمع حرف في الجمع القليل مثل: فلس وأفلس ورأس وأرؤس «2»، والحرف قد يراد به الوجه بدليل قوله تعالى: ومن النّاس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأنّ به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه [الحج: 11] الآية.
فالمراد بالحرف هاهنا الوجه «3» الذي تقع عليه العبادة.
48 - يقول جلّ ثناؤه: ومن النّاس من يعبد الله [الحج: 11] على النعمة تصيبه، والخير يناله من تثمير المال، وعافية البدن، وإعطاء السؤال ويطمئن إلى ذلك ما دامت له هذه الأمور، واستقامت له هذه الأحوال، فإن تغيّرت حاله وامتحنه الله تعالى بالشدّة في عيشه، والضّرّ في بدنه، والفقر في ماله ترك عبادة ربّه وكفر به. فهذا عبد الله سبحانه وتعالى على وجه واحد ومذهب واحد، وذلك معنى الحرف.
49 - ولو عبده تبارك وتعالى على الشكر للنعمة، والصبر عند المصيبة، والرضى بالقضاء عند السّرّاء والضّرّاء، والشدة والرخاء، والفقر والغنى، والعافية والبلاء؛ إذ كان سبحانه أهلا أن يتعبّد على كل حال لم يكن عبده تعالى على حرف.
50 - فلهذا سمّى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأوجه المختلفة من القراءات والمتغايرة من اللغات أحرفا على معنى أن كل شيء منها وجه على حدته غير الوجه الآخر، كنحو قوله: ومن النّاس من يعبد الله على حرف [الحج: 11] أي: على وجه إن تغيّر عليه تغيّر عن عبادته وطاعته على ما بيّنّاه.
51 - والوجه الثاني من معنى الأحرف: أن يكون صلى الله عليه وسلم سمّى القراءات أحرفا على طريق السعة «4»، كنحو ما جرت عليه عادة العرب في تسميتهم الشيء باسم ما منه وما قاربه وجاوره، وكان كسبب منه وتعلق به ضربا من التعلّق وتسميتهم الجملة باسم
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) سقطت (وأرؤس) من م.
(3) تفسير القرطبي 12/ 17.
(4) في (ت، م): السبعة. وهو تحريف لا يستقيم به السياق.

(1/105)


البعض منها. فلذلك سمّى النبي صلى الله عليه وسلم القراءة حرفا وإن كان كلاما كثيرا من أجل أن منها حرفا قد غير نظمه أو كسر أو قلب إلى غيره أو أميل أو زيد أو نقص منه على ما جاء في المختلف فيه من القراءة، فلما كان ذلك نسب صلى الله عليه وسلم القراءة والكلمة التامّة إلى ذلك الحرف المغير المختلف اللفظ من القراءة، فسمّى القراءة إذا كان ذلك الحرف منها حرفا على عادة العرب في ذلك، واعتمادا على استعمالها نحو: «1» ألا ترى أنهم قد يسمّون القصيدة قافية إذ «2» كانت القافية منها «3» كما قالت «4»:
وقافية مثل حدّ السنان ... تبقى ويهلك من قالها
يعني وقصيدة، فسمّاها «5» قافية على طريق الاتساع.
52 - وكذا يسمّون الرسالة على نظامها والخطبة بكمالها والقصيدة كلها والقصة بأسرها كلمة إذا كانت الكلمة منها، فيقولون: قال قسّ «6» في كلمته كذا يعنون خطبته وقال زهير في كلمته كذا، يريدون قصيدته، وقال فلان في كلمته كذا أي: في رسالته.
53 - قال الله تبارك وتعالى: وتمّت كلمت ربّك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا [الأعراف: 137] فقال: إنما يعني بالكلمة هاهنا قوله في سورة القصص: ونريد أن نّمنّ على الّذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين (5) ونمكّن لهم فى الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم مّا كانوا يحذرون (5) [القصص:
5 - 6] فسمّى ما في الآيتين [من] «7» منّة على بني إسرائيل وجعلهم أئمة وورّاث الأرض، وتمكينه إيّاهم إلى غير ذلك مما تضمنتا، كلمة. «8»
__________
(1) كذا في (ت، م): ولعل هذه الكلمة مقحمة.
(2) في (ت، م):" إذا": وهو تحريف لا يستقيم به السياق.
(3) قال في لسان العرب 15/ 428: وتقع (أي الكلمة) على قصيدة بكمالها، وخطبة بأسرها.
(4) في (ت، م):" قال". وهو خطأ لا يستقيم به السياق، لأن القائل أنثى، وهي الخنساء. والبيت في ديوانها، المطبوع في دار صادر بيروت/ 122. لكن فيه (ويذهب) بدل (ويهلك). وهو في اللسان 20/ 58 مثل رواية المؤلف. ومطلع القصيدة:
ألا ما ل عينك أم ما لها ... لقد أخضل الدمع سربالها
(5) في ت، م: (قسماها). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(6) في ت، م: (قيس). وهو خطأ.
(7) زيادة يقتضيها السياق.
(8) انظر تفسير الطبري 9/ 30.

(1/106)


54 - وقال مجاهد «1» في قوله تعالى: وألزمهم كلمة التقوى [الفتح: 26] قال: لا إله إلّا الله، فسمّى هذه الجملة كلمة، إذ كانت الكلمة منها، فكذا «2» سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءات أحرفا إذ كانت الأحرف المختلف «3» فيها منها فخاطب صلى الله عليه وسلم من بالحضرة وسائر العرب في هذا الخبر من تسمية القراءة حرفا لما يستعملونه في لغتهم، وما جرت عليه عادتهم في منطقهم كما بيّنّاه، فدلّ «4» على صحّة ما قلناه «5».

[حكمة إنزال القرآن على سبعة أحرف]
55 - وأمّا وجه إنزال القرآن على هذه السبعة أحرف وما الذي أراد تبارك اسمه بذلك، فإنه إنما أنزل علينا توسعة من الله تعالى على عباده، ورحمة لهم، وتخفيفا عنهم عند سؤال النبي صلى الله عليه وسلم إيّاه لهم، ومراجعته له فيه لعلمه صلى الله عليه وسلم بما هم عليه من اختلاف اللغات، واستصعاب مفارقة كل فريق منهم الطبع والعادة في الكلام إلى غيره، فخفّف «6» تعالى عنهم وسهّل عليهم بأن أقرّهم على مألوف طبعهم وعادتهم في كلامهم.
56 - والدليل على ذلك الخبر الذي قدّمناه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن الله تعالى أمره أن يقرأ القرآن على حرف، فقال: ربّ خفّف عن أمّتي، فأمره أن يقرأ القرآن على سبعة أحرف» «7».
__________
(1) تفسير الطبري 26/ 67.
(2) في م: فلذا.
(3) في ت، م: المختلفة. وهي خطأ لا يستقيم به السياق.
(4) في م: ودل.
(5) قال ابن الجزري بعد أن لخص كلام الداني السابق: وكلا الوجهين محتمل، إلا أن الأول محتمل احتمالا قويا في قوله صلى الله عليه وسلم (سبعة أحرف) أي سبعة أوجه وأنحاء.
والثاني محتمل احتمالا قويا في قول عمر رضي الله عنه سمعت هشاما يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي على قراءات كثيرة. النشر 1/ 24. هذا وقد اختلف العلماء في المراد من الأحرف السبعة، اختلافا كثيرا. انظر تفصيل أقاويلهم في المرشد الوجيز لأبي شامة/ 91 وما بعدها، والإتقان للسيوطي 1/ 45.
(6) في ت، م: فيخفف. وهو غير مستقيم.
(7) انظر الفقرة/ 38، لكن المؤلف أورد الرواية مختصرة، ليس فيها سؤال التخفيف وستأتي الرواية مطولة في الفقرة/ 58، وفيها سؤال التخفيف عن الأمة.

(1/107)


57 - وكذا حديث حذيفة عنه حين لقي جبرائيل عليه السلام فقال له: «إني أرسلت إلى أمّة أمّيّة» إلى آخره، فقال: «إن القرآن أنزل على سبعة أحرف» «1».
58 - وكذا الحديث الذي رواه الحكم بن عتبة عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن أبيّ عنه أن جبرائيل أتاه بأضاة «2» بني غفار فقال: «إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقال: «أسأل الله المعافاة والرحمة إن ذلك ليشقّ على أمّتي ولا يستطيعونه»، ثم أتاه الثانية فقال: «إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرفين» فقال له مثل ما قال في الأولى حتى انتهى إلى سبعة أحرف. قال: «فمن قرأ بحرف منها فقد أصاب» «3». ويمكن أن تكون هذه الأوجه السّبعة من اللغات، فلذلك أنزل القرآن عليها.

[أوجه اختلاف الأحرف السبعة]
59 - وأمّا في أيّ شيء يكون اختلاف هذه السبعة أحرف؟ فإنه يكون في أوجه كثيرة منها:
60 - تغيّر اللفظ نفسه وتحويله ونقله إلى لفظ آخر كقولك: ملك يوم الدين [الفاتحة: 4] بغير «4» ألف، ومالك بألف، والسّراط بالسّين «5»، والصّراط بالصّاد، والزّراط بالزاي وبين الزاي والصاد، وما يخادعون بالألف «6» وما يخدعون [البقرة: 9] بغير ألف، وكيف ننشزها [البقرة: 259] بالزاي «7»،
__________
(1) تقدمت الرواية بإسنادها في الفقرة/ 41.
(2) الأضاة بوزن الحصاة: الغدير، وجمعها أضى وإضاء. النهاية 1/ 53.
(3) رواية الحكم عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن أبي، التي قدمها المؤلف في الفقرة/ 38 ليس فيها هذه القصة.
- وهذه الرواية أخرجها مسلم في صحيحه في صلاة المسافرين باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف.
- ونسب الرواية في كنز العمال (2/ 604) إلى الطبراني في الكبير، والدارقطني في الأفراد.
(4) انظر الاختلاف في قراءتها في النشر لابن الجزري 1/ 271، والسبعة لابن مجاهد/ 104.
(5) انظر الاختلاف في قراءتها في النشر 1/ 271، والسبعة/ 105.
(6) انظر الاختلاف فيها في النشر 2/ 207، السبعة/ 141.
(7) انظرها في النشر 2/ 231، السبعة/ 189.

(1/108)


وننشرها بالراء، ويقتلون الّذين يأمرون [آل عمران: 21] بالألف «1»، ويقتلون بغير ألف، وبظنين [التكوير: 24] بالظاء «2»، وبضنين، بالضاد وما أشبه ذلك.
61 - ومنها الإثبات والحذف كقوله تعالى: وقالوا «3» اتّخذ الله ولدا [البقرة:
116]، وسارعوا «4» إلى مغفرة [آل عمران: 133] والّذين «5» اتّخذوا مسجدا [التوبة:
107] بالواو وبغير واو وبالزّبر وبالكتاب في آل عمران «6» [184] بالباء وبغير باء، وما عملته «7» أيديهم [يس: 35] بالهاء وبغير هاء، وفبما «8» كسبت أيديكم
[الشورى: 30] بالفاء وبغير فاء، وما تشتهيه «9» الأنفس [الزخرف: 71] بهاء بعد الياء وبغير هاء، وتجرى من تحتها الأنهار بعد المائة في التوبة «10» بمن وبغير من [التوبة: 100]، وفإنّ الله هو الغنىّ [24] في الحديد «11» بهو وبغير هو، وكذا الدّاع «12» إذا دعان [البقرة: 186]، والكبير «13» المتعال [الرعد: 9]، ويوم «14» يأت [هود: 105]، وما كنّا «15» نبغ [الكهف: 64]، وإذا يسر «16» [الفجر: 4] وما أشبهه، بياء وبغير ياء.
__________
(1) انظرها في النشر 2/ 238، السبعة/ 203.
(2) انظرها في النشر 2/ 398، السبعة/ 673.
(3) انظرها في النشر 2/ 220، السبعة/ 169.
(4) انظرها في النشر 2/ 242، السبعة/ 216.
(5) انظرها في النشر 2/ 281، السبعة/ 318.
(6) انظرها في النشر 2/ 245، السبعة/ 221.
(7) انظرها في النشر 2/ 353، السبعة/ 540.
(8) انظرها في النشر 2/ 367، السبعة/ 581.
(9) انظرها في النشر 2/ 370، السبعة/ 588.
(10) انظرها في النشر 2/ 280، السبعة/ 317. وقوله بعد المائة، الأولى عند، كما عبر ابن مجاهد في السبعة.
(11) انظرها في النشر 2/ 384، السبعة/ 627.
(12) انظرها في النشر 2/ 183، السبعة/ 197.
(13) انظرها في النشر 2/ 192، السبعة/ 358.
(14) انظرها في النشر 2/ 182، السبعة/ 338.
(15) انظرها في النشر 2/ 182، السبعة/ 403.
(16) انظرها في النشر 2/ 182، السبعة/ 683.

(1/109)


62 - ومنها تبديل الأدوات كقوله: وتوكّل على العزيز الرّحيم في الشعراء [217] «1» بالفاء، وتوكّل بالواو، فلا يخاف عقباها «2» [الشمس: 15] بالفاء ولا يخاف بالواو، وأن يظهر «3» في الأرض [غافر: 26] بالواو وأو أن يظهر بأو قبل أن.
63 - ومنها التوحيد والجمع كقوله: الرّيح «4» والرّيح [البقرة: 164] وفما بلّغت رسالته «5» [المائدة: 67] وو رسالاته، وآيات لّلسّائلين «6» [يوسف: 7] وآيات وغيابت وغيابات «7» [يوسف: 10]، وو سيعلم «8» الكفّار [الرعد:
42] والكفّار، وكطىّ السّجل «9» للكتب [الأنبياء: 104] والكتب، والمضغة «10» عظما [المؤمنون: 14] وعظما، وإلى ءاثر رحمت «11» الله [الروم: 50] وإلى ءاثر وما أشبه ذلك.
64 - ومنها التذكير والتأنيث كقوله: ولا يقبل «12» منها شفعة [البقرة: 48] بالياء والتاء، وفنادته «13» الملئكة [آل عمران: 39] وفنادته الملئكة، واستهوته «14» الشّيطين [الأنعام: 71] واستهوته، وتوفّته «15» رسلنا [الأنعام: 61] وتوفّته،
__________
(1) انظرها في النشر 2/ 336، السبعة/ 473.
(2) انظرها في النشر 2/ 401، السبعة/ 689.
(3) انظرها في النشر 2/ 365، السبعة/ 569.
(4) اختلف القراء العشرة في خمسة عشر موضعا. انظر تفصيلها في النشر 2/ 223 واختلف القراء السبعة في اثني عشر موضعا منها. انظر تفصيلها في السبعة/ 172.
(5) انظرها في النشر 2/ 255، السبعة/ 246.
(6) انظرها في النشر 2/ 293، السبعة/ 344.
(7) انظرها في النشر 2/ 293، السبعة/ 345.
(8) انظرها في النشر 2/ 298، السبعة/ 359.
(9) انظرها في النشر 2/ 325، السبعة/ 431.
(10) انظرها في النشر 2/ 328، السبعة/ 431.
(11) انظرها في النشر 2/ 345، السبعة/ 508.
(12) انظرها في النشر 2/ 212، السبعة/ 155.
(13) انظرها في النشر 2/ 239، السبعة/ 205.
(14) انظرها في النشر 2/ 239، السبعة/ 260.
(15) انظرها في النشر 2/ 258، السبعة/ 259.

(1/110)


ويغشى «1» طائفة [آل عمران: 154] بالياء والتاء، وكذا ولتستبين «2» سبيل المجرمين [الأنعام: 55]، وإلّا أن «3» تأتيهم الملئكة [الأنعام: 158] وتعرج «4» الملئكة [المعارج: 4] بالياء والتاء، وما أشبه ذلك.
65 - ومنها الاستفهام والخبر كقوله: أعجمىّ «5» [فصلت: 44]، وأذهبتم «6» [الأحقاف: 20]، وأن كان «7» [القلم: 14] بالاستفهام، وأعجمىّ وأذهبتم وأن كان بالخبر، وكذلك أئنّكم «8» [الأنعام: 19] وأئنّ لنا «9» [الشعراء: 41] وأءنّك «10» [يوسف: 90] وأءذا متنا «11» [المؤمنون: 82] وأئنّا لمخرجون «12» [النمل: 67] بالاستفهام، وإنّكم [وإنك] «13» وإنّ لنا وإذا متنا وإنّا بهمزة مكسورة على الخبر، وكذلك ما أشبهه.
66 - ومنها التشديد والتخفيف كقوله: بما كانوا يكذبون [التوبة: 77] بتشديد «14» الذال وتخفيفها، وو لكنّ الشّيطين «15» [البقرة: 102]، ولكنّ البرّ «16»
__________
(1) انظرها في النشر 2/ 242، السبعة/ 259.
(2) انظرها في النشر 2/ 258، السبعة/ 258.
(3) انظرها في النشر 2/ 266، السبعة/ 273.
(4) انظرها في النشر 2/ 390، السبعة/ 650.
(5) انظرها في النشر 2/ 366، السبعة/ 576.
(6) انظرها في النشر 2/ 366، السبعة/ 598.
(7) انظرها في النشر 2/ 371، السبعة/ 646.
(8) انظرها في النشر 2/ 371، والسبعة/ 285.
(9) انظرها في النشر 2/ 371، السبعة/ 289.
(10) انظرها في النشر 1/ 372، السبعة/ 351.
(11) انظرها في النشر 1/ 373، والسبعة/ 285.
(12) انظرها في النشر 1/ 372، السبعة/ 286.
(13) زيادة يقتضيها السياق.
(14) أي وتخفيف الذال مع فتح الياء وإسكان الكاف. انظرها في النشر 2/ 207، السبعة/ 143.
(15) انظرها في النشر 2/ 219، السبعة/ 167.
(16) انظرها في النشر 2/ 219، السبعة/ 168.

(1/111)


[البقرة: 177] بتشديد النون وتخفيفها، وتظهرون «1» [البقرة: 85] وتظهرون «2» وتذكّرون «3» [الأنعام: 152] وو خرقوا له «4» [الأنعام: 100] وإنّ كلّا لّمّا «5» [هود: 111] وفقدر عليه «6» [الفجر: 16] وجمع مالا «7» [الهمزة: 2] وشبهه بتشديد الظاء [والذال] «8» والراء والميم [والدال] وتخفيفهنّ.
67 - ومنها الخطاب والإخبار كقوله «9»: وما الله بغفل عمّا تعملون [آل عمران: 99]، وأفلا تعقلون «10» [البقرة: 44]، وو لكن لّا تعلمون «11» [الأعراف:
38] ولا تظلمون «12» [البقرة: 279]، وأم تقولون «13» [البقرة: 80] وستغلبون وتحشرون «14» [آل عمران: 12]، ولو يرى الّذين ظلموا «15» [البقرة: 165] ويرونهم مّثليهم «16» [آل عمران: 13]، ولّتنذر أمّ القرى «17» [الشورى: 7]، وأفبنعمة الله
__________
(1) انظرها في النشر 2/ 218، السبعة/ 163.
(2) انظرها في النشر 2/ 218، السبعة/ 163. والكلمة الأولى اختلف القراء فيها على قراءتين، والثانية على أربع قراءات، وبذلك افترقتا وفي هامش النسخة ت: تظاهرون مكرر ناسخه.
قال عبد المهيمن: ليست مكررة.
(3) انظرها في النشر 2/ 266، السبعة/ 272.
(4) انظرها في النشر 2/ 261، السبعة/ 264.
(5) انظرها في النشر 2/ 291، السبعة/ 339.
(6) انظرها في النشر 2/ 400، ونسخة السبعة المطبوعة ليس فيها في سورة الفجر هذا الحرف.
(7) انظرها في النشر 2/ 403، السبعة/ 697.
(8) زيادة يقتضيها السياق.
(9) انظرها في النشر 2/ 217، السبعة/ 160.
(10) انظرها في النشر 2/ 257، السبعة/ 256.
(11) انظرها في النشر 2/ 269، السبعة/ 280.
(12) انظرها في النشر 2/ 250، السبعة/ 235.
(13) انظرها في النشر 2/ 223، السبعة/ 171.
(14) انظرها في النشر 2/ 238، السبعة/ 201.
(15) انظرها في النشر 2/ 224، السبعة/ 173.
(16) انظرها في النشر 2/ 238، السبعة/ 201.
(17) انظرها في النشر 2/ 260، السبعة/ 263.

(1/112)


يجحدون «1» [النحل: 71]، وما أشبه ذلك بالتاء على الخطاب، وبالياء على الإخبار.
68 - ومنها الإخبار عن النفس والإخبار عن غير النفس كقوله: نتبوّأ «2» من الجنة حيث نشاء [الزمر: 74] بالنون ويشاء بالياء، ويجعل الرّجس «3» [يونس: 100] بالنون والياء، ينبت لكم «4» [النحل: 11] بالنون والياء، ولتحصنكم «5» [الأنبياء: 80] بالنون، الله تعالى يخبر عن نفسه، وبالياء إخبارا عن اللبوس وما أشبه ذلك.
69 - ومنها التقديم والتأخير كقوله: وقتلوا وقاتلوا «6»، وقتلوا وقتلوا [آل عمران: 195]، فيقتلون ويقتلون «7»، وفيقتلون ويقتلون [التوبة: 111]، وكذلك زيّن لكثير مّن المشركين قتل أولدهم شركاؤهم «8» [الأنعام: 137] وقتل أولدهم شركاؤهم وما أشبه ذلك.
70 - ومنها النفي والنهي كقوله: ولا تسئل عن أصحب الجحيم «9» [البقرة:
119] بالجزم على النهي، ولا تسئل بالرفع على النفي ولا يشرك فى حكمه أحدا «10» [4] بالتاء والجزم على النهي، وو لا يشرك [الكهف: 26] بالياء والرفع على النفي، ولّا تخف دركا «11» [طه: 77] فلا يخاف ظلما «12» [طه: 112] بالجزم على النهي، وتخف «13» بالرفع وإثبات الألف على النفي وما أشبه ذلك.
__________
(1) انظرها في النشر 2/ 304، السبعة/ 374.
(2) انظرها في النشر 2/ 295، السبعة/ 349.
(3) انظرها في النشر 2/ 287، السبعة/ 330.
(4) انظرها في النشر 2/ 302، السبعة/ 370.
(5) انظرها في النشر 2/ 324، السبعة/ 430.
(6) انظرها في النشر 2/ 246، السبعة/ 221، 319.
(7) انظرها في النشر 2/ 246، السبعة/ 270.
(8) انظرها في النشر 2/ 246، السبعة/ 270.
(9) انظرها في النشر 2/ 221، السبعة/ 169.
(10) انظرها في النشر 2/ 310، السبعة/ 390.
(11) انظرها في النشر 2/ 321، السبعة/ 421.
(12) انظرها في النشر 2/ 322، السبعة/ 424.
(13) زيادة يقتضيها السياق.

(1/113)


71 - ومنها الأمر والإخبار كقوله «1»: واتّخذوا من مّقام إبراهيم [البقرة: 125] بكسر الخاء على الأمر، واتّخذوا بفتح الخاء على الإخبار، وقل سبحان ربّى «2» [الإسراء: 93] وقال ربّى يعلم «3» [الأنبياء: 4]، وقل ربّ احكم «4» [الأنبياء: 112]، وقل إنّما أدعوا ربّى «5» [الجن: 20] على الأمر، وقال على الخبر، وكذلك ما أشبهه.
72 - ومنها تغيير الإعراب وحده كقوله: وصيّة لّأزوجهم «6» [البقرة: 240] بالنصب والرفع، وتجرة حاضرة «7» [البقرة: 282] بالنصب والرفع، وأرجلكم إلى الكعبين «8» [المائدة: 6] بالنصب والجرّ، والكفّار أولياء «9» [المائدة: 57] بالنصب والجرّ، وحور عين «10» [الواقعة: 22] بالرفع والجرّ، وخضر وإستبرق «11» [الإنسان: 21] بالرفع والجرّ، فيغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء «12» [البقرة: 284] بالرفع والجزم، وتلقف ما صنعوا «13» [طه: 69] بالرفع والجزم، وو الله ربّنا «14» [الأنعام: 23] بالجرّ والنصب، وذو العرش المجيد «15» [البروج: 15] وفى لوح مّحفوظ «16» [البروج: 22] بالرفع والجرّ، وما أشبه ذلك.
__________
(1) انظرها في النشر 2/ 222، السبعة/ 170.
(2) انظرها في النشر 2/ 309، السبعة/ 385.
(3) انظرها في النشر 2/ 323، السبعة/ 428.
(4) انظرها في النشر 2/ 325، السبعة/ 431.
(5) انظرها في النشر 2/ 392، السبعة/ 675.
(6) انظرها في النشر 2/ 228، السبعة/ 184.
(7) انظرها في النشر 2/ 237، السبعة/ 184.
(8) انظرها في النشر 2/ 254، السبعة/ 242.
(9) انظرها في النشر 2/ 255، السبعة/ 245.
(10) انظرها في النشر 2/ 383، السبعة/ 622.
(11) انظرها في النشر 2/ 396، السبعة/ 664.
(12) انظرها في النشر 2/ 237، السبعة/ 195.
(13) انظرها في النشر 2/ 321، السبعة/ 420.
(14) انظرها في النشر 2/ 257، السبعة/ 255.
(15) انظرها في النشر 2/ 399، السبعة/ 678.
(16) انظرها في النشر 2/ 399، السبعة/ 678.

(1/114)


73 - ومنها تغيّر الحركات اللوازم كقوله: ولا تحسبنّ «1» [آل عمران: 169] بكسر السين وفتحها، وو من يقنط «2» [الحجر: 56] ويقنطون «3» [الروم: 36]، بكسر النون وفتحها، ويعرشون «4» [النحل: 18] ويعكفون «5» [الأعراف: 138] بكسر الراء والكاف، وبضمّها، الولية «6» [الكهف: 44] بكسر الواو وفتحها، وما أشبه ذلك.
74 - ومنها التحريك والتسكين كقوله: خطوت الشيطن «7» [البقرة: 168] بضم الطاء وبإسكانها، وعلى الموسع قدره وعلى المقتر قدره «8» [البقرة: 236] بفتح الدال وإسكانها، وفى الدّرك «9» [النساء: 145] بإسكان الراء وبفتحها، وكذلك ومن المعز «10» [الأنعام: 143]، ويوم ظعنكم «11» [النحل: 80] وظعنكم بفتح العين وإسكانها، وكذلك إنّى أعلم «12» [البقرة: 30] وأنّى أعلم ومنّى إلّا «13» ومنّى إلّا [البقرة: 249] وو ليؤمنوا بى «14» وبى، ووجهى لله «15» [آل عمران: 20] بفتح الياء وإسكانها، وكذلك وهو «16» وفهو ولهى وفهى بإسكان الهاء
__________
(1) انظرها في النشر 2/ 236، السبعة/ 191.
(2) انظرها في النشر 2/ 302، السبعة/ 367.
(3) انظرها في النشر 2/ 302، السبعة/ 367.
(4) انظرها في النشر 2/ 271، السبعة/ 292.
(5) انظرها في النشر 2/ 271، السبعة/ 138.
(6) انظرها في النشر 2/ 277، السبعة/ 392.
(7) انظرها في النشر 2/ 215، السبعة/ 174.
(8) انظرها في النشر 2/ 228، السبعة/ 184.
(9) انظرها في النشر 2/ 253، السبعة/ 239.
(10) انظرها في النشر 2/ 266، السبعة/ 271.
(11) انظرها في النشر 2/ 304، السبعة/ 375.
(12) انظرها في النشر 2/ 163، السبعة/ 196.
(13) انظرها في النشر 2/ 163، السبعة/ 196.
(14) انظرها في النشر 2/ 171، السبعة/ 196.
(15) انظرها في النشر 2/ 171، السبعة/ 222.
(16) انظر أحكام هذه الحروف في النشر 2/ 209، السبعة/ 151.

(1/115)


وتحريكها، وكذلك ثمّ ليقطع «1» [الحج: 15] وثمّ ليقضوا «2» [الحج: 29] وليوفوا «3» [الحج: 29] وليطّوّفوا [الحج: 29] وليتمتّعوا «4» [العنكبوت: 66] بإسكان اللام وبكسرها، وكذلك ما أشبهه.
75 - ومنها الإتباع وتركه كقوله: فمن اضطرّ [البقرة: 173]، وأن اعبدوا الله [المؤمنون: 32]، ولقد استهزئ [الأنعام: 10]، وقالت اخرج «5» [يوسف: 31] وشبهه بضم النون والدال والتاء لالتقاء الساكنين اتباعا لضمّ ما بعدهنّ، وكسرهنّ للسّاكنين أيضا من غير إتباع.
76 - ومنها الصّرف وتركه كقوله: وعادا وثمودا «6» [العنكبوت: 38] وألا بعدا لّثمود «7» [هود: 68] بالتنوين وتركه، وكذلك سبإ «8» [النمل: 22] وسبإ وسلاسلا «9» [الإنسان: 4] وسلاسل وقواريرا «10» [13] وقوارير، وما أشبه ذلك.
77 - ومنها اختلاف اللغات كقوله: وجبريل «11» بكسر الجيم من غير همز، وبفتحها كذلك، وجبرئيل بفتح الجيم والراء مع الهمز من غير مدّ وبالهمز والمدّ، وو ميكال «12» بغير همز وميكائيل بالهمز من غير ياء، وبالهمز وبالياء، وإبرهم «13» بالياء وإبراهام بالألف، وأرجئه «14» [الأعراف: 111] بالهمز
__________
(1) انظرها في النشر 2/ 326، السبعة/ 434.
(2) نفس المصدرين السابقين.
(3) نفس المصدرين السابقين.
(4) انظرها في النشر 2/ 344، السبعة/ 502.
(5) انظر جميع ذلك في النشر 2/ 225، السبعة/ 174.
(6) انظرها في النشر 2/ 289، السبعة/ 337.
(7) انظرها في النشر 2/ 289، السبعة/ 337.
(8) انظرها في النشر 2/ 337، السبعة/ 480.
(9) انظرها في النشر 2/ 395، السبعة/ 663.
(10) انظرها في النشر 2/ 395، السبعة/ 663.
(11) البقرة، الآية/ 98، انظرها في النشر 2/ 219، السبعة/ 166.
(12) انظرها في النشر 2/ 219، السبعة/ 166.
(13) انظرها في النشر 2/ 221، السبعة/ 169.
(14) انظرها في النشر 1/ 221، السبعة/ 169.

(1/116)


وأرجه بغير همز، وكذلك مرجون «1» [التوبة: 106] ومرجئون «2» وترجى [الأحزاب: 51] وترجىء ويضهؤن «3» [التوبة: 30] ويضاهون ويأجوج ومأجوج «4» [الكهف: 94] ويأجوج ومأجوج والتّناوش «5» [سبأ: 52] والتناؤش ومّؤصدة «6» وموصدة [البلد: 20] بالهمز وبغير همز وكذلك مما أشبهه.
78 - ومنها التصرّف في اللغات نحو الإظهار والإدغام والمدّ والقصر والفتح والإمالة وبين بين «7» والهمز وتخفيفه بالحذف، والبدل [وبين بين] «8»، والإسكان والرّوم «9» والإشمام عند الوقف على أواخر الكلم، والسكوت على الساكن قبل الهمز، وما أشبه ذلك «10».
79 - وقد ورد التوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الضرب من الاختلاف، وأذن فيه لأمته في الأخبار المتقدمة.
وفيما حدّثناه علي بن محمد الربيعي، قال [نا] «11» عبد الله بن مسرور، قال: حدّثنا يوسف بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الملك بن حبيب، قال: ثني طلق بن السّمح وأسد بن موسى ح.
80 - وحدّثنا عبد الرحمن بن عثمان، قال: حدّثنا أحمد بن ثابت التّغلبيّ، قال:
حدّثنا سعيد بن عثمان قال: حدّثنا نصر بن مرزوق، قال: حدّثنا علي بن معبد ح.
__________
(1) انظرها في النشر 1/ 406، السبعة/ 287.
(2) انظرها في النشر 1/ 406، السبعة/ 314.
(3) انظرها في النشر 1/ 406، السبعة/ 314.
(4) انظرها في النشر 1/ 395، السبعة/ 399.
(5) انظرها في النشر 2/ 351، السبعة/ 530.
(6) انظرها في النشر 1/ 393، السبعة/ 686.
(7) أي بين الفتح والإمالة.
(8) أي بين الهمز والحرف المشاكل لحركة الهمزة.
(9) سيأتي تعريف الرّوم والإشمام عند المؤلف في باب ذكر مذاهبهم في الوقف على الحركات اللائي في أواخر الكلم ومعنى الرّوم والإشمام.
(10) انظر الأمثلة في الأبواب الخاصة بهذه الأبحاث.
(11) زيادة يقتضيها السياق.

(1/117)


81 - وحدّثنا خلف بن إبراهيم، قال: حدّثنا أحمد بن محمد المكي، قال: حدّثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدّثنا القاسم بن سلام، قال: ثني نعيم بن حمّاد واللفظ له، قالوا: حدّثنا بقية بن الوليد عن حصين بن مالك قال: سمعت شيخا يكنى أبا محمد يحدّث عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها» «1». قال أبو عمرو: لحونها وأصواتها مذاهبها وطباعها.
__________
(1) علي بن محمد لم أجده (ذكره حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون 1/ 127) المدقق.
- يوسف بن يحيى بن يوسف، أبو عمر، المغامي، آخر من بقي من رواة عبد الملك بن حبيب، ثقة، وهو يومئذ إمام شيخ، توفي سنة ثمان وثمانين ومائتين. الديباج المذهب 2/ 365، تاريخ علماء الأندلس/ 201.
- عبد الملك بن حبيب، الأندلسي، أبو مروان، فقيه مشهور، صدوق، ضعيف الحفظ، كثير الغلط. مات سنة تسع وثلاثين ومائتين. التقريب 1/ 518، الديباج المذهب 2/ 8.
- طلق بن السمح، بفتح السين وسكون الميم، المصري، مقبول، مات سنة إحدى عشرة ومائتين، التقريب 1/ 380، تهذيب الكمال 1/ 632.
- أسد بن موسى بن إبراهيم، الأموي، يعرف بأسد السنة، صدوق، يغرب. مات سنة اثنتي عشرة ومائتين، التقريب 1/ 3، تهذيب الكمال 1/ 91.
- عبد الرحمن بن عثمان بن عفان القشيري، أبو المطرف، كان صالحا ثقة فيما رواه. توفي سنة خمس أو ست وتسعين وثلاثمائة. الصلة 1/ 305.
أحمد بن ثابت بن أحمد بن الزبير، من أهل قرطبة، يكنى أبا عمر، كان شيخا صالحا ثقة فيما روى. مات سنة ستين وثلاث مائة، تاريخ علماء الأندلس/ 45.
- سعيد بن عثمان بن سليمان بن محمد، القرطبي، أبو عثمان كان عالما بالحديث بصيرا بعلله، توفي سنة خمس وثلاثمائة. الديباج المذهب 1/ 390، جذوة المقتبس/ 230، تاريخ علماء الأندلس/ 164.
- نصر بن مرزوق المصيري، أبو الفتح، قال ابن أبي حاتم: كتبنا عنه وهو صدوق، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8/ 472.
- علي بن معبد بن شداد، الرقي، نزيل مصر، ثقة، فقيه، مات سنة ثمان عشرة ومائتين، التقريب 2/ 44. تهذيب الكمال 2/ 991.
- نعيم بن حماد بن معاوية، أبو عبد الله، المروزي، نزيل مصر، صدوق، يخطئ كثيرا، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين. التقريب 2/ 305، تهذيب الكمال 3/ 1419.

(1/118)


[أصل اختلاف القراءات]
82 - ووجه هذا الاختلاف في القرآن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل عليه الصلاة والسلام في كل عام عرضة، فلما كان في العام الذي توفي فيه عرض عليه عرضتين «1»، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يأخذ عليه في كل عرضة بوجه وقراءة من هذه الأوجه والقراءات المختلفة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «إن القرآن أنزل عليها وإنها كلها شاف كاف» «2» وأباح لأمّته القراءة بما شاءت منها مع الإيمان بجميعها والإقرار بكلها؛ إذ كانت كلّها من عند الله تعالى منزلة، ومنه صلى الله عليه وسلم مأخوذة.
83 - ولم يلزم أمتّه حفظها كلّها ولا القراءة بأجمعها بل هي مخيّرة في القراءة بأيّ حرف شاءت منها كتخييرها إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة بأن تكفّر بأيّ الكفّارات شاءت، إما بعتق وإما بإطعام وإما بكسوة، وكذلك المأمور في الفدية بالصيام أو الصدقة أو النسك أيّ ذلك فعل فقد أدّى ما عليه وسقط عنه فرض غيره، فكذا أمروا بحفظ القرآن وتلاوته، ثم خيّروا في قراءته بأيّ الأحرف السبعة شاءوا؛ إذ كان معلوما أنهم لم يلزموا استيعاب جميعها دون أن يقتصروا منها على حرف واحد،
__________
بقية بن الوليد بن صائد، الكلاعي، أبو يحمد- بضم الياء وكسر الميم- صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، مات سنة سبع وتسعين ومائة. التقريب 1/ 105، تهذيب الكمال 1/ 155.
- حصين بن مالك الغزاوي عن رجل عن حذيفة اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، تفرد عنه بقية، ليس بمعتمد، والخبر منكر. ميزان الاعتدال 1/ 553، المغني في الضعفاء 1/ 178، لسان الميزان 2/ 319.
والحديث أخرجه الطبراني في الأوسط، والبيهقي في شعب الإيمان، كما في الجامع الصغير للسيوطي.
وذكره التبريزي في مشكاة المصابيح (1/ 675) وقال: رواه البيهقي في شعب الإيمان ورزين في كتابه.
وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن برقم/ 232 من طريق نعيم بن حماد به مثله.
(1) حديث معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم القرآن. أخرجه البخاري في صحيحه في فضائل القرآن باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم في صحيحه في كتاب الفضائل باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير من الريح المرسلة.
(2) انظر الفقرة/ 42، 43.

(1/119)


بل قيل لهم: أيّ ذلك قرأتم أصبتم «1» فدلّ على صحة ما قلنا.

[اختلاف المعاني تبعا لاختلاف الألفاظ في الأحرف السبعة]
84 - وأمّا على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف، فإنه يشتمل على ثلاثة معان يحيط بها كلها: أحدها: اختلاف اللفظ والمعنى واحد، والثاني: اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لعدم تضادّ اجتماعهما فيه. والثالث:
اختلاف اللفظ والمعنى مع امتناع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه، ونحن نبيّن ذلك إن شاء الله.
85 - فأما اختلاف اللفظ والمعنى واحد فنحو قوله: السّراط [الفاتحة: 6] بالسين، والصّراط بالصاد، والزراط بالزاي وعليهم «2» [الفاتحة: 7] وإليهم [آل عمران: 77] ولديهم [آل عمران: 44] بضم الهاء مع إسكان الميم، وبكسر الهاء مع ضمّ الميم وإسكانها، وفيه هدى [البقرة: 2] وعليه كنز [هود: 12] ومنه ءايت [آل عمران: 7] وعنه ماله [المسد: 2] بصلة الهاء وبغير صلتها «3»، ويؤدّه إليك [آل عمران: 75] ونؤته منها [آل عمران: 145] وفألقه إليهم «4» [النمل: 28] بإسكان الهاء وبكسرها مع صلتها واختلاسها «5». وأكلها [البقرة: 265] وفى الأكل «6» [الرعد: 4] بإسكان الكاف وبضمّها وإلى ميسرة «7» [البقرة: 280] بضم السين وبفتحها، ويعرشون «8» [النحل: 68] بكسر الراء وبضمها، وكذلك ما أشبهه ونحو ذلك البيان والإدغام والمدّ والقصر والفتح والإمالة وتحقيق الهمز وتخفيفه وشبهه «9» مما يطلق عليه أنه لغات فقط.
__________
(1) انظر الفقرة/ 40.
(2) انظر النشر 1/ 272، السبعة/ 108.
(3) انظر تفصيل خلاف القراء في صلة هاء الكناية، وعدم صلتها، في النشر 1/ 304، السبعة/ 130. وسيأتي عند المؤلف باب خاص بهذا البحث.
(4) انظر أحكام هذه الحروف في النشر 1/ 305، السبعة/ 207.
(5) المراد بالاختلاس هنا، كسر الهاء دون صلة، انظر البدور الزاهرة للقاضي/ 66.
(6) انظر أحكام هذين الحرفين في النشر 2/ 216، السبعة/ 190.
(7) انظرها في النشر 2/ 236، السبعة/ 192.
(8) تقدم هذا الحرف في الفقرة/ 73.
(9) انظر أمثلة ذلك في الأبواب الخاصة بهذه الأبحاث.

(1/120)


86 - وأما اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز اجتماع القراءتين في شيء واحد من أجل عدم تضادّ اجتماعهما فيه، فنحو قوله تعالى: ملك يوم الدين [الفاتحة: 4] بألف، وملك بغير ألف؛ لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو الله سبحانه وتعالى، وذلك أنه تعالى مالك يوم الدين. وملكه، فقد اجتمع له الوصفان جميعا، فأخبر الله تعالى بذلك في القراءتين «1».
87 - وكذا: بما كانوا يكذبون «2» [البقرة: 10] بتخفيف الذال وبتشديدها؛ لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هم المنافقون، وذلك أنهم كانوا يكذبون في أخبارهم ويكذّبون النبيّ صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند الله تعالى، فالأمران جميعا مجتمعان لهم، فأخبر الله تعالى بذلك عنهم، وأعلمنا أنه معذّبهم بهما «3».
88 - وكذا قوله تعالى: كيف ننشزها «4» [البقرة: 259] بالراء وبالزاي؛ لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هي العظام، وذلك أن الله تعالى أنشرها أي: أحياها وأنشزها أي: رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت، فأخبر سبحانه أنه جمع لها هذين الأمرين من إحيائها بعد الممات، ورفع بعضها إلى بعض لتلتئم، فضمّن تعالى المعنيين في القراءتين تنبيها على عظيم قدرته «5».
89 - وكذا قوله تعالى: واتّخذوا من مّقام إبرهم مصلى «6» [البقرة: 125] بكسر الخاء على الأمر وبفتحها على الخبر؛ لأن المراد بالقراءتين جميعا هم المسلمون، وذلك أن الله تعالى أمرهم باتخاذهم مقام إبراهيم مصلى، فلما امتثلوا ذلك وفعلوه أخبر به عنهم فجاءت القراءة بالأمرين جميعا للدلالة على اجتماعهما لهم، فهما صحيحان غير
متضادّين ولا متنافيين «7».
__________
(1) انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب 1/ 25، وحجة القراءات لابن زنجلة الفقيه/ 77.
(2) تقدم هذا الحرف في الفقرة/ 66.
(3) انظر الكشف لمكي 1/ 227 وحجة القراءات لابن زنجلة/ 88.
(4) تقدم هذا الحرف في الفقرة/ 60.
(5) انظر الكشف لمكي 1/ 310، حجة القراءات/ 144.
(6) تقدم هذا الحرف في الفقرة/ 71.
(7) انظر الكشف 1/ 263.

(1/121)


90 - وكذا قوله: وما هو على الغيب بضنين «1» [التكوير: 24] بالظاء وبضنين وبالضاد؛ لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه كان غير ظنين على الغيب، أي: غير متّهم فيما أخبر به عن الله تعالى، وغير ضنين به، أي: غير بخيل بتعليم ما علمه الله وأنزله إليه، فقد انتفى عنه الأمران جميعا، فأخبر الله تعالى عنه بهما في القراءتين «2»، وكذا ما أشبهه.
91 - وأما اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع امتناع جواز اجتماعهما «3» في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه، فكقراءة من قرأ: وظنّوا أنّهم قد كذبوا «4» [يوسف: 110] بالتشديد؛ لأن المعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذّبوهم، وقراءة من قرأ قد كذبوا بالتخفيف؛ لأن المعنى: وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذّبوهم فيما أخبروهم به من أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل العذاب بهم، فالظن في القراءة الأولى يقين والضمير الأول [للرسل، والثاني] «5» للمرسل إليهم، والظن في القراءة الثانية شك، والضمير الأول للمرسل إليهم والثاني للرسل «6».
92 - وكذا قراءة من قرأ لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلّا ربّ السّموت والأرض بصائر «7» [الإسراء: 102] بضم التاء، وذلك أنه أسند هذا العلم إلى موسى عليه السلام حديثا منه لفرعون حيث قال: إنّ رسولكم الّذى أرسل إليكم لمجنون [الشعراء:
27]، فقال له موسى عليه السلام عند ذلك: لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلّا ربّ السّموت والأرض بصائر [الإسراء: 102] فأخبر عليه السلام عن نفسه بالعلم بذلك [أي] «8» ليس بمجنون، وقراءة من قرأ لقد علمت بفتح التاء، وذلك أنه أسند هذا العلم إلى فرعون مخاطبة من موسى له بذلك على وجه التقريع والتوبيخ له على شدّة
__________
(1) تقدم هذا الحرف في الفقرة/ 60.
(2) انظر الكشف 2/ 364، وحجة القراءات/ 752.
(3) في ت، م: (امتناعهما): وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(4) انظرها في النشر 2/ 296، السبعة/ 351.
(5) زيادة يقتضيها السياق.
(6) في ت، م: (للمرسل): وهو خطأ، وانظر حجة القراءات/ 366، والكشف لمكي 2/ 15.
(7) انظرها في النشر 2/ 309، السبعة/ 385.
(8) زيادة يقتضيها السياق.

(1/122)


معاندته للحق وجحوده له بعد علمه، ولذلك أخبر «1» تبارك وتعالى عنه وعن قومه فقال: فلمّا جاءتهم ءايتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين* وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوّا «2» [النمل: 13، 14] الآية.
93 - وكذلك ما ورد من هذا النوع من اختلاف القراءتين التي لا يصحّ أن يجتمعا في شيء واحد هذا سبيله؛ لأن كل قراءة منهما بمنزلة آية قائمة بنفسها لا يصحّ أن يجتمع مع آية أخرى تخالفها في شيء واحد لتضادهما وتنافيهما.

[الأحرف السبعة لا تجمعها رواية ولا قراءة واحدة]
94 - أما هذه السبعة الأحرف فإنها ليست متفرّقة في القرآن كلّها ولا موجودة فيه في ختمة واحدة بل بعضها، فإذا قرأ القارئ بقراءة من قراءات الأئمة وبرواية من رواياتهم، فإنما قرأ ببعضها لا بكلّها «3»، والدليل على ذلك أننا قد أوضحنا قبل أن المراد بالسبعة الأحرف سبعة أوجه من اللغات كنحو اختلاف الإعراب والحركات والسكون، والإظهار والإدغام، والمدّ والقصر، والفتح والإمالة، والزيادة للحرف ونقصانه، والتقديم والتأخير، وغير ذلك مما شرحناه ممثّلا قبل. وإذ كان «4» هذا هكذا فمعلوم أن من قرأ بوجه من هذه الأوجه وقراءة من القراءات ورواية من الروايات لا يمكنه أن يحرّك الحرف ويسكّنه في حالة واحدة، أو يقدّمه ويؤخّره، أو يظهره ويدغمه، أو يمدّه ويقصره، أو يفتحه ويميله إلى ما أشبه هذا من اختلاف تلك الأوجه والقراءات والروايات في حالة واحدة، فدلّ على صحّة ما قلناه.

[الأحرف السبعة كلها صواب]
95 - وهذه القراءات كلّها والأوجه بأسرها من اللغات هي التي أنزل القرآن عليها، وقرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقرأ بها وأباح الله تعالى لنبيّه القراءة بجميعها،
__________
(1) في ت، م: (أخبره). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2) انظر الكشف 2/ 52، وحجة القراءات/ 411.
(3) وذهب ابن الجزري إلى أنها متفرقة في القرآن، بل في كل رواية وقراءة باعتبار ما قرره في وجه كونها سبعة أحرف، انظر النشر 1/ 30.
(4) في ت، م: (إذا). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.

(1/123)


وصوّب الرسول صلى الله عليه وسلم من قرأ ببعضها دون بعض، كما تقدّم في حديث «1» عمر رضي الله عنه، وفي حديث «2» أبيّ بن كعب وعمرو «3» بن العاص وغيرهم.
96 - وكما حدّثنا عبد الرحمن بن عبد الله الفرائضيّ، قال: حدّثنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا محمد بن يوسف، قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدّثنا أبو الوليد، قال: حدّثنا شعبة، قال أخبرني «4» عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت النّزال بن سبرة، قال: سمعت عبد الله، قال: سمعت رجلا قرأ آية وسمعت من النبي صلى الله عليه وسلم خلافها، فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كلاهما محسن» «5».
__________
(1) انظر فقرة رقم/ 36.
(2) انظر فقرة رقم/ 38.
(3) انظر فقرة رقم/ 40.
(4) في ت، م: قال عبد الملك بن ميسرة أخبرني قال النزال. وهو تحريف.
(5) عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد، الوهراني، من أهل الحديث والرواية، ثقة سمع أبا إسحاق البلخي صاحب الفربري، مات سنة إحدى عشرة وأربع مائة. سير أعلام النبلاء 17/ 332، جذوة المقتبس/ 275.
- محمد بن عمر أبو علي، الشبوي، روى عن الفربري جامع البخاري، الإكمال لابن ماكولا 5/ 107، وانظر الأنساب 7/ 284 طبعة محمد أمين دمج بيروت.
- محمد بن يوسف بن مطر، الفربري، الإمام، أبو عبد الله، راوية صحيح البخاري. توفي سنة عشرين وثلاث مائة. تذكرة الحفاظ للذهبي/ 798.
- محمد بن اسماعيل هو البخاري صاحب الصحيح.
أبو الوليد هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ثقة، ثبت مات سنة سبع وعشرين ومائتين، التقريب 2/ 319، تهذيب الكمال 2/ 1441.
- شعبة بن الحجاج بن الورد، أبو بسطام، قال الثوري هو أمير المؤمنين في الحديث. مات سنة ستين ومائة. التقريب 1/ 351، تهذيب الكمال 2/ 581.
- عبد الملك بن ميسرة، الهلالي، أبو زيد، ثقة. التقريب 1/ 524.
- النزال بن سبرة، بفتح السين وسكون الباء، ثقة، وقيل له صحبه. التقريب 2/ 298.
- وعبد الله هو ابن مسعود. وإسناد المؤلف حسن لغيره.
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه في فضائل القرآن آخر حديث فيه، لكن عن سليمان بن حرب عن شعبة بمثله، بزيادة في آخره مثل حديث الفقرة التالية. قال ابن حجر في فتح الباري 9/ 102: هذا الرجل يحتمل أن يكون هو أبي بن كعب، اهـ قلت: انظر قصة اختلاف أبي مع ابن مسعود في مسند الإمام أحمد 5/ 124.

(1/124)


97 - وحدّثنا الخاقاني قال: حدّثنا أحمد بن محمد، قال: حدّثنا عليّ، قال:
حدّثنا القاسم قال: حدّثنا حجّاج عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة عن ابن مسعود، قال: سمعت رجلا يقرأ آية وسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافها، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فعرفت في وجهه الغضب، ثم قال:
«كلاكما محسن إن من قبلكم اختلفوا فأهلكهم ذلك» «1».
98 - وحدّثنا طاهر بن غلبون، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد، قال: حدّثنا أحمد ابن علي، قال: حدّثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاش عن عاصم عن زرّ عن عبد الله، قال: قلت لرجل: أقرئني من الأحقاف ثلاثين آية، فأقرأني خلاف ما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لآخر: اقرأ، فقرأ خلاف ما أقرأني الأول، فأتيت بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب، فقال عليّ: قال لكم: «اقرءوا كما قد علّمتم» «2».
__________
(1) صدر الإسناد قبل حجاج تقدم في الفقرة/ 37، وعجزه بعده تقدم في الفقرة السابقة.
- حجاج بن محمد المصيصي، أبو محمد، الأعور، ثقة، ثبت، لكنه اختلط في آخر عمره.
توفي سنة ست ومائتين. التقريب 1/ 154، تهذيب الكمال 1/ 234.
- وهذه رواية أخرى للحديث المتقدم في الفقرة السابقة، وهذا الإسناد صحيح. وهذه الرواية في فضائل القرآن لأبي عبيد برقم/ 755 بهذا السياق.
وأخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه في فضائل القرآن باب من نهى عن التماري في القرآن من طريق أبي أسامة عن شعبة به بنحوه مع اختصار أوله.
(2) طاهر بن عبد المنعم بن غلبون، أبو الحسن الحلبي، نزيل مصر، أستاذ عارف، وثقة ضابط، وحجة محرر، قال الداني، لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه، مع فضله وصدق لهجته. توفي سنة تسع وتسعين وثلاث مائة. غاية النهاية 1/ 339.
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح، أبو أحمد، المعروف بابن المفسر، الإمام المسند، روى عنه الدارقطني وأثنى عليه، توفي سنة خمس وستين وثلاث مائة. غاية النهاية 1/ 452، حسن المحاضرة 1/ 402، سير أعلام النبلاء 16/ 282. أحمد بن علي بن سعيد، أبو بكر، المروزي، ثقة، حافظ، توفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين. التقريب 1/ 22، تهذيب الكمال 1/ 31. والإسناد صحيح.
والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم (3981) من طريق أبي بكر عن عاصم به نحوه، وصحح أحمد شاكر إسناده، وفيه أنها سورة الأحقاف.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق إسرائيل عن عاصم، وفيه أنها سورة الرحمن.
انظر موارد الظمآن/ 441.

(1/125)


99 - أفلا ترى كيف قرأ كل واحد من هؤلاء الصحابة بخلاف ما قرأ به الآخر بدلالة تناكرهم في ذلك، ثم ترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر على واحد منهم ما قرأ به بل أقرّ أنه كذلك أخذ عليه، وأنه كذلك أنزل، ثم أقرّه على ذلك فأمره بلزومه وشهد بصواب ذلك كله، وأعلم أن كلّ واحد منهم في ذلك محسن مجمل مصيب، فدلّ ذلك على صحيح ما تأوّلناه.
100 - فأمّا قوله صلى الله عليه وسلم لمن قرأ عليه من المختلفين في القراءة: «أصبت» وهو حديث يرويه قبيصة بن ذؤيب «1» مرسلا، فمعناه أن كل حرف من الأحرف التي أنزل عليها القرآن كالآخر في كونه كلام الله تعالى الذي تكلم به وأنزله على رسوله، وأن الله سبحانه قد جعل فيه جميع ما جعل في غيره منها من أنه مبارك وأنه شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين، وأنه عربي مبين، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن قارئه يصيب على أحد الأحرف السبعة من الثواب على قراءته ما يصيب القارئ على غيره منها.
101 - وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «كلّ شاف كاف» «2» أي: يشفي من التمس علمه وحكمته، ويكفي من التمس بتلاوته الفضيلة والثواب كما يشفي، ويكفي غيره من سائر الأحرف لما فيه.
102 - وكذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «أحسنت» «3» أي أحسنت القصد لالتماس «4» الثواب بقراءة القرآن على الحروف التي أقرئتها، وأحسنت في الثّبات على ما كان معك من الأحرف السبعة إذ هي متساوية.
__________
وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن برقم/ 757 من طريق شيبان عن عاصم به بنحوه.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 223) بنحوه، بإسنادين: من طريق إسرائيل عن عاصم، ومن طريق أبي عوانة عن عاصم. وصححه ووافقه الذهبي.
(1) قبيصة بن ذؤيب، مصغرا، الخزاعي، أبو سعيد، أو أبو إسحاق، المدني، نزيل دمشق، من أولاد الصحابة، وله رؤية. مات سنة بضع وثمانين. التقريب 2/ 122.
- وحديث قبيصة بن ذؤيب لم أجده. ووجدت قوله (أصبت) من رواية أبيّ، وابن أبي ليلى رفعه عند الطبري في التفسير 1/ 37، 42 والروايتان صحح أحمد شاكر إسناديهما.
(2) تقدم في الفقرة/ 42، 43.
(3) انظر تفسير الطبري 1/ 32، 41 والروايتان من حديث أبي بن كعب، وصحح أحمد شاكر إسناد الأولى، ونقل عن ابن كثير تصحيح إسناد الأخرى.
(4) في ت، م: زيادة (من) قبل (الثواب). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.

(1/126)


[خبر نزول القرآن على سبعة أبواب وبيان معناه]
103 - فأما الخبر الذي رويناه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كان الكتاب الأول نزل من باب واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف:
زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال «1» إلى آخره.
104 - في السبعة أحرف التي ذكرها صلى الله عليه وسلم، في هذا الخبر وجهان: أحدهما: أنها غير السبعة الأحرف التي ذكرها في الأخبار المتقدمة، وذلك من حديث فسّرها في هذا الخبر، فقال: «زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال» وأمر أمته أن يحلّوا حلاله ويحرّموا حرامه، ويفعلوا ما أمروا به وينتهوا عمّا نهوا عنه، ويعتبروا
__________
(1) تتمة الحديث (فأحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا).
- أخرجه الطبري في التفسير (1/ 68) من طريق سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وابن حبان في صحيحه كذلك. انظر موارد الظمآن/ 441، والحاكم في المستدرك (1/ 553) كذلك، وقال، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن برقم/ 79 مرسلا.
قال ابن عبد البر: هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده. اهـ.
انظر المرشد الوجيز/ 107، ونقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/ 29) وأقره.
قلت: ورواه الطبري في التفسير (1/ 69) موقوفا على ابن مسعود.
قال: حدثنا أبو كريب، حدثنا المحاربي، عن الأحوص بن حكيم، عن ضمرة بن حبيب، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود قال: إن القرآن أنزل على خمسة أحرف الحديث. فنقص من عدته. ولعل تصرف ابن مسعود في العدد يرجح جانب الوقف على الرفع، مما دعا ابن كثير في الفضائل/ 19 - وساق رواية الرفع ثم إسناد الوقف- إلى القول عن الموقوف: وهو أشبه.
- وأخرج الإمام أحمد في المسند (1/ 445) برقم (4252) وابن أبي داود في المصاحف/ 18 من طريق فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكن جئناك حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن نزل على نبيكم صلى الله عليه وسلم على سبعة أحرف، أو قال على حروف، وإن الكتاب قبله كان ينزل من باب واحد على حرف واحد. اهـ وصحح أحمد شاكر إسناده.

(1/127)


بأمثاله، ويعملوا بمحكمه، ويؤمنوا بمتشابهه. ثم أكّد ذلك بأن أمرهم أن يقولوا: ءامنّا به كلّ من عند ربّنا [آل عمران: 7] فدلّ ذلك كله على أن هذه الأحرف غير تلك الأحرف التي هي: اللغات والقراءات «1» وأنه صلى الله عليه وسلم أراد بذكر الأحرف في هذا الخبر التنبيه على فضل القرآن على سائر الكتب، وأن الله سبحانه قد جمع فيه من خلال الخير ما لم يجمعه فيها.
105 - فأما قوله في هذا الخبر: كان الكتاب الأول «2» نزل من باب واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب، فمعناه: أن الكتاب الأول نزل خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام، كزبور داود الذي هو تذكير ومواعظ، وإنجيل عيسى الذي هو تمجيد ومحامد وحضّ على الصّفح والإعراض دون غير ذلك من الأحكام والشرائع.
وكذلك ما أشبه ذلك من الكتب المنزّلة ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا الذي خصّ الله تعالى [به] «3» نبيّنا وأمّته، فلم يكن المتعبّدون بإقامته يجدون لرضى الله مطلبا ينالون [به] «4» الجنة ويستوجبون [به] «5» منه القربة إلا من الوجه الواحد الذي نزل به كتابهم وذلك هو [الباب] «6» الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب.
106 - والوجه الثاني: أن السبعة الأحرف في هذا الخبر هي السبعة الأحرف المذكورة في الأخبار المتقدمة التي هي اللغات والقراءات، ويكون قوله:- «زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال» - تفسيرا للسبعة «7» أبواب التي هي من الجنة لا تفسيرا للسبعة الأحرف؛ لأن العامل إذا عمل بها وانتهى إلى حدودها استوجب بذلك الجنة. وكلا «8» الوجهين في تأويل الحديث بيّن ظاهر. وعلى الأول أكثر العلماء وبالله التوفيق.
__________
(1) نقل أبو شامة في المرشد الوجيز/ 108 عن البيهقي من قوله في كتاب (المدخل) ما يؤيد هذا المعنى.
(2) من هنا لى نهاية الفقرة أخذه المؤلف من مقدمة تفسير الطبري بنصه. انظر تفسير الطبري 1/ 71.
(3) و (4) و (5) و (6) زيادة من تفسير الطبري 1/ 71.
(7) سقط من ت.
(8) انظر تفسير الطبري 1/ 47، والمرشد الوجيز/ 109، وقد ذكر أبو شامة وجها ثالثا نقله عن الأهوازي، وأبي العلاء الهمذاني، وهو أن قوله زاجر وآمر، الخ استئناف كلام آخر، أي هو كذلك، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة المرشد الوجيز/ 108.

(1/128)


[ما ينبغي اعتقاده في تاريخ المصحف]
107 - قال أبو عمرو: وجملة ما نعتقده من هذا الباب وغيره من إنزال القرآن وكتابته وجمعه وتأويله وقراءته ووجوهه ونذهب إليه ونختاره: أن القرآن منزّل على سبعة أحرف «1» كلها شاف كاف وحق وصواب وأن الله تعالى قد خيّر القرّاء في جميعها وصوّبهم إذا قرءوا بشيء منها، وأن هذه الأحرف السبعة المختلف معانيها تارة وألفاظها تارة مع اتفاق المعنى ليس فيها تضادّ ولا تناف للمعنى ولا إحالة ولا فساد، وإنّا لا ندري حقيقة أيّ هذه السبعة الأحرف كان آخر العرض أو آخر العرض كان ببعضها دون جميعها، وأن جميع هذه السبعة أحرف قد كانت ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبطتها الأمة على اختلافها عنه، وتلقّيها منه، ولم يكن شيء منها مشكوكا فيه ولا مرتابا به.
108 - وأن [7/ ظ] أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ومن بالحضرة من جميع الصحابة قد أثبتوا جميع «2» تلك الأحرف في المصاحف وأخبروا بصحتها وأعلموا بصوابها وخيّروا الناس فيها كما كان صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من هذه الأحرف حرف أبيّ بن كعب، وحرف عبد الله بن مسعود، وحرف زيد بن ثابت، وأن عثمان رحمه الله تعالى والجماعة إنما طرحوا حروفا وقراءات باطلة غير معروفة ولا ثابتة بل منقولة عن الرسول صلى الله عليه وسلم نقل الأحاديث التي لا يجوز إثبات قرآن وقراءات بها.
109 - وأن معنى إضافة كل حرف مما أنزل الله تعالى إلى من أضيف من
__________
(1) سقطت (أحرف) من ت.
(2) انظر قصة نسخ عثمان المصاحف في صحيح البخاري باب جمع القرآن من كتاب فضائل القرآن. وأما أن عثمان أثبت جميع الأحرف السبعة في المصاحف أو أثبت بعضها، أو أثبت حرفا واحدا منها. قضية خلافية مشهورة، قال بكل قول منها جماعة من العلماء: فذهب إلى القول الأول جماعات من العلماء، والمؤلف هو ممن قال بالأول. انظر النشر 1/ 31.
وذهب إلى الثاني ابن الجزري، ونسبة إلى جماهير العلماء من السلف والخلف النشر 1/ 31.
وممن قال بالثالث ابن جرير الطبري. انظر تفسير الطبري 1/ 63.
وهذا الاختلاف هو فروع الاختلاف في المراد بالأحرف السبعة.
وسيأتي في الفقرة/ 522 أن قراءة زيد هي التي جمع عثمان الناس عليها، وهو مخالف لرأي المؤلف هنا.

(1/129)


الصحابة كأبيّ وعبد الله وزيد وغيرهم من قبل أنه «1» كان أضبط له وأكثر قراءة وإقراء به وملازمة له وميلا إليه لا غير ذلك. وكذلك «2» إضافة الحروف والقراءات إلى أئمة القراءة بالأمصار، المراد بها «3» أن ذلك القارئ وذلك الإمام اختار القراءة بذلك الوجه من اللغة وآثره على غيره وداوم عليه ولزمه حتى اشتهر وعرف به وقصد فيه وأخذ عنه، فلذلك أضيف إليه دون غيره من القرّاء، وهذه الإضافة إضافة اختيار ودوام ولزوم لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد.
110 - وأن القرآن لم ينزل بلغة قريش فقط دون سائر العرب، وإن كان معظمه نزل بلغة قريش «4»، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنّ جمع القرآن وكتابته وأمر بذلك «5» وأملاه على كتبته، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى حفظ جميع القرآن جماعة من أصحابه «6»، وحفظ الباقون منه جميعه متفرّقا وعرفوه وعلموا مواقعه ومواضعه على وجه ما يعرف ذلك اليوم من ليس من الحفّاظ لجميع «7» القرآن.
111 - وأنّ أبا بكر «8» الصّدّيق وعمر الفاروق وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وجماعة الأئمة أصابوا في جمع القرآن بين لوحين وتحصينه وإحرازه وصيانته، وجروا في كتابته على سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وسنّته، وإنهم لم يثبتوا منه شيئا غير معروف ولا ما لم تقم الحجة به ولا رجعوا في العلم بصحة شيء منه وثبوته إلى شهادة الواحد والاثنين، ومن جرى مجراهما، وإن كانوا قد أشهدوا «9» على النسخة التي جمعوها على وجه الاحتياط من الغلط «10»
__________
(1) سقطت (أنه) من م.
(2) و (3) سقط من م.
(4) انظر صحيح البخاري، فضائل القرآن، باب نزل القرآن بلسان قريش والعرب.
(5) انظر صحيح البخاري، باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم من فضائل القرآن.
(6) انظر صحيح البخاري: باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من فضائل القرآن، وانظر المرشد الوجيز لأبي شامة/ 37 - 42.
(7) في ت، م: (بجميع) بالباء بدل اللام، ولعله تحريف.
(8) انظر قصة جمع القرآن في عهد أبي بكر في صحيح البخاري: باب جمع القرآن من فضائل القرآن وانظر للتوسع المرشد الوجيز لأبي شامة/ 48 وما بعدها.
(9) انظر المرشد الوجيز لأبي شامة/ 55.
(10) في ت، م: (الغلط الغلط) وهو تكرار لا داعي له.

(1/130)


وطرق «1» الحكم (والإنقاد) «2».
112 - وأن أبا بكر رضي الله عنه قصد في جمع القرآن «3» إلى تثبيته بين اللوحين فقط ورسم جميعه، وأن عثمان رحمه الله تعالى أحسن وأصاب ووفّق لفضل عظيم في جمع الناس على مصحف واحد وقراءات محصورة والمنع من غير ذلك، وأن سائر الصحابة من عليّ رضي الله عنه ومن غيره كانوا متبعين لرأي أبي بكر وعثمان في جمع القرآن «4»، وأنهم أخبروا بصواب ذلك وشهدوا به، وأن عثمان لم يقصد قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمع الصحابة على القراءات الثابتة المعروفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وألقى ما لم يجر مجرى ذلك وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير، وأنه لم يسقط شيئا من القراءات الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا منع منها ولا حظر القراءة بها؛ إذ ليس إليه ولا إلى غيره أن يمنع ما أباحه الله تعالى وأطلقه وحكم بصوابه، وحكم الرسول صلى الله عليه وسلم للقارئ به أنه محسن مجمل في قراءته «5»، وأن القرّاء السبعة ونظائرهم من الأئمة متّبعون في جميع قراءاتهم الثابتة عنهم التي لا شذوذ فيها، وأن ما عدا ذلك مقطوع على إبطاله وفساده وممنوع من إطلاقه والقراءة به، فهذه الجملة التي نعتقدها ونختارها في هذا الباب، والأخبار الدّالّة على صحّة جميعها كثيرة ولها موضع غير هذا وبالله التوفيق.
__________
(1) الطرق: الضرب بالحصى، وهو ضرب من التكهن. اللسان 12/ 84، فطرق الحكم، توهمه.
(2) كذا في ت، م.
(3) في ت، م: (وإلى). والواو مقحمة خطأ.
(4) انظر المرشد الوجيز لأبي شامة/ 53 - 54.
(5) هذا مبني على أن المصاحف حوت جميع الأحرف السبعة، وهي قضية خلافية كما تقدم.

(1/131)