جامع البيان في القراءات السبع باب ذكر مذاهبهم في
الهمزتين المتلاصقتين في كلمتين
1464 - اعلم أن الهمزة تقع مع مثلها من كلمتين على ثمانية
أضرب: فالضرب الأول: أن تكونا معا مفتوحتين، وذلك نحو قوله:
السّفهآء أموالكم [النساء: 5] وجآء أحد مّنكم [النساء: 43]
وتلقآء أصحب النّار [الأعراف: 47] وجآء أشراطها [محمد: 18]
وشآء أنشره [عبس: 22] وما أشبهه.
1465 - فقرأ ابن كثير من رواية قنبل عن القواس من قراءتي «4»،
ونافع من رواية ورش، ومن رواية ابن جبير عن أصحابه عنه، وفي
رواية الحلواني عن قالون من قراءتي «5» على أبي الفتح الضرير:
بتحقيق الهمزة الأولى وتليين الثانية، فتكون كالمدّة
__________
(1) انظر إسناد الطريق/ 384. وهو صحيح.
(2) في ت، م: (بن أحمد). وهو خطأ، وتقدم صحيحا، وانظر التيسير/
16.
(3) من الطريق الثالث عشر.
(4) من الطرق: الثامن والتسعين إلى الرابع بعد المائة على
التوالي ما عدا الثاني بعد المائة.
(5) من الطرق: السابع والثلاثين، والثامن والثلاثين،
والأربعين، والحادي والأربعين.
(2/525)
في اللفظ، وهي في الحقيقة بين الهمزة
والألف، فتحصل الهمزة المحققة بين مدّتين:
مدّة قبلها وهي مشبعة من أجلها ومقدارها مقدار ألفين، ومدة
بعدها وهي غير مشبعة؛ لأنها خلف من همزة ومقدارها مقدار ألف،
وهذا على ما روته الجماعة عن ورش من جعلها بين بين، فأما على
رواية أصحاب أبي يعقوب عنه، فإنها تشبع؛ لأنهم رووا عنه عن ورش
أداء إبدالها حرفا خالصا، فهو «1» ألف محضة، فهي في حال البدل
أشبع منها في حال التليين.
1466 - وقرأ ابن كثير من رواية الحلواني عن القواس ومن رواية
البزي وابن فليح ونافع من رواية إسماعيل، والمسيبي، وقالون،
وأبو عمرو: بإسقاط الهمزة الأولى أصلا، وتحقيق الهمزة الثانية
ومدّة مشبعة قبلها، على خلاف من أهل الأداء فيها.
وبذلك قرأت «2» في رواية الحلواني عن قالون، على «3» أبي الحسن
«4» بن غلبون، ومن طريق ابن «5» عبد الرزاق. وعلى ذلك أكثر أهل
الأداء بروايته «6».
1467 - وحدّثنا محمد بن أحمد قال: حدّثنا ابن مجاهد، قال: قال
لي قنبل: قال القواس: لا نبالي كيف قرأت ولا أيّ الهمزتين تركت
إذا لم تجمع بين الهمزتين «7».
قال ابن مجاهد: إن شئت جآء أمرنا [هود: 40] وشآء أنشره [عبس:
22] مثل أبي «8» عمرو، وإن شئت جآء أمرنا شآء أنشره مثل شآء
أنشره وذلك إذا اتفق إعرابهما «9». قال أبو بكر «10»: قرأت على
قنبل ولا تؤتوا السّفهآء أمولكم [النساء:
__________
(1) في م: (فهي).
(2) في م: (قرأه). وهو خطأ في الإملاء.
(3) في م: (عن).
(4) تقدم في الفقرة/ 1101 أن هذا الطريق خارج عن طرق جامع
البيان.
(5) طريق ابن عبد الرزاق هو التاسع والثلاثون.
(6) في ت، م: (بروايته)، وهو غير مستقيم.
(7) انظر السبعة/ 140. وانظر الطريق/ 97 وإسناده صحيح.
(8) أي بإسقاط الهمزة الأولى.
(9) أي بإبدال الهمزة الثانية ألفا في حالة الفتح، وواوا في
حالة الضم وياء في حالة الكسر.
انظر النشر 1/ 384.
(10) هو ابن مجاهد. وهذا النص والذي قبله ليسا في السبعة
المطبوع.
(2/526)
43]. يعني مثل أبي عمرو. وقال ابن شنبود عن
قنبل: إن القوّاس كان يميل إلى ترك التعويض.
1468 - وروى الخزاعي «1» عن أصحابه الثلاثة: البزّي وابن فليح،
وقنبل في المفتوحتين قال: يجعلون مكان الأولى مدّة كالألف «2»
ويهمزون الآخرة. وروى ابن مجاهد «3» عن البزي جآء أمرنا مثل
أبي عمرو، وقرأت أنا في رواية قنبل مثل ما يرويه عن ورش عن
نافع «4». وكذلك حدّثني محمد بن علي عن ابن مجاهد عنه «5».
وكذلك حكى أبو طاهر «6»: أنه قرأ على ابن مجاهد [بهمزة و] «7»
مدّتين.
1469 - وروى ابن سعد «8» عن المسيبي جآء أجلهم [الأعراف: 34]
وشآء أنشره [عبس: 22] بنصب ألف جآء وألف شآء بغير همز، ويهمز
ألف أجلهم وألف أنشره، وهذا يدل على أنه يجعل الأولى بين بين
ولا يسقطها.
وروى خلف «9» عنه، إذا كانتا بالنصب على جهة واحدة مثل جآء
أجلهم وشآء أنشره يهمز الآخرة منهما.
1470 - ونا محمد «10» بن أحمد قال: حدّثنا ابن مجاهد، قال:
حدّثنا حسن
__________
(1) إسحاق بن أحمد بن إسحاق، وطريقه عن قنبل خارج عن طرق جامع
البيان. وطرقه عن البزي من الثالث عشر بعد المائة إلى السابع
عشر بعد المائة على التوالي، وطرقه عن ابن فليح من السادس
والعشرين بعد المائة إلى الثالث والثلاثين بعد المائة على
التوالي.
(2) أي يسهلون الهمزة الأولى بين بين.
(3) من الطرق: الثالث عشر، والثامن عشر، والخامس والعشرين كلها
بعد المائة.
(4) أي قرأ الداني من طريق ابن مجاهد عن قنبل- وهو الطريق
الثامن والتسعون- مثل ما يرويه ابن مجاهد عن ورش- من الطريقين:
الثامن والسبعين، والحادي والثمانين- وذلك بتحقيق الأولى
وتسهيل الثانية بين بين، كما تقدم في الفقرة/ 1465.
(5) أي عن قنبل.
(6) هو عبد الواحد بن عمر، وهذا الطريق عن قنبل خارج عن طرق
جامع البيان.
(7) في ت، م: (بهمزتين مدتين) وهو خطأ، لأنه غير مستقيم، ولأنه
مخالف لما ذكر في الفقرة/ 1465.
(8) اسمه محمد. من الطرق: السابع عشر، والثامن عشر، والثالث
والعشرين.
(9) هو ابن هشام، من الطرق: الرابع والعشرين، والخامس
والعشرين، والسادس والعشرين.
(10) انظر الطريق/ 39. وإسناده صحيح.
(2/527)
الرازي عن الحلواني قال: قرأت على قالون
أول مرة فأخذ عليّ شآء أنشره [وجاء أحدكم] «1» مثل شآء أنشره
[وجاء أحدكم] «2» [بمد «3» ألف أنشره وألف أحدكم مدا «4»
يسيرا، قال: ثم رجعت إليه ثانية فأخذ علي" شا أنشره"] وجاء
أحدكم «5» مثل أبي عمرو.
ولهذا جاء الأداء عن الحلواني عن قالون بالوجهين جميعا «6»؛ إذ
كان قد عرضها على قالون.
1471 - وقال ابن مجاهد، عن الجمال «7» في موضع آخر: فسألت أحمد
بن قالون بالمدينة، وعرضت عليه الحكايتين، فأخبرني عن أبيه كما
حدّثني أحمد بن يزيد الحكاية الآخرة «8».
1472 - وروى سائر أصحاب قالون عنه غير أحمد بن صالح في الباب
كله أنه كان لا يجمع بين همزتين، ولا دليل في ذلك على أيهما
الملينة.
1473 - وقال القاضي «9» عنه في المتفقتين: جآء أجلها
[المنافقون: 11] بهمزة واحدة مضمومة. وقال المدني «10» والقطري
مستفهمة بنبرة واحدة ممدودة، وهذا يدل على تحقيق الهمزة الأولى
وتليين الثانية، وقولهما مستفهمة خطأ إذ لا طريق للاستفهام في
ذلك، ولا معنى له من غير ما يفهم منه تليين الهمزة لا غير.
1474 - وروى أصحاب ورش عنه: أنه كان يهمز الأولى ويدع الآخرة.
هذا قول داود «11»، وعبد الصمد، وأبي يعقوب.
__________
(1) زيادة من السبعة/ 138.
(2) زيادة ليستقيم السياق.
(3) زيادة من السبعة. انظر هذا النص في السبعة/ 138.
(4) أي بتسهيل الهمزة الأولى بين بين، فتصبح كالمدة في اللفظ.
(5) في ت. م. (أحمد منهم) وهو خطأ؛ لعدم وجوده في القرآن
الكريم.
(6) وهما تسهيل الأولى بين بين، وإسقاطها.
(7) هو الحسن بن العباس بن أبي مهران الرازي.
(8) أي بإسقاط الأولى. وهذا النص لم أجده في السبعة المطبوع.
(9) إسماعيل بن إسحاق.
(10) اسمه عبد الله بن عيسى، والقطري اسمه محمد بن عبد الحكم.
(11) هم: داود بن هارون، وعبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم،
ويوسف بن عمرو بن يسار أبو يعقوب الأزرق.
(2/528)
وقال يونس «1» عنه: إذا التقت الهمزتان في
حرفين، وكلمة، فألق إحداهما. يريدون بتركها وإلقائها تسهيلها.
وقال يونس عنه: السّفهآء أمولكم موصولة ممدودة.
1475 - وقال الثلاثة «2» عنه: وإذا كانت الهمزة الأولى آخر حرف
والثانية «3» أول حرف بيّن الأولى، وأدغم الثانية، مثل هؤلآء
إن كنتم [البقرة: 31] شهدآء إذ [البقرة: 133] وما أشبهه،
يريدون بإدغامها تليينها وتقريبها من الحرف الذي عنه حركتها.
وقال الأصبهاني عن أصحابه عنه «4» في هؤلآء إن كنتم وبابه:
الأولى مهموزة، والثانية مذابة يريد بإذابتها تضعيف الصوت
بحركتها.
1476 - وخالف أحمد بن صالح سائر أصحابه، فروى عن قالون عن نافع
أنه كان يحقق الهمزتين في جميع القرآن إذا كانتا في كلمتين
متفقتين كانتا أو مختلفتين.
وكذلك روى ابن شنبوذ «5» أداء عن أبي سليمان، عن قالون في
المتفقتين والمختلفتين سواء، واستثنى من المتفقتين بالفتح كلمة
جاء نحو جآء أحدهم [المؤمنون: 99] وجآء أجلهم [الأعراف: 34]
وجآء ءال [الحجر: 61] حيث وقعت، فحقّق الهمزة الأولى وليّن
الثانية في ذلك.
1477 - والذي رواه القاضي «6»، والمدني والقطري وغيرهم عن
قالون في الحرف الذي في المنافقين يدلّ على صحة تخصيص أبي
سليمان لكلمة جاء بذلك.
1478 - وقرأ الكوفيون وابن عامر في الباب كله بتحقيق الهمزتين.
1479 - فإن قال قائل: إنك حكمت في أول الباب أن قراءة من ليّن
الثانية مدّتان «7»: الأولى مشبعة، والثانية غير مشبعة، فهل
هما كذلك في مذهبه في قوله في الحجر [61]: جآء ءال لوط وفي
القمر [41]: ولقد جآء ءال فرعون أم هما بخلافه؟
__________
(1) يونس بن عبد الأعلى.
(2) هم داود بن هارون وعبد الصمد بن عبد الرحمن وأبو يعقوب
الأزرق.
(3) في ت، م: (عنه في آخر حرف إلى) وهو غير مستقيم.
(4) عن ورش.
(5) من الطريق السابع والخمسين.
(6) انظر الفقرة/ 1473.
(7) في ت، م: (مدتين). وهو خطأ.
(2/529)
1480 - قلت: ليستا كذلك فيهما «1» فيه؛ لأن
المدّة الثانية التي هي خلف من الهمزة التي مقدارها مقدار ألف
واحدة بعدها في هذين الموضعين خاصّة ألف ساكنة.
قيل هي مبدلة من همزة، وقيل من واو «2»، فوجب أن تمدّ بعد
الهمزة المحققة «3» فيهما مدّا مشبعا لذلك كما يمدّ قبلها سواء
ومقداره مقدار ألفين.
1481 - فإن قيل: فهل يبدل ورش الهمزة الثانية في هذين الموضعين
ألفا على رواية المصريين عنه كما يبدلها من طريقهم في سائر
الباب؟
1482 - قلت: قد «4» اختلف أصحابنا في ذلك فقال بعضهم: لا
يبدلها فيهما؛ لأن بعدها ألفا، فيجتمع ألفان واجتماعهما
متعذّر، فوجب لذلك أن يكون بين بين لا غير؛ لأن همزة بين بين
في زنة «5» المتحركة. وقال آخرون: يبدلهما فيهما كسائر الباب.
1483 - ثم فيها «6» بعد البدل وجهان: أحدهما: أن تحذف للساكنين
إذ هي أولهما ويزاد في المدّ دلالة على أنها هي الملينة دون
الأولى، والثاني: أن لا تحذف ويزاد في المدّ فتفصل تلك الزيادة
بين الساكنين وتمنع من اجتماعهما وبالله التوفيق.
1484 - والضرب الثاني «7»: أن يكونا معا مكسورتين، وذلك نحو
قوله: هؤلآء إن كنتم [البقرة: 31] ومّن النّسآء إلّا [النساء:
22] ومن ورآء إسحق [هود: 71] وعلى البغآء إن أردن [النور: 33]
ومن السّمآء إلى الأرض [السجدة: 5] وأهؤلآء إيّاكم [سبأ: 40]
وما أشبهه.
1485 - فقرأ نافع في رواية المسيبي وإسماعيل وقالون من غير
رواية أحمد بن صالح وأبي سليمان «8»، وبخلاف عن الحلواني «9»
عنه، وابن كثير في رواية البزي،
__________
(1) ضمير التثنية يعود على موضعي الحجر والقمر، وضمير (فيه)
يعود على قوله (في مذهبه).
(2) كما سبق بيان المؤلف لذلك في الفقرة/ 1142.
(3) في م: (المخففة) وهو خطأ؛ لأن المدة هي نفس الهمزة
المخففة.
(4) نقل ابن الجزري في النشر (1/ 389) هذه العبارة إلى نهاية
الفقرة التالية من قول الداني، ثم عقب عليها بقوله: وهو جيد.
(5) في النشر: (رتبة) بدل (زنة) وهما بمعنى واحد.
(6) أي في الألف.
(7) في م: (الأول) وهو خطأ واضح.
(8) تقدم ذكر المؤلف لروايتهما عن قالون في الفقرة/ 1476.
(9) سيأتي في الفقرة/ 1491 أن المؤلف قرأ بهذا الوجه عن
الحلواني على أبي الحسن بن غلبون، وتقدم في الفقرة/ 1101 أن
هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان. وقرأ به كذلك من طريق ابن
عبد الرزاق، وهو الطريق التاسع والثلاثون.
(2/530)
وابن فليح [و] في رواية الحلواني «1» عن
القواس في الباب كله بتليين الهمزة الأولى على نحو حركتها،
فتكون في اللفظ كالياء المكسورة المختلسة الكسر، وهي في
الحقيقة بين الهمزة والياء الساكنة.
1486 - وقرأ نافع في رواية ورش من غير رواية أبي يعقوب «2»،
وفي رواية ابن «3» جبير عن أصحابه، وابن كثير من رواية قنبل عن
القواس من قراءتي «4»: بتحقيق
الهمزة الأولى وتليين الثانية، فتكون في اللفظ كأنها ساكنة وهي
في القياس بين الهمزة والياء الساكنة.
1487 - وروى المصريون أداء عن أبي يعقوب عن ورش إبدالها ياء
ساكنة، فعلى ذلك يزاد في تمكينها لكونها حرف مدّ وسكون ما
بعدها، والبدل على غير قياس، واستثنى لنا الخاقاني «5»، وأبو
الفتح «6»، وأبو الحسن «7»، في روايته عن ورش من جميع الباب
موضعين، وهما قوله في البقرة [31]: هؤلآء إن كنتم وفي النور:
على البغآء إن أردن [النور: 33] فرووهما عن قراءتهم بخلاف
الترجمتين المتقدمتين بتحقيق الهمزة الأولى، وجعل الثانية ياء
مكسورة محضة الكسرة، وبذلك «8» كان يأخذ فيهما أبو جعفر «9»
ابن هلال وأبو غانم «10» بن حمدان وأبو جعفر «11» بن أسامة،
وكذلك رواه إسماعيل النحاس عن أبي يعقوب أداء. وروى أبو
__________
(1) من الطريقين: الخامس بعد المائة، والسادس بعد المائة.
(2) يوسف بن عمرو بن يسار الأزرق. وطرقه عن ورش من الخامس
والستين إلى السادس والسبعين على التوالي.
(3) في م: (أبي جبير) وهو خطأ واضح. واسمه أحمد.
(4) وطرقه من الثامن والتسعين إلى الرابع بعد المائة على
التوالي، ما عدا الثاني بعد المائة.
(5) من الطرق: الخامس والستين، ومن التاسع والستين إلى الرابع
والسبعين على التوالي.
(6) من الطريق الخامس والسبعين.
(7) من الطرق: السادس والستين، والسابع والستين، والثامن
والستين، والسادس والسبعين.
(8) من هنا إلى نهاية الفقرة نقله ابن الجزري في النشر (1/
385) من قول الداني في الجامع.
(9) اسمه أحمد بن عبد الله بن محمد بن هلال من الطريق السادس
والستين.
(10) اسمه مظفر بن أحمد بن حمدان. وتقدم في الفقرة/ 1031 أن
طريقه ليس من طرق هذا الكتاب.
(11) اسمه أحمد بن أسامة بن أحمد. من الطريق التاسع والستين.
(2/531)
بكر «1» بن سيف عنه: أنه أجراهما كسائر
نظائرهما «2».
1488 - وقد قرأت بذلك أيضا على أبي الفتح «3»، وأبي الحسن «4»،
وأكثر مشيخة المصريين على الأول، إلا «5» أن منهم من يذهب في
ذلك إلى أن الثانية في ذلك مبدلة بدلا محضا، فيشبع كسرتها
ويخفّفها «6»، حكى لي ذلك ابن خاقان عن أصحابه الذين قرأ
عليهم.
1489 - وكان شيخنا أبو الحسن «7» يذهب إلى البدل، وكان أبو بكر
محمد بن علي يذهب إلى التسهيل، والبدل أقيس؛ لأنه لمّا عدل عن
تسهيلها على حركتها وسهلت على حركة ما قبلها لزمها البدل،
فأبدلت ياء مكسورة للكسرة التي قبلها.
1490 - وقال إسماعيل النحاس عن أبي يعقوب في كتاب اللفظ له:
كان يجعل الهمزة الثانية في هؤلآء إن كنتم وعلى البغآء إن أردن
ياء في اللفظ. قال: وكان عبد الصمد يقرؤهما ممدودة الألف
بالخفض.
1491 - وأقرأني أبو «8» الفتح عن قراءته في رواية الحلواني عن
قالون في الباب كله كمذهب قنبل ومن وافقه «9». وأقرأني أبو
«10» الحسن، في روايته كمذهب البزي
__________
(1) اسمه عبد الله بن مالك بن عبد الله بن سيف.
(2) في ت: (كسائرهما) وهو خطأ واضح.
(3) من الطريق الخامس والسبعين.
(4) من السادس والسبعين. ودلت العبارة على أنه قرأ عليهما
بالوجهين؛ استثناؤهما، وإجراؤهما كسائر نظائرهما. وانظر النشر
1/ 385.
(5) هذا الاستثناء غير مفهوم؛ لأن الوجه الأول هو إبدال
الثانية ياء ساكنة مع تمكين هذه الياء.
وقد قال ابن الجزري في النشر 1/ 385: على أن عبارة جامع البيان
في هذا الموضع مشكلة.
أه.
(6) في م: (ويحققها).
(7) طاهر بن غلبون.
(8) من الطريق: السابع والثلاثين، والثامن والثلاثين،
والأربعين، والحادي والأربعين.
(9) أي بتحقيق الأولى وتليين الثانية. وهذا هو الوجه الثاني
للحلواني عن قالون.
قال ابن الجزري في النشر (1/ 384)؛ وانفرد الداني عن أبي الفتح
من طريق الحلواني عن قالون بتحقيق الاولى وتسهيل الهمزة
الثانية من المضمومتين والمكسورتين. أه.
(10) طاهر بن غلبون.
(2/532)
ومن تابعه «1»، وبذلك قرأت من طريق ابن «2»
عبد الرزاق، وعلى ذلك أهل الأداء.
1492 - وحدّثنا محمد بن أحمد قال: نا ابن مجاهد، قال «3»: وزعم
أحمد بن يزيد عن قالون عن نافع أنه كان يقرأ هؤلآء إن كنتم
[البقرة: 31] مثل رواية المسيّبي يعني «4» بتليين الأولى
وتحقيق الثانية.
1493 - وروى أحمد «5» بن نصر الشذائي، عن قراءته على ابن
بويان، وابن شنبوذ عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون في
الباب كله بتحقيق الأولى وجعل الثانية ياء مكسورة. وكذا روى في
المتفقتين بالضم بتحقيق الأولى وجعل الثانية واوا مضمومة «6»،
وكذلك «7» حكى في الضربين عن أبي بكر بن حمّاد عن أصحابه عن
الحلواني وأحمد بن قالون جميعا، وعن أبي محمد الحسن «8» بن
صالح، و «9» ابن حمدون «10»، عن أبي عون عن الحلواني،
__________
(1) أي بتليين الأولى. وهو الوجه الأول عن الحلواني، وقد ذكره
المؤلف في الفقرة/ 1485.
(2) وهو الطريق التاسع والثلاثون.
(3) انظر السبعة/ 138.
(4) الذي في السبعة إبدال الهمزة الأولى ياء مكسورة. انظر
السبعة/ 138.
(5) طريق الشذائي عن ابن بويان عن ابن الأشعث أبي حسان العنزي
خارج عن طرق جامع البيان، وهو من طرق النشر. انظر النشر 1/
100. وكذا طريق الشذائي عن ابن شنبوذ عن ابن الأشعث، تقدم أنه
خارج عن طرق جامع البيان. انظر الفقرة/ 1093.
(6) قال ابن الجزري في النشر (1/ 386): وانفرد بذلك في
المضمومتين وسائر المكسورتين سبط الخياط في المبهج عن الشذائي
عن ابن بويان في رواية قالون.
(7) طريق أحمد بن نصر الشذائي عن أحمد بن حماد المنقى ليس من
طرق هذا الكتاب، وأشار ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 51) إلى
أنه من طرق كتاب الكامل للهذلي.
(8) طريق الشذائي عن الحسن بن صالح ومحمد بن حمدون الحذاء
كلاهما عن أبي عون حمد بن عمرو بن عون، عن الحلواني ليس من طرق
هذا الكتاب.
(9) في ت، م: (عن). وهو خطأ؛ لأن كلا من الحسن بن صالح وابن
حمدون يرويان عن أبي عون. كما في الطريقين الأربعين، والحادي
والأربعين، ولا رواية لأحدهما عن الآخر.
انظر غاية النهاية 1/ 216، 2/ 135.
(10) في هامش ت ل (62/ ظ): ابن حمدون هو محمد بن حمدون الحذاء
أبو الحسن الواسطي. طبقات.
(2/533)
وإبراهيم «1» بن عرفة وعبد الله بن أحمد
البلخي عن أبي عون عن الحلواني في الضربين من المكسورتين
والمضمومتين مثل أبي عمرو: بإسقاط الأولى وتحقيق الثانية
كالمتفقتين بالفتح/ سواء.
1494 - والذي قرأت به من طريق ابن «2» بويان، وابن «3» حمّاد،
وأبي «4» عون، ما قدّمته «5» في أول الباب «6»، وهو المتعارف
من مذهب قالون عند جميع أهل الأداء.
1495 - وحدّثنا محمد بن علي قال حدّثنا ابن مجاهد، عن قنبل عن
ابن كثير «7»: أنه كان يقرأ هؤلآء إن كنتم [البقرة: 31] بهمز
الأولى وبترك الثانية، مثل قول نافع في رواية ورش. قال: وقال
قنبل: قال لي القواس: لا تبال كيف قرأت، ولا أيّ الهمزتين تركت
إذا لم تجمع بين الهمزتين.
1496 - وقال أبو طاهر «8»: سألت أبا بكر عن مذهب قنبل في قوله:
هؤلآء إن كنتم وعلى البغآء إن أردن [النور: 33] وما شاكله «9»؟
فقال لي: قرأت على قنبل في هود: ومن ورآء إسحق يعقوب [هود: 71]
قال لي أبو بكر وكتبتها بالياء، قال لي أبو بكر وكان يعني
قنبلا يخير فيما كان مثل هذا بين أن يترك الأولى ويهمز الثانية
وبين أن يهمز الأولى ويجعل الثانية ياء ساكنة.
1497 - وروى ابن «10» مجاهد، عن الجمال، عن الحلواني، عن
القواس هؤلآء إن كنتم [البقرة: 31] وأوليآء أولئك [الأحقاف:
32] بكسر الياء من أوليآء وأولئك. وروى الخزاعي «11» عن أصحابه
عن ابن كثير إذا اجتمعتا على
__________
(1) تقدم في الفقرة/ 1101 أن طريقي ابن عرفة والبلخي خارجان عن
طريق جامع البيان.
(2) هو الطريق الخامس والأربعون.
(3) هو الطريق الثامن والثلاثون.
(4) له الطريقان: الأربعون والحادي والأربعون.
(5) في م: (ما قدمته).
(6) انظر الفقرة/ 1485.
(7) انظر السبعة/ 140. وانظر إسناد الطريق/ 97، وهو صحيح.
(8) هو عبد الواحد بن عمر تلميذ ابن مجاهد. وأبو بكر هو ابن
مجاهد.
(9) سقطت (هذا) من م.
(10) هذا الطريق خارج عن طرق الكتاب، والجمال هو الحسن بن
العباس بن أبي مهران.
(11) إسحاق بن أحمد بن إسحاق. وأصحابه عبد الله بن جبير عن
القواس، والبزي، وابن فليح، انظر طرق قراءة ابن كثير.
(2/534)
اتفاق لم يهمزوا الأولى وهمزوا الآخرة.
قال: وفي المكسورتين يجعلون الأولى خفضة كالياء ويهمزون
الآخرة، وفي المضمومتين يجعلون الأولى ضمّة كالواو ويهمزون ألف
أولئك، وفي المفتوحتين يجعلون مكان الأولى مدّة كالألف ويهمزون
الآخرة.
1498 - وروى خلف عن المسيّبي إذا كانتا بالخفض على جهة واحدة
بيّن الأولى «1» وخفضها ولم يهمزها، ويهمز همزة بعدها، وكذا
أوليآء أولئك بيّن الأولى ورفعها وهمز همزة بعدها.
1499 - وروى محمد «2» بن الجهم عن الهاشمي عن إسماعيل عن نافع
هؤلآء إن كنتم يهمز (إن) ويقف الألف الأولى. وهذا كمذهب أبي
«3» عمرو، ولم يأت بهذا أحد عن إسماعيل غير الهاشمي. وروى محمد
«4» بن خالد البرمكي عن أبي عمر عن إسماعيل أنه كان يخلف مكان
المكسورة ياء مثل هؤلآء إن كنتم ويجعل في هؤلاء ياء، وهذا هو
الصحيح. وبذلك قرأت. وروى الباهلي «5» عن أبي عمر، عنه، عن
نافع،: هؤلآء إن كنتم بهمزة واحدة لا يجمع بين همزتين في حرف
واحد في جميع القرآن، وليس فيما رواه دليل على مذهبه في
الملينة «6» منهما والمحققة «7».
1500 - وخالف سائر أصحاب نافع في هذا الباب أحمد بن صالح، فروى
عن قالون كل همزتين التقتا في حرفين «8» فالهمزة الأولى في آخر
الحرف تبين، والهمزة الثانية في أول الحرف الثاني تبين «9»
أيضا مثل هؤلآء إن كنتم السّفهآء ألآ [البقرة: 13]، وكل ما كان
مثل هذا فإن الهمزتين تبيّنان إلا الهمزتين في موضع
__________
(1) سقطت (و) من م.
(2) من الطريق التاسع.
(3) أي يسقط الأولى.
(4) هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن خالد، وطريقه عن أبي عمر
الدوري عن إسماعيل بن جعفر عن نافع ليس من طرق هذا الكتاب.
(5) من الطريقين/ 4، 5.
(6) أهي الأولى/ أم هي الثانية.
(7) في ت، م: (والمخففة) وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(8) مختلفتين أو متفقتين، كما في السبعة/ 139.
(9) في ت، م: (تلين) وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2/535)
الاستفهام، فإن الأولى تبيّن والثانية تسقط
يريد تلين، وتابع أحمد على ذلك عن قالون أبو سليمان «1»، فيما
رواه ابن شنبوذ عنه أداء.
1501 - وقياس ما روياه عن قالون، يوجب تحقيق الهمزتين في نحو
قوله للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أراد النّبىّ أن يستنكحها
[الأحزاب: 50] وبيوت النّبىّ إلّآ [الأحزاب:
53] «2»، والنّبىّ أولى [الأحزاب: 6] ويأيّها النّبىّ إذا
[الممتحنة: 12] وما أشبهه مما يلتقي فيه همزة النبي بهمزة أخرى
«3»، ولم يأت تحقيق الهمزتين في ذلك إلا من هذين الطريقين لا
غير.
1502 - وروى الجمال «4» عن الحلواني عن قالون في المتفقتين إذا
كانتا مكسورتين أنه يخلف الأولى بياء ويكسرها كسرا بيّنا،
والمضمومتين يخلف الأولى بواو ويضمّها ضمّا بيّنا.
1503 - قال أبو عمرو وقوله: كسرا بيّنا وضمّا بيّنا غلط؛ لأن
الكسر على الياء والضم على الواو أثقل من تحقيق الهمزة، ولا
تعدل عن ثقيل إلى ما هو أثقل منه «5».
1504 - وروى أحمد بن «6» يعقوب التائب عن أصحابه عن أحمد بن
جبير عن رجاله عن نافع في الهمزتين المتفقتين مثل رواية ورش
سواء، قال أحمد «7»: وله «8» رواية أخرى في المكسورتين عنهم،
وهي أن الهمزة الثانية إذا كانت مكسورة «9» أبدلها ياء مكسورة،
نحو هؤلآء إن كنتم [البقرة: 31] وعلى البغآء إن أردن [النور:
33]
__________
(1) من الطريق السابع والخمسين.
(2) الأحزاب/ 53، وسقطت (إلا) من م. وإسقاطها خطأ.
(3) في ت، م: (واحدة) ولعلها محرفة عن (أخرى) خاصة أنه في م
(بهمز) بدون تاء حيث إنها حرفت إلى (و).
(4) هو الحسن بن العباس بن أبي مهران. من الطرق: السادس
والثلاثين، والسابع والثلاثين، والثامن والثلاثين.
(5) سبق ابن مجاهد إلى هذا التعليل في الرد على من أخلف الاولى
من المكسورتين بياء مكسورة، ومن المضمومتين بواو مضمومة. انظر
السبعة/ 138.
(6) هذا الطريق خارج عن طرق الكتاب.
(7) أي التائب.
(8) أي لابن جبير.
(9) سقطت (مكسورة) من م.
(2/536)
وللنّبىّ إن أراد [الأحزاب: 50] وما عدا
ذلك، فعلى الرواية الأولى.
1505 - وقرأ أبو عمرو في الباب كله بإسقاط الهمزة الأولى
وتحقيق الثانية كمذهبه في المفتوحتين، هذه رواية الجماعة عن
اليزيدي. وخالفهم الحلواني، فروى عن أبي عمر «1» عنه أنه يترك
الأولى من المكسورتين ويجعلها ياء مكسورة، قال:
ويخلف الأولى من المضمومتين بواو مضمومة، ويشير «2» في
المنصوبة من المنصوبتين- وهي الأولى منها- إلى النصب.
1506 - قال أبو عمرو: فأما قوله في المكسورتين والمضمومتين
فغير معروف عن أبي عمرو من طريق اليزيدي نصّا وأداء، وإنما
رواه أبو عبيد «3» عن شجاع عنه، ولم يقرأ بذلك في رواية شجاع
بالإسناد المتقدّم «4»، ولا رأينا أحدا من أهل الأداء يأخذ به
في روايته. وأما قوله في المنصوبتين فغير مستطاع على النطق به
ولا موجود في نص ولا أداء. وإن كان جائزا في القياس بالغا
جيدا، فإن أهل الأداء وأئمة القراءة على خلافه.
1507 - وروى أبو العباس محمد «5» بن أحمد بن واصل عن أبيه وعن
ابن سعدان جميعا عن اليزيدي عن أبي عمرو أنه كان إذا اتفق
إعرابهما سكن الأولى منهما وهمز الثانية. وهذا يحتمل وجهين: أن
يكون أراد بقوله سكن الأولى: أسقطها وأذهبها، فيوافق بذلك قول
الجماعة. وأن يكون أراد السكون المعروف فيلزمه إدغامها في
الثانية لا محالة كسائر المثلين إذا التقيا والأول منهما ساكن،
فيخالف قول سائر أصحاب اليزيدي «6» وعامّة أهل الأداء.
__________
(1) الدوري، وهذا الطريق لم يتقدم في أسانيد طرق الكتاب. وقد
أشار ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 255) إلى أنه من طرق
المبهج والكامل.
(2) في ت، م: (وكثير) وهو خطأ؛ لأنه لا يستقيم به السياق.
(3) القاسم بن سلام، وهذه الرواية في السبعة/ 140. إلا أنه
قال: كان يخلف التي يترك من المتفقتين إذا كانت مكسورة بكسرة
كالياء. بينما في جامع البيان: يخلفها بياء مكسورة.
والفرق بينهما واضح.
(4) طرقه من الخامس والثمانين بعد المائة إلى الحادي والتسعين
بعد المائة على التوالي.
(5) طريقه عن أبيه هو الطريق السابع والسبعون بعد المائة. وأما
طريقه عن ابن سعدان فهو خارج عن طرق جامع البيان.
(6) سقطت (و) من م.
(2/537)
1508 - وقرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق
الهمزتين في الباب كله، وكذلك روى أحمد بن صالح أيضا وأبو
سليمان أداء عن قالون «1».
1509 - والضرب الثالث: أن يكونا معا مضمومتين وذلك في موضع
واحد في سورة الأحقاف [32] في قوله: أوليآء أولئك فى ضلل مّبين
لا غير، فقرأ نافع في غير رواية ورش «2»، وابن كثير في رواية
البزّي وابن فليح والحلوانيّ عن القواس بتليين الأولى، فتكون
بين الهمزة والواو الساكنة- والقرّاء يقولون: كالواو المضمومة
المختلسة الضمة- وتحقيق الثانية، وقد «3» حكى هذا الوجه ابن
مجاهد «4»، عن قنبل عن القواس، ولم أقرأ به، ولا رأيت أحدا من
أهل الأداء يأخذ به في مذهبه.
1510 - وقرأ نافع في رواية ورش من طريق أبي الأزهر وداود وأحمد
بن صالح، ويونس «5»، والأصبهاني، وفي رواية ابن جبير «6» عن
أصحابه عنه وابن كثير من رواية قنبل عن القواس من قراءتي على
جميع شيوخي بتحقيق الهمزة الأولى وتليين الثانية، فتكون بين
الهمزة والواو الساكنة والقرّاء يقولون كالمدّة في اللفظ.
وروى المصريون عن أبي يعقوب «7»، عن ورش أداء إبدالها واوا
ساكنة، وذلك على غير قياس.
1511 - قال لي الخاقاني «8» عن أصحابه عن النحّاس عن أبي يعقوب
عن
__________
(1) تقدم هذان الطريقان بتفصيل في الفقرة/ 1500.
(2) أي قرأ في رواية إسماعيل بن جعفر والمسيبي، وقالون.
(3) من هنا إلى آخر الفقرة نقله ابن الجزري في النشر (1/ 384)
من قول الداني.
(4) من الطريق السابع والتسعين.
(5) يونس بن عبد الأعلى، والأصبهاني اسمه محمد بن عبد الرحيم،
وهذه الطرق الخمسة هي من طرق ورش عن نافع.
(6) اسمه أحمد، وتقدم له في هذا الكتاب الطريق التاسع والعشرون
عن المسيبي عن نافع فقط.
(7) الأزرق.
(8) اسمه خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن حمدان بن خاقان.
وطرقه عن إسماعيل بن عبد الله النحاس من التاسع والستين إلى
الرابع والسبعين على التوالي. قال ابن الجزري في النشر (1/
385)؛ وانفرد خلف بن إبراهيم بن خاقان الخاقاني فيما رواه
الداني عنه عن أصحابه عن الأزرق، وساق عبارة الداني إلى نهاية
الفقرة.
(2/538)
ورش أنه يجعلها واوا مضمومة خفيفة الضمة،
كجعله «1» إيّاها ياء خفيفة الكسرة في هؤلآء إن كنتم [البقرة:
31] وعلى البغآء إن أردن [النور: 33]. ورأيت أبا «2» غانم
وأصحابه قد نصّوا على ذلك عن ورش وترجموا عنه كهذه الترجمة.
1512 - وقال إسماعيل النحّاس عن أصحابه عن ورش في كتاب اللفظ
أوليآء أولئك تمدّ الألف الآخرة من أوليآء وتهمزها وترفعها،
ولا تهمز أولئك وكأنك تجعلها واوا مرفوعة، وهذا «3» موافق للذي
رواه لي خلف بن إبراهيم عن أصحابه وأقرأني به عنهم، وذلك أيضا
على غير قياس التليين.
1513 - وأقرأني أبو الفتح «4» في رواية الحلواني عن قالون
كرواية أبي الأزهر وأصحابه عن ورش «5».
وأقرأني أبو الحسن «6» وغيره ذلك في رواية المسيّبي «7»
والروايتان عنه صحيحتان في النقل والأداء، وعلى الرواية
الثانية نصّ «8» في كتابه.
1514 - وقرأ أبو عمرو بإسقاط الهمزة الأولى وتحقيق الثانية على
مذهبه في المفتوحتين والمكسورتين، وروى الحلواني عن أبي عمر
«9» عن اليزيدي عنه أنه يخلف الأولى منهما بواو مضمومة ويحقق
الثانية، وذلك خلافا لقول سائر أصحاب اليزيدي وأصحاب أبي عمرو
وأهل الأداء.
__________
(1) في ت، م: (لجعله) والتصحيح من النشر 1/ 385.
(2) اسمه المظفر بن أحمد بن حمدان، وتقدم أنه ليس من رجال طرق
هذا الكتاب انظر الفقرة/ 1031.
(3) من هنا إلى نهاية الفقرة نقله ابن الجزري في النشر (1/
385) من قول الداني ثم قال:
والعمل على غير هذا ضد سائر أهل الأداء في سائر الأمصار، ولذلك
لم يذكره في التيسير مع إسناده رواية ورش من طريق ابن خاقان
والله أعلم. أه
(4) فارس بن أحمد، وقرأ الداني عليه من الطرق السابع
والثلاثين، والثامن والثلاثين، والأربعين، والحادي والأربعين.
(5) أي بتحقيق الأولى وتليين الثانية بين الهمزة والواو.
(6) طاهر بن عبد المنعم بن غلبون.
(7) إسحاق بن محمد المسيبي عن نافع.
(8) أي عن الحلواني عن قالون. والرواية الأولى ذكرت في الفقرة/
1510.
(9) حفص بن عمر الدوري. وتقدمت هذه الرواية في الفقرة/ 1510.
(2/539)
1515 - وروى الزينبي «1» أداء عن أبي ربيعة
عن البزي في الثلاثة الأضرب كأبي عمرو، ولا عمل على ذلك.
1516 - وقرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق الهمزتين معا، وكذلك
روى أحمد بن صالح وأبو سليمان «2» عن قالون.
1517 - فإن قال قائل: ما تقول في مذهب من أسقط الهمزة الأولى
في هذه الثلاثة أضرب وميز ما كان من كلمة ومن كلمتين مع الهمزة
في حرف المدّ هل يزيد في تمكين مدّ الألف التي قبل الهمزة
الساقطة أم لا يزيد في تمكينها، وكذا من ليّن الأولى من
المكسورتين والمضمومتين؟
1518 - قلت: قد اختلف أصحابنا في ذلك، فقال بعضهم: يزيد في
تمكينها ومدّها لكون ما حدث في الهمزة من إسقاطها وتليينها
عارضا إذ هو تخفيف وتسهيل لكراهة الجمع بين الهمزتين، والعارض
لا يعتدّ به إذ لا يلزم، ألا ترى أنه إذا وقف على الكلمة التي
هي آخرها وفصلت بذلك من الكلمة الثانية ردت محقّقة «3» بلا
خلاف لعدم موجب إسقاطها وتليينها، فوجب لذلك أن يشبع مدّ الألف
قبلها وإن لم تظهر محقّقة كما يجب لها ذلك مع تحقيقها، مع أن
أبا عمرو قد قال: إن الثانية تنوب عن الأولى وتقوم مقامها، فهي
كالثانية كذلك «4».
1519 - وقال آخرون: لا يزيد في تمكين مدّ الألف من أسقط الهمزة
وميّز بين المنفصل والمتصل في حروف المدّ؛ لأنه لما أسقطها
وأذهبها من اللفظ التقت الألف التي قبلها بهمزة في أول كلمة
أخرى بعدها فصار ذلك بمنزلة قوله: ربّنآ أخّرنآ إلى أجل قريب
[إبراهيم: 44] وشبهه مما تلتقي الألف فيه مع الهمزة من كلمتين،
فوجب أن لا يزيد في تمكين تلك الألف كما لا يزيد في تمكين سائر
المنفصل، وكذا من ليّنها على حركتها ولم يسقطها رأسا؛ لأنه
لمّا أعلمها بذلك لم يزد في تمكين مدّ تلك
__________
(1) محمد بن موسى بن محمد، من الطريق التاسع بعد المائة.
(2) اسمه سالم بن هارون المدني، وطريقه عن قالون هو الطريق
السابع والخمسون. ولأحمد بن صالح أربعة طرق عن قالون: من
السادس والأربعين إلى التاسع والأربعين على التوالي.
(3) في م: (وردت مخففة)، وفيها زيادة الواو خطا، والتصحيف.
(4) قال ابن مجاهد عن أبي عمرو حكاية: (يكتفي بإحدى الهمزتين
عن الأخرى). انظر السبعة/ 140.
(2/540)
الألف قبلها؛ إذ كان ذلك إنما يجب فيها [ب]
ظهور «1» الهمزة محقّقة، لخفائها وحشوها، فلما عدم تحقيقها
لفظا وجب ألّا يزيد في تمكين الألف قبلها.
1520 - والقولان صحيحان، وقد قرأت بهما معا، والأوّل أوجه؛ لأن
من زاد في التمكين ومدّ عامل الأصل، ومن لم يزد فيه وقصرها
عامل على اللفظ، ومعاملة الأصل «2» أولى وأقيس.
1521 - وقد حكى أبو بكر «3» الداجوني عن أحمد بن جبير عن
أصحابه عن نافع في الهمزتين المتفقتين أنهم يمدّون الثانية
منها، نحو السّمآء أن تقع [الحج:
65] قال: يهمزون ولا يطوّلون السماء ولا يهمزونها، وهذا نص منه
على قصر الألف قبل الهمزة الساقطة والملينة، ولا أعلم أحدا من
الرّواة نصّ عليها بمدّ ولا بقصر غيره، وإنما يتلقى الوجهان
فيهما من أهل الأداء تلقيا.
1522 - والضرب الرابع: أن تكون الأولى مضمومة والثانية مفتوحة؛
وذلك نحو قوله «4»: السّفهآء ألآ [البقرة: 13] وأن لّو نشآء
أصبنهم [الأعراف: 100]. وسوء أعملهم [التوبة: 37] ويأيّها
الملأ أفتونى [النمل: 32] وما أشبهه.
1523 - وقرأ الحرميّان وأبو عمرو بتحقيق الأولى وإبدال الثانية
واوا مفتوحة لانضمام ما قبلها في جميع القرآن. وحكى ابن مجاهد
عن اليزيدي عن أبي عمرو أنه ينحو بالثانية نحو الألف؛ يريد أنه
يجعلها بين الهمزة والألف. وذلك غير جائز ولا يمكن النطق به.
1524 - وحدّثني الحسن «5» بن علي قال: حدّثنا أحمد بن نصر،
قال: قال اليزيدي على ما ذكر شيخنا يعني ابن مجاهد في اللتين
أولاهما مضمومة وأخراهما مفتوحة ينحو بالثانية نحو الألف وذلك
غير ممكن في النطق به، قال: ولم أجد [هـ] «6»
__________
(1) زيادة الباء ليستقيم السياق.
(2) في م: (الأصيل) وهو خطأ.
(3) اسمه محمد بن أحمد بن عمر. وطريقه هذا ليس من طرق الكتاب.
(4) سقطت (قوله) من م.
(5) هذا الطريق ليس من طرق جامع البيان.
(6) زيادة ليستقيم السياق.
(2/541)
في كتاب من الكتب المنقولة عن أبي عمرو من
جهة اليزيدي ولا غيره. ولفظنا «1» عند قراءتنا عليه «2» بعد
الهمزة المضمومة بواو مفتوحة في قوله: السّفهآء ألآ [البقرة:
13] ولا يكون غيره ولو حرص المتكلف «3» كل حرص، وإذا امتحنت
ذلك وجدته غير محتمل عليك، وهذا نص كلام أبي «4» طاهر في كتاب
الفصل بين أبي عمرو والكسائي.
1525 - وروى محمد بن «5» خالد البرمكي عن أبي عمر عن إسماعيل
عن نافع أنه كان يهمز الثانية ويترك الأولى متفقتين كانتا أو
مختلفتين، ولا يلتفت إلى ذلك وكان يخلف مكان الأولى إذا كانت
مرفوعة واوا مثل السّفهآء ألآ كان يجعل في السّفهآء واوا، ولم
يأت بهذا عن إسماعيل غيره.
1526 - وكذا روى الخزاعيّ «6» عن ابن فليح، قال: كان يستحبّ
ضمّ ألف السفهاء الآخرة ويهمز «ألا» لأنها أسهل في اللفظ. قال
الخزاعي: مذهبهم- يعني أصحابه «7» الثلاثة- إذا اجتمعتا على
خلاف همزوا الأولى وأسقطوا الآخرة، إلا «8» أن تكون همزة «9»
الآخرة أحسن وأسهل في اللفظ، فيهمزونها ويسقطون الأولى. وقال
في موضع آخر: فإنهم يهمزون الأولى ويجعلون الثانية كأنها فتحة
أو كسرة، يعني إذا كانت الثانية مفتوحة أو مكسورة.
1527 - وقوله: ويسقطون الأولى يحتمل وجهين: إسقاطها رأسا
كالأولى من المتفقتين بالفتح وتسهيلها على حركتها، وذلك أراد؛
لأنه قد فسّره عن ابن فليح في السّفهآء ألآ [البقرة: 13].
__________
(1) في م (لفظا) بدل (ولفظنا). وهو خطأ لا يستقيم به السياق
والقائل هو الشذائي.
(2) أي على ابن مجاهد.
(3) في ت، م: (التكليف) ولا يستقيم به السياق.
(4) هو عبد الواحد بن عمر تلميذ ابن مجاهد.
(5) تقدم هذا الطريق في الفقرة/ 1499 وأنه ليس من طرق جامع
البيان.
(6) إسحاق بن أحمد بن إسحاق.
(7) في م: (أصحاب) وهو غير مستقيم. وأصحابه هم: البزي، وابن
فليح، وعبد الله بن جبير الهاشمي عن القواس. انظر أسانيد قراءة
ابن كثير.
(8) مكررة في م.
(9) في ت، م: (همزة) والصواب حذف التاء.
(2/542)
1528 - فأما قوله همزوا الأولى وأسقطوا
الآخرة، فإن كان أراد التسهيل فقد أصاب وإن كان أراد ذهاب
الهمزة رأسا فقد أخطأ؛ لأن ذلك غير جائز في الهمزة المبتدأة
إذا التقت بمثلها ولا يتمكن «1» اللفظ به.
1529 - ولم يرو تليين الأولى في هذا الضرب إلا من هذين
الطريقين لا غير، وبما قدّمته أولا قرأت وبه آخذ.
1530 - قرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق الهمزتين معا في جميع
القرآن، وكذلك روى أحمد بن صالح وأبو سليمان «2» عن قالون،
وقياس قولهما يوجب تحقيقهما في قوله: النّبىّ أولى [الأحزاب:
6] والنّبىّ أن يستنكحها [الأحزاب: 50] وذلك ما انفرد به نافع
من هذين الطريقين.
1531 - والضرب الخامس: أن تكون الأولى مكسورة والثانية مفتوحة
نحو قوله:
من خطبة النّسآء أو أكننتم [البقرة: 235] وهؤلآء أهدى [النساء:
51] وبالفحشآء أتقولون [الأعراف: 28] ومن المآء أو ممّا
[الأعراف: 50] وما «3» أشبهه.
1532 - فقرأ الحرميان وأبو عمرو بتحقيق الهمزة الأولى وإبدال
الهمزة الثانية ياء مفتوحة لانكسار ما قبلها، ولا يجوز في
تليينها غير ذلك، وكذلك لا يجوز في تليين المفتوحة المضموم ما
قبلها غير البدل أيضا؛ لأنه لو عدل عن ذلك فيها في الضربين،
وجعلت بين بين- كما يجب في المفتوحة المتحركة «4» لصارت بين
الهمزة والألف، [والألف] «5» لا يكون ما قبلها مضموما ولا
مكسورا، وكذلك لا يكون قبل ما قرب بالتسهيل منها، وهذا مذهب
النحويين أجمعين ولا أعلم بينهم خلافا فيه.
1533 - وقرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق الهمزتين معا في جميع
القرآن، وكذلك روى أحمد بن صالح وأبو سليمان عن قالون «6».
__________
(1) في م: (ولا يتمكن)
(2) هو سالم بن هارون المدني، وتقدم ذكر مذهبهما عن قالون في
الفقرة/ 1500.
(3) سقطت (ما) من م.
(4) كذا في الأصل، وهو شكل، ولو قال (في المفتوحتين) لاستقام
النص، والله أعلم.
(5) زيادة ليستقيم السياق.
(6) تقدم ذكر مذهبهما عن قالون في الفقرة/ 1500.
(2/543)
1534 - والضرب السادس: أن تكون الأولى
مضمومة والثانية مكسورة، وذلك نحو قوله: من يشآء إلى صرط
[البقرة: 142] الشّهدآء إذا ما دعوا [البقرة: 282] السّوء إن
أنا [الأعراف: 188] ما نشؤا إنّك لأنت [هود: 87] وما أشبهه.
1535 - فقرأ جميع ذلك الحرميّان وأبو عمرو بتحقيق الهمزة
الأولى وتليين الثانية، واختلف النحويون والقرّاء في كيفية
تسهيلها، فقال بعضهم: تجعل بين الهمزة والياء على حركتها؛
لأنها أولى «1» بأن يسهّل عليها من غيرها؛ لقربها منها. وهذا
مذهب «2» الخليل وسيبويه، وحكاه ابن مجاهد «3» عن اليزيدي عن
أبي عمرو، ورواه عن ابن مجاهد أحمد بن نصر الشذائي فيما حدّثني
«4» ابن شاكر عنه.
1536 - وقال آخرون: تبدل واوا مكسورة خفيفة الكسرة على حركة ما
قبلها؛ لأنها أثقل من حركتها، والثقيل هو الحاكم على الخفيف في
الطبع والعادة، فلذلك دبّرتها «5» في التسهيل، وهذا مذهب أكثر
أهل الأداء «6». وكذا حكى أبو طاهر بن أبي هاشم فيما حدّثنا
الفارسي عنه أنه قرأ على ابن مجاهد. وكذا حكى أيضا أبو بكر «7»
الشذائي فيما حدّثنا ابن شاكر عنه أنه قرأ على غير ابن مجاهد،
وبذلك قرأت أنا على أكثر شيوخي، وقد قرأت بالمذهب الأول على
فارس بن أحمد في مذهب أهل الحرمين وأبي عمرو وهو أوجه في
القياس، والثاني آثر في النقل.
1537 - وقرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق الهمزتين. وكذلك روى
أحمد بن صالح وأبو سليمان عن قالون، وقياس روايتهما يوجب
تحقيقها في قول: يا أيها النبيء إذا حيث وقع يأيّها النّبىّ
إنّآ [الأحزاب: 45].
__________
(1) في م (أوفى) ولا يستقيم بها السياق.
(2) قال ابن الجزري في النشر (1/ 388) وهو مذهب أئمة النحو
ومذهب جمهور القراء حديثا.
(3) حكاه نصا كما في النشر 1/ 388.
(4) الحسن بن شاكر تقدم، وطريقه عن الشذائي عن ابن مجاهد ليس
من طرق هذا الكتاب.
انظر الفقرة/ 1524.
(5) أي خلفتها. انظر لسان العرب 5/ 353.
(6) نقل العبارة ابن الجزري في النشر (1/ 388) من قول الداني
في جامعه وقال قبل ذلك:
وهذا مذهب جمهور القراء من أئمة الأمصار قديما.
(7) هو أحمد بن نصر.
(2/544)
1538 - والضرب السابع: أن تكون الأولى
مفتوحة والثانية مكسورة، وذلك نحو قوله: شهدآء إذ حضر [البقرة:
133] وو البغضآء إلى يوم القيمة [المائدة: 14] وأوليآء إن
استحبّوا [التوبة: 23] وشركآء إن يتّبعون [يونس: 66] وما
أشبهه.
1539 - فقرأ الحرميان وأبو عمرو جميع ذلك بتحقيق الهمزة الأولى
وتليين الثانية، يجعلونها بين الهمزة والياء الساكنة لا غير.
1540 - وروى الحسن «1» بن مخلد عن البزّي شهدآء إذ حضر بطرح
الهمزة الأولى، ويثبت همزة «إذ». قال البزي: وكان أبو الإخريط
يقول: شهدآء إذ حضر خلط الأولى بالآخرة ولم يبين الآخرة. قال
البزي: ولا أقرأ به، وقال البزّي السّمآء إلى الأرض [السجدة:
27] بهمزة واحدة لم يذكر أيّتهما هي المتروكة، وقياس ما حكاه
أولا يوجب أن يكون الأولى. وروى لنا محمد بن أحمد عن ابن مجاهد
عن قنبل والبزّي في الباب كله: مثل أبي عمرو «2»، وقال أبو
طاهر «3» عن ابن مجاهد عن قنبل خلط عليّ فقال: شهدآء إذ حضر
[البقرة: 133] اهمز الثانية ودع الأولى. وقال «4» قرأت على
قنبل من الشّهدآء أن تضلّ [البقرة: 282] مثل أبي عمرو ويشآء
إلى [البقرة: 142] «5» همزت الأولى وتركت الثانية، فقال لي هذه
رواية البزّي. وأمّا أنا فأقرأ من الشّهدآء أن تضلّ ويشآء إلى
«6»، قال: وقال لي قنبل: كان القواس يقول: لا تبال أيهما تركت
إذا لم يجمع بينهما. قال أبو طاهر: فقلت لأبي بكر في هذين
وحدهما؟ فقال لي: فيهما وفيما أشبههما، وروى الخزاعيّ «7» عن
أصحابه السّمآء إلى الأرض [السجدة: 5] يهمزون الأولى.
__________
(1) الحسن بن الحباب بن مخلد.
(2) أي بتسهيل الهمزة الثانية بين الهمزة والياء.
(3) عبد الواحد بن عمر.
(4) القائل ابن مجاهد.
(5) البقرة/ 142. وفي ت، م: (يشاء إذا) ولا يوجد في القرآن
الكريم. والتصحيح من التيسير/ 34.
(6) في م: (شيئا إذ) وفي ت: (يشاء إذا) وكلاهما خطأ. لأن ما في
م لا يصلح مثالا. وما في ت لا يوجد في القرآن الكريم.
(7) إسحاق بن أحمد بن إسحاق. وأصحابه البزي، وابن فليح، وعبد
الله بن جبير عن القواس.
(2/545)
1541 - وقرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق
الهمزتين. وكذلك روى أحمد بن صالح وأبو سليمان عن قالون «1».
1542 - وأخبرنا عبد العزيز بن جعفر أن عبد الواحد بن عمر
حدّثهم، قال:
حدّثني أبو بكر «2»، قال: حدّثنا الحسن الرازي، قال: حكى لنا
أحمد بن قالون عن أبيه، قال: وقد كان نافع لا يعيب إظهار
الهمزتين في شركآء إن يتّبعون [يونس: 66] والسّمآء إلى الأرض
إذا كانت الأولى نصبا والأخرى خفضا.
1543 - والضرب الثامن: أن تكون الأولى مفتوحة [والثانية
مضمومة] «3»، وذلك في موضع واحد في المؤمنون كلّ ما جآء أمّة
[المؤمنون: 44] لا غير، فقرأ الحرميان وأبو عمرو بتحقيق الهمزة
الأولى وتليين الثانية، فجعلوها كالواو المختلسة الضمّة وهي في
الحقيقة بين الهمزة والواو الساكنة.
1544 - وقال ابن مخلد عن البزّي جاء أمة وقال أبو طاهر «4»:
ضبطتها عنه بترك همزة جاء وهمزت «5» الثانية. قال «6» لي ابن
مجاهد: قال لي أبو عمرو «7»: وفي جآء أمّة إن شئت خلفت الثانية
وإن شئت لم تخلفها جآء أمّة. قال ابن مجاهد:
وقول قنبل: وإن شئت لم تخلفها ليس بشيء؛ لأنه إذا همز الأولى
فهي همزة مفتوحة، فلا بدّ من أن يخلف الثانية بواو في اللفظ
بعد همزة جآء، وإذا ترك همزة جآء وهمز أمّة قال: جآء أمّة في
لفظ جا أمة، فأسقط همزة جاء وأتى بهمزة أمّة مضمومة بعد ألف
ساكنة في جاء.
1545 - وقرأ الكوفيون [وابن عامر] «8» بتحقيق الهمزتين، وكذا
روى أحمد بن صالح وأبو سليمان عن قالون «9».
__________
(1) تقدم تفصيل مذهبهما عن قالون في الفقرة/ 1500.
(2) أبو بكر هو ابن مجاهد، والحسن الرازي هو الحسن بن العباس
بن أبي مهران. والإسناد صحيح. وهذا الطريق خارج عن طرق جامع
البيان.
(3) زيادة ليستقيم السياق.
(4) هو عبد الواحد بن عمر تلميذ ابن مخلد. من الطريق التاسع
عشر بعد المائة.
(5) في م (وهمزة) وهو خطأ.
(6) القائل هو عبد الواحد بن عمر تلميذ ابن مجاهد.
(7) هو قنبل، واسمه محمد بن عبد الرحمن بن محمد.
(8) زيادة من السبعة/ 140، والتيسير/ 34، والنشر 1/ 389.
(9) تقدم مذهبهما عن قالون في الفقرة/ 1500.
(2/546)
فصل [إذا حال بين
الهمزتين حائل]
1546 - واعلم أن «1» في التسهيل لإحدى الهمزتين في الكلمة
والكلمتين في مذهب أهل التسهيل إنما يكون إذا تلاصقتا معا ولفظ
بالثانية بعد الأولى من غير حائل بينهما، فإن حال بينهما ألف
أو واو أو تنوين أو غير ذلك من متحرك أو ساكن، فالتسهيل للهمزة
الثانية ممتنع، وتحقيقها إجماع لأجل ذلك الحائل؛ إذ التلاصق
الموجب للتسهيل معدوم بوجوده.
1547 - فأما ما حال بينهما فيه ألف فنحو قوله: رئآء النّاس
[البقرة: 264] وإنّا برءؤا [الممتحنة: 4] ورءآ أيديهم [هود:
70] والسّوأى أن كذّبوا [الروم:
10] وما أشبهه.
1548 - وأما ما حال بينهما فيه الواو فنحو قوله: قل استهزءوا
إنّ الله [التوبة:
64] وجاءو أباهم وما أشبهه.
1549 - وأما ما حال بينهما فيه التنوين فنحو قوله: على سوآء
إنّ الله [الأنفال:
58] وكمآء أنزلناه [يونس: 24] ومّن شىء إذ كانوا [الأحقاف: 26]
ومن شىء إلّا [يوسف: 68] وما أشبهه. وقد روى ورش «2» عن نافع
أنه يلقي حركة الهمزة عليه «3»، فهو في هذا على أصله ذلك.
1550 - وقال الخزاعي «4» عن أصحابه عن ابن كثير رئآء النّاس لا
يهمز الأولى من أجل همزة الناس وهؤلآء [البقرة: 37] يهمز الواو
ويكسر الألف الآخرة «5» بغير همز، قال: لأنهم لا يجمعون بين
همزتين في حرف واحد، وهذا غلط من الخزاعي من جهتين:
__________
(1) في ت، م (أن في التسهيل) وزيادة (في) يجعل العبارة مضطربة.
(2) سيأتي تفصيل مذهب ورش في إلقاء حركة الهمزة على الساكن
قبلها.
(3) أي على التنوين.
(4) اسمه إسحاق بن أحمد بن إسحاق. وأصحابه هم البزي، وابن
فليح، وعبد الله بن جبير الهاشمي عن القواس.
(5) تكررت في ت كلمة (الآخرة) خطأ.
(2/547)
1551 - إحداهما أن الهمزتين في ذلك لم تتلاصقا بل قد فصل
بينهما في رئآء النّاس الألف، وفي هؤلآء اللام المتحركة
والألف، فوجب تحقيقها؛ لأنهما لا يستثقلان.
1552 - والثانية أن ذلك كان يجب في كل كلمة فيها همزتان قد فصل
بينهما فاصل، نحو قوله: إنّا برءؤا [الممتحنة: 4] وأنبّئكم [آل
عمران: 49] «1»، وأرءيت [الماعون: 1] وأفرءيت [مريم: 77]
وأرءيتكم [الأنعام: 40] وو أبرىء [آل عمران: 49] وو مآ أبرّئ
[يوسف: 53] وهم أولآء [طه: 84] ومن أنبآء [آل عمران: 44] وما
أشبهه، وذلك غير معروف من مذهب ابن كثير في ذلك بإجماع، فصحّ
أن الذي حكاه الخزاعي غلط لا شك فيه، وبالله التوفيق وهو حسبنا
ونعم الوكيل. |