جامع البيان في القراءات السبع

باب ذكر مذاهبهم في الهمزتين المتلاصقتين في كلمة
1384 - اعلم أن الهمزة تقع مبتدأة مع مثلها في كلمة واحدة على ثلاثة أضرب:
فالضرب الأول أن يتفقا بالفتح، وذلك نحو قوله: ءأنذرتهم [البقرة: 6]، وءأنتم أعلم [البقرة: 140]، ءأسلمتم [آل عمران: 20]، ءأقررتم [آل عمران: 81]، ءأشفقتم [المجادلة: 13]، ءألد وأنا عجوز [هود: 72] ءأسجد لمن خلقت [الإسراء:
61] ءأتّخذ من دونه ءالهة [يس: 23] وما أشبهه [58/ و]، مما تدخل فيه همزة الاستفهام على همزة الأصل، والقطع، والمتكلم.
1385 - فقرأ ابن كثير بتحقيق الهمزة الأولى وتليين الهمزة الثانية، فيكون بين الهمزة والألف من غير فاصل بينهما، في جميع القرآن، فيمد «6» بعد المحققة مدّة في تقدير ألف، وهي في الحقيقة همزة مليّنة.
1386 - وقرأ أبو عمرو بتحقيق الأولى وتليين الثانية، وإدخال ألف ساكنة بينهما، فيمدّ بعد المحققة مدّة في تقدير ألفين.
__________
(4) في ت، م: (الدال) بدل (الصاد) وهو خطأ واضح.
(5) تكررت في ت: (في الميم والواو). خطأ.
(1) اسمه سهل بن محمد، تقدم.
(2) في ت، م: (وهو). وزيادة الواو خطأ؛ لأنها تسبب اضطراب العبارة.
(3) أبو بكر الأذفوي.
(4) في م: (فيما). ولا يناسب السياق.

(2/506)


1387 - واختلف في ذلك عن نافع: فروى ورش من غير رواية أبي يعقوب «1» عنه الموافقة لابن كثير، وروى أبو يعقوب عن ورش أداء تحقيق الأولى وإبدال الثانية ألفا محضة، والإبدال على غير قياس إلا أنه سمع وروى، فجاز استعماله في المسموع والمروي لا غير، والمدّ بعد الهمزة المحققة مما أمكن وأشبع، وكذا إن ألقى حركة المحققة على ساكن قبلها، فذهبت من اللفظ على مذهبه، وذلك في نحو قوله: قل ءأنتم أعلم [البقرة: 140] ورّحيم ءأشفقتم [المجادلة: 12، 13] وشبهه.
1388 - والفصل بالألف مع إبدال الثانية، ومع إلقاء حركة الأولى على الساكن قبلها ممتنع وغير جائز؛ لذهاب كل واحدة منهما من اللفظ رأسا مع ذلك، وهذا الذي حكيناه عن أصحاب ورش، وقدّرناه من مذاهبهم في هذا الضرب، هو ما تلقيناه أداء، دون ما رويناه نصّا.
1389 - فأما النصّ فإن أبا الأزهر وداود «2»، وأبا يعقوب قالوا عنه: كل همزتين منتصبتين التقتا في أول حرف، مثل ءأنتم [البقرة: 140] أأنذرتهم [البقرة: 6] ءأرباب [يوسف: 39] ءألد وأنا [هود: 72] فإنه يبين الأولى، ويمدّ الآخرة. لم يزيدوا على ذلك شيئا، ولا ميّزوا كيف التسهيل. وروى إسماعيل «3»، والمسيّبي، وقالون عنه الموافقة لأبي عمرو، كذا أقرئناه «4» في مذاهبهم، ولم يزد أصحاب قالون والمسيّبي على قولهم في ذلك مستفهمة «5» بنبرة واحدة- شيئا.
1390 - واختلف في ذلك عن هشام عن ابن عامر، فروى عنه الحلواني «6» الموافقة لأبي عمرو أيضا. وروى عنه ابن عبّاد «7» فيما قرأت أنه حقّق الهمزتين معا، وفصل بينهما بألف مطوّلة، وكذلك روى عنه أحمد بن محمد «8» بن بكر فيما حدّثنا
__________
(1) الأزرق.
(2) داود بن هارون، وأبو يعقوب هو الأزرق.
(3) هو إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، والمسيبي اسمه إسحاق بن محمد.
(4) في ت: (أقرأيناه). وهو خطأ واضح.
(5) في أ (مستفقة) وهو خطأ واضح.
(6) انظر الطريق/ 210.
(7) انظر الطريق/ 215.
(8) انظر الطريق/ 217.

(2/507)


به محمد بن أحمد عن ابن مجاهد، عنه عن هشام «1».
1391 - وحدّثنا أبو الحسن «2» بن غلبون، حدّثنا عبد الله بن محمد، حدّثنا أحمد بن أنس ح.
1392 - وحدّثنا الفارسي «3»، حدّثنا أبو طاهر بن أبي هاشم نا إسحاق بن أبي حسّان (ح).
1393 - وأخبرنا أحمد بن عمر بن محمد، نا أحمد بن سليمان، نا محمد بن محمد الباغندي، واللفظ لابن أنس، قالوا: حدّثنا هشام بإسناده عن ابن عامر ءألد وأنا عجوز [هود: 72] مهموزة ممدودة وءأرباب مّتفرّقون [يوسف: 39] بهمزتين، وءأنتم أضللتم [الفرقان: 17] بهمزة واحدة ممدودة، لم يذكر غير هذه الثلاثة المواضع بالتراجم المذكورة.
1394 - وقرأ الكوفيون وابن ذكوان بتحقيق الهمزتين معا من غير فاصل بينهما في جميع القرآن، وقال التغلبي «4»، وابن خرّزاذ «5» عن ابن ذكوان: بهمزتين والاستفهام.
1395 - وحدّثنا محمد بن علي، نا ابن مجاهد، نا التّغلبي عن ابن ذكوان أن ابن عامر كان يقرأ الهمزتين «6» والاستفهام. يريدان «7» بالاستفهام الفصل بالألف بين الهمزتين. قال ابن مجاهد: وهذا يدلّ على أنه يقرأ ءأنذرتهم [البقرة: 6] وأءذا [الرعد: 5] «8»، وأءنّا [الرعد: 5] «9». يعني بهمزتين بينهما ألف.
__________
(1) انظر السبعة/ 137.
(2) انظر الطريق/ 214. وإسناده صحيح.
(3) انظر الطريق/ 218. وإسناده صحيح.
(4) انظر الطريق/ 219. وإسناده صحيح.
(5) اسمه أحمد بن يوسف، وانظر الطريق/ 205.
(6) اسمه عثمان، أنظر الطريق/ 209.
(7) في السبعة المطبوع/ 137: كان يقرأ بهمزتين في الاستفهام. وإثبات حرف الجر (في) غير سائغ إذا أريد بالاستفهام الفصل بالألف بين الهمزتين، كما فسره الداني.
(8) التغلبي وابن خرزاذ.
(9) الرعد/ 5. وانظر السبعة/ 137.

(2/508)


1396 - واستثنى التّغلبي وأحمد بن أنس ومحمد بن إسماعيل «1» الترمذي، ومحمد بن موسى وأحمد بن المعلى وابن خرّزاذ عن ابن ذكوان من جملة الباب قوله: ءأسجد في سبحان [61] فرووه عنه بهمزة واحدة ومدّة، كذلك نصّ عليه ابن ذكوان في كتابه.
1397 - وقياس قوله «2» إذا سهّل الثانية أن لا يدخل بينها وبين المحقّقة ألفا، وقال الأخفش «3» عن ابن ذكوان في كتابه الخاصّ والعامّ في الباب كله: بهمزتين مقصورتين، يعني بغير فاصل بينهما ونصّ على ءأسجد كذلك، وقال ابن المعلى عنه في الباب كله بهمزتين ولم يذكر الاستفهام، فوافق قول الأخفش عنه.
1398 - وروى [58/ ظ] ابن شنبوذ «4»، عن ابن شاكر عن ابن عتبة عن ابن عامر ءأسجد والباب كله بهمزتين من غير مدّ، واستثنى منه ثلاثة مواضع في آل عمران ءأقررتم وفي المائدة [116] ءأنت قلت للنّاس وفي المجادلة [13] ءأشفقتم، فرواها بهمزة وألف ممدودة.
1399 - وقال الوليد بن مسلم عن يحيى «5»، عن ابن عامر في هود [72] يويلتى ءألد وفي الفرقان [17] ءأنتم أضللتم وفي يس [10] ءأنذرتهم، وفي الأحقاف [20] أذهبتم، وفي الملك [16] ءأمنتم مّن فى السّمآء، وفي ن [14] أن كان ذا مال، وفي النازعات [27] ءأنتم أشدّ خلقا، في السبعة بهمزة واحدة ممدودة. وقياسها ما بقي من نظائرها، وكأن رواية الوليد موافقة لرواية الحلواني عن هشام.
1400 - وقال ابن بكار «6»، عن أيوب، عن يحيى، عنه ءأنذرتهم بهمزتين شكلا دون ترجمة، وقياسه سائر الباب.
__________
(1) محمد بن إسماعيل بن يوسف بن محمد، أبو إسماعيل، الترمذي، ثم البغدادي، عالم مشهور، روى القراءة عن ابن ذكوان، قال الداني: هو من جلة أصحاب الحديث وعلمائهم، وقال في التقريب: ثقة حافظ. التقريب 2/ 145، غاية 2/ 102.
(2) في الفقرة السابقة بهمزة واحدة ومدة.
(3) اسمه هارون بن موسى بن شريك.
(4) انظر الطريق/ 223.
(5) ابن الحارث الذماري.
(6) انظر الطريق/ 224.

(2/509)


1401 - وروى ابن [أبي] «1» أمية عن أبي بكر عن عاصم ءأنذرتهم بهمزة واحدة ومدّة مثل أهل المدينة، لم يرو ذلك عن أبي بكر غيره.
1402 - وحدّثنا عبد العزيز بن جعفر، أن عبد الواحد بن عمر حدّثهم، قال حدّثنا السيرافي «2» - يعني أحمد بن فدربخت- حدّثنا القطعي، فقال حدّثنا سليمان، عن يزيد عن إسماعيل، عن نافع: ءأشفقتم بهمزتين. لم يرو ذلك عن إسماعيل غير يزيد بن عبد الواحد الضرير، وهو ثقة.
1403 - وحدّثنا «3» عبد الرحمن بن عمر حدّثنا عبد الله بن أحمد، حدّثنا جعفر ابن محمد، حدّثنا أبو عمر، عن الكسائي: أنه كان يحقّق الهمزتين في الاستفهام إذا ثقّل «4»، وإذا خفّف القراءة لم يهمز إلا واحدة يعني في هذا الضرب خاصّة، وإذا لم يهمز إلا واحدة لم يدخل قبل الثانية ألفا؛ بدلالة امتناعه من إدخالها قبلها إذا هو حقّقها.
1404 - وحدّثنا محمد بن عليّ حدّثنا ابن مجاهد عن أصحابه، عن أبي عمر «5»، وأبي الحارث، عن الكسائي: أنه كان يحقّق الهمزتين إذا حقّق «6»، فإذا خفّف همز واحدة.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق وانظر الطريق/ 273.
(2) السيرافي أحمد بن فدربخت، أبو بكر، ويقال أبو الحسن، مقرئ معروف. روى القراءة عن محمد ابن يحيى القطعي. غاية 1/ 95. والقطعي هو محمد بن يحيى بن مهران، وسليمان هو ابن داود الزهراني أبو الربيع، وإسماعيل هو ابن جعفر بن أبي كثير. وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان، وإسناده صحيح.
(3) انظر إسناد الطريق/ 384. وهو صحيح.
(4) في م: (نقل) بدل (ثقل) وهو تصحيف. والمراد بالتثقيل القراءة بالتحقيق كما سيأتي.
(5) أبو عمر هو حفص بن عمر الدوري، وأبو الحارث هو الليث بن خالد.
(6) أي إذا قرأ في التحقيق. وهو عبارة عن إعطاء كل حرف حقه من إشباع المد، وتحقيق الهمزة وإتمام الحركات ... الخ. انظر النشر 1/ 205.
- وقد علق محقق السبعة على قوله إذا حقق، فقال: حقق الهمزة: لم يخففها ولم يسهلها بل نطق بها دون تخفيف. انظر السبعة/ 137.
- وعلق على قوله (وكذلك كانت قراءة الكسائي إذا خفف) فقال: وخفف أي سهل الهمزة.
أه. قلت: هو خطأ؛ لأن المراد تخفيف القراءة بالحدر. أنظر السبعة/ 136.

(2/510)


1405 - قال أبو عمرو: وأهل الأداء عنهما «1» يحقّقون الهمزتين معا، لا أعلم بينهم خلافا في ذلك، فأما ما اختلفوا فيه من هذا الباب بالاستفهام والخبر، فنذكره في موضعه من السّور إن شاء الله تعالى.
1406 - والضرب الثاني: أن يختلفا فتكون الأولى مفتوحة والثانية مكسورة وذلك نحو قوله: أءذا كنّا [الرعد: 5] أئنّ لنا لأجرا [الشعراء: 41] أئنّكم لتشهدون [الأنعام: 19] أءله مّع الله [النمل: 60] أئن ذكّرتم [يس: 19] أئنّا لتاركوا [الصافات: 36] وما أشبهه مما يدخل فيه همزة الاستفهام على همزة الأصل لا غير.
1407 - فقرأ ابن كثير بتحقيق الهمزة الأولى وتليين الثانية، فتكون بين الهمزة والياء من غير كسر مشبع على الياء، ولا إدخال ألف بين المحققة «2» والملينة، كمذهبه في المتفقتين بالفتح حيث وقع.
1408 - قال أبو ربيعة عن صاحبيه «3» في الباب كله: بهمزة واحدة ولا يمدّ.
وكذلك قال الخزاعي «4» عن أصحابه. وقال في بعض ذلك: يجعل الثانية ياء ويكسرها.
1409 - وقال البزي في كتابه عن أصحابه «5» عنه: أئنّكم الأنعام [19] أئنّ لنا الشعراء [41] بهمزتين. وكذلك قال: أءذا ضللنا فى الأرض في السجدة [10].
وقال في يس [19]: أئن ذكّرتم همزة واحدة ومدّة، ثم يكسر.
1410 - وقال أحمد «6» بن الصّقر بن ثوبان، عن قنبل في والصافات: أءذا متنا [53] وأءنّا لمدينون [53] بهمزة مطوّلة يفتح أولها ثم يكسر. وهذه مناقضة
__________
(1) عن الدوري وأبي الحارث.
(2) في م: (المخففة)، وهو تصحيف.
(3) في م: (صاحبه)، وهو خطأ. صاحباه هما البزي وقنبل.
وانظر الطرق/ 103، 109، 110، 111.
(4) اسمه إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع. وأصحابه هم: البزي، وعبد الله بن جبير الهاشمي، وابن فليح.
(5) عن ابن كثير.
(6) هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.

(2/511)


لمذهبه، ومخالفة للمجتمع عليه عنه. وقد قال البزي في سورة النمل [60]: أءله مستفهمة بهمزة واحدة، ولا يمدّ. فوافق الجماعة من المكّيين.
1411 - وقرأ نافع في رواية ورش من غير خلاف عنه كمذهب ابن كثير بتحقيق الأولى ما لم يقع قبلها ساكن، وتليين «1» الثانية، والنحو «2» بها نحو الياء المكسورة
المختلسة الكسرة، من غير فاصل بينهما. وقال أبو الأزهر، وأبو يعقوب، وداود عنه: فإن كانت واحدة منتصبة وأخرى مرتفعة أو منخفضة، بيّن الأولى وأدغم الثانية مثل: أءله مّع الله [النمل: 60] أءذا كنّا ترابا [الرعد: 5] أشهدوا خلقهم [الزخرف: 19] أنبتكم [نوح: 17].
1412 - وقرأ «3» في رواية إسماعيل، والمسيبي، وقالون فيما قرأت لهم من جميع الطرق بتحقيق الأولى وتليين الثانية وإدخال ألف فاصلة بينهما كمذهبهم في المتفقتين بالفتح. [59/ و] وكذلك روى ابن جبير «4» عن أصحابه عنه، ورواية أحمد بن صالح «5» عن قالون تؤذن بالقصر كرواية ورش سواء.
1413 - وحدّثنا أحمد بن عمر «6» القاضي، حدّثنا محمد بن أحمد، حدّثنا عبد الله بن عيسى ح.
1414 - وحدّثنا فارس بن أحمد «7»، حدّثنا أبو القاسم الرازي، [حدثنا محمد الهروي] «8» حدّثنا محمد القطري، قالا حدّثنا قالون عن نافع أنبتكم، وأءذا، وأئنك، ونظائر ذلك مستفهمة بنبرة واحدة. وكذا قال القاضي «9»، والكسائي، وسائر الرواة عنهم. فقولهم مستفهمة يدل على المد.
__________
(1) و (2) في م: (يلين)، و (ينحو).
(3) أي وقرأ نافع.
(4) اسمه أحمد وأصحابه هم علي بن حمزة الكسائي، عن إسماعيل عن نافع كما في الطريق السابع، وإسحاق بن محمد المسيبي النافع كما في الطريق التاسع والعشرون.
(5) انظر الطرق/ 46، 47، 48، 49.
(6) انظر إسناد الطريق/ 51. وهو إسناد صحيح.
(7) انظر إسناد الطريق/ 52. وهو هنا إسناد حسن لغيره.
(8) سقط من ت، م. والتصحيح من الفقرة/ 655.
(9) هو إسماعيل بن إسحاق. والكسائي هو إبراهيم بن الحسين.

(2/512)


1415 - وروى الحلواني، وأبو مروان العثماني «1»، وأبو سليمان، وأبو نشيط عن قالون: أنه يستفهم في الباب كله بهمزة مطوّلة. وكذا روى الحسن الرازي «2»، عن أحمد بن قالون عن أبيه. وروى أبو عون الواسطي «3» عن الحلواني عن قالون في الباب كله أنه يمدّ ولا يشبع.
1416 - والذي قاله «4» في الضربين حسن، وقد بيّنّا صحة ذلك في كتابنا المصنّف في الهمزتين على أن المدّ والإشباع مع الفصل بالألف في الضربين جميعا متمكّن جائز؛ لما بيّنّاه هنالك.
1417 - وحدّثنا محمد بن أحمد، حدّثنا ابن مجاهد، حدّثنا «5» محمد بن الفرح، حدّثنا محمد بن المسيّبي عن أبيه عن نافع: أنبتكم قصر الألف غير ممدودة، [قوله] «6» أنها غير ممدودة ذلك «7» غلط من ابن الفرح؛ لأن ابن المسيّبي قد حكى عن أبيه في كتابه أئن ذكّرتم [يس: 19] ألفها مفتوحة ممدودة بنبرة واحدة. وقال ابن سعدان عنه أئن ذكّرتم بهمزة واحدة ومدّة. وقال خلف عنه أءذا بهمزة مطوّلة، ثم يشمّ الكسرة. قال خلف: وأنا أقول كل استفهام نافع بهمزة «8» مطوّلة، ثم يشمّ الكسرة. و [كذا] «9» روى أبو عبيد «10» عن إسماعيل، وبذلك قرأت.
1418 - وقرأ أبو عمر بتحقيق الأولى وتليين الثانية وألف فاصلة بينهما، كمذهبه في المفتوحتين. وقد خالف الجماعة عن اليزيدي أحمد بن جبير، فروى عنه أءذا وأءله [النحل: 60] يقصر ولا يمدّ. حكى ذلك في كتاب الخمسة من تصنيفه،
__________
(1) العثماني اسمه محمد بن عثمان، وأبو سليمان اسمه سالم بن هارون.
(2) انظر الطريق/ 53.
(3) انظر الطرق/ 40، 41، 43.
(4) أي الذي قاله قالون في الهمزتين المتفقتين، وفي الهمزتين إذا كانت الأولى مفتوحة والثانية مكسورة.
(5) كرر ناسخ م (حدثنا محمد بن الفرج). وانظر الطريق/ 13. وإسناده صحيح.
(6) زيادة ليستقيم السياق.
(7) في ت، م: (وذلك) وزيادة الواو غير مرضية.
(8) سقطت (بهمزة) من ت.
(9) زيادة ليستقيم السياق.
(10) أنظر الطريق/ 10.

(2/513)


وقال عنه في غيره: إنه يمدّ، فاضطرب قوله. والأول من قوليه خطأ؛ لأنه عدول عن مذهب أبي عمرو. وعلى المدّ جميع أصحاب ابن جبير، قالوا ولم يقصر غير أئمّة [التوبة:
12] وأؤنبّئكم [آل عمران: 5] لا غير.
1419 - وقرأ الكوفيون وابن ذكوان عن ابن عامر «1» بتحقيق الهمزتين في الباب كله من غير فاصل بينهما، وروى أبو عمر «2»، وأبو توبة «3» عن الكسائي، عن أبي بكر، عن عاصم في الأنعام [19] أئنّكم بهمزة وياء من غير مدّ، نقضا لسائر الباب، وخلافا للجماعة عنه. وروى أبو عبيد «4»، عن الكسائي، عن أبي بكر: بتحقيق الهمزتين، ذكر ذلك في سورة البقرة. وروى خلاد «5» عن حسين عن أبي بكر أئنّكم لتشهدون [الأنعام: 19] على الاستفهام. يعني ممدودة، وهذا خلاف لقول الجماعة أيضا في سائر الباب.
1420 - وروى ابن أبي حماد «6» عن أبي بكر في يس [19] أئن ذكّرتم مكسورة الياء، وهذا يدل على تسهيل الثانية. وروى هارون «7» بن حاتم عن حسين عن أبي بكر، والمنذر «8» بن محمد عن هارون عن أبي بكر أئنّكم لتشهدون على الاستفهام يعني ممدودة. [ .... ] «9» نفسه أئن ذكّرتم بهمزة واحدة، وهذا أيضا يدلّ على التسهيل. وروى المفضل «10» عن عاصم أئن ذكّرتم بهمزة بعدها ياء، وقرأت «11» له بهمزتين.
__________
(1) في ت، م: (ابن مجاهد). وهو خطأ واضح.
(2) هو حفص بن عمر الدوري، وانظر الطريقين، 228، 230.
(3) اسمه ميمون بن حفص. وانظر الطريق/ 226.
(4) اسمه القاسم بن سلام. وانظر الطريق/ 227.
(5) هو خلاد بن خالد عن حسين بن علي الجعفي. وانظر الطريق/ 275.
(6) انظر الطريقين/ 268، 271.
(7) انظر الطريق/ 274.
(8) المنذر بن محمد بن المنذر، الكوفي، روى القراءة عن هارون بن حاتم عن أبي بكر عن عاصم، وعن أبيه عن سليم عن حمزة عن الأعمش. قال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال في غرائب مالك: ضعيف. لسان الميزان 6/ 90، غاية 2/ 311. وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(9) يبدو أن في السياق سقطا. والله أعلم.
(10) المفضل بن محمد الضبي.
(11) من الطريقين: العشرين، والحادي والعشرين كلاهما بعد الثلاث مائة.

(2/514)


1421 - واختلف عن هشام عن ابن عامر في هذا الباب: فروى عنه الحلواني وابن عباد «1» بتحقيق الهمزتين وألف فاصلة بينهما من غير استثناء، كذا قرأت على أبي الفتح «2» في روايتهما، وعلى ذلك عامّة أهل الأداء عن الحلواني عنه.
1422 - وكذا حدّثنا «3» محمد بن أحمد، حدّثنا ابن مجاهد، حدّثني أحمد بن محمد بن بكر، عن هشام «4». وكذلك روى أبو بكر «5» الداجوني عن أصحابه أداء عنه، وحكى عنهم أيضا في الباب كله تسهيل الثانية كأبي عمرو، وكان يخيّر بين الوجهين.
1423 - قال الحلواني عنه في كتابه: ما كان من الاستفهام مثل أءله [النمل:
60]، وأءنّك لأنت يوسف [يوسف: 90]، وأ أنتم [الفرقان: 17]، وأ أسلمتم [آل عمران: 20]، بهمزة مطوّلة، قال: وإذا لم يكن استفهاما همز همزتين مثل أئمّة.
فهذا يدل على أنه يسهل الهمزة الثانية كمذهب أبي عمرو. وقد جاء عن هشام ما يدلّ على صحة ما حكاه من ذلك.
1424 - فحدّثنا أبو الحسن «6» شيخنا، حدّثنا عبد الله بن محمد، حدّثنا أحمد ابن أنس. ح
1425 - وأخبرنا [59/ ظ] أحمد «7» بن محفوظ، نا أحمد «8» بن سليمان، نا محمد بن محمد قالا: نا هشام بإسناده عن ابن عامر أءله مّع الله [النمل: 174] ممدود، أئن ذكّرتم بهمزة واحدة. وقال في الصّافّات [52]: أءنّك مهموز،
__________
(1) في ت، م: (ابن عباس). وهو خطأ؛ لأنه لا يعرف في رواة هشام. انظر غاية النهاية 2/ 354.
(2) هو فارس بن أحمد. وذلك من الطرق: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، والخامس عشر، كلها بعد المائتين.
(3) انظر الطريق/ 217. وإسناده صحيح.
(4) في السبعة المطبوع لهشام من طريق أحمد بن محمد بن بكر بهمزتين مثل حمزة. انظر السبعة/ 137.
(5) اسمه محمد بن أحمد بن عمر. وطريقه في رواية هشام خارج عن طرق جامع البيان.
(6) هو طاهر بن غلبون. وانظر الطريق/ 214. وإسناده صحيح.
(7) انظر الطريق/ 219. وإسناده صحيح.
(8) سقطت (أحمد بن) من ت خطأ.

(2/515)


ولم يزد على ذلك. وقال ابن أبي حسان «1» عنه: أءله بهمزتين ممدود، وأئن ذكّرتم بهمزة واحدة.
1426 - وحدّثنا عبد العزيز بن جعفر أن عبد الواحد بن عمر حدّثهم، نا الحسين «2» بن محمد الرازي، نا محمد بن بشار نا أحمد بن يزيد، قال: قرأت على هشام بإسناده عن ابن عامر، وذكر عنه أنه كان يمدّ أئنّكم يهمز ثم يمدّ ثم يهمز، وكذلك أئنّ لنا لأجرا [الشعراء: 41] «3» في السورتين وأءنّك، وأءذا في الصّافّات [52، 53] كلها بهمزتين يهمز ثم يمدّ [ثم يهمز] «4». قال: وكذلك ما كان استفهاما في جميع القرآن من هذا الجنس. قال: ويقرأ أئمّة الكفر [التوبة: 12] وأئمّة يدعون [القصص: 41] بهمزتين، ولم يذكر مدّا. قال عبد الواحد بن عمر:
رأيتها في كتابي ممدودة شكلا، فوافق ما رواه «5» ابن عباد عنه.
1427 - قرأت على أبي الحسن «6» بن غلبون، عن قراءته في رواية الحلواني عن هشام: بتحقيق الهمزتين معا من غير فاصل بينهما في جميع القرآن إلا في سبعة مواضع، فإنه فصل بين الهمزتين فيها بالألف: أولها في الأعراف [81] أئنّكم لتأتون وأئنّ لنا لأجرا [113] في مريم [66] أءذا ما متّ، وفي الشعراء [41] أئنّ لنا لأجرا وفي الصافات [52] أءنّك لمن المصدّقين وأئفكا ءالهة [86] وفي فصّلت [9] أئنّكم لتكفرون إلا أنه ليّن الهمزة الثانية في هذا الموضع السابع، وهذا كله يدلّ على صحة ما رواه الرواة عن هشام من الاختلاف في التحقيق والتسهيل والفصل وغيره.
1428 - حدّثنا «7» محمد بن علي، حدّثنا ابن مجاهد، حدّثنا أحمد، حدّثنا ابن
__________
(1) اسمه إسحاق بن إبراهيم. وذلك من الطريق الثامن عشر بعد المائتين.
(2) الحسين بن محمد بن الحسين بن المهلب الرازي تقدم- محمد بن بشار لم أجده. ولعله محرف عن محمد بن بسام. انظر الفقرة/ 2541. وهذا الطريق خارج عن طريق جامع البيان.
(3) الشعراء/ 41، وقرأ في الأعراف/ 113 بهمزتين كما في النشر 1/ 371.
(4) زيادة ليستقيم السياق.
(5) تقدمت رواية ابن عباد في الفقرة/ 1421.
(6) هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(7) تقدمت هذه الرواية في الفقرة 1395.

(2/516)


ذكوان بإسناده عن ابن عامر أنه كان يقرأ بهمزتين والاستفهام، وكذا قال ابن المعلى «1» عنه. قال ابن مجاهد «2»: فهذا يدل على أنه كان يقرأ أءذا وأئنّا يعني بهمزتين بينهما ألف.
1429 - وقال ابن ذكوان في كتابه الذي روته الجماعة عنه أءنّك لأنت يوسف [يوسف: 90] وأئفكا بهمزتين ولم يذكر مدّا. وقال في الشعراء [41]:
أئنّ لنا، وفي النمل [60] أءله مّع الله وفي الصّافّات [52] أءنّك لمن المصدّقين وفي فصّلت [9] أئنّكم لتكفرون وفي ق [3] أءذا متنا بهمزتين ومدّة، بدلالة قوله في ذلك بهمزتين والاستفهام.
1430 - وروى الأخفش عنه بتحقيق الهمزتين من غير ألف في الباب كله، وبذلك قرأت من كل الطرق «3» عنه عن ابن ذكوان.
1431 - وقال ابن أنس «4»، وابن خرّزاذ والصّوري عنه في الباب كله بهمزتين لم يزيدوا على ذلك شيئا. وقال ابن خرزاذ عنه في الشعراء [41] أئنّ لنا بالاستفهام بهمزة. وقال في سائر الباب بهمزتين.
1432 - وروى ابن شنبوذ «5» عن ابن شاكر، عن عتبة عن ابن عامر: بتحقيق الهمزتين في الباب كله. وقال في النمل [60]: أءله جميع ما فيها أئن ذكّرتم في يس [19] بهمزتين بينهما مدّة. وقال: ليس في القرآن ما يقرؤه من هذا الجنس هكذا إلا ما ذكرناه. وقال في سورة ق [3]: أءذا متنا بهمزة واحدة على الخبر.
1433 - قال أحمد بن نصر: وكذا رواها الحلواني وغيره أداء عن هشام، قال هشام: لم يستفهم ابن عامر بإذا إلا في موضعين فقط: في مريم «6»، والواقعة «7»، وقال:
__________
(1) من الطريق الثامن بعد المائتين.
(2) تقدم هذا النص في الفقرة/ 1395.
(3) في ت، م (الطريقين). وهو خطأ واضح. وطرقه عنه من الخامس والتسعين بعد المائة إلى الرابع بعد المائتين على التوالي.
(4) أحمد بن أنس بن مالك. من الطريق السابع بعد المائتين. وابن خرزاد اسمه عثمان من الطريق التاسع بعد المائتين. والصوري اسمه محمد بن موسى بن عبد الرحمن. من الطريق السادس بعد المائتين.
(5) اسمه محمد بن أحمد بن الصلت. من الطريق الثالث والعشرين بعد المائتين.
(6) الآية/ 66: (إذا ما مت).
(7) الآية/ 47: (أئذا متنا).

(2/517)


ليس في القرآن ياء ثابتة «1» في أءذا إلا في الواقعة [47] لا غير. قال أحمد بن نصر: وأما أءنّا فإن الحلواني والداجوني «2» يرويانه عن هشام بمدّة بين همزتين في كل القرآن إلا في النمل «3» فإنه بنونين.
1434 - وروى الوليد «4» عن يحيى عن ابن عامر في الشعراء [41] أئنّ لنا لأجرا بالاستفهام، وفي النمل [60] أءله ممدودة، وفي يس [19] أئن ذكّرتم ممدودة بهمزة واحدة.
1435 - وروى ابن بكار «5» عن ابن عامر أءذا كنّا وأئمّة الكفر [التوبة:
12] بهمزتين شكلا من غير ترجمة. وقال في المؤمنون «6» [82]: أءذا متنا قال أبو طاهر «7»: قيدتها في كتابي بمدّة بين همزتين، فأما ما اختلفوا «8» فيه بالاستفهام والخبر فنذكره في السّور [60/ و] إن شاء الله.
1436 - والضرب الثالث: أن يختلفا أيضا، فتكون الأولى مفتوحة وهي للاستفهام والثانية مضمومة وهي للمتكلم والقطع لا غير، وجملة ذلك ثلاثة مواضع أولها في آل عمران [15] قل أؤنبّئكم وفي ص [8] أءنزل عليه الذّكر وفي القمر [25] أءلقى الذّكر عليه.
1437 - فقرأ الحلواني وأبو عمرو بتحقيق الهمزة الأولى وتليين الهمزة الثانية، فجعلوها بين الهمزة والواو الساكنة، فتصير في اللفظ كالواو المضمومة المختلسة الضمة من غير إشباع، غير أن ابن كثير وورشا عن نافع لا يدخلان بين المحققة والملينة ألفا على مذهبهما في جميع الاستفهام. واختلف في ذلك عن باقي أصحاب نافع وعن أبي عمرو.
__________
(1) أي في رسم المصحف.
(2) الداجوني اسمه محمد بن أحمد بن عمر، وطريقه عن هشام ليس في طرق هذا الكتاب كما تقدم في الفقرة/ 1422.
(3) هو الوليد بن مسلم. من الطريق الخامس والعشرين بعد المائتين.
(4) اسمه عبد المجيد. من الطريق الرابع والعشرين بعد المائتين.
(5) في م: (المؤمن). وهو خطأ.
(6) هو عبد الواحد بن عمر أحد رجال إسناد طريق رواية عبد المجيد بن بكار.
(7) سقطت (ما) من م.
(8) انظر الطريق/ 13. وإسناده صحيح.

(2/518)


1438 - فأما المسيّبي فقال لنا محمد بن أحمد «1»، عن ابن مجاهد عن أصحابه عن محمد بن إسحاق عن أبيه أؤنبّئكم الألف غير ممدودة وبعدها واو ساكنة، وكذا قال في سائر الاستفهام إنه غير ممدود «2». وروى خلف «3» وابن سعدان «4» عنه أن استفهام نافع كله بالمدّ، وكذلك قرأت في رواية المسيّبي من طريق ابنه «5» وابن سعدان «6» في جميع القرآن، وكذلك روى ابن جبير «7» عن أصحابه عن نافع.
1439 - وأما إسماعيل: فأقرأني أبو الفتح «8» شيخنا عن أصحابه عن ابن مجاهد عن ابن عبدوس عن أبي عمر عنه بالقصر في الباب كله. وأقرأني في رواية ابن فرح «9» عن أبي عمر عنه بالمدّ وإدخال الألف، وقد كان ابن مجاهد يأخذ بذلك، وقد رواه عنه غير واحد من أصحابه وهو قياس رواية أبي عبيد «10» عن إسماعيل.
1440 - وأما قالون فأقرأني أبو الفتح أيضا عن قراءته في رواية القاضي «11»، والحلواني «12»، والشحام «13» عنه بالقصر، وهو معنى رواية أحمد بن صالح عنه، وأقرأني في رواية أبي نشيط «14» عنه بالمد، وكذا روى أحمد بن قالون «15» عن أبيه،
__________
(1) في م: (ممدودة) ولا تناسب السياق.
(2) هو ابن هشام، من الطرق: الرابع والعشرين، والخامس والعشرين، والسادس والعشرين.
(3) اسمه محمد، من الطرق: السابع عشر، والثامن عشر، والحادي والعشرين.
(4) من الطرق: الخامس عشر، والسادس عشر، والتاسع عشر، والحادي والعشرين.
(5) من الطريقين: العشرين، والثاني والعشرين.
(6) اسمه أحمد. من الطريق التاسع والعشرين، وفيه يروي عن المسيبي عن نافع. ولم يتقدم له غير هذا الطريق عن نافع، وحق ذلك أن يقال عن صاحبه.
(7) من الطريق الثاني، وفيه قرأ أبو الفتح فارس بن أحمد على عبد الله بن الحسين السامري عن ابن مجاهد. ولم يتقدم له غيره، وحق ذلك أن يقال عن صاحبه.
(8) من الطريق الثاني.
(9) من الطريق الثالث.
(10) من الطريق العاشر.
(11) إسماعيل بن إسحاق القاضي، من الطريق الخامس والثلاثين.
(12) من الطرق: السابع والثلاثين، والثامن والثلاثين، والأربعين، والحادي والأربعين.
(13) الحسن بن علي بن عمران، من الطريق الثالث والأربعين.
(14) من الطريق الخامس والأربعين.
(15) من الطريق الثالث والخمسين.

(2/519)


وموسى «1» بن إسحاق القاضي، وأبو سليمان «2» الليثي عنه. وكذا أقرأني أبو الحسن «3» في رواية الحلواني عن قراءته. وبذلك قرأت «4» أيضا في روايته من طريق ابن عبد الرزاق، وهو قياس رواية إسماعيل القاضي، والمدني «5»، والقطري «6»، والكسائي «7»، وغيرهم عن قالون؛ لأنهم قالوا في جميع الاستفهام: مستفهمة بهمزة واحدة. فقولهم مستفهمة دليل على المدّ.
1441 - وأما أبو عمرو فحدّثنا محمد بن أحمد «8»، حدّثنا ابن مجاهد عن أصحابه عن سعدان وابن اليزيدي عن أبيه عنه أءلقى [القمر: 25] وأءنزل [ص: 8] وأؤنبّئكم [آل عمران: 15] بألف بين الهمزتين وتليين الثانية. قال ابن مجاهد «9»:
وكذا روى أبو زيد والعباس بن الفضل عن أبي عمرو. قال «10»: وروى اليزيدي أنه [كان] «11» لا يفعل ذلك.
1442 - وأحسب ابن مجاهد حكى القصر عن اليزيدي بعد أن روى المدّ عن ابن سعدان وعن ابنه عنه من طريق قراءته عن أصحابه دون النصّ عنه بذلك؛ لأن قياس رواية جميع أصحابه عنه بالمدّ ونصوصهم في كتبهم تؤذن به؛ وذلك «12» أن أبا
__________
(1) لم يتقدم طريقه في أسانيد طرق الكتاب، فهو خارج عن طرق الكتاب.
(2) سالم بن هارون المدني، من الطريق السابع والخمسين.
(3) طاهر بن غلبون، وتقدم في الفقرة/ 1101 أن هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(4) من الطريق التاسع والثلاثين.
(5) عبد الله بن عيسى بن عبد الله، من الطريق الحادي والخمسين.
(6) محمد بن عبد الحكم، من الطريق الثاني والخمسين.
(7) إبراهيم بن الحسين، من الطريق الخمسين.
(8) انظر الطريقين/ 180، 181. عن ابن سعدان، والطريق/ 170 عن ابن اليزيدي.
(9) انظر السبعة/ 137، وليس في السبعة المطبوع ذكر (أبي زيد). وأبو زيد هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري تقدم.
(10) أي ابن مجاهد. وانظر: السبعة/ 136.
(11) زيادة من السبعة.
(12) من هنا إلى نهاية الفقرة نقله ابن الجزري في النشر 1/ 374 من قول الداني في جامع البيان.

(2/520)


عمر «1»، وأبا خلاد، وأبا شعيب، وأبا حمدون، وأبا الفتح الموصلي، ومحمد بن شجاع، وغيرهم قالوا عنه «2» عن أبي عمرو: إنه كان يهمز الاستفهام همزة واحدة ممدودة. قالوا: وكذلك كان يفعل بكل همزتين التقتا فيصيرهما واحدة ويمدّ إحداهما مثل أءذا [الرعد: 5] وأءله [النمل: 60] وأئنّكم [الأنعام: 19] «3»، وءأنتم [البقرة: 140] وشبهه.
1443 - فهذا يوجب أن يمدّ إذا دخلت همزة الاستفهام على همزة مضمومة إذا لم يستثنوا ذلك، وجعلوا المدّ سائغا في الاستفهام كله، وإن لم يدرجوا شيئا من ذلك في التمثيل، فالقياس فيه جائز والمدّ فيه مطّرد.
1444 - على أن أبا عبد الرحمن «4»، وأبا حمدون وإبراهيم بن اليزيدي قد نصّوا على المدّ في أءنزل وأءلقى. وروى ابن سعدان وابن جبير عن اليزيدي في أءنزل بهمزة مطوّلة. وقال أصحاب ابن جبير عنه عن اليزيدي في أءنزل وأءلقى بالمدّ وأؤنبّئكم بالقصر.
1445 - وروى أبو حمدون وأبو عبد الرحمن أؤنبّئكم بغير مدّ. قالا: لأنها من (نبأت)، وما قدّر وخرج عن القياس فليس سبيله أن يجعل أصلا يعمل عليه في بعض نظائره، ولا سيما إذا أنيطت ندارته بعلة تمتنع في سواه. وبمثل ما رواه أبو عبد الرحمن وأبو حمدون عن اليزيدي، قرأت على عبد العزيز بن جعفر «5»، عن قراءته على أبي طاهر بن أبي هاشم في رواية الدوري عن اليزيدي. [60/ ظ] وبه قرأت «6»
__________
(1) هو حفص بن عمر الدوري، وأبو خلاد هو سليمان بن خلاد، وأبو شعيب هو صالح بن زياد السوسي، وأبو حمدون اسمه الطيب إسماعيل، وأبو الفتح اسمه عامر بن عمر.
(2) عن اليزيدي.
(3) سقطت (وأئنكم) من م.
(4) هو عبد الله بن اليزيدي.
(5) في ت، م: (عبد الرحمن بن جعفر). وهو خطأ؛ لأنه لا يعرف في شيوخ الداني ولا في تلاميذ عبد الواحد بن أبي هاشم. انظر غاية النهاية 1/ 503، 475؛ ولأن رواية المؤلف عن أبي طاهر بن أبي هاشم هي بواسطة عبد العزيز بن جعفر كما تقدم مرارا كثيرة.
وانظر الطريق/ 139، 140، 141، 142، 143.
(6) في ت، م بعد قوله (عن اليزيدي) زيادة (وبه قرأت على أبي طاهر بن أبي هاشم في رواية الدوري عن اليزيدي). وهذه الزيادة تكرار لبعض العبارة السابقة خطأ من النساخ.

(2/521)


في رواية شجاع «1» عن أبي عمرو.
1446 - وقال ابن غالب «2» عن شجاع عنه: قل أؤنبّئكم [آل عمران: 15] بهمزة واحدة غير ممدودة، وأهل الأداء عنه على المذكور [أولا، وكذلك] «3» روى أبو علي الحسين «4» بن حبش الدّينوري أداء عن أبي عمران موسى بن جرير، وأحمد بن يعقوب عن أحمد بن حفص «5» الخشاب، عن أبي شعيب السوسي عن اليزيدي، وأبو العباس عبد الله «6» بن أحمد البلخي أداء أيضا عن أبي حمدون عن اليزيدي في الثلاثة المواضع.
1447 - وقال ابن المنادي في كتاب قراءة أبي عمرو: إن أبا «7» أيوب الخياط يروي عن اليزيدي عن أبي عمرو المدّ فيهن. قال: وذكر بعض المتأخرين أن أبا أيوب كان يأخذ بقصرهن، قال: وأهل الأداء عن الدوري على القصر فيهن.
1448 - وقرأت أنا على أبي الفتح وأبي الحسن وغيرهما عن قراءتهم في رواية اليزيدي من جميع الطرق ومن طريق أبي عمران وغيره عن السوسي بالقصر كله.
1449 - قال ابن مجاهد في كتاب قراءة أبي عمرو: ولم أر أحدا ممّن أخذت عنه قراءة أبي عمرو ممّن قرأ على أصحاب اليزيدي يمدّون هذه الثلاثة الأحرف، بل يقصرونها بلفظ واحد، قال: ولا أحسبهم أجمعوا على ذلك إلا عن أصل عن أبي عمرو صحيح، وإن لم نعلمه نحن. والله أعلم.
1450 - قال أبو عمرو: وإنما قال هذا لأن النص عنه في الكتب يوجب المدّ
__________
(1) وطرقه عنه من الخامس والثمانين بعد المائة إلى الحادي والتسعين بعد المائة على التوالي.
(2) محمد بن غالب الأنماطي.
(3) زيادة ليستقيم السياق. ويشهد لها أن طريق ابن حبش عن أبي عمران عن السوسي في النشر (1/ 375) بالفصل بين الهمزتين.
(4) الحسين بن محمد بن حبش بن حمدان، طريقه خارج عن طرق جامع البيان، كما تقدم في الفقرة/ 1159.
(5) أحمد بن حفص الخشاب، المصيصي، قرأ على السوسي، روى القراءة عنه إبراهيم بن عبد الرزاق، وأحمد بن يعقوب التائب. غاية 1/ 51. وطريقه خارج عن طرق جامع البيان.
(6) طريقه خارج عن طرق جامع البيان كما تقدم في الفقرة/ 1046.
(7) سليمان بن أيوب بن الحكم تقدم.

(2/522)


مع كشف الرواة الخمسة «1» الأعلام عن ذلك، وتنبيههم عليه في الحروف المذكورة، ولعل أبا عمرو إنما ترك من هذا الضرب دون الضربين الأوّلين لمّا قلّ دوره، فاكتفى بخفّة القلّة، عن تخفيفه بالمدّ.
1451 - وقرأ الكوفيون وابن عامر بتحقيق الهمزتين في الثلاثة المواضع على خلاف عن هشام عن ابن عامر في ذلك:
1452 - فقرأت له على أبي «2» الحسن عن قراءته بتحقيق الهمزتين من غير مدّ في آل عمران وتسهيل الهمزة الثانية مع المدّ في ص والقمر.
1453 - وقرأت له على أبي الفتح «3»، من طريق الحلواني في الثلاثة المواضع بالتخيير بين تحقيق الهمزتين معا، وبين تسهيل الثانية مع المدّ «4» في الوجهين طردا لمذهبه في مدّ الاستفهام، وذلك كالذي رواه الداجوني «5» عن أصحابه عن هشام.
1454 - وقرأت له في رواية ابن عباد «6» بتحقيق الهمزتين مع المدّ، وذلك قياس ما حدّثناه محمد بن أحمد عن أبي بكر «7» عن هشام، وما رواه الحلواني عنه «8»؛ إذ جعلا التخفيف والمدّ سائغا في «9» جميع الاستفهام. وروى أحمد بن أنس «10» عن هشام أءنزل [ص: 8] مهموز لم يزد على ذلك، وأراه يريد بهمزتين. فأما اختلافهم في قوله: أشهدوا خلقهم [الزخرف: 19] فنذكره في موضعه إن شاء الله.
__________
(1) وهم: أبو عمر الدوري، وأبو شعيب السوسي، وأبو خلاد، وأبو حمدون، وأبو الفتح الموصلي. انظر الفقرة/ 1442.
(2) تقدم في الفقرة/ 1427 أن هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(3) من الطريق الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، وكلها بعد المائتين.
(4) سقطت (المد) من م.
(5) محمد بن أحمد بن عمر، وتقدم أن طريقه عن هشام خارج عن طرق جامع البيان. انظر الفقرة/ 1422.
(6) من الطريق الخامس عشر بعد المائتين.
(7) في م، (ابن بكر) وهو خطأ؛ لأنه لا يعرف في شيوخ محمد بن أحمد بن علي، انظر غاية النهاية 2/ 73. وأبو بكر هو ابن مجاهد.
(8) تقدم ذلك في الفقرة/ 1421.
(9) في ت، م: (وجميع)، ولا يستقيم به السياق؛ بدلالة عبارة الفقرة/ 1443.
(10) من الطريق الرابع عشر بعد المائتين.

(2/523)


فصل في دخول همزة الاستفهام على ال التعريف
1455 - وإذا دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل التي معها لام المعرفة نحو قوله: ءآلذّكرين [الأنعام: 143] ءآلله أذن لكم [يونس: 59] ءآلئن وقد [يونس: 51] ءآلله خير [النمل: 59] وشبهه لم تذهب همزة الوصل من اللفظ معها كما تذهب في كل موضع في حال الاتصال بل تثبت معها خاصة، وذلك للدلالة على الفرق بين الاستفهام والخبر؛ إذ الفرق بينهما في ذلك لا يكون إلا بثباتها وانفتاحها «1»، إلا أنها تليّن بإجماع. واختلف علماؤنا في كيفيّة تليينها:
1456 - فقال بعضهم: تبدل ألفا خالصة، وجعلوا ذلك لازما لها. هذا قول أكثر النحويين، وهو قياس ما رواه المصريون أداء عن ورش عن نافع.
1457 - وقال آخرون: يجعل بين الهمزة والألف لثبوتها في حال الوصل وتعذّر حذفها فيه، فهي كالهمزة اللازمة لذلك، فوجب أن يجري التليين فيها مجراه في سائر الهمزات المتحرّكات بالفتح إذا وليتهنّ همزة الاستفهام والقولان جيّدان.
1458 - ولم يحقّقها أحد من أئمة القراءة ولا فصل بينها وبين همزة الاستفهام بألف لضعفها، ولأن البدل يلزمها في أكثر القول، فلم يحتج لذلك إلى تحقيقها ولا إلى الفصل [سبيل] «2».
1459 - فأمّا النصّ بذلك عن المحقّقين: فحدّثنا ابن غلبون «3»، قال: حدّثنا علي بن محمد، قال: حدّثنا أحمد بن سهل، قال: حدّثنا علي بن محصن، قال حدّثنا عمرو،/ عن حفص وعن عاصم قال: ءآلذّكرين [الأنعام: 143] الحرفان يمدّ الألف فيهما ولا يهمزان ءآلله أذن لكم [يونس: 59] غير ممدود الألف.
1460 - أخبرني محمد «4» بن سعيد قال: أخبرني محمد بن أحمد بن خالد، قال: حدّثنا أبي، قال: نا إبراهيم بن محمد، قال: نا عبد الصمد، عن علي بن زيد «5»،
__________
(1) في ت، م: (ولانفتاحهما) وهو غير مستقيم.
(2) زيادة ليستقيم السياق.
(3) انظر إسناد الطريق/ 304. وهو صحيح.
(4) صدر الإسناد قبل علي بن يزيد تقدم في الفقرة/ 411. وأما علي بن يزيد فهو ابن كيسة.
وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(5) في ت، م: (زيد). وهو خطأ؛ لأنه لا يعرف في رواة سليم. انظر غاية النهاية 1/ 318.

(2/524)


عن سليم عن حمزةء آلذّكرين [الأنعام: 143] ءآلئن [يونس: 91] وقل ءآلله أذن لكم [يونس: 59] وء آلله خير [النمل: 59] بهمزة ممدودة.
1461 - حدّثنا عبد الرحمن «1» بن عمر، قال حدّثنا عبد الله بن أحمد، قال حدّثنا جعفر بن محمد «2»، قال حدّثنا أبو عمر عن الكسائي ءآلذّكرين ءآلله أذن لكم ءآلئن [يونس: 91] ممدود مهموز بهمزة واحدة لا يكون بهمزتين.
1462 - وقال الأخفش في كتابه العامّ عن ابن ذكوان بإسناده عن ابن عامر قل ءآلذّكرين وءآلله أذن لكم وءآلله خير وءآلئن بمدة طويلة، وبهذا المعنى وردت تراجم الرواة والناقلين عن أهل التحقيق والتسهيل، وأصحاب الفصل في هذا الضرب، فدلّ ذلك على انعقاد الإجماع عليه.
1463 - وقد روى محمد بن «3» الفرح عن ابن المسيبي عن أبيه عن نافع قل ءآلذّكرين مهموزا غير ممدود لم يرو ذلك أحد غيره، وهو غلط لخروجه عن مذاهب القراءة وسنن العربية وبالله التوفيق.