جامع البيان في القراءات السبع

الجزء الثاني
[تتمة باب ذكر مذاهبهم لزيادة التمكين لحروف المد والتنوين إذا التقين الهمزات في المتصل والمنفصل]
فصل (في تقديم الهمزة على حروف المد واللين)
1286 - وإذا تقدمت الهمزات حروف المدّ واللين الثلاثة، نحو قوله: ءامنوا [البقرة: 9] وو ءاتوا [البقرة: 43] وءادم [البقرة: 31] وءازر [الأنعام: 74] وءاخر [التوبة: 102] وأن تبوّءا [المائدة: 29] وجآءنا [الحجر: 61] «1»، وإيمنكم [البقرة: 225] ولإيلف قريش* إلفهم [قريش: 1، 2] ومّتّكئين [الكهف: 31] وخطئين [يوسف: 97] ومستهزءون [البقرة: 14] ومتّكئون [يس:
56] وو أوذوا [آل عمران: 195] وفادرءوا [آل عمران: 168]، رءوف [البقرة:
207] «2»، ويؤسا [الإسراء: 83] ولا يئوده [البقرة: 255] وما أشبهه، فلا خلاف في تمكينهن على مقدار ما فيهن من المدّ الذي هو صيغتهن، ومقداره مقدار حرف واحد «3». ألف [أ] «4» وياء [أ] «5» وواو، من غير زيادة، إلا ما اختلف فيه عن ورش.
1287 - فروى أصحاب أبي يعقوب الأزرق عنه أداء تمكينهن تمكينا وسطا، بزيادة يسيرة، وهي كالزيادة التي تزيدها من هذا الطريق في تمطيطهنّ، مع تأخّر الهمزة في المتصل والمنفصل، مطابقة لمذهبه في التحقيق، وتحكمها المشافهة، وسواء كانت الهمزة قبلهن محقّقة، أو التي حركتها على ساكن قبلها، أو أبدلت حرفا خالصا؛ لأنها في حال الإلقاء والبدل في نيّة التحقيق، فجرت لذلك مجرى المحققة، وذلك نحو قوله: من ءامن [البقرة: 62] وبالأخرة [البقرة: 4] وقل إى وربّى [يونس:
53] وللإيمن [الأعراف: 167] ومن الأولى [الضحى: 4] ومن أوتى [الحاقة:
__________
(1) في ت، م: (جاءانا)، وهو خطأ لعدم وجوده في التنزيل.
(2) وفي ت، م: (رءوفا). وهو خطأ لعدم وجوده في التنزيل.
(3) أي حركتين، وهو قدر المد الطبيعي.
(4) و (5) زيادة لتصحيح السياق.

(2/479)


19] وفقد أوتى [البقرة: 269] وقوما ءاخرين [الأنبياء: 11] وقدير* ءامن [البقرة: 284 - 285] وقريش إلفهم [قريش: 1، 2] وما أشبهه على مذهبه، وكذا هؤلآء ءالهة [الأنبياء: 99] ومّن السّمآء ءاية [الشعراء: 4]، وما كان مثله إلا قوله:
لّا يؤاخذكم الله [البقرة: 225] ولا تؤاخذنآ [البقرة: 286] وو لو يؤاخذ الله [النحل: 61] حيث وقع، وقوله: الئن «1» في الموضعين في يونس [51 و 92]، وعادا الأولى في والنجم [50]، فإنه لم يزد في تمكين المدّ في هذه الستة الأحرف مع عدم الهمزة لفظا، هذا قول أهل الأداء عنه. وقال النحاس «2»: إنه لا يمدّ ءآلئن [يونس: 91] حيث وقع.
1288 - وكذا لم يزد في تمكين الياء من قوله: إسراءيل [البقرة: 83] في جميع القرآن نقض أصله في ذلك، أو اكتفى فيه لكثرة دوره بتمكين الألف عن تمكين الياء.
وقال ورش عن نافع إسراءيل يمدّ أوله ويقصر آخره. وروى ابن شنبوذ «3» وغيره عن النحاس، عن أبي يعقوب، عن ورش أنه حذف الياء من ذلك حيث وقع، ك وميكال [البقرة: 98] سواء. وقال النحاس في كتاب اللفظ له: كان أبو يعقوب يقرأ إسراءيل بغير ياء، وكان عبد الصمد «4» يمدّها ويهمزها.
1289 - قال أبو عمرو: وحذف الياء من ذلك لغة «5»، والذي قرأت أنا به إثبات الياء، وتمكينها من غير زيادة، وعلى ذلك عامّة أهل الأداء.
1290 - فإن سكن ما قبل الهمزة في هذا الفصل، ولم يكن حرف المدّ، لم يزد في تمكين حرف المدّ بعدها؛ لأجل الساكن الجامد، وذلك نحو قوله: القرءان [البقرة: 185] والظّمئان [النور: 39]، ومسئولا [الإسراء: 34]، ومذءوما [الأعراف:
18] وما أشبهه. وقال النحاس عن أبي يعقوب: إنه كان يقصر القرآن، وكان عبد
__________
(1) المد المراد هنا هو ما بعد اللام. انظر النشر 1/ 341.
(2) هو إسماعيل بن عبد الله بن عمرو.
(3) طريق ابن شنبوذ عن إسماعيل بن عبد الله النحاس عن الأزرق عن ورش خارج عن طرق جامع البيان. قال ابن الجزري معددا شيوخ ابن شنبوذ: وإسماعيل بن عبد الله النحاس بمصر فيما ذكره أبو الكرم الشهرزوري، وهو غلط، وإنما قرأ على أحمد بن عبد الله بن هلال عن النحاس. غاية النهاية 2/ 52.
(4) عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم، أبو الأزهر، تلميذ ورش، تقدم.
(5) حكاها ابن الجوزي في زاد المسير 1/ 72، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 1/ 331.

(2/480)


الصمد يمدّه. وقال عنهما: الظّمئان [النور: 39]، ومذءوما، ومسئولا [الإسراء:
34] بغير مدّ. وحكى المصريون عن ورش وأصحابه: أنهم كانوا يمدّون القرءان أكثر من مدّ نافع، وبالأول قرأت.
1291 - فإن كان الساكن حرف مدّ أو حرف لين، زيد في التمكين نحو جآء ءال [الحجر: 61] «1»، وأتستبدلون [البقرة: 61] وفآءو [البقرة: 226] وجآءو [آل عمران: 184] وو بآءو [البقرة: 61] ويرآءون [الماعون: 6] وليسئوا [الإسراء: 7] وبريئون [يونس: 41]، وو قاسمهمآ [الأعراف/ 20]، والموءدة وما أشبهه.
1292 - وإن كانت الهمزة مجتلبة للابتداء، نحو: اؤتمن [البقرة: 283] ائذن لّى [التوبة: 49] أفتونى [النمل: 31] وما أشبهه، أو كانت الألف التي بعد الهمزة مبدلة عن التنوين في حال الوقف: مّآء [البقرة: 22] وغثآء [المؤمنون: 41] وجفآء [الرعد: 17] وما أشبهه، لم يزد في تمكين حرف المدّ في ذلك؛ لأن همزة الوصل لا توجد إلا في حال الابتداء خاصة؛ ولأن تلك الألف لا تثبت إلا في حال الوقف لا غير. فهما غير لازمتين، فلم يعتدّ بهما في زيادة التمكين لذلك؛ وبهذا الذي ذكرت قرأت على ابن خاقان «2»، وأبي الفتح «3»، في رواية أبي يعقوب عن ورش، وحكيا لي ذلك عن قراءتهما، وعلى ذلك جماعة المصريين، ومن دونهم من أهل المغرب.
1293 - وقرأت على أبي الحسن «4» بن غلبون في روايته- بالإسناد المتقدم- بغير زيادة تمكين لحرف المدّ فيما تقدم، سألته عن زيادة التمكين، وإشباع المدّ، فأنكره [و] «5» بعد جوازه، وإلى ذلك كان يذهب شيخنا علي بن محمد «6» بن بشر رحمه الله، وسائر أهل الأداء من البغداديين والشاميين.
1294 - وقال بعض شيوخنا: هو اختيار من ورش خالف فيه نافعا، يعني الزيادة
__________
(1) في ت، م: (جاءانا) وهو خطأ لعدم وجوده في التنزيل.
(2) من الطريق التاسع والستين إلى الرابع والسبعين على التوالي.
(3) من الطريق الخامس والسبعين.
(4) من الطريق السادس والسبعين.
(5) زيادة ليستقيم السياق.
(6) ورواية الداني عنه من الطريقين: الثالث والستين، والرابع والستين، وهما من طرق رواية عبد الصمد عن ورش، لا من طرق رواية أبي يعقوب عنه.

(2/481)


في المدّ، قال: وأهل العراق ينكرون ذلك، ولا يأخذون به، وأهل مصر يروونه ويتركونه، وحكى لي الخاقاني أن أصحابه المصريين الذين قرأ عليهم اختلفوا في ذلك؛ فمن قائل منهم به، ومن منكر له.
1295 - وقال آخرون: إنما كان المشيخة من المصريين يأخذون بالتحقيق، والإفراط في المدّ على المبتدئين، على وجه الرياضة لهم، وهذا يدل على أن البالغ الإشباع الزائد في هذا الفصل، ليس من مذهب نافع، ولا اختياره، ولا من رواية ورش ولا أدائه، وأنه استحسان واختيار من أهل الأداء، عن أصحابه؛ من حيث استعملوه وأخذوه على المبتدئين، على وجه الرياضة فقط، على ما كان حمزة وأصحابه يأخذون به، من الزيادة في التحقيق والإفراط «1» في المدّ كذلك.
1296 - حدّثنا عبد العزيز بن محمد «2»، أن عبد الواحد بن عمر حدّثهم، قال حدّثنا ابن فرح، قال [حدثنا] «3» أبو عمر: قال: سمعت سليما يقول: [54/ و] وقف الثوري على حمزة فقال: يا أبا عمارة، ما هذا الهمز والمدّ والقطع الشديد؟ فقال: يا أبا عبد الله، هذه رياضة للمتعلّم. قال: صدقت.
1297 - وقد جاء عن نافع ما يؤيّد ما قلناه، ويؤذن بصحّته، وهو ما أخبرناه الخاقاني خلف بن إبراهيم، حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الأصبهاني «4»، حدّثنا [أبو] «5» إسحاق إبراهيم الباطرقاني، عن يوسف بن جعفر، عن إبراهيم بن الحسن، حدّثنا علي بن بشر، حدّثنا جعفر بن شكل، قال جاء رجل إلى نافع فقال: تأخذ «6» عليّ الحدر؟ فقال نافع: ما الحدر؟ ما أعرفها! أسمعنا. فقرأ الرجل، فقال نافع: الحدر
__________
(1) في م: (الإفراد). وهو خطأ واضح.
(2) انظر الطريق/ 359. وإسناده صحيح.
(3) زيادة يقتضيها السياق.
(4) محمد بن عبد الله بن محمد بن أشتة.
(5) في ت، م: (إسحاق بن إبراهيم) وهو خطأ، والصحيح من غاية النهاية 1/ 10، و 2/ 184.
وانظر إسناد الطريق/ 31.
- علي بن بشر لم أجده.
- جعفر بن شكل لم أجده.
(6) في م: (أخذ).

(2/482)


أو حدرنا أن لا نسقط «1» الإعراب، ولا ننفي الحرف «2»، ولا نخفف مشدد، ولا نشدد مخففا، ولا نقصر ممدودا، ولا نمدّ مقصورا، قراءتنا قراءة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سهل جزل، لا نمضغ ولا نلوك، ننبر «3» ولا ننتهر، نسهل ولا نشدد، نقرأ على أفصح اللغات وأمضاها، ولا نلتفت إلى أقاويل الشعراء، وأصحاب اللغات، أصاغر عن أكابر، مليّ عن وفيّ ديننا دين العجائز، وقراءتنا قراءة المشايخ، نسمع في القرآن ولا نستعمل فيه بالرأي، ثم قرأ نافع: قل لّئن اجتمعت الإنس والجنّ [الإسراء: 88] إلى آخر الآية.
1298 - في هذا الخبر بيان أن قراءته في هذا الضرب من الممدود، لم تكن بتمطيط بالغ، ولا بإشباع مسرف، بل كانت فيه بمدّ وسط، وتمكين يسير، على مقدار مذهبه في استعماله التحقيق لا غير؛ إذ ذلك الأفصح والأمضى من اللغات، والأقيس والأولى من الوجوه، وبه تحصل الجزالة والتسهيل، وينتفي الانتهار والتشديد.
1299 - وما حكينا له قبل «4» من كون الزيادة في هذا الضرب في مذهب ورش من الطريق المذكور، كالزيادة بعد تمطيط الحرف، في الضرب الذي يتأخر فيه الهمزة سواء [هو] «5» ما حكاه الإمام المقدّم في هذا العلم أبو الطيب أحمد بن يعقوب التائب رحمه الله في كتابه، فقال: وكلهم قرأ مآ ءاتينكم [البقرة: 63] بمدة متوسطة مثل إنّآ أعطينك [الكوثر: 1] إلا حمزة ونافعا في رواية ورش خاصة، فإنهما زادا في مدّه قليلا للتبيين والإشباع.
1300 - ألا تراه رحمه الله كيف سوّى بين مدّ ورش وبين مذهب حمزة في زيادة التمكين في هذا الضرب الذي يتقدم فيه الهمزة حرف المدّ، كما سوّى هو وغيره من المصنفين وأهل الأداء بين مذهبهما في الزيادة على غيرهما من أئمة القراءة في الضرب الذي تتأخر فيه الهمزة بعد حرف المدّ، وذلك من حيث اشتركا في استعمال الإشباع والتبيين، واتفقا في الأخذ بالتحقيق والتمكين، فدلّ ذلك دلالة ظاهرة
__________
(1) في م: (أن لا تسقط) بالخطاب، و (لا يبقي) بالغيبة وكذا ما بعدها.
(2) في ت (ولا نبقي)، وفي م (ولا يبقي)، وأراه خطأ لا يستقيم به السياق.
(3) النبر بالكلام الهمز، ونبر الحرف ينبره همزه. لسان العرب 7/ 39.
(4) في م: (قليل). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(5) زيادة ليستقيم السياق.

(2/483)


على أن تلك الزيادة- على ما يستحقه حرف المدّ- يسيرة، تحكمها المشافهة، وتوضحها التلاوة، وأنّها في الضربين: الممدود والمشبع والممكّن غير المشبع سواء، وأنها في الضرب الذي يتقدم فيه الهمزة حرف المدّ من غير إفراط، ولا خروج بها من لفظ الخبر إلى لفظ الاستخبار؛ إذ هي على مقدار الإشباع والتبيين؛ إذ كان أهل الأداء لحرف حمزة مجمعون على ترك الإفراط في مدّ ذلك، فكذلك أيضا ينبغي أن لا يفرط فيه في مذهب ورش، وكذلك قرأت على الخاقاني وأبي الفتح عن قراءتهما، وهو الذي يوجبه القياس ويحققه النظر وتدلّ عليه الآثار وتشهد بصحته النصوص، وهو الذي أتولاه وآخذ به.
1301 - وقد وقعت «1» في هذه الرواية التي قرأنا بها على ابن خاقان وفارس بن أحمد إلى جماعة لم تتحقق معرفتهم، ولا استكملت درايتهم، فأفرطوا في إشباع التمكين إفراطا أخرجوه بذلك عن حدّه ووزنه، (قال لإبعاد) «2» جوازه وتخطئة ناقله وتجهيل منتحله والآخذ به، وقد أتيت على البيان عن صحة القول في ذلك ووجهه الصواب فيه في كتاب الأصول وفي غيره، إلا أنّا رأينا ألا نخلي جامعنا هذا من ذكر ما فيه كفاية ومقنع من ذلك؛ لتستوفى به فائدته، ويعمّ نفعه، وليتحقق الناظرون فيه خطأ من أضاف ذلك إلى نافع، وصحّح نقله عن ورش عنه بشبه من النصوص ظنها دلائل، وعلق توهّمها حججا، بما نوضحه من القول، ونبيّنه من الدليل إن شاء الله.
[54/ ظ]

ذكر ذلك
1302 - اعلم أن الإفراط في المدّ والمبالغة في التمكين لحرف المدّ في هذا الفصل تحقق عند المنتحلين له («3» وفائدة عند «4» الآخذين به وبزعمهم وجهين) أحدهما: النصّ، والثاني: القياس، قالوا: وما تحقق وفاؤه «5» بهذين الوجهين أو بأحدهما وجب القطع على صحته ولزم العمل به.
__________
(1) في ت، م: (وقعت في). وزيادة (في) خطأ لا يستقيم به السياق.
(2) كذا في ت، وفي م: (قال ال انعاد) وكلاهما غير مفهوم.
(3) (1 1) كذا في ت، م.
(4) في م: (عن).
(5) في ت: (وفائد)، وفي م: (وما در). وكلاهما خطأ.

(2/484)


1303 - قالوا: فأما النصّ فإن جميع أصحاب ورش من أبي يعقوب «1»، وأبي الأزهر وداود وغيرهم أطلقوا المدّ، وعبّروا عنه عن نافع في كتبهم التي سمعوها وأصولهم التي دوّنوها في نحو قوله: وأوذوا [آل عمران: 195] «2»، فادرءوا [آل عمران: 168]، ردما ءاتونى، قال ءاتونى [الكهف: 96] «3»، وو كلّ أتوه [النمل: 87] «4»، وغير ءاسن [محمد: 15] وفئاتاهم الله ثواب الدّنيا [آل عمران: 148] ولإيلف قريش إلفهم [قريش: 1، 2].
1304 - وأما القياس: فإن الهمزة علّة لزيادة التمكين لحرف المدّ، وموجبة له فيه، لجهرها «5» وخفائها، فكما توجبه متأخرة بإجماع، كذلك أيضا توجبه متقدمة، لا فرق بين تأخّرها وتقدّمها في وجوب ذلك البيان والتحقيق.
1305 - والوجهان جميعا لا دليل فيهما على مذهبهم، ولا حجة فيهما [لانتحالهم]، ويؤذنان بطول قولهم وردّ دعواهم ويشهدان بقبيح مذاهبهم وسوء انتحالهم.
1306 - فأما ما ذكروه من النص الذي حقّق ذلك عنهم «6»، فإن أصحاب ورش لم يريدوا بإطلاق المد على تلك الحروف وبأشباهها الزيادة في تمطيطها، والمبالغة في تمكينها، حتى يتجاوز بذلك صيغتها، ولا قصدوا ذلك، بل أرادوا به معنى آخر هو أولى وآكد من معنى الزيادة والمبالغة؛ لحصول الفائدة فيه دون غيره، وهو الدلالة على الفرق بين القراءتين «7»، في الكلمة المحتملة الوجهين من المدّ والقصر فيما اختلف فيه، والإعلام بأن بعد الهمزة حرف مدّ فيما اتفق فيه لا غير.
1307 - ومما يبيّن أن ذلك أرادوا وإياه قصدوا دون غيره، إطلاق جميعهم القصر على تلك الحروف وأشباهها، مما فيه اختلاف بين أئمة القراءة، في مذهب من
__________
(1) اسمه يوسف بن عمرو بن يسار الأزرق، وداود هو ابن أبي طيبة هارون.
(2) ولم يذكر هذا الحرف م.
(3) والمد يتحقق عند البداءة بقوله (ائتوني).
(4) يقرؤها نافع (آتوه) بمد الهمزة وضم التاء، انظر: النشر 2/ 339، السبعة/ 487.
(5) في ت، م: (لجرها). وهو خطأ واضح.
(6) أي عن أصحاب ورش.
(7) في م: (القرائن). وهو خطأ واضح.

(2/485)


حذف حرف المدّ بعد الهمزة، نحو أمرنا مترفيها [الإسراء: 16] «1»، وأتينا بها [الأنبياء: 47] «2»، ولأتوها [الأحزاب: 14] «3»، ومّآ ءاتيتم [البقرة: 233] «4»، وبمآ ءاتاكم [الحديد: 23] «5» وشبهه.
وعلى الحروف التي لا حرف مدّ بعد الهمزة فيها بإجماع منهم، نحو الّذين يفرحون بمآ أتوا [آل عمران: 188] وفأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا [الحشر: 2] وأتوا به متشبها [البقرة: 25] وأثاروا الأرض [الروم: 9] وما أشبهه. فكما أرادوا- لا شك- بالقصر هاهنا إسقاط حرف المدّ بعد الهمزة- لا النقصان عن مدّه؛ لعدوه «6» في ذلك مذهب القارئين بذلك كله- أرادوا هناك إثبات حرف المدّ بعد الهمزة لا الزيادة في مدّه.
1308 - ويؤكد صحّة ذلك عبارة أصحاب ورش أجمعين من صلة هاء الكناية في نحو قوله: ونصله [النساء: 115] وأرجه [الأعراف: 111] وو يتّقه [النور:
52] وما أشبهه بالمدّ، وعن حذفه إياها في قوله: يرضه لكم [الزمر: 7] بالقصر وبغير مدّ، فكما جعلوا المدّ والقصر أيضا في هذا الضرب عبارة عن إثبات حرف المدّ وعن حذفه، [كذلك جعلوه] «7» فيما تقدم سواء، لا فرق بين الموضعين.
1309 - ويحقق «8» ذلك أيضا ويرفع الإشكال في صحته، وجود هذا المدّ مطلقا على تلك الحروف في كتاب كل واحد من أئمة القراءة والناقلين عنهم، فدلّ ذلك دلالة قاطعة على أن معناه ما بيّنّاه من الدلالة على مذاهبهم في إثباته والإتيان به بعد الهمزة دون الزيادة في تمطيطه والمبالغة في تمكينه، إذ ذلك ليس من قولهم، ولا من مذهبهم في ذلك بإجماع عنهم.
__________
(1) اختلف في مد الهمزة وقصرها. انظر النشر 2/ 306. السبعة/ 379.
(2) قرأ الجمهور بالقصر، وقرأ مجاهد (آتينا) بمد الألف انظر تفسير الطبري 17/ 25.
(3) انظر اختلاف القراء في مد الهمزة وقصرها في النشر 2/ 348، السبعة/ 520.
(4) انظر اختلاف القراء في مد الهمزة وقصرها في النشر 2/ 228، السبعة/ 183.
(5) انظر اختلاف القراء في مد الهمزة وقصرها في النشر 2/ 384، السبعة/ 626.
(6) في ت، م: (العدمة)، وهي غير متسقة مع السياق، فيبدو لي أنها محرفة عن (لعدوه) أي لمجاوزته.
(7) زيادة ليستقيم السياق.
(8) في م: (وتحقيق). ولا يناسب السياق.

(2/486)


1310 - ويؤيد هذا كلّه ويشهد بصحته، ما ورد في كتب السلف الماضين من القرّاء، والنحويين، من إطلاق العبارتين: من المدّ والقصر على إثبات حروف المدّ، وعلى حذفهما فيما لا همزة فيه من الكلم، وذلك مما لا يزاد في مدّ ما يثبت فيه حرف المدّ، ولا يبالغ «1» في تمكينه بإجماع منّا ومن مخالفينا؛ لعدم وجود الهمزة الموجبة لذلك قبله.
1311 - فأما ما ورد من ذلك في كتب القراءة فحدّثنا طاهر بن غلبون، قال:
حدّثنا عبد الواحد «2» بن محمد البلخي، قال: قرأ عليّ عثمان بن جعفر بن اللبان، قال: حدّثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم عن عمّه يعقوب بن إبراهيم عن نافع بن أبي نعيم أنه قرأ في سورة النساء [128] أن يصلحا «3» مثقلة ممدودة. وفي سورة الأعراف [172] من ظهورهم ذرّيّتهم «4» مثقلة ممدودة ألحقنا بهم ذرّيّتهم [الطور:
21] «5» ممدودة. وقال عنه في سورة النساء [5]: الّتى جعل الله لكم قيما «6» مخففة غير ممدودة.
1312 - حدّثنا خلف بن إبراهيم «7»، قال حدّثنا أحمد بن أسامة، قال حدّثنا أبي ح.
1313 - وحدّثنا فارس بن أحمد «8»، حدّثنا جعفر بن أحمد، حدّثنا محمد بن
__________
(1) في م: (ولا بالغ). وهو غير مناسب للسياق.
(2) عبد الواحد بن محمد البلخي، شيخ، روى الحروف عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله روى عنه طاهر بن غلبون. غاية 1/ 477.
- عثمان بن جعفر بن محمد بن محمد بن حاتم، أبو عمرو، المعروف بابن اللبان، الأحول، كان ثقة، مات سنة أربع وعشرين وثلاث مائة. تاريخ بغداد 11/ 297.
- عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، أبو الفضل، الزهري، البغدادي، قاضي أصبهان، ثقة مات سنة ستين ومائتين. التقريب 1/ 533، غاية 1/ 487.
- يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، أبو يوسف، الزهري، المدني ثم البغدادي ثقة فاضل، مات سنة ثمان ومائتين. التقريب 2/ 374. هذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(3) وانظرها في النشر 2/ 252، السبعة/ 238.
(4) وانظرها في النشر 2/ 273، السبعة/ 297.
(5) وانظرها في النشر 2/ 273، السبعة/ 612.
(6) وانظرها في النشر 2/ 247، السبعة/ 226.
(7) انظر إسناد الطريق/ 80. وإسناده صحيح.
(8) انظر إسناد الطريق/ 82.

(2/487)


الربيع، قالا: حدّثنا يونس عن ورش عن نافع أنه قرأ في سورة الكهف: فى عين حمئة «1» [86] مقصورة.
1314 - وحدّثنا ابن غلبون «2»، حدّثنا علي بن محمد، حدّثنا أحمد بن سهل «3»، حدّثنا علي بن محصن حدّثنا عمرو بن الصباح عن حفص عن عاصم أنه قرأ وتظنّون بالله الظّنونا [الأحزاب: 10] غير ممدودة «4».
1315 - وقال (فارس) «5»: حدّثنا عبد الله بن الحسين، حدّثنا الأشناني «6»، عن أصحابه عن حفص عن عاصم أنه قرأ يخدعون الله [البقرة: 9] بالمدّ وإذ وعدنا موسى [البقرة: 51] بالمدّ ولّمن فى أيديكم مّن الأسرى [الأنفال: 70] مقصورة.
1316 - وحدّثني عبيد الله بن سلمة الإمام أن عبد الله بن عطية «7» حدّثهم، حدّثنا الحسن بن عبد الملك حدّثنا هارون بن موسى الأخفش عن ابن ذكوان بإسناده عن ابن عامر أنه قرأ أسرى [البقرة: 85] بمدّ السين.
1317 - وحدّثنا ابن غلبون «8»، حدّثنا عبد الله بن محمد، حدّثنا أحمد بن أنس، حدّثنا هشام بن عمّار عن أصحابه عن ابن عامر أنه قرأ: فنظرة إلى ميسرة [البقرة:
280] «9» مقصورة.
__________
(1) وانظرها في النشر 2/ 314، السبعة/ 398.
(2) انظر الطريق/ 299.
(3) تكررت هذه العبارة في النسخة ت.
(4) انظرها في النشر 2/ 347، السبعة/ 519.
(5) في ت، م: (وقال إبراهيم). وهو خطأ؛ لأن إبراهيم لا يعرف في شيوخ الداني، ولا في تلاميذ عبد الله بن الحسين السامري.
ورواية الداني عن السامري هي بواسطة شيخه فارس بن أحمد، كما تقدم مرارا كثيرة.
(6) الأشناني هو أحمد بن سهل بن الفيروزان.
وأصحابه في رواية حفص هم: عبيد بن الصباح، وعلي بن سعيد البزاز، والحسن بن المبارك الأنماطي، وإبراهيم السمسار، وعلي بن محصن.
انظر طرق رواية حفص عن عاصم.
(7) في ت، م: (خطية) بالخاء، وهو خطأ. وتقدم الإسناد صوابا في الفقرات/ 267، 472، 810. وهذا الإسناد هو إسناد الطريق الخامس والتسعين بعد المائة. وهو صحيح.
(8) هو طاهر بن عبد المنعم، وانظر إسناد الطريق/ 214. وهو إسناد صحيح.
(9) قرأ الحسن (ناظرة) بالألف. انظر الكامل للهذلي ل 172/ ظ.

(2/488)


1318 - حدّثنا أبو الفتح «1»، حدّثنا عبد الله قال: حدّثنا أحمد بن موسى، حدّثني عبد الرحمن بن محمد بن حمّاد، أخبرنا يحيى، حدّثنا وهب، قال هارون:
قراءة عبد الله بن كثير وأهل مكة أو من ورآء جدر [الحشر: 14] «2» مضمومة الجيم مقصورة.
1319 - حدّثنا عبد الرحمن بن عمر المعدّل «3»، حدّثنا محمد بن حامد، حدّثنا محمد بن الجهم، حدّثنا الهيثم بن خالد عن أبي خالد عكرمة عن بكار بن أخي همام عن هارون عن إسماعيل المكّي عن أبي الطفيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هدى [البقرة:
38] «4» مقصورة.
__________
(1) أبو الفتح اسمه فارس بن أحمد، وعبد الله هو ابن الحسين السامري، وأحمد بن موسى هو ابن مجاهد.
- عبد الرحمن بن محمد بن حماد لم أجده.
- يحيى بن الفضيل الكاتب، أبو محمد، البغدادي، نزل مصر، وحدث بها، مات سنة ثمانين ومائتين. تاريخ بغداد 14/ 222.
- وهب، وفي التقريب: وهيب- بالتصغير- ابن عمرو بن عثمان، النمري- بفتح النون والميم- أبو عثمان أو أبو عمرو، البصري، مستور من التاسعة. التقريب 2/ 339.
وانظر غاية 2/ 361.
- هارون بن موسى الأعور تقدم. وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(2) والذي في النشر 2/ 386، السبعة/ 632 أن قراءة ابن كثير (جدار) بالألف.
(3) صدر الإسناد قبل الهيثم تقدم في الفقرة/ 125.
- الهيثم بن خالد، أبو محمد، الخواتيمي، مقرئ متصدر، روى القراءة عن عطارد بن أبي عكرمة، روى القراءة عنه محمد بن الجهم السمري وغيره. غاية 2/ 357.
- أبو خالد عكرمة لم أجده.
- بكار بن عبد الله بن يحيى بن يونس البصري، شهير في رواية أبان، قال أبو حاتم ليس بالقوي. ميزان الاعتدال 1/ 341، المغني في الضعفاء 1/ 110، غاية 1/ 177.
- هارون بن موسى الأعور تقدم.
- إسماعيل بن مسلم المكي، أبو إسحاق، كان من البصرة ثم سكن مكة، كان فقيها ضعيف الحديث، من الخامسة. التقريب 1/ 74، تهذيب التهذيب 1/ 331. وهذا الإسناد ضعيف.
(4) ذكر هذه الرواية الدوري في جزء قراءات النبي صلى الله عليه وسلم (ل 3/ و) عن نصر ابن علي عن بكار عن هارون عن إسماعيل عن أبي الطفيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: فمن تبع هديّ؟ مقصورة مثقلة. وهذا الحرف في البقرة/ 38.

(2/489)


1320 - وحدّثنا فارس بن أحمد حدّثنا أحمد بن محمد، وعبد الله بن محمد «1»، قالا: حدّثنا علي بن الحسين حدّثنا يوسف بن موسى عن جرير بن عبد الحميد عن الأعمش أنه قرأ: وإذ وعدنا [البقرة: 51] ممدودة وخشّعا أبصرهم [القمر: 7] ممدودة وعظما نّخرة [النازعات: 11] ممدودة. قال: وقرأ في الحج [2] سكرى وما هم بسكرى خفيفتان.
1321 - وحدّثنا علي بن الحسن المعدل «2»، حدّثنا الحسن بن رشيق حدّثنا أحمد بن شعيب النسائي، حدّثنا أحمد بن نصر، قال: حدّثنا «3» محمد بن عبد الرحمن، عن عيسى بن عمر، عن طلحة بن مصرّف: أنه قرأ في يس [56]: فى ظلل، ممدودة، وقرأ في والنجم [12]: أفتمرونه مقصورة. قال: وقرأ وميكال وإسراءيل بالهمز وبمدّها، وقرأ جبرئل مهموزة مقصورة «4».
1322 - قال أبو عمرو: فعبّر هؤلاء الأئمة والرواة عن إثبات حرف المدّ في الكلم المذكورة بالمدّ وعن حذفه بالقصر مع عدم وقوع الهمزة قبله، فدلّ ذلك دلالة لا خفاء بها
على صحة ما تأوّلناه قبل في معنى المدّ والقصر أنه الإثبات والحذف وبطول ما تأوّله مخالفونا أنه الزيادة والنقصان.
__________
والرواية في غاية النهاية (1/ 177) في ترجمة بكار.
قال أبو الفتح بن جني في المحتسب (1/ 76): ومن ذلك قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي الطفيل وعبد الله بن أبي إسحاق وعاصم الجحدري وعيسى بن عمر الثقفي (هديّ). قال أبو الفتح: هذه لغة فاشية في هذيل وغيرهم، أن يقلبوا الألف في آخر المقصور إذا أضيف إلى ياء المتكلم ياء. أه.
(1) في ت، م: (عبيد) مصغرا، وتقدم في التعليق على الفقرة/ 38 أنه عبد الله بدون تصغير وصدر الإسناد قبل جرير تقدم في الفقرتين/ 38، 39. والإسناد حسن لغيره.
(2) علي بن الحسن المعدل، لم أجده. والحسن بن رشيق تقدم. وفي ت، م: (الحسين) وهو خطأ. وأحمد بن نصر الترمذي أبو جعفر تقدم.
(3) في ت، م: (حدثتنا بنت ابن عبد الرحمن) وهو خطأ؛ لأنه لا يعرف في شيوخ أحمد بن نصر بنت ابن عبد الرحمن، انظر غاية النهاية 1/ 145، وكذا لا يعرف في تلاميذ عيسى ابن عمر بنت ابن عبد الرحمن. انظر غاية النهاية 1/ 613.
- ومحمد بن عبد الرحمن النيسابوري، النحوي، يعرف بمت قال الداني: كان من أعلم الناس بالنحو والعربية، وحدث وأفتى وأقرأ. بغية الوعاة 1/ 159، غاية 2/ 168.
(4) في م: (جبر)، وفي ت: (خبر) وكلاهما خطأ واضح.

(2/490)


1323 - وأما ما ورد في كتب النحويين، من إطلاق المدّ على إثبات حرف المدّ، فشيء «1» يطول ذكر إحصاء جميعه لكثرته، ومن ذلك قول سيبويه إخبارا عن بعض العرب قال: وربما مدّوا فقالوا: «منابير ومساجيد ودراهيم» في نظائر ذلك جعل فيه المدّ عبارة عن إثبات حرف المدّ كما فعل ذلك من تقدّم ذكرنا له من أئمة القرّاء ونقلتهم «2».
1324 - قال أبو عمرو: ومع ما بيّنّاه ودللنا على صحّته، «3» فإن عندنا عن ورش عن نافع نصوصا ظاهرة مكشوفة تؤذن بنفي إشباع المدّ في الفصل المتقدم، ونحن نذكرها بأسانيدها ليتحقق بها خطأ من أضاف ذلك إلى نافع من طريق ورش، ويبيّن قبيح مذهب من انتحل ذلك من أهل الأداء إن شاء الله.
1325 - حدّثنا محمد بن علي «4»، حدّثنا ابن مجاهد حدّثنا الحسن بن علي حدّثنا أحمد بن صالح عن ورش عن نافع أنه قرأ قال فرعون ءامنتم به [الأعراف:
123] «5» بغير مدّ على مخرج الخبر. هذا نصّ الكتاب «6»، ولا بدّ بعد الهمزة من الإتيان بالألف المبدل من الهمزة الساكنة؛ [لأنه] «7» صيغتها، وإنما أراد بقوله: بغير مدّ نفي إشباع المدّ الذي يخرج ذلك إلى لفظ الاستفهام.
1326 - وحدّثنا الخاقاني «8»، حدّثنا أحمد بن أسامة حدّثنا أبي ح.
1327 - [و] «9» حدّثنا أبو الفتح، حدّثنا [جعفر بن أحمد، حدثنا محمد بن الربيع] «10»،
__________
(1) في م: (يشيء) ولا يناسب السياق.
(2) في ت، م: (القراءة نقلهم)، ولا يستقيم به السياق.
(3) في ت، م: (بأن)، ولا يناسب السياق.
(4) إسناد الطريق/ 78. وهو إسناد صحيح.
(5) في ت، م: (قال ءامنتم به) وهو خطأ.
(6) لعله كتاب أحمد بن صالح في قراءة نافع، فقد قال ابن الجزري في ترجمة الحسن بن علي بن مالك: روى القراءة عن أحمد بن صالح وسمع منه كتابه في قراءة نافع. انظر:
غاية النهاية 1/ 225.
(7) زيادة لا بد منها ليستقيم السياق.
(8) تقدم هذا الإسناد في الطريق الثمانين، وهو إسناد صحيح.
(9) زيادة ليستقيم السياق.
(10) في ت، م: (جعفر بن أحمد بن الربيع) وهو خطأ، وقد تقدم هذا الإسناد على الصواب في الطريق الثاني والثمانين، وهو حسن لغيره هنا.

(2/491)


قالا: حدّثنا يونس، قال لي عثمان وسقلاب: وإذا لقيت ألف ألفا قطعتا من غير [55/ ظ] مدّ، إلا أن تكون إحداهما منوّنة، فإنها موصولة مثل بلدا ءامنا [البقرة: 126] وحرما ءامنا [القصص: 57] وما أشبه هذا.
1328 - وهذا نصّ ظاهر مكشوف، يغني عن كل دليل «1»، ويكفي من كل شاهد؛ إذ قد أفصح عن نفي إشباع المدّ في جميع الباب إفصاحا لا شكوك فيه، فلا حجة مع ذلك للمخالف، ولا دليل معه لفارق.
1329 - ومعنى قولهما: وإذا لقيت ألف ألفا، أي: إذا لقيت ألف همزة، ومعنى قولهما: قطعتا من غير مدّ، أي: طوّلت الألف وحقّقت الهمزة من غير أن يزاد في مدّ حرف اللين
بعدها على ما فيه من المدّ الذي لا يوصل إليه إلا به.
1330 - وقال إسماعيل بن عبد الله النحاس في كتاب اللفظ عن عبد الصّمد بن عبد الرحمن صاحب ورش أنه كان لا يمدّ بايتنآ [البقرة: 39] وءامنوا [البقرة:
9] وءاتوا [البقرة: 43] وشبهه. وقال فيه عن أبي يعقوب الأزرق: حيث وقع مقصور غير مهموز ولا ممدود.
وقال فيه أيضا عنهما «2» جميعا: إى وربّى [يونس: 53] مقصور ألف إى، وهذا أيضا نصّ لا خفاء به.
1231 - فالعدول «3» عن هذه النصوص الظاهرة، وأشباهها مما قد أتينا على ذكر جميعها في الكتاب الذي أفردناه لهذه المسألة، والعمل بما ذكره مخالفونا مما لا يصحّ عند التفتيش ولا يتحقق في النظر؛ [لأنه] «4» عدول عن وجه الصواب.
1332 - وأمّا ما ذكروه من القياس الذي أثر ذلك عندهم، ففاسد لا يصح بوجه لخروجه عن قول جميع العلماء من القرّاء والنحويين؛ إذ قول جميعهم منعقد على المخالفة بين حكم الهمزة إذا تأخرت بعد حرف المدّ في زيادة تمكينه، وإذا تقدمته لما سنبيّنه من العلة بعد.
__________
(1) في م: (من).
(2) أي عبد الصمد بن عبد الرحمن، وأبي يعقوب الأزرق.
(3) في م: (بالعدل). ولا يناسب السياق.
(4) زيادة يقتضيها السياق.

(2/492)


1333 - فأما قول القرّاء المؤذن بذلك: فحدّثنا خلف بن حمدان «1»، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن هارون ح.
1334 - وحدّثنا أبو الفتح، قال [حدثنا] «2» أحمد بن محمد بن جابر، قالا: حدّثنا محمد بن محمد الباهلي قال: حدّثنا أبو عمر الدوريّ قال: حدّثنا إسماعيل بن جعفر عن نافع أنه قرأ ونئا بجانبه [الإسراء: 83] بغير مدّ. وعن أبي جعفر «3» أنه قرأ ونئا بالمدّ.
1335 - فعبر إسماعيل عن نافع في هذه الكلمة بغير مدّ؛ لتقدّم الهمزة على حرف المدّ فيها في مذهبه، وعبّر عن أبي جعفر فيها بالمدّ لتأخّر الهمزة بعد حرف المدّ فيها في قراءته، وهذا النص مغن في هذا المعنى، ولا سيما وهو من طريق نافع وأصحابه.
1336 - وحدّثنا أحمد بن عمر القاضي «4»، قال: حدّثنا محمد بن منير، قال:
حدّثنا عبد الله بن عيسى، قال: حدّثنا قالون عن نافع أنه قرأ ونئا بجانبه بغير مدّ، قال: وقرأ زكريّا [آل عمران: 37] بالمدّ حيث وقع، فعبر أيضا قالون عن حرف المدّ الذي يتقدّمه الهمزة بغير مدّ، وعن الذي يتأخر بعده بالمدّ.
1337 - وحدّثنا علي بن محمد «5»، قال: حدّثنا محمد بن قطن، قال: حدّثنا سليمان بن خلاد، قال: حدّثنا اليزيدي عن أبي عمرو أنه [قرأ] «6» ونئا بجانبه مقصورة. وقرأ زكريّا ممدودة في جميع القرآن في نظائر لهذا من قولهم، تدلّ على ما دلّ عليه قول إسماعيل وقالون، وتردّ قول من سوّى بين حكم الهمزتين في الموضعين من التقدّم والتأخر.
1338 - وأما قول النحويين الموافق لقول القرّاء فإن بصريّهم وكوفيّهم أجمعوا
__________
(1) انظر إسناد الطريق/ 4. وهو إسناد صحيح.
(2) في ت، م: (محمد بن أحمد بن جابر) وهو خطأ، والتصحيح من غاية النهاية 1/ 109.
وانظر إسناد الطريق/ 5. وهو حسن لغيره هنا.
(3) هو يزيد بن القعقاع أحد القراء العشرة.
(4) انظر إسناد الطريق/ 51. وهو إسناد صحيح.
(5) في ت، م: (علي بن محمد). وهو خطأ، والتصحيح من غاية النهاية 2/ 79، وقد تقدم هذا الإسناد على الصواب في الفقرة/ 223. وانظر إسناد الطريق/ 179. وهو إسناد صحيح.
(1) زيادة ليستقيم السياق.

(2/493)


على أن كل اسم آخره ألف التأنيث مقصورة أو ممدودة لا ينصرف. قالوا: فالمقصورة نحو السّوأى [الروم: 10]، و (دفأى) «1»، و (ملأى)، وسكرى [النساء: 43]، وحبلى، وما أشبهه. والممدودة نحو حمراء، وصفراء، وبيضاء، وما أشبهه.
1339 - فدلّ قول جميعهم هذا وتمثيلهم على أن حكم الهمزة متقدمة قبل حرف المدّ حكم سائر الحروف التي لا يزاد في تمكينها من أجلها، وأن حكمها «2» متأخرة مخالف لذلك المعنى، بيّنوه «3» فأفصحوا عنه، فقال إبراهيم «4» بن السري الزجّاج: إنما سمّي الممدود ممدودا؛ لأن قبل آخره حرف مدّ، فلا بدّ من أن تزيد في مدّه إذا وصلت لتتبيّن «5» الهمزة؛ إذ «6» كانت خفيفة.
1340 - وقال أبو بكر بن الأنباري: إنما قصر المقصور ومدّ الممدود من الأسماء استحق المدّ لاستقبال الهمزة الألف الساكنة، ألا ترى إذا قلت: القضاء والدعاء وجدت الألف الساكنة، فاستقبلتها الهمزة قبلها كانت الألف خفيفة والهمزة خفيفة قويتا بالمدّ؟! قال: والمقصور لم يجر فيه المدّ؛ لأن الألف التي في آخره لم يستقبلها حرف خفي، فلا «7» يحتاج إلى تقوية.
1341 - وقال أبو سعيد [56/ و] السيرافي [عن] «8» السراج: إنما سمّي المقصور مقصورا؛ لأنه قصر عن الهمزة، أي: حبس عنها ومنع منها، كما تقول: قصرت فلانا على حاجته أي: حبسته عنها ومنعته منها.
__________
(1) يقال رجل دفئان: مستدفئ، والأنثى دفأى. لسان العرب 1/ 69.
(2) في م: زيادة (وهي) قبل (متأخرة).
(3) سقطت (الذي) من ت.
(4) إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق، الزجاج، كان من أهل الفضل والدين، وكان يخرط الزجاج، ثم مال إلى النحو، فلزم المبرد، مات سنة إحدى عشرة وثلاث مائة، تاريخ بغداد 6/ 89، بغية الوعاة 1/ 411.
(5) في م: (السين) ولا يستقيم بها السياق.
(6) في ت، م: (إذا)، ولا تناسب السياق.
(7) في م: (فيحتاج) بدون لا. وفي هامش ت ل (56/ و): فيحتاج نسخة.
(8) زيادة ليستقيم السياق؛ لأني لم أجد في شيء من المراجع أن الحسن بن عبد الله بن الفيروزاني يذكر في نسبته السراج. والذي وجدته أن السيرافي من أصحاب ابن السراج كما في طبقات النحويين واللغويين للزبيدي/ 119.

(2/494)


1342 - قال أبو عمرو: ومن ذلك أيضا قوله تعالى: حور مّقصورات فى الخيام [الرحمن: 72] أي محبوسات «1». ويقال امرأة قصيرة وقصورة إذا حبست في الحجاب قبل أن تتزوج «2».
1343 - فهذه الأقوال وأشباهها مما يطول ذكرها تفصح عن [بطول] «3» قول من جعل حكم الهمزة في زيادة التمكين لحرف المدّ في حال تأخّرها وتقدّمها حكما واحدا «4»، ويؤذن بصحة ما انعقد الإجماع عليه من المخالفة بين حكمها في الموضعين.
1344 - ومما يقوّي ذلك ويزيده بيانا ويوضح [بطول] «5» قول العلماء المخالفين من القرّاء والنحويين أن الهمزة إذا تقدمت لم يحتج إلى تمكين ما بعدها- من حروف المدّ «6» - لأجلها؛ لحصولها في اللفظ قبل النطق بذلك الحرف الذي يمكّن ويمطّط لهما، وإنما يحتاج إلى ذلك التمكين والتمطيط إذا استقبلت [حرف المد] «7»، ولم تحصل «8» بعد ملفوظا بها؛ ليتقوّى بهما «9» على النطق بها؛ لخفائها.
1345 - على أنها إذا تقدمت لم تخل من أن يقع قبلها متحرّك أو ساكن حرف مدّ أو غيره، فبظهور حركة المتحرك «10»، وإشباعها وتحقيقها «11»، وتبيين الساكن
__________
- وابن السراج هو محمد بن السري، البغدادي، أبو بكر، له كتب في النحو مفيدة، وكان ثقة، مات سنة ست عشرة وثلاث مائة. تاريخ بغداد 5/ 319، طبقات النحويين واللغويين للزبيدي/ 112، بغية الوعاة 1/ 109.
(1) انظر: تفسير الطبري 27/ 83.
(2) انظر: لسان العرب 6/ 410.
(3) زيادة ليستقيم السياق.
(4) في م: (حكمها واحد).
(5) زيادة ليستقيم السياق.
(6) في ت، م: (خروج) بدل (حروف)، وهو تحريف لا يستقيم به السياق.
(7) زيادة ليستقيم السياق.
(8) في ت، م: (يحصل) بالياء، ولا يناسب ضمير (بها) المؤنث.
(9) أي بالتمكين والتمطيط.
(10) في ت، م: (الحركة)، ولا يستقيم بها السياق.
(11) في م: (وتخفيفها)، وهو تصحيف واضح.

(2/495)


وتخليصه [و] «1» تمكين حرف المدّ وتمطيطه «2» يتقوى على النطق بها.
1346 - وكذا إن ابتدئ بها، ولم توصل بما قبلها من المتحرك والساكن، فبقوة النفس وتوفره عند الابتداء يتقوّى أيضا على النطق بها فتبدو محقّقة «3» مبيّنة فيه فيستغنى بذلك عن تمكين ما بعدها؛ لأن المعنى الذي في تمكينه من تحقيق الهمزة، وبيانها مستكن في الحرف المتحرك والحرف الساكن الذي قبلها على ما بيّناه.
1347 - قال أبو عمرو: ومما يدلّ على نفي إشباع المدّ لحرف اللّين إذا تقدمته الهمزة سوى ما قدّمناه من الدلائل القاطعة والحجج المسكتة أن إشباعه في كثير من الكلم نزول إلى استحالة المعنى ويوقع الإشكال؛ «4» لخروج اللفظ بذلك من الخبر إلى الاستخبار؛ إذ الفرق بينهما في ذلك يقع بإشباع [المد] «5»، ولا سيما على رواية الأزرق عن ورش التي [عليها] «6» عامّة من يرى إشباع المدّ في إبدال الهمزة المتحركة في الاستفهام وغيره ألفا خالصة.
1348 - ألا ترى أن قوله: ءامنتم به في الأعراف [76] وءامنتم له في طه [71] والشعراء [49] وآلهتنا خير في الزخرف [58] مشبع المدّ حيث كان استخبارا؟ لأن همزة القطع تبدل ألفا على الرواية المذكورة وبعدها ألف مبدلة من همزة الأصل الساكنة، فيلتقي ألفان، فتحذف إحداهما للساكن، ثم يشبع المدّ ليدلّ بذلك على الاستخبار.
1349 - كذا قدر ذلك ولخّصه في شرحه إمام دهره في هذه الرواية أبو بكر محمد بن علي الأذفوي رحمه الله، وزعم أن ذلك قياس قول النحويين، وأن قوله:
بمثل مآ ءامنتم به في البقرة [137] وبالّذى ءامنتم به في الأعراف [76]، وإذا ما وقع ءامنتم به في يونس [51] وءالهتنا [الأعراف: 127] وبعض ءالهتنا بسوء [هود: 54] وشبهه غير مشبع المدّ حيث كان خبرا، فإن أشبع المدّ في الضربين
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) في م: (قد يقوى).
(3) في م: (مخففة)، وهو تصحيف واضح.
(4) في م: (فخرج). وهو لا يناسب السياق.
(5) زيادة ليستقيم السياق.
(6) زيادة ليستقيم السياق.

(2/496)


من الخبر والاستخبار وسوّي بين لفظيهما زال المعنى واستحال اللفظ بكونه كلّه لفظ الاستخبار؛ لأن اللفظ دليل على المعنى، فإذا تغيّر اللفظ تغيّر المعنى بتغيّره.
1350 - وكذلك قوله: ءامن الرّسول [آل عمران: 285] فامن له لوط [العنكبوت: 26] وءامنهم مّن خوف [قريش: 4]، وو ءاتى المال على حبّه [البقرة:
177] وآتيكم [طه: 10] وءاتينه من الكنوز [القصص: 76] وشبهه إن أشبع المد فيه استحال اللفظ، وفسد المعنى لخروجه بذلك إلى الاستخبار، وهو خبر، فوجب بهذا نفي إشباع المدّ في الضرب كله لما نزل إليه من تغيّر لفظ التلاوة، وبطول معناها بالتسوية بين لفظ الخبر والاستخبار.
1351 - قال أبو عمرو: فيما أوضحناه من المعاني وبيّناه من الدلائل بلاغ لمن وفّق لفهمه، وكفاية لمن أراد الوقوف على صحة القول في ذلك وبالله التوفيق «1».

فصل [في مد شيء وأمثاله]
1352 - وإذا زال عن الياء الكسرة وعن الواو الضمة وانفتح ما قبلهما وأتت الهمزة بعدهما في كلمة أو كلمتين، فلا خلاف في ترك مدّهما وتمكينهما؛ لانبساط اللسان بهما وخروجهما من حال الخفاء «2» إلى حال البيان، وذلك نحو قوله: من شىء [آل عمران: 92] ف شيئا [البقرة: 48] وكهيئة [آل عمران: 49] وسوءتهما [طه: 121] والسّوء [النساء: 17] ونبأ ابنى ءادم [56/ ظ] [المائدة:
27] وخلوا إلى [البقرة: 14] وما أشبهه، إلا ما رواه أصحاب أبي يعقوب الأزرق، عنه، عن ورش أداء أنه كان يمكّن الياء والواو المفتوح ما قبلهما- إذا أتت الهمزة بعدهما في كلمة لا غير؛ لأن حركتها لا تلقى عليهما فيها «3» - تمكينا وسطا من غير إسراف؛ لأن فيها مع ذلك مدّا ولينا وإن كان يسيرا.
1353 - وقد أخذ بذلك أيضا بعض أصحاب «4» أبي الأزهر من المصريين،
__________
(1) قال ابن الجزري في النشر (1/ 340) عن المد الطويل فيما وقع فيه حرف المد بعد الهمزة، والحق في ذلك أنه شاع وذاع، وتلقته الأمة بالقبول، فلا وجه لرده، وإن كان غيره أولى منه. أه
(2) في م: (الحياة)، وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(3) الضمير يعود إلى قوله (كلمة).
(4) في ت، م: (أصحابنا الأزهر). وهو تحريف واضح.

(2/497)


وبذلك قرأت على ابن خاقان «1»، وفارس بن أحمد «2» عن قراءتهما، واستثنينا من ذلك حرفين وهما موئلا في الكهف [58] والموءدة في كوّرت [8]، فلم يمكّنا الواو فيهما. وبه «3» كان يأخذ أبو غانم المظفر بن أحمد بن حمدان وغيره من أصحاب النحاس «4» وابن هلال [و] «5» ابن سيف «6»، وعليه عامّة أهل الأداء من مشيخة المصريين.
1354 - وأقرأني أبو الحسن «7» عن قراءته في رواية أبي يعقوب بتمكين الياء من شيء وشيئا في جميع القرآن؛ لكثرة دورهما لا غير. وما عدا ذلك بغير تمكين حيث وقع، نحو: ولا تيئسوا [يوسف: 87] إنّه لا يايئس [يوسف: 87] ومطر السّوء [الفرقان: 40] وسوءة أخيه [المائدة: 31] وشبهه.
1355 - وقال إسماعيل النحاس في كتاب اللفظ عن أبي يعقوب: إنه كان يمدّ شيئا وشىء وكهيئة وفلمّا استيئسوا [يوسف: 80] وإنّه لا يايئس قال: وكان عبد الصّمد «8» يقصر ذلك. وقال عنها: وسوءة [المائدة: 31] والسّوء [النساء: 17] بالقصر.
1356 - وبالأول قرأت وبه آخذ. والباقون من أصحاب ورش: داود «9»، وأحمد، ويونس، والأصبهاني، وأصحابهم لا يمدّون شيئا من ذلك، ولا يمكّنونه وبالله التوفيق.
__________
(1) انظر الطرق/ 69، 70، 71، 72، 73، 74.
(2) انظر الطريق/ 75.
(3) في ت، م: (وقد). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(4) انظر الطريق/ 66.
(5) زيادة ليستقيم السياق.
(6) انظر الطريقين/ 67، 68.
(7) اسمه طاهر بن غلبون، وانظر الطريق/ 76.
(8) هو عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم، أبو الأزهر تلميذ ورش.
(9) داود بن هارون، وأحمد بن صالح، ويونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني.

(2/498)


فصل [في المد للساكن اللازم]
1357 - وإذا وقع بعد حروف المدّ واللّين الثلاثة حرف ساكن مدغم في كلمة، فلا خلاف في تمكينهن زيادة على ما فيهن من المدّ الذي لا يوصل إليهن «1» إلا به، من غير إفراط؛ ليتميز «2» الساكنان بذلك [فلا] «3» يلتقيان، إذ المدّ عوض من الحركة، وذلك نحو قوله: الضّآلّين [الفاتحة: 7]، والعآدّين [المؤمنون: 113]، وحآفّين [الزمر: 75]، وءآمّين [المائدة: 2]، ودآبّة [البقرة: 164]، والدّوآبّ [الأنفال:
22]، والجآنّ [الحجر: 27]، وصوآفّ [الحج: 26]، وشآقّوا الله [الأنفال: 13]، وو من يشآقّ الله [الحشر: 4]، والطّآمّة [النازعات: 34]، والحآقّة [الحاقة: 1] وما أشبهها. وكذا أتعداننى [الأحقاف: 17] «4»، وفذنك [القصص: 32] «5»، وهذن [طه: 63] «6»، وو الّذان [النساء: 16] «7»، وأتحجّونّى [الأنعام: 80] «8»، وفبم تبشّرون [الحجر: 54] «9»، وهتين [القصص: 27] «10»، وإنّ الّذين [فصلت:
29] «11»، على قراءة من شدّد النون.
1358 - وقد زعم بعض علمائنا أن مدّ هذا النوع أقل من غيره؛ لأنه يعدل حركة، قال: وأمده ما لم يأت بعد همزته ألف «12» (للطائفين) «13»
__________
(1) في ت، م: (التمكين)، وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(2) في م: (التمييز)، ولا يناسب السياق.
(3) زيادة ليستقيم السياق.
(4) انظر رواة إدغام النون في النون فيها في النشر 1/ 303.
(5) انظر الاختلاف في تشديد النون في النشر 2/ 248، السبعة/ 493.
(6) انظر الاختلاف في تشديد النون في النشر 2/ 248، السبعة/ 419.
(7) انظر الاختلاف في تشديد النون في النشر 2/ 248، السبعة/ 229.
(8) انظر الاختلاف في تشديد النون في النشر 2/ 259، السبعة/ 261.
(9) انظر الاختلاف في تشديد النون في النشر 2/ 302، السبعة/ 367.
(10) انظر الاختلاف في تشديد النون في النشر 2/ 248، السبعة/ 229.
(11) انظر الاختلاف في تشديد النون في النشر 2/ 248، السبعة/ 229.
(12) فإذا أتى بعد همزته زيد في مقدار مده.
(13) وفي ت، م: (الطائفين)، ولا يوجد في التنزيل.

(2/499)


و (خائفين) و (القائمين) «1» وشبهه. قال: وأطول من ذلك إذا أتت بعد همزته ألف نحو جفاء وغثاء ونداء وشبهه، فجعل المدّ على ثلاث مراتب، وهذا مذهب أبي بكر
أحمد بن نصر الشذائي فيما حدّثني عنه الحسن بن شاكر البصري «2»، قال «3»: وقد سمعت «4» أبا الفضل البخاري «5» ذكر نحو هذا [ل] شيخنا «6» ابن مجاهد نضّر الله وجهه عن أبي عبدوس «7» النيسابوري فاستحسنه واستصوبه، وقال له: هو الحق فالزمه.
1359 - قال أبو عمرو: والعمل عند أهل الأداء المحقّقين بمذاهب القرّاء من البغداديين وغيرهم على ما ذكرناه أوّلا وهو الذي يصحّ في القياس.

فصل [في المد للساكن العارض]
1360 - وإذا وقعت حروف المدّ واللّين الثلاثة قبل أواخر الكلم الموقوف عليهنّ، وسكن للوقف أو أشمت حركة المرفوع والمضموم منهنّ، وانضم ما قبل الواو وانكسر ما قبل الياء نحو والأمر يومئذ لّلّه [الانفطار: 19] وو هم يكفرون بالرّحمن [الرعد: 30] ومّن كلّ باب [الرعد: 23] وصلحا ترضاه [النحل: 19] ومتاب [الرعد: 30] ولا يأت [النحل: 76] وألم يأن [الحديد: 16] ونستعين [الفاتحة: 5] وو لا الضّآلّين [الفاتحة: 7] ومريب [هود: 62] والأمّيّن [القصص: 31] وعلّيّين [المطففين: 18] وو بئر [الحج: 45] والذّئب [يوسف: 13] ويعملون [البقرة: 16] ويتّقون [البقرة: 187] ولا يستون
__________
(1) وفي ت، م: (قائمين)، ولا يوجد في التنزيل.
(2) الحسن بن علي بن شاكر، تقدم.
(3) القائل هو أحمد بن نصر الشذائي تلميذ ابن مجاهد.
(4) في ت، م: (سمعته)، ولا يستقيم به السياق.
(5) أبو الفضل البخاري هو الحسن بن محمد بن إسحاق بن الفضل، أبو محمد البخاري قال ابن الجزري: هذا الصواب في تسميته، وقد وهم الكارزيني فقال: أبو الفضل العباس بن أبي ذر، روى القراءة عنه عرضا أبو بكر الشذائي. غاية 1/ 230.
(6) زيادة ليستقيم السياق.
(7) أبو عبدوس النيسابوري لم أجده.

(2/500)


[التوبة: 19] والغاون [الشعراء: 94] وو من يؤت [البقرة: 269] وما أشبهه. وسواء كان حرف المدّ مثبتا «1» في الخط على اللفظ أو محذوفا منه استخفافا أو كان مبدلا من همزة ساكنة أو من غيرها، فأهل الأداء مختلفون في زيادة التمكين لحرف المدّ في ذلك:
1361 - فمنهم من يزيد في تمكينه وإشباعه؛ ليتبيّن بذلك ويخرج به عن التقاء الساكنين، وهم الآخذون بالتحقيق من أصحاب عاصم وحمزة وورش، وبذلك كنت أقف على الخاقاني «2».
1362 - ومنهم من يزيد في تمكينه يسيرا ولا يبالغ في إشباعه: وهم «3» الآخذون بالتوسّط وتدوير القراءة، من أصحاب نافع من غير المصريين، وأصحاب ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر، والكسائي، وبذلك كنت أقف على أبي [57/ و] القاسم «4»، وأبي الفتح وأبي الحسن، وبه حدّثني الحسن بن شاكر، عن أحمد بن نصر، وهو اختياره، وعلى ذلك ابن مجاهد، وعامّة أصحابه.
1363 - ومنهم من لا يزيد في تمكينه على الصيغة؛ لكون سكون ما بعده عارضا؛ إذ هو الوقف، وإذ الوقف مخصوص بالتقاء الساكنين، وهم الآخذون في مذهب المتقدّمين بالحدر والتخفيف، وكذلك كنت أرى أبا علي «5» شيخنا يأخذ في مذهبهم.
1364 - فإن انفتح ما قبل الياء والواو نحو الحسنيين [التوبة: 52] وصلحين [يوسف: 9] وأو دين [النساء: 11] وعليكم اليوم [يوسف: 92] ومّن فرعون [يونس: 82] ومّن خوف [قريش: 4] وما أشبهه، فعامّة أهل الأداء والنحويين لا يرون إشباع المدّ وزيادة التمكين فيهما؛ لزوال وصف «6» المدّ عنهما بتغيّر حركة الحرف الذي قبلهما.
__________
(1) في م: (مبينا).
(2) خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن حمدان بن خاقان.
(3) في م: (ومنهم)، وهو خطأ واضح.
(4) أبو القاسم هو عبد العزيز بن جعفر بن محمد، وأبو الفتح هو فارس بن أحمد بن موسى ابن عمران، وأبو الحسن هو طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون.
(5) هو الحسن بن سليمان بن الخير، الأنطاكي، أستاذ ماهر حافظ، كان أحفظ أهل زمانه للقراءات، إلا أنه كان يترفض، قتله الحاكم العبيدي سنة تسع وتسعين وثلاث مائة. غاية 1/ 215.
(6) في ت، م: (معظم). ولا يستقيم بها السياق.

(2/501)


1366 - فحدّثني «1» فارس بن أحمد، حدّثنا عبد الله بن أحمد عن الحسن بن داود النقار صاحب الخياط، قال: وإذا كان قبل الياء والواو فتح لم يمدّا- يعني في الوقف.
1367 - وحدّثني الحسن بن علي المالكي «2»، عن أحمد بن نصر، قال: وإذا انفتح ما قبل الياء والواو سقط المدّ على كل حال، لا خلاف في ذلك بين القرّاء.
1368 - قال أبو عمرو: والآخذون بالتحقيق، وإشباع التمطيط من أهل الأداء من أصحاب ورش وغيره يزيدون في تمكينهما؛ إذا كانا لا يخلوان من كل المدّ، وهو مذهب
شيخنا أبي الحسن علي بن بشر «3». والآخذون بالتوسّط يمكّنونهما يسيرا.
1369 - قال أبو عمرو: فإن وقف على أواخر الكلم بالرّوم امتنعت الزيادة والإشباع لحرف المدّ قبلهنّ؛ لأن روم الحركة حركة وإن ضعفت، وزال معظم صوتها، وخفّ النطق بها؛ وذلك من حيث يقوم في وزن الشعر الذي هو مبنى قيامها «4»، فكما يمتنع «5» الزيادة لحرف المدّ مع تحقيقها «6»، كذلك تمتنع مع توهينها.
1370 - وهذا كله أيضا ما لم يكن الحرف الموقوف عليه همزة [أ] و «7» حرفا مدغما، فإن كان همزة أو حرفا مدغما نحو والسّمآء [البقرة: 19]، ومن مّآء [البقرة: 164]، وبرىء [الأنعام: 19]، ويضىء [النور: 35]، ومن سوء [آل عمران:
30]، وغير مضآرّ [النساء: 12]، وو من يشاقق [النساء: 115]، وصوآفّ [الحج:
36] وشبهه، وكذا على كلّ شىء [البقرة: 20]، ومطر السّوء [الفرقان: 40] وشبهه على مذهب ورش من طريق المصريين عنه. وكذا هتين [القصص: 27] وأرنا الّذين [فصلت: 29] على مذهب ابن كثير في تشديد النون، فلا خلاف بينهم في زيادة
__________
(1) هذا الإسناد تقدم في الفقرة/ 239.
(2) الحسن بن علي بن شاكر تقدم.
(3) علي بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن بشر، تقدم.
(4) سيأتي قريبا عن الحسن بن داود النقار تقدير الممدود بالسبب، والوتد المستعملان في وزن الشعر.
(5) في م: (يمنع).
(6) في ت، م: (تمطيطها). وهو خطأ لا يستقيم به السياق.
(7) زيادة ليستقيم السياق.

(2/502)


التمكين والإشباع لحرف المدّ من أجلها «1»؛ لأنهما يوجبان ذلك له في حال التحقيق والوصل، وذلك على مقدار طباعهم ومذاهبهم في التحقيق والحدر. وكذلك جميع ما ذكرناه وما نذكره من الممدود هو جار على ذلك، وبالله التوفيق.

فصل [في مد حروف الهجاء في فواتح السور]
1371 - واعلم أن حروف «2» الهجاء الواقع في فواتح السّور، إذا كان هجاؤه على حرفين: الأول متحرّك، والثاني ساكن نحو الراء من الر «3» [يونس: 1] والمر «4» [الرعد: 1] والهاء والياء من كهيعص [مريم: 1]، والطاء والهاء من طه [طه: 1]، والطاء من طسم «5» [الشعراء: 1] وطس «6» [النمل: 1]، والياء من يس [يس: 1]، والحاء من حم «7» [غافر: 1]، فلا خلاف بين أهل الأداء في تمكين الألف التي في آخره وهو التمكين الذي هو في صيغتها من غير زيادة «8».
والقرّاء يسمّون هذا الضرب قصرا لنقصان مدّه.
1372 - فإن كان هجاء الحرف ثلاثة أحرف، والأوسط منها حرف مدّ نحو اللام والميم من الر والمر واللام والميم والصاد من المص [الأعراف: 1]، والكاف والصّاد من كهيعص والسين من طسم وطس ويس، والميم من حم، والصاد من ص والقرءان [ص: 1]، [والقاف من ق والقرءان [ق: 1] والنون من ن والقلم [القلم: 1] فلا خلاف بينهم أيضا في زيادة التمكين للألف والياء والواو في ذلك لأجل الساكنين.
1373 - واختلفوا في الياء إذا زال عنها الكسر وانفتح ما قبلها، وذلك في العين
__________
(1) أي من أجل الهمزة والحرف المدغم.
(2) في ت، م: (حروف) ولا يناسب السياق.
(3) كما في فاتحة يونس.
(4) كما في فاتحة الرعد.
(5) كما في فاتحة الشعراء.
(6) كما في فاتحة النمل.
(7) كما في فاتحة المؤمن.
(8) أي من غير زيادة على المد الطبيعي.

(2/503)


من كهيعص وعسق [الشورى: 2] فبعضهم يزيد في تمكينه كالزيادة لها إذا انكسر ما قبلها؛ لأجل الساكنين، وهذا مذهب «1» ابن مجاهد فيما حدّثني به الحسن ابن علي
البصري، عن أحمد بن نصر عنه، وإليه كان يذهب شيخنا أبو الحسن علي ابن بشر، وأبو بكر محمد بن علي «2»، وهو قياس قول من روى عن ورش المدّ في شىء والسّوء وشبههما.
1374 - وبعضهم لا يبالغ [57/ ظ] في زيادة التمكين لها؛ لتغيّر حركة ما قبلها؛ وبذلك «3» قد زال عنها معظم المدّ، فيعطيها من التمكين بقدر ما فيها من اللّين لا غير، وهكذا كان مذهب شيخنا أبي الحسن بن غلبون، ومذهب أبيه «4»، وأبي علي الحسن بن سليمان، وجماعة سواهم. وهو قياس قول من روى عن ورش القصر في شىء وبابه. وكذلك روى «5» ذلك إسماعيل النحاس عن أصحابه عن ورش، والحسن بن داود النقار، عن الخياط «6»، بإسناده عن عاصم.
1375 - قال لي أبو الفتح، عن ابن طالب «7»، عن النقار، عن الخياط، عن الشّموني، عن الأعشى عن أبي بكر، قال النقار: كهيعص [مريم: 1] يلفظ بالهاء والياء مقدار سبب، ويمدّ الكاف والصاد مقدار وتد، والعين بين ذلك «8». يعني بين المدّ والقصر.
1376 - قال أبو عمرو: والوجهان من الإشباع والتمكين في ذلك صحيحان جيّدان، والأول أقيس.
__________
(1) سقطت (مذهب) من م.
(2) هو محمد بن علي بن أحمد بن محمد الأذفوي إمام دهره في رواية ورش، تقدم.
(3) في ت، م: (إذ ذلك) ولا يستقيم به السياق.
(4) هو أبو الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون، تقدم.
(5) في ت، م: زيادة (ذلك عن ورش القصر في شيء وبابه وكذلك روى ذلك إسماعيل النحاس). تكرارا من النساخ.
(6) هو أبو محمد القاسم بن أحمد الخياط.
(7) في ت، م: (أبي طالب) وهو خطأ، وتقدم الإسناد على الصواب، انظر الطريق/ 249.
وإسناده صحيح.
(8) في ت، م: (بعد) ولا يستقيم به السياق.

(2/504)


1377 - فأما الميم من قوله: الم* الله لآ إله إلّا هو في أول آل عمران [1، 2] على قراءة الجماعة سوى الأعشى عن أبي بكر ومن تابعه على إسكانها من الرّواة. ومن قوله: الم* أحسب النّاس في أول العنكبوت [1، 2] على رواية ورش عن نافع، فاختلف أصحابنا أيضا في زيادة التمكين للياء قبلها في الموضعين:
1378 - فقال بعضهم: يزاد في تمكينها ويشبع مطّها؛ لأن حركة الميم عارضة؛ إذ هي للساكنين في آل عمران وحركة الهمزة في العنكبوت، والعارض غير معتدّ به، فكأنّ الميم ساكنة لذلك، فوجب زيادة التمكين للياء قبلها كما وجب في الم* ذلك [البقرة: 1، 2] والم* غلبت [الروم: 1، 2] وشبههما، فعاملوا الأصل وقدّروا السكون، وهذا مذهب أبي بكر محمد بن علي «1»، وأبي علي الحسن بن سليمان «2».
1379 - وقال آخرون: لا يزاد في تمكين الياء في ذلك إلا على مقدار ما يوصل به إليها لا غير؛ لأن ذلك إنما كان يجب فيهما مع ظهور سكون الميم، فلما تحرّكت امتنعت الزيادة، بعدم موجبها؛ فعاملوا اللفظ واعتدّوا بالحركة.
1380 - والمذهبان حسنان بالغان، غير أن الأول أقيس، والثاني آثر، وعليه عامّة أهل الأداء، وقد جاء به منصوصا إسماعيل النحّاس عن أصحابه، عن ورش، عن نافع، فقال في كتاب اللفظ له عنهم: الم* أحسب النّاس [العنكبوت: 1، 2] مقصورة الميم، وكذلك حكى محمد «3» بن خيرون في كتابه عن أصحابه المصريين، عن ورش في السورتين، قال: اللام ممدودة، والميم مقصورة.
1381 - فأما المدغم من حروف التهجّي فنحو اللام من الم [البقرة: 1] والمر [الرعد: 1] والمص [الأعراف: 1] وكذا كهيعص* ذكر [مريم: 1، 2] وطسم [الشعراء: 1] ويس* والقرءان [يس: 1، 2] ون والقلم وما يسطرون [القلم:
__________
(1) الأذفوني.
(2) الأنطاكي.
(3) محمد بن عمر بن خيرون، تقدم.

(2/505)


1] في مذهب من أدغم الصاد في الذال «1»، والنون في الميم «2» والواو في ذلك، فاختلف علماؤنا في إشباع تمكينه زيادة على المظهر من ذلك، وفي التسوية بينهما:
1382 - فقال بعضهم: يشبع التمكين لحرف المدّ في ذلك؛ لأجل الإدغام؛ لاتصال الصوت فيه وانقطاعه في المظهر، وهو قول أبي حاتم السجستاني «3» في كتابه، ومذهب ابن مجاهد فيما حدّثني به الحسن بن علي عن أحمد بن نصر عنه، وبه كان يقول شيخنا الحسن بن سليمان وإيّاه كان يختار.
1383 - وقال آخرون: لا يبالغ في إشباع التمكين في ذلك، ويسوّى بين لفظه ولفظ المظهر؛ لأن الموجب لزيادة المدّ في الضربين «4» هو التقاء الساكنين، والتقاؤهما موجود في الموضعين من المدغم والمظهر، وهذا مذهب أكثر شيوخنا، وبه قرأت على أصحابنا البغداديين، والمصريين، وإليه كان يذهب محمد بن علي «5»، وعلي بن بشر، والوجهان جيّدان، وبالله التوفيق.