جامع البيان في القراءات السبع

باب ذكر بيان مذهب ورش عن نافع في تسهيل الهمزة الساكنة والمتحرّكة
1555 - اعلم أن ورشا روى عن نافع من جميع طرقه أنه كان يسهل الهمزة الساكنة والمتحرّكة إذا كانت فاء من الفعل، وصورتها في الخط واوا [و] «1» من قبلها أحد أربعة أحرف: ياء أو تاء أو نون أو ميم، سواء كانت في اسم أو فعل.
1556 - فالساكنة التي قبلها ياء نحو يؤمنون [البقرة: 3] ويؤلون [البقرة:
226] وو يؤثرون [الحشر: 9] ويؤفكون [المائدة: 75] ويؤتكم [الأنفال: 70] ويؤمنّ [إبراهيم: 25] وما أشبهه.
1557 - والتي قبلها تاء نحو قوله: تؤمنون بالله [آل عمران: 110] وبل تؤثرون [الأعلى: 16] وتؤتى أكلها [إبراهيم: 25] وحتّى تؤمنوا [الممتحنة: 4] وفأنّى تؤفكون [الأنعام: 95] وما أشبهه.
1558 - والتي قبلها نون نحو قوله: لن نّؤمن لك [البقرة: 55] ونّؤتهآ [الأحزاب: 31] ولن نّؤثرك [طه: 72] ونؤته منها [آل عمران: 145] وما أشبهه.
1559 - والتي قبلها ميم نحو قوله: المؤمنون [البقرة: 285] وو المؤتون [النساء: 162] ومّؤمن [البقرة: 221] وو المؤتفكة [النجم: 53] وو المؤتفكت [التوبة:
70] وما أشبهه.
1560 - والمتحركة التي قبلها أحد الأربعة الأحرف نحو قوله: لّا يؤاخذكم الله [البقرة: 225] وفليؤدّ الّذى [البقرة: 283] ويؤيّد بنصره [آل عمران: 13] ويؤدّه إليك [آل عمران: 75] ويؤخّره [المنافقون: 11] «2»، ويؤلّف بينه [النور:
43] ولا تؤاخذنآ [البقرة: 286] وأن تؤدّوا الأمنت [النساء: 58] وو ما نؤخّره [هود: 104] ومّؤجّلا [آل عمران: 145] ومؤذّن [الأعراف: 44] وو المؤلّفة [التوبة:
60] وما أشبهه.
__________
(1) زيادة ليستقيم السياق.
(2) المنافقون/ 11 وفي ت، م: (يؤخره) ولم أجده في المصحف الشريف.

(2/549)


1561 - واختلف عنه في موضعين من الساكنة، وهما قوله: وتؤى إليك في الأحزاب [51] والّتى تئويه في المعارج [13]:
1562 - فروى الأصبهاني «1» عن أصحابه عنه ترك همزها، ويحتمل الواو المبدلة من الهمزة أن تدغم في التي بعدها اتباعا للخط، وبذلك قرأت «2» في مذهبه، ويحتمل أن لا تدغم بناء على الأصل؛ لأن التسهيل عارض. وروى سائر الرواة عنه «3» نصّا وأداء تحقيق الهمزة فيهما.
1563 - واختلف عنه «4» أيضا في موضع واحد من المتحركة وهو قوله:
مؤذّن في الأعراف [44] ويوسف [70]، فروى عنه الأصبهاني تحقيق الهمزة فيه لكون الفعل قبله، وهو فأذن [الأعراف: 44] مهموزا؛ حملا عليه، وروى سائر الرواة عنه تسهيل الهمزة فيه؛ حملا على نظائره.
1564 - وأجمعوا عنه نصّا وأداء على تحقيق الهمزة في موضعين من ذلك، وهما قوله: ولا يؤده حفظهما في البقرة [255] وتؤزّهم أزّا في مريم [83]، ما خلا أحمد «5» بن صالح، فإنه روى عنه تؤزّهم بغير همز لم يروه غيره.
1565 - وكان «6» أيضا يسهل الهمزة الساكنة خاصّة إذا كانت فاء من الفعل، وصورتها في الخط ألف ووليها من قبلها [أحد] «7» ستة أحرف: الياء والتاء والنون والميم والفاء والواو في فعل كانت أيضا أو في اسم.
1566 - فالتي قبلها ياء نحو: يأكلون [البقرة: 174] ويأمرون «8» [آل عمران:
21]، وما يأفكون [الأعراف: 117] فإنّهم يألمون [النساء: 104] ولّا يؤتون [النساء: 53] ويأتهم [الأعراف: 169] ويأتوكم [البقرة: 85] ويأمنوكم ويأمنوا قومهم [النساء: 91] ويأمركم [البقرة: 67] وألم يأن للّذين ءامنوا [الحديد: 16]
__________
(1) محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني.
(2) من الطريق السادس والتسعين.
(3) و (4) عن ورش.
(5) من الطريق الثامن والسبعين.
(6) أي ورش عن نافع.
(7) زيادة ليستقيم. السياق.
(8) آل عمران/ 21، وفي ت، م: (ما يؤمرون) وهو خطأ؛ لأن صورة الهمزة فيه واو.

(2/550)


وو لا يأتل [النور: 22] وما لم يأذن [الشورى: 21] ويأتمرون [القصص: 20] وشبهه.
1567 - والتي قبلها تاء نحو: قوله: تأكلون [آل عمران: 49] وأتأمرون [البقرة:
44] وأن تأجرنى [القصص: 27] واستئجره إنّ خير من استئجرت [القصص: 26] وفإذا استئذنوك [النور: 62] ولتأفكنا [الأحقاف: 22] ولا تأمنّا [يوسف: 11] وأم تأمرهم [الطور: 32] «1»، وما أشبهه.
1568 - والتي قبلها نون نحو: أنّا نأتى الأرض [الرعد: 41] وفلنأتينّهم [النمل: 37] وفلنأتينّك [طه: 58] وأن تأخذوا [البقرة: 229] وأن نّأكل منها [المائدة: 113] وما أشبهه.
1569 - والتي قبلها ميم نحو قوله: مأمنه [التوبة: 6] ومأتيّا [مريم: 61] ومأمون [المعارج: 28] ومأكول وليس في القرآن مما اجتمع الرواة عنه على ترك الهمز فيه من هذا النوع غير هذه الأربعة المواضع.
1570 - والتي قبلها فاء نحو قوله: فأتوا بسورة [البقرة: 23] وفئاتوهنّ [البقرة: 222] وفأتيا [الشعراء: 16] وفأذنوا [البقرة: 279] وفأذن لّمن شئت [النور: 62] وما أشبهه.
1571 - والتي قبلها واو نحو قوله: وأتوا البيوت [البقرة: 189] وآتوني [يوسف: 93] وأمر قومك [الأعراف: 145] وأمر أهلك [طه: 132] وأتمروا بينكم [الطلاق: 6] وما أشبهه.
1572 - واختلف عنه في أصل مطّرد من هذا الضرب، وهو ما كان من باب الإيواء نحو قوله: ومأواهم [آل عمران: 151] ومأواكم [العنكبوت: 25] ومأواه [آل عمران: 162] والمأوى [السجدة: 19] وفأوا إلى الكهف [الكهف:
16] وما أشبهه من لفظه.
1573 - فروى داود «2»، ويونس «3»، وعبد الصمد «4» - من رواية محمد بن
__________
(1) الطور/ 32. وفي ت، م: (لم تأمرهم). ولم أجده في المصحف الشريف.
(2) داود بن هارون، وسيذكر المؤلف إسناد الطريق التي روى منها الهمز نصا.
(3) يونس بن عبد الأعلى وروايته الهمز نصا هي من الطريق الثمانين كما سيأتي.
(4) عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم. وطريق محمد بن وضاح وإبراهيم بن محمد بن بازي عنه ليسا من طرق هذا الكتاب.

(2/551)


وضّاح وإبراهيم بن محمد عنه- الهمز فيه نصّا، وكذلك روى إسماعيل «1» النحّاس وأبو بكر بن سيف عن أبي يعقوب عنه، وعلى ذلك عامّة أهل الأداء من المصريين، وبذلك قرأت للجماعة عن ورش أداء من طريقهم.
1574 - حدّثنا «2» أبو عبد الله محمد بن سعيد الإمام في كتابه قال: أخبرني محمد بن أحمد بن خالد، [قال حدثنا أبي] «3»، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد بن بازي، عن عبد الصمد، عن ورش عن نافع، أنه همز المأوى [السجدة: 19] ومأواهم [آل عمران: 151] «4»، وفأوا إلى الكهف [الكهف: 19].
1575 - أخبرنا «5» عبد العزيز بن محمد قال: حدّثنا أبو طاهر قال: حدّثنا أحمد بن محمد الدّينوري قال: حدّثنا أبو الحسين الرّعيني قال: حدّثنا عبد الرحمن بن داود عن أبيه عن ورش عن نافع أنه همز مأواهم والمأوى وفأوا إلى الكهف.
1576 - حدّثنا الخاقاني «6» قال: حدّثنا أحمد بن أسامة قال: حدّثنا أبي قال:
حدّثنا يونس عن ورش عن نافع أنه همز المأوى في جميع القرآن.
1577 - وروى محمد بن عبد الرحيم «7»، عن أصحابه، عنه «8» نصّا وأداء ترك الهمزة في ذلك حيث وقع، وكذلك روى إبراهيم «9» بن عبد الرزاق عن عبد الجبار بن محمد عن عبد الصمد وابن مجاهد عن إسماعيل «10» بن عبد الله الفارسي عن
__________
(1) انظر طرق إسماعيل بن عبد الله بن عمرو النحاس وعبد الله بن مالك بن سيف عن الأزرق عن ورش.
(2) تقدم هذا الإسناد في الفقرة/ 411.
(3) سقط من ت، م. وتقدم الإسناد صحيحا في الفقرة/ 411.
(4) في ت، م: (مأوى) ولا يوجد في المصحف الشريف. فاستبدلت بها مأواكم ليكمل التمثيل. انظر الفقرة قبل السابقة.
(5) صدر الإسناد قبل ورش تقدم في الفقرة/ 570. وهذا الطريق خارج عن طرق جامع البيان.
(6) انظر إسناد الطريق/ 80. وهو صحيح.
(7) الأصبهاني.
(8) أي عن ورش.
(9) طريق أحمد بن عبد الله المكتّب عن إبراهيم بن عبد الرزاق خارج عن طرق جامع البيان.
(10) إسماعيل بن عبد الله بن عمر، أبو بكر، الفارسي قدم دمشق وقرأ بها، وسكن بغداد، روى القراءة عن هارون بن موسى الأخفش وبكر بن سهل، روى القراءة عنه أبو بكر بن مجاهد وعبد الواحد بن عمر. غاية النهاية 1/ 165. وهذا الطريق ليس من طرق جامع البيان.

(2/552)


بكر بن سهل وأحمد ابن «1» يعقوب التائب عن بكر أيضا عن عبد الصمد عنه، حدّثني بذلك أحمد بن «2» عبد الله المكتّب عن علي بن محمد المقرئ الشافعي عنهم «3» عن أصحابهم، وعلى ذلك عامّة أهل الأداء من البغداديين والشاميين. وكذلك قرأت في رواية الأصبهاني وعبد الصمد من طريقهم.
1578 - ولم يذكر أبو يعقوب ولا عبد الصمد من روايتنا عن ابن محفوظ عن ابن «4» جامع عن بكر عنه في ذلك همزا ولا غير همز، وظاهر قولهما في كتابهما عن ورش يدل على ترك الهمز؛ لأنهما جعلا الباب مطّردا، وأطلقا القياس فيه، ولم يخرجا ذلك عن جملته كما أخرجه داود ويونس وابن وضّاح وابن بازي عن عبد الصمد «5»، فوجب أن يجري مجرى نظائره في ترك الهمز، نحو: مأتيّا ومأمنه وفئاتوا وفئاتوهنّ وشبهه مما الهمزة فيه فاء وقبلها ميم أو فاء.
1579 - فإذا تحرّكت الهمزة وهي فاء، فلا خلاف عنه في تحقيقها نحو قوله:
فأذن وفأكله [يوسف: 17] وفأيّدنا [الصف: 14] وفأخذهم [آل عمران:
11] وو ما تأخّر [الفتح: 2] ومئارب [طه: 18] ومئابا [النبأ: 22] وما أشبهه.
1580 - وكان أيضا يسهل الهمزة الساكنة إذا كانت فاء «6»، أو دخل عليها همزة الوصل واتصلت بكلام يدبرها حركة آخره وهما من كلمتين، وذلك نحو قوله:
فرعون ائتونى [يونس: 79] ويصلح ائتنا [الأعراف: 77] ويقول ائذن لّى [التوبة: 49] وفى السّموت ائتونى [الأحقاف: 4] وو للأرض ائتيا [فصلت: 11]:
[وأوحينآ] أو ائتنا [الأنفال: 32] وأن ائت [الشعراء: 10] وثمّ ائتوا صفّا [طه: 64] وما أشبهه.
__________
(1) وهذا الطريق ليس من طرق جامع البيان.
(2) أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي، الحافظ الكبير، أبو عمر، يعرف بابن الباجي، سكن قرطبة ونشر بها العلم، مات سنة ست وتسعين وثلاث مائة. تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 1058.
- علي بن محمد بن إسماعيل بن بشر تقدم.
(3) أي عن إبراهيم بن عبد الرزاق، وابن مجاهد وأحمد بن يعقوب التائب.
(4) من الطريق الحادي والستين.
(5) انظر الروايات عنهم في الفقرات/ 1574، 1575، 1576.
(6) في ت، م: (أو دخل). ولا يستقيم بها السياق.

(2/553)


1581 - فتنقلب مع الضمة واوا وإن كانت صورتها في الخط ياء ومع الكسرة ياء وإن كانت صورتها في الخط واوا ومع الفتحة ألفا وإن كانت صورتها في الخط ياء؛ لأنها تصوّر بالحرف الذي منه حركة همزة الوصل في الابتداء، من حيث تنقلب فيه «1» إليه لامتناع الجمع بين همزتين الثانية منهما ساكنة، فإن كانت حركتها هناك ضمّا صوّرت واوا، وإن كانت كسرة صوّرت ياء. والخط مبني على الاتصال، فلذلك صوّرت على حركة همزة الوصل وسهلت على حركة آخر الكلمة المتصلة بها، سواء كانت تلك الحركة لازمة أو عارضة.
1582 - فإن وقع بعد تلك الحركة حرف مدّ ألف أو ياء أو واو وكن من «2» نفس تلك الكلمة، ووقعن طرفا، سقطن «3» من اللفظ لسكونهنّ وسكون الحرف المبدل من الهمزة، وذلك نحو قوله: الّذى اؤتمن [البقرة: 283] ولقآءنا ائت [يونس: 15] وإلى الهدى ائتنا [الأنعام: 71] وقالوا ائتوا [الجاثية: 25] وما أشبهه.
1583 - وقد يجوز أن يثبتن في اللفظ ويسقط البدل من الهمزة للساكنين وقد كنّ «4» أيضا يسقطن مع تحقيق الهمزة، فوجب أن يسقطن أيضا مع تخفيفها إذ «5» كان عارضا.

فصل [في الهمزة الساكنة تكون عينا أو لاما]
1584 - فإذا كانت الهمزة عينا من الفعل أو لاما منه وسكنت، وسواء كان سكونها أصليّا أو لجازم أو لتوالي الحركات تخفيفا، فالرواة مجمعون عن ورش على تحقيقها ما خلا الأصبهاني، فإنه روي عن أصحابه عنه تسهيلها حيث وقعت.
1585 - فأما التي هي عين فنحو قوله: الرّأس [مريم: 4] وكأس [الإنسان: 5] «6» والبأس [البقرة: 177] والبأسآء [البقرة: 177] والرّأى [هود:
27] ورأى العين [آل عمران: 13] والضّأن [الأنعام: 143] وفى شأن [يونس:
__________
(1) أي في الابتداء.
(2) سقطت (من) من ت.
(3) أي سقطت حروف المد.
(4) أي حروف المد.
(5) في ت، م: (إذا)، وهو خطأ؛ لأن تخفيف الهمزة لا يكون إلا عارضا.
(6) الواقعة/ 18 وفي ت، م: (الكأس) وهو خطأ؛ لعدم وجوده في التنزيل.

(2/554)


61] وشأنهم [النور: 62] وكدأب [آل عمران: 11] ودأبا [يوسف: 47] «1»، وسؤلك [طه: 36] والرّءيا [الإسراء: 60] ورءياك [يوسف: 5] ورءيى [يوسف:
43] وما أشبهه إلا قوله: بئس [البقرة: 126] وبئسما [البقرة: 90] حيث وقعا وقوله: الذّئب [يوسف: 13] وو بئر مّعطّلة [الحج: 45] فإنه لا خلاف عنه في تسهيل الهمزة في هذه الثلاث كلم.
1586 - وأما التي هي لام فنحو قوله: فادّرءتم [البقرة: 72] وو إن أسأتم [الإسراء: 7] وأنشأتم [الواقعة: 72] وأنشأنا [الأنعام: 6] وأنشأنهنّ [الواقعة: 35] واطمأننتم [النساء: 103] وبدأنآ [الأنبياء: 104] وذرأنا [الأعراف: 179] وو لملئت [الكهف: 18] وأخطأتم [الأحزاب: 5] وأخطأنا [البقرة: 286] وامتلأت [ق: 30] ونبّأتكما [يوسف: 37] وبوّأنا [يونس: 93] واقرأ [الإسراء: 14] وهيّء لنا [الكهف: 10] ونبّئ عبادى [الحجر: 49] وشئتم [البقرة:
58] وشئنا [الأعراف: 176] وما أشبهه.
1587 - واستثنى الأصبهاني من قراءتي «2»، من التي هي عين، أصلا مطّردا، وهو ما جاء من لفظ اللّؤلؤ وو لؤلؤا حيث وقع، ومن التي هي لام ثلاثة أصول مطّردة وحرفا واحدا.
1588 - فالأول من الثلاثة أصول هو إذا سكنت الهمزة للأمر «3» نحو أنبئهم [البقرة: 33] وو نبّئهم [الحجر: 51] ونبّئنا [يوسف: 36] ونبّئ عبادى [الحجر:
49] وهيّء لنا [الكهف: 10] واقرأ كتبك [الإسراء: 14] وما أشبهه.
1589 - والثاني: هو ما جاء من لفظ جئت [البقرة: 71] وجئتم [يونس:
81] وأجئتنا [الأعراف: 70] وجئناهم [الأعراف: 52] وجئتمونا [الأنعام: 94] حيث وقعن «4».
1590 - والثالث: هو ما جاء من لفظ قرأت وقرأنه حيث وقعا.
__________
(1) يوسف/ 47. قرأها نافع بإسكان الهمزة، انظر النشر 2/ 295، السبعة/ 349.
(2) من الطريق السادس والتسعين.
(3) في ت، م (اللام) بدل (للأمر) وهو تحريف وقد ذكر ابن الجزري هذه المستثنيات جميعها في النشر 1/ 391.
(4) سقطت (وقعن) من م.

(2/555)


1591 - والحرف الواحد هو قوله في يوسف إلّا نبّأتكما [يوسف: 37] لا غير، فحقّق الهمزة في ذلك كله.
1592 - ولا أعلم عنه خلافا في تحقيق الهمزة في قوله في مريم: ورءيا وبذلك قرأت، وقياس ما أصله وما قرأ به في قوله: وتئوي [الأحزاب: 51] وتئويه [المعارج: 13] يوجب تسهيل الهمزة في ذلك وبيان المبدل فيها وإدغامه جائزان.
1593 - وكذا لا أعلم عنه خلافا في تسهيل الهمزة إذا سكنت لجازم دخل عليها نحو قوله: تسؤكم [المائدة: 101] وتسؤهم [آل عمران: 120] وإن نّشأ [الشعراء: 4] ويهيّء لكم [الكهف: 16] وأم لم ينبّأ [النجم: 36] وما أشبهه، فإن لقيت هذه الهمزة ساكنا، فحرّكت لأجله كقوله في الأنعام [39]: من يشإ الله، وفي الشورى [24]: فإن يشإ الله خفّفت في مذهبه ولم تسهل لحركتها «1»، فإن فصلت من ذلك الساكن بالوقف عليها دونه سهلت لسكونها.
1594 - وقرأت «2» في رواية يونس عن ورش الضّأن والشأن والرّءيآ ورءياك ورءيى بالوجهين: بالهمز وتركه، كأنه خيّر [في] «3» ذلك.
1595 - وحدّثني فارس «4» بن أحمد، قال: حدّثنا جعفر بن أحمد، قال: حدّثنا محمد ابن الربيع قال: حدّثنا يونس عن ورش عن نافع ومّن الضّأن [الأنعام:
143] غير مهموز.
1596 - وحدّثني الخاقاني «5»، قال: حدّثنا أحمد بن أسامة عن أبيه عن يونس عن ورش عن نافع ومّن الضّأن مهموزة، والصواب ما رواه محمد بن الربيع وأظنّ أسامة بن أحمد سقطت غير عليه.
__________
(1) في م (حركتها)، وهو تحريف، لعدم استقامة السياق به. وفي النشر (1/ 407): خففت في مذهب من يبدلها ولم تبدل لحركتها وأسنده إلى الداني في جامع البيان. فأفاد أن المراد بتسهيل الهمزة في الوقف البدل، لكن قوله خففت يبدو لي أن فيه تصحيفا، وأن الصحيح حققت كما هو في النسختين ت، م.
(2) من الطريقين الرابع والثمانين، والخامس والثمانين.
(3) زيادة ليستقيم السياق.
(4) انظر الطريق/ 82.
(5) انظر الطريق/ 80 وإسناده صحيح.

(2/556)


1597 - وقالا جميعا عن يونس: أقرأني سقلاب «1» وحده رأى العين [آل عمران: 13] يؤيّد بنصره [آل عمران: 13] بالهمز، قال: وافقه ابن كيسة «2». فدلّ ذلك على أنه يروي عن ورش راي العين بغير همز.
1598 - وقد غلط بعض شيوخنا على يونس، فحكى عنه أنه روى عن ورش يؤيد بالهمز، وإنما رواه عن سقلاب وحده، فلم يميّز هذا الإنسان بين الروايتين، ولا فرق بين الطريقين.
1599 - وتفرّد الأصبهاني عن أصحاب ورش فيما قرأت «3» له، بتسهيل الهمزة المتحركة في ثمانية أصول مطّردة وثلاثة أحرف متفرّقة.
1600 - فالأول: من الأصول وهو ما جاء من لفظ كأن وكأنّما وكأنّك وكأنّه وكأنّهم وكأنّهنّ حيث وقع إذا كانت النون مشدّدة، كذا قرأت وكذا في كتابي، وقياس ذلك كأن لّم تكن [النساء: 73] وكأن لّم يلبثوا [يونس: 45] وكأن لّم يغنوا [هود: 95] وما أشبهه مما النون فيه مخففة.
1601 - والثاني: هو ما جاء من لفظ بأنّ الله وبأنا وبأنّه وبأنّهم حيث وقع إذا كان في أوّله باء الجرّ لا غير.
1602 - والثالث: هو ما جاء من لفظ أفأمن وأفأمنوا وأفأمنتم حيث وقع.
1603 - والرابع: هو ما جاء من لفظ أفأنت وأفأنتم حيث وقعا.
1604 - والخامس: هو ما جاء من لفظ رأيت ورأيتهم ورأيتموه وفلمّا رأينه ولّرأيته حيث وقع إذا لم تكن قبل الراء همزة وكان بعد الهمزة الملينة ياء.
1605 - والسادس: هو ما جاء من لفظ فبأىّ حديث [الأعراف: 185] وفبأىّ ءالآء ربّك [النجم: 55] وفبأىّ ءالآء ربّكما [الرحمن: 13] وما أشبهه.
__________
(1) سقلاب بن شنينة. وتقدم في الفقرة/ 1251 أن روايته عن نافع خارجة عن جامع البيان.
(2) علي بن يزيد بن كيسة. ويونس يروي عنه عن سليم من الطرق: السبعين، والحادي والسبعين، والثاني والسبعين، وكلها بعد الثلاث مائة.
(3) من الطريق السادس والتسعين.

(2/557)


1606 - والسابع: هو ما جاء من لفظ الفؤاد نحو فؤادك [هود: 120] وفؤاد أمّ موسى [القصص: 10] والفؤاد ما رأى [النجم: 11] وشبهه.
1607 - والثامن: هو ما جاء من لفظ لأملأنّ حيث وقع. وقال لي فارس بن أحمد عن قراءته «1» بتسهيل الهمزة الأولى دون الثانية في ذلك «2»، وتسهيل الثانية دون الأولى وتسهيلهما معا. وقرأت بذلك كله عليه في مذهبه «3». والوجه الثاني هو الصحيح المعمول «4» عليه وهو الذي ذكره الأصبهاني في كتابه، فقال: الألف الأولى منبورة والثانية غير منبورة، وقال: فأذن [الأعراف: 44] مشبع الهمزة.
1608 - والثلاثة الأحرف أولها في سورة الجنّ [8] قوله: ملئت حرسا.
والثاني في المزّمّل [6] قوله: إنّ ناشئة الّيل. والثالث في الكوثر [3] قوله: إنّ شانئك.
1609 - وحدّثني الفارسي «5»، عن عبد الواحد بن عمر عن محمد بن أحمد عن الأصبهاني عن أصحابه عن ورش أنه سهّل الهمزة من قوله: وكأيّن حيث وقع، ومن قوله: وإذ تأذّن في الأعراف [167] وإبراهيم [7]، ومن قوله: الخبئث في الأعراف [157]، ومن قوله: واطمأنّوا بها في يونس [7]، ومن قوله:
لنبوّئنّهم في النحل [4] والعنكبوت [58]، وقرأت «6» هذه المواضع بتحقيق الهمزة.
1610 - وروى ابن شنبوذ «7» أداء عن النحاس عن أبي يعقوب وعن أبي بكر «8» بن سهل عن أبي الأزهر عن ورش: ولقد ذرأنا [الأعراف: 179] بغير همز وبوّأنا [يونس: 93] بالهمز.
__________
(1) من الطريق السادس والتسعين.
(2) أي في (لأملأن) حيث وقع.
(3) في مذهب الأصبهاني.
(4) في م (المعول).
(5) انظر الطرق/ 86 - 95/ على التوالي وأسانيدها صحيحة.
(6) أي من الطريق السادس والتسعين، على شيخه فارس بن أحمد كما تقدم.
(7) طريق ابن شنبوذ عن النحاس ليس من طرق هذا الكتاب كما تقدم في الفقرة/ 1288.
(8) وطريق ابن شنبوذ عن بكر بن سهل ليس من طرق هذا الكتاب. وأشار ابن الجزري في غاية النهاية (2/ 52) إلى أنه من طرق الكامل للهذلي.

(2/558)


1611 - وروى أبو العباس عبد الله «1» بن أحمد البلخي أداء عن يونس عن ورش بغير همز فيهما كرواية الأصبهاني عن أصحابه سواء.
1612 - وروى ابن شنبوذ عن النحاس عن أبي يعقوب ورءيا في مريم [74] بغير همز وهو غلط «2».
1613 - وقرأت «3» في رواية يونس عن ورش لنبوّئنّهم في الموضعين والفؤاد حيث وقع بالتخيير بين الهمز وتركه.
1614 - وتفرّد الأصبهاني عن أصحابه عن ورش بهمز لئلّا ومؤذّن حيث وقعا.
1615 - وهمز نافع في رواية إسماعيل والمسيّبي وقالون جميع ما تقدّم من ساكن أو متحرّك. واختلف الرواة عن قالون في قوله والمؤتفكة [النجم: 53] وو المؤتفكت [التوبة: 70].
1616 - فروى أحمد بن «4» صالح، والحلواني «5»، والحسن بن علي «6» الشّحّام عنه أنه لم يهمزهما حيث وقعا.
1617 - وحدّثني عبد الله «7» بن محمد قال: حدّثنا عبيد الله بن أحمد، قال:
حدّثنا أحمد بن عثمان، قال: حدّثنا الحسن بن علي الواسطي، قال: حدّثنا أبو عون عن الحلواني عن قالون أنه ترك همزهما.
__________
(1) طريق البلخي عن يونس ليس من طرق هذا الكتاب، وأشار ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 44) إلى أنه من طرق الكامل للهذلي.
(2) انظر الفقرة/ 1592.
(3) من الطريقين: الرابع والثماني، والخامس والثمانين.
(4) طرقه من السادس والأربعين إلى التاسع والأربعين على التوالي.
(5) طرقه من السادس والثلاثين إلى الثاني والأربعين على التوالي.
(6) من الطريق الثالث والأربعين.
(7) صدر الإسناد قبل الواسطى تقدم في الفقرة/ 643.
- الحسن بن علي بن الهذيل، أبو سعيد، الواسطي روى القراءة عن أبي عون الواسطي روى عنه أبو الحسين بن بويان. غاية 1/ 225. وطريق الواسطي عن أبي عون خارج عن طرق جامع البيان.

(2/559)


1618 - وحدّثني عبد الله «1» بن محمد، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد عن قراءته على ابن بويان عن أبي حسان عن أبي نشيط عن قالون أنه لم يهمزهما، وبالهمز قرأت في روايته «2» من طريق ابن بويان وغيره.
1619 - وروى أبو سليمان «3» وسائر الرواة عن قالون أنه همزهما، وكذا «4» قال لي أبو الفتح «5»، عن قراءته على عبد الله بن الحسين، عن أصحابه، عن الحلواني. وهو وهم؛ لأن الحلواني نصّ على ذلك في كتابه بغير همز، وبذلك «6» قرأت في روايته «7» من طريق ابن «8» حماد، وابن «9» عبد الرزاق وغيرهما. وبذلك آخذ.
1620 - وكلهم روى عن قالون يؤفك [غافر: 63] ويؤفكون [المائدة: 75] بالهمز، ونصّ عليهما كذلك أحمد بن صالح.
1621 - وروى أبو سليمان وحده عن قالون تسؤهم [آل عمران: 120] وتسؤكم [المائدة: 101] حيث وقعا بغير همز، وذلك خلاف لأصله المجتمع عليه عنه.
1622 - وروى أبو عون عن الحلواني عن قالون كعصف مّأكول [الفيل: 5] في آخر الفيل بغير همز نقضا لنظائره من فاءات الأفعال، وبالهمز قرأت ذلك من طريقه «10».
__________
(1) انظر إسناد الطريق/ 44. وإسناده صحيح.
(2) رواية أبي نشيط، وقرأ الداني في روايته من طرق جامع البيان من طريق ابن بويان فقط، وهو الطريق الخامس والأربعون.
(3) اسمه سالم بن هارون المدني، وطريقه هو السابع والخمسون.
(4) من هنا إلى نهاية الفقرة نقله ابن الجزري في النشر (1/ 394) من قول الداني في الجامع.
(5) من الطرق: السابع والثلاثين، والأربعين، والحادي والأربعين.
(6) أي بغير همز.
(7) رواية الحلواني عن قالون.
(8) في ت، م: (ابن أبي حماد) وهو خطأ، لأن عبد الرحمن بن أبي حماد يروي عن نافع مباشرة فهو أعلى من هذه الطبقة. انظر غاية النهاية 1/ 370. وابن حماد هو أحمد أبو بكر الثقفي المنقى وطريقه هو الثامن والثلاثون.
(9) اسمه إبراهيم وطريقه هو التاسع والثلاثون.
(10) من الطريقين: الأربعين، والحادي والأربعين.

(2/560)


1623 - وروى حماد «1» بن بحر عن المسيّبي: لقد جئت [الكهف: 71] غير مهموز وقياس ذلك ما أتى من لفظه، ولم يرو ترك الهمز في ذلك عن نافع غيره.
1624 - وروى ابن «2» واصل عن ابن سعدان عن المسيبي رءا كوكبا [الأنعام: 76] ورءا الشّمس [الأنعام: 78] ورءا القمر [الأنعام: 77] وترءا الجمعان [الشعراء: 61] بغير همز، وقياس ذلك سائر أشباهه. وقال عن المسيبي أيضا: سئلت في التكوير [8] بغير همز لم يرو ذلك أحد عن نافع غير ابن سعدان عن المسيبي.
1625 - فأما «3» اختلافهم عن نافع في الذّئب [يوسف: 13] وو بئر [الحج: 45] فنذكره مع اختلاف غيرهم فيها في السّور إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق.