جواهر القرآن القسم الأول / في
المقدمات والسوابق
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الأول
في أن القرآن هو البحر المحيط وينطوي على أصناف الجواهر
والنفائس
أما بعدَ حَمْدِ اللهِ الذي هو فاتحةُ كُلِّ كتاب، والصلاةِ
على رُسُلِهِ التي هي خاتمةُ كل خطاب. فإِني أُنَبِّهك على
رَقْدَتك، أيُّها المُستَرسِلُ في تِلاوَتِك، المُتَّخِذُ
دراسة القرآن عملاً، المُتَلقِّفُ من معانيه ظواهر وجُمَلاً،
إلى كم تطوف على ساحل البحر مُغَمَّضاً عينيك عن غرائبها؟
أَوَمَا كان لك أن تركب مَتْنَ لُجَّتِها لِتُبْصِرَ عجائبَها؟
وتسافَر إلى جزائرها لآِجتِنَاء أطَايِبِها؟ وتغوصَ في عمقها
فتستغني بِنَيْلِ جواهِرها؟ أوَما تُعَيِّر نفسكَ في الحرمان
عن دُرَرِها وجواهرها بإدمان النظر إلى سواحلها وظواهرها؟
أوَما بَلغك أن القرآن هو البحر المحيط؟ ومنه يتشعَّب علمُ
الأَوَّلينَ والآخرِينَ كما يتشعب عن سواحل
(1/21)
البحر المحيط أنهارُها وجداوِلُها؟ أوَما
تَغْبِطُ أقواماً خاضوا في غَمرة أمواجها فظفروا بالكبريت
الأحمر؟ وغاصوا في أعماقها فاستخرجوا الياقوتَ الأحمرَ،
والدُرَّ الأزهَرَ، والزَّبَرْجَدَ الأخضر؟ وسَاحوا في
سواحلها، فَالتَقَطُوا العَنبرَ الأشهَب، والعودَ الرَّطب
الأَنضرَ؟ وتعلقوا إلى جزائرها واستَدَرُّوا من حيواناتها
التِّرياقَ الأكبر، والمسك الأذْفَر؟ وها أنا أُرشدك قاضِياً
حقَّ إخائِك، ومُرتَجياً بَرَكة دعائك إلى كيفية سياحتهم
وغَوْصهم وسباحتهم.
(1/22)
|