غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر سورة النحل
مكية كلها (1)
1- {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} يعني القيامة
(2) . أي هي قريب فلا تستعجلوا. وأتى بمعنى يأتي (3) . وهذا
كما يقال: أتاك الخير فأبشر. أي سيأتيك.
2- {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى
مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} أي: بالوحي.
5- {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} (الدِّفْءُ) : ما استدفأت به. يريد
ما يتخذ من أوبارها من الأكْسِيَةِ والأخْبِيَة وغير ذلك.
6- {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ} إذا راحت
عِظَامَ الضرُوع والأسْنِمة، فقيل: هذا مال فلان (4) .
{وَحِينَ تَسْرَحُونَ} بالغداة. ويقال: سَرَحَت الإبل بالغداة
وسَرَّحتها (5) .
7- {بِشِقِّ الأَنْفُسِ} أي بمشقة. يقال: نحن بِشِقٍّ من
العيش، أي بجهد. وفي حديث أمّ زَرْع: "وجدني في أهل غُنَيْمَةٍ
بِشِقّ" (6) .
__________
(1) في قول الحسن وعكرمة وعطاء، كما في البحر المحيط 5/472
وتفسير القرطبي 10/65 "وتسمى سورة النعم، بسبب ما عدد الله
فيها من نعمه على عباده".
(2) تأويل مشكل القرآن 394.
(3) تأويل مشكل القرآن 227.
(4) في تفسير الطبري 14/55 "حِينَ تُرِيحُونَ: يعني حين
تردونها بالعشي من مسارحها إلى مراحها ومنازلها التي تأوي
إليها، ولذلك سمي المكان: المراح، لأنها تراح إليها عشيا فتأوي
إليه، يقال منه: أراح فلان ماشيته فهو يريحها إراحة ".
(5) قال الطبري: "يقول: وفي وقت إخراجكموها غدوة من مراحها إلى
مسارحها. يقال منه: سرح فلان ماشيته يسرحها تسريحا،: إذا
أخرجها للرعي غدوة، وسرحت الماشية: إذا خرجت للمرعى تسرح سرحا
وسروحا. فالسرح بالغداة، والإراحة بالعشي ".
(6) في تفسير القرطبي 10/72.
(1/241)
9- {وَمِنْهَا جَائِرٌ} أي: من الطرق جائر
لا يهتدون فيه. والجائرُ: العادِلُ عن القصد (1) .
10- {مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ} يعني
المرعى. قال عِكْرِمَة: لا تأكل ثمرَ الشجر فإنه سُحْت. يعني
الكلأ.
{فِيهِ تُسِيمُونَ} أي تَرْعَون. يقال: أَسَمْتُ إبلي فسَامَت.
ومنه قيل لكل ما رعى من الأنعام: سائمة، كما يقال: رَاعِيَة.
14- {وَتَرَى الْفُلْكَ} السفن.
{مَوَاخِرَ فِيهِ} أي: جَوَارِيَ تَشُقُّ الماء. يقال: مَخَرَت
السفينة. ومنه مَخْرُ الأرض، إنما هو شقُّ الماء لها.
15- {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ} أي: جبالا ثوابت لا
تبرح. وكل شيء ثَبَتَ فقد رسا.
{أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أي: لئلا تميد بكم الأرض. والميد:
الحركة والميل. ومنه يقال: فلان يَمِيدُ في مشيته: إذا
تَكَفَّأ (2) .
21- {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} أي: متى يبعثون.
26- {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} أي: من
الأساس. وهذا مثل. أي أهلكهم كما أهلك من هدم مسكنه من أسفله
فخرَّ عليه.
__________
(1) في تفسير الطبري 14/58 "يعني تعالى ذكره: ومن السبيل جائر
عن الاستقامة معوج. فالقاصد من السبل: الإسلام. والجائر منها:
اليهودية والنصرانية وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء
السبيل وقصدها، سوى الحنيفية المسلمة. وقيل: "ومنها جائر" لأن
السبيل يؤنث ويذكر، فأنت في هذا الموضع".
(2) في اللسان 1/136 "وفي حديث صفة النبي صلى الله عليه وسلم:
أنه كان إذا مشى تكفى تكفيا. التكفي: التمايل إلى قدام كما
تتكفأ السفينة في جريها. قال ابن الأثير: روي مهموزا وغير
مهموز، والأصل الهمز ".
(1/242)
28- {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} أي: انقادوا
واستسلموا. والسلم: الاستسلام.
44- {بِالْبَيِّنَتِ وَالزُّبُرِ} الكتب. جمع زبور.
47- {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} أي: على تَنَقُّص.
ومثله: التَّخَوُّن، يقال: تَخَوَّفته الدهور وتخوَّنته، إذا
نقصته وأخذت من ماله أو جسمه.
48- {يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ}
أي: تدور ظلاله وترجع من جانب إلى جانب. والْفَيْءُ: الرّجوع.
ومنه قيل للظل بالعَشِيّ: فَيْءٌ، لأنه فَاءَ عن المغرب إلى
المشرق.
{سُجَّدًا لِلَّهِ} أي مُسْتَسْلِمَة منقادة. وقد بينت هذا في
كتاب "المشكل " (1)
{وَهُمْ دَاخِرُونَ} أي: صاغرون. يقال: دخر لله (2) .
52- {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} أي: دائما (3) . والدين:
الطاعة. يريد: أنه ليس من أَحَدٍ يُدَانُ له ويطاع إلا انقطع
ذلك عنه بزوال أو هلكة، غير الله. فإن الطاعة تدوم له.
53- {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}
أي: تضجُّون بالدعاء وبالمسألة. يقال: جَأَرَ الثور يَجْأَر.
و {الضُّرُّ} البلاء والمصيبة.
__________
(1) راجع تأويل مشكل القرآن 321-323.
(2) في تفسير الطبري 14/79 "يقال منه: دخر فلان لله يدخر دخرا
ودخورا: إذا ذل له وخضع".
(3) وقيل: واجبا. وكان مجاهد يقول: معنى الدين في هذا الموضع:
الإخلاص، كما في تفسير الطبري 14/81.
(1/243)
56- {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ
نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} (1) هذا ما كانوا يجعلونه
لآلهتهم من الحظ في زروعهم وأنعامهم. وقد ذكرناه في سورة
الأنعام (2) .
57- {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ} (3) . أي
تنزيها له عن ذلك.
{وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} يعني البنين.
58- {وَهُوَ كَظِيمٌ} أي حزين قد كَظَم فلا يشكو ما به.
59- {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} أي على هَوَان.
{أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} أي يَئِدُه.
60- {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} شهادةُ أن لا إله إلا هو.
62- {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} من البنات.
{وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى}
أي الجنة. ويقال: البنين.
{وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} أي معجلون إلى النار (4) . يقال:
فَرَطَ مني ما لم أحسبه.
__________
(1) قال القرطبي في تفسيره 10/115 "ذكر نوعا آخر من جهالتهم،
وأنهم يجعلون لما لا يعلمون أنه يضر وينفع - وهي الأصنام -
شيئا من أموالهم يتقربون به إليه. قاله مجاهد وقتادة وغيرهما".
(2) راجع ص 160.
(3) في تفسير القرطبي 10/116 "نزلت في خزاعة وكنانة؛ فإنهم
زعموا أن الملائكة بنات الله، فكانوا يقولون: ألحقوا البنات
بالبنات ".
(4) وقيل: مخلفون متركون في النار منسيون فيها. وهو القول الذي
اختاره الطبري 14/87 "وذلك أن الإفراط الذي هو بمعنى التقديم
إنما يقال فيمن قدم مقدما لإصلاح ما يقدم إليه إلى وقت ورود من
قدمه عليه، وليس بمقدم من قدم إلى النار من أهلها لإصلاح شيء
فيها لوارد يرد عليها فيها فيوافقه مصلحا؛ وإنما تقدم من قدم
إليها لعذاب يجعل له. فإذا كان ذلك معنى الإفراط الذي هو تأويل
التعجيل، ففسد أن يكون له وجه صحيح - صح المعنى الآخر، وهو
الإفراط الذي بمعنى التخليف والترك. وذلك أنه يحكي عن العرب:
ما أفرطت ورائى أحدا، أي ما خلفته، وما فرطته، أي لم أخلفه ".
(1/244)
أي سبق. والفارِط: المتقدِّم إلى الماء
لإصلاح الأَرْشِيَةِ والدِّلاء حتى يَرِدَ القوم.
وأَفْرَطْتُه: أي قدّمته.
66- {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} ذهب إلى النَّعَم.
والنّعم تؤنث وتذكر (1) و (الْفَرْثُ) ما في الكَرِش.
وقوله: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا} لأن اللبن كان
طعامًا فخلص من ذلك الطعام دم، وبقي منه فَرْثٌ في الكرش، وخلص
من الدم لبن.
{سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} أي: سهلا في الشراب لا يَشْجَى به
شاربه ولا يَغَصّ.
67- {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} أي: خمرًا. ونزل هذا قبل
تحريم الخمر (2) .
{وَرِزْقًا حَسَنًا} يعني: التمر والزبيب. وقال أبو عبيدة:
السَّكَرُ: الطُّعم (3) . ولست أعرف هذا في التفسير.
68- {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [أي: ألهمها. وقيل:]
سخَّرها. وقد بيَّنت في كتاب "المشكل" أنه قد يكون كلاما
وإشارة وتسخيرًا (4) .
__________
(1) مجاز القرآن 1/362.
(2) وإنما جاء تحريم الخمر بعد ذلك في سورة المائدة كما في
تفسير الطبري 14/91.
(3) قال ذلك في مجاز القرآن 1/363 واستشهد عليه بقول جندل:
"جعلت عيب الأكرمين سكرا"
، وفي تفسير القرطبي 10/129 "أن الزجاج قال: قول أبي عبيدة هذا
لا يعرف، وأهل التفسير على خلافه، ولا حجة له في البيت الذي
أنشده؛ لأن معناه عند غيره:أنه يصف أنها تتخمر بعيوب الناس"،
وفي تفسير الطبري 14/93 عن الشعبي "قال: السكر: النبيذ، والرزق
الحسن: التمر الذي كان يؤكل. وعلى هذا التأويل الآية غير
منسوخة بل حكمها ثابت. وهذا التأويل عندي هو أولى الأقوال
بتأويل هذه الآية، وذلك أن السكر في كلام العرب على أحد أوجه
أربعة: أحدها: ما أسكر من الشراب والثاني ما طعم من الطعام،
والثالث السكون، والرابع المصدر ... ".
(4) راجع تأويل مشكل القرآن 373-374.
(1/245)
{وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} كل شيء عُرِشَ من
كَرْم أو نبات أو سقف: فهو عَرْش ومَعْرُوش.
{ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} أي: من الثمرات. وكلّ
هاهنا ليس على العموم. ومثل هذا قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ
شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} (1) .
69- {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا} أي: منقادة
بالتَّسْخِير. وذُلُل: جمع ذَلُول.
70- {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} وهو
الهَرَم؛ لأن الهرم أسوأ العمر وشرّه.
{لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} أي: حتى لا يعلم
بعد علمه بالأمور شيئا لشدة هرمه.
71- {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي
الرِّزْقِ} يعني: فضّل السادة على المماليك.
{فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا} يعني: السادة.
{بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ
فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} أي: لا يجعلون أموالهم لعبيدهم حتى
يكونوا والعبيد فيها سواء (2) . وهذا مَثَل ضربه الله لمن جعل
له شركاء من خلقه.
72- {بَنِينَ وَحَفَدَةً} الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم
بنون وخدم.
ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحَفْد: مُدَارَكَةُ الخطو
والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة،
واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
__________
(1) سورة الأحقاف 25.
(2) في تفسير الطبري 14/95 "يقول تعالى ذكره: فهم لا يرضون بأن
يكونوا هم ومماليكهم فيما رزقتهم سواء، وقد جعلوا عبيدي شركائي
في ملكي وسلطاني. وهذا مثل ضربه الله تعالى ذكره للمشركين
بالله. وقيل: إنما عنى بذلك: الذين قالوا: إن المسيح ابن الله،
من النصارى".
(1/246)
يقال في دعاء الوِتْر: وإليك نَسْعَى
ونَحْفِد (1) .
73- وقوله: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ
لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا} نَصَبَ
شيئًا بإيقاع رزق عليه (2) . أي: يعبدون ما لا يملك أن يرزقهم
شيئًا. كما تقول: هو يخدم من لا يستطيع إعطاءه درهما.
76- {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ
لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ} أي:
ثِقْلٌ على مولاه. أي على وليه وقرابته. مَثَل ضربه لمن جعل
شريكًا له في خلقه (3) .
{هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ
عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} مَثَل ضربه لنفسه.
80- {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا} يعني
قِبَابَ الأَدَمِ وغيرها.
{تَسْتَخِفُّونَهَا} في الحَمْل.
{يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} يوم سفركم {وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ}
و (الأثاث) : متاع البيت من الفُرِش والأَكْسِيَة. قال أبو
زيد: واحد الأثاث: أثَاثَة (4) .
__________
(1) أي نسرع إلى العمل بطاعتك. وقيل الحفدة: بنو امرأة الرجل
ليسوا منه. حكاه الطبري أيضا ثم قال 14/98 "وإذا كان معنى
الحفدة ما ذكرنا من أنهم المسرعون في خدمة الرجل المتخففون
فيها، وكان الله أخبرنا أن مما أنعم به علينا أن جعل لنا حفدة
تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الذين يصلحون للخدمة منا ومن
غيرنا وأختاننا الذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا وخدمنا
ومماليكنا، إذ كانوا يحفدوننا فيستحقون اسم حفدة؛ ولم يكن الله
دل بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله، ولا بحجة عقل؛ على أنه
عنى بذلك نوعا من الحفدة دون نوع منهم، وكان قد أنعم بكل ذلك
علينا - لم يكن لنا أن نوجه ذلك إلى خاص من الحفدة دون عام،
إلا ما اجتمعت الأمة عليه أنه غير داخل فيهم. وإذا كان ذلك
كذلك فلكل الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا، وجه في الصحة ومخرج
في التأويل ".
(2) يريد أن شيئا مفعول به للمصدر الذي هو "رزقا" وانظر البحر
المحيط 5/516.
(3) تأويل مشكل القرآن 300 وتفسير الطبري 14/100.
(4) اللسان 1/415 وفيه أيضا: "وقال الفراء: الأثاث لا واحد لها
كما أن المتاع لا واحد له ".
(1/247)
81- {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا
خَلَقَ ظِلالا} أي ظلال الشجر والجبال.
و (السَّرَابِيلُ) : القُمُص.
{تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أراد تقيكم الحر والبرد. فاكتفى بذكر
أحدهما إذا كان يدل على الآخر. كذلك قال الفرَّاء.
{وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} يعني الدُّرُوع تقيكم بأس
الحرب (1) .
83- {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ} أي يعلمون أن هذا كله من
عنده، ثم ينكرون ذلك، بأن يقولوا: هو شفاعة آلهتنا (2) .
92- (الأنكاث) : ما نقض من غزل الشعر وغيره. واحدها نِكْث،
يقول: لا تؤكدوا على أنفسكم الأيْمان والعهود ثم تنقضوا ذلك
وتحنثوا فتكونوا كامرأة غزلت ونسجت، ثم نقضت ذلك النسج فجعلته
أنكاثا (3) .
{تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ} أي: دَخَلا
وخيانة (4) .
{أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ} أي: فريق منكم.
{أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} أي: أغنى من فريق.
100- {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ
وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} لم يرد أنهم بإبليس
كافرون. ولو كان هذا كذا كانوا مؤمنين. وإنما أراد
__________
(1) في تفسير الطبري 14/104 "يقول: ودروعا تقيكم بأسكم.
والبأس: هو الحرب، والمعنى تقيكم في بأسكم السلاح أن يصل
إليكم".
(2) وقيل إن المراد بالنعمة التي ينكرونها: النبي صلى الله
عليه وسلم، عرفوا نبوته ثم جحدوه وكذبوه، وهو أولى الأقوال عند
الطبري 14/106 "وذلك أن الآية بين آيتين كلتاهما خبر عن رسول
الله وعما بعث به، فأولى ما بينهما أن يكون في معنى ما قبله
وما بعده. إذ لم يكن معنى يدل على انصرافه عما قبله وعما بعده،
فالذي قبل هذه الآية قوله: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا
عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ. يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ
ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا) وما بعده: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ
كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا) وهو رسولها ... ".
(3) راجع تفسير هذه الآية في تأويل مشكل القرآن 301.
(4) الدخل في كلام العرب: كل أمر لم يكن صحيحا.
(1/248)
الذين هم من أجله مشركون بالله. وهذا كما
يقال: سار فلان بك عالمًا، أي سار من أجلك.
101- {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} أي: نَسخْنا
آية بآية.
103- {يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ} أي يميلون إليه ويزعمون أنه
يُعلِّمك. وأصل الإلحاد: الميل.
106- {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} أي فتح له
صدرًا بالقبول.
111- {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا}
أي يأتي كل إنسان يجادل عن نفسه [غدا] .
112- {رَغَدًا} كثيرًا واسعًا.
118- {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا} يعني: اليهود.
120- {كَانَ أُمَّةً} أي معلما للخير يقال: فلان أمة. وقد بينت
هذا في كتاب "المشكل" (1) .
{قَانِتًا لِلَّهِ} أي مطيعًا.
121- {شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ} جمع نُعْمٍ. يقال: يوم نُعْمٍ
ويوم بُؤْس، ويُجمع أَنْعُم وأَبْؤُس. وليس قول من قال: إنه
جمع نِعْمة بشيء؛ لأن فِعْلَة لا يجمع على أَفْعُل (2) .
127- {وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ} تخفيف ضَيِّق. مثل: هَيْنٍ
ولَيْنٍ. وهو إذا
__________
(1) راجع تأويل مشكل القرآن 345.
(2) في هامش الأصل: "وهذا قول سيبويه زعم أن أنعم جمع نعمة".
(1/249)
كان على هذا التأويل صِفَةٌ. كأنه قال: لا
تك في أمر ضَيِّق من مكرهم.
ويقال: إن "ضَيْق" و " ضِيق" بمعنى واحد. كما يقال: رَطْلٌ
ورِطْلٌ.
ويقال: أنا في ضِيقٍ وضِيقَة. وهو أعجب إليَّ.
(1/250)
سورة بني إسرائيل
مكية كلها
4- {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} أخبرناهم.
5- {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} أي عاثوا بين الديار
وأفسدوا؛ يقال: جَاسوا وحَاسوا. فهم يَجُوسون وَيَحُوسُون.
6- {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ} أي الدَّوْلَة.
{أَكْثَرَ نَفِيرًا} أي أكثر عددًا. وأصله: مَنْ يَنْفِرُ مع
الرجل من عشيرته وأهل بيته. والنَّفِيرُ والنَّافرُ واحد. كما
يقال: قَدِير وقَادِر (1) .
7- {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ} يعني من المَرَّتَين.
{لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} من السَّوْء.
{وَلِيُتَبِّرُوا} أي ليدمِّروا ويخرِّبوا.
8- {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} أي
مَحْبِسًا (2) . من حَصَرْتُ الشيء: إذا حبسته. فَعِيل بمعنى
فاعل.
11- {وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ}
أي يدعو على نفسه وعلى خادمه وعلى مَالِه، بما لو استُجيب له
فيه، هلك.
{وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا} أي يَعْجَلُ عند الغضب. والله
لا يعجل بإجابته.
__________
(1) نقله القرطبي 10/217.
(2) وقيل: حصيرا: أي فراشا ومهادا، وهو الرأي الذي ارتضاه
الطبري 15/36.
(1/251)
12- {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ} يعني
مَحْوَ القمر.
{وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} أي مُبْصَرًا بها.
وقد ذكرت هذا وأمثاله في "المشكل" (1) .
13- {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}
قال أبو عُبَيْدَة: حظَّهُ. وقال المفسّرون: ما عمل من خير أو
شر ألزمناه عنقه (2) . وهذان التفسيران يحتاجان إلى تبيين.
والمعنى فيما أرى- والله أعلم -: أن لكل امرئ حظًّا من الخير
والشر قد قضاه الله عليه. فهو لازم عنقه. والعرب تقول لكل ما
لزم الإنسانَ: قد لزم عنقه. وهو لازم صَلِيفَ عُنُقه (3) .
وهذا لك عليَّ وفي عنقي حتى أخرج منه. وإنما قيل للحظ من الخير
والشر: طائر؛ لقول العرب: جرى له الطائر بكذا من الخير، وجرى
له الطائر بكذا من الشر؛ على طريق الفأل والطِّيَرة، وعلى
مذهبهم في تسمية الشيء بما كان له سببًا. فخاطبهم الله بما
يستعملون، وأعلمهم أن ذلك الأمر الذي يجعلونه بالطائر، هو
مُلْزِمُه أعناقَهم. ونحوه قوله: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ
عِنْدَ اللَّهِ} (4) وكان الحسن وأبو رجاء ومجاهد يقرؤون: (وكل
إنسان ألزمناه طيره في عنقه) بلا ألف. والمعنيان جميعًا سواء؛
لأن العرب تقول: جَرَت له طَيْرُ الشمال. فالطَّيْرُ الجماعة،
والطائر واحد.
وقوله: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا
يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} أي نخرج بذلك العمل كتابا. ومن قرأ
"ويخرج له يوم القيامة كتابا" أراد: ويخرج ذلك العملُ كتابا.
__________
(1) راجع تأويل مشكل القرآن 228.
(2) في اللسان 6/183.
(3) الصليف: جانب العنق.
(4) سورة الأعراف 131.
(1/252)
14- {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ
حَسِيبًا} أي كافيًا. ويقال: حاسبًا ومُحَاسبًا.
16- {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا
مُتْرَفِيهَا} أي أكْثَرْنَا مُتْرَفِيهَا. يقال: أَمَّرْتُ
الشيءَ وأمَرْتُه، أي كثَّرته. تقدير فَعَّلت وأَفْعَلْت، ومنه
قولهم: مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ (1) أي كثيرة النِّتاج. ويقال:
أَمِرَ بنو فلان يأمرون أمرًا؛ إذا كثروا.
وبعض المفسرين يذهب إلى أنه من الأمْر. يقول: نأمرهم بالطاعة
ونفرض عليهم الفرائض، فإذا فسقوا حقَّ عليهم القول، أي وَجَب.
ومن قرأ (أَمَّرْنَا) فهو من الإمارة. أي جعلناهم أُمراء.
وقرأ أقوام (آمَرْنَا) بالمد. وهي اللغة العالية المشهورة. أي
كَثَّرْنا.
23- {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} أي أمر
ربك (2) .
25- (الأوَّابُ) : التائب مرة بعد مرة. وكذلك التَّوَّاب، وهو
من آب يَؤُوب، أي رجَع.
28- {قَوْلا مَيْسُورًا} أي لَيِّنا.
__________
(1) وفي الحديث: "خير المال مهرة مأمورة" كما في اللسان 5/88
وتفسير الطبري 15/42.
(2) وكذلك فسرها في تأويل مشكل القرآن 342.
(1/253)
29- {مَحْسُورًا} أي تَحْسِرُكَ العطيةُ
وتقطعك، كما يَحْسِرُ السفر البعير فيبقى منقطعًا. يقال: حسَرت
الرجلَ فأنا أَحْسِرُه، وحسِر فهو يحسِر.
30- {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} يوسِّع عليه.
{وَيَقْدِرُ} أي يضيِّق عليه.
(فَلا تُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) (1) أي: لا تُمَثِّلْ إذا قتلت
بالقَوَد، ولا تقتل غير قاتلك.
34- {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} أي: يتناهَى في الثَّبَات
إلى حدّ الرجال. ويقال: ذلك ثمانية عشر سنة. وأَشُدُّ اليتيم
غير أَشُدِّ الرجل في قول الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ
أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} (2) وإن كان اللفظان
واحدًا؛ لأن أشُدَّ الرجل: الاكتهال والحُنْكَةُ وأن يشتد
رأيُه وعقله. وذلك ثلاثون سنة، ويقال: ثمان وثلاثون سنة.
وأشدُّ الغلام: أن يشتد خَلْقُه، ويتناهى ثَبَاتُه.
35- {بِالْقِسْطَاسِ} الميزان، يقال: هو بلسان الروم (3) .
وفيه لغة أخرى: (قُسْطَاس) بضم القاف. وقد قرِئ باللغتين
جميعًا (4) .
{وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} أي أحسن عاقبة.
36- {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أي: لا تتبعه
الحدْسَ والظُّنُون ثم تقول: رأيتُ ولم تر، وسمعتُ ولم تسمع،
وعلمتُ ولم تعلم (5) .
__________
(1) وقرئ: "فلا يسرف" بالياء، وهما سواء، كما قال الطبري
15/59.
(2) سورة الأحقاف 15.
(3) راجع المعرب 251، والإتقان 1/238.
(4) وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب؛ لأنهما لغتان مشهورتان
وقراءتان مستفيضتان في قراء الأمصار، كما قال الطبري في تفسيره
15/61.
(5) في تفسير القرطبي 10/257، واللسان 20/55.
(1/254)
وهو مأخوذ من القفاء كأنك تقفو الأمور، أي
تكون في أَقْفَائِها وأواخرها تتعقبها. يقال: قَفَوْتُ أثرَه.
والقَائِف: الذي يعرف الآثار ويتبعها. وكأنه مَقْلوب عن
القافي.
37- {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا} أي: بالكبر والفخر.
{إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ} أي: لا تقدر أن تقطعها حتى
تبلغ آخرها. يقال: فلان أخْرَقُ للأرض من فلان، إذا كان أكثر
أسْفارا وعَزْوًا.
{وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا} يريد: أنه ليس للفاجر أن
يَبْذَخَ (1) ويستكبر.
39- {مَدْحُورًا} مَقْصِيًّا مُبْعَدًا، يقال: اللهم ادْحَر
الشيطان عني (2) .
40- {وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا} كانوا يقولون:
الملائكة بنات الله.
42- {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا
لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا} يقول: لو كان الأمر
كما تقولون لابتغى من تدعونه إلها، التَّقَرُّبَ إلى الله؛
لأنه ربّ كل مَدْعُوّ. ويقال: لابتغوا سبيلا أي طريقا للوصول
إليه.
46- {أَكِنَّةً} جمع كِنَان. مثل غِطاء وأغطية.
47- {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} أي: مُتَنَاجون: يُسَارُّ بعضهم
بعضا.
{إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا} قال أبو عبيدة:
يريدون
__________
(1) يبذخ: أي يتطاول ويتكبر ويفخر.
(2) في تفسير القرطبي 10/264، واللسان 5/364.
(1/255)
بشرا ذا سَحْرٍ، أي ذا رِئَةٍ (1) ولست
أدري ما اضطره إلى هذا التفسير المستكره؟ . وقد سبق التفسير من
السلف بما لا استكراه فيه. قال مُجَاهد في قوله: {إِلا رَجُلا
مَسْحُورًا} أي مَخْدُوعًا؛ لأن السحر حيلة وخديعة. وقالوا في
قوله: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} (2) أي من أين تخدَعون؟ و
{إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} (3) أي من
المُعَلَّلِينَ (4) . وقال امرؤ القيس:
ونُسْحَرُ بالطَّعام وبالشرابِ (5)
أي نُعَلَّل، فكأنا نخدع. وقال لَبِيد:
فإن تسألينا: فيمَ نحن? فإنَّنا ... عصافيرُ من هذا الأنام
المُسَحَّرِ (6)
أي المُعَلَّل. والناس يقولون: سحرْتني بكلامك. يريدون خدعتني.
وقوله: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ} (7) يدل
على هذا التأويل لأنهم لو أرادوا رجلا ذا رِئَةٍ، لم يكن في
ذلك مَثَلٌ ضربوه. ولكنهم لما أرادوا رجلا مَخْدُوعًا – كأنه
بالخديعة سُحِر – كان مثلا ضربوه، وتشبيها شبّهوه. وكأن
المشركين ذهبوا إلى أن قومًا يعلِّمونه ويخدعونه. وقال الله في
موضع آخر حكاية
__________
(1) بقية كلام أبي عبيدة "رئة فهو لا يستغني عن الطعام
والشراب، فهو مثلكم وليس بملك، وتقول العرب للجبان: قد انتفخ
سحره، ولكل من أكل من آدمي وغيره أو شرب: مسحور ومسحر" ونصه في
البحر المحيط 6/44، وتفسير القرطبي 10/272، وتفسير الطبري
15/67.
(2) سورة المؤمنون 89.
(3) سورة الشعراء 153.
(4) في اللسان 6/12 "وسحره بالطعام والشراب: غذاه وعلله، وقيل:
خدعه ".
(5) صدره:
"أرانا موضعين لأمر غيب"
كما في ديوانه 47، وتفسير القرطبي 10/273، وفي اللسان 6/13
"قال ابن بري قوله: موضعين أي مسرعين. وقوله: لأمر غيب، يريد
الموت وأنه قد غيب عنا وقته ونحن نلهى بالطعام والشراب.
والسحر: الخديعة. وقول لبيد ... يكون على الوجهين".
(6) تفسير الطبري 15/67، والقرطبي 10/272، والبحر المحيط 6/44،
واللسان 6/14.
(7) سورة الإسراء 48.
(1/256)
عنهم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ
يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} (1) وقول فرعون:
{إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} (2) لا يجوز أن
يكون أراد به: إني لأظنك إنسانًا ذا رِئَةٍ؛ وإنما أراد: إني
لأَظنك مَخْدُوعًا.
(والرُّفَاتُ) : مَا رُفِتَ (3) . وهو مثل الفُتَات.
51- {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} أي يحركونها كما
يحرك اليائسُ من الشيء المستبعدُ له رأسَه. يقال: نَغَضَتْ
سِنُّهُ؛ إذا تحركت. ويقال للظليم: نَغْضٌ؛ لأنه يحرِّك رأسَه
إذا عدا.
57- {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} يعني الذين يعبدون من
دونه ويَدْعُونَهم آلهة، يعني الملائكة، وكانوا يعبدونها.
{يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} أي القُرْبة.
58- {مَسْطُورًا} أي مكتوبا. يقال: سَطَرَ؛ أي كتب.
59- {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً} أي آتينا ثمود
آية – وهي الناقة – مبصرة، أي بيِّنة، يريد مُبْصَرًا بها. كما
قال: {وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (4) .
{فَظَلَمُوا بِهَا} أي كذبوا بها. وقد بينت الظلم ووجوهه في
كتاب "المشكل" (5) .
{وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ} أي وما نرسل الرسلَ بالآيات.
__________
(1) سورة النحل 103.
(2) سورة الإسراء 101.
(3) في اللسان 2/338 "الرفات: الحطام من كل شيء تكسر".
(4) سورة الإسراء 12.
(5) راجع ص: 359.
(1/257)
60- {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي
أَرَيْنَاكَ} يعني ما رآه ليلة الإسراء.
{إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} يقول: فُتِنَ أقوامٌ بها، فقالوا:
كيف يكون يذهب هذا إلى بيت المقدس ويرجع في ليلة؟ فارتدوا؛
وزاد اللَّه في بصائر قوم منهم أبو بكر رحمه الله، وبه سُمِّيَ
صِدِّيقًا.
{وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} يعني شجرة
الزَّقُّوم.
62- {هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} أي فضَّلت.
{لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} لأَستأصلنَّهم. يقال: احْتَنَكَ
الجرادُ ما على الأرض كلَّه؛ إذا أكله كلَّه. واحْتَنكَ فلانٌ
ما عند فلان من العلم: إذا استقصاه، ويقال: هو من حَنَكَ
دابَّتَهُ يَحْنُكُها حَنْكًا: إذا شد في حَنَكِها الأسفل حبلا
يقودها به. أي لأَقُودَنَّهم كيف شئتُ.
63- {جَزَاءً مَوْفُورًا} أي مُوَفَّرًا. يقال: وفَّرْت عليه
ماله ووَفَرْتُه: بالتخفيف والتشديد.
64- {وَاسْتَفْزِزْ} أي اسْتَخِفَّ. ومنه يقال: استَفزَّني
فلان.
و (الرَّجِلُ) الرَّجَّالة. يقال: رَاجِلٌ ورَجْل. مثل تاجر
وتَجْرٌ، وصاحب وصَحْبٌ.
{وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ} بالنَّفقة في المعاصي؛ {وَ}
في {الأَوْلاد} بالزنا.
66- {يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ} أي يسيرها. قال الشاعر:
فتى يُزْجي المطِيَّ على وَجَاها
(1/258)
68- (الحَاصِبُ) الريح. سميت بذلك: لأنها
تَحْصب، أي ترمي بالحصباء، وهي: الحصى الصغار.
69- و (الْقَاصِفُ) الريح التي تقصف الشجر، أي تكسره.
{ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} أي مَنْ
يَتْبَعُنا بدمائكم، أي يطالبنا.
ومنه قوله: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} (1) أي مطالبةٌ
جميلة.
71- {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَمِهِمْ} أي بكتابهم
الذي فيه أعمالهم (2) ، على قول الحسن. وقال ابن عباس – في
رواية أبي صالح -: برئيسهم.
{وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا} والفَتِيلُ: ما في شِقِّ النّواة.
73- {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} أي يَسْتَزِلُّونَك.
{لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} لتختلق غيره.
{وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا} أي لو فعلت ذاك لَوَدُّوك.
75- {ضِعْفَ الْحَيَاةِ} أي ضِعف عذاب الحياة.
{وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} أي ضِعف عذاب الممات.
76- {وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ} أي بَعْدَك.
78- {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} غروبها. ويقال: زوالها. والأول أحب
إليَّ؛ لأن العرب تقول: دَلَكَ النجم؛ إذا غاب. قال ذو
الرُّمَّة:
__________
(1) سورة البقرة 178.
(2) وقيل: بكتابهم: أي بنبيهم ومن كان يقتدي به في الدنيا
ويأتم به. وقيل: بكتابهم الذي أنزلت عليهم فيه أمري ونهيي،
راجع تفسير الطبري 15/86.
(1/259)
مَصَابيحُ لَيْسَتْ بالَّلوَاتي تَقُودُها
... نُجُومٌ ولا بالآفلاتِ الدَّوَالكِ (1)
وتقول في الشمس: دَلَكَت بَرَاحِ (2) يريدون غربت. والناظر قد
وضع كفه على حاجبه ينظر إليها. قال الشاعر:
والشمس قد كادت تكون دَنَفًا ... أَدْفَعُها بالرَّاح كَيْ
تَزَحْلَفَا (3)
فشبهها بالمريض في الدَّنَف، لأنها قد همَّت بالغروب. كما قارب
الدَّنِف الموت. وإنما ينظر إليها من تحت الكف، ليعلم كم بقي
لها إلى أن تغيب ويتوقى الشعاع بكفه.
و {غَسَقِ اللَّيْلِ} ظلامه.
و {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} أي قراءة الفجر.
79- {فَتَهَجَّدْ بِهِ} أي اسْهَرْ به. يقال: تهجَّدت: إذا
سهرت. وهَجَدْت: إذا نمت.
{نَافِلَةً لَكَ} أي تطوعا.
83- {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} أي تَبَاعَد.
{كَانَ يَئُوسًا} أي قانطًا يائسًا.
84- {كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} أي على خَلِيقَتِه
وطبيعته. وهو من الشَّكل، يقال: لست على شَكْلي ولا شاكِلَتِي.
__________
(1) ديوانه 425 وتفسير القرطبي 10/303 والبحر المحيط 6/68
واللسان 12/311. مصابيح: يعني الإبل تصبح في مباركها.
والآفلات: الغائبات، يقال: أفل النجم: إذا غاب، والدوالك:
يقال: دلكت: إذا غابت أو دنت للمغيب.
(2) براح بفتح الباء: اسم للشمس، ومن كسر الباء فإنه يعني أنه
يضع الناظر كفه على حاجبه من شعاعها لينظر.
(3) البيت للعجاج، كما في ديوانه 82 واللسان 11/6، 31 وتفسير
القرطبي 10/303 وفي تفسير الطبري 15/92 "كي أبر حلفا" وفي
اللسان 11/31 "ويقال للشمس إذا مالت للمغيب وزالت عن كبد
السماء نصف النهار: قد تزحلفت.
(1/260)
88- {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
ظَهِيرًا} أي عَوْنًا.
89- {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا} أي وجهنا القول فيه بكل مثل. وهو من
قولك: صَرَفْت إليك كذا؛ أي عَدَلْت به إليك. وشُدّد ذلك
للتكثير. كما يقال: فُتِّحت الأبواب.
90- {يَنْبُوعًا} أي عينا وهو مَفْعُولٌ من نَبَعَ يَنْبَعُ.
ومنه يقال لمالِ علي رحمه الله: يَنْبُع (1) .
92- {كِسَفًا} أي قِطَعًا. الواحد: كِسْفَةٌ.
{أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا} أي
ضَمِينا. يقال: قبلت به أي كفلت به. وقال أبو عبيدة:
مُعَايَنَةً. ذهب إلى المقابلة (2) .
93- {بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} أي من ذَهَب (3) .
97- {كُلَّمَا خَبَتْ} أي سكنت يقال: خَبَت النار - إذا سكن
لهبها – تَخْبُو. فإن سكن اللهب ولم يطفأ الجمر، قلت: خَمَدت
تَخْمُدُ خُمُودًا. فإن طفئت ولم يبق منها شيء، قيل: هَمَدَت
تَهْمِد هُمُودًا.
{زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} أي نارًا تَتَسَعَّر، أي تَتَلَهَّب.
100- {وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا} أي ضَيِّقًا بخيلا.
102- {وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} أي
مهلَكا. والثُّبُور: الهَلَكَة.
__________
(1) في اللسان 10/222 "وبناحية الحجاز عين ماء يقال لها ينبع،
تسقي نخيلا لآل علي بن أبي طالب".
(2) البحر المحيط 6/80 وتفسير القرطبي 10/331 وفي تفسير الطبري
15/109 "وأشبه الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي قاله قتادة:
من أنه بمعنى المعاينة من قولهم قابلت فلانا مقابلة، وفلان
قبيل فلان، بمعنى قبالته".
(3) وهو تفسير ابن عباس وابن مسعود وقتادة، كما في تفسير
الطبري 15/109 والقرطبي 10/331.
(1/261)
وفي رواية الكلبي: إني لأعلَمُك يا فرعون
مَلْعونا (1) .
103- {فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأَرْضِ} أي
يَسْتَخِفَّهُمْ حتى يخرجوا.
104- {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} أي جميعًا (2) .
110- {وَلا تُخَافِتْ بِهَا} أي لا تخفها.
{وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} أي بين الجهر وبين الإخفاء
طريقا قَصْدًا وَسَطًا.
وَالتَّرْتِيلُ (3) في القراءة: التَّبْيِين لها. كأنّه
يَفْصِل بين الحرف والحرف، ومنه قيل: ثَغْرٌ رَتَلٌ ورَتِل؛
إذا كان مُفَلَّجًا. يقال: كلام رَتِلٌ، أي مُرَتَّل؛ وثَغْرٌ
رَتِلٌ، يعني إذا كان مستوى النبات (4) ؛ ورجل رِتل – بالكسر –
بَيِّنُ الرَّتَل: إذا كان مُفَلَّجَ الأسنان.
__________
(1) وهو تفسير ابن عباس، كما في تفسير الطبري 15/17 والدر
المنثور 4/205.
(2) في تفسير القرطبي 10/338 "قال الأصمعي: اللفيف جمع وليس له
واحد، وهو مثل الجميع".
(3) كان من الواجب ألا تشرح كلمة الترتيل في سورة بني إسرائيل،
وإنما تشرح حيث وردت في الآية الثانية والثلاثين من سورة
الفرقان، أو الآية الرابعة من سورة المزمل. ولكنها وردت هكذا
في أصل الكتاب، الذي بين أيدينا والأصل الذي كان بين يدي ابن
مطرف الكناني صاحب القرطين. فإما أن يكون ابن قتيبة قد أخطأ،
وإما أن يكون قد ذكرها هنا بمناسبة تفسير قوله تعالى: (على
مكث) أي على ترتيل. ثم استطرد لشرح "الترتيل" وتكون كلمة "على
مكث" مع شرحها قد سقطت قديما من أصول الكتاب. وإما أن يكون قد
ذكرها لأن المراد من الصلاة في الآية القراءة.
(4) في اللسان 13/281.
(1/262)
سورة الكهف
مكية كلها
1- {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ
الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا} مُقَدَّم
ومؤخَّر. أراد: أنزل الكتاب قيِّمًا ولم يجعل له عِوَجًا (1) .
2- {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} أي لينذر ببأس شديد؛ أي
عذاب.
6- {بَاخِعٌ نَفْسَكَ} أي قاتل نفسك ومهلك نفسك. قال ذو
الرُّمَّة:
ألا أيها البَاخِعُ الوجْدُ نَفْسَهُ ... لشيءٍ نَحَتْهُ عَنْ
يَدَيْهِ المَقَادِرُ (2)
{أَسَفًا} حُزْنًا.
8- (الصَّعِيد) المُسْتَوي. ويقال: وجه الأرض. ومنه قيل
للتراب: صعيد؛ لأنه وجه الأرض.
و (الْجُرُزُ) التي لا تُنْبِتُ شيئًا. يقال: أرض جُرُز
وأَرَضُون أَجْرَاز.
9- {أَمْ حَسِبْتَ} أي أحسبت.
و {الرَّقِيم} لوح كتب فيه خبر أصحاب الكهف، ونصب على باب
الكهف. والرَّقِيمُ: الكِتاب. وهو فَعِيل بمعنى مَفْعُول.
ومنه: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} (3) أي مكتوب.
__________
(1) في تفسير الطبري 15/127 "قيما مستقيما لا اختلاف فيه ولا
تفاوت، بل بعضه يصدق بعضا، وبعضه يشهد لبعض، لا عوج فيه ولا
ميل عن الحق".
(2) ديوانه 251 "نحته: عدلته" وهو له في اللسان 9/351 وتفسير
الطبري 15/129 والقرطبي 10/348 ونسب للفرزدق في البحر المحيط
6/92.
(3) سورة المطففين 9.
(1/263)
11- {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} أي
أَنَمْنَاهُم. ومثله قول أبي ذَرّ: قد ضرب الله على
أصْمِخَتِهِمْ (1) .
(وَالأَمَدُ) الغاية.
14- {رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي ألهمناهم الصبرَ
وثَبَّتْنَا قلوبَهم.
{شَطَطًا} أي غُلُوا. يقال: قد أشَطَّ عليَّ: إذا غلا في
القول.
16- {مِرْفَقًا} ما يُرْتَفَقُ به.
17- {تَزَاوَرُ} تَمِيل.
{تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} تعدل عنهم وتُجَاوِزُهُم. قال
ذو الرُّمَّة:
إلى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أَجْوَازَ مُشْرِفٍ ... شِمَالا وعَنْ
أَيْمَانِهِنَّ الفَوَارِسُ (2)
{وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ} أي متسع وجمعها فَجَوَات وفِجَاءٌ.
ويقال: في مَقْنَأَةٍ (3) والتفسير الأول أشبه بكلام العرب.
و (الْوَصِيدُ) الفِناء. ويقال: عتبة الباب. وهذا أعجب إليَّ؛
لأنهم يقولون: أَوْصِد بابَك. أي أغلقه. ومنه {إِنَّهَا
عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} (4) أي مُطْبَقَة مُغْلَقَة. وأصله أن
تلصق الباب بالعتبة إذا أغلقته. ومما يوضح هذا: أنك إن جعلتَ
الكلبَ بالفِناءِ كان خارجًا من الكهف. وإن جعلته بعتبة الباب
أمكن أن
__________
(1) في اللسان 2/38.
(2) له في تفسير الطبري 15/140 وتفسير القرطبي 10/350 والبحر
المحيط 6/93. وفي ديوانه 313 "إلى ظعن: أي نظرت إلى ظعن.
يقرضن: أي يملن عنها. والفوارس: رمال بالدهناء " وقال الطبري:
"يعني بقوله: يقرضن: يقطعن" وفي اللسان 9/85 "قرض المكان يقرضه
قرضا: عدل عنه وتنكبه ... ومشرف والفوارس: موضعان. يقول: نظرت
إلى ظعن يجزن بين هذين الموضعين ".
(3) المقنأة: الموضع الذي لا تصيبه الشمس، كما في اللسان
1/130.
(4) سورة الهمزة 8.
(1/264)
يكون داخل الكهف. والكهف وإن لم يكن له باب
وعتبة – فإنما أراد أن الكلب منه بموضع العتبة من البيت،
فاستعير على ما أعلمتك من مذاهب العرب في كتاب "المشكل" (1) .
وقد يكون الوصيد الباب نفسه، فهو على هذا كأنه قال: وكلبهم
باسط ذراعيه بالباب. قال الشاعر:
بأرضِ فَضَاءٍ لا يُسَدَّ وَصِيدُها ... عليَّ ومعروفي بها غير
مُنْكَرِ (2)
19- {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ} أحييناهم من هذه النَّوْمة
التي تشبه الموت.
(الْوَرِقُ) الفِضّة دراهم كانت أو غير دراهم. يدلك على ذلك أن
عَرْفَجَةَ بن أسعد أصيبت أنفه يوم الكُلاب فاتخذ أنفًا من
ورِق فأَنْتَنَ عليه (3) - أي من فضة – فأمره النبي صلى الله
عليه وسلم أن يتخذ أنفًا من ذهب.
{أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} يجوز أن يكون أكثر، ويجوز أن يكون
أجود، ويجوز أن يكون أرخص. والله أعلم. وأصل الزكاء: النَّماء
والزيادة.
{وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} أي لا يُعْلمنّ. ومنه يقال:
ما أشعر بكذا. وليت شعري. ومنه قيل: شاعر، لِفِطْنَتِه.
20- {يَرْجُمُوكُمْ} يقتلوكم. وقد تقدم هذا (4) .
21- {أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} أي أظهرنا عليهم وأطْلَعْنا،
ومنه يقال: ما عثرت على فلان بِسُوء قط.
__________
(1) راجع تأويل مشكل القرآن 102.
(2) البيت لعبيد بن وهب العبسي، كما في سيرة ابن هشام 1/326
وهو غير منسوب في تفسير القرطبي 10/351، 373 والبحر المحيط
6/93.
(3) في اللسان 12/255.
(4) في صفحة 209.
(1/265)
{قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى
أَمْرِهِمْ} يعني المُطَاعِين والرؤساء.
22- {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} أي ظنا غير يقين.
25- {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} ولم
يقل: سنة. كأنه قال: ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة. ثم قال: سنين.
أي ليست شهورا ولا أياما. ولم يخرج مخرج ثلاثمائة درهم.
وروى ابن فضيل عن الأجلح، عن الضّحاك، قال: نزلت "ولبثوا في
كهفهم ثلاث مائة". فقالوا: أيام أو أشهر أو سنين؟ فنزلت
{سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} (1) .
26- ثم قال: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} وقد
بيَّنَ لنا قبل هذا كم لَبِثوا. والمعنى أنهم اختلفوا في مدة
لُبْثهم. فقال الله عز وجل: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ
مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} وأنا أعلم بما لبثوا من
المختلفين (2) .
{أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} أي ما أَبْصَرَهُ وأسمعه! .
27- {مُلْتَحَدًا} أي مَعْدِلا. وهو من أَلْحَدْتُ ولحدْتُ:
إذا عَدلت.
28- {وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} أي لا تتجاوزهم إلى زينة
الحياة الدنيا.
{وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} أي نَدَمًا. [هذا] قول أبي عبيدة:
وقول المفسرين: سَرَفًا. وأصله العَجَلَةُ والسَّبق (3) .
يقال: فَرَطَ مني قول قبيح: أي سَبق. وفَرَسٌ فُرُطٌ: أي
متقدم.
__________
(1) الرواية في تفسير الطبري 15/153 وتفسير القرطبي 10/387
والدر المنثور 4/218.
(2) راجع أولى الأقوال في تفسيرها في تفسير الطبري 15/53.
(3) قال الطبري في تفسيره 15/156 "وأولى الأقوال في ذلك
بالصواب - قول من قال: معناه: ضياعا وهلاكا، من قولهم: أفرط
فلان في هذا الأمر إفراطا، إذا أسرف فيه وتجاوز قدره. وكذلك
قوله: (وكان أمره فرطا) معناه: وكان أمر هذا الذي أغفلنا قلبه
عن ذكرنا في الرياء والكبر واحتقار أهل الإيمان، سرفا قد تجاوز
حده، فضيع بذلك الحق وهلك ".
(1/266)
29- و (السُّرَادِقُ) الحجرة التي تكون حول
الفسطاط. وهو دخان يحيط بالكفار يوم القيامة. وهو الظل ذو
الثلاث شعب، الذي ذكره الله في سورة {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا}
(1) .
و (المُهْل) دُرْدِيّ الزيت. ويقال: ما أُذِيبَ من النّحاس
والرّصاص.
{وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} أي مَجْلسًا. وأصل الارتفاق: الاتكاء
على المِرْفق (2) .
31- {أَسَاوِرَ} جمع: إسوار.
و (السُّنْدُس) رقيق الديباج.
و (الإسْتَبْرَق) ثخينه. ويقول قوم: فارسي معرب (3) ، أصله:
اسْتَبْرَهَ، وهو الشديد.
و {الأَرَائِكِ} السُّرُر في الحجال، واحدها أريكة.
33- {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} أي لم تنقص منه.
40- {حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ} أي مَرَاميَ. واحدها:
حُسْبَانَة (4) .
(الصَّعِيدُ) الأملس المستوي.
و (الزَّلَقُ) الذي تزل عنده الأقدام (5) .
41- {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا} أي: غائرًا. فجعل المصدر
صفة. كما يقال: رجل نَوْمٌ ورجل صَوْم ورجل فِطْر؛ ويقال
للنساء: نَوْح: إذا نُحْنَ (6) .
__________
(1) حيث يقول في الآية الثلاثين: (انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب)
وقد نقل القرطبي في تفسيره كلام ابن قتيبة هذا 10/393 وانظر
تفسير الطبري 15/157.
(2) نقله القرطبي في تفسيره 10/395.
(3) نسب القرطبي في تفسيره 10/357 إلى ابن قتيبة أنه يقول: إن
الإستبرق فارسي معرب، ثم قال: والصحيح أنه وفاق بين اللغتين،
إذ ليس في القرآن ما ليس من لغة العرب "!.
(4) في تفسير الطبري 15/163 والقرطبي 10/408.
(5) يعني: فتصبح أرضا بيضاء لا ينبت فيها نبات ولا تثبت عليها
قدم.
(6) في تفسير القرطبي 10/409 وانظر تفسير الطبري 15/163.
(1/267)
42- {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} أي أُهلِك.
{فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} أي نادما وهذا مما يوصف [به]
النادم.
{خَاوِيَةٌ} خربة.
و (الْعُرُوش) السّقوف.
44- {هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ} يريد: يومئذ [يتولون الله
ويؤمنون به ويتبرءون مما كانوا يعبدون] .
{وَخَيْرٌ عُقْبًا} أي عاقبة.
و (الهَشِيمُ) من النبت المتفتت. وأصله: من هَشَمْتُ الشيء إذا
كسرته. ومنه سمي الرجل: هاشما (1) .
45- {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} أي تنسفه (2) .
{مُقْتَدِرًا} مُفْتَعِلٌ من قَدَرْت.
46- {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} يقال: الصلوات الخمس.
ويقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر (3)
.
{وَخَيْرٌ أَمَلا} أي خير ما تؤمِّلُون.
47- {فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} أي لم نُخَلِّف يقال:
غادرت كذا وأَغْدَرْتُه: إذا خلّفته ومنه سمي الغدير؛ لأنه ماء
تُخَلِّفه السيولُ.
50- {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} أي خرج عن طاعته. يقال:
فَسَقَت الرُّطبة إذا خرجت من قِشْرِها.
__________
(1) راجع سبب تسمية هاشم بن عبد مناف بهذا الاسم في تفسير
القرطبي 10/413.
(2) نقلها القرطبي في تفسيره 10/413.
(3) راجع الأقوال فيها وأولاها بالصواب في تفسير الطبري
15/165-167.
(1/268)
52- {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا}
أي: مَهْلِكًا بينهم وبين آلهتهم في جهنم. ومنه يقال:
أَوْبَقَتْهُ ذنوبُه. وقوله: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا
كَسَبُوا} (1) ويقال: مَوْعِدًا (2) .
53- {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} أي علموا.
{وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} أي مَعْدِلا (3) .
55- {إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} أي سنتنا
في إهلاكهم.
{أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا} وقِبَلا أي مُقَابَلة
وعِيانًا. ومن قرأ بفتح القاف والباء أراد استئنافًا (4) .
58- {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا} أي مَلْجَأ. يقال:
وَأَلَ فلان [إلى كذا وكذا] ؛ إذا [لجأ] . ويقال: لا وَأَلَتْ
نَفْسُك؛ أي لا نَجَت. وفلان يُوَائِلُ، أي يسابق لِيَنْجُوَ.
60- {حُقُبًا} أي زمانًا ودهرًا. ويقال الحُقُب: ثمانون سنة.
61- {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ} أي فاتخذ الحوت طريقه في البحر.
{سَرَبًا} أي مذْهبًا ومَسْلَكَا.
63- {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ} سبيلا {عَجَبًا}
64- {قَصَصًا} أي يَقْتَصَّان الأثَرَ الذي جاء فيه.
71- {شَيْئًا إِمْرًا} أي عجبًا (5) .
__________
(1) سورة الشورى 34.
(2) وهذا قول أبي عبيدة. والرأي الأول هو أولى الأقوال بالصواب
عند الطبري 15/172.
(3) نقلها القرطبي في تفسيره 11/4.
(4) راجع البحر المحيط 6/139 فقد أشار إلى هذه القراءة نقلا عن
ابن قتيبة.
(5) نقله القرطبي في تفسيره 11/19.
(1/269)
73- {وَلا تُرْهِقْنِي} أي لا تُغْشِني (1)
{عُسْرًا}
74- {شَيْئًا نُكْرًا} أي منكرًا.
77- {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} أي ينكسر ويسقط.
79- {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} أَمامَهم (2) .
81- {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} أي رحمة وعطفا.
{فَأَتْبَعَ سَبَبًا} أي طريقا.
86- {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} ذات حَمْأة. ومن قرأ:
حَامِيَةٍ، أراد حارة (3) قال الشاعر يذكر ذا القَرْنَيْن:
فأَتَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ مَآبِها ... في عينِ ذِي
خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ (4)
والخُلُب: الطين في بعض اللغات. والثَّأْط: الحمْأَة.
والحَرْمَدُ: الأسْوَد.
93- {بَيْنَ السَّدَّيْنِ} أي بين الجبلين. ويقال للجبل: سدّ.
96- {زُبَرَ الْحَدِيدِ} قِطَعُه. واحدها: زُبْرَة.
والزُّبَرُ: القِطَعُ.
و {الْقِطْرِ} النُّحاس.
__________
(1) في تفسير الطبري 15/185 "لا تغشني من أمري عسرا، يقول: لا
تضيق علي أمري معك وصحبتي إياك".
(2) راجع تأويل مشكل القرآن 145 وتفسير القرطبي 11/34 وتفسير
الطبري 16/2.
(3) وهما قراءاتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، ولكل واحدة
منهما وجه صحيح ومعنى مفهوم، وكلا وجهيه غير مفسد أحدهما
صاحبه؛ وذلك أنه جائز أن تكون الشمس تغرب في عين حارة ذات حمأة
وطين؛ فيكون القارئ "في عين حامية" واصفها بصفتها التي هي لها
وهي الحرارة؛ ويكون القارئ " في عين حمئة" واصفها بصفتها التي
هي بها؛ وهي أنها ذات حمأة وطين. وجاء في تفسير القرطبي 11/50
"وقال القتبي: ويجوز أن تكون هذه العين من البحر، ويجوز أن
تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها، فيقام حرف الصفة
مقام صاحبه".
(4) ينسب هذا البيت لتبع اليماني، كما في تفسير القرطبي 11/49
والبحر المحيط 6/159 والتيجان 114 وله أو لغيره في اللسان
1/352 ولأمية بن أبي الصلت في اللسان 4/125.
(1/270)
97- {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ}
أي يَعْلُوه. يقال: ظَهَرَ فلان السَّطْحَ، أي علاه.
98- {جَعَلَهُ دَكَّاءَ} أي أَلْصَقَه بالأرض. يقال: ناقة
دَكَّاء: إذا لم يكن لها سنام.
102- {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلا}
والنزل ما يقدم للضيف ولأهل العسكر.
108- {لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا} أي تَحَوُّلا.
110- {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} أي يخاف لقاء
ربه، قال الهُذَلِيّ:
إذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا ...
وحَالَفَهَا في بيتِ نُوبٍ عَوَامِلِ (1)
أي لم يَخَف لَسْعَهَا.
__________
(1) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، كما في ديوانه 143 وانظر تخريجه
في تأويل مشكل القرآن 147.
(1/271)
|