غريب القرآن للسجستاني

 (بَاب الْيَاء)

( [فصل] الْيَاء الْمَفْتُوحَة)
يَشْعُرُونَ: يَفْطنُون ويعلمون. يستهزئ بهم: يجازيهم جَزَاء لاستهزائهم. [يعمهون: يَتَرَدَّدُونَ فِي الضَّلَالَة] . يظنون أَنهم ملاقو رَبهم: أَي يوقنون [قَالَ دُرَيْد:

(1/501)


(فَقُلْتُ لهمْ: ظُنُّوا بأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ ... سراتُهُمُ فِي الفارِسِيِّ المُسَرَّدِ] )
ويظنون أَيْضا يَشكونَ. وَالظَّن من الأضداد. يسومونكم: يولونكم. وَيُقَال: يريدونه مِنْكُم ويطلبونه. يستحيون نساءكم: يستفعلون من الْحَيَاة، أَي يستبقونهن. يهْبط من خشيَة الله: ينحدر من مَكَانَهُ. يستفتحون: يستنصرون. يلعنهم اللاعنون: [قَالَ] : إِذا تلاعن اثْنَان، فَكَانَ أَحدهمَا غير مُسْتَحقّ للعن، رجعت اللَّعْنَة على الْمُسْتَحق [لَهَا] فَإِن لم يسْتَحق أَحدهمَا رجعت على الْيَهُود.

(1/502)


ينعق بِمَا لَا يسمع إِلَّا دُعَاء: يَصِيح / بالغنم فَلَا تَدْرِي مَا يَقُوله إِلَّا أَنَّهَا تنزجر بالصوت عَمَّا هِيَ فِيهِ. يشري: يَبِيع. يطهرن: يَنْقَطِع عَنْهُم الدَّم. و {يطهرن} يغتسلن بِالْمَاءِ وَأَصله يتطهرن، فأدغمت التَّاء فِي الطَّاء. يؤوده: يثقله. يُقَال: مَا آدك فَهُوَ لي آيد، أَي مَا أثقلك فَهُوَ لي مثقل. يتسنه: يجوز بِإِثْبَات الْهَاء وإسقاطها من الْكَلَام. فَمن قَالَ: سانهت فالهاء من أصل الْكَلِمَة، وَمن قَالَ: سانيت فالهاء لبَيَان الْحَرَكَة. وَمعنى (لم يتسنه) لم يتَغَيَّر بممر السنين عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَلَو

(1/503)


كَانَ من الآسن لَكَانَ لم يتأسن. وَقَالَ غَيره: (لم يتسنه) لم يتَغَيَّر من قَوْله عز وَجل: {من حمإ مسنون} أَي متغير. وأبدلوا النُّون من (يتسنن) يَاء، كَمَا قَالُوا: تظنيت وتقضى الْبَازِي. وَحكى بعض الْعلمَاء: سنه الطَّعَام أَي تغير. يمحق الله الرِّبَا: أَي يذهبه، يَعْنِي فِي الْآخِرَة حَيْثُ يُربي الصَّدقَات، أَي يكثرها وينميها. يبخس: ينقص. يلوون: ألسنتهم بِالْكتاب يقلبونه ويحرفونه. يعتصم: أَي يمْتَنع.

(1/504)


يغل: يخون. ويغل يخون. وَيُقَال: يخان. يكبتهم: يصرعهم لوجوههم. وَيُقَال: يكبتهم. يغيظهم ويحزنهم. يجتبي: يخْتَار. يستبشرون: يفرحون. يُمَيّز الله ويميز الْخَبيث: أَي يخلص الْمُؤمنِينَ من الْكَافرين. يفقهُونَ: يفهمون وَيُقَال: فقهت الْكَلَام، إِذا فهمته حق

(1/505)


فهمه، وَبِهَذَا سمي الْفَقِيه فَقِيها. يستنبطونه: يستخرجونه. يألمون كَمَا تألمون: يَجدونَ ألم الْجراح ووجعها مثل مَا تَجِدُونَ. يستنكف: يأنف. يجرمنكم: يكسبنكم. من قَوْلهم: فلَان جريمة أَهله وجارمهم، أَي كاسبهم. يتيهون فِي الأَرْض: أَي يحارون ويضلون. يَعْصِمك من النَّاس: يمنعك مِنْهُم، فَلَا يقدرُونَ عَلَيْك. وعصمة الله عز وَجل [للْعَبد] من هَذَا، إِنَّمَا هِيَ مَنعه من الْمعاصِي. ينأون / عَنهُ: يتباعدون.

(1/506)


وينعه: مدركه. واحده يَانِع، مثل تَاجر وتجر. يُقَال: ينعَت الْفَاكِهَة وأينعت إِذا أدْركْت. يقترفون: أَي يكتسبون. والاقتراف الِاكْتِسَاب. وَيُقَال: يقترفون: يدعونَ، والقرفة التُّهْمَة والادعاء. يخرصون: يحدسون. يغنوا فِيهَا: يقيموا فِيهَا. وَيُقَال: ينزلُوا فِيهَا. وَيُقَال: يعيشوا فِيهَا مستغنين. والمغاني الْمنَازل. وَاحِدهَا مغنى. يم: بَحر. ينكثون: ينقضون الْعَهْد. يعرشون: يبنون. يعكفون: يُقِيمُونَ.

(1/507)


يعدون فِي السبت: يتعدون، ويجاوزون مَا أمروا بِهِ. يسبتون: يَفْعَلُونَ سبتهم، أَي يدعونَ الْعَمَل فِي السبت. و ((يسبتون)) بِضَم أَوله يدْخلُونَ فِي السبت. يَلْهَث: يُقَال: لهث الْكَلْب إِذا أخرج لِسَانه من حر، أَو عَطش. وَكَذَلِكَ الطَّائِر. ولهث الْإِنْسَان أَيْضا إِذا أعيا. يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ: يستخفنك مِنْهُ خفَّة وَغَضب وعجلة. وَيُقَال: يَنْزغَنك يحركنك بِالشَّرِّ، وَلَا يكون النزغ إِلَّا فِي الشَّرّ. يمدونهم فِي الغي: يزينون لَهُم الغي. يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه: أَي يملك عَلَيْهِ قلبه فيصرفه كَيفَ شَاءَ.

(1/508)


يمكر بك: [الْمَكْر: الخديعة وَالْحِيلَة] ((الَّذين كفرُوا ليثبتوك)) أَي ليحبسوك. يُقَال: رَمَاه فأثبته، إِذا حَبسه. ومريض مُثبت: لَا حَرَكَة بِهِ. يركمه: يجمعه، أَي يجمع بعضه فَوق بعض. يجمحون: يسرعون. وَيُقَال: فرس جموح، للَّذي إِذا ذهب فِي عدوه، لم يثنه شَيْء. يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة: كل مَال أدّيت زَكَاته فَلَيْسَ بكنز، وَإِن كَانَ مَدْفُونا. وكل مالٍ لم تُؤَد زَكَاته فَهُوَ كنز وَإِن كَانَ ظَاهرا، يكوى بِهِ صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة. يَلْمِزك: يعيبك. يقبضون أَيْديهم: أَي يمسكونها عَن الصَّدَقَة وَالْخَيْر.

(1/509)


يرهق وُجُوههم: يغشى وُجُوههم. يستنبئونك: أَي يستخبرونك. يهدي: أَصله / يَهْتَدِي، فأدغمت التَّاء فِي الدَّال. يثنون صُدُورهمْ: يطوون مَا فِيهَا. وقرئت: ((تثنوني صُدُورهمْ)) أَي تستتر. وَتَقْدِيره تفعوعل وَهُوَ للْمُبَالَغَة. وَقيل: إِن قوما من الْمُشْركين قَالُوا: إِذا أغلقنا أبوابنا، وأرخينا ستورنا، واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عَدَاوَة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَيفَ يعلم بِنَا؟ فأنبا الله جلّ وَعز عَمَّا كتموه، فَقَالَ تَعَالَى: {أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ يعلم مَا يسرون وَمَا يعلنون} .

(1/510)


يؤوس: فعول من (يئست) . أَي شَدِيد الْيَأْس. يلتقطه بعض السيارة: يَأْخُذهُ على غير طلب لَهُ، وَلَا قصد. وَمِنْه قَوْلهم: (لَقيته التقاطا، ووردت المَاء التقاطا) . قَالَ الزّجر:
(ومَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ الْتِقَاطَا ... )
يعصرون: ينجون. وَقيل يَعْنِي يعصرون الْعِنَب وَالزَّيْت. يَا أسفي على يُوسُف: الأسف: الْحزن على مَا فَاتَ. يدرؤون: يدْفَعُونَ.

(1/511)


ييأس الَّذين آمنُوا: بلغَة النخع , أَي يعلم ويتبين. يستحبون الْحَيَاة الدُّنْيَا على الْآخِرَة: أَي يختارونها على الْآخِرَة. يعرجون: يصعدون. والمعارج الدرج. يقنط: ييأس. يدسه فِي التُّرَاب: يئده أَي يدفنه حَيا. يجحدون: يُنكرُونَ بألسنتهم مَا تستيقنه نُفُوسهم. يكبر فِي صدوركم: يعظم فِي صدوركم. ينزغ بَينهم: يفْسد ويهيج. ينبوع: يفعول من نبع المَاء , أَي ظهر.

(1/512)


ينْقض: يسْقط وينهدم. و (ينقاض) : ينشق وينقلع من أَصله , وَمِنْه [قَول أبي ذُؤَيْب] :
(فِرَاق كقيض السن [فالصبر , إِنَّه لكل أنَاس عَثْرَة وجبور] أَي لَا اجْتِمَاع بعده أبدا. يظهروه: يعلوه. يُقَال: ظهر على الْحَائِط , أَي علاهُ. يموج: يضطرب. وَقَوله جلّ وَعز: {وَتَركنَا بَعضهم يَوْمئِذٍ يموج فِي بعض} أَي يخْتَلط بَعضهم بِبَعْض مُقْبِلين ومدبرين حيارى. يَأْجُوج وَمَأْجُوج: فِي الْقُرْآن جعلوهما على يفعول من أججت ومججت , وَجعلُوا الْألف فيهمَا همزَة غير عَاصِم بن أبي النجُود

(1/513)


والأعرج , فَإِنَّهُمَا قرآ ذَلِك بِالْهَمْزَةِ , وَجعلا الْهمزَة فيهمَا من أصل الْكَلَام , كَأَنَّهُمَا جعلا (يَأْجُوج) يفعولا من أججت , و (مأجوج) مَفْعُولا. فهما أمتان من وَرَاء السد. يفرط علينا. أَي يعجل فِي عقوبتنا. بقال: يفرط يفرط / 67 / أإِذا تقدم أوتعجل. وأفرط , يفرط , أذا اشتط. وفرط , يفرط إِذا قصر. وَمَعْنَاهُ كُله التَّقَدُّم. يسحتكم: يهلككم , فيستأصلكم. [و] للْعَرَب فِيهِ لُغَتَانِ سحت وأسحت. وسحت أَكثر من أسحت. يُقَال فِيهِ: سحت الدَّهْر

(1/514)


والجدب مَال فلَان , إِذا أهلكه , فَهُوَ يسحته سحتا. وأسحته يسحته إسحاتا. وَمن الإسحات قَول الفرزدق:
(وعَضُّ زَمانٍ يَا بْنَ مروانَ لم يَدَعْ ... من المالِ إِلاّ مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ)
يبسا: يَابسا. يتخافتون: يتسارون. ينسفها رَبِّي نسفا: يقلعهامن أُصُولهَا. وَيُقَال: ينسفها: يذريها ويطيرها. يركضون: يعدون. وأصل الركض تَحْرِيك الرجلَيْن. تَقول: ركضت [الْفرس] , إِذا أعديته بتحريك رجليك عَلَيْهِ , فَعدا وَلَا

(1/515)


يُقَال: فركض. وَمِنْه قَوْله عز وَجل: {اركض برجلك} . يدمغه: يكسرهُ. وَأَصله أَن يُصِيب الدِّمَاغ بِالضَّرْبِ , وَهُوَ مقتل. يستحسرون: يعيون , يستفعلون من الحسير , وَهُوَ الكال المعبى. وَعَن ابْن عَبَّاس: {وَلَا يستحسرون} أَي لَا يرجعُونَ عَن , وَلَا يستحسرون. وَعَن قَتَادَة: {وَلَا يستحسرون} : لَا يعيون. وَيُقَال: {لَا يستحسرون} , لَا يملون , وَلَا يسأمون , وَلَا يفترون. كُله بِمَعْنى وَاحِد. يكلؤكم: يحفظكم. يَنْسلونَ: يسرعون , من النسلان , وَهُوَ مقاربة الخطو مَعَ الْإِسْرَاع , كمشي الذِّئْب إِذا أسْرع. يُقَال: مر الذِّئْب ينسل ويعسل. وَمِنْه قَول لبيد:

(1/516)


(عسلان الذِّئْب أَمْسَى قاربا برد اللَّيْل عَلَيْهِ فنسل ... )
يسطون: يتناولون بالمكروه. يجأرون: يرفعون أَصْوَاتهم بِالدُّعَاءِ. و {يجأرون} : يستغيثون , عَن ابْن عَبَّاس. وَعَن أبي الْعَالِيَة , يجأرون: يجزعون. و {لاتجأروا الْيَوْم} أَي لَا تجزعوا الْآن حِين نزل عَذَاب الله بكم وَهُوَ يَوْم بدر. يَأْتَلِ: يحلف , يفتعل الألية , وَهِي الْيَمين. وقرئت: (يتأل) على يتفعل من الألية أَيْضا. و {يَأْتَلِ} يفتعل من قَوْلك: مَا ألوت جهدا , أَي مَا قصرت. يَحِيف: يظلم.

(1/517)


يَتَسَلَّلُونَ: يخرجُون من الْجَمَاعَة وَاحِدًا وَاحِدًا , كَقَوْلِك: سللت كَذَا من كَذَا , إِذا أخرجته مِنْهُ. وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق: طواف الزِّيَارَة يَوْم النَّحْر , وَيُقَال: طواف الْوَدَاع. يعبأ بكم: يُبَالِي بكم. يهيمون: يذهبون على غير قصد , كَمَا يذهب الهائم على وَجهه. يستصرخه: يستغيث بِهِ. يأتمرون بك: يتآمرون فِي قَتلك. يكفلونه: يضمونه إِلَيْهِم. يَرْبُو: يزِيد. يمهدون: يوطئون.

(1/518)


يصدعون: يتفرقون , فيصيرون فريقا فِي الْجنَّة , وفريقا فِي السعير. يَجْزِي: يُغني عَنهُ , وَيَقْضِي عَنهُ. و (يُجزئ) عَنهُ , يَكْفِي عَنهُ. يعرج إِلَيْهِ: يصعد إِلَيْهِ. يتوفاكم ملك الْمَوْت: من توفّي الْعدَد , واستيفائه , وتأويله أَنه 67 / ب يقبض أرواحكم أَجْمَعِينَ فَلَا ينقص وَاحِد مِنْكُم , كَمَا تَقول: استوفيت / من فلَان , وَتوفيت من فلَان مَا لي عِنْده , أَي لم يبْق لي عَلَيْهِ شئ. يثرب: اسْم أَرض. ومدينة الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَاحيَة من يثرب. يقنت: يطع.

(1/519)


يلج فِي الأَرْض: يدْخل فِيهَا. يعزب: يبعد. يسير: أَي سهل لَا يصعب. واليسير أَيْضا الْقَلِيل. يَحِيق: يُحِيط. ياسين: قيل: مَعْنَاهُ يَا إِنْسَان، وَقيل: يَا رجل. وَقيل: يَا مُحَمَّد. وَقيل: مجازها مجَاز سَائِر حُرُوف التهجي فِي أَوَائِل السُّور. يخصمون: يختصمون، فأدغمت التَّاء فِي الصَّاد. يستسخرون: يسخرون. يَقْطِين: كل شجر لَا يقوم على سَاق، مثل القرع والبطيخ وَنَحْوهمَا.

(1/520)


يزفون: يسرعون. يُقَال: جَاءَ الرجل يزف زفيف النعامة، وَهُوَ أول عدوها، وَآخر مشيها. وَيقْرَأ {يزفون} يصيرون إِلَى الزفيف. قَالَ:
(تَمَنَّى حُصَيْنٌ أَنْ يسودَ جِذَاعَهُ ... فأَمسى حُصَيْنٌ قَدْ أَذَلَّ وأَقْهَرَا)
معنى أقهر، صَار إِلَى الْقَهْر. قَالَ أَبُو عمر: الجذاع هُنَا صييان أَخِيه، أَرَادَ أَن يتبناهم، فجَاء أخوالهم فَأَخَذُوهُمْ. وَيقْرَأ أَيْضا ((يزفون)) بِالتَّخْفِيفِ، وَمن وزف يزف بِمَعْنى أسْرع، وَلم يعرفهَا

(1/521)


الْفراء وَالْكسَائِيّ. قَالَ الزّجاج: وَعرفهَا غَيرهمَا. ينابيع: عُيُون. وَاحِدهَا ينبوع. يهيج: ييبس، كَقَوْلِه جلّ وَعز: {ثمَّ يهيج فتراه مصفرا} . قَالَ أَبُو عمر: هاج من الأضداد. يُقَال هاج، إِذا طَال. وهاج، إِذا جف. وَمِنْه قَول عَليّ [رَضِي الله عَنهُ] : أَنا بهَا زعيم، لَا يهيج على التَّقْوَى زرع قوم. يسأمون: يملون. يذرأكم: يخلقكم. يقترف: يكْتَسب.

(1/522)


يبشر ويبشر: مَعْنَاهَا وَاحِد. يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن: يظلم بَصَره عَنهُ، كَأَن عَلَيْهِ غشاوة. وَيُقَال: عشوت إِلَى النَّار، فَأَنا عَاشَ، إِذا استدللت إِلَيْهَا ببصر ضَعِيف قَالَ الحطيئة:
(مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلى ضَوْءِ نارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ)
وَمن قَرَأَ: ((يَعش)) بِفَتْح الشين، أَي يعم. يُقَال: عشي الرجل يعشى فَهُوَ أعشى، إِذا لم يبصر فِي اللَّيْل. وَقيل: معنى {يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن} أَي يعرض عَنهُ.

(1/523)


يصدون: يضجون. يتدبرون الْقُرْآن: يُقَال: تدبرت الْأَمر، أَي نظرت فِي عاقبته، وَالتَّدْبِير هُوَ قيس دبر الْكَلَام بقبله لينْظر هَل يخْتَلف؟ ثمَّ جعل كل تَمْيِيز تدبيرا. يتركم: ينقصكم، ويظلمكم. يُقَال: وترني حَقي، أَي ظَلَمَنِي. وَقَوله جلّ وَعز: {وَلنْ يتركم أَعمالكُم} أَي لن ينقصكم شَيْئا من ثوابكم. وَيُقَال: وترت الرجل، إِذا قتلت لَهُ قَتِيلا، أَو أخذت لَهُ مَالا بِغَيْر حق. وَفِي الحَدِيث: (من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر، فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله) . يغتب بَعْضكُم بَعْضًا: الْغَيْبَة أَن يُقَال فِي الرجل من خَلفه مَا فِيهِ،

(1/524)


فَإِذا اسْتقْبل بِهِ فَتلك المجاهرة، وَإِذا قيل مَا لَيْسَ فِيهِ فَذَلِك البهت. يلتكم ويألتكم: أَي ينقصكم. يُقَال: لات يليت، وألت يألت، لُغَتَانِ. يهجعون: ينامون. يصعقون: يموتون. يسرنَا الْقُرْآن للذّكر: سهلناه للتلاوة، وَلَوْلَا ذَلِك مَا أطَاق الْعباد أَن يلفظوا بِهِ، وَلَا أَن يسمعوه. يطمثهن إنس: يمسسهن. والطمث النِّكَاح بالتدمية، وَمِنْه قيل للحائض طامث. يتماسا: كِنَايَة عَن الْجِمَاع. يثقفوكم: يظفورا بكم. يسطرون: يَكْتُبُونَ.

(1/525)


يَمِين: أَي قُوَّة. كَقَوْلِه جلّ وَعز: {لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أَي بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَة. وَقيل: مَعْنَاهُ لأخذنا بِيَمِينِهِ. [فمنعناه] من التَّصَرُّف. وَالله أعلم. [يحموم: هُوَ الدُّخان، وكل أسود يحموم] . يفجر أَمَامه قيل: يكثر الذُّنُوب، وَيُؤَخر التَّوْبَة. وَقيل: يتَمَنَّى الْخَطِيئَة. وَقيل: يَقُول: سَوف أَتُوب. يتمطى: يتبختر. وَيُقَال: جَاءَ يمشي الْمُطَيْطَاء، وَهِي مشْيَة يتبختر فِيهَا، وَهُوَ أَن يلقِي بيدَيْهِ ويتكفأ. وَكَانَ الأَصْل (يتمطط) ، فقلبت إِحْدَى الطاءين يَاء. كَمَا قيل: [يتظنى] وَأَصله (يتظنن) . وَقيل:

(1/526)


(يتمطى) يتبختر ويمد مطاه فِي مَشْيه. وَيُقَال: يلوي مطاه تبخترا. والمطا: الظّهْر. يحور: يرجع. وَقَوله عز وَجل: {إِنَّه ظن أَن لن يحورا} ، أَي لن يرجع، أَي لن يبْعَث. يدع الْيَتِيم: يَدْفَعهُ عَن حَقه.
( [فصل] الْيَاء المضمومة)
يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ: يصدقون بإحياء الله الْمَوْتَى وبإخبار الله عز وَجل عَن الْجنَّة وَالنَّار، وَالْقِيَامَة والحساب، وَأَشْبَاه ذَلِك. يُقِيمُونَ الصَّلَاة: إِقَامَتهَا أَن يُؤْتى بهَا بحقوقها، كَمَا فرض الله

(1/527)


تَعَالَى. يُقَال: قَامَ بِالْأَمر وَأقَام الْأَمر، إِذا جَاءَ بِهِ معطيا حُقُوقه. يُنْفقُونَ: فِي قَوْله عز وَجل: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} ، أَي يزكون وَيَتَصَدَّقُونَ. يخادعون الله: بِمَعْنى يخدعون، أَي يظهرون غير مَا فِي نُفُوسهم. وَقيل: يخادعون الله، أَي يظهرون الْإِيمَان بِاللَّه جلّ وَعز، وَرَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويضمرون خلاف مَا يظهرون. فالخداع مِنْهُم يَقع بالاحتيال وَالْمَكْر، وَالْخداع من الله يَقع بِأَن يظْهر لم من الْإِحْسَان، ويعجل لَهُم من النَّعيم فِي الدُّنْيَا خلاف مَا يغيب عَنْهُم وَيسْتر من عَذَاب الْآخِرَة لَهُم فَجمع الفعلان لتشابههما من هَذِه الْجِهَة. وَقيل: معنى الخدع فِي كَلَام الْعَرَب الْفساد. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
( ... ... . ... طَيِّبَ الرِّيقِ، إِذا الريقُ خَدَعْ)

(1/528)


أَي فسد. فَمَعْنَى {يخادعون الله} ، أَي يفسدون مَا يظهرون من الْإِيمَان بِمَا يضمرون من الْكفْر، كَمَا أفسد الله عَلَيْهِم نعمهم فِي الدُّنْيَا بِمَا [صَارُوا] إِلَيْهِ من عَذَاب الْآخِرَة. يزكيهم: يطهرهم. [الْيُسْر: ضد الْعسر] . وَقَوله تبَارك وَتَعَالَى: {يُرِيد الله بكم الْيُسْر} ، أَي الْإِفْطَار فِي السّفر {وَلَا يُرِيد بكم الْعسر} ، أَي الصَّوْم فِيهِ. يؤلون: يحلفُونَ، من الألية، وَهِي الْيَمين. يُقَال: ألوة وألوة وإلوة وألية. وَقَوله جلّ وَعز: {يؤلون من نِسَائِهِم} أَي يحلفُونَ على وَطْء نِسَائِهِم. وَكَانَت الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة، يكره الرجل مِنْهُم الْمَرْأَة، وَيكرهُ أَن يَتَزَوَّجهَا غَيره، فَيحلف أَلا يَطَأهَا أبدا، وَلَا يخلي سَبِيلهَا إِضْرَارًا

(1/529)


بهَا، فَتكون معلقَة عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوت أَحدهمَا، فَأبْطل الله جلّ وَعز ذَلِك من فعلهم، وَجعل الْوَقْت الَّذِي يعرف فِيهِ مَا عِنْد الرجل للْمَرْأَة أَرْبَعَة أشهر. يكلم النَّاس فِي المهد وكهلا: يكلمهم فِي المهد آيَة وأعجوبة، ويكلمهم كهلا بِالْوَحْي والرسالة. والكهل: الَّذِي انْتهى شبابه. يُقَال: اكتهل الرجل، إِذا انْتهى شبابه. يصروا على مَا فعلوا: أَي يقيموا عَلَيْهِ. يمحص الله الَّذين آمنُوا: أَي يخلص الله الَّذين آمنُوا من ذنوبهم، وينقيهم مِنْهَا. يُقَال: / محص الْحَبل يمحص محصا، إِذا ذهب مِنْهُ الْوَبر حَتَّى يتملص. وحبل محص وملص. وَقَوْلهمْ: (محص عَنَّا ذنوبنا) ، أَي أذهب عَنَّا مَا تعلق بِنَا من الذُّنُوب. يطوقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَأْتِي كنز

(1/530)


أحدكُم، كَأَنَّهُ شُجَاع أَقرع، لَهُ زَبِيبَتَانِ، فيتطوق فِي حلقه، وَيَقُول: أَنا الزَّكَاة الَّتِي منعتني، ثمَّ ينهشه (بالشين وَالسِّين جَمِيعًا) . يحرفُونَ الْكَلم: يقلبونه، ويغيرونه. يفرطون: يقصرون. وَقَوله جلّ وَعز: {وهم لَا يفرطون} أَي لَا يضيعون مَا أمروا بِهِ، وَلَا يقصرون فِيهِ. يردوهم: يهلكوهم. والردى الْهَلَاك. يشعركم: يدريكم. يجليها لوَقْتهَا: أَي يظهرها. يلحدون فِي أَسْمَائِهِ: يَجُورُونَ فِي أَسْمَائِهِ عَن الْحق، وَهُوَ

(1/531)


اشتقاقهم اللات من الله جلّ وَعز، والعزى من الْعَزِيز. وقرئت: ((يلحدون)) أَي يميلون. [يثبتوك من] قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك} ، أَي ليحبسوك. وَيُقَال: رَمَاه فأثبته، إِذا حَبسه، ومريض مُثبت، أَي لَا حَرَكَة بِهِ. يثخن فِي الأَرْض: أَي يغلب على كثير من الأَرْض، ويبالغ فِي قتل أعدائه. يظاهروا عَلَيْكُم: يعينوا عَلَيْكُم. يضاهئون: يشابهون، والمضاهاة مُعَارضَة الْفِعْل بِمثلِهِ. يُقَال: ضاهيته، أَي فعلت مثل فعله. يؤفكون: يصرفون عَن الْخَيْر. وَيُقَال: يؤفكون: يحدون، من

(1/532)


قَوْلك: رجل مَحْدُود، أَي محروم. يحادد الله وَرَسُوله: أَي يحارب ويعاد. وَقيل: إِن اشتقاقه [فِي] اللُّغَة [من الْبعد] كَمَا تَقول يجانب الله وَرَسُوله. [فَمَعْنَى يحادد الله وَرَسُوله] أَي يكون فِي حد، وَالله وَرَسُوله فِي حد. يبخسون: ينقصُونَ. يغاث النَّاس: يمطرون. يهرعون: يستحثون. [و] يُقَال: يهرعون: يسرعون، فأوقع الْفِعْل بهم، وَهُوَ لَهُم فِي الْمَعْنى، كَمَا قيل: أولع فلَان بِكَذَا، وزهي زيد وأرعد عَمْرو، فَجعلُوا مفعولين وهم [فاعلون] ، ذَلِك أَن الْمَعْنى إِنَّمَا

(1/533)


هُوَ أولعه طبعه وجبلته، وزهاه مَاله، أَو جَهله، وأرعده / غَضَبه أَو وَجَعه، وأهرعه خَوفه ورعبه. فلهذه الْعلَّة خرج هَؤُلَاءِ الْأَسْمَاء مخرج الْمَفْعُول بهم. وَيُقَال: لَا يكون الإهراع إِلَّا الْإِسْرَاع، إسراع المذعور. وَقَالَ الْكسَائي وَالْفراء: لَا يكون الإهراع إِلَّا إسراعا مَعَ رعدة. يسيغه: يُجِيزهُ. [يُنْكِرُونَهَا: الْإِنْكَار خلاف الِاعْتِرَاف] . يتبروا [مَا علوا] تتبيرا: يدمروا، ويخربوا. والتبار الْهَلَاك. ينغضون إِلَيْك رؤوسهم: يحركونها استهزاء مِنْهُم. يزجي: يَسُوق. يشعرن بكم: يعلمن.

(1/534)


يحاوره: يخاطبه. وَيُقَال: تحاور الرّجلَانِ، إِذا رد كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه، والمحاورة الْخطاب من اثْنَيْنِ فَمَا فَوق ذَلِك. يقلب كفيه على مَا أنْفق فِيهَا: يصفق بالواحدة على الْأُخْرَى، كَمَا يفعل المتندم الأسف على مَا فَاتَهُ. يُغَادر: يتْرك ويخلف، وَقد مر تَفْسِيره. يُضَيِّفُوهُمَا: ينزلوهما منزلَة الأضياف. يصحبون: أَي يجارون، لِأَن المجير [صَاحب] لجاره. يصهر: يذاب. يعقب: يرجع. وَيُقَال: يلْتَفت. يُوزعُونَ: يكفون، ويحبسون. وَجَاء فِي التَّفْسِير: يحبس أَوَّلهمْ

(1/535)


على آخِرهم حَتَّى يدخلُوا النَّار. وَمِنْه قَول الْحسن لما ولي الْقَضَاء، وَكثر النَّاس عَلَيْهِ: (لَا بُد للنَّاس من وزعة) أَي من شَرط يكفونهم عَن القَاضِي. يجبى: يجمع. يحبرون: يسرون. ينقذون: يتخلصون. ينزفون: وينزفون: يُقَال: نزف الرجل، إِذا ذهب عقله. وَيُقَال للسكران: نزيف ومنزوف. وأنزف الرجل، إِذا ذهب عقله، وَإِذا نفد شرابه أَيْضا. قَالَ الشَّاعِر:
(لَعَمْرِي لَئِنْ أَنْزَفَتُمُ أَوْ صَحَوْتُمُ ... لَبِئْسَ النَّدَامى كُنْتُمُ آلَ أَبْجَرا)
يكور اللَّيْل على النَّهَار: أَي يدْخل هَذَا على هَذَا. وأصل

(1/536)


التكوير اللف وَالْجمع، وَمِنْه كور الْعِمَامَة. يوبقهن: يهلكهن. ينشأ فِي الْحِلْية: يربى فِي / الْحلِيّ، يَعْنِي [الثِّيَاب] . يستعتبون: يطْلب مِنْهُم العتبى. يحفكم: يلح عَلَيْكُم. يُقَال: أحفى بِالْمَسْأَلَة، وألحف وألح كُله بِمَعْنى وَاحِد. يدعونَ: يدْفَعُونَ. يصرون على الْحِنْث: يُقِيمُونَ على الْإِثْم. والحنث: الشّرك، والحنث: الْكَبِير من الذُّنُوب أَيْضا.

(1/537)


يظاهرون [مِنْكُم] من نِسَائِهِم: يحرمونهن تَحْرِيم ظُهُور الْأُمَّهَات. ويروى أَن هَذَا نزل فِي رجل ظَاهر. فَذكر الله جلّ وَعز قصَّته، ثمَّ تبع هَذَا كل مَا كَانَ من [الْأُم] محرما على الابْن أَن يرَاهُ كالبطن والفخذين وَأَشْبَاه ذَلِك. يحادون الله: يُحَاربُونَ الله جلّ وَعز، ويعادونه، ويخالفونه. يكْشف عَن سَاق: إِذا اشْتَدَّ الْأَمر وَالْحَرب، قيل: كشف الْأَمر عَن سَاقه. يزلقونك: يزيلونك. وَيُقَال: يعتانونك، أَي يصيبونك

(1/538)


بعيونهم. وقرئت: ((ليزلقونك)) أَي ليستأصلونك، من: زلق رَأسه، وأزلقه إِذا حلقه. يخسرون: ينقصُونَ. يوعون: يجمعُونَ فِي صُدُورهمْ من التَّكْذِيب بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَمَا يوعى الْمَتَاع فِي الْوِعَاء. يوفضون: يسرعون.
( [فصل] الْيَاء الْمَكْسُورَة)
قيل: لَيْسَ فِي الْعَرَبيَّة كلمة أَولهَا يَاء مَكْسُورَة إِلَّا فِي قَوْلهم: يسَار لُغَة فِي يسَار لليد الْيُسْرَى.

(1/539)


تمّ الْكتاب وَصلى الله على مُحَمَّد نبيه وَآله الطيبين الطاهرين وَسلم كثيرا. وَفرغ مِنْهُ فِي يَوْم الْجُمُعَة قبل الصَّلَاة السَّادِس عشر من ذِي الْقعدَة. من سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة.

(1/540)