فضائل القرآن للمستغفري

التاسع من فضائل القرآن
تصنيف الشيخ الخطيب الحافظ أبي العباس جعفر بن محمد المستغفري
رحمة الله عليه
رواية القاضي الحافظ أبي علي الحسن بن عبد الملك بن الحسين النسفي
أبقاه الله

(1/287)


بسم الله الرحمن الرحيم
ملجأي إلى الله
باب ما جاء أن القرآن يرفع من حيث نزل
285- أخبرنا أبو العباس جعفر بن محمد بن المكي حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبيد الله بن سريج أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن حدثنا عبد الله بن وهب حدثني عمرو بن الحارث، عَن عَبد الله بن عمرو أنه قال: لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل.

(1/289)


286- أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم حدثنا بكر بن المرزبان حدثنا عبد بن حميد حدثنا حسين الجعفي عن زائدة، عَن عَبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل، عَن عَبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وإن آخر ما يبقى منها الصلاة وليصلين قوم لا دين لهم وإن هذا القرآن الذي بين ظهرانيكم سنتزع منكم قال: قلت: كيف ينتزع منا وقد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا؟ فقال: يسرى عليه في ليلة واحدة فينتزع ما في القلوب [ص:290] ويذهب ما في المصاحف ثم قرأ عبد الله {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك} .

(1/289)


287- وأخبرنا الشيخ أبو بكر حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا زيد بن الحباب العكلي عن موسى بن عبيدة عن صفوان بن سليم عن ناجية بن عبد الله بن عتبة عن أبيه، عَن عَبد الله قال: أكثروا الطواف بالبيت قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه وأكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع قالوا: هذه المصاحف فكيف بما في صدور الرجال؟ قال: يسرى عليه ليلا فيصبحون منه فقراء وينسون قول لا إله إلا الله فيقعون في قول أهل الجاهلية وأشعارهم فذاك حين يقع عليهم القول.
[ص:291] قال الشيخ: هو ناجية بن عبد الله بن عتبة بن مسعود فقال: ليس له حديث غير هذا.

(1/290)


288- أخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا عبد الله بن وهب حدثنا إسحاق بن يحيى عن المسيب بن رافع، عَن عَبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: تطرق الناس ريح حمراء من نحو الشام فلا يبقى في مصحف رجل، ولاَ في قلبه آية فقال رجل: ياأبا عبد الرحمن فإني قد جمعت القرآن قال: لا يبقى في صدرك منه شيء ثم قرأ ابن مسعود رضي الله عنه {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك} الآية.

(1/291)


289- وحدثنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا أحمد بن عبد الرحمن حدثنا عبد الله بن وهب حدثنا حيوة، عَن أبي صخر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يرسل الله تعالى ريحا من اليمن ألين من الزبد وأحلى من العسل فلا تترك رجلا في قلبه آية من القرآن إلا ذهبت به.

(1/291)


290- أخبرنا الخليل بن أحمد أخبرنا محمد بن معاذ حدثنا الحسين هو ابن الحسن أخبرنا عبد الله أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن موسى بن سعيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: اقرؤوا القرآن قبل أن [ص:292] يرفع فإنه لا تقوم الساعة حتى يرفع فقيل: هذه المصاحف فكيف ما في صدور الرجال؟ قال: يسري عليه ليلة فيرفع ما في صدورهم فيصبحون فيقولون: لكأنا لم نعلم شيئا يفيضون الشعر.

(1/291)


291- وأخبرنا الخليل بن أحمد أخبرنا محمد بن معاذ حدثنا الحسين أخبرنا عبد الله أخبرنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن ثابت بن يزيد الخولاني أن رجلا حدثه، عَن عَبد الله بن عمرو قال: لا تقوم الساعة حتى يرجع القرآن من حيث نزل له دوي حول العرش كدوي النحل فيقول الرب: ما لك؟ فيقول: يارب أتلى، ولاَ يعمل بي أتلى، ولاَ يعمل بي ثلاث مرات.

(1/292)


292- أخبرنا أبو أحمد الجويباري أخبرنا أبو يعلى حدثنا الدبري، عَن عَبد الرزاق عن معمر عن الزهري أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين أصبح فقال: إنها كانت معي سورة فذهبت لأقرأها فما قدرت عليها فقال رجل آخر: وأنا أيضا قد كانت معي فما قدرت عليها ما أدري رجلان أو ثلاثة فدخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال: إنها ذهبت في قرآن رفع.

(1/292)


باب ما جاء من الأمثال للقرآن والناس فيه
293- أخبرنا ابن المكي أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبويعلى الموصلي حدثني يزيد بن عمرو الغنوي البصري حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المغافري قال سمعت شفيا يقول: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف مثل.

(1/293)


294- أخبرنا الشيخ أبو علي زاهر بن أحمد أخبرنا يحيى بن محمد بن صاعد حدثنا عمرو بن علي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد حدثنا قتادة عن أنس بن مالك، عَن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمر طعمها طيب، ولاَ ريح لها ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب، ولاَ طعم لها ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة خبيث طعمها لا ريح لها.

(1/293)


295- أخبرنا الخليل بن أحمد أخبرنا الثقفي حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك، عَن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمر لاَ ريح لها وطعمها طيب، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر.

(1/294)


296- أخبرنا الخليل بن أحمد وزاهر بن أحمد قالا أخبرنا ابن منيع حدثنا هدبة بن خالد
297- وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب أخبرنا يوسف بن عاصم حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة عن أنس، عَن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب، ولاَ ريح لها ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر، ولاَ ريح لها.

(1/294)


298- حدثنا أبو عبد الله بن أبي حفص حدثنا شيخي حدثنا أحمد بن يونس بن الجنيد قال: قرأته على حمزة بن بهرام عن موسى بن عبيدة عن سعيد بن أبي سعيد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال [ص:295] رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلموا القرآن فإنما مثل حامل القرآن كمثل حامل جراب مملوء مسكا إن فتحه فتحه طيبا وإن أوعاه أوعاه طيبا.

(1/294)


299- أخبرنا أبو أحمد الجويباري أخبرنا أبو يعلى حدثنا الدبري، عَن عَبد الرزاق عن ابن عيينة حدثني ابن أبي لبيد عن سليمان بن يسار أن [ص:296] النبي صلى الله عليه وسلم بعث قوما وأمر عليهم أصغرهم فذكروا له ذلك فقال: إنه أكثركم قرآنا وإنما مثل صاحب القرآن كجراب فيه مسك إن فتحه أو فتح فاح ريحه وإن أوكي أوكي على طيب.

(1/295)


300- أخبرنا أحمد بن موسى حدثنا محمد بن محمد بن صابر حدثنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن موسى القاضي حدثنا علي بن حجر حدثنا بقية بن الوليد عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير الحضرمي عن النواس بن سمعان الكلابي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ضرب مثلا صراطا مستقيما على كتفي الصراط سوران لهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور وداع يدعو على رأس الصراط وداع يدعوا من فوقه {والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} فالأبواب التي على الصراط حدود الله حتى يكشف عن ستر الله والله يدعو من فوق الصراط والذي على رأسه واعظ الله تعالى.

(1/296)


301- أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد حدثنا أبو مصعب حدثنا مالك عن نافع، عَن عَبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت.

(1/296)


302- وأخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا الزينبي حدثنا بندار حدثنا يحيى حدثنا عبد الله أخبرني نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل القرآن مثل الإبل المعقلة إن عقلها صاحبها حبسها وإن أطلقها ذهبت.

(1/297)


303- وأخبرنا الخليل بن أحمد حدثنا أبو بريد المخزومي حدثنا الزبير هو ابن بكار قال وحدثني أبو ضمرة هو أنس بن عياض عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما مثل القرآن كمثل الإبل المعقلة إن تعاهد صاحبها بعقلها أمسكها عليه وإن أطلق عقلها ذهبت.

(1/297)


304- أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن أحمد النيري ببغداد حدثنا يحيى بن السري حدثنا جرير بن عبد الحميد عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب.

(1/297)


باب ما جاء في الوعيد لمن فسر القرآن برأيه وما في ذلك من التغليظ والتشديد
305- أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد أخبرنا أبو بكر محمد بن صالح بن خلف بن داود الخواري حدثنا محمد هو ابن يزيد أبو هشام الرفاعي حدثنا معن بن عيسى حدثنا جعفر بن محمد بن مخلد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا أيا بعددهن علمه إياهن جبريل صلوات الله عليه.

(1/298)


306- أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم حدثنا أبو سعيد بكر بن المرزبان حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الرزاق بن همام أخبرنا سفيان، عَن عَبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.

(1/299)


307- وأخبرنا الشيخ أبو بكر حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا أبو نعيم عبيد الله بن موسى وقبيصة وعبد المجيد بن عبد العزيز عن سفيان، عَن عَبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.

(1/299)


308- وأخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الحاجبي أخبرنا إبراهيم بن نصر حدثنا يوسف بن عيسى حدثنا وكيع حدثنا سفيان، عَن عَبد الأعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.

(1/299)


309- أخبرنا الشيخ أبو بكر حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا حبان بن هلال حدثنا سهيل بن أبي حزم القطعي حدثنا أبو عمران الجوني عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.

(1/299)


310- أخبرنا محمد بن إبراهيم حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا الكلبي، عَن أبي صالح عن ابن عباس قال: من قال في القرآن برأيه فأصاب لم يؤجر وإن أخطأ لم يسلم.

(1/300)


311- أخبرنا محمد حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا كثير بن هشام حدثنا جعفر بن برقان حدثنا ميمون بن مهران قال: بلغني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به.

(1/300)


312- وأخبرنا محمد حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا أبو أسامة عن نافع عن ابن أبي مليكة قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا أنا قلت في آية من كتاب الله بغير ما أراد الله بها.

(1/300)


313- أخبرنا محمد حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا عمر بن سعد عن سفيان عن عمرو بن قيس، عَن عَبد الرحمن قال: سمعت الضحاك يقول: من قال بالقرآن برأيه فأخطأ زل أبعد ما بين السماء والأرض.

(1/301)


314- أخبرنا إسماعيل بن محمد، أخْبَرَنا إبراهيم بن نصر، حَدَّثَنا يوسف بن عيسى، حَدَّثَنا وكيع، حَدَّثَنا سفيان عن عمرو بن قيس، عَن عَبد الرحمن بن سعيد قال: سمعت عامرا الشعبي والضحاك بن مزاحم قالا: من قال في القرآن برأيه فأخطأ قال أحدهما: زل أبعد مما بين السماء والأرض وقال الآخر: لم تنته فريته دون السماء.

(1/301)


315- أخبرنا محمد بن إبراهيم حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا عمر بن سعد عن سفيان عن عمرو بن قيس، عَن عَبد الرحمن قال سمعت عامرا يقول: من قال في القرآن برأيه فأخطأ لم تنته فريته دون السماء.

(1/301)


316- أخبرنا جعفر بن محمد المكي حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبيد الله حدثنا الحسين بن إبراهيم حدثنا شريح بن النعمان حدثنا جرير حدثنا جعفر حدثنا عبد الله حدثنا أبي قال: سمعت عبدان أخبرنا [ص:302] غير واحد عن جرير – والمعنى واحد واللفظ للحسين بن إبراهيم – عن ليث عن سلمة بن كهيل، عَن أبي الزعراء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن هذا القرآن إنما هو كلام الله فلا أعز فيكم ما عطفتموه على أهوائكم.

(1/301)


317- أخبرنا جعفر حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا عبد السلام بن صالح أخبرنا جرير عن ليث عن سلمة بن كهيل، عَن أبي الزعراء عن عمر بن الخطاب قال: القرآن كلام الله فلا تحرفوه إلى غيره.

(1/302)


318- أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق الغنوي أبو جعفر حدثنا علي بن حجر حدثنا الوليد بن محمد أخبرني الزهري عن القاسم بن محمد قال: وعظ عمر رضوان الله عليه الناس يوم جمعة ثلاث مواعظ لم أسمع أحدا من التابعين، ولاَ غيرهم – يعني وعظ مثلها – وإن كان الله عز وجل جعل فيهم خيرا كثيراً، قال: ثم قال: أيها الناس فرغوا إلي قلوبكم، وأقبلوا إلي بأسماعكم فإن أحدا لم يشغل بصره إلا قل وعيه وليبلغ شاهدكم غائبكم إن الله عز وجل أنزل كتابه فافترض فيه فرائض فلا تنتقصوها وحد فيه حدودا فلا تعتدوها وسكت فيه عن أشياء لم يتركها نسيانا لها كانت عفوا لكم من الله عز وجل فاقبلوها إن أصحاب الرأي هم أعداء السنن غلبتهم الأحاديث أن يعوها وأعيتهم السنن أن يحفظوها وسئلوا عن أشياء فاستحيوا أن يقولوا لا نعلم فعارضوا السنة برأيهم فإياكم وإياهم الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أشياء فمن تركها كان أوفر لعرضه، وَمن وقع فيها يوشك أن يقع في الحرام كالمرتع إلى [ص:303] جانب الحمى يوشك أن يقع فيه إن لكل ملك حمى وحمى الله في أرضه محارمه.

(1/302)


319- أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا محمد بن وكيع حدثنا محمد بن أسلم حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي حدثني أبو قبيل حيي بن هانئ المعافري قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هلاك أمتي في الكتاب واللبن قالوا: يا رسول الله ما الكتاب واللبن؟ قال: يتعلمون القرآن ويتأولونه على غير ما أنزل الله عز وجل ويحبون اللبن فيدعون الجماعات والجمع ويبدون.
قال أبو قبيل: ولم أسمع من عقبة بن عامر إلا هذا الحديث.

(1/303)


320- أخبرنا أحمد بن عمار أخبرنا علي بن محتاج أخبرنا علي بن عبد العزيز أخبرنا أبو عبيد حدثنا هشيم عن العوام عن إبراهيم التيمي قال: خلا عمر ذات يوم فجعل يحدث نفسه كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد؟ فأرسل إلى ابن عباس فقال: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة؟ فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين إنا أنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيم نزل وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن، ولاَ يدرون فيم نزل فيكون لهم فيه رأي فإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا فإذا اختلفوا اقتتلوا.
[ص:304] قال: فزبره عمر وانتهره فانصرف ابن عباس ونظر عمر فيما قال فعرفه فأرسل إليه وقال: أعد علي ما قلت فأعاده عليه فعرف عمر قوله وأعجبه.

(1/303)


321- أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم حدثنا بكر بن المرزبان حدثنا عبد بن حميد أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا كهمس بن الحسن، عَن عَبد الله بن بريدة قال: شتم ابن عباس رجل فقال له ابن عباس: أما إنك تشتمني وفي ثلاث إني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلي أن لا أقاضي إليه أبدا وإني لأعلم بالغيث يصيب البلد من البلدان فأفرح به ومالي به سائمة وإني لآتي على الآية من كتاب الله تعالى فوددت أن الناس كلهم علموا منها ما أعلم.

(1/304)


322- أخبرنا أحمد أخبرنا علي أخبرنا علي أخبرنا أبو عبيد حدثنا يزيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد اليامي قال عبد الله بن مسعود: إن للقرآن منازل كمنازل الطريق فما عرفتم به فتمسكوا به وما شبه عليكم فكلوه إلى عالمه.

(1/304)


323- وأخبرنا أحمد أخبرنا علي أخبرنا علي أخبرنا أبو عبيد حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: قال أبو الدرداء: لو [ص:305] أعيتني آية من كتاب الله تعالى فلم أجد أحدا يفتحها علي إلا رجل ببرك الغماد لرحلت إليه – وهو أقصى حجر باليمن -.

(1/304)


324- أخبرنا أحمد أخبرنا علي أخبرنا علي أخبرنا أبو عبيد حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون ءامنا به كل من عند ربنا} قال: الراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به.

(1/305)


325- وفي غير قول مجاهد قال: انتهى علمهم إلى أن قالوا آمنا به كل من عند ربنا.
قال الفقيه الإمام: هذا قولنا وهو الحق، ولاَ نأخذ بقول مجاهد.

(1/305)


326- أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو لبيد حدثنا حميد هو ابن مسعدة حدثنا حماد، عَن عَبد الله بن عمر قال: كان من أدركت من أهل المدينة يعظمون القول في التفسير سالم والقاسم ونافع.

(1/305)


327- أخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا العلاء بن عمر الحنفي الكوفي عن يحيى بن زائدة عن مجالد عن الشعبي عن مسروق، عَن عَبد الله قال: القرآن كلام الله فمن رد شيئا فإنما يرده على الله.

(1/305)


328- قال وحدثنا ابن الحماني عن أحمد بن بشير عن مجالد عن الشعبي عن مسروق، عَن عَبد الله قال: القرآن كلام الله فمن قال فيه شيئا فإنما يتقوله على الله.

(1/306)


329- أخبرنا الحاجبي أخبرنا إبراهيم بن نصر حدثنا يوسف بن عيسى حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن هشام عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن تفسير آية فقال: اتق الله وعليك بالسداد فإنه قد ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أنزل.

(1/306)


330- أخبرنا الحاجبي أخبرنا إبراهيم حدثنا يوسف حدثنا وكيع حدثنا فطر عن منذر الثوري أبي يعلى عن الربيع بن خثيم قال: ليتق أحدكم تكذيب الله إياه أن يقول: قال الله كذا وكذا فيقول له: كذبت لم أقله أو يقول: لم يقل الله كذا وكذا فيقول الله له: كذبت قد قلته وما يصنع أحدكم بالكلام بعد تسع سبحان الله والحمد لله، ولاَ إله إلا الله والله أكبر وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسؤال الله الخير والاستعاذة من الشر.

(1/306)


331- حدثنا الخليل بن أحمد أخبرنا ابن الزفتي حدثنا أحمد هو ابن أبي الحواري أخبرنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه أن ابن عمر سئل عن شيء فقال: لا أدري فقيل له، فقال: سئل ابن عمر عما لا يدري فقال: لا أدري.

(1/306)


332- حدثنا الخليل بن أحمد أخبرنا ابن الزفتي حدثنا أحمد بن أبي الحواري أخبرنا وكيع عن الأعمش، عَن أبي الضحى عن مسروق قال عبد الله: أيها الناس من سئل منكم عن علم هو عنده فليقل به فإن لم يكن عنده فليقل: الله أعلم فإن من العلم أن يقال لما لا يعلم: الله أعلم إن الله قال لنبيه {قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} .

(1/307)


333- أخبرنا محمد بن إبراهيم حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا محمد بن عبيد حدثنا العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه سئل عن فاكهة وأبا ثم سئل عن الأب ما هو؟ فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.

(1/307)


334- أخبرنا محمد حدثنا بكر حدثنا عبد حدثنا سعيد بن عامر عن سعيد، عَن عَبد الله بن أبي السفر قال: قال الشعبي: والله ما من آية إلا وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله تعالى.

(1/307)


335- أخبرنا الحاجبي أخبرنا إبراهيم بن نصر حدثنا يوسف حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم أنه كره أن يتكلم في القرآن يعني برأيه.

(1/307)


336- أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو يعلى محمد بن زهير الأبلي [ص:308] حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا ابن إدريس عن زكريا بن أبي زائدة قال: كان الشعبي يمر بأبي صالح ويأخذ بأذنه ويمدها ويقول: ويلك تفسر القرآن وأنت لا تحفظ.

(1/307)


337- أخبرنا الخليل بن أحمد أخبرنا محمد بن معاذ حدثنا الحسين بن الحسن أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حيوة بن شريح حدثنا عقبة بن مسلم أن ابن عمر سئل عن شيء قال: لا أدري ثم أتبعها فقال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا لكم جسورا في جهنم أن تقولوا أفتانا ابن عمر بهذا.

(1/308)


338- أخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا أبي قال: سمعت محمد بن سلام أخبرنا معن هو ابن عيسى القزاز عن جعفر بن خالد وقال: هو جعفر بن محمد من ولد خالد بن الزبير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفسر القرآن إلا آيا بعدد علمهن إياه جبريل عليه السلام.

(1/308)


339- وأخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا العباس بن الوليد بن مرثد أخبرني أبي قال: سمعت الأوزاعي يقول: كان عبد الله بن مسعود لا يفسر من القرآن إلا آيتين.

(1/308)


340- وأخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا العباس قال: سمعت أبي يقول: كان الأوزاعي إذا سئل عن شيء من تفسير القرآن غمض عينيه ساعة وتغافل كأنه لم يسمع.

(1/309)


341- وأخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا يوسف بن خنيس الترمذي حدثنا عبد العزيز بن خالد السامي قال: سألت أبا حنيفة عن تفسير آية من كتاب الله تعالى فقال: فمتى رأيتني أفسر القرآن ياعبد العزيز.

(1/309)


342- وأخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا أبي قال: سمعت حبان، عَن عَبد الله هو ابن المبارك أنه قال لبعض المفسرين وهو يفسر: عامته كذب.
قال الفقيه أبو العباس: يعني به الكلبي.

(1/309)


343- وأخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن قال: ذكر عباس بن محمد الدوري حدثنا يحيى بن معين حدثنا ابن إدريس قال: سمعت زكريا بن أبي زائدة يذكر قال: كنت أرى الشعبي يمر بأبي صالح صاحب التفسير فيأخذ بأذنه فيقول: ويحك كيف تفسر القرآن وأنت لا تحسن تقرأ!.

(1/309)


344- وأخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا أحمد بن منصور حدثنا محمد بن سعيد حدثنا عبد الله بن بكير الغنوي عن صالح بن مسلم قال: مر الشعبي على السدي وهو يفسر فقال لو كان هذا الآن نشوان يضرب على باب إسته بالطبل كان خيرا له من هذا.

(1/309)


345- وأخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن علي حدثنا الفريابي عن سفيان عمن حدثه عن ابن عباس قال: تفسير القرآن على أربعة وجوه تفسير يعلمه العلماء وتفسير تعلمه العرب وتفسير لا يعذر بجهالته أحد وتفسير لا يعلمه إلا الله فمن ادعى علمه فهو كاذب.

(1/310)


باب ما جاء في الاسترقاء بالقرآن والاستشفاء به
346- أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو القاسم يحيى بن عبد الله بن يحيى بن إبراهيم العطار بانتقاء الأزدي عليه ببغداد حدثنا محمد بن سنان حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا شعبة، عَن عَبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه أن رجلا جاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بحي من العرب فقالوا: إنا قد أنبئنا أنكم جئتم من عند هذا الرجل بخبر وإن سيد الحي لدغ فهل فيكم من راق؟ قال فجعلت أقرأ أم الكتاب عليه غدوة وعشية ثلاثة أيام وأتفل فكأنما نشط من عقال قال: فأعطوني على ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل فلعمري من أكل برقية باطل فقد أكلت برقية حق.

(1/311)


347- أخبرنا محمد بن الحسين الحدادي حدثنا عبد الله بن محمود حدثنا محمد بن النضر بن مساور حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت [ص:312] إسماعيل بن أبي خالد يذكر عن قيس بن أبي حازم قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إني رقيت فلانا وكانت به ريح فما رقيت إلا بأم القرآن – يعني فاتحة الكتاب – ولقد أعطاني قطيعا من الغنم فهبت أن آخذها حتى أستأمرك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخذ برقية باطل فقد أخذت بحق.

(1/311)


348- حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن يزداد الرازي إملاء أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن محمود البلخي حدثنا أبو يحيى عبد الصمد بن الفضل حدثنا شهاب يعني ابن معمر عن محمد بن الحجاج عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده قال: رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين فقرأ {الحمد لله رب العالمين} و (قل أعوذ برب الفلق} و (قل أعوذ برب الناس} و {قل هو الله أحد} ثلاثا ثلاثا ثم قال: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل عين وحاسد والله يشفيك بسم الله أرقيك.

(1/312)


349- أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب أخبرنا محمد بن أيوب أخبرنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام هو الدستوائي حدثنا حماد هو ابن أبي سليمان عن إبراهيم: كان يكره كل شيء من الرقى إلا من كتاب الله عز وجل.

(1/312)


باب ما جاء في الرخصة في استرقاء المسلم أهل الكتاب بكتاب الله
350- أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد أخبرنا أبو لبيد حدثنا يحيى بن حجر بن النعمان حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد عن عمرة أن أبا بكر دخل على عائشة رضي الله عنها وهي تشتكي وعندها يهودية ترقيها فقال: ارقيها بكتاب الله تعالى.

(1/313)


351- أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن زر أخبرنا الحسين بن الحسن القطاري حدثنا أبو حذافة حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر الصديق رضوان الله عليه دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال أبو بكر: ارقيها بكتاب الله تعالى.

(1/313)


باب ما جاء فيمن جحد آية من كتاب الله عز وجل
352- أخبرنا عبد الله بن محمد بن زر أخبرنا محمد بن صالح بن عبد الله حدثنا نصر هو ابن علي حدثنا حفص هو ابن غياث حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يجحد آية من القرآن فقد حل ضرب عنقه من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له فلا سبيل لأحد عليه إلا أن يصيب حدا فيقام عليه.

(1/314)


باب ما جاء إذا رويتم عني حديثا فاعرضوه على كتاب الله تعالى
353- أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد أخبرنا أبو لبيد حدثنا أبو كريب حدثنا أبو بكر عن عاصم عن زر عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيكون علي رواة يروون عني أحاديث فاعرضوها على القرآن فإن وافقت القرآن فخذوها وإلا فدعوها.

(1/315)


354- أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم القلانسي حدثنا بكر بن المرزبان حدثنا عبد بن حميد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا صالح المري حدثنا الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيبلغكم عني أحاديث فاعرضوها على القرآن فما وافق القرآن فالزموه وما خالف القرآن فارفضوه.

(1/315)


باب ما جاء في التوفيق بين آيات من كتاب الله تعالى يدعي أهل الزيغ والإلحاد أنها متناقضة
355- أخبرنا جعفر بن محمد المكي حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبيد الله بن سريج حدثنا جعفر بن محمد بن الحجاج القطان حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا عبد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاءه رجل فقال: ياابن عباس إني أجد في القرآن أشياء تخالف علي فقد وقع في صدري منها ما هو بتكذيب ولكن اختلاف قال: فهات ما وقع في صدرك من ذلك فقال الرجل: أسمع الله تعالى يقول {فلا أنساب بينهم يومئذ، ولاَ يتساءلون} وقوله {ولا يكتمون الله حديثا} وقوله في آية أخرى {والله ربنا ما كنا مشركين} فقد كتموا في هذه الآية.
وقوله {أم السماء بناها، رفع سمكها فسواها. وأغطش ليلها وأخرج ضحاها. والأرض بعد ذلك دحاها} فذكر الله تعالى في هذه الآية خلق السماء قبل خلق الأرض وقال في آية أخرى {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} إلى قوله: {طائعين} فذكر في هذه الآية خلق الأرض قبل خلق السماء.
وقوله {وكان الله غفورا رحيما} {وكان الله سميعا بصيرا} {وكان الله عزيزا حكيما} فكأنه كان ثم مضى.
[ص:317] فقال ابن عباس للسائل: هات ما وقع في نفسك من أشباه هذا فقال: إذا أنبأتني بهذا فحسبي فقال ابن عباس: أما قوله تعالى {فلا أنساب بينهم يومئذ، ولاَ يتسائلون} فهذا في النفخة الأولى ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات، وَمن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم عند ذلك، ولاَ يتساءلون فإذا كان في النفخة الأخرى قاموا فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأما قوله تعالى {والله ربنا ما كنا مشركين} وقوله {ولا يكتمون الله حديثا} فإن الله يغفر يوم القيامة لأهل الإخلاص ذنوبهم، ولاَ يغفر شركا فتعالوا نقول إنا كنا أهل ذنوب ولم نكن مشركين فسألهم الرب عز وجل {أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون} قالوا: والله ربنا ما كنا مشركين وإنما كنا أهل ذنوب فقال الله تعالى: كتمت الألسن واختموها على أفواههم بختم الله على أفواههم فنطقت أيديهم وشهدت أرجلهم بما كانوا يكسبون فعند ذلك قوله تعالى {يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض، ولاَ يكتمون الله حديثا} .
وأما قوله تعالى {أم السماء بناها. رفع سمكها فسواها. وأغطش ليلها وأخرج ضحاها. والأرض بعد ذلك دحاها} فإن الله تعالى خلق الأرض قبل خلق السماء في يومين ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات في يومين آخرين ثم نزل إلى الأرض فدحاها أن أخرج منها الماء والمرعى وشق فيها الأنهار وجعل فيها الجبال والرمال والآكام والسبل وما بينهما في يومين آخرين فذلك قوله تعالى {والأرض بعد ذلك دحاها} وخلق السماء وما فيها من شيء في يومين وخلق الأرض وما فيها في أربعة أيام.
وأما قوله {وكان الله غفورا رحيما} {وكان الله عزيزا حكيما} {وكان الله [ص:318] سميعا بصيرا} فإن الله نحل نفسه ذلك ولم ينحله غيره وذلك قوله تعالى وكان الله أي لم يزل كذلك.
ثم قال ابن عباس للسائل: احفظ ما حدثتك وأعلم أنك إنما اختلفت عليك من القرآن أشباه ما حدثتك وإن الله لم ينزل شيئا إلا وقد أصاب به الذي أراده ولكن الناس لا يعلمون فلا يختلفن عليك القرآن فإن كلا من عند الله.

(1/316)


356- أخبرنا النقبوني حدثنا أبو عبد الرحمن أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عمر بن الأشج عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سيأتي قوم يأخذونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله تعالى.

(1/318)


باب ما جاء أن كلام الله ينسخ كلام رسول الله وكلامه لا ينسخ
357- أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن سعيد حدثنا أبو محمد الحسن بن عثمان بن أحمد البغدادي بنيسابور سنة ثمان وثلاثين حدثنا علي بن الحسين بن الحارث حدثنا محمد بن داود القنطري حدثنا جبرون بن واقد حدثنا سفيان الثوري، عَن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلام الله تعالى ينسخ كلامي وكلامي لا ينسخ كلام الله وكلام الله ينسخ بعضه بعضا.

(1/319)


باب ما جاء في تعلم القرآن خمس آيات خمس آيات
358- أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب أخبرنا محمد بن أيوب [ص:321] أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا أبو خلدة هو خالد بن دينار قال: سمعت أبا العالية يقول: تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات إنه أحفظ لكم وإن جبريل صلوات الله عليه كان ينزل بخمس آيات متواليات.

(1/320)


359- أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد أخبرنا أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد حدثني أبو الفضل زريق الوراق حدثنا أبو يوسف الفلوسي حدثنا شهاب بن عباد حدثني إبراهيم بن حميد عن إسماعيل بن أبي خالد قال: كان أبو عبد الرحمن يقرئ الناس عشرين بالغداة وعشرين بالعشاء ويعلمهم أين الخمس والعشر ويقرئنا خمسا خمسا.

(1/321)


باب ما جاء في تعلم القرآن عشرا عشرا
360- أخبرنا عبد الله بن محمد بن زر حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم لفظا حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا ابن فضيل حدثنا عطاء هو ابن السائب، عَن أبي عبد الرحمن: حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كانوا يقترؤون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات فلا يأخذوا في العشر الآخرى حتى يعلموا ما في ذلك من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا العمل والعلم.

(1/322)


361- قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو يعلى حدثنا الدبري، عَن عَبد الرزاق عن معمر عن عطاء بن السائب، عَن أبي عبد الرحمن السلمي قال: كنا إذا تعلمنا العشر من القرآن لم نتعلم العشر التي بعدها حتى نتعلم حلالها وحرامها وأمرها ونهيها.

(1/322)


باب ما رفع أو نسخ من القرآن بعد نزوله ولم يثبت في المصحف
362- قال حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحراز الهروي أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عمرو بن عبد الرحمن أبو حفص الأبار عن منصور بن المعتمر عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: وفدت إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فلقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت: حدثني عن المعوذتين فإن ابن مسعود يحكهما من المصحف ويقول: لم تزيدون فيه ما ليس منه فقال أبي: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا فنحن نقول كم تعدون سورة الأحزاب؟ قال: قلت: ثلاث وسبعين آية قال: فوالذي يحلف به أبي إن كانت لتعدل سورة البقرة أو أطول ولقد قرأنا فيها آية الرجم {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم} .

(1/323)


363- وأخبرنا زاهر بن أحمد حدثنا جبير بن محمد بن جبير الواسطي حدثنا عمار بن خالد أبو الفضل حدثنا علي بن غراب عن إدريس بن يزيد الأودي عن عاصم عن زر قال: قال أبي بن كعب: كأين تعدون سورة الأحزاب؟ قالوا: ثلاث وسبعين آية قال: لقد كانت توازي أن توازن سورة البقرة وفيها {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة} .

(1/324)


364- قال حدثنا القاضي أبو سعيد الخليل بن أحمد أخبرنا الماسرجسي حدثنا إسحاق أخبرنا جرير عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: أتى عمر رضي الله عنه البطح فجمع كثيبا بيده ثم طرح ثوبه فاضطجع عليه ثم رفع يده – أو قال: يديه – إلى السماء اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع، ولاَ مفرط ثم أتى المدينة فخطب الناس فقال: يا أيها الناس قد فرضت لكم الفرائض وسنت لكم السنن وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا فلا يهلكن عن آية الرجم أن يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله تعالى فإنا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ورجمنا معه ولولا أن يقول الناس أحدث عمر في كتاب الله تعالى لأثبتها فإنا قرأناها {الشيخ والشيخة فارجموهما} فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رضي الله عنه.

(1/324)


365- قال حدثنا الخليل بن أحمد أخبرنا أبو الليث الفرائضي نصر بن القاسم حدثنا عبد الله بن عمر حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون حدثني رجل من أهل الكوفة عن جده أبي الديال قال: كان ابن عباس رضي الله عنه يغمز قدمي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقرأ ابن عباس رضي الله عنه {لو أن لابن آدم واديين مالا لابتغى واديا ثالثا فلا يملأ بطن [ص:325] ابن آدم إلا التراب} فقال عمر رضي الله عنه: ما هذا؟ قال: أقرأنيه أبي بن كعب رضي الله عنه فقال: أبو المنذر؟ قال: نعم، قال: فدخل عمر رضي الله عنه ومعه ابن عباس رضي الله عنه وكان أبي شاكيا فقال عمر رضي الله عنه: كيف أنت ياأبا المنذر؟ كيف أنت أصلحك الله؟ ثم قال عمر: شيء أقرأنيه ابن أخيك عنك فقال أبي: ما هذا ألا تكذبوا علي قال: فقرأ ابن عباس رضي الله عنه {لو أن لابن آدم واديين مالا لابتغى واديا ثالثا فلا يملأ بطن ابن أدم إلا التراب} فقال أبي: كنا نقرأها فقال عمر: فما تأمر؟ قال: لا آمرك، ولاَ أنهاك.

(1/324)


366- قال حدثنا الخليل بن أحمد أخبرنا أبو الليث الفرائضي حدثنا عبد الله بن عمر القواريري حدثنا سلم بن قتيبة الشعيري حدثنا شعبة عن عاصم بن بهدلة عن زر – يعني ابن حبيش –، عَن أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أمرني أقرأ عليك القرآن قال: فقرأ علي {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة. رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة. فيها كتب قيمة. وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة} إن ذات الدين عند الله الحنيفية غير المشرك، ولاَ المشركة، ولاَ اليهودية، ولاَ النصرانية، وَمن يفعل خيرا فلن يكفره.
قال شعبة: ثم قرأ آيات بعدها ثم قرأ {لو أن لابن آدم واديين مالا لسأل واديا ثالثا، ولاَ يملأ جوف ابن آدم إلا التراب} قال: ثم ختمها ما بقي منها.

(1/325)


باب ما جاء أن القرآن أنزل على ثلاثة أحرف
367- قال حدثنا أبو العباس جعفر بن محمد المكي حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبيد الله حدثنا أحمد بن جعفر الحلواني حدثنا عفان عن حماد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نزل القرآن على ثلاثة أحرف.
تم الجزء السادس من كتاب فضائل القرآن ويتلوه في الجزء السابع باب ما جاء أن القرآن أنزل على خمسة أحرف.
كاتبه: أبوبكر ابن محمد البزدوي

(1/326)