كشف المعانى فى المتشابه من المثانى

سورة آل عمران
68 - مسألة:
قوله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ) ، وقال: (وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) ؟ .
وجوابه:
أن القرآن نزل منجما مرة بعد مرة فحسن التضعيف، والتوراة

(1/123)


والإنجيل نزلا دفعة واحدة فحسن التخفيف لعدم التكرار.
فإن قيل: قد قال بعده: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ) ؟.
جوابه:
أمام الفرقان فقيل: هو نصره على أعدائه.
وقيل: هو القرآن، فعلى هذا: لما قال: (وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ)
حسن وأنزل الفرقان وأنزل عليك الكتاب: أي كما أنزل
التوراة على موسى والإنجيل على عيسى أنزل عليك القرآن
والكتاب.
ولأن التلون في اللفظ مع قرب العهد أحسن من إعادته بلفظه
وإن اتحد قصده.
69 - مسألة:
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) . وفى آخر السورة (إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)
جوابه:
أن الأول: خبر من الله تعالى بتحقيق البعث والقيامة.
والثاني: في سياق السؤال والجزاء، فكان الخطاب فيه أدعى إلى الحصول.

(1/124)


70 - مسألة:
قوله تعالى: (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) .
قال هنا: (كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا) إلى قوله: (وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) وفى أول الأنفال: (كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ) الأية. وفي الثانية (كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ) الآية
أما الكاف هنا: فترجع إلى قوله: (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ) الآية.
كلمْ تغني عن آل فرعون من العذاب.
أو معناه: دأبهم كدأب آل فرعون.
وفى الأنفال يتعلق بقوله تعالى: (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ) كدأب آل فرعون.
والثانية فيها تعلق. بقوله: (حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) كدأب آل فرعون، والله تعالى أعلم.
وأما قوله تعالى: (بِآيَاتِنَا ... وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) لتجانس ما تقدم. قيل: وهو قوله: (إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ) ثم قال: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) جاء بالظاهر بعد المضمر.

(1/125)


وأما آية الأنفال الأولى: فلتناسب ما تقدمها من إبراز الظاهر
في قوله: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)
فقال: (كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ) الآية.
وأما الثانية: فجاءت بعد قوله تعالى: (لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ) الآية.
أي: كذبوا بآيات من ربهم بنعمه عليهم التي لا تحصى.
فلما ذكر نعمه التي رموا بها ناسب قوله: (بِآيَاتِ رَبِّهِمْ)
المنعم عليهم.
وكرر ذلك في الأنفال مع قرب العهد: للتنبيه على عقاب
الآخرة في الآية الأولى، وعلى عقاب الدنيا في الآية الثانية.
71 - مسألة:
قوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ) الآية.
ما فائدة تكرير لفظ التوحيد؟ .
أن الأول: منشهود به، والثاني: حكم بما تمت به الشهادة.

(1/126)


فالأول: بمنزلة قيام البينة، والثانية: بمنزلة الحكم بذلك.
72 - مسألة:
قوله تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) .
ما فائدة تكراره؟ .
جوابه:
أن الأول في سياق الوعيد لقوله: (فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) .
والثاني: في سياق حذر التفويخا للخبر، ولذلك خصه بقوله:
(وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) .
73 مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا) ثم قال:
(وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) ؟ .
جوابه:
أن الأولين: جميع الأنبياء والرسل من نسلهم.
وآل إبراهيم: إما نفسه، أو من تبع ملته.
وآل عمران: موسى وهارون، ولم يكن عمران نبياً.
74 - مسألة:
قوله تعالى: (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ)

(1/127)


وفى مريم: قدم ذكر المرأة؟ .
جوابه:
لتناسب رؤوس الآية في مريم بقوله: عتيا، وعشيا، وجنيا. وأيضا: لما قدمه بقوله: (وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) وَ (كَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا) أخره ثانياً تفننا في الفصاحة.
75 - مسألة:
قوله تعالى: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ) وفي مريم، (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ) ؟ .
جوابه:
لتقدم قوله في مريم (لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا)
76 - مسألة:
قوله تعالى: (فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ) .
وفى المائدة: (فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي) ذكرها

(1/128)


وأنث في المائدة (؟) ؟ .
جوابه:
أن آية آل عمران من كلام المسيح عليه السلام في ابتداء
تحديه بالمعجزة المذكورة ولم تكن صورة بعد فحسن التذكير
والإفراد.
وأية المائدة من كلام الله تعالى له يوم القيامة معددا نعمه
عليه بعد ما مضت وكان قد اتفق ذلك منه مرات، فحسن
التأنيث لجماعة ما صوره من ذلك ونفخ فيه.
77 مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) ، وكذلك في مريم. وفى الزخرف: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) بزيادة (هو) ؟ .
جوابه:
أن آية آل عمران ومريم تقدم من الآيات الدالة على توحيد الرب تعالى وقدرته وعبودية المسيح له ما أغنى عن التأكيد.
وفى الزخرف: لم يتقدم مثل ذلك، فناسب توكيد انفراده بالربوبية وحده.

(1/129)


78 - مسألة:
قوله تعالى: (آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)
وفى المائدة: (وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) ؟ .
جوابه:
أن آية المائدة في خطاب الله تعالى لهم أولا، وفى سياق تعدد
نعمه عليهم أولا، فناسب سياقه تأكيد انقيادهم إليه أولا عند إيحائه إليهم.
وآية آل عمران في خطابهم المسيح لا في سياق تعدد النعم
فاكتفى ثانيا بـ (أنَّا) لحصول المقصود.
79 - مسألة:
قوله تعالى: (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) .
ومثله في النحل: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الآية.
وفى لقمان: (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ،
وفيها: (إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا) الآية.

(1/130)


جوابه:
لما تقدم في السورتين ذكر الاختلاف ناسب ذكر الحكم.
بخلاف سورة لقمان لأنها عامة في الأعمال.
80 - مسألة:
قوله تعالى: (فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) .
وفى البقرة: (فَلَا تَكُنْ) ؟ .
جوابه:
أن آية البقرة تقدمها (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) فناسب:
ولا تكونن، ولم يتقدم هنا ما يقتضيه.
81 - مسألة:
قوله تعالى: (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا) .
وفى الأعراف: (مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا) بزيادة (به وبالواو) ؟ .
جوابه:
أن (تَصُدُّونَ) هنا: حال، وإذا كان الفعل حالا لم يدخله
الواو.

(1/131)


وفى الأعراف جملة معطوفة على جملة كأنه قال: توعدون،
وتصدون، وتبغون.
82 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) .
وفى الأنفال: (إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) ؟ .
جوابه:
أن آية آل عمران ختم فيها الجملة الأولى بجار ومجرور وهو
قوله (لكم) فختمت الجملة التي تليها بمثله وهو قوله (به)
لتناسب الجملتين.
وآية الأنفال: خلت الأولى عن ذلك فرجع إلى الأصل وهو
إيلاء الفعل لفعله، وتأخير الجار الذي هو مفعول.
وجواب آخر:
- وهو أنه لما تقدم في سورة الأنفال: (لكم) في قوله: (فَاسْتَجَابَ لَكُمْ) علم أن البشرى لهم، فأغنى الأول عن
ثان، ولم يتقدم في آل عمران مثله وأما (به) فلأن المفعول
قد تقدم على الفاعل لغرض صحيح من اعتناء، أو اهتمام، أو حاجة إليه في سياق الكلام، فقدم (به) هنا اهتماما، وجاء في آل عمران على الأصل.
وجواب آخر:
وهو التفنن في الكلام.

(1/132)


83 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)
معرفا.
وفى الأنفال: (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) منونا.
جوابه:
أن آية الأنفال نزلت في قتال بدر أولا، وآية آل عمران نزلت في وقعة أحد وثانيا.
فبين أولا: أن النصر من عنده لا بغيره من كثرة عَددٍٍ أو عُددٍ،
ولذلك علله بعزته وقدرته وحكمته المقتضية لنصر من يستحق نصره.
وأحال في الثانية على الأولى بالتعريف، كأنه قيل: إنما النصر
من عند الله العزيز الحكيم الذي تقدم إعلامكم أن النصر من
عنده، فناسب التعرف بعد التنكير.
، 8 - مسألة:
قوله تعالى (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) . وفى العنكبوت: (نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) بغير واو فى (نِعْمَ)

(1/133)


جوابه:
لما تقدم عطف الأوصاف المتقدمة وهى قوله (وَالْكَاظِمِينَ، وَالْعَافِينَ، وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا، وَلَمْ يُصِرُّوا، جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ، وَجَنَّاتٌ، وخلود)
ناسب ذلك العطف بالواو المؤذنة بالتعدد والتفخيم.
ولم يتقدم مثله في العنكبوت فجاءت بغير واو، كأنه تمام
الجملة.
85 - مسألة:
قوله تعالى: (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) .
وفى فاطر: (بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) بالباء في الثلاثة؟
جوابه:
أن آية آل عمران سياقها الاختصار والتخفيف بدليل حذف الفاعل في "كذب " وورود الشرط ماضيا وأصله المستقبل، فحذف الجار تخفيفا لمناسبة ما تقدم.

(1/134)


وأية فاطر سياقها البسط بدليل فعل المضارع في الشرط،
وإظهار فاعل التكذيب، وفاعل ومفعول (جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) ، فناسب البسط ذكر الجار في الثلاثة.
86 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ)
وفى يونس: (إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ) .
قدم هنا خلق السموات، وأخر عنه في يونس؟ .
جوابه:
لما قال هنا (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أتبعه بخلقها،
ثم ب: (اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) .
وفى يونس لما قال: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا) إلى قوله: (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) ،
وإنما ذلك باختلافهما: ناسب ذلك اتباعه بذكر اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
87 - مسألة:
قوله تعالى هنا: (ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ) بثم.

(1/135)


وفى غيره: ((وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ)) بالواو؟ .
جوابه:
لما تقدم قوله تعالى: تقلبهم فى البلاد و (مَتَاعٌ قَلِيلٌ) والمراد في الدنيا، وجهنم إنما هي في الآخرة، فناسب: (ثم التي للتراخي.
وأية الوعد: عطف جهنم على (سوء الحساب) وهما جميعا في الآخرة، فناسب العطف بالواو.
سورة النساء
88 - مسألة:
قوله تعالى: ؤخفق منها (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) ؟ .
وفى الأعراف (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا)
جوابه:
أن آية النساء في آدم وحواء عليهما السلام لأنها خلقت منه، وآية الأعراف، قيل: في قصي، أو غيره من المشركين ولم تخلق زوجته منه، فقال: (وَجَعَلَ) ، لأن الجعل لا يلزم منه الخلق، فمعناه: جعل من جنسها زوجها.

(1/136)


89 - مسألة:
قوله تعالى: (مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ) . وفى المائدة: (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) ؟ .
جوابه:
أن آية النساء في نكاح الإماء، وكان كثير منهن
مسافحات فناسب جمع المؤنث بالإحصان.
وأية المائدة في من يحل للرجال من النساء فناسب وصف
الرجال بالإحصان، ولأنه تقدم ذكر النساء بالإحصان، فذكر
إحصان الرجال أيضا تسوية بينهما، لأنه مطلوب فيهما.
90 - مسألة:
قوله تعالى: (وبذى القربى) وفى البقرة: (وبذى القربى) .
بغير باء في فيه (وبذى القربى)
جوابه:
أن آية البقرة حكاية عما مضى من أخذ ميثاق بنى إسرائيل وآية النساء من أوله إلى هنا في ذكر الأقارب وأحكامهم في المواريث والوصايا والصلات، وهو مطلوب، فناسب التوكيد بالباء.

(1/137)


91 - مسألة:
قوله تعالى: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) الآية.
وقال في المائدة: (وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) ؟ .
جوابه:
لما تقدم في المائدة تفصيل الوضوء وتفصيل واجباته ناسب
ذكر واجبات التيمم بقوله: (مِنْهُ) ، وأن إيصال بعضه
بالبدن شرط.
وأية النساء جاءت تبعا للنهى عن قربان الصلاة مع شغل
الذهن، فناسب حذفه.
92 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) وقال في الآية الثانية: (فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) ؟ .
جوابه:
أن الآية الأولى نزلت في اليهود، ونخريفهم الكلم افتراء على الله، وقولهم: (عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ) - فناسب ختم الآية بذكر الافتراء العظيم.

(1/138)


والآية الثانية تقدمها قوله تعالى (وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) ، فناسب ختمها بذلك، ولأنها في العرب وعباد
الأصنام بغير كتاب، وبعد ذكر طعمة ابن وبيرق
وارتداده، فهم في ضلال عن الحق بعيد، والكتب المنزلة.
93 - مسألة:
قوله تعالى: (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) وقال تعالي في التغابن: (فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)

(1/139)


قدم هنا المؤمن، وأخره ثمة.
جوابه:
أنه لما سمى إبراهيم وآله ناسب تقديم (مؤمن) بخلاف
آية التغابن لعموم اللفظ فيه.
94 - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا) .
قال في الأولى: (وَإِنْ تُحْسِنُوا)
وفى الثانية: (وَإِنْ تُصْلِحُوا)
وختم الأولى: (بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)
وختم الثانية بقوله: (غَفُورًا) ؟ .
جوابه:
- أما الأول: فالمراد به أن يتصالحا على مال تبذله المرأة من مهر أو غيره ليطلقها، فإنه خير من دوام العشرة بالنشوز والإعراض، ثم عذر النساء بقوله تعالى: (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) ثم قال (وإن تحسنوا معاشرتهن

(1/140)


بترك النشوز والإعراض فإنه خبير بذلك فيجازيكم عليه.
وعن الثاني: أن العدل بين النساء عزيز ولو حرصتم لأن الميل إلى بعضهن يتعلق بالقلب وهو غير مملوك للإنسان، وإذا كان كذلك فلا تميلوا كل الميل فتصير المرأة كالمعلقة التي لا مزوجة ولا مطلقة، ثم قال: (وَإِنْ تُصْلِحُوا) معاشرتهن بقدر الإمكان، وتقوموا بحقوقهن المقدور عليها، فإن الله تعالى يتجاوز عما لا تملكونه من الميل بمغفرته ورحمته.
95 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ... وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا) .
(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) . ما فائدة تكرار ذلك عن قرب.
جوابه:
أن التكرار إذا كان لاقتضائه معاني مختلفة فهو حسن، وهذا كذلك، لأن الأولى بعد قوله تعالى: (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) لأن له ما في السموات وما في الأرض فهو قادر على ذلك، ولذلك ختم لقوله تعالى: (وَاسِعًا حَكِيمًا) . والثانية: بعد أمره بالتقوى، فبين أن له ما في السموات وما

(1/141)


فى الأرض، فهو أهل أن يتقى، ولذلك قال تعالى: (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) .
96 - مسألة:
قههاء تعالى: (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) ؟ . وفى المائدة: (قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ) ؟ .
جوابه:
أن الآية هنا تقدمها نشوز الرجال وإعراضهم عن النساء والصلح على مال، وإصلاح حال الزوجين، والإحسان إليهن، وقوله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ) ، وقوله تعالي: (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ) ، وشبه ذلك، فناسب تقديم القسط وهو العدل أي: كونوا قوامين بالعدل بين الأزواج وغيرهن، واشهدوا لله لا لمراعاة نفس أو قرابة. وأية المائدة: جاءت بعد أحكام تتعلق بالدين، والوفاء بالعهود والمواثيق لقوله تعالى في أول السورة: (أوفوا بالعقود) إلى آخره، وقوله تعالى قبل هذه الآية: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ) الآية.
ولما تضمنته الآيات قبلها من أمر ونهى، فناسب تقديم: (لله) أي: كونوا قوامين بما أمرتم أو نهيتم لله،

(1/142)


لماذا شهدتم فاشهدوا بالعدل لا بالهوى.
97 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ) وفى الأحزاب: (إِنْ تُبْدُوا شَيئاً أَوْ تُخْفُوهُ) ؟ .
جوابه:
أن ذكر الخير هنا لمقابلة ذكر السوء في قوله تعالى: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) عند الجهر به إلا من المظلوم بدعاء أو استنصار، ثم نبه على ترك الجهر من المظلوم إما بعدم المؤاخذة أو العفو.
وأية الأحزاب في سياق علم الله تعالى بما في القلوب لتقدم
قوله تعلى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ) ، ولذلك قال:
(شيئا) لأنه أعم من الخاصة.
والمراد: إن تبدو في أمر نساء النبى - صلى الله عليه وسلم - شيئا أو تخفوه تخويفا لهم.
98 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ) الآية.

(1/143)


وفى الأنعام: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ) الآيات.
رتبهم هنا غير ترتيبهم في الأنعام؟
جوابه:
أن آية النساء نزلت ردا إلى قوله تعالى: (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا) ، وهذا على قول المشركين حتى (تنزل علينا كتابا نقرؤه) فبين هنا أنه ليس كل الأنبياء أنزل عليهم كتابا، بل بعضهم بوحي، وبعضهم بكتب، وبعضهم بصحف، فقدم نوحا لعدم كتاب نزل عليه مع نبوته، وأجمل النبيون من بعده، ثم فصلهم: فقدم إبراهيم لإنزال صحفه، وتلاه بمن لا كتاب له، ثم قدم عيسى للإنجيل، ثم تلاه بمن لا كتاب له، وهم: أيوب ومن بعده، ثم قدم داود وزبوره، وتلاه بمن كتاب له ممن قصهم أو لم يقصهم، ثم ذكر موسى لبيان أن تشريفه للأنبياء ليس بالكتب ولذلك خص بعضهم بما شاء من أنواع الكرامات إما بتكليم أو إسراء، أو إنزال كتاب، أو صحيفة، أو وحي على ما يشاء، فناسب هذا الترتيب ما تقدم.
أما آيات الأنعام: فساقها في سياق نعمه على إبراهيم ومن ذكره من ذريته ففرق بين كل اثنين منم بما اتفق لهما من

(1/144)


وصف خاص بهما: فداود وسليمان بالملك والنبوة، وأيوب ويوسف بنجاتهم من الابتلاء: ذاك بالمرض وهذا بالسجن، وموسى وهارون بالأخوة والنبوة، وزكريا ويحيى بالشهادة، وعيسى وإلياس بالسياحة، وإسماعيل واليسع بصدق الوعد، ويونس ولوط بخروج كل واحد منهما من قرية من بعث إليه، ونجاة يونس من الحوت، ولوط من هلاك قومه، والله أعلم.
سورة المائدة
99 - مسألة:
قوله تعالى: (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) :
تقدم قريبا في النساء
100 - مسألة:
قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) .

(1/145)


وقال في الفتح: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)
وقال هنا: (لَهُمْ) وفى الفتح: (مِنْهُمْ) .
جوابه:
أن آية المائدة عامة غير مخصوصة بقوم بأعيانهم، وأية الفتح
خاصة بأصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - وكان من جملة من صحبه
منافقون فقال (مِنْهُمْ) وتمييزا وتفضيلا ونصا عليهم بعد ما
ذكر من جميل صفاته.
وأيضا: آية المائدة بعد ما قدم خطاب المؤمنين مطلقا
بأحكام، فكأنه قال: من عمل بما ذكرناه له مغفرة وأجر عظيم، فهوعام غيرخاص بمعينين.
101 - مسألة:
قوله تعالى: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) .
وقال بعد ذلك: (مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ) ؟ .
جوابه:
أن الأولى هنا وأية النساء ربما أريد بها التحريف الأول عند نزول التوراة ونحو تحريفهم في قولهم موضع (حطة) :

(1/146)


حنطة، وشبه ذلك. فجاءت (عن) لذلك.
والآية الثانية: تحريفهم في زمن النبى - صلى الله عليه وسلم -، وتغييرهم عن المقول لهم في التوراة بغير معناه كأنه قال من بعد ما عملوا به واعتقدوه وتدينوا به كآية الرجم ونحوها، فـ (عن) لما قرب من الأمر، و (بعد) لما بعد.
102 - مسألة:
قوله تعالى: (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ)
وقال في الفتح: (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) بزيادة (لكم)
جوابه:
أن هذه الآية عامة في المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا،
- فليس هنا مخاطب خاص.
- آية الفتح في قوم مخصوصين وهم الأعراب الذين تخلفوا
عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمرة الحديبية، فصرح لذلك بقوله: (لكم) .
103 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ)

(1/147)


وبعده: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) .
ما فائدة تكراره مع قوبه؟
جوابه:
أن لكل آية منها فائدة:
أما الأولى: فرد على قولهم في المسيح أنه الإله، فبين أن
الألوهية لمن له ملك السموات والأرض وليس للمسيح ذلك،
فكيف يكون إلها والله خالقه، والقادر على إهلاكه وأمه.
وأما الآية الثانية: فرد على قولهم: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فهو توكيد لقوله: (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) لأنهم خلقه وملكه، ولذلك قال: (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)
فيجازى كلا على عمله إما بمغفرة ورحمة أو بعذاب ولو كنتم كما تقولون لما عذبكم لأن المحب لا يعذب محبوبه.
104 - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) وفى إبراهيم: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا) بغير نداء؟ .

(1/148)


جوابه:
أن الخطاب بحرف النداء واسم المنادى أبلغ وأخص في
التنبيه على المقصود، وفيه دليل على الاعتناء بالمنادى،
وتخصيصه بما يريد أن يقوله له.
فلما كانت آية المائدة في ذكر أشرف العطايا من النبوة والملك وإيتاء ما لم يؤت أحدا من العالمين وهو المن والسلوى وهم ملتبسين به حالة النداء حق لها وناسب مزيد الاعتناء بالنداء، وتخصيص المنادى، ولذلك أيضا قال: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) لأن ذلك من أعظم النعم عليهم، فناسب التخصيص بذكر المنادى.
ولما كانت آية إبراهيم بذكر ما أنجاهم الله تعالى منه من قبل
فرعون وكان ذلك مما مضى زمانه لم يأت فيه بمزيد الاعتناء
كما تقدم في المائدة
105 - مسألة:
قوله تعالى: (أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) كيف يبوء
بإثمه وقد قال: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ؟ .
جوابه:
بإثم قتلى، وإثم معاصيك فى نفسك.
106 - مسألة:
قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) الآية.

(1/149)


وقال في النور: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا) .
قدم الرجال في المائدة وأخرهم في النور؟
جوابه:
أن قوة الرجال وجرأتهم على إقدامهم على السرقة أشد، فقدموا فيها. وشهوة النساء وابتداء الزنا من المرأة لتزينها وتمكينها حتى يقع الرجل بها يناسب تقديم النساء في سياق
الزنا.
لا، 1 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) وختم الأخرى: بقوله تعالى: (فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) . وفى الثالثة: (فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) .
جوابه:
أن المراد بالثلاثة: اليهود، وهم كافرون.
وزادهم في الثانية: الظلم، لعدم إعطائهم القصاص لصاحبه،
وفى الثالثة: الفسق، لتحديهم حكم الله تعالى.
وأن المراد بالثالثة: أن من ترك حكم الله تعالى عمدا مع
اعتقاد الإيمان وأحكامه فهو فاسق.
108 - مسألة:
قوله تعالى: (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) وجميع

(1/150)


الأنبياء مسلمون، ما فائدة الصفة وهي معلومة؟
جوابه:
الرد على الذين قالوا: إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق
ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى فأكذبهم بقوله:
(الَّذِينَ أَسْلَمُوا) .
109 - مسألة:
قوله تعالى: (مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا)
قدم الضر على النفع هنا، وفى مواضع أخر قدم النفع على الضر كما في سورة الأنعام والأنبياء؟ .
جوابه:
أن دفع الضر أهم من جلب النفع وإن كانا مقصودين ولأنه
يتضمنه أيضا فإذا تقدم سياق الملك والقدرة كان ذكر دفع
الضر أهم، وإذا كان السياق في الدعاء والعبادة والسؤال كان ذكر النفع أولى وأهم، لأنه المقصود غالبا بالسؤال، ولذلك قال في الحج: (يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) أي يدعوه لنفع لمن ضره أقرب من نفعه المطلوب بالدعاء.
110 - مسألة:
قوله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا)

(1/151)


وقال تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) الآية. وقوله تعالى: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)
والأنبياء أولى بذلك منا، فكيف الجمع بين الموضعين؟ .
جوابه:
أن المنفى علم ما أظهروه مع ما أبطنوه: معناه لا نعلم حقيقة
جوابهم باطنا وظاهرا، بل أنا المتفرد بعلم ذلك إلا ما علمتنا،
ولذلك قالوا: (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) إنما نعلم ظاهر
جوابهم، أما باطنه فأنت أعلم به.
جواب آخر:
أن معناه أن جوابهم لما كان فى حال حياتنا ولا علم لنا بما كان منهم بعد موتنا لأن الأمور محالة على خواتيمها.
111 ـ مسألة:
قوله تعالى في آخر السورة: (خالدين فيها أبدا)

(1/152)


وقال في آخر المجادلة (1) ؟ .: (خَالِدِينَ فِيهَا ... أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ)
جوابه:
أنه لما تقدم وصفهم بالصدق، ونفعه إياهم يوم القيامة بالخلود في الجنة أكده بقوله: (أبدا) ولذلك أكده بقوله: (أبدا) ، ولذلك أكده بقوله: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)
(1)