كشف المعانى فى المتشابه من المثانى سورة الأنعام
112 - مسألة:
قوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ
الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) فرق بين (خلق) و (جعل) ؟ .
جوابه:
أن السموات والأرض أجرام، فناسب فيهما: (خلق) والظلمات والنور
أعراض ومعان فناسب فيهما: (جعل)
__________
(1) هكذا فى الأصل، ولعل الصواب: ولما تقدم فى المجادلة كتب
الإيمان فى قلوبهم وتأييدهم بروح منه، أكده بقوله (رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) . والله أعلم.
(1/153)
ومثله كثير كقوله تعالى: (فَلَا تَجْعَلُوا
لِلَّهِ أَنْدَادًا) أي لا تصفوا، (وَجَعَلُوا لِلَّهِ
شُرَكَاءَ)
وهو كثير.
113 - مسألة:
قوله تعالى: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) . جمع الظلمات
وأفرد النور؟
جوابه:
أما من جعل الظلمات: الكفر، والنور: الإيمان، فظاهر لأن
أصناف الكفر كثيرة، والإيمان شىء واحد.
ومن قال: بأن المراد - حقيقتهما، فلأنه يقال: رجل نور،
ورجال نور، فيقال للواحد وللجماعة، وواحد الظلمات:
ظلمة، فجمعت جمع التأنيث. ولأن حقيقة النور واحدة،
وحقائق الظلمات مختلفة.
114 ـ مسألة:
قوله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ) وفى الشعراء:
(قسيأتيهم) ؟ .
جوابه:
مع قصد التنويع في الفصاحة، فإن المراد بآية الأنعام
(1/154)
الدلالة على نبوة النبى - صلى الله عليه
وسلم - من الآيات والمعجزات.
والمراد بالحق القرآن، ولكن لم يصرح به، وفى الشعراء صرح
بالقرآن بقوله: (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ
الرَّحْمَنِ) فعلم أن المراد بالحق: القرآن، فناسب:
(فسيأتيهم) تعظيما لشأن القرآن، لأن السين أقرب من
سوف.
115 - مسألة:
قوله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا) وفى الشعراء:
(أَوَلَمْ يَرَوْا) بالواو، وفى سبأ بالفاء) ؟ .
جوابه:
أنه إن كان السياق يقتضي النظر والاستدلال جاء بغير واو، وهنا
كذلك لمن يعتبر الآيات قبله.
وإن كان يقتضي الاعتبار بالحاضر والمشاهدة جاء بالواو أو
الفاء، لتدل الهمزة على الإنكار، والواو على
عطفه على الجمل قبله كقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا
خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) - ص 54 - الآية. (أَفَلَمْ
يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)
(1/155)
116 - مسألة:
قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) .
وفى موضع آخر: بالفاء.
وقال هنا: (عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ* وفى النمل (عَاقِبَةُ
الْمُجرمين) .
جوابه:
أن آية الأنعام ظاهرة في الأمر بالسير في بلاد المهلكين فناسب
ثم المرتبة على السير المأمور به.
وفى المواضع الأخر: الأمر بالنظر بعد السير المتقدم كقوله
تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) فناسب أن يأتي
بالفاء كأنه قيل: قد ساروا فلينظروا، أو قد ساروا فنظروا عند
سيرهم.
ولما تقدم هنا قوله تعالى: (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ) ناسب
قوله:
(عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) ولم يتقدم مثله في النمل.
117 - مسألة:
قوله تعالى: (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) ثم أعادها بعد؟
.
(1/156)
جوابه:
أن الأول: للمشركين، والثانية: لأهل الكتاب ليعم الفريقين.
118 - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ) . وفى يونس: (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا
رَادَّ لِفَضْلِهِ) ؟ .
قال هنا: (يَمْسَسْكَ) ، وفى يونس: (يُرِدْكَ) ؟ .
وقال هنا: (فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وفى يونس:
(فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ) ؟ "
جوابه:
مع قصد التنويع، أن الضر إذا وقع لا يكشفه إلا الله تعالى
فاستوى فيه الموضعان، وأما الخير فقد يراد قبل نيله بزمن، إما
من الله تعالى -، ثم ينيله بعد ذلك، أو من غيره، فهي حالتان:
حالة: إرادته قبل نيله، وحالة: نيله، فذكر الحالتين في
السورتين.
فآية الأنعام: حالة نيله، فعبر عنه بالمس المشعر بوجوده، ثم
قال: (فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي على ذلك، وعلى
خيرات بعده، وفيه بشارة بنيل، أمثاله.
وآية يونس: حالة إرادة الخير قبل نيله، فقال: (يُرِدْكَ)
(1/157)
ثم قال: (فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ) أي إذا
أراده قبل نيله، ولذلك
قال: (يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) ففي الآيتين
بشارة
له بإرادة الخير ونيله إياه، وأمثاله بالواو فيها.
119- مسألة:
قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ
كَذِبًا،
وختمها (بالظالمين) .
وفى يونس: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ
كَذِبًا) بالفاء، وختمها (بالمجرمين) ؟ .
جوابه:
أن آية الأنعام ليس ما قبلها سببا لما بعدها فجاءت بالواو
المؤذنة بالاستئناف.
وأية يونس: ما قبلها سبب لما بعدها، فجاءت بالفاء المؤذنة
بالسببية من إشراكهم سببا في أظلميتم ولبثه فيهم عمرا من قبله
وعلمهم بحاله سبب لكونهم أظلم كأنه قيل: إذا صح عندكم أنه صدق
فمن أظلم ممن افترى.
وختم هذه "بالظالمين " لتقدم قوله: (فمن أظلم) ، وختم
تلك " بالمجرمين " لقوله: قبل ذلك (كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ
الْمُجْرِمِينَ)
(1/158)
120 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) وفى يونس:
(يَسْتَمِعُونَ) ، (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ) ؟ .
جوابه:
أن آية الأنعام في أبى جهل، والنضر، وأبى، لما استمعوا
قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الاستهزاء، فقال
النضر:
(أساطير الأولين) ، فلما قل عددهم أفرد الضمير
مناسبة للمضمرين.
وأية يونس: عامة لتقدم الآيات الدالة على ذلك كقوله
تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا
يُؤْمِنُ بِهِ)
فناسب ذلك ضمير الجمع، وأفرد من ينظر لأن المراد نظر
المستهزئين، فأفرد الضمير.
أو أنه لما تقدم ضمير الجمع أفرد الثاني تفننا، واكتفى بالأول،
أو تخفيفا مع حصول المقصود.
121 - مسألة:
قوله تعالى: (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا
الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)
(1/159)
وفيما سواها: (نَمُوتُ وَنَحْيَا) ؟ .
جوابه:
أن (قالوا هنا عطف على قوله تعالى: (لعادوا)
أي: لعادوا وقالوا: وفى غيرها حكاية عن قولهم في الحياة
الدنيا.
122 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ
وَلَهْوٌ) .
وكذلك في الحديد وغيرها.
وقدم في الأعراف والعنكبوت: " اللهو" على" اللعب "؟ .
جوابه:
في الأعراف.
123 - مسألة:
قوله تعالى: (فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ) .
(1/160)
وفى آخر السورة: (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ
رَبُّكُمْ) الآية؟
جوابه:
أنهم لا يكذبونك في الباطن، لأنك عندهم معروف بالأمين،
وإنما يكذبونك في الظاهر ليصدوا عنك.
124 - مسألة:
قوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ
اللَّهِ)
وكذلك في الآية الثالثة) .
وفى الثانية: (أَرَأَيْتُمْ) على العادة فيه.
جمع فيهما بين علامتي الخطاب، وهما تاء الضمير وكاف
الخطاب؟
جوابه:
أنه لما كان المتوعد به شديدا أكد في التنبيه عليه بالجمع
بينهما مبالغة في الوعد.
125 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) .
وفى هود: حذف (لكم) ؟ .
جوابه:
أن آية هود تقدمها (لكم) مرات عدة، فاكتفى به
(1/161)
تخفيفا. ولم يتقدم هنا سوى مرة واحدة.
126 - مسألة:
قوله تعالى: (قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا
يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا)
وكذلك في سورة الأنبياء: (مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا
يَضُرُّكُمْ) قدم النفع على الضر. وفى الحج والفرقان وغيرهما:
قدم الضر على النفع؟ .
جوابه:
أن دفع الضر أهم من جلب النفع، فلما تقدم ذكر نفى الملك
والقدرة عنهم كان تقديم ذكر دفع الضر، وانتفاء القدرة عليه
أهم.
ولما كان سياق غير ذلك في العبادة والدعاء والمقصود بهما
غالبا طلب النفع وجلبه كان تقديم النفع أهم، ولذلك قال في
الحج: (يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ)
المقصود
بالدعاء.
127 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) .
(1/162)
وفى يوسف: (ذِكْرُ لِّلْعَالَمِينَ) مذكرا
منونا؟ .
جوابه:
أنه تقدم في هذه السورة: (فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى)
فناسب: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) .
928 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ) .
وفى سائر المواضع: (وَيُخْرِجُ) بالياء؟ .
جوابه:
أن: يخرج الحي من الموت مناسب في المعنى لفالق الحب
والنوى عن الخارج عنهما فجئ بالياء كالشرح له، ثم عطف
(مُخْرِجُ) على (فالق) لأن عطف الاسمية على الاسمية
أنسب وأفصح، ولما فيه من المقابلة للجملة المتقدمة. وسائر
المواضع بالياء: لأن الجملة قبلها فعلية، فعطف عليها بفعلية.
9 - 92 - - مسألة:
قوله تعالى: (قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)
وبعده: (لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) وبعده: (يُؤْمِنُونَ)
(1/163)
ما وجه اختصاص كل آية بخاتمتها؟
جوابه:
أن حساب الشمس والقمر والنجوم والاهتداء بها يختص
بالعلماء بذلك فناسب ختمه ب (يعلمون) .
وإنشاء الخلائق من نفس واحدة، ونقلهم من صلب إلى رحم، ثم إلى
الدنيا ثم إلى مستقر ومستودع، ثم إلي حياة وموت. والنظر في ذلك
والفكر فيه أدق فناسب ختمه ب
(يفقهون) أي: يفهمون، وهو اشتغال الذهن بما يتوصل
به إلى غيره، فيتوصل بالنظر في ذلك إلى صحة وقوع البعث
والنشور بثواب أو عقاب.
ولما ذكر ما أنعم به على عباده من سعة الأرزاق والأقوات
والثمار وأنواع ذلك ناسب ذلك ختمه بالإيمان الداعي إلى
شكره تعالى على نعمه.
130 - مسألة:
قوله تعالى: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وقال في سورة المؤمن: (خَالِقُ
كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) ؟ .
جوابه:
لما تقدم هنا: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ
وَخَلَقَهُمْ) فناسب تقديم كلمة التوحيد النافية للشرك رداً
(1/164)
عليهم، ثم ذكر الخلق.
ولما تقدم في المؤمن كونه خالقا بقوله تعالى: (لَخَلْقُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ)
ناسب تقديم كلمة الخلق ثم كلمة التوحيد.
939 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ) وقال بعده:
(وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا فَعَلُوهُ) ؟ .
جوابه:
لما تقدم في الأول: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ
عَدُوًّا) ،
الآية وهو تسلية له - صلى الله عليه وسلم - ناسب ذلك ولو شاء
ربك الحافظ لك ما فعلوه.
وأما الثانية: فتقدمها قوله: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا
ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا) .
فناسب ذلك: ولو شاء الله الذي جعلوا له ذلك ما فعلوه.
932 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ
سَبِيلِهِ)
وفى النحل وغيرها: (بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) ؟ ".
(1/165)
جوابه:
أن الأصل دخول الباء فيه لكن تقدم قوله تعالى: (اللَّهُ
أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) .
ولما تقدم هنا: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ
يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) وتأخر (وَإِنَّ كَثِيرًا
لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ناسب من يضل
عَنْ سَبِيلِهِ، وبقية الآيات
إخبار عمن سبق منه الضلال فناسب الفعل الماضى.
133 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى
بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ) . وقال في هود:
(مُصْلِحُونَ) ؟ .
جوابه:
أن آية الأنعام تقدمها قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ
مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ)
(1/166)
أي - يوقظونكم
بالآيات من غفلاتكم، لأن الإنذار الإيقاظ من الغفلات عن
المنذر به، فناسب قوله: (غَافِلُونَ)
وفى هود: تقدم (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ
قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي
الْأَرْضِ) ، فناسب الختم
بقوله: (مُصْلِحُونَ) ، لأن ذلك ضد الفساد المقابل له.
134 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) هنا وفى
الزمر. وفى قصة شعيب في هود: (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) بغير فاء؟ .
جوابه:
أن القول في آيتي الأنعام والزمر بأمر الله تعالى له بقوله:
قل) فناسب التوكيد في حصول الموعود به " (بفاء السببية.
وأية هود من قول "شعيب " فلم يؤكد ذلك.
(1/167)
135 - مسألة:
قوله تعالى: حكاية عن قولهم: (لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا
أَشْرَكْنَا) الآية.
وقال في النحل: (مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) ؟ .
جوابه:
أن لفظ الإشراك مؤذن بالشريك فلم يقل: (مِنْ دُونِهِ) .
بخلاف: (عَبَدْنَا) ليس مؤذنا بإشراك غيره فلذلك جاء:
(مِنْ دُونِهِ) وأما زيادة (نَحْنُ) فإنه لما حال بين الضمير
في (عَبَدْنَا) وبين ما عطف عليه حائل وهو قوله: (مِنْ
دُونِهِ) أكد بقوله: فيه (نَحْنُ) .
وها هنا لم يحل بين الضمير والمعطوف عليه حائل.
136 - مسألة:
قوله تعالى: (كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) .
وفى النحل: (كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)
جوابه:
لما تقدم قوله: (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو
رَحْمَةٍ)
(1/168)
ناسب كذلك كذب الذين من قبلهم
ولما تقدم في النحل: (مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ)
إلى
قوله: (وَلَا حَرَّمْنَا) قال: (كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ) .
137 - مسألة: -
قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ
نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ)
وفى " سبحان ": (خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ) الآية؟ .
جوابه:
أن قوله تعالى: (مِنْ إِمْلَاقٍ) وهو الفقر، خطاب المقلين
الفقراء، أي: لا تقتلوهم من فقر بكم، فحسن: (نَحْنُ
نَرْزُقُكُمْ) ما يزول به إملاقكم ثم قال: (وَإِيَّاهُمْ) أى
نرزقكم جميعا.
وقوله تعالى: (خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ) خطاب للأغنياء، أي خشية
إملاق يتجدد لهم بسببهم، فحسن: (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ
وَإِيَّاكُمْ) .
138 - مسألة:
قوله تعالى في آخر الوصية الأولى: (تَعْقِلُونَ) وفى آخر
الثانية: (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) .
(1/169)
وآخر الثالثة: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ؟
.
جوابه:
أن الوصايا الخمس إنما يحمل على تركها العقل الغالب على
الهوى، لأن الإشراك بالله لعدم استعمال العقل الدال على
توحيد الله وعظمته ونعمه على عبيده، وكذلك عقوق
الوالدين لايقتضيه العقل لسبق إحسانهما إلى الولد بكل
طريق، وكذلك قتل الأولاد بالوأد من الإملاق مع وجود
الرازق الكريم، وكذلك إتيان الفواحش لا يقتضيه عقل،
وكذلك قتل النفس لغيظ أو غضب في القاتل فحسن بعده:
(تَعْقِلُونَ) .
وأما الثانية: فلتعلقها بالحقوق المالية والقولية، أي: لعلكم
تذكرون في أنفسكم أن لو كان الأيتام أولادكم وكنتم أنتم
المقايضين لأنفسهم ما يكال أو يوزن، أو المشهود عليه، أو
المقر له، أو الموعود، أكنتم ترضونه لأنفسكنم؟ فما لا ترضونه
لأنفسكم لا ترضونه لغيركم.
وأما الثالثة: فلأن ترك اتباع الشرائع الدينية مؤد
إلى غضب الله تعالى وإلى جهنم لما فيه من معصية الله تعالى،
فحسن: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ذلك، أو تتقون عذاب الله
سبحانه بسببه.
139 - مسألة:
قوله تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ) .
(1/170)
وفى الأنبياء: (وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ
أَنْزَلْنَاهُ)
قدم الإنزال ههنا وأخره في الأنبياء؟ .
جوابه:
قدم الإنزال ههنا ردا على قول فنحاص بن عازوراء: (مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) فبدأ به اهتماما به،
ولأن الكتب سماوية فناسب البداءة بالإنزال.
وأية الأنبياء في الذكر، فجاءت على الأصل في تقديم الوصف
المفرد في النكرة على الجملة.
1، 0 - مسألة:
قوله تعالى: (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) .
وقال تعالى في البقرة: (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ
سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ) الآية.
جوابه:
أن آية الأنعام: لمطلق الحسنات، وآية البقرة خاصة في النفقة في
سبيل الله السالمة من المن والأذى، وقد تقدم في البقرة (6) .
فإن قيل: ففي البقرة: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ
قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ) الآية.
(1/171)
قلنا: وروده بعد قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ،
يدل على ما قدمناه أو المراد بهذه الآية العشر فما زاد.
141 - مسألة:
قوله تعالى: (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) .
وقال في يونس عن نوح: (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) .
وفى موسى: (أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) ؟ .
جوابه:
أن المراد أول الممسلمين من أهل مكة شرفها الله تعالى، لأنه
أول المسلمين منهم، ولم يكن نوح أول من أسلم في زمانه،
ومثله قول سحرة فرعون: (أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ)
يريد أولهم من قوم فرعون وآله.
وأما قول موسى (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) أراد أول
المصدقين
بامتناع الرؤية في الدنيا " ولم يرد الإيمان الذي هو: الدين.
142 - مسألة:
قوله تعالى: (خَلَائِفَ الْأَرْضِ) .
(1/172)
وفى فاطر: (فِي الْأَرْضِ) . يأتي فيها.
143 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ) . وفى
الأعراف:
(لَسَرِيعُ الْعِقَابِ) ؟ .
جوابه:
أنه لما تقدم ما يؤذن بالكرم والإحسان في قوله: (مَنْ جَاءَ
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) الآيات
ناسب ترك التوكيد في جانب العقاب.
وفى الأعراف: لما تقدم ما يؤذن بغضب الله وعذابه من
اتخاذهم العجل، وحل السبت، ناسب توكيد جانب العذاب
بدخول اللام.
سورة الأعراف
144 - مسألة:
ما سبب اختلاف الألفاظ وزيادة المعاني ونقصها في بعض
قصص آدم دون بعض، وكذلك في غير ذلك من القصص
كقصة موسى مع فرعون، ونوح وهود وصالح مع قومهم
وشبه ذلك؟ .
(1/173)
جوابه:
أما اختلاف الألفاظ فلأن المقصود المعاني لأن الألفاظ الدالة
عليها
أولا: لم تكن باللسان العربي، بل بألسنة المتخاطبين حالة وقوع
ذلك المعنى، فلما أديت تلك المعاني إلى هذه الأمة أديت بألفاظ
عربية تدل على معانيها مع اختلاف الألفاظ واتحاد المعنى، فلا
فرق بين " أبى" أن يكون مع الساجدين وبين " لم يكن مع الساجدين
" في دلالتها على معنى واحد وهو عدم السجود.
وكذلك لا فرق في المعنى بين "مالك لا تسجد" و" وما منعك أن
تسجد" لأن اللام صلة زائدة.
وأما زيادة المعاني ونقصها في بعض دون بعض فلأن المعاني
الواقعة في القصص فرقت في إيرادها، فيذكر بعضها في مكان وبعض
آخر في مكان آخر، ولذلك عدة فوائد ذكرتها في كتاب المقتص في
تكرارالقصص
145 - مسألة:
قوله تعالى: (أَنْظِرْنِي) .
وفى الحجر،: (فَأَنْظِرْنِي) بالفاء؟ .
(1/174)
جوابه:
أن آية الأعراف استئناف سؤال غير مسبب عما قبله، فلا
. وجه للفاء وكذلك: (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)
خبر مستأنف غير مسبب عما قبله، تقديره: إن أخرتني فأنظرني.
ولما جاء بفاء السببية هنا، ناسب: (فَإِنَّكَ مِنَ
الْمُنْظَرِينَ)
بالفاء.
146 - مسألة:
قوله تعالى: (اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا) قدم
اللهو على اللعب وفى العنكبوت وبقية المواضع قدم اللعب على
اللهو؟ .
جوابه:
والله أعلم: أن اللهو عن الشر تركه وإهماله والإعراض عنه
ونسيانه.
واللعب: معروف، وهو فعل مقصود لفاعله.
فلما جاء في الأعراف بعد قوله: (وَمَا كُنْتُمْ
تَسْتَكْبِرُونَ (48) وهو ذم لهم بالإعراض عن اتباع الحق
وإهماله، ولذلك قال
(1/175)
بعده: (كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ
هَذَ) .
وكذلك آية العنكبوت، جاءت بعد قوله: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ
مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) الآيتين دل بهما على
إعراضهم
عن الحق واتباعه مع علمهم به. وأما في المواضع الأخر، فجاء في
سياق ذم الدنيا والاشتغال عن الله تعالى بلعبها ولهوها
وزينتها.
147 - مسألة:
قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا)
بلفظ المستقبل، وكذلك في الروم.
وفى الفرقان وفي فاطر: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ
الرِّيَاحَ) بلفظ الماضي؟ .
جوابه:
لما تقدم: (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ) ناسب، ((وَهُوَ
الَّذِي يُرْسِلُ) ، وأيضا تقدم قوله: (ادْعُوا رَبَّكُمْ)
فناسب
(1/176)
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ) لأن
الدعاء إنما يكون لما يأتي،
وكذلك في الروم، لما تقدم قوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ
يُرْسِلَ الرِّيَاحَ) ناسب بعده: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ
الرِّيَاحَ) .
أما الفرقان: فلما تقدم ذلك أفعال ماضية وهو قوله تعالى:
(مَدَّ الظِّلَّ) و (جعله) (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ) (جَعَلَ لَكُمُ
اللَّيْلَ) (وَجَعَلَ النَّهَارَ) ناسب ذلك: (( (وَهُوَ
الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ) .
وأما آية فاطر: فإنه تقدم قوله تعالى: (اذْكُرُوا نِعْمَتَ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) وهو المطر، وإنما
يذكر بشكر النعم الماضية على زمن الشكر، فناسب (أَرْسَلَ)
ماضيا.
148 - مسألة:
قوله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا) بغير واو.
وفى هود: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا) ؟ .
جوابه:
أن هنا لم يتقدمه دعوى نبوة ورد قوم مدعى ذلك عليه، فهو كلام
مبتدأ. وفى هود والمؤمنين: تقدم ما يشعر بذلك
(1/177)
وهو قوله تعالى: (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ
مُوسَى) الآية،
فحسن العطف عليه بالواو، وتسلية للنبى - صلى الله عليه وسلم -
وتخويفا لقومه بقوله تعالى: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا
يُوحَى إِلَيْكَ) ، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) الآيات.
وأما المؤمنين: فلتقدم ذكر نعمه على المكلفين بحملهم على
الفلك الذي كان سببا لوجودهم ونسلهم، فعطفت عليه بالواو
وبقوله: (وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)
فلأنه تقدم
قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ)
فناسب
العطف عليه بقوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا) الآية.
149 - مسألة:
قوله تعالى: (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ) في نوح، وقال
بعده في قصة هود: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
قَوْمِهِ) ؟ .
جوابه:
أن نوحا لم يؤمن أحد من أشراف قومه، وهود آمن بعض
(1/178)
أشراف قومه، فلذلك قال: (الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ)
150 - مسألة:
قوله تعالى: (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ
لَكُمْ) .
وقال في قصة هود: (وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68)) ؟ .
جوابه:
أن "الضلال " فعل يتحدد بترك الصواب إلى ضده ويمكن
تركه في الحال، فقابله بفعل يناسبه في المعنى فقال:
(وَأَنْصَحُ) .
"والسفاهة" صفة لازمة لصاحبها فقابلها بصفة في المعنى
فقال: ((وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ) .
151 - مسألة:
قوله تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي
دَارِهِمْ) فأفرد
وفى هود: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ
فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ) . فجمع؟ .
(1/179)
جوابه:
أن المراد بالرجفة الزلزلة العظيمة، فصح الإفراد لأن المراد
بدارهم: بلدهم المزلزل، والمراد بالصيحة: صيحة من السماء،
والمراد بديارهم: منازلهم
152 - مسألة:
قوله تعالى في قصة نوح وشعيب: (أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ
رَبِّي) .
وقال في هود وصالح: (رِسَالَةَ رَبِّي) فأفرد؟ .
جوابه:
أن قصة نوح وشعيب تضمنتا أنواعا من التبليغات، وإن لم
يذكر هنا مع طول مدة نوح فجمع لذلك.
وقصة هود وصالح ليس كذلك فأفرد.
153 - مسألة:
قوله تعالى في قصة شعيب عليه السلام: (فَأَخَذَتْهُمُ
الرَّجْفَةُ) وقال في الشعراء: (عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) ؟
.
(1/180)
جوابه:
قيل: أصحاب الأيكة غير مدين، فلا يرد السؤال.
وقيل: هما واحد، فجوابه أن الصيحة لما أصابتهم خرجوا
من ديارهم هاربين إلى الصحراء فأحرق جلودهم الحر فجاءت الظلة
فهربوا إليها، فصيح فماتوا في ظلالهم.
154 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ
قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) وفى العنكبوت:
(إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ) و " إلا "
للحصر فكيف الجمع بينهما؟ .
جوابه:
لعل ذلك في مجالس، ففي مجلس اختصر بذكر إتيان الفاحشة
وإظهارها، فناسب ذكر " إخراجه " كيلا يعيب عليهم ذلك.
وفى مجلس عدد ذنوبهم فناسب مطالبتهم " بإتيان العذاب " عليها،
فحصر الجواب في كل مجلس بما ذكر فيه وناسبه.
أو أن الجوابين من طائفتين، فلم تجيبا إلا بما ذكر عنهما.
(1/181)
155 - مسألة:
قوله تعالى في قصة مدين: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ)
وفي هود: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) .
جوابه:
قيل: إن ابتداء عذابهم كان زلزلة عظيمة ثم صيحة عظيمة قطعت
أكبادهم فماتوا جميعا.
وقيل: لأن الزلزلة العظيمة لا تخلو عن صيحة.
156 - مسألة:
قوله تعالى:، (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105))
وفى طه: (فَأَرْسِلْ مَعَنَا) ؟ ،
جوابه:
أن المرسل هنا: موسى عليه السلام فقط، فقال: (معى)
وفى طه: موسى وهارون عليهما السلام فقال: (معنا) .
157 - مسألة:
قوله تعالى: (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ
فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) وفى الشعراء: (مِنْ أَرْضِكُمْ
بِسِحْرِهِ) .
(1/182)
جوابه:
أن آية الأعراف من كلام الملأ، وآية الشعراء من كلام
فرعون. ولما كان هو أشدهم في رد أمر موسى صرح بأنه
"سحر"، ويؤيده: (قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ
أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ) قاصدا بذلك كله تنفير الناس عن متابعة
موسى
عليه السلام.
158 - مسألة:
قوله تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ) ؟ .
وفى الشعراء: (آمَنْتُمْ لَهُ)
جوابه:
أن الضمببر في (به) يرجع إلى رب العالمين أو إلى
موسى وفى (له) يجوز رجوعه إلى موسى، أو إلى ما جاء
به من الآيات، أي: لأجل ما جاء به من ذلك.
159 - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ
الْقَرْيَةَ) الآيات. تقدم في البقرة.
(1/183)
160 - بمسألة:
(إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ) . تقدم في الأنعام
161 - مسألة:
قوله تعالى: (فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ
قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ
(101)) .
وفى يونس: (بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ
نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)) ؟ .
جوابه:
أما آية يونس عليه السلام فلتقدم قوله في قصة نوح عليه السلام:
(وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا) ، فعدى:
(كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا) بما عداه أولا.
ولم يتقدم في الأعراف " (التكذيب " متعديا بالباء، كقوله
تعالى: (وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ) فناسب كل موضع ما
قبله.
وأما قوله: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ) ، وفى يونس (نَطْبَعُ)
، فلتناسب كل آية ما تقدمها، فالأعراف: تقدمها إظهار بعد إضمار
في قوله: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ
بَأْسُنَا بَيَاتًا) ثم
(1/184)
قال: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ) فناسب
ذلك: (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا) ،
(كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ) .
وأيضا: لما أكد أول الآية بالقسم ناسب ذلك تعظيم الطبع
بنسبته إلى اسم الله تعالى، وناسب التصريح بوصفهم بالكفر
الذي معناه أقبح وأشد من معنى الاعتداء، فناسب كل آية
ماختمت به.
162 - مسألة:
قوله تعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ) .
وفى يونس: (نَطْبَعُ) بالنون.
جوابه:
أنه تقدم هنا: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ) الآية، فناسب
التصريح
بقوله: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ) وفى يونس تقدم: " فنجينا
"،
ثم " بعثنا " و " جعلناهم " فناسب (نَطْبَعُ) بالنون.
163 - مسألة:
قوله تعالى: (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ
هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)
وفى الشعراء: (قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا
لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34)) . فظاهر آية الأعراف أن الملأ قالوا
ذلك، وظاهر آية الشعراء أن
(1/185)
قائله فرعون.
جوابه:
أن كلا منهما قاله، لكن لما تقدم في الشعراء ابتداء مخاطبة
فرعون لموسى بقوله: (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا
وَلَبِثْتَ فِينَا)
الآيات، ناسب ذلك حكاية قول فرعون للملأ، لأنه المتكلم
بذلك أولا تنفيرا لقومه عن متابعته كما تقدم قبل هذا، ولم
يأتى في الأعراف مثل ذلك فحكى قولهم له.
164 - مسألة:
قوله تعالى في الأعوام: (وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ
حَاشِرِينَ (111)) .
وفى الشعراء: (وابعث) .
كلاهما معلوم المراد، فما فائدة اختلاف اللفظين؟ وكذلك قوله
تعالى هنا: (بِكُلِّ سَاحِرٍ) وفى الشعراء (بِكُلِّ سَحَّارٍ)
؟ .
جوابه:
مع التفنن في الكلام، أن (أَرْسِلْ) أكثر تفخيما من (ابعث)
وأعلى رتبة لإشعاره بالفوقية.
ففي الأعراف حكى قول الملأ لفرعون، فناسب خطابهم له بما هو
أعظم رتبة، تفخيما له.
وفى الشعراء: صدر الكلام بأنه هو. القائل لهم، فناسب تنازله
(1/186)
معهم ومشاورته لهم، وقولهم (ابعث) .
وأما قوله تعالى هنا: (بِكُلِّ سَاحِرٍ) وفى الشعراء (بِكُلِّ
سَحَّارٍ) فلتقدم قولهم: (بسحره) فناسب صيغة المبالغة
ب (سَحَّارٍ)
165 - مسألة:
قولهم هنا، وفى الشعراء: (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ
الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122))
وفى طه: (آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى) ؟ .
جوابه:
لما تقدم في الأعراف: (إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (104))
وفى الشعراء: (إِنِّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ناسب ذلك
(آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) . ثم خصصوا.
المراد بأنه رب موسى وهارون: الذي جاء برسالته لا غير.
وفى طه: لمراعاة رؤوس الآن اكتفى برب هارون وموسى،
فلم يحتج إلى إعادة " رب " ثانياً.
166 - مسألة:
- قوله تعالى: (قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ
(125) .
(1/187)
وفى الشعراء: (لَا ضَيْرَ) الآية بزيادة
(لَا ضَيْرَ) .
جوابه:
لما كان الوعيد في الشعراء أشد ناسب مقابلتهم له بعدم التأثر
به فى مقابلة ما يرجونه عند الله تعالى.
167 - مسألة:
جوابه:
قوله تعالى: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا
ضَرًّا) . وفى يونس: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا
وَلَا نَفْعًا) قدم النفع هنا، وأخره في يونس؟ .
أن آية الأعراف تقدمها ذكر الساعة، فناسب في حقه تقديم النفع
الذي هو ثواب الآخرة، وأخر الضر الذي هو عقابها. وآية يونس
تقدمها ذكر استعجال الكفار العذاب في قوله تعالى:
(وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ) الآية، فناسب تقديم الضر
على النفع، ولذلك قال تعالى بعده: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ
أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا) ، وكذلك كلما قدم
فيه النفع والضر فلتقدم ما يناسب ذلك التقديم أو تأخيره وذلك
ظاهر لمن ينظر فيه.
(1/188)
168 - مسألة:
قوله تعالى: (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(200) . وفى حم السجدة: (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(36) ، بلام التعريف.
جوابه:
أن آية الأعراف نزلت أولا، وآية السجدة نزلت ثانيا، فحسن
التعريف أي: هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ الذي تقدم ذكره أولا
عند نزوغ الشيطان.
سورة الأنفال
169 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ
اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) .
وفي الرعد: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
(28)
جوابه:
أن المراد " بالذكر"، ذكر عظمة الله وجلاله، وشدة انتقامه
ممن عصى أمره لأن الآية نزلت عند اختلاف الصحابة في غنائم
(1/189)
بدر، فناسب ذكر التخويف.
وآية الرعد: نزلت فيمن هداه الله وأناب إليه، والمراد بذلك
الذكر: ذكر رحمته وعفوه ولطفه لمن أطاعه وأناب إليه.
وجمع بينهما في آية الزمر، فقال تعالى: (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ
جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) أي عند ذكر عظمته
وجلاله وعقابه،
ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر رحمته وعفوه وكرمه.
170 - مسألة:
أجوابه: قوله تعالى: (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) .
تقدم في البقرة.
171 - مسألة:
قوله تعالى: (فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ
(35)) . وفى
الأعراف: (بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39)) ؟ .
جوابه:
أن الآية هنا في قريش وكفرهم بصلاتهم عند البيت مكاء
وتصدية. وآية الأعراف: في قوم ضلوا وأضلوا غيرهم بما
كسبوا من إضلال غيرهم مع كفرهم، فناسب زيادة
العذاب وتضعيفه لزيادة الكسب في الضلالة.
172 - مسألة:
قوله تعالى: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ
قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ
رَمَى)
(1/190)
فنفى أولا ما أثبته آخرا؟ .
جوابه:
أن النبى - صلى الله عليه وسلم - رمى أولا والصحابة قتلوا،
والله تعالى هو الذي أوصل ما رماه إلى وجوه الكفار، والقتل من
الصحابة إلى مقاتليهم فصنع الإسناد إلى الله وإليهم.
3 لا 1 - مسألة:
قوله تعالى: (لِيُحِقَّ الْحَقَّ) ما وجهه ومعناه، مع أن ظاهره
كما يقال نحصيل الحاصل؟ .
جوابه:
ليقع الحق عنده من نصر المسلمين وغلبهم، أو ليحق عندكم
الحق عنده من النصر والغنيمة.
174- مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ
فِيهِمْ) ثم قال: (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ)
فأثبت عذابهم ثانيا بعد نفيه أولا، فما معناه؟ .
جوابه:
المنفى عذاب الدنيا الذي كانوا يستعجلونه، والمثبت عذاب
الآخرة. أو المنع تعذيبهم بشرط كونك فيهم، والمثبت عدم ذلك. أو
المنع عذاب الكل ليعلمه أن بعضهم سيسلمون،
(1/191)
والمثبت عذاب بعضهم كيوم بدر.
175 - مسألة:
قول الشيطان يوم بدر: (إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ) .
كيف لم يقل ذلك حين أبى من السجود؟ .
جوابه:
أنه قد علم ما أعد له من عذاب القيامة، فلما رأى الملائكة
يوم بدر ونزولها إلى الأرض توهم أنه الوقت المعلوم وأنه قد
حان أجل عذابه.
176 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) .
وقال في براءة: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ) .
قدم المال هنا وأخره في براءة.
جوابه:
أن آية الأنفال تقدمها ذكر الغنائم واختيارهم أخذ الفداء من
(1/192)
الأسرى ببدر فناسب تقديم إنفاق المال في سبيل الله تعالى. وآية
براءة: تقدمها ذكر افتخارهم بعمارة المسجد الحرام على
المجاهدين فناسب تقديم الجهاد في سبيل الله على ذكر الأموال،
وأنه أهم. والله أعلم. |