كشف المعانى فى المتشابه من المثانى سورة براءة
177 - مسألة:
قوله تعالى: (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ)
وهذه
الآية نزلت في ذي القعدة، فآخر الأربعة صفر.
ثم قال: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا
الْمُشْرِكِينَ) .
وانسلاخها آخر المحرم؟ .
جوابه:
أن الآية الأولى في المعاهدين، والثانية في من ليس لهم عهد،
ثم نسخ ترك القتال في الأشهر الحرم بقوله تعالى: (اقْتُلُوا
الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وقيل: أول. الأربعة "
شوال "
وعلى هذا لا إشكال. وقيل: أولها عاشر الحجة سنة تسع
(1/193)
وسماها حرما لتحريم قتالهم فيها أو تغليبا
للأشهر الحرم.
178 - مسألة:
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ - إلى قوله - لَا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ؟ ،.
وقال بعده: (فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)) .
وقال بعده: (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) .
جوابه:
أن الأولى: نزلت في الذين فضلوا سقاية الحاج وعمارة المسجد
الحرام على الإيمان والجهاد، فوضحوا الأفضل في غير موضعه، وهو
معنى الظلم، أو نقصوا الإيمان بترجيح الآخر عليه، والظلم:
النقص أيضا: كقوله تعالى: (وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا) .
والثانية: في المسلمين الذين اتخذوا أقاربهم الكفار أولياء،
وبعض الفسق لا ينافى الإيمان.
والثالثة: في الكفار الذين كانوا ينسئون الشهور فيحلون حرامها
ويحرمون حلالها ولذلك قال تعالى: (زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) .
(1/194)
179 - مسألة:
قوله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ
أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) هل وقع ذلك لغير المسيح؟ .
جوابه:
أنهم نزلوهم منزلة الرب تعالى في امتثال أحكامهم فيهم في
التحليل والتحريم ولذلك قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا)
180 - مسألة:
قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ
بِأَفْوَاهِهِمْ) .
وفي الصف: (لِيُطْفِئُوا) .
جوابه:
أن (يُطْفِئُوا) هو مفعول يريدون وفى الصف مفعوله
محذوف تقديره: يريدون الافتراء لأجل أن يطفئوا نور الله
بأفواههم أى بتحريفهم الكتاب وما يقولونه من الرد على النبى -
صلى الله عليه وسلم -.
ويؤيد ما قلناه من إظهار المفعول وحذفه في الصف ما ختم
به الآيتان وظهر ذلك بالتدبر
181 - مسألة:.
قوله تعالى: (إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ
وَبِرَسُولِهِ) وقال بعد
(1/195)
ذلك في مواضع: (كَفَرُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ) .
جوابه:
أن الأول في سياق إثبات بعد النفى فناسب التوكيد بإعادة الجار
بخلاف بقية الآيات.
182 - مسألة:
قوله تعالى: (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا
أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) .
وقال بعده: (وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي
الدُّنْيَا) .
فالآية الأولى: بالفاء، وتكرار (وَلَا) وباللام في
(يُعَذِّبَهُمْ) وبلفظ (الْحَيَاةِ) .
والآية الثانية: بالواو، وسقوط (لَا) ، و (أن) موضع اللام.
جوابه:
أن الآية الأولى: ظاهرة في قوم أحياء، والثانية: في قوم
أموات.
وأما الفاء في الأولى: فلأن ما قبلها أفعالا مضارعة يتضمن معنى
الشروط كأنه قيل: إن اتصفوا بهذه الصفات من الكسل في الصلاة،
وكراهية النفقات فلا تعجبك أموالهم، الآية. والآية الثانية
تقدمها أفعال ماضية، وبعد موتهم، فلا تصلح
(1/196)
للشرط فناسب مجيئها بالواو.
وأما قوله تعالى: (وَلَا أَوْلَادُهُمْ) فلما تقدم من التوكيد
في
قوله: (إِلَّا وَهُمْ) ، وفى قوله تعالى: - (وَلَا يَأْتُونَ)
إلى (وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا) ، فناسب التوكيد في قوله
تعالى:
(وَلَا أَوْلَادُهُمْ) بخلاف الآية الثانية.
وأما (اللام) في الأولى، و (أن) في الثانية فلأن مفعول
الإرادة في الأول محذوف، واللام للتعليل تقديره: إنما يريد
الله ما هم فيه من الأموال والأولاد لأجل تعذيبهم في حياتهم
بما يصيبهم من فقد ذلك، ولذلك قال: (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ
وَهُمْ كَافِرُونَ (55)
ومفعول الإرادة في الآية الثانية " أن يعذبهم " لأن
الأعمال المتقدمة عليه ماضية ولا تصلح للشرط ولذلك قال:
(وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ)
وأما: (الدنيا) في الثانية فلأنها صفة للحياة فاكتفى بذكر
الموصوف أولا عن إعادته ثانيا.
1 - مسألة:
قوله تعالى: (وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ) وقال بعده:
(وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) ؟ .
جوابه:
أن الأولى صدرت بما لم يسم فاعله في قوله تعالى: (وَإِذَا
أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا)
(1/197)
مع العلم بالفاعل، فختمت كذلك مناسبة بين
صدر الكلام، وختمه.
والثانية: جاءت بعد بسط الكلام في عذر المعذورين فناسب
البسط في توبيخ مخالفيهم، والتوكيد فيه بتصريح اسم
الفاعل، ولذلك صدر الآية ب (إنما) الحاصرة للسبيل عليهم،
وأما ختم الأولى ب (لا يفقهون) ، والثانية ب
(لا يعلمون) :
أما الأولى: فلأنهم لو فهموا ما في جهادهم مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - من الأجر لما رضوا بالقعود ولا استأذنوا
عليه.
والثانية: جاءت بعد ذكر الباكين لفوات صحبة رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - لعلمهم بما في صحبته من الفوز والمنزلة
عند الله تعالى،
فلو علم المستأذنون ما علمه الباكون لما رضوا بالقعود، لكنهم
لا يعلمون.
184 - مسألة:
قوله تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ
مِنْ بَعْضٍ)
(1/198)
وقال في المؤمنين: (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ
بَعْضٍ) ؟ .
جوابه:
أن المنافقين ليسوا بمتناصرين على دين معين وشريعة ظاهرة،
فكان بعضهم يهود، وبعضهم مشركين، فقال: (مِنْ بَعْضٍ) أي في
الكفر والنفاق، والمؤمنون متناصرون على
دين الإسلام وشريعته الظاهرة، فقال: (أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) في
النصرة وفى اجتماع القلوب على دينهم، فلذلك قال: (إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ، وقال في المنافقين: (وَقُلُوبُهُمْ
شَتَّى) .
158 - مسألة:
قوله تعالى: (وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ
تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) .
وقال بعد ذلك: (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ) ؟ .
فقال في الأولى: (ثُمَّ تُرَدُّونَ) ، وفى الثانية:
(وَسَتُرَدُّونَ) ، وقال في الثانية: (وَالْمُؤْمِنُونَ) .
جوابه:
أن الأولى في المنافقين بدليل: (قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ
أَخْبَارِكُمْ)
وكانوا يخفون من النفاق ما لايعلمه إلا الله تعالى ورسوله
بإعلامه إياه.
(1/199)
والآية الثانية: في المؤمنين، بدليل قوله
تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ
وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) وأعمالهم ظاهرة فيما
بينهم من الصلاة والزكاة والحج وأعمال البر فلذلك زاد قوله:
(وَالْمُؤْمِنُونَ) .
وأما (ثم) في الأولى: فلأنها وعيد، فبين أنه لكرمه لم
يؤاخذ هم في الدنيا، فأتى ب (ثم) المؤذنة بالتراخى.
والثانية: وعد، فأتى بالواو والسين المؤذنان بقرب الجزاء
والثواب وبعد العقاب فالمنافقون: يؤخر جزاؤهم عن نفاقهم إلى
موتهم، فناسب (ثم)
والمؤمنون: يثابون على العمل الصالح في الدنيا والآخرة لقوله
تعالى: (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ) الآية.
186 - مسألة:
قوله تعالى: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ
وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي
سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ
فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ) . فهل
(1/200)
التوبة الأولى هي الثانية أو غيرها.
جوابه:
قيل: الأولى عامة - والثانية في الفريق الذي كادت تزيغ
قلوبهم.
وقيل: الأولى هي الثانية، وإنما بين في الثاني سبب توبتهم
وقوله تعالى: (لِيَتُوبُوا) أي ليدوموا على توبتهم.
187 - مسألة:
قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا
نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)
إلى (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ)) .
وقال بعدها: (وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا
كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ)
زاد في الأولى: (غقل ضابخ*؟ .
جوابه:
أن الآية الأولى: تضمنت ما ليس من عملهم فبين بكرمه تعالى أنه
يكتب لهم بذلك عَمَلٌ صَالِحٌ وإن لم يكن من عملهم. والآية
الثانية: تضمنت ما هو من عملهم القاصدين له، فقال:
(1/201)
(كُتِبَ لَهُمْ) أي ثواب ذلك العمل. والله
أعلم.
سورة يونس عليه السلام
188 - مسألة:
قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا
يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ) .
وفى الفرقان: (مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ) .
جوابه:
لما تقدم هنا: (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ
يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)
ناسب تقديم الضر، أي: لا يضرهم إن عصوه ولاينفعهم إن أطاعوه.
وفى الفرقان: تقدم ذكر النعم وعدها، فناسب تقديم النفع،
أي: ما لا ينفعهم بنعمة من النعم، ومثله قوله فيها: (قُلْ لَا
أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ
اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) ،
قدم الضر لتقدم قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا
الْوَعْدُ) .
189 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) ، وكذلك في
(1/202)
فاطر.
وقال في المنافقين: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ) ؟ .
جوابه:
أن العزة له تعالى جميعا، وعزة الرسول والمؤمنين منه، وهو
معطيها لهم، فعزتهم من عزته، فهو المختص بها وحده تعالى.
190 - مسألة:
قوله تعالى: (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى
الَّذِينَ فَسَقُوا3) وفى سورة المؤمن (وَكَذَلِكَ حَقَّتْ
كَلِمَتُ رَبِّكَ) بالواو؟ .
جوابه:
أن المراقب ب (مَنْ) قبلها، و (مِنْ) بعدها واحد في قوله
تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)
، (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ) الآيات، فحسن ترك الواو
لذلك.
وفى المؤمن (مِنْ) بعدها غير (مَنْ) قبلها، فناسب لأن المتقدم
قوم نوح، ومن ذكر معهم والمراد
(1/203)
بالمتأخرين: المشركون ومن وافقهم أنهم
أصحاب النار فجاءت الواو.
191 - مسألة:
قال هنا: (عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا) وفى المؤمن: (عَلَى
الَّذِينَ كَفَرُوا) ؟ .
جوابه:
أن المقال هنا يصح خطاب المؤمن والكافر به، فمن أنكره
خرج من الحق إلى الضلال، ولذلك قال: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ
إِلَّا الضَّلَالُ) ، وأية المؤمن تقدمها: (مَا يُجَادِلُ فِي
آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) فناسب قوله تعالى:
(عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6) .
192 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) .
جوابه:
تقدم في الأنعام.
193 - مسألة:
قوله تعالى: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ)
وقال بعده: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)
(1/204)
وبعده: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ)
حذف (ما) في الأولى، وأثبت (مَن) في الثانية، (وما) في
الثالثة؟ .
جوابه:
أن الأولى، تقدمها: (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا
فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ) فأغنى لفظه عن إعادته مع
العلم
بالمعنى. والثانية، تقدمها: (وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ
إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) فقال: (وَمَنْ فِي
الْأَرْضِ) إشارة إلى أنهم
لا يضرونك فيما لم يقدره الله لأنهم ملكه وعبيده، وفى
تصرفه.
والثالثة: تقدمها قوله تعالى: (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ
وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) أي هو
الغنى المطلق عن كل شي من اتخاذ الأولاد للقوة والظفر
وغير ذلك، فأكد بزيادة (ما) لأن السياق يقتضيه.
194 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي
الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ) وفى الزمر: (وَلَوْ أَنَّ
لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ
مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ) ؟
(1/205)
جوابه:
لما أفرد "النفس " ناسب الاكتفاء ب (مَا فِي الْأَرْضِ) .
ولما جمع (الَّذِينَ ظَلَمُوا) ى ناسب ذكر الفداء بما في الأرض
و (مِثْله) .
195 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ
ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) وفى سبأ: (فِي
السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ) .
جوابه:
لما تقدم قوله تعالى: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ) الآية،
ناسب ذلك تقديم الأرض لأن النور والتلاوة والعمل في
الأرض، فناسب ذلك تقديم السموات.
196 - مسألة:
قوله تعالى: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا
إِلَيْكَ) وقال
في الأنعام: (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) ،
والشك
لا يجوز عليه؟ .
(1/206)
جوابه:
أن المراد غيره ممن يجوز عليه الشك وكذلك كل موضع يشبه ذلك في
القرآن تقديره فإن كنت أيها الإنسان، ولذلك قال: (إليك) ولم
يقل عليك، وقد تقدم في البقرة معناهما.
197 - مسألة:
قوله تعالى: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
(104))
وفى النمل: (أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) ؟ .
جوابه:
لما تقدم قبله: (كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ
الْمُؤْمِنِينَ (103)) ناسب قوله: (أَنْ أَكُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ (104)) .
ولما تقدم في النمل: (إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ
بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81)) ناسب بعده: (أَنْ
أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (104)) . والله أعلم.
(1/207)
سورة هود عليه
السلام
998 - مسألة:
قوله تعالى: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ)
ما معناهما: وهل التفصيل غير الإحكام؟ .
جوابه:
معناه: أحكمت آياته في اللوح المحفوظ، ثم فصلت في إنزالها
على النبى - صلى الله عليه وسلم - بحسب الحاجة والمصلحة ذلك
الوقت.
999 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2)
هنا، وفى الأحزاب والبقرة وحم السجدة قدم البشارة؟
جوابه:
لما قال هنا (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) ناسب تقديم
النذارة على عبادة غير الله تعالى، وفى الأحزاب والبقرة كان
الخطاب له، فناسب كرامته تقديم البشارة، وكذلك في (حم) ناسب
ذكر "الرحمة ووصف الكتاب " تقديم البشارة والله أعلم.
(1/208)
200 - مسألة:
قوله تعالى: (إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) . وقال:
(فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) .
ما فائدة السعى وهو مضمون؟
جوابه:
أنه تكفل برزقها على الوجه المعتاد والمشروع لمصالح العالم
وعمارة الدنيا وكما يخلق الولد على الوجه المعتاد من الوطىء
وغيره، وإن كان قادرا على إيجاده اختراعا أوليا.
201 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ
مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ) وفى حم السجدة: (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ
رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) .
جوابه:
أن آية هود تقدمها: (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا
رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ) فأغنى عن إعادتها ثانيا،
ولم يتقدم ذلك في
حم السجدة فذكرها.
202 - مسألة:
قوله تعالى: (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا
أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ)
(1/209)
جوابه:
أن ذلك الخطاب يجوز من النبى - صلى الله عليه وسلم - للكفار أي
فإن لم يستجيبوا لكم من دعوتموهم فاعلموا، فيكون من تمام خطاب
النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم.
ويجوز أن يكون الشرط خطابا من الله تعالى للمؤمنين،
ويكون قوله تعالى (فَاعْلَمُوا) أي فدوموا على علمكم،
ويعنى بعلم الله: بإذنه، أو بعلمه بالغيوب وبمعلوماته.
203 - مسألة:
قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
وَزِينَتَهَا) الآية. وقال في آل عمران في يوم أحد: (مِنْكُمْ
مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا) الآية وهم أصحاب النبى - صلى الله
عليه وسلم -؟ .
جوابه:
من وجوه: قيل: هو عام ومعناه خاص في الكفار من أهل
(1/210)
الكتاب والربانيين وغيرهم.
وقيل: هو في العصاة من المؤمنين، ويكون قوله تعالى:
(لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) إن جازاهم على
ذلك،
لكنه يعفو عنهم إذا شاء.
وقيل: المراد من كان يريد الدنيا فقط خاصة دون الآخرة
لعدم إيمانه بها أو إهماله لشأنها.
204 - مسألة:
قوله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ)
أين خبره؟ .
جوابه:
هو محذوف لدلالة الكلام عليه، وهو كثير في القرآن جريا على
عادة كلام العرب لفهم المعنى منه تقديره: كمن هو ضال كفور.
205 - مسألة:
قوله تعالى: (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي)
والشرط لا يكون إلا مستقبلا؟ .
جوابه:
أن تقديره إن بنت، أو بان أو صح أنى افتريته فعلى إجرامى
(1/211)
206 - مسألة:
قوله تعالى في قصة عاد ومدين: (ولمَّا) بالواو وفى قصة ثمود
وقوم لوط بالفاء؟ .
جوابه:
قصة صالح ولوط جاءتا في سياق الوعد المؤقت بالعذاب فناسب
"الفاء" الدالة على سببية الوعد لما جاء. وقصة عاد ومدين جاءتا
مبتدأتين غير مسببتين عن وعد مؤقت لسابق فجاءا بواو العطف على
الجملة التي قبلها.
207 - مسألة:
قوله تعالى: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ
وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ
مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ) .
وفى الحجر: (وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ
مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)) استثنى
امرأته فى هود ولم يستثنها في الحجر، وفى الحجر خاصة
(وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ) ؟ .
(1/212)
جوابه:
أنه تقدم في الحجر: (إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59)
إِلَّا امْرَأَتَهُ)
فأغنى عن إعادة استثنائيا، ولم يتقدم ذلك في هود، فذكرها
فيها.
وأما قوله تعالى: ((وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ) فليكون
وراء أهله في السير فيتحقق نجاتهم مما أصاب قومه فيتحقق ما
وعده به الملائكة الرسل إليه.
208 - مسألة:
قوله تعالى: (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) .
وفى الحجر: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)) ؟ .
جوابه:
أن ابتداء عذابهم الصبح، وآخره لشروق الشمس، فعبر هنا
عن ابتداء العذاب، وفى الحجر عن انتهائه بالشروق والإشراق،
والله أعلم.
209 - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا
قَوْمِ) وفى
العنكبوت: (فَقَالَ يَا قَوْمِ) ؟ .
(1/213)
جوابه:
أن سياق ما تقدم من قصص الأنبياء خال عن "الفاء"
في مثل ذلك، وآية العنكبوت تقدمها القصص بالفاء في مثله،
قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ
فَلَبِثَ فِيهِمْ) (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) (فَمَا كَانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ) ، فناسب سياق
ذلك فقال بالفاء هنا.
210 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا) وفى قصة
صالح ولوط: ((فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا) بالفاء؟ .
جوابه:
أن شعيبا لم يوقت لهم العذاب، ولا توعدهم بسرعته، فجاء بالواو
لأنه غير منتظر.
وفى قصة صالح ولوط وقت لهما العذاب، فصالح قال: تمتعوا في
داركم ثلاثة أيام وفى لوط: إن موعدهم الصبح، فجاءت بالفاء
المؤذنة بالسبب.
(1/214)
سورة يوسف عليه
السلام
211 - مسألة:
قوله تعالى في يوسف عليه السلام: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ
آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا) وفي القصص في موسى عليه السلام:
(بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى) ؟ .
جوابه:
أن يوسف عليه السلام: نبه على ما يراد منه قبل بلوغ الأربعين
برؤياه الكواكب والوحي حين ألقى في الجب، وإلهامه علم التعبير،
وغير ذلك مما كان في زمان حداثته، وهو تعريضه بما يراد منه.
وموسى عليه السلام: لم يعلم المراد منه ولا نبه عليه قبل بلوغ
الأربعين وقبل مفارقة شعيب، فناسب قوله فيه: (وَاسْتَوَى)
لاسيما على قول الأكثر أن الاستواء: بلوغ الأربعين، لأنها كمال
العقل والنظر.
والخلاف في الأشد، والاستواء مشهور ولم يقل أحد أنه دون
البلوغ.
(1/215)
212 - مسألة:
قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) هنا، وفى
الحج.
وفى مواضع أخر: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) بالواو.
جوابه:
أن كل موضع يكون ما قبله سببا لما بعده كان بالفاء للسببية،
وإن لم يكن سببا لما بعده كان بالواو العاطفة،
لأنها تعطف جملة على جملة، بيان ذلك:
لما تقدم في يوسف عليه السلام: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ) قال: (أَفَلَمْ
يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)
فينظروا ويسمعوا أخبار الرسل وما جرى على من كذبهم.
ولذلك في الحج لما تقدم: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)
قال: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ
ظَالِمَةٌ) فيتدبروا أحوال الماضين منهم.
213 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَدَارُ الْآخِرَةِ) .
(1/216)
وفى الأعراف: (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ) ؟ .
جوابه:
أن هنا تقدم ذكر الساعة، فكأنه قال تعالى: ولدار الساعة الآخرة
وفى الأعراف: تقدم قوله: (يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا
الْأَدْنَى) فناسب: (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ) . |