كشف المعانى فى المتشابه من المثانى سورة الرعد
294 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ) وفى النحل: (مَا فِي السَّمَاوَاتِ) ؟ .
جوابه:
أنه حيث أريد بالسجود الخضوع والانقياد جئ ب (ما) لأنها عامة
فيمن يعقل ومن لايعقل، كآية النحل فيمن يعقل ومن لا يعقل.
(1/217)
وخص من يعقل هنا لتقدم قوله: (وَالَّذِينَ
يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ)
وقبله: (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ
جَهَرَ بِهِ) الآيات، فناسب: (مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ) .
ولما تقدم في النحل: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ
اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) وهو عام في كل ذي ظل غلب ما لا يعقل لأنه
أكثر، وكذلك في سجدة الحج وعطف ما لا يعقل
على ما يعقل.
215 - مسألة:
قوله تعالى: (لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا
ضَرًّا)
قدم النفع لأن النفس ترتاح إليه ولاتسأمه، فقدمه لقوله:
(لِأَنْفُسِهِمْ) ؟ .
جوابه:
لما قال: (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ)
والولى دأبه نفع وليه مطلقا أصابه ضراء أو لم يصبه، وسواء قدر
على دفع الضر أو لا، فناسب تقديم النفع على الضر بخلاف آية
(1/218)
الفرقان كما سيأتي.
سورة إبراهيم عليه السلام
216 - مسألة:
قوله تعالى: (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) وقال بعده: (أَنْ أَخْرِجْ
قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) ولم يقل:
(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) ؟ .
جوابه:
أن قصة موسى عليه السلام مضت وعرفت نبوته فلا حاجة
إلى توكيدها بذلك. ونبوة النبى - صلى الله عليه وسلم - باقية،
وكذلك دعاؤه
إلى الله تعالى فناسب التوكيد لرسالته ونبوته بقوله تعالى:
(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ)
217 - مسألة:
قوله تعالى: (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)
(1/219)
لم يقل "صبور ولا شكار فما فائدة ذلك
التغاير وكلاهما للمبالغة؟ .
جوابه:
أن نعم الله تعالى مستمرة متجددة في كل حين وأوان فناسب
(شَكُورٍ) لأن صيغة "فعول " تدل على الدوام كصدوق
ورحوم وشبهه.
وأما المؤلمات المحتاجة إلى الصبر عليها فليست عامة بل تقع في
بعض الأحوال فناسب صبار، لأن: " فعالا" لا يشعر بالدوام كنوام
وركاب وأكال، ولمراعاة رؤوس الآي.
218 - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا)
جوابه:
تقدم في المائدة مثيله.
219 - مسألة:
قوله تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)
ولم يقل بعده: "لأعذبنكم أشد عذاب " كما قال
(لَأَزِيدَنَّكُمْ)
(1/220)
جوابه:
من وجهين:
الأول: حسن المخاطبة في التصريح بالزيادة في الخير، ولم
يصرح بالعذاب في المخاطبة.
الثاني: لو صرح بخطابهم بذلك لم يكن صريحا بدخول غيرهم في ذلك
الحكم فعدل عن إضافة ذلك إليهم ليفيد عمومه في كل كافر مطلقا.
220 - مسألة:
قوله تعالى: (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ) .
ولم يقل: قالوا لرسلهم؟ .
جوابه:
أن التصريح باللام آكد في تبليغ الرسالة لهم فناسب
ذكرها في سياق الرسل.
221 - مسألة:
قوله تعالى: (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) وفى النمل:
(وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً)) ؟ .
جوابه:
أنه لما قال هنا: (رِزْقًا لَكُمْ) وإقرانها بالرزق أبلغ في
النعمة
(1/221)
والمنة أغنى ذكرها آخرا عن ذكرها أولا.
وفى النمل: صدرها مع (أَنْزَلَ) للمنة وليس ثَم ما يغنى عنها
بالمنة عليهم.
سورة الحجر
222 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ) وفى الزخرف:
(وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ) ؟ .
جوابه:
أن في الحجر: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ
الْأَوَّلِينَ (10) فذكر الرسالة فقط فناسب: (وَمَا
يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ) .
وفى الزخرف: تقدم ذكر النبوة في قوله تعالى: (وَكَمْ
أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) . فناسب:
(وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ) والله أعلم.
223 - مسألة:
قوله تعالى لإبليس: (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى
يَوْمِ الدِّينِ (35)
(1/222)
وفى ص: (لعنتى) ؟ .
جوابه:
لما أضاف خلق آدم إليه تشريفا له بقوله: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)
أضاف طرد عدوه إليه أيضا زيادة في كرامته.
224 - مسألة:
قوله تعالى: (لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)
وقال (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) (1)
225 - مسألة:
قوله تعالى: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73)
وقال فى هود: (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) :
جوابه:
تقدم في هود.
226 - مسألة:
ضشئيرفئبن (6) وقال في
قول تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
(75)) وقال
_________
(1) جوابها فى سورة الزمر المسألة (375)
(1/223)
بعد: (لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)) ؟ .
جوابه:
أن قصة إبراهيم ولوط اتفق فيها آيات متعددة من إرسال
الملائكة إليهما وما جرى بينهم من المحاورة وبين لوط وقومه،
وكيفية هلاكهم، فلذلك جمع. وقصة هود وهلاكهم هنا آية
واحدة فلم يذكر سواه فأفرد الآية.
227 - مسألة:
قوله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)
وقال في
القصص: (وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78))
وفى الرحمن قال تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ
ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)) .
جوابه:
قيل: في القيامة مواقف عدة، ففي بعضها يسأل، وفى بعضها لا
يسأل.
وقيل: (لَنَسْأَلَنَّهُمْ) لما عملوا، "ولايسألون " ماذا عملوا
لأنه أعلم بذلك.
وقيل: (لَنَسْأَلَنَّهُمْ) سؤال توبيخ، و (لَا يُسْأَلُ عَنْ
ذَنْبِهِ) سؤال استعلام.
(1/224)
سورة النحل
228 - مسألة:
قوله تعالى: (لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ؟ .
وقال بعده: (لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) وبعده: (لَآيَةً
لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) ؟ .
جوابه:
أما "آية" و "آيات " فلتعدد الآيات في الوسطى واتحادها في
الأولى والثانية.
وأما: (يَتَفَكَّرُونَ) و (يَعْقِلُونَ) فقد تقدم في سورة
الرعد.
وأما: (يذكرون بالياء، فلأن فائدة التفكر والتعقل هو
التذكر بما خلق ذلك له، وهو معرفة الله سبحانه وتعالى.
229 - مسألة:
قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا
مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً
تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ
وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) .
(1/225)
وفى فاطر: (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ
لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا
وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) ؟ .
جوابه:
أن آية النحل: سيقت لتعداد النعم على الخلق بدليل تقديم
قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ) .
وأية فاطر: سيقت لبيان القدرة والحكمة بدليل قوله
تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ) الآية، فتكرر
(منه) في النحل لتحقيق المنة والنعمة، ولذلك عطف
(وَلِتَبْتَغُوا) بالواو العاطفة لمناسبة تعدد النعم. كما
تقدم.
وقدم (مَوَاخِرَ) على (فيه) لأنه امتن عليهم بتسخير
البحر، فناسب تقديم (مَوَاخِرَ) أي شاقة للماء
وأيضا ليلى المفعول الثاني المفعول الأول لـ (ترى) فإنه
أولى من تقديم الظرف.
وأما آية فاطر فحذف (منه) لدلالة ((وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ)
عليها، وقدم (فيه) له على (مَوَاخِرَ) لأن شق الفلك الماء
لجريانه فيه آية من آيات الله تعالى فالتقدم فيه أنسب للفلك.
230 - مسألة:
قوله تعالى: (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)) هنا.
وفى
(1/226)
الزمر: (فَبِئْسَ) بحذف اللام؟ .
جوابه:
لما تقدم هنا شدة كفر المذكورين من صدهم وضلالهم
وإضلالهم، ناسب ذلك التأكيد بذكر اللام، ولذلك لما أكد في ذكر
أهل النار أكد في ذكر أهل الجنة بقوله تعالى: (وَلَنِعْمَ
دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) . وأية الزمر: خلية من ذلك فلم يؤكد
فيها.
231 - مسألة:
قوله تعالى: (يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ
وَالشَّمَائِلِ) .
أفرد اليمين وجمع الشَّمَائِل؟ .
جوابه:
والله أعلم، أن الآية نزلت بمكة والظل فيها إلى جهة اليمين،
وهو يمين الكعبة مدته قليلة، وهو قليل أيضا ما يكون.
والظل إلى جهة الشام وهو شمال الكعبة تطول مدته، وتكثر
مساحته، فناسب إفراد اليمين لقلة مسافته ومدته، وجمع
الشمائل لطول مدته ومسافته.
وقيل فيه غير ذلك: وهذا أنسب مما قيل فيه والله أعلم.
(1/227)
232 - مسألة:
قوله تعالى: (فَتَمَتَّعُوا)
وفى العنكبوت: (وَلِيَتَمَتَّعُوا) ؟ .
جوابه:
أن آيات النحل والروم للمخاطبين فجاءت
العنكبوت للغائبين، فناسب ذكر اللام فيه.
233 - مسألة:
بغير لام. وفى
قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ)
وقال:
(عَلَيْهَا) . وفى فاطر: (بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ) وقال:
(عَلَى ظَهْرِهَا) ؟ .
جوابه:
أن آية النحل جاءت بعد أوصاف الكفار بأنواع كفرهم في اتخاذهم
إلهين اثنين، وكفرهم وشركهم في عبادة عبادة الله سبحانه،
وجعلهم للأصنام نصيبا من مالهم، ووأد البنات،
(1/228)
وغير ذلك، وكل ظلم منهم، والسب قوله تعالى:
(بِظُلْمِهِمْ)
ولم يتقدم مثل ذلك في فاطر.
وأما (عليها) والمراد: الأرض، فإنه شائع مستعمل كثير في
لسان العرب لظهور العلم به بينهم ولكراهية أن يجتمع ظاءان في
جملتين مع ثقلها في لسانهم، لأن الفصاحة تأباه ولم يتقدم في
فاطر ذلك فقال (عَلَى ظَهْرِهَا) مع ما فيه من تفتن
الخطاب.
234 - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً
نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) . وفى المؤمنين: (مِمَّا
فِي بُطُونِهَا) ؟ .
جوابه:
أن المراد في آية النحل البعض، هو الإناث خاصة، فرجع
الضمببر إلى البعض المقدر، ودليله تخصيص الآية "باللبن "
وهو في الإناث خاصة.
وأية سورة المؤمنين: عامة للجميع بدليل قوله تعالى: (ولكم فيها
منافع) الآيات.
فعم الذكر والأنثى كما عمهما لفظ الإنسان قبله.
235 - مسألة:
قوله تعالى: (كَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا) . وقال
في
(1/229)
الحج: (مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا) بزيادة
(من) ؟ .
جوابه:
أن (بَعْد) يستغرق الزمان المتعقب للعلم من غير تعين ابتداء
وانتهاء، فلما أتى ما قبل آية النحل مجملا جاء بعده كذلك
مجملا، وفى الحج أتى ما قبلها مفصلا من ابتدائه بقوله
تعالى: (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ
نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) إلى آخره بعده كذلك مفصلا من
ابتدائه مناسبا لما تقدمه من التفصيل.
236 - مسألة:
قوله تعالى: (وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)
وفى العنكبوت: (يَكْفُرُونَ) بغير (هُمْ)
جوابه:
ما تقدم أن آية النحل سياقها للمخاطبين متصل بقوله تعالى:
(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)
الآية، ثم عدل إلى الغيبة بقوله تعالى: (أَفَبِالْبَاطِلِ
يُؤْمِنُونَ) فناسب (هُمْ) توكيدا للغيبة، كي لا يلتبس الغيبة
بالخطاب.
وآية العنكبوت للغائبين، فناسب حذف (هُمْ) منه لعدم اللبس.
(1/230)
237 - مسألة:
قوله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي
جَوِّ السَّمَاءِ)
ثم قال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ) وظاهره واحدة كما
تقدم قبل ذلك؟ .
جوابه:
أنه لما ختم الآيات المذكورة في هذه السورة بهذه الآية كانت هي
وما قبلها آيات فتكون الإشارة بذلك إلى مجموع ما تقدم من
الآيات والله أعلم.
سورة بنى إسرائيل
238 - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ
رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا) .
ما فائدة الشرط والرد الجميل مطلوب مطلقا؟ .
(1/231)
جوابه:
أن المراد به: الوعد بالعطاء عند رجاء حصول الخير لأنه أطيب
لنفس السائل.
239 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ
لِيَذَّكَّرُوا) وبعدها: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي
هَذَا الْقُرْآنِ)
وفى الكهف: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ
لِلنَّاسِ) ؟ .
جوابه:
مع ما تقدم من تنويع الكلام للفصاحة والإعجاز:
أن الأولى: وردت بعد ما تقدم من الآيات من الوصايا والعظات
والتسويفات، ولذلك قال: (لِيَذَّكَّرُوا) أي يذكروه فيعملوا
به.
والثانية: وردت بعد أفعال وأقوال من قوم مخصوصين: (وَإِنْ
كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ)
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ
يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ)
(1/232)
الآية، فناسب تقديم ذكر الناس وقيام الحجة
عليهم بعجزهم عن الإتيان بمثله، ولذلك جاء بعده: (وَقَالُوا
لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) .
وأما آية الكهف فوردت بعد ذكر إبليس وعداوته وذم
اتخاذه وذريته أولياء، فناسب تقديم ذكر القرآن الدال
على عداوته ولعنه.
240 - مسألة:
قوله تعالى: (وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ)
وذلك من إبليس معصية، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا
يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ) ؟ .
جوابه:
أنه تهديد لا أمر طاعة، كقوله تعالى: (كلوا وتمتعوا) ، والمعنى
شاركهم في الإثم لا في المال.
(1/233)
241 - مسألة وجوابها:
قوله تعالى: (ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا) أي يقوم
مقامكم في دفع ذلك عنكم.
وقوله تعالى: (تَبِيعًا) أي تبيعا في المطالبات عن
إهلاككم.
وقوله تعالى: (ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) في
دفع
ذلك.
وقوله تعالى: (ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا)
يرد
عليك ما تذهب به.
242 - مسألة:
قوله تعالى: (كل مثل)
والمذكور بعض الأمثال.
جوابه:
المراد من كل مثل محتاج إليه من أمر الدنيا والدين. أو
يكون عاما مخصوصا كقوله تعالى: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ) .
(1/234)
243 - مسألة:
قوله تعالى: (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ
جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ
بَشَرًا رَسُولًا (94) .
وقال تعالى في الكهف: (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ
الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)
فحصر في آية سبحان غير ما حصر في آية الكهف؟ .
جوابه:
أن آية " سبحان " إشارة إلى "المانع العادي " وهو استغرابهم
أن بعث الله بشرا رسولا.
وآية الكهف: دلت على "المانع الحقيقي" وهو إرادة الله
سبحانه وتعالى وتقدير الآية: إلا إرادة الله هلاكهم لما سبق
في علمه.
244 - مسألة:
قوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي
وَبَيْنَكُمْ) وفى العنكبوت: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي
وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا) ؟ .
(1/235)
جوابه:
أنه لما وصف (شَهِيدًا) بقوله تعالى: (يعلم) ناسب
تأخيره لتتبع الصفة موصوفه ولا يحول بينهما حائل. وليس هنا ولا
في أمثالها صفة لشهيد، فجاء على
القياس في غير (كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) (كَفَى بِاللَّهِ
وَكِيلاً) .
245 - مسألة:
قوله تعالى: (كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ومعنى
خبت سكنت. وقال في الزخرف: لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) ؟
جوابه:
لا يلزم من سكون النار نقص العذاب بها إما لبقاء حرها أو
لعذابهم عند ذلك بالزمهربر، ولا يفتر عنهم العذاب إما بحرها أو
زمهريرها.
246 - مسألة: - ء؟
قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ) وفى يس والأحقاف
(بِقَادِرٌ) ؟
(1/236)
جوابه:
أن "قادر " هنا: خبر إن المثبتة فلم تدخله "الباء". وفى يس: هو
خبر "ليس " النافية، فدخلت الباء في خبرها. وفى الأحقاف: لما
أكد النفى بنفي ثان وهو قوله تعالى: هو - (وَلَمْ يَعْيَ
بِخَلْقِهِنَّ) ناسب دخول الباء في (بِقَادِرٌ) .
سورة الكهف
247 - مسألة:
قوله تعالى -: (هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ
آلِهَةً) وظاهره، إفرادهم لها بالعبادة دونه تعالى.
وقال تعالى بعده: (وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ) فاستثنى
الرب سبحانه من معبوداتهم.
جوابه:
أن اتخذوا للماضي، وكانوا مفردين لهم في العبادة ويعبدون
للاستقبال، وقد يعبدون الله تعالى في المستقبل، وكذلك كان
الواقع فصح الاستثناء أدبا وتحرزاً.
(1/237)
248 - مسألة:
قوله تعالى: (ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) و (خَمْسَةٌ
سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) وقال: (وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ)
بزيادة الواو؟ .
جوابه:
من وجهين:
الأول: أن الواو عاطفة على فعل مقدر معناه: صدقوا وثامنهم
كليهم.
الثاني: أن كل واحد من القولين المتقدمين بعده قول آخر في
معناه فكأن الكلام لم ينقض، والثاني غاية ما قيل: وليس بعده
قول آخر، فناسب ذلك مجئ الواو العاطفة المشعرة بانقضاء الكلام
الأول، والعطف عليه.
وما يقال ههنا إنه من واو الثمانية، فكلام فيه نظر.
(1/238)
249 - بمسألة:
قوله تعالى: (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ)
وكذلك في الزخرف.
وقال تعالى في "هل أتى": (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) ؟
.
جوابه:
من وجوه: أحدها: أن الضمير للولدان في " الإنسان " وفى
" الكهف " والزخرف " للعباد.
الثاني أنهم يحلون بهما فجمع لأهل الجنة التحلى بالذهب
والفضة.
الثالث: أن الأمزجة مختلفة في ذلك في الدنيا، فمنهم من
يؤثر الذهب ومنهم من يؤثر الفضة، فعوملوا في الجنة بمقتضى
ميلهم في الدنيا.
250 - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي) وفى حم السجدة:
(1/239)
(وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي) ؟ .
جوابه:
بعد تنتويع الخطاب: أن في لفظ "الرد" من الكراهية للنفوس
ما ليس في لفظ الرجوع فلما كان آية صاحب الكهف، وصف جنته بغاية
المراد بالجنان، كانت مفارقته لها أشد على النفس من مفارقة
صاحب حم السجدة لما كانت فيه، لأنه لم يبالغ في وصف ما كان فيه
كما بالغ صاحب آية الكهف فناسب ذلك لفظ الرد هنا، ولفظ الرجوع
ثمة.
251 - مسألة:
قوله تعالى: (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا) وقال فى القمر:
(كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) ؟ .
جوابه:
الأول: عند السؤال، والثانى عند خروجهم من القبور وحشرهم إلى
القيامة
252 - مسألة:
قوله تعالى: (فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ
يَدَاهُ) وقال في السجدة: ((ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا)
(1/240)
هنا " بالفاء "، وثَمَّ بـ " ثُمَّ "
جوابه:
الإعراض: إما مصادمة ورد بالصدر من غير مهلة، وإما أن
يكون عن مهلة وروية، فلما تقدم في الكهف: (وَيُجَادِلُ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ) الآية. ناسب ذلك " الفاء "
المؤذنة
بالتعقيب بالإعراض منهم عند مجادلتهم ودحضهم الحق.
ولم يتقدم مثل ذلك في السجدة، بل قال: (وَأَمَّا الَّذِينَ
فَسَقُوا) أي استمروا على فسقهم فناسب ذلك " ثُمَّ "
المؤذنة بالتراخي.
253 - مسألة:
قوله تعالى: (نَسِيَا حُوتَهُمَا) . والناسى: فتاه، بدليل:
(فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ) وقوله (آتِنَا غَدَاءَنَا) ؟ .
جوابه:
أن النسيان بمعنى: الترك، فمن موسى عليه السلام: ترك التفقد،
ومن فتاه: الذهول عنه أو النسيان منهما في مجمع البحرين، ومن
فتاه لما جاوزا ذلك.
(1/241)
254 - مسألة:
قوله تعالى: (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا) ، وبعده:
(شَيْئًا نُكْرًا) ما معناهما؟ .
جوابه:
أن "الإمر" ما يخشى منه، والنكر: ما تنكره العقول
والشرائع.
والسفينة لم تغرق وإنما عابها، وخشى منه، وقتل الغلام إعداما
له بالكلية، فناسب كل لفظ مكانه.
255 - مسألة:
قوله تعالى: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ) وقال: (قَالَ
أَلَمْ أَقُلْ لَكَ) ؟ .
جوابه:
أن الخضر قصد بالأولى: تذكير موسى عليهما السلام بما شرط عليه
فخاطبه بلطف وأدب معه.
وفى الثانية: كرر موسى الإنكار عليه، فشدد الخضر عليه، وأكد
القول بقوله (لك) لأن كاف الخطاب أبلغ في
(1/242)
التنبيه.
256 - مسألة:
قوله تعالى: (لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ
فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا) وقال بعده: (فَأَرَدْنَا) ، وقال
في الثالثة: (فَأَرَادَ رَبُّكَ) ؟ .
جوابه:
أن هذا حسن أدب من الخضر مع الله تعالى.
أما في الأول: فإنه لما كان عيبا نسبه إلى نفسه.
وأما الثاني: فلما كان يتضمن العيب ظاهرا، وسلامة الأبوين من
الكفر، ودوام إيمانهما باطنا قال: أردنا، كأنه قال: أردت أنا
القتل وأراد الله سلامتهما من الكفر وإبدالهما خيرا منه.
وأما الثالث: فكان خيرا محضا ليس فيه ما ينكر لا عقلا ولا
شرعا نسبه إلى الله وحده فقال: فأراد ربك.
257 - مسألة:
السورة.
قوله تعالى: (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ
عَلَيْهِ صَبْرًا (78)
ثم قال: (ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا
(82)
(1/243)
وقال في قصة (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ
يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) ؟ .
جوابه:
أنه تقدم أولا: (مَا لَمْ تَسْتَطِعْ) فخفف الثاني لدلالة
الأول
عليه، وفى قصة ذي القرنين أن تعلق الفعل بالمفعول المفرد
أخفف من تعلقه بالمركب، و (أَنْ يَظْهَرُوهُ) مفعول مركب،
فناسب التخفيف، و " نقبا " مفعول مفرد فكمل لفظ الفعل
معه لعدم المقتضى للتخفيف.
258 - مسألة:
قوله تعالى: (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) ظاهره
أنه بمكان معين لغروبها.
وقال تعالى: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ
(17) الآية، و (وَرَبُّ الْمَشَارِقِ) وهو المعروف للشمس؟ .
جوابه:
أنه معين بالنسبة إلى ذلك المكان وذلك الزمان لا بالنسبة إلى
سائر الأزمنة والأقطار كما تقول: غابت في البحر، وإنما هي في
السماء، وإنما هو بالنسبة إلى نظرك.
(1/244)
259 - مسألة:
قوله تعالى: (وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)
وفيما قبله من هذه السورة: (وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا
أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)) .
جوابه:
أن الآية الأولى: تقدمها: (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ
شَيْءٍ جَدَلًا (54) ، وقوله تعالى: (مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ)
فناسب ذلك (وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)
والآية الثانية: تقدمها قصة موسى والخضر وذي القرنين وسؤال
اليهود ذلك، فناسب: (رُسُلِي) .
جواب آخر: أن المراد تنويع كفر الكفار لأنه إنما بالرسل
كقولهم: ساحر كاهن، أو بما جاءوا به، كقولهم: سحر مفترى، وما
سمعنا بهذا، وشبه ذلك.
(1/245)
|