لباب النقول في أسباب النزول سورة الفتح
أخرج الحاكم وغيره عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا
نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها
إلى آخرها وأخرج الشيخان والترمذي والحاكم عن أنس قال أنزلت
على النبي صلى الله عليه وسلم ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك
وما تأخر مرجعه من الحديبية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد
نزلت علي آية أحب إلى مما على الأرض ثم قرأها عليهم فقالوا
هنيئا مريئا لك يا رسول الله قد بين الله لك ماذا يفعل بك
فماذا يفعل بنا فنزلت ليدخل المؤمنين والمؤمنات حتى بلغ فوزا
عظيما ك وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن الأكوع قال بينما نحن
قائلون إذا نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها
الناس البيعة البيعة نزل روح القدس فسرنا إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه فأنزل الله لقد رضي
الله عن المؤمنين الآية وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن أنس
قال لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأصحابه ثمانون رجلا في السلاح من جبل التنعيم يريدون غرة
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا (ف) أعتقهم فأنزل الله
وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيدكم عنهم الآية (ك) وأخرج مسلم
نحوه من حديث سلمة بن الأكوع (ك) وأحمد والنسائي نحوه من حديث
عبد الله بن مغفل المزني (ك) وابن إسحق نحوه من حديث ابن عباس
(1/177)
وأخرج الطبراني وأبو يعلي عن أبي جمعة جنيد
بن سبع قال قاتلت النبي صلى الله عليه وسلم أول النهار كافرا
وقاتلت معه آخر النهار مسلما وكنا ثلاثة رجال وسبع نسوة وفينا
نزلت ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات وأخرج الفريابي وعبد بن
حميد والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال أرى النبي صلى الله
عليه وسلم وهو بالحديبية أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين
رؤوسهم ومقصرين فلما نحر الهدي بالحديبية قال أصحابه أين رؤياك
يا رسول الله فنزلت لقد صدق الله رسوله الرؤيا الآية
سورة الحجرات
قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا الآيتين أخرج
البخاري وغيره من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة أن عبد الله
بن الزبير أخبره أنه قدم ركب من بني تميم على رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال أبو بكر أمر القعقاع بن معبد وقال عمر بل
أمر الأقرع بن حابس فقال أبو بكر ما أردت إلا خلافي وقال عمر
ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزل في ذلك قوله
تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله إلى
قوله ولو أنهم صبروا (ك) وأخرج ابن المنذر عن الحسن أن أناسا
ذبحوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فأمرهم أن
يعيدوا ذبحا فانزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي
الله ورسوله وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الاضاحي بلفظ ذبح
رجل قبل الصلاة فنزلت وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة أن
ناسا كانوا يتقدمون الظهر فيصومون قبل النبي صلى الله عليه
وسلم فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله
ورسوله (ك) وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا أن ناسا كانوا
يقولون لو أنزل في كذا فأنزل الله لا تقدموا بين يدي الله
ورسوله
(1/178)
(ك) وأخرج عنه قال كانوا يجهرون له بالكلام
ويرفعون أصواتهم فأنزل الله لا ترفعوا أصواتكم الآية (ك) وأخرج
أيضا عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال لما نزلت هذه الآية
لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي قعد ثابت بن قيس في الطريق
يبكي فمر به عاصم بن عدي بن العجلان فقال ما يبكيك قال هذه
الآية أتخوف أن تكون نزلت في وأنا صيت رفيع الصوت فرفع عاصم
ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا به فقال أما ترضى
أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة قال رضيت ولا أرفع صوتي
أبدا على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله إن
الذين يغضون أصواتهم الآية قوله تعالى إن الذين ينادونك
الآيتين أخرج الطبراني وأبو يعلى بسند حسن عن زيد بن أرقم قال
جاء ناس من العرب إلى حجر النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا
ينادون يا محمد يا محمد فأنزل الله إن الذين ينادونك من وراء
الحجرات الآية (ك) وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن رجلا
جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن مدحي زين
وإن شتمي شين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك هو الله فنزلت
إن الذين ينادونك الآية مرسل له شواهد مرفوعة من حديث البراء
وغيره عند الترمذي بدون نزول الآية (ك) وأخرج ابن جرير نحوه عن
الحسن
(ك) وأخرج أحمد بسند صحيح عن الأقرع بن حابس أنه نادى رسول
الله صلى الله عليه وسلم من رواء الحجرات فلم يجبه فقال يا
محمد إن حمدي لزين وإن ذمي لشين فقال ذلكم الله (ك) وأخرج ابن
جرير وغيره عن الأقرع أيضا أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال يا محمد اخرج إلينا فنزلت قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا
إن جاءكم فاسق أخرج أحمد
(1/179)
وغيره بسند جيد عن الحرث بن ضرار الخزامي
قال قدمت على رسول الله صلى الله علية وسلم فدعاني إلى الإسلام
فأقررت به ودخلت فيه ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها وقلت يا
رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة فمن
استجاب لي جمعت زكاته فترسل إلى لإبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت
من الزكاة فلما جمع الحرث الزكاة وبلغ الإبان احتبس الرسول فلم
يأته فظن الحرث أنه قد حدث سخطة فدعا سروات قومه فقال لهم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد وقت وقتا يرسل إلي رسوله
ليقبض ما عندي من الزكاة وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم
الخلف ولا أدري حبس رسوله إلا من سخطة فانطلقوا فنأتي رسول
الله صلى الله عليه وسلم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
الوليد بن عقبة ليقبض ما كان عنده فلما أن سار الوليد فرق فرجع
فقال إن الحرث منعني الزكاة وأراد قتلي فضرب رسول الله صلى
الله عليه وسلم البعث إلي الحرث فأقبل الحرث بأصحابه إذ استقبل
البعث فقال لهم إلى أين بعثتم قالوا إليك قال ولم قالوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك
منعته الزكاة وأردت قتله قال لا والذي بعث محمدا بالحق ما
رأيته ولا أتاني فلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال منعت الزكاة وأردت قتل رسولي قال لا والذي بعثك بالحق
فنزلت يا
أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ إلى قوله والله عليم حكيم
رجال إسناده ثقات وروى الطبراني نحوه من حديث جابر بن عبد الله
وعلقمة ابن ناجية وأم سلمة وابن جرير نحوه من طريق العوفي عن
ابن عباس ومن طرق أخرى مرسلة قوله تعالى وإن طائفتان الآية
أخرج الشيخان عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا
وانطلق إلى عبد الله بن أبي فقال إليك عني فوالله لقد آذاني
نتن حمارك فقال رجل من الأنصار والله لحماره أطيب ريحا منك
فغضب لعبد الله رجل من قومه وغضب لكل واحد منهما أصحابه فكان
بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال فنزلت فيهم وإن طائفتان من
المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
(1/180)
(ك) وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن أبي
مالك تلاحى رجلان من المسلمين فغضب قوم هذا لهذا وهذا لهذا
فاقتتلوا بالأيدي والنعال وأنزل الله وإن طائفتان الآية وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال كان رجل من الأنصار يقال
له عمران تحبه امرأة يقال لها أم زيد وأن المرأة أرادت أن تزور
أهلها فحبسها زوجها في عليه له وأن المرأة بعثت إلى أهلها فجاء
قومها وأنزلوها ليطلقوا بها وكان الرجل قد خرج فاستعان بأهله
فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها فتدافعوا واجتلدوا
بالنعال فنزلت فيهم هذه الآية وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا
فبعث اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصلح بينهم وفاءوا
إلى أمر الله (ك) وأخرج ابن جرير عن الحسن قال كانت تكون
الخصومة بين الحيين
فيدعون إلى الحكم فيأبون أن يجيبوا فأنزل الله وإن طائفتان من
المؤمنون اقتتلوا الآية وأخرج عن قتادة قال ذكر لنا أن هذه
الآية نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مداراة في حق
بينهما فقال أحدهما للآخر لآخذن عنوة لكثرة عشيرته وان الآخر
دعاه ليحاكمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأبى فلم يزل الأمر
حتى تدافعوا وحتى تناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال ولم يكن
قتال بالسيوف قوله تعالى ولا تنابزوا بالألقاب الآية أخرج
أصحاب السنن الأربعة عن أبي جبير بن الضحاك قال كان الرجل منا
يكون له الأسمان والثلاثة فيدعي ببعضها فعسى أن يكرهه فنزلت
ولا تنابزوا بالألقاب قال الترمذي حسن وأخرج الحاكم وغيره من
حديثه أيضا قال كانت الأبقاب ثنا في الجاهلية فدعا النبي صلى
الله عليه وسلم رجلا منهم بلقبه فقيل له يا رسول الله إنه
يكرهه فأنزل الله ولا تنابزوا بالألقاب ولفظ أحمد عنه قال فينا
نزلت في بني سلمة ولا
(1/181)
تنابزوا بالألقاب قدم النبي صلى الله عليه
وسلم المدينة وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة فكان إذا
دعا أحدأ منهم بأسم من تلك الأسماء قالوا يا رسول الله إنه
يغضب من هذا فنزلت قوله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضا الآية أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج قال زعموا أنها نزلت في سلمان الفارسي
أكل ثم رقد فنفخ فذكر رجل أكله ورقاده فنزلت قوله تعالى يا
أيها الناس الاية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال لما
كان يوم الفتح رقى بلال على ظهر الكعبة فأذن فقال بعض
الناس اهذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة فقال بعضهم إن
يسخط الله هذا يغيره فأنزل الله يا أيها الناس إنا خلقناكم من
ذكر وأنثى الآية وقال ابن عساكر في مبهماته وجدت بخط ابن
بشكوال أن أبا بكر ابن أبي داود أخرج في تفسير له أنها نزلت في
أبي هند أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني بياضة أن يزوجوه
امرأة منهم فقالوا يا رسول الله نزوج بناتنا موالينا فنزلت
الآية قوله تعالى يمنون الآية أخرج الطبراني بسند حسن عن عبد
الله ابن أبي أوفى أن ناسا من العرب قالوا يا رسول الله أسلمنا
ولم نقاتلك وقاتلك بنو فلان فأنزل الله يمنون عليك أن أسلموا
الآية وأخرج البزار من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله
وأخرج ابن أبي حاتم مثله عن الحسن وأن ذلك لما فتحت مكة وأخرج
ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال قدم عشرة نفر من بني أسد
على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع وفيهم طليحة بن
خويلد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد مع أصحابه
فسلموا وقال متكلمهم يا رسول الله إنا شهدنا إن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له وأنك عبده ورسوله وجئناك يا رسول الله
ولم تبعث إلينا ونحن لمن وراءنا سلم فأنزل الله يمنون عليك أن
أسلموا الآية وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن جبير قال
أتى قوم من
(1/182)
الأعراب من بني أسد النبي صلى الله عليه
وسلم فقالوا جئناك ولم نقاتلك فأنزل الله يمنون عليك أن أسلموا
الآية
سورة ق
أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس أن اليهود أتت رسول الله صلى
الله عليه وسلم فسألته عن خلق السموات والأرض فقال خلق الله
الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن
من منافع وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران
والخراب وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس
والقمر والملائكة إلى ثلاثة ساعات بقين منه فخلق في أول ساعة
الآجال حتى يموت من مات وفي الثانية ألقى الآفة على كل شئ مما
ينتفع به الناس وفي الثالثة خلق أدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس
بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة قالت اليهود ثم ماذا يا
محمد قال ثم استوى على العرش قالوا قد أصبت لو أتممت قالوا ثم
استراح فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا فنزلت ولقد
خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب
فاصبر على ما يقولون (ك) وأخرج ابن جرير من طريق عمرو بن قيس
الملائي عن ابن عباس قال قالوا يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت
فذكر بالقرآن من يخاف وعيدا ثم أخرج عن عمر مرسلا مثله
سورة الذاريات
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الحنفية أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأصابوا وغنموا فجاء
قوم بعدما فرغوا فنزلت وفي أموالهم حق للسائل والمحروم واخرج
أيضا ابن منيع وابن راهويه والهيثم بن كليب في مسانيدهم من
طريق
(1/183)
مجاهد عن علي قال لما نزلت فتول عنهم فما
أنت بملوم لم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة إذ أمر النبي صلى
الله عليه وسلم أن يتولى عنا فنزلت وذكر فإن الذكرى تنفع
المؤمنين فطابت أنفسنا وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا
أنه لما نزلت فتول عنهم
الآية اشتد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأوا أن
الوحي قد انقطع وأن العذاب قد حضر فأنزل الله وذكر فإن الذكرى
تنفع المؤمنين
سورة الطور
أخرج ابن جرير عن ابن عباس أن قريشا لما اجتمعوا في دار الندرة
في أمر النبي صلى الله عليه وسلم قال قائل منهم احبسوه في وثاق
ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير
والنابغة فإنما هو كأحدهم فأنزل الله في ذلك أم يقولون شاعر
نتربص به ريب المنون
سورة النجم
أخرج الواحدي والطبراني وابن المنذر ابن وأبي حاتم عن ثابت بن
الحرث الأنصاري قال كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبي صغير هو
صديق فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال كذبت اليهود ما
من نسمة يخلقها الله في بطن أمه إلا ويعلم أنه شقي أو سعيد
فأنزل الله عند ذلك هذه الآية هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض
الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه
وسلم خرج في غزوة فجاء رجل يريد أن يحمل فلم يجد ما يخرج عليه
فلقي صديقا له فقال أعطني شيئا فقال أعطيك بكري هذا على أن لا
تتحمل ذنوبي فقال له نعم فأنزل الله أفرأيت الذي تولى الآيات
وأخرج عن دراج أبي السميع قال خرجت سرية غازية فسأل رجل رسول
(1/184)
الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله فقال لا
أجد ما أحملك عليه فأنصرف حزينا فمر برجل رحالة منيخة بين يديه
فشكا إليه فقال له الرجل هل لك أن أحملك فتلحق الجيش بحسناتك
فقال نعم فركب فنزلت أفرأيت الذي تولى إلى
قوله ثم يجزاه الجزاء الأوفى وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال ان
رجلا أسلم فلقيه بعض من يعيره فقال أتركت دين الأشياخ وضللتهم
وزعمت أنهم في النار قال إني خشيت عذاب الله قال أعطني شيئا
وانا أحمل كل عذاب كان عليك فأعطاه شيئا فقال زدني فتعاسرا حتى
أعطاه شيئا وكتب كتابا وأشهد له ففيه نزلت هذه الآية أفرأيت
الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس
قال كانوا يمرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي
شامخين فنزلت وأنتم سامدون
سورة القمر
أخرج الشيخان والحاكم واللفظ له عن ابن مسعود قال رأيت القمر
منشقا شقتين بمكة قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا
سحر القمر فنزل واقتربت الساعة وانشق القمر وأخرج الترمذي عن
أنس قال سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية فانشق القمر
بمكة مرتين فنزلت اقتربت الساعة وانشق القمر إلى قوله سحر
مستمر وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال قالوا يوم بدر نحن جميع
منتصر فنزلت سيهزم الجمع ويولون الدبر وأخرج مسلم والترمذي عن
ابي هريرة قال جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه
وسلم في القدر فنزلت إن المجرمين في ضلال وسعر إلى قوله إنا كل
شئ خلقناه بقدر
(1/185)
سورة الرحمن
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في كتاب العظمة عن عطاء أن أبا
بكر الصديق ذكر ذات يوم القيامة والموازين والجنة والنار فقال
وددت أني كنت خضراء من هذه الخضر تأتي علي بهيمة تأكلني وآني
لم أخلق فنزلت ولمن خاف مقام ربه جنتان وأخرج ابن أبي حاتم عن
ابن شوذب قال نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق
سورة الواقعة
(ك) أخرج احمد وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند فيه من لا يعرف
عن أبي هريرة قال لما نزلت ثلة من الأولين وقليل من الآخرين شق
ذلك على المسلمين فنزلت ثلة من الأولين وثلة من الآخرين (ك)
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق بسند فيه نظر من طريق عروة ابن
رويم عن حابر بن عبد الله قال لما نزلت إذا وقعت الواقعة وذكر
فيها ثلة من الأولين وقليل من الآخرين قال عمر يا رسول الله
ثلة من الأولين وقليل منا فأمسك آخر السورة سنة ثم نزلت ثلة من
الأولين وثلة من الآخرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا
عمر تعال فاسمع ما قد أنزل الله ثلة من الأولين وثلة من
الآخرين وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن رويم مرسلا وأخرج سعيد
بن منصور في سننه والبيهقي في البعث عن عطاء ومجاهد قالا لما
سأل أهل الطائف الوادي يحمي لهم وفيه عسل ففعل وهو وادي معجب
فسمعوا الناس يقولون إن في الجنة كذا وكذا قالوا يا ليت لنا في
الجنة مثل هذا الوادي فأنزل الله وأصحاب اليمين ما أصحاب
اليمين في سدر مخضود [28] الآيات
(1/186)
وأخرج البيهقي من وجه آخر عن مجاهد قال
كانوا يعجبون بوج وظلاله وطلحه وسدره فأنزل الله وأصحاب اليمين
ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وأخرج مسلم
عن ابن عباس قال مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح من الناس شاكر
ومنهم كافر قالوا هذه رحمة وضعها الله وقال بعضهم لقد صدق نوء
كذا فنزلت هذه الآيات فلا أقسم بمواقع النجوم حتى بلغ وتجعلون
رزقكم أنكم تكذبون وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حزرة قال نزلت
هذه الآيات في رجل من الأنصار في غزوة تبوك نزلوا الحجر فأمرهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يحملوا من مائها شيئا ثم
أرتحل ونزل منزلا آخر وليس معهم ماء فشكوا ذلك إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فقام فصلى ركعتين ثم دعا فأرسل الله سحابة
فأمطرت عليهم حتى استقوا منها فقال رجل من الأنصار لآخر من
قومه يتهم بالنفاق ويحك متى ترى ما دعا النبي صلى الله عليه
وسلم فأمطر الله علينا السماء فقال إنما مطرنا بنوء كذا وكذا
سورة الحديد
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد العزيز بن أبي رواد أن
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ظهر فيهم المزاح والضحك فنزلت
ألم يأن للذين آمنوا الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن
حبان قال كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذوا في شئ
من المزاح فأنزل الله ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر
الله الآية وأخرج عن السدي عن القاسم قال مل أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا حدثنا يا رسول الله فأنزل الله
نحن نقص عليك أحسن القصص
(1/187)
[يوسف: 3] ثم ملوا ملة فقالوا حدثنا يا
رسول الله فأنزل الله ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر
الله الآية وأخرج ابن المبارك في الزهد أنبأنا سفيان عن الأعمش
قال لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة
فأصابوا من العيش ما أصابوا بعدما كان بهم من الجهد فكأنهم
فتروا عن بعض ما كانوا عليه فنزلت ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع
قلوبهم الآية وأخرج الطبراني في الأوسط بسند فيه من لا يعرف عن
ابن عباس أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي صلى الله
عليه وسلم فشهدوا معه أحدا فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم
أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا يا رسول الله إنا
أهل مسيرة فأذن لنا نجئ بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل
الله فيهم الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون الآيات
فلما نزلت قالوا يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله
أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فأنزل الله يا أيها
الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته
الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل لما نزلت أولئك يؤتون أجرهم
مرتين بما صبروا الآية فخر مؤمنوا اهل الكتاب عن أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم فقالوا لنا أجران ولكم أجر فاشتد ذلك على
الصحابة فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا
برسوله يؤتكم كفلين من رحمته فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمني
أهل الكتاب وأخرج ابن جرير عن قتادة قال بلغنا أنه لما نزلت
يؤتكم كفلين من رحمته حسد أهل الكتاب المسلمين عليها فأنزل
الله لئلا يعلم أهل الكتاب الآية
(ك) وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال قالت اليهود يوشك أن يخرج
منا
(1/188)
نبي فيقطع الأيدي والأرجل فلما خرج من
العرب كفروا فأنزل الله لئلا يعلم أهل الكتاب الآية يعني
بالفضل النبوة
سورة المجادلة
أخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت تبارك الذي وسع سمعه كل شئ
إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفي علي بعضه وهي تشتكي زوجها
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول يا رسول الله أكل
شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني
اللهم إني أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الايات قد
سمع الله قول لتي تجادلك في زوجها وهو أوس بن الصامت وأخرج ابن
أبي حاتم عن مقاتل بن حبان قال كان بين النبي صلى الله عليه
وسلم وبين اليهود موادعة فكانوا إذا مر بهم رجل من أصحابه
جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما
يكرهه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فلم ينتهوا
فأنزل الله ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى الآية وأخرج احمد
والبزار والطبراني بسند جيد عن عبد الله بن عمرو أن اليهود
كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم سام عليكم ثم
يقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول فنزلت هذه الآية
وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله [8] وفي الباب عن أنس
وعائشة (ك) وأخرج ابن جرير عن قتادة قال كان المنافقون يتناجون
بينهم وكان ذلك ك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم فأنزل الله إنها
النجوى من الشيطان [10] الآية
وأخرج أيضا عنه قال كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلا ضنوا
بمجلسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت يا أيها الذين
آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس الآية
(1/189)
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل أنها نزلت يوم
جمعة وقد جاء ناس من أهل بدر وفي المكان ضيق فلم يفسح لهم
فقاموا على أرجلهم فأقام صلى الله عليه وسلم نفرا بعدتهم
وأجلسهم مكانهم فكره أولئك النفر ذلك فنزلت وأخرج من طريق ابن
أبي طلحة عن ابن عباس قال إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف عن
نبيه فأنزل إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم الآية
فلما نزلت صبر كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد
ذلك أأشفقتم الآية وأخرج الترمذي وحسنه وغيره عن علي قال لما
نزلت يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي
نجواكم صدقة قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ما ترى دينار قلت
لا يطيقونه قال فنصف دينار قلت لا يطيقونه قال فكم قلت شعيرة
قال إنك لزهيد فنزلت أأشققتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات
الآية فبي خفف الله عن هذه الأمة قال الترمذي حسن وأخرج أحمد
والحاكم وصححه عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم في ظل حجره وقد كاد الظل أن يتقلص فقال إنه سيأتيكم إنسان
فينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاءكم فلا تكلموه فلم يلبثوا أن
طلع عليهم رجل أزرق أعور فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال له حين رآه علام تشتمني أنت وأصحابك فقال ذرني آتك بهم
فانطلق فدعاهم فحلفوا له ما قالوا وما
فعلوا فأنزل الله يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون
لكم [18] الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ألم تر
إلى الذين تولوا قوما [14] الآية قال بلغنا نزلت أنها في عبد
الله بن نبتل وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال نزلت هذه
الآية في أبي عبيدة بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر لا تجد
قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون
(1/190)
من حاد الله الآية وأخرجه الطبراني والحاكم
في المستدرك بلفظ جعل والد أبي عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي
عبيدة يوم بدر وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر قصده أبو
عبيدة فقتله فنزلت وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال حدثت أن
أبا قحافة سب النبي صلى الله عليه وسلم فصكه أبو بكر صكة فسقط
فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أفعلت يا أبا بكر فقال
والله لو كان السيف قريبا مني لضربته به فنزلت لا تجد قوما
الآية
سورة الحشر
أخرج البخاري عن ابن عباس قال سورة الأنفال نزلت في بدر وسورة
الحشر نزلت في بني النضير وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت
كانت غزوة بني النضير وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من
وقعة بدر وكان منزلهم ونخلهم في ناحية المدينة فحاصرهم الرسول
صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت
الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة وهي السلاح فأنزل الله
فيهم سبح لله ما في السموات والأرض وأخرج البخاري وغيره عن ابن
عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل النضير وقطع ودي
البويرة فأنزل الله ما قطعتم من لينة أو تركتموها الآية وأخرج
أبو يعلي بسند ضعيف عن جابر قال رخص لهم قطع النخل ثم شدد
عليهم فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله هل
علينا إثم فيما قطعناه أو تركناه فأنزل الله ما قطعتم من لينة
أو تركتموها الآية (ك) وأخرج ابن إسحق عن يزيد بن رومان قال
لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني النضير تحصنوا منه
في الحصون فأمر بقطع النخل والتحريق فيها فنادوه
(1/191)
يا محمد قد كنت تنهي عن الفساد وتعيبه فما
بال قطع النخل وتحريقها فنزلت وأخرج ابن جرير عن قتادة ومجاهد
مثله وأخرج ابن المنذر عن يزيد الأصم ان الأنصار قالوا يا رسول
الله اقسم بيننا وبين إخواننا المهاجرين الأرض نصفين قال لا
ولكن تكفونهم به المؤنة وتقاسمونهم هذا الثمرة والأرض أرضكم
قالوا رضينا فأنزل الله والذين تبوءوا الدار الآية وأخرج
البخاري عن أبي هريرة قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال رسول الله أصابني الجهد فأرسل إلى نسائه فلم يجد
عندهن شيئا فقال ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحه الله فقام رجل
من الأنصار فقال أنا يا رسول الله فذهب إلى أهله فقال لامرأته
ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخرينه ثم شيئا قالت
والله ما عندي إلا قوت الصبية قال فإذا أراد الصبية العشاء
فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة ففعلت ثم
غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لقد عجب الله أو
ضحك من فلان وفلانة فأنزل الله تعالى
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وأخرج مسدد في مسنده
وابن المنذر عن ابي المتوكل الناجي أن رجلا من المسلمين فذكر
نحوه وفيه أن الرجل الذي أضاف ثابت بن قيس ابن شماس فنزلت فيه
هذه الآية واخرج الواحدي من طريق محارب بن دثار عن ابن عمر قال
أهدى لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاه فقال
إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا فبعث به أليه فلم يزل
يبعث به واحد إلى آخر حتى تداولها أهل سبعة أبيات حتى رجعت إلى
أولئك فنزلت ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة الآية (ك)
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال أسلم ناس من أهل قريظة وكان
فيهم منافقون وكانوا يقولون لأهل النضير لئن أخرجتم لنخرجن
(1/192)
معكم فنزلت هذه الآية فيهم ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون
لإخوانهم [11] |