غريب القرآن في شعر العرب (15) ص ف ص ف
[صفصفا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: فَيَذَرُها
قاعاً صَفْصَفاً «1» .
قال: القاع: الأملس. والصفصف: المستوي.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
بملمومة شهباء لو قذفوا بها ... شماريخ من رضوى إذا عاد صفصفا
«2»
__________
(1) سورة طه، الآية: 106.
(2) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) 1/ 121. ملمومة:
مشمولة. شهباء: الأرض المغطاة بالثلوج. الشماريخ: مفردها:
الشّمراخ والشّمروخ، أي: رأس الجبل، وأعلى السّحاب، وغصن دقيق
رخص ينبت في أعلى الغصن الغليظ. رضوى: جبل بين مكة والمدينة
وهو قرب ينبع على مسيرة يوم منها، فيها مياه كثيرة،: وأشجار:
قال بشر:
لو يوزنون كيالا أو معايرة ... مالوا برضوى ولم يفضلهم أحد
(1/42)
(16) ض ح و [تضحى]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: وَأَنَّكَ لا
تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى «1» .
قال: لا تعرف فيها من شدة حرّ الشّمس.
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر «2» وهو يقول:
رأت رجلا، أمّا إذا الشّمس عارضت ... فيضحى، وأيما بالعشيّ
فيخصر «3»
__________
(1) سورة طه، الآية: 119.
(2) الشاعر: هو عمر بن أبي ربيعة: المخزومي القرشي، أبو
الخطاب: أرق شعراء عصره، من طبقة جرير والفرزدق، لم يكن في
قريش أشعر منه، ولد سنة (23) الموافق (644) م في الليلة التي
توفي بها عمر بن الخطاب، فسمي باسمه، وكان يفد على عبد الملك
بن مروان فيكرمه ويقربه، ورفع إلى عمر بن عبد العزيز أنه يتعرض
لنساء الحاجّ ويشبّب بهن. فنفاه إلى (دهلك) وهي جزيرة في بحر
اليمن. ثم غزا في البحر فاحترقت السفينة به وبمن معه، فمات
فيها غرقا سنة (93) هـ الموافق (712) م. قال ابن خلكان: لم
يستقص أحد في بابه أبلغ منه. (انظر: وفيات الأعيان: 1/ 353 و
378. والشعر والشعراء: 216. وخزانة البغدادي: 1/ 240.
والأعلام: 5/ 52) .
(3) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) : 1/ 121. وقد ورد في
(الديوان) : 14. و (الشعر والشعراء) ص 460. واستشهد به الطبري
في (جامع القرآن) : 9/ 223. والطبرسي في (مجمع البيان) : 4/
150. وأبو الفرج في (الأغاني) 1/ 80.
(1/43)
(17) خ ور [خوار]
قال: يا ابن عباس: فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: عِجْلًا
جَسَداً لَهُ خُوارٌ «1» .
قال: يعني له صياح.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: أما سمعت الشاعر وهو يقول:
كأنّ بني معاوية بن بكر ... إلى الإسلام صائحة تخور «2»
__________
(1) سورة الأعراف، الآية: 148.
(2) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) : 1/ 121. بنو معاوية
بن بكر: نسبة إلى معاوية بن بكر بن هوازن من قيس عيلان من
عيلان، جد جاهلي، مات قتيلا، فجعل عامر بن الظرب العدواني ديته
مائة من الإبل. قال ابن حزم: وهي أول دية قضي فيها بذلك، من
نسله بنو:
نصر بن معاوية، وبنو: جشم بن معاوية، وبنو: صعصعة بن معاوية،
وهم كثيرون جدا، (انظر: جمهرة الأنساب 252 و 257- 275.
والأعلام: 7/ 260) .
(1/44)
(18) ون ي [تنيا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: وَلا تَنِيا
فِي ذِكْرِي «1» .
قال: أي لا تضعفا عن أمري، يعني موسى «2» وهارون «3» .
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
إنّي وجدّك ما ونيت ولم أزل ... أبغي الفكاك له بكلّ سبيل «4»
__________
(1) سورة طه، الآية: 42.
(2) موسى: هو النبي موسى، أشهر رجال التوراة ومن أكبر مشترعي
البشرية، ولد في مصر وأنقذته ابنة فرعون من المياه، فتربى في
قصر أبيها، وبدأ رسالته في سنّ الأربعين. لقّب بكليم الله. ورد
ذكره في القرآن الكريم في 128 موضعا.
(3) هارون: أخو النبي موسى كليم الله، وأول أحبار بني إسرائيل.
ورد ذكره في القرآن الكريم في 20 موضعا.
(4) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) : 1/ 121. أبغي: أبغاه
الشيء: طلبه له أو أعانه على طلبه. الفكاك: ما يفكّ به الرّهن
أو الأسير ونحوهما من مال وسواه. السبيل: الطريق وما وضع منه
والسبب والوصلة والحيلة. [.....]
(1/45)
(19) ع ر ر [والمعترّ]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: الْقانِعَ
وَالْمُعْتَرَّ «1» .
قال: القانع: الذي يقنع بما يعطي. والمعتر: الذي يعترض
الأبواب.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر «2» وهو يقول:
على مكثريهم حقّ من يعتريهم ... وعند المقلّين السّماحة والبذل
«3»
__________
(1) سورة الحج، الآية: 36.
(2) الشاعر: هو زهير بن أبي سلمى: ربيعة بن رياح المزني، من
مضر، حكيم الشعراء في الجاهلية، وفي أئمة الأدب من يفضله على
شعراء العرب كافة. قال ابن الأعرابي: كان لزهير في الشعر ما لم
يكن لغيره، كان أبوه شاعرا، وخاله شاعرا، وأخته سلمى شاعرة،
وابناه كعب ويجير شاعرين، وأخته الخنساء شاعرة. ولد في بلاد
(مزينة) بنواحي المدينة، وكان يقيم في الحاجر من ديار نجد،
واستمر بنوه فيه بعد الإسلام. قيل: كان ينظم القصيدة في شهر،
وينقحها ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تسمى (الحوليات) أشهر
شعره معلقته التي مطلعها:
أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم ... بحومانة الدّرّاج فالمتثلّم
ويقال: إن أبياته التي في آخر هذه القصيدة تشبه كلام الأنبياء.
(انظر: شرح شواهد المغني:
48. وجمهرة الأنساب: 25 و 47. والشعر والشعراء 44) .
(3) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) 1/ 121. وورد البيت
في: (ديوان زهير) في القصيدة رقم 22 التي مطلعها:
صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو ... وأقفر من سلمى التعانيق
فالثّقل
بهذا النص:
على مكثريهم رزق من يعتريهم ... وعند المقلّين السّماحة والبذل
وورد في: (الشعر والشعراء) صفحة 86. وورد في تفسير (مجمع
البيان) للطبرسي مستشهدا به و (فتح القدير) .
(1/46)
(20) ش ي د [مشيد]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: وَقَصْرٍ
مَشِيدٍ «1» .
قال: مشيد بالجصّ «2» والآجر «3» .
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت عدي بن زيد «4» وهو يقول:
شاده مرمرا وجلله كل ... سا فللطّير في ذراه وكور «5»
__________
(1) سورة الحج، الآية: 45.
(2) الجصّ: أو الجصّ: فلزّ طبيعيّ للكلسيوم يتركب من كبريتات
الكلسيوم المائية، يوجد في الطبيعة على هيئة بلورات طباقية أو
حبيبات في الصخور الرسوبية. وعند ما يسخّن يفقد جزءا من مائه،
ويتحول إلى الجصّ نصف المائيّ الذي تسمّيه العامّة الجفصين أو
الجبسين.
(3) الآجر: نوع من اللبن المشويّ المعدّ للبناء. الواحدة:
أجرّة.
(4) عدي بن زيد: بن حمّاد بن زيد العبادي التميمي، شاعر، من
دهاة الجاهليين، كان قرويا من أهل الحيرة. فصيحا، يحسن العربية
والفارسية والرمي بالنشاب، ويلعب لعب العجم بالصوالجة على
الخيل. وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى. اتخذه في خاصته
وجعله ترجمانا بينه وبين العرب، فسكن المدائن. ولما مات كسرى
أنو شروان وولي ابنه هرمز أقرّ عديا ورفع منزلته ووجهه رسولا
إلى ملك الروم طيباريوس الثاني في القسطنطينية بهديّة. فزار
بلاد الشام، وعاد إلى المدائن بهدية قيصر، ثم تزوج هندا بنت
النعمان بن المنذر، ووشى به أعداء له إلى النعمان بما أوغر
صدره فسجنه وقتله في سجنه بالحيرة سنة (35) ق. هـ. الموافق
(590) م. قال ابن قتيبة: كان يسكن الحيرة ويدخل الأرياف فثقل
لسانه، وعلماء العربية لا يرون شعره حجة. (انظر: خزانة الأدب
للبغدادي: 1/ 184- 186. والنجوم والزاهرة: 1/ 249.
والأعلام: 4/ 220) .
(5) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) : 1/ 122. و (عيون
الأخبار) : 3/ 115. و (الشعر والشعراء) : صفحة 151. و
(الجمهرة) لابن دريد 3/ 45. و (لسان العرب) : باب:
كلس. واستشهد به الطبري في (جامع البيان) : 10/ 182 والشوكاني
في (فتح القدير) :
3/ 459) .
(1/47)
(21) ش وظ [شواظ]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: شُواظٌ مِنْ
نارٍ «1» .
قال: الشّواظ: اللهب الذي لا دخان له.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت أمية بن أبي الصلت «2» يهجو حسّان بن ثابت
«3» وهو يقول:
ألا من مبلغ حسّان عنّي ... مغلغلة تدبّ إلى عكاظ «4»
أليس أبوك فينا كان قينا ... لدى القينات فسلا في الحفاظ «5»
__________
(1) سورة الرحمن، الآية: 35.
(2) أمية بن أبي الصلت: بن عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف
الثقفي، شاعر جاهلي حكيم، من أهل الطائف، قدم دمشق قبل
الإسلام، وكان مطلعا على الكتب القديمة، يلبس المسوح تعبدا،
وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر، ونبذوا عبادة الأوثان في
الجاهلية. ورحل إلى البحرين، فأقام ثماني سنين ظهر في أثنائها
الإسلام، وعاد إلى الطائف، فسأل عن خبر محمد بن عبد الله صلّى
الله عليه وسلّم فقيل له: يزعم أنه نبي، فخرج حتى قدم عليه
بمكة وسمع منه آيات من القرآن، وانصرف عنه، فتبعته قريش تسأله
عن رأيه فيه، فقال: أشهد أنه على الحق، قالوا: فهل تتبعه؟
فقال: حتى أنظر في أمره. وخرج إلى الشام، وهاجر رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم إلى المدينة، وحدثت وقعة بدر، وعاد أمية من
الشام يريد الإسلام، فعلم بمقتل أهل بدر وفيهم ابنا خال له،
فامتنع، وأقام في الطائف إلى أن مات سنة (5) هـ الموافق (626)
م: (انظر: خزانة البغدادي: 1/ 119. وتهذيب ابن عساكر: 3/ 115.
والشعر والشعراء: 176.
والأعلام: 2/ 23) .
(3) حسان بن ثابت: سبق التعريف عنه في رقم 12.
(4) عكاظ: من أسواق العرب في الجاهلية، كانت تجتمع فيها
القبائل مدة عشرين يوما في شهر ذي القعدة كل سنة بموضع بين
نخلة والطائف، يبعد عن مكة ثلاثة أيام. كان الشعراء يحضرون سوق
عكاظ ويتناشدون ما أحدثوا من الشعر.
(5) القين: الحداد، والعبد: الجمع: قيان.
(1/48)
يمانيّا يظلّ يشدّ كيرا ... وينفخ دائبا
لهب الشّواظ «6»
فأجابه حسّان بن ثابت:
أتاني عن أميّ ثنا كلام ... وما هو في المغيب بذي حفاظ
ستأتيه قصائد محكّمات ... وتنشد بالمجاز إلى عكاظ
همزتك فاختضعت بذلّ لفظ ... بقافية تأجّج كالشّواظ «7»
__________
(6) كذا في (الأصل المخطوط) ، أما في (الإتقان) لم يرد إلا
البيت الثالث وكذلك في الديوان.
يظل يشب كيرا بعد كير ... وينفخ دائبا لهب الشواظ
[.....]
(7) كذا في (الأصل المخطوط) . ولم ترد هذه الأبيات الثلاثة في
(الإتقان) وهي في الديوان صفحة 144- 145. في ثمانية أبيات
أولها:
أتاني عن أميّة زور قول ... وما هو بالمغيب بذي حفاظ
(1/49)
(22) ف ل ح [أفلح]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ «1» .
قال: قد فاز المؤمنون وسعدوا يوم القيامة.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة «2» وهو يقول:
فاعقلي إن كنت لمّا تعقلي ... ولقد أفلح من كان عقل «3»
__________
(1) سورة المؤمنون، الآية: 1.
(2) لبيد بن ربيعة: سبق التعريف عنه في رقم 6.
(3) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) : 1/ 122. أما في
الديوان:
اعقلي إن كنت لمّا تعقلي ... ولقد أفلح من كان عقل
(1/50)
(23) أي د [يؤيّد]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: وَاللَّهُ
يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ «1» .
قال: يقوّي بنصره من يشاء.
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت حسّان بن ثابت «2» وهو يقول:
برجال لستم أمثالهم ... أيّدوا جبريل نصرا فنزل «3»
وعلونا يوم بدر بالتّقى ... طاعة الله وتصديق الرّسل «4»
__________
(1) سورة آل عمران، الآية: 13.
(2) حسان بن ثابت: سبق التعريف عنه في رقم 12.
(3) جبريل: أو جبرائيل: من رؤساء الملائكة، وأحد الملائكة
المقربين إلى الله عز وجل تلقى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
منه رسالته ووحيه. ورد ذكره في القرآن الكريم في 3 مواضع.
أيدوا جبريل:
بجبريل.
(4) بدر: قرية إلى الجنوب الغربي من المدينة المنورة، حدثت
فيها الموقعة بين المسلمين من المهاجرين والأنصار، وبين
المشركين من قريش انتصر فيها المسلمون وتوطد سلطان النبي
والإسلام.
والبيتان كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) : 1/ 122 وقد
وردا في الديوان صفحة 180 في القصيدة التي مطلعها:
ذهبت بابن الزّبعري وقعة ... كان منّا الفضل فيها لو عدل
(1/51)
(24) ن ح س [نحاس]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: وَنُحاسٌ فَلا
تَنْتَصِرانِ «1» .
قال: النّحاس: الدّخان بلغتك يا ابن آدم يا ابن أم الأزرق،
الدّخان الذي لا لهب فيه.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر «2» وهو يقول:
يضيء كضوء السّراج السّليط ... لم يجعل الله فيه نحاسا»
__________
(1) سورة الرحمن، الآية: 35.
(2) الشاعر: هو النابغة الجعدي: هو قيس بن عبد الله بن عدس بن
ربيعة الجعدي العامري، أبو ليلى، شاعر فذ صحابي ومن المعمرين.
اشتهر في الجاهلية، وسمي النابغة لأنه أقام ثلاثين سنة لا يقول
الشعر ثم نبغ فقاله. وكان ممن هجر الأوثان، ونهى عن الخمر قبل
ظهور الإسلام.
وفد النابغة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأسلم، وأدرك
صفين، فشهدها مع الإمام علي كرم الله وجهه، ثم سكن الكوفة،
فسيّره معاوية بن أبي سفيان مع أحد ولاتها، فمات فيها سنة (50)
هـ الموافق (670) م وقد كفّ بصره وجاوز المائة، وأخباره كثيرة.
(انظر: اللباب: 1/ 230. وطبقات فحول الشعراء: 103. والأعلام:
5/ 207) .
(3) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) : 1/ 122 وقد ورد
البيت في: (الفائق في غريب الحديث للزمخشري: 1/ 544. واستشهد
به الزمخشري في (الكشاف) 4/ 53. وكذلك الطبرسي في (مجمع
البيان) 6/ 94.
والسّراج: المصباح الزاهر. والسليط: الشديد. والنحاس. معدن
أحمر اللون، يوجد في الطبيعة منفردا أو مركبا، وهو شديد
القابلية للسّحب والطّرق، يستخدم في أسلاك الكهرباء وغيرها.
وقد ورد في (الفائق) : 1/ 544. و (تهذيب الألفاظ) لابن السكيت:
200. و (الجامع لأحكام القرآن) : 17/ 172.
(1/52)
(25) م ش ج [أمشاج]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: أَمْشاجٍ
نَبْتَلِيهِ «1» .
قال: اختلاط ماء الرجل وماء المرأة إذا وقعا في الرّحم.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت أبا ذؤيب «2» وهو يقول:
كأنّ الرّيش والفوقين منه ... خلاف النّصل سيط به مشيج «3»
__________
(1) سورة الإنسان، الآية: 2.
(2) أبو ذؤيب: هو خويلد بن خالد بن محرّث، أبو ذؤيب، من بني
هذيل بن مدركة من مضر، شاعر فحل مخضرم، أدرك الجاهلية
والإسلام، وسكن المدينة، واشترك في الغزو والفتوح، وعاش إلى
أيام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فخرج في جند عبد
الله بن سعد بن أبي سرح إلى أفريقية سنة (26) هـ الموافق (647)
م. فشهد فتح إفريقية وعاد مع عبد الله بن الزبير وجماعة يحملون
بشرى الفتح إلى الخليفة عثمان، فلما كانوا بمصر، مات أبو ذؤيب
فيها سنة (27) هـ الموافق (648) . قال البغدادي: هو أشعر هذيل
من غير مدافعة. وفد أبو ذؤيب على رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم ليلة وفاته، فأدركه وهو مسجّى وشهد دفنه. أشهر شعره
عينية رثى بها خمسة أبناء له أصيبوا بالطاعون في عام واحد،
مطلعها:
أمن المنون وريبه تتوجع (انظر: شواهد المغني للسيوطي: 10.
والأغاني: 6/ 56. والشعر والشعراء:
252. والكامل لابن الأثير: 3/ 35. والأعلام: 2/ 325) .
(3) كذا في تحقيق البيت في (ديوان الهذليين) : 3/ 103. وسمط
اللئالئ للبكري: 957. وهو منسوب لزهير بن حرام الهذلي، أما في
(الأصل المخطوط) و (الإتقان) : 1/ 122 فهو:
كأنّ الرّيش والفوقي منه ... خلال النّضل خالطه مشيج
وقد ورد البيت في (أساس البلاغة) باب: مشج صفحة 595.
كأنّ النّصل والفوقين منه ... خلاف الرّيش سيط به مشيج
وهذه أيضا رواية (الأساس) : 2/ 287. و (رغبة الآمل) : 7/ 9.
واستشهد به الشوكاني في (فتح القدير) 5/ 345. وأبو حيان في
(البحر المحيط) : 8/ 392، بهذا النص:
كأنّ النّصل والفوقين منها ... خلاف الريش سيط به مشيج
[.....]
(1/53)
(26) ف وم [وفومها]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: مِنْ بَقْلِها
وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها «1» .
قال: الفوم: الحنطة.
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: أما سمعت أبا محجن الثقفي «2» وهو يقول:
قد كنت أحسبني كأغنى واحد ... قدم المدينة في زراعة فوم «3»
قال: يا ابن أم الأزرق ومن قرأها على قراءة عبد الله بن مسعود
«4» (الثوم) فهو هذا
__________
(1) سورة البقرة، الآية: 61.
(2) أبو محجن الثقفي: هو عمرو بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف،
أحد الأبطال الشعراء الكرماء في الجاهلية والإسلام، أسلم سنة
(9) هـ، وروى عدة أحاديث، وكان منهمكا في شرب النبيذ، فحدّه
عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرارا، ثم نفاه إلى جزيرة بالبحر،
فهرب، ولحق بسعد بن أبي وقاص وهو بالقادسية يحارب الفرس، فكتب
إليه الخليفة عمر أن يحبسه، فحبسه سعد عنده، واشتد القتال في
أحد أيام القادسية، فالتمس أبو محجن من امرأة سعد (سلمى) أن
تحل قيده، وعاهدها أن يعود إلى القيد إن سلم، وأنشد أبياتا في
ذلك، فخلّت سبيله، فقاتل قتالا عجيبا، ورجع بعد المعركة إلى
قيده وسجنه، فحدثت سلمى سعدا بخبره، فأطلقه وقال له: لن أحدّك
أبدا. فترك النبيذ وقال: كنت آنف أن أتركه من أجل الحد!: توفي
أبو محجن بأذربيجان. (انظر: الإصابة في تمييز الصحابة: رقم
1017. والشعر والشعراء:
162. والأعلام: 5/ 76. وخزانة الأدب للبغدادي: 3/ 553- 556) .
(3) نسب البيت في (جامع البيان) 1/ 311. و (مجمع البيان) 1/
271. و (بلوغ الأرب) لأحيحة بن الجلاح، أما في (اللسان) فهو
لأبي محجن. كذا ورد صدر البيت في (الأصل المخطوط) و (الإتقان)
و (البحر المحيط) . أما في (جامع البيان) و (مجمع البيان) :
قد كنت أغنى النّاس شخصا واحدا ... ورد المدينة عن زراعة فوم
(4) عبد الله بن مسعود: بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد
الرحمن، صحابي من أكابرهم فضلا
(1/54)
المنتن، وقال أمية بن أبي الصلت «5» :
كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة ... فيها الفراديس والفومان والبصل
«6»
وقال أمية:
أنفى الدّياس من القوم الصّحيح كما ... أنفى من الأرض صوب
الوابل البرقا «7»
__________
وعقلا وقربا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو من أهل
مكة، ومن السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن
بمكة، وكان خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأمين، وصاحب
سرّه، ورفيقه في حله وتر حاله وغزواته، يدخل عليه كل وقت ويمشي
معه. نظر إليه الخليفة عمر وقال: وعاء ملئ علما، ولي بعد وفاة
النبي صلّى الله عليه وسلّم بيت مال الكوفة. ثم قدم المدينة في
خلافة عثمان وتوفي فيها سنة (32) هـ الموافق (653) م. (انظر:
الإصابة رقم: 4955. وصفة الصفوة: 1/ 154. وحلية الأولياء: 1/
124. والأعلام: 4/ 137) .
(5) أمية بن أبي الصلت: سبق التعريف عنه في رقم 21.
(6) كذا في (الأصل والمخطوط) ، ولم يرد في (الإتقان) وأما في
الديوان 437:
كانت لهم جنّة إذ ذاك ظاهرة ... فيها الفراديس والفومان والبصل
(7) كذا في (الأصل المخطوط) . ولم تر في (الإتقان) وليس البيت
في الديوان.
(1/55)
(27) س م د [سامدون]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: وَأَنْتُمْ
سامِدُونَ «1» .
قال: السّمود: اللهو والباطل.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت هزيلة بنت بكر تبكي قوم عاد «2» وهي تقول:
ليت عادا قبلوا الحقّ ... ولم يجدوا الجحودا «3»
قيل قم فانظر إليهم ... ثمّ ذر عنك السّمودا
لن تراهم آخر الدّهر ... كما كانوا قعودا
__________
(1) سورة النجم، الآية: 61.
(2) عاد: شعب من العرب البائدة، سكنوا أعالي الحجاز بالقرب من
ديار ثمود، اضطهدوا النبي هود وعليه السلام فسحقتهم العاصفة،
ورد اسمهم في القرآن الكريم في 24 موضعا.
(3) كذا في (الأصل المخطوط) ، وقد استشهد أبو حيان في (البحر
المحيط) بالبيت الثاني 8/ 155.
كما ورد البيت نفسه في (لسان العرب) باب س م د. والسامد:
القائم في تحيّر. كذلك لم يرد البيت الثالث في (الإتقان) ، وقد
ورد البيت الأول والثاني على هذا الشكل (انظر: 1/ 122) :
ليت عادا قبلوا الح ... قّ ولم يبدوا جحودا
قيل قم فانظر إليهم ... ثمّ دع عنك السّمودا
(1/56)
(28)
(28) غ ول [غول]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: لا فِيها
غَوْلٌ «1» .
قال: يقول ليس فيها نتن «2» ولا كراهية كخمر الدنيا.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت امرأ القيس «3» وهو يقول:
ربّ كأس شربت لا غول فيها ... وسقيت النّديم منها مزاجا «4»
__________
(1) سورة الصافات، الآية: 47.
(2) النتن: الرائحة الكريهة.
(3) امرؤ القيس: بن حجر بن الحارث الكندي، من بني آكل المرار.
أشهر شعراء العرب على الإطلاق، يماني الأصل، ولد بنجد سنة
(130) ق. هـ الموافق سنة (497) م. اشتهر بلقبه واختلف المؤرخون
في اسمه. فقيل حندج وقيل مليكة وقيل عدي. كان أبوه ملك أسد
وغطفان، وأمه أخت المهلهل الشاعر، فلقنه المهلهل الشعر فقاله
وهو غلام، وجعل يشبب ويلهو ويعاشر صعاليك العرب، فبلغ ذلك أباه
فنهاه عن سيرته فلم ينته، فأبعده إلى (دمّون) بحضرموت موطن
آبائه وعشيرته، وهو في نحو العشرين من عمره، فأقام زهاء خمس
سنين، ثم جعل ينتقل مع أصحابه في أحياء العرب، يشرب ويطرب
ويغزو ويلهو، إلى أن ثار بنو أسد على أبيه فقتلوه، فبلغ ذلك
امرأ القيس وهو جالس للشراب فقال: رحم الله أبي ضيعني صغيرا
وحملني دمه كبيرا، لا صحو اليوم ولا سكر غدا! اليوم خمر وغدا
أمر. ونهض من غده فلم يزل حتى ثأر لأبيه من بني أسد. وقال في
ذلك شعرا كثيرا. وكانت حكومة فارس ساخطة على بني آكل المرار،
فأوعزت إلى المنذر ملك العراق، بطلب امرئ القيس، فطلبه فابتعد،
وتفرق عنه أنصاره، فطاف قبائل العرب حتى انتهى إلى السموأل
فأجاره، فمكث عنده مدة، ثم رأى أن يستعين بالروم على الفرس،
فقصد الحارث بن أبي أشمر الغساني والي بادية الشام، فسيّره هذا
إلى قيصر الروم يوستينيانس في القسطنطينية، فوعده ومطله، ثم
ولاه إمرة فلسطين ولقبه فيلارق أي الوالي، فرحل يريدها فلما
كان بأنقرة ظهرت في جسمه قروح، فأقام إلى أن مات في أنقرة سنة
(80) ق. هـ الموافق (545) م. (انظر: الأعلام: 2/ 11) . [.....]
(4) كذا في (الأصل المخطوط) و (الإتقان) : 1/ صفحة 122. ولم
يرد البيت في الديوان.
(1/57)
|