مشكل إعراب القرآن

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة حم عسق
قَوْله تَعَالَى {كَذَلِك يوحي إِلَيْك} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره وَحيا مثل ذَلِك يوحي الله اليك تَقْدِير فِيهِ التَّأْخِير بعد يُوحى وَاسم الله تَعَالَى فَاعل وَمن قَرَأَ يُوحى على مالم يسم فَاعله فالاسم مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ أَو على اضمار مُبْتَدأ أَو باضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ يوحيه الله أَو الله يوحيه أَو هُوَ الله وَيجوز أَن يكون الْعَزِيز الْحَكِيم خبرين عَن الله جلّ ذكره وَيجوز أَن يَكُونَا نعتين وَله مَا فِي السَّمَوَات الْخَبَر
قَوْله {فريق فِي الْجنَّة} ابْتِدَاء وَخبر وَكَذَلِكَ فريق فِي السعير وَأَجَازَ الْكسَائي وَالْفراء النصب فِي الْكَلَام فِي فريق على معنى وتنذر فريقا فِي الْجنَّة وفريقا فِي السعير يَوْم الْجمع
قَوْله {فاطر السَّمَاوَات} هُوَ نعت لله جلّ ذكره أَو على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ فاطر وَأَجَازَ الْكسَائي فاطر بِالنّصب على النداء وَقَالَ

(2/644)


غَيره على الْمَدْح وَيجوز فِي الْكَلَام الْخَفْض على الْبَدَل من الْهَاء فِي عَلَيْهِ
قَوْله {لَيْسَ كمثله شَيْء} الْكَاف حرف جر وشىء اسْم لَيْسَ وكمثله الْخَبَر
قَوْله {أَن أقِيمُوا الدّين} أَن فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من مَا فِي قَوْله مَا وصّى أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ أَن أقِيمُوا وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الْهَاء فِي بِهِ الأول أوالثاني وَفِيه بعد من أجل مَا يعود على مَا
قَوْله بغيا بَينهم بغيا مفعول من أَجله
قَوْله {حجتهم} رفع على الْبَدَل من الَّذين وَهُوَ بدل الاشتمال وداحضة الْخَبَر وَقيل هِيَ رفع بِالِابْتِدَاءِ وداحضة الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر الَّذين
قَوْله {من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} الْهَاء فِي لَهُ لله جلّ ذكره وَقيل للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام
قَوْله {إِلَّا الْمَوَدَّة} اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول
قَوْله {لَعَلَّ السَّاعَة قريب} إِنَّمَا ذكر قَرِيبا لِأَن التَّقْدِير لَعَلَّ وَقت السَّاعَة قريب أَو قيام السَّاعَة قريب وَنَحْوه وَقيل

(2/645)


ذكر على النّسَب أَي ذَات قرب وَقيل للْفرق بَينه وَبَين قرَابَة النّسَب وَقيل ذكرلأن التَّأْنِيث غير حَقِيقِيّ وَقيل ذكر لِأَنَّهُ حمل على الْمَعْنى لِأَن السَّاعَة بِمَعْنى الْبَعْث والحشر فَذكر لتذكير الْبَعْث والحشر
قَوْله مشفقين نصب على الْحَال لِأَن ترى من رُؤْيَة الْعين
قَوْله {ويستجيب الَّذين آمنُوا} الَّذين فِي مَوضِع نصب لِأَن الْمَعْنى ويجيب الله الَّذين آمنُوا وَقيل هُوَ على حذف اللَّام أَي يستجيب الله للَّذين امنوا اذا دعوا
قَوْله {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} من قَرَأَ فبمَا بِالْفَاءِ جعلهَا جَوَاب الشَّرْط لِأَن مَا للشّرط وَمن قَرَأَ بِغَيْر فَاء فعلى تحذف الْفَاء وارادتها وَحسن ذَلِك لِأَن مَا لم تعْمل فِي اللَّفْظ شَيْئا لِأَنَّهَا دخلت على لفظ الْمَاضِي وَقيل بل جعل مَا بِمَعْنى الَّذِي فاستغنى عَن الْفَاء لكنه جعله مَخْصُوصًا واذا كَانَت مَا للشّرط كَانَ عَاما فِي كل مُصِيبَة فَهُوَ أولى وَأقوى الْمَعْنى وَقد قَالَ الله جلّ ذكره {وَإِن أطعتموهم إِنَّكُم لمشركون} فَلم تأت الْفَاء فِي الْجَواب
قَوْله {وَيعلم الَّذين يجادلون} من نَصبه فعلى اضمار أَن لِأَنَّهُ مَصْرُوف عَن الْعَطف على مَا قبله لِأَن الَّذِي قبله شَرط وَجَزَاء و

(2/646)


ذَلِك غير وَاجِب فَصَرفهُ عَن الْعَطف على اللَّفْظ وَعطفه على مصدر الْفِعْل الَّذِي قبله والمصدر اسْم فَلم يُمكن عطف فعل على اسْم فأضمر أَن تكون مَعَ الْفِعْل مصدرا فيعطف حِينَئِذٍ مصدرا على مصدر فَلَمَّا أضمر أَن نصب بهَا الْفِعْل فَأَما من رَفعه فانه على الِاسْتِئْنَاف لما لم يحسن الْعَطف على اللَّفْظ الَّذِي قبله
قَوْله {وَالَّذين اسْتَجَابُوا} الَّذين فِي مَوضِع خفض عطف على {للَّذين آمنُوا}
قَوْله {وَلمن صَبر} ابْتِدَاء وَالْخَبَر {إِن ذَلِك لمن عزم الْأُمُور} والعائد مَحْذُوف وَالتَّقْدِير ان ذَلِك لمن عزم الْأُمُور مِنْهُ أَو لَهُ
قَوْله {يَقُولُونَ هَل} وَفِي مَوضِع نصب على الْحَال من {الظَّالِمين} لِأَن ترى من رؤيه الْعين وَكَذَلِكَ يعرضون وخاشعين وَيَنْظُرُونَ كلهَا أَحْوَال من الظَّالِمين وَمن ضمير هم فِي تراهم الثَّانِي وَفِي يعرضون وَفِي خاشعين
قَوْله {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا} أَن فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ اسْم كَانَ ولبشر الْخَبَر
قَوْله {أَو يُرْسل رَسُولا فَيُوحِي} من نصبهما عطفهما على معنى قَوْله {إِلَّا وَحيا} لِأَنَّهُ بِمَعْنى الا أَن يوحي وَلَا يجوز الْعَطف على

(2/647)


ان يكلمة لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ نفي الرُّسُل أَو نفي الْمُرْسل اليهم وَذَلِكَ لَا يجوز وَمن رَفعه فعلى الِابْتِدَاء كَأَنَّهُ قَالَ أوهو يُرْسل وَيجوز ان يكون حَالا عطفه على {إِلَّا وَحيا} على قَول من جعله فِي مَوضِع الْحَال
قَوْله مَا كنت تَدْرِي {مَا الْكتاب} مَا الأولى نفي وَالثَّانيَِة رفع الِابْتِدَاء لِأَنَّهَا اسْتِفْهَام وَالْكتاب الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بتدري
قَوْله {وَلَكِن جَعَلْنَاهُ} الْهَاء للْكتاب وَقيل للايمان وَقيل للتنزيل

(2/648)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الزخرف
قَوْله تَعَالَى {صفحا} نصب على المصدرلأن معنى {أفنضرب} أفنصفح وَقيل هُوَ حَال بِمَعْنى صافحين
قَوْله {إِن كُنْتُم} من فتح أَن جعلهَا مَفْعُولا من أَجله وَمن كسر جعلهَا للشّرط وَمَا قبل ان جَوَاب لَهَا لِأَنَّهَا لم تعْمل فِي اللَّفْظ
قَوْله خلق الْأزْوَاج هُوَ جمع زوج وَكَانَ حَقه أَن يجمع على أفعل الا أَن الْوَاو تستثقل فِيهَا الضمة فَرد الى جمع فعل كَمَا رد فعل الى جمع أفعل فِي قَوْلهم زمن وأزمن
قَوْله {ظلّ وَجهه مسودا} وَجهه اسْم ظلّ ومسودا خَبره وَيجوز أَن يكون فِي ظلّ ضمير وَهُوَ اسْمهَا يعود على أحد وَوَجهه بدل من الضَّمِير ومسودا خبر ظلّ وَيجوز فِي الْكَلَام رفع وَجهه على الِابْتِدَاء وَرفع مسود على خَبره وَالْجُمْلَة خبر ظلّ وَفِي ظلّ اسْمهَا

(2/649)


قَوْله {وَهُوَ كظيم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال
قَوْله {وَكم أرسلنَا من نَبِي} كم فِي مَوضِع نصب بارسلنا
قَوْله {أَو من ينشأ} من فِي مَوضِع نصب باضمار فعل كَأَنَّهُ قَالَ أجعلتم من ينشأ وَقَالَ الْفراء هُوَ فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف
قَوْله {لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم} الْبيُوت بدل من من باعادة الْخَافِض فَهُوَ بدل الاشتمال من جِهَة الْفِعْل
قَوْله {وَإِن كل ذَلِك لما} فِي قِرَاءَة من خفف إِن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة عِنْد الْبَصرِيين وَاسْمهَا كل لَكِن لما خففت وَنقص وَزنهَا عَن وزن الْفِعْل ارْتَفع مَا بعْدهَا بِالِابْتِدَاءِ على اصلة وَيجوز فِي الْكَلَام نصب كل بَان وان نقصت كَمَا يعْمل الْفِعْل وَهُوَ لم يَك زيد قَائِما وَيجوز أَن يكون اسْم إِن مضمرا هَاء محذوفة وكل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعده الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر إِن وَفِيه قبح لتأخير اللَّام فِي الْخَبَر وَاللَّام لَام تَأْكِيد وَإِن عِنْد الْكُوفِيّين بِمَعْنى مَا وَلما بِمَعْنى إِلَّا فِي قِرَاءَة من

(2/650)


شدد وَمن خفف فَمَا عِنْدهم زَائِدَة وَاللَّام دَاخِلَة على مَتَاع وَقيل مَا نكرَة ومتاع بدل من مَا
قَوْله {ملك مصر} لم ينْصَرف مصر لِأَنَّهُ مُذَكّر سمي بِهِ مؤنث وَلِأَنَّهُ معرفَة
قَوْله {ابْن مَرْيَم} مَرْيَم لم ينْصَرف لِأَنَّهُ اسْم أعجمي وَهُوَ معرف وَقيل هُوَ معرفَة مؤنث فَلم ينْصَرف وَهُوَ عَرَبِيّ من رام فَهُوَ مفعل لَكِن أَتَى على الأَصْل بِمَنْزِلَة استحوذ وَكَانَ حَقه لَو جرى على الِاعْتِدَال أَن يُقَال مرام كَمَا يُقَال فِي مفعل من دَامَ مدام وَمن كال مكال
قَوْله {وَإنَّهُ لعلم} الْهَاء لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل لِلْقُرْآنِ أَي لَا كتاب بعده
قَوْله {قل إِن كَانَ للرحمن ولد فَأَنا أول العابدين} ان بِمَعْنى مَا وَالْكَلَام على ظَاهره والعابدين من الْعِبَادَة وَقيل ان للشّرط وَمعنى العابدين الجاحدين لقولكم ان لَهُ ولدا وَقيل ان للشّرط والعابدين على بَابه وَالْمعْنَى فانا أول مِمَّن عَبده على أَنه لَا ولد لَهُ
قَوْله {وقيله يَا رب} من نَصبه عطفه على قَوْله {سرهم ونجواهم}

(2/651)


أَي نسْمع سرهم ونجواهم ونسمع قيله وَقيل هُوَ مَعْطُوف على مفعول يعلمُونَ الْمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ وهم يعلمُونَ الْحق ويعلمون قيله وَقيل هُوَ مَعْطُوف على مفعول يَكْتُبُونَ الْمَحْذُوف تَقْدِيره وَرُسُلنَا لديهم يَكْتُبُونَ ذَلِك وقيله أَي يَكْتُبُونَ قيله وَقيل هُوَ مَعْطُوف على معنى وَعِنْده علم السَّاعَة لِأَن مَعْنَاهُ وَيعلم السَّاعَة فَكَأَنَّهُ قَالَ وَيعلم السَّاعَة وَيعلم قيله وَقيل هُوَ مَنْصُوب على الْمصدر أَي وَيَقُول قيله وَمن قَرَأَهُ بالخفض عطفه على السَّاعَة فِي قَوْله وَعِنْده علم السَّاعَة وَعلم قيله وقرأه مُجَاهِد والأعرج بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره وقيله قيل يَا رب وَقيل تَقْدِيره وقيله يَا رب مسموع أَو متقبل وَنَحْوه وَقَرَأَ أَبُو قلَابَة يَا رب بِالنّصب وبخفض قيله تَقْدِيره أَنه أبدل من الْيَاء ألفا وحذفها لدلَالَة الفتحة عَلَيْهَا ولخفة الْألف وَالْقَوْل والقال والقيل بِمَعْنى وَاحِد وَالْهَاء فِي قيله ترجع على عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل على مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام

(2/652)


وقولة {وَقل سَلام} هُوَ خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره وَقل أَمْرِي مسالمة مِنْكُم وَلم يُؤمر بِالسَّلَامِ عَلَيْهِم انما أَمر بالتبرىء مِنْهُم وَمن مسالمة دينهم وَهَذَا قبل أَن يُؤمر بِالْقِتَالِ لِأَن السُّورَة مَكِّيَّة ثمَّ نسخ بِالْأَمر بِالْقِتَالِ وَقَالَ الْفراء مَعْنَاهُ وَقل سَلام عَلَيْكُم وَهَذَا مَرْدُود لِأَن النَّهْي قد أَتَى أَن لَا يبدأوا بِالسَّلَامِ

(2/653)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة الدُّخان
قَوْله تَعَالَى {أمرا من عندنَا} امرا نصب عِنْد الْأَخْفَش على الْحَال بِمَعْنى امرين وَقَالَ الْمبرد هُوَ فِي مَوضِع الْمصدر كَأَنَّهُ قَالَ انا أَنزَلْنَاهُ انزالا وَقَالَ الْجرْمِي هُوَ حَال من نكرَة وَهُوَ أَمر حَكِيم وَحسن ذَلِك لما وصفت النكرَة وَأَجَازَ هَذَا رجل مُقبلا وَقَالَ الزّجاج هُوَ مصدر كَأَنَّهُ قَالَ يفرق فرقا فَهُوَ بِمَعْنى فرق وَقيل يفرق بِمَعْنى يُؤمر فَهُوَ أَيْضا مصدر عمل فِيهِ مَا قبله
قَوْله {رَحْمَة من رَبك} قَالَ الْأَخْفَش رَحْمَة نصب على الْحَال وَقَالَ الْفراء هُوَ مفعول بمرسلين وَجعل الرَّحْمَة النَّبِي

(2/654)


عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ الزّجاج رَحْمَة مفعول من أَجله أَي للرحمة وَحذف مفعول مرسلين وَقيل هِيَ بدل من أَمر وَقيل هِيَ نصب على الْمصدر
قَوْله {أَنى لَهُم الذكرى} الذكرى رفع بِالِابْتِدَاءِ وأنى الْخَبَر
قَوْله {قَلِيلا} نعت لمصدر مَحْذُوف أَو لظرف مَحْذُوف تَقْدِيره كشفا قَلِيلا أوقتا قَلِيلا
قَوْله {رب السَّمَاوَات} من رَفعه جعله نعتا للسميع أَو على إِضْمَار مُبْتَدأ وَمن خفضه جعله بَدَلا من رَبك
قَوْله {يَوْم نبطش} يَوْم نصب باضمار فعل تَقْدِيره اذكر يامحمد يَوْم نبطش
قَوْله {أَن أَدّوا إِلَيّ} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ أَي بِأَن أَدّوا الي وَعباد الله نصب بأدوا وَقيل هُوَ نِدَاء مُضَاف ومفعول أَدّوا اذا نصبت عبادا على النداء مَحْذُوف أَي أَدّوا الي أَمركُم يَا عباد الله

(2/655)


قَوْله {وَأَن لَا تعلوا} أَن عطف على أَن الأولى فِي مَوضِع نصب
قَوْله {أَن ترجمون} أَن فِي مَوضِع نصب على حذف الْجَار أَي من أَن ترجمون أَي تشتمون
قَوْله {فَدَعَا ربه أَن هَؤُلَاءِ} أَن فِي مَوضِع نصب بدعا وَمن كسر فعلى اضمار القَوْل أَي فَقَالَ إِن هَؤُلَاءِ
قَوْله {واترك الْبَحْر رهوا} رهوا حَال فِي معنى سَاكن حَتَّى يحصلوا فِيهِ وَلَا ينفروا عَنهُ يُقَال عَيْش رَاه أَي سَاكن وادع وَقيل الرهو المتفرق أَي اتركه على حَاله مُتَفَرقًا طَرِيقا طَرِيقا حَتَّى يحصلوا فِيهِ
قَوْله {كم تركُوا} كم فِي مَوضِع نصب بتركوا
قَوْله {كَذَلِك وأورثناها} الْكَاف فِي مَوضِع رفع خبر ابْتِدَاء مُضْمر تَقْدِيره الْأَمر كَذَلِك وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير تفعل فعلا كَذَلِك بِمن نُرِيد هَلَاكه
قَوْله {إِلَّا موتتنا} رفعت موتتنا على خبر مَا لِأَن ان بِمَعْنى مَا فالتقدير مَا هِيَ الا موتتنا الأولى

(2/656)


قَوْله {وَالَّذين من قبلهم} الَّذين فِي مَوضِع رفع على الْعَطف على قوم تبع أَو على الِابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر أَو فِي مَوضِع نصب على اضمار فعل دلّ عَلَيْهِ أهلكناهم
قَوْله إِن يَوْم الْفَصْل يَوْم اسْم ان وخبرها ميقاتهم وَأَجَازَ الْكسَائي وَالْفراء نصب ميقاتهم بَان ويجعلان يَوْم الْفَصْل ظرفا للميقات فِي مَوضِع خبر إِن أَي إِن ميقاتهم فِي يَوْم الْفَصْل
قَوْله {يَوْم لَا يُغني} هُوَ بدل من يَوْم الأول
قَوْله {إِلَّا من رحم الله} من فِي مَوضِع رفع على الْبَدَل من الْمُضمر فِي ينْصرُونَ تَقْدِيره لَا ينصر إِلَّا من رحم الله وَقيل هِيَ رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالتَّقْدِير الا من رحم الله فيعفى عَنهُ وَقيل هِيَ بدل من مولى الأولى التَّقْدِير يَوْم لَا يُغني الا من رحم الله أَي لَا يشفع الا من رحم الله وَهَذَا دَلِيل على جَوَاز الشَّفَاعَة من الْمُؤمنِينَ للْمُؤْمِنين من أهل الذُّنُوب باذن الله تَعَالَى وَقَالَ الْكسَائي وَالْفراء هِيَ فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء المقطع
قَوْله {ذُقْ إِنَّك} من قَرَأَهُ بِكَسْر إِن جعلهَا مُبْتَدأ بهَا يُرَاد بِهِ

(2/657)


انك كنت تَقول هَذَا لنَفسك فِي الدُّنْيَا وَيُقَال لَك وَهُوَ أَبُو جهل لَعنه الله وَقيل مَعْنَاهُ فِي الْكسر التَّعْرِيض بِهِ بِمَعْنى أَنْت الذَّلِيل المهان السَّاعَة بِخِلَاف مَا كنت تَقول وَيُقَال لَك فِي الدُّنْيَا وَمن فتح فعلى تَقْدِير حذف لَام الْجَرّ أَي لِأَنَّك أَو بأنك أَنْت الَّذِي كَانَ يُقَال لَك ذَلِك فِي الدُّنْيَا وتقوله لنَفسك رُوِيَ أَنه كَانَ يَقُول أَنا أعز أهل الْوَادي وأمنعهم فالكسر يدل على ذَلِك
قَوْله {مُتَقَابلين} حَال من الْمُضمر فِي يلبسُونَ
قَوْله {كَذَلِك} الْكَاف فِي مَوضِع رفع أَي الْأَمر كَذَلِك وَقيل فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره يفعل بالمتقين فعلا كَذَلِك
قَوْله {يدعونَ} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي زوجناهم وَكَذَلِكَ آمِنين وَكَذَلِكَ لَا يذوقون
قَوْله {إِلَّا الموتة} اسْتثِْنَاء مُنْقَطع وَقيل إِلَّا بِمَعْنى بعد وَقيل بِمَعْنى سوى وَالْأول أحسن
قَوْله {فضلا من رَبك} مصدر عمل فِيهِ يدعونَ فِيهَا وَقيل الْعَامِل ووقاهم وَقيل الْعَامِل آمِنين

(2/658)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة الجاثية
قَوْله تَعَالَى {آيَات لقوم يوقنون} وآيات لقوم يعْقلُونَ من قَرَأَ آيَات فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِكَسْر التَّاء عطفه على لفظ اسْم إِن فِي قَوْله {إِن فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض لآيَات} وتقدر حذف فِي من قَوْله تَعَالَى {وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار} أَي وَفِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار فتحذف فِي لتقدم ذكرهَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِن فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَفِي خَلقكُم} فَلَمَّا تقدّمت مرَّتَيْنِ حذفهَا مَعَ الثَّالِث لتقدم ذكرهَا فَبِهَذَا يَصح النصب فِي آيَات الْآخِرَة وَإِن لم تقدر هَذَا الْحَذف كنت قد عطفت على عاملين مُخْتَلفين وَذَلِكَ لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين والعاملان هما إِن الناصبة فِي الخافضة فتعطف بِالْوَاو على عاملين مختلفي الاعراب ناصب وخافض فاذا قدرت حذف فِي لتقدم ذكرهَا لم يبْق إِلَّا أَن تعطف على عَامل وَاحِد وَذَلِكَ حسن وَقد جعله بعض الْكُوفِيّين من بَاب الْعَطف على عاملين وَلم يقدر حذف فِي وَذَلِكَ بعيد وعَلى تَقْدِير الْحَذف من مثل هَذِه الْآيَة أنْشد سِيبَوَيْهٍ

(2/659)


.. أكل امرىء تحسبين امرا ... ونار توقد بِاللَّيْلِ نَارا ...

فخفض ونار وَنصب نَارا الاخير عطفه على كل الْمَنْصُوب بتحسبين وعَلى امرىء المخفوض بِكُل فعطف على عاملين مُخْتَلفين فقدره سِيبَوَيْهٍ على حذف كل مَعَ نَار لتقدم ذكرهَا كَأَنَّهُ قَالَ وكل نَار ثمَّ حذف كلا لتقدم ذكرهَا فَيسلم بِهَذَا التَّقْدِير من الْعَطف على عاملين وَحذف حرف الْجَرّ اذا تقدم ذكره جَائِز وعَلى ذَلِك أجَاز سِيبَوَيْهٍ مَرَرْت بِرَجُل صَالح إِلَّا صَالح فَصَالح يُرِيد الا بِصَالح ثمَّ حذف الْبَاء لتقدم ذكرهَا وَقد قيل إِن قَوْله وَاخْتِلَاف اللَّيْل مَعْطُوف على السَّمَوَات وآيات نصب على التكرير لما طَال الْكَلَام فِي الأولى لَكِن كررت فيهمَا لما طَال الْكَلَام كَمَا تَقول مَا زيد قَائِما وَلَا جَالِسا زيد فتنصب جَالِسا على أَن

(2/660)


زيدا الْأَخير هُوَ الأول وَلَكِن أظهرته ثَانِيَة للتَّأْكِيد وَلَو كَانَ الْأَخير غير الأول لم يجز نصب جَالس لِأَن خبر مَالا يتَقَدَّم على اسْمهَا لِأَنَّهَا لَا تتصرف فَهِيَ بِخِلَاف لَيْسَ وَكَذَلِكَ آيَات الْأَخِيرَة هِيَ الأولى لَكِن أظهرت لما طَال الْكَلَام للتَّأْكِيد فَلَا يلْزم فِي ذَلِك عطف على عاملين على هَذَا التَّقْدِير فافهمه فَأَما من رفع آيَات فِي الْمَوْضِعَيْنِ فانه عطف ذَلِك على مَوضِع ان وَمَا عملت فِيهِ وَمَوْضِع ان وَمَا عملت فِيهِ رفع على الِابْتِدَاء لِأَنَّهَا لَا تدخل الا على مُبْتَدأ وَخَبره فَرفع وَعطف على الْموضع قبل دُخُول إِن ولابد من اضمار فِي والا يدْخلهُ أَيْضا الْعَطف على عاملين على الِابْتِدَاء والمخفوض وَقد منع البصريون زيد فِي الدَّار والحجرة عَمْرو بخفض الْحُجْرَة وَيجوز أَن يكون انما رفع على الْقطع والاستئناف فعطف جملَة على جملَة وَمذهب الْأَخْفَش أَن ترْتَفع الْآيَات بالاستقرار وَهُوَ الظّرْف فَلَا يدْخلهُ عطف على عاملين
قَوْله {قل للَّذين آمنُوا يغفروا للَّذين} هُوَ مجزوم مَحْمُول على الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى قل لَهُم اغفروا يغفروا وَقد مضى ذكر هَذَا بأشبع من هَذَا
قَوْله {ثمَّ يصر مستكبرا} هُوَ حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي يصر وَكَذَلِكَ مَوضِع قَوْله كَأَن لم يسْمعهَا وَقَوله كَأَن فِي

(2/661)


أُذُنَيْهِ وقرا كِلَاهُمَا حَال أَيْضا من الْمُضمر فِي يصر وَمن الْمُضمر فِي مستكبر تَقْدِيره ثمَّ يصر على الْكفْر بآيَات الله فِي حَال تكبره وَحَال تصامه وَإِن شِئْت قدرته ثمَّ يصر مستكبرا مشبها من لم يسْمعهَا مشبها من فِي أذنية وقر
قَوْله {سَاءَ مَا يحكمون} ان جعلت مَا معرفَة كَانَت فِي مَوضِع رفع بساء فَاعل وان جَعلتهَا نكرَة كَانَت فِي مَوضِع نصب على الْبَيَان
قَوْله {فَمن يهديه} من اسْتِفْهَام رفع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا
قَوْله {سَوَاء محياهم ومماتهم} سَوَاء خبر لما بعده ومحياهم مُبْتَدأ أَي محياهم ومماتهم سَوَاء أَي مستو فِي الْبعد من رَحْمَة الله والضميران فِي محياهم ومماتهم للْكفَّار فَلَا يحسن أَن تكون الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال من الَّذين آمنُوا اذلا عَائِد يعود عَلَيْهِم من حَالهم وَيبعد عِنْد سِيبَوَيْهٍ رفع محياهم بِسَوَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ باسم فَاعل وَلَا يشبه باسم الْفَاعِل انما هُوَ مصدر فَأَما من نصب سَوَاء فانه جعله حَالا من الْهَاء وَالْمِيم فِي تَجْعَلهُ وَيرْفَع محياهم ومماتهم بِهِ لِأَنَّهُ بِمَعْنى مستو وَيكون الْمَفْعُول الثَّانِي لجعل الْكَاف

(2/662)


فِي كَالَّذِين وَيكون الضميران فِي محياهم ومماتهم يعودان على الْكفَّار وَالْمُؤمنِينَ وفيهَا نظر
قَوْله {مَا كَانَ حجتهم إِلَّا أَن قَالُوا} أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ وحجتهم الْخَبَر وَيجوز رفع حجتهم وَتجْعَل أَن فِي مَوضِع نصب على خبر كَانَ
قَوْله {وَخلق الله السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ} بِالْحَقِّ فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَلَيْسَت الْبَاء للتعدية
قَوْله {وَيَوْم تقوم السَّاعَة يَوْمئِذٍ يخسر المبطلون} يَوْم الأول مَنْصُوب بيخسر ويومئذ تَكْرِير للتَّأْكِيد
قَوْله {ينْطق عَلَيْكُم} فِي مَوضِع الْحَال من الْكتاب أَو من ذَا وَيجوز أَن يكون خَبرا ثَانِيًا لذا وَيجوز أَن يكون كتَابنَا بَدَلا من هَذَا وينطق الْخَبَر
قَوْله {والساعة لَا ريب فِيهَا} السَّاعَة رفع على الِابْتِدَاء أَو على الْعَطف على مَوضِع ان وَمَا عملت فِيهِ وَمن نصب السَّاعَة عطفها على وعد
قَوْله {إِن نظن إِلَّا ظنا} تَقْدِيره عِنْد الْمبرد ان نَحن الا نظن ظنا وَقيل الْمَعْنى إِن نظن إِلَّا أَنكُمْ تظنون ظنا وانما احْتِيجَ الى هَذَا التَّقْدِير

(2/663)


لِأَن الْمصدر فَائِدَته كفائدة الْفِعْل فَلَو جرى الْكَلَام على غير حذف لصار تَقْدِيره إِن نظن إِلَّا نظن وَهَذَا كَلَام نَاقص وَلم يجز النحويون مَا ضربت إِلَّا ضربا لِأَن مَعْنَاهُ مَا ضربت إِلَّا ضربت وَهَذَا كَلَام لَا فَائِدَة فِيهِ

(2/664)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الاحقاف
قَوْله تَعَالَى {وَمن أضلّ مِمَّن يَدْعُو} من رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي اسْتِفْهَام وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا وَمن الثَّالِثَة فِي مَوضِع نصب بيدعو وَهِي بِمَعْنى الَّذِي وَمَا بعْدهَا صلتها
قَوْله {إِمَامًا وَرَحْمَة} حالان من الْكتاب
قَوْله {كفى بِهِ شَهِيدا} نصب على الْحَال أَو على الْبَيَان وَبِه الْفَاعِل وَالْبَاء زَائِدَة للتوكيد
قَوْله {لِسَانا عَرَبيا} حالان من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي مُصدق أَو من الْكتاب لِأَنَّهُ قد نعت بمصدق فَقرب من الْمعرفَة أَو من ذَا وَالْعَامِل فِي الْحَال الاشارة أَو التَّنْبِيه وَقيل ان عَرَبيا هُوَ الْحَال وَلِسَانًا تَوْطِئَة للْحَال
قَوْله {وبشرى} فِي مَوضِع رفع عطف على كتاب وَقيل هُوَ فِي مَوضِع نصب على الْمصدر
قَوْله {بِوَالِديهِ حسنا} وَزنه فعل وَلَيْسَ بفعلى لِأَن فعلى

(2/665)


لَا ينْصَرف فِي معرفَة وَلَا نكرَة وَأَيْضًا فان فعلى فِي مثل هَذَا الْموضع لَا يسْتَعْمل الا بِالْألف وَاللَّام وَالنّصب فِيهِ على انه قَامَ مقَام مُضَاف مَحْذُوف تَقْدِيره وَوَصينَا الانسان بِوَالِديهِ أمرا ذَا حسن فَحذف الْمَوْصُوف وَقَامَت الصّفة مقَامه كَمَا قَالَ {أَن اعْمَلْ سابغات} أَي دروعا سابغات ثمَّ حذف الْمُضَاف وَهُوَ ذَا وَأقَام الْمُضَاف اليه مقَامه وَهُوَ حسن وَمن قَرَأَ إحسانا نصب على الْمصدر وَتَقْدِيره وَوَصينَا الانسان بِوَالِديهِ أَن يحسن اليهما احسانا وَقَرَأَ على الْمصدر وَتَقْدِيره وَوَصينَا الانسان وَالِديهِ أَن يحسن اليهما احسانا وَقَرَأَ عِيسَى بن عمر حسنا بِفتْحَتَيْنِ تَقْدِيره فعلا حسنا
قَوْله {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} أصل ثَلَاثِينَ شهرا أَن ينْتَصب لِأَنَّهُ ظرف لَكِن فِي الْكَلَام حذف ظرف مُضَاف تَقْدِيره وأمد حمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا فاخبرت بظرف عَن ظرف وَهَذَا حق الْكَلَام أَن يكون الِابْتِدَاء هُوَ الْخَبَر فِي الْمَعْنى وَلَوْلَا هَذَا الاضمار لنصبت ثَلَاثِينَ على الظّرْف وَلَو فعلت ذَلِك لانقلب الْمَعْنى وَتغَير ولصارت الْوَصِيَّة فِي ثَلَاثِينَ شهرا كَمَا تَقول كَلمته ثَلَاثِينَ شهرا أَي كَلمته فِي هَذِه الْمدَّة فيتغير الْمَعْنى بذلك فَلم يكن بُد من اضمار ظرف ليَصِح الْمَعْنى الَّذِي قصد اليه لِأَنَّهُ تَعَالَى انما أَرَادَ أَن يبين كم أمد الْحمل والفصال عَن الرَّضَاع ودلت هَذِه الْآيَة أَن أقل الْحمل سِتَّة أشهر لِأَنَّهُ تَعَالَى قد بَين فِي غير هَذَا الْموضع ان أمد الرَّضَاع سنتَانِ وَبَين هَا هُنَا ان أمد الرَّضَاع وَالْحمل ثَلَاثُونَ شهرا فاذا اسقطت سنتَيْن من ثَلَاثِينَ

(2/666)


شهرا بَقِي أمد الْحمل سِتَّة أشهر
قَوْله {وَيلك آمن} وَيلك نصب على الْمصدر وَيجوز رَفعه على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وَهَذِه المصادر الَّتِي لَا أَفعَال لَهَا من لَفظهَا الِاخْتِيَار فِيهَا اذا أضيفت النصب وَيجوز الرّفْع وَلذَلِك أجمع الْقُرَّاء على النصب فِي قَوْله وَيْلكُمْ لَا تفتروا وَشبهه كثير وَيجوز فِيهَا الرّفْع فان كَانَت غير مُضَافَة فالاختيار فِيهَا الرّفْع وَيجوز النصب وَلذَلِك أجمع الْقُرَّاء على الرّفْع فِي قَوْله {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} وفويل لَهُم وَشبهه كثير فان كَانَت المصادر من أَفعَال جَارِيَة عَلَيْهَا فالاختيار فِيهَا إِذا كَانَت معرفَة الرّفْع وَيجوز النصب نَحْو الْحَمد لله وَالشُّكْر للرحمن ابْتِدَاء وَخبر فان كَانَت نكرَة فالاختيار فِيهَا النصب وَيجوز الرّفْع نَحْو حمدا لزيد وشكرا لعَمْرو فَهِيَ بضد الأول فاعرفها وَلم يجز الْمبرد فِي قَوْله {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} الا الرّفْع لعِلَّة ذكرهَا

(2/667)


قَوْله خلت النّذر النّذر جمع نَذِير كرسول ورسل وَيجوز أَن يكون اسْما للمصدر
قَوْله {رَأَوْهُ عارضا} الْهَاء فِي رَأَوْهُ للسحاب وَقيل للرعد وَدلّ عَلَيْهِ قَوْله {فأتنا بِمَا تعدنا}
قَوْله {فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ} مَا بِمَعْنى الَّذِي وَإِن بِمَعْنى مَا الَّتِي للنَّفْي وَالتَّقْدِير وَلَقَد مكناهم فِي الَّذِي مَا مكناكم فِيهِ قد مَعَ الْمَاضِي للتوقع والقرب وَمَعَ الْمُسْتَقْبل للتقليل
قَوْله {فَمَا أغْنى عَنْهُم سمعهم} مَا نَافِيَة وَالْمَفْعُول من شَيْء تَقْدِيره فَمَا أغْنى عَنْهُم شَيْئا وَيجوز أَن تكون مَا ستفهاما فِي مَوضِع نصب بأعني وَدخُول من للتَّأْكِيد يدل على أَن مَا للنَّفْي
قَوْله {وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون} مَا رفع بحاق وَهِي وَمَا بعْدهَا مصدر وَفِي الْكَلَام حذف مُضَاف تَقْدِيره وحاق بهم عِقَاب مَا كَانُوا بِهِ يستهزءون أَي عِقَاب استهزائهم لِأَن الِاسْتِهْزَاء لَا يحل عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة إِنَّمَا يحل عَلَيْهِم عِقَابه وَهُوَ فِي الْقرَان كثير مثل قَوْله {فوقاه الله سيئات مَا مكروا} أَي عِقَاب السَّيِّئَات وَمثله

(2/668)


{وقهم السَّيِّئَات وَمن تق السَّيِّئَات يَوْمئِذٍ} أَي وقهم عِقَاب السَّيِّئَات وَمن تق عِقَاب السَّيِّئَات يَوْمئِذٍ فقد رَحمته وَمثله {ترى الظَّالِمين مشفقين مِمَّا كسبوا وَهُوَ وَاقع بهم} أَي وعقابه وَاقع بهم وَلَيْسَ السَّيِّئَات يَوْم الْقِيَامَة تحل بالكفار وَتَقَع بهم انما يحل بهم عقابها فافهمه
قَوْله {قربانا آلِهَة} قرْبَان مصدر وَقيل مفعول من أَجله وَقيل هُوَ مفعول باتخذوا وآلهة بدل مِنْهُ
قَوْله {وَذَلِكَ إفكهم وَمَا كَانُوا يفترون} مَا فِي مَوضِع رفع على الْعَطف على افكهم والافك الْكَذِب وَالتَّقْدِير ذَلِك كذبهمْ وافترؤهم اي الآلهه كذبهمْ وافتراؤهم وَمن قَرَأَ أفكهم جعله فعلا مَاضِيا وَمَا فِي مَوضِع رفع أَيْضا عطف على ذَلِك وَقيل على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي أفكهم وَحسن ذَلِك للتفرقة بالمضمر الْمَنْصُوب بَينهمَا

(2/669)


فَقَامَ مقَام التَّأْكِيد
قَوْله {بِقَادِر على أَن يحيي} انما دخلت الْبَاء على أصل الْكَلَام قبل دُخُول ألف الِاسْتِفْهَام على لم وَقيل دخلت لِأَن فِي الْكَلَام لفظ نفي وَهُوَ {أولم يرَوا أَن الله} فَحمل على اللَّفْظ دون الْمَعْنى
قَوْله {وَيَوْم يعرض} انتصب يَوْم على اضمار فعل تَقْدِيره وَاذْكُر يَا مُحَمَّد يَوْم يعرض
قَوْله {بَلَاغ} رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي ذَلِك بَلَاغ وَلَو نصب فِي الْكَلَام على الْمصدر أَو على النَّعْت لساعة لجَاز

(2/670)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

شرح مُشكل اعراب سُورَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَوْله تَعَالَى {فَضرب الرّقاب} نصب على الْمصدر أَي فاضربوا الرّقاب ضربا وَلَيْسَ الْمصدر فِي هَذَا بموصول فَلَا يُنكر مُنكر تَقْدِيم الرّقاب عَلَيْهِ لِأَن الْمصدر انما يكون مَا بعده من صلته اذا كَانَ بِمَعْنى أَن فعل أَو أَن يفعل فان لم يكن كَذَلِك فَلَا صلَة لَهُ انما هُوَ توكيد للْفِعْل لَا غير
قَوْله {وَالَّذين كفرُوا فتعسا لَهُم} الَّذين ابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر وتعسا نصب على الْمصدر وَالنّصب الِاخْتِيَار لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من فعل مُسْتَعْمل وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على الِابْتِدَاء وَلَهُم الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر عَن الَّذين
قَوْله {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا} فينظروا فِي مَوضِع جزم على الْعَطف على يَسِيرُوا أَو فِي مَوضِع نصب على الْجَواب للاستفهام

(2/671)


قَوْله {من قريتك الَّتِي أخرجتك} هَذَا أَيْضا مِمَّا حذف مِنْهُ الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف اليه مقَامه تَقْدِيره الَّتِي أخرجك أَهلهَا فَحذف الْأَهْل وَقَامَ ضمير الْقرْيَة مقامهم فَصَارَ ضمير الْقرْيَة مَرْفُوعا كَمَا كَانَ الاهل مرفوعين بأخرج فاستتر ضمير الْقرْيَة فِي أخرج وَظَهَرت عَلامَة التَّأْنِيث لتأنيث الْقرْيَة وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ وَاقع بهم} تَقْدِيره وعقابه وَاقع بهم ثمَّ حذف الْمُضَاف وَهُوَ الْعقَاب وَقَامَ ضمير الْكسْب مقَامه فَصَارَ ضميرا ملفوظا بِهِ وَلم يسْتَتر لِأَن مَعَه الْوَاو وَلِأَن الْفِعْل لم يكن للعقاب فَلم يسْتَتر ضمير مَا قَامَ مقَام الْعقَاب فِي الْفِعْل واستتر ضمير الْقرْيَة فِي أخرج لِأَنَّهُ كَانَ فعلا للأهل فاستتر ضمير مَا قَامَ مقَام الْأَهْل فِي فعل الْأَهْل وَجَاز ذَلِك وَحسن لتقدم ذكر الْقرْيَة وَلِأَن الْفِعْل فِي صلَة الَّتِي وَالَّتِي للقرية فَلم يكن بُد من ضمير يعود على الَّتِي وَضمير الْمَرْفُوع الْعَائِد على الَّذِي وَالَّتِي يسْتَتر فِي الْفِعْل الَّذِي فِي الصِّلَة أبدا اذا كَانَ الْفِعْل لَهُ فاعرفه وَمثله فِي الْحَذف {فَإِذا عزم الْأَمر} أَي عزم أَصْحَاب الْأَمر ثمَّ حذف الْأَصْحَاب وَلم يسْتَتر الْأَمر فِي الْفِعْل لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر
قَوْله مثل الْجنَّة الَّتِي مثل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر

(2/672)


مَحْذُوف عِنْد سِيبَوَيْهٍ تَقْدِيره فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُم مثل الْجنَّة وَقَالَ يُونُس معنى مثل الْجنَّة صفة الْجنَّة فَمثل مُبْتَدأ وفيهَا انهار من مَاء مُبْتَدأ وَخبر فِي مَوضِع خبر مثل وَقَالَ الْكسَائي تَقْدِيره مثل أَصْحَاب الْجنَّة فَمثل على قَوْله ابتداءو {كمن هُوَ خَالِد} الْخَبَر وَقيل مثل زَائِدَة وَالْخَبَر إِنَّمَا هُوَ عَن الْجنَّة وَالْجنَّة فِي الْمَعْنى رفع بِالِابْتِدَاءِ {أَنهَار من مَاء} ابْتِدَاء وفيهَا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر عَن الْجنَّة
قَوْله {من خمر} فِي مَوضِع رفع نعت لأنهار وَكَذَلِكَ {من عسل} وَيجوز فِي الْكَلَام لَذَّة على النَّعْت لأنهار وَيجوز النصب على الْمصدر كَمَا تَقول هُوَ لَك هبة لِأَن هُوَ لَك يقوم مقَام وهبته لَك
قَوْله {قَالَ آنِفا} نَصبه على الْحَال أَي مَاذَا قَالَ مُحَمَّد مبتدئا لوعظه الْمُتَقَدّم يهزؤن بذلك وَيجوز أَن يكون انفا ظرفا أَي مَاذَا قَالَ قبل هَذَا الْوَقْت أَي مَاذَا قَالَ قبل خروجنا فَهُوَ من الِاسْتِئْنَاف
قَوْله {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} ذكراهم ابْتِدَاء وأنى لَهُم الْخَبَر وَفِي جَاءَتْهُم ضمير السَّاعَة وَالْمعْنَى فَأنى لَهُم الذكرى اذا جَاءَتْهُم السَّاعَة مثل قَوْله {وأنى لَهُم التناوش من مَكَان بعيد}
قَوْله {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} طَاعَة رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر

(2/673)


مَحْذُوف تَقْدِيره طَاعَة وَقَول مَعْرُوف أمثل وَقيل التَّقْدِير منا طَاعَة وَقيل هُوَ خبرابتداء مُضْمر تَقْدِيره أمرنَا طَاعَة فتقف فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ على أولى لَهُم وَقيل طَاعَة نعت لسورة وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير تَقْدِيره فاذا أنزلت سُورَة محكمَة ذَات طَاعَة وَقَول مَعْرُوف ذكر فِيهَا الْقِتَال رَأَيْت فَلَا تقف على {فَأولى لَهُم} فِي هَذَا القَوْل وَالْقَوْلَان الأوان أبين وَأشهر
قَوْله {أَن تفسدوا} أَن فِي مَوضِع نصب خبر عَسى تَقوله عَسى زيد أَن يقوم وَأَن لَازِمَة للْخَبَر فِي أشهر اللُّغَات وَمن الْعَرَب من يحذف أَن فَيَقُول عَسى زيد يقوم وَكَاد بضد ذَلِك الْأَشْهر فِيهَا حذف أَن من الْخَبَر تَقول كَاد زيد يقوم وَمن الْعَرَب من يَقُول كَاد زيد أَن يقوم وَهُوَ قَلِيل
قَوْله {يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم} يضْربُونَ حَال من الْمَلَائِكَة
قَوْله {فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} خبر ان وَدخلت الْفَاء فِي الْخَبَر لِأَن اسْم ان الَّذِي وَالَّذِي فِيهِ ابهام فشابه الشَّرْط لِأَنَّهُ مُبْهَم
قَوْله {وَأَنْتُم الأعلون} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي تدعوا وَكَذَلِكَ {وَالله مَعكُمْ وَلنْ يتركم أَعمالكُم}
قَوْله {يتركم} {تهنوا} قد حذفت الْفَاء مِنْهُمَا وَهِي وَاو

(2/674)


وَأَصله توهنوا ويوتركم ثمَّ حذفت الْوَاو لوقوعها بَين يَاء وكسرة وأتبع سَائِر أَمْثِلَة الْفِعْل الْمُسْتَقْبل الْحَذف وَإِن لم يكن فِيهِ يَاء على الِاتِّبَاع لِئَلَّا يخْتَلف الْفِعْل كَمَا حذفوا الْهمزَة من الْفِعْل الرباعي إِذا أخبر الْمخبر بِهِ عَن نَفسه فَقَالَ أَنا أكْرم زيدا أَنا أحسن الْعلم وَذَلِكَ لِاجْتِمَاع همزتين زائدتين ثمَّ أتبع سَائِر الْفِعْل الْمُسْتَقْبل الْحَذف وَإِن لم تكن فِيهِ تِلْكَ الْعلَّة

(2/675)