مشكل إعراب القرآن

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْوَاقِعَة
قَوْله تَعَالَى إِذا وَقعت الْوَاقِعَة اذا ظرف زمَان وَالْعَامِل فِيهِ وَقعت لِأَنَّهَا قد يجازى بهَا فَعمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا كَمَا يعْمل فِي مَا وَمن اللَّتَيْنِ للشّرط فِي قَوْلك مَا تفعل أفعل وَمن تكرم أكْرم فَمن وَمَا فِي مَوضِع نصب بِالْفِعْلِ الَّذِي بعْدهَا بِلَا اخْتِلَاف فان دخلت ألف الِاسْتِفْهَام على اذا خرجت عَن حد الشَّرْط فَلَا يعْمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا لِأَنَّهَا مُضَافَة الى مَا بعْدهَا نَحْو أئذا متْنا أئذا كُنَّا وَشبهه وَقد أجَاز النّحاس عمل متْنا فِي اذا وَهُوَ بعيد وَإِنَّمَا لم يجاز باذا فِي كل الْكَلَام وتعمل كَغَيْرِهَا لِأَنَّهَا مُخَالفَة لحروف الشَّرْط لما فِيهَا من التَّحْدِيد والتوقيت فِي جَوَاز وُقُوع مَا بعْدهَا وَكَونه بِغَيْر احْتِمَال وحروف الشَّرْط غَيرهَا انما هِيَ للشىء يُمكن أَن يَقع وَأَن لَا يَقع وَقد تقع إِذا

(2/709)


للشىء لابد لَهُ أَن يَقع نَحْو إِذا السَّمَاء انشقت وَإِذا الشَّمْس كورت وَنَحْوه
قَوْله خافضة رَافِعَة رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هِيَ خافضة رَافِعَة خبر بعد خبر وَمن قَرَأَ بِالنّصب فعلى الْحَال من الْوَاقِعَة وَفِيه بعد لِأَن الْحَال فِي أَكثر أحوالها انما تكون لما يُمكن أَن يكون وَيُمكن أَن لَا يكون وَالْقِيَامَة لَا شكّ فِي أَنَّهَا ترفع قوما الى الْجنَّة وتخفض اخرين الى النَّار لابد من ذَلِك فَلَا فَائِدَة فِي الْحَال وَقد أجَاز الْفراء على اضمار وَقعت خافضة رَافِعَة
قَوْله إِذا رجت الْعَامِل فِي اذا عِنْد الزّجاج وَقعت وَهَذَا بعيد اذا أعملت وَقعت فِي اذا الأولى فان أضمرت لاذا الأولى عَاملا اخر حسن عمل وَقعت فِي اذا الثَّانِيَة الا أَن تجْعَل اذا الثَّانِيَة بَدَلا من الأولى فَيجوز عمل وَقعت فيهمَا جَمِيعًا
قَوْله فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة

(2/710)


أَصْحَاب الأول مُبْتَدأ وَمَا ابْتِدَاء ثَان وَهِي اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التَّعَجُّب والتعظيم وَأَصْحَاب الثَّانِي خبر مَا وَمَا وخبرها خبر أَصْحَاب الأول وَجَاز ذَلِك وَلَيْسَ فِي الْجُمْلَة مَا يعود على الْمُبْتَدَأ لِأَن الْمَعْنى ماهم فهم يعود على الْمُبْتَدَأ الأول فَهُوَ كَلَام مَحْمُول على مَعنا لَا على لَفظه وَمثله الحاقة مَا الحاقة وَالْقَارِعَة مَا القارعة وَإِنَّمَا ظهير الِاسْم الثَّانِي وَحقه أَن يكون مضمرا لتقدم اظهاره ليَكُون أجل فِي التَّعْظِيم والتعجب وأبلغ وَمثله أَيْضا وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة
قَوْله وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ الأول ابْتِدَاء وَالثَّانِي نَعته وَأُولَئِكَ المقربون ابْتَدَأَ وَخبر فِي مَوضِع خبر الأول وَقيل السَّابِقُونَ الأول ابْتِدَاء وَالثَّانِي خَبره وَأُولَئِكَ خبر ثَان أَو بدل على معنى السَّابِقُونَ الى طَاعَة الله هم السَّابِقُونَ الى رَحْمَة الله
قَوْله ثلة خبر ابْتِدَاء أَي هم ثلة وَقَلِيل عطف عَلَيْهِ وعَلى سرر خبر ثَان
قَوْله متكئين ومتقابلين حالان من الْمُضمر فِي سرر وَلَو كَانَ على سرر ملغى غير خبر لم يكن فِيهِ ضمير
قَوْله وحور عين من رَفعه حمله على الْمَعْنى لِأَن معنى الْكَلَام فِيهَا أكواب وأباريق فعطف وحور عين على الْمَعْنى وَلم يعْطف على

(2/711)


اللَّفْظ وَمن خفضه عطفه على مَا قبله وَحمله أَيْضا على الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى ينعمون بفاكهة وَلحم وبحور عين وَيجوز النصب على أَن يحمل على الْمَعْنى أَيْضا لِأَن معنى يطوف عَلَيْهِم بِكَذَا وَكَذَا يُعْطون كَذَا وَكَذَا ثمَّ عطف حورا على مَعْنَاهُ
قَوْله عين هُوَ جمع عيناء وَأَصله عين على فعل كَمَا تَقول حَمْرَاء وحمر فَكسرت الْعين لِئَلَّا تنْقَلب الْيَاء واوا فتشبه ذَوَات الْوَاو وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب يَاء سَاكِنة قبلهَا ضمة وَلَا وَاو سَاكِنة قبلهَا كسرة وَمن الْعَرَب من يَقُول حير عين على الِاتِّبَاع
قَوْله جَزَاء مصدر وَقيل مفعول من أَجله
قَوْله إِلَّا قيلا نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقيل نصب بيسمعون
قَوْله سَلاما سَلاما نصب بالْقَوْل وَقيل هُوَ نصب على الْمصدر وَقيل هُوَ نعت لقيل وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على معنى سَلام عَلَيْكُم ابْتِدَاء وَخبر
قَوْله إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ الضَّمِير يعود على الْحور الْمُتَقَدّم الذّكر وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ ضنير لم يجر لَهُ ذكر إِلَّا أَنه عرف مَعْنَاهُ
قَوْله عربا هُوَ جمع عروب وَمن أسكن الرَّاء فعلى

(2/712)


التَّخْفِيف كعضد وعضد والأتراب جمع ترب
قَوْله أئذا متْنا من كسر الْمِيم من متْنا جعل فعله أَتَى على فعل يفعل كخاف يخَاف والمستقبل عِنْده يمات وَقيل هُوَ شَاذ فِي المعتل أَتَى على فعل يفعل بِضَم الْعين فِي الْمُسْتَقْبل كَمَا أَتَى فِي السَّالِم فضل يفضل على فعل يفعل وَهُوَ شَاذ أَيْضا
قَوْله شرب الهيم من فتح الشين جعله مصدر شرب وَمن ضمهَا جعله اسْما للمصدر ونصبه على الْمصدر أَي شربا مثل شرب الهيم ثمَّ حذف الْمَوْصُوف والمضاف وَقد تقدم لَهُ نَظَائِر والهيم جمع هيماء وَكسرت الْهَاء لِئَلَّا تنْقَلب الْيَاء واوا فَهِيَ مثل عين وَقيل هُوَ جمع هائم
قَوْله فظلتم أَصْلهَا ظللتم ثمَّ حذفت اللَّام الأولى وَقد قرىء بِكَسْر الظَّاء على أَن حَرَكَة اللَّام الأولى ألقيت على الظَّاء ثمَّ حذفت
قَوْله لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ هَذِه الضمة فِي يمسهُ يجوز أَن تكون اعرابا وَلَا نفيا أَي لَيْسَ يمسة الا الْمُطهرُونَ يَعْنِي الْمَلَائِكَة فَهُوَ خبر وَلَيْسَ بنهي وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة وَغَيرهم وَقيل لَا للنَّهْي والضمة فِي يمسهُ بِنَاء وَالْفِعْل مجزوم فَيكون ذَلِك

(2/713)


أمرا من الله أَن لَا يمس الْقرَان إِلَّا طَاهِر وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَغَيره فَيكون معنى التطهر على القَوْل الأول من الذُّنُوب والخطايا وعَلى القَوْل الثَّانِي التطهر بِالْمَاءِ
قَوْله فَأَما إِن كَانَ جَوَاب أما وَإِن فِي الْفَاء فِي قَوْله فَروح اي فَلهُ روح ابْتِدَاء وَخبر وَقيل الْفَاء جَوَاب أما وَإِن جوابها فِيمَا قبلهَا لِأَنَّهَا لم تعْمل فِي للفظ وَقَالَ الْمبرد جَوَاب إِن مَحْذُوف وَلَا يَلِي أما إِلَّا الْأَسْمَاء والجمل وفيهَا معنى الشَّرْط وَكَانَ حَقّهَا أَن لَا يَليهَا الا الْفِعْل للشّرط الَّذِي فِيهَا لَكِنَّهَا نائبة عَن فعل لِأَن مَعْنَاهَا مهما يكن من شَيْء فَالْأَمْر كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا نابت بِنَفسِهَا عَن فعل وَالْفِعْل لَا يَلِيهِ فعل امْتنع أَن يَليهَا الْفِعْل ووليها الِاسْم أَو الْجمل وَتَقْدِير الِاسْم أَن يكون بعد جوابها فاذا اردت أَن تعرف اعراب الِاسْم الَّذِي بعْدهَا فَاجْعَلْ موضعهَا مهما وَقدر الِاسْم بعد الْفَاء وَأدْخل الْفَاء على الْفِعْل وَمعنى أما عِنْد أبي اسحاق أَنَّهَا خُرُوج من شَيْء الى شَيْء أَي دع مَا كُنَّا فِيهِ وَخذ

(2/714)


فِي غَيره
قَوْله فسلام لَك ابْتِدَاء وَخبر
قَوْله فَنزل أَي فَلهم نزل وَمن حميم نعت لنزل وَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر
قَوْله حق الْيَقِين الْيَقِين نعت قَامَ منعوت تَقْدِيره حق الْخَبَر الْيَقِين

(2/715)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْحَدِيد
قَوْله تَعَالَى مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض أَي وَمَا فِي الأَرْض ثمَّ حذفت مَا على أَنَّهَا نكرَة موصوفه قَامَت الصّفة مقَامهَا وَهِي فِي الأَرْض وَلَا يحسن أَن تكون مَا بِمَعْنى الَّذِي وتحذف لِأَن الصِّلَة لَا تقوم مقَام الْمَوْصُوف عِنْد الْبَصرِيين وَتقوم الصّفة مقَام الْمَوْصُوف عِنْد الْجَمِيع فَحَمله على الاجماع أولى من حَملَة على الِاخْتِلَاف
قَوْله الَّذِي لَهُ ملك السَّمَوَات الَّذِي فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ أَو نعت لما قبله أَو فِي مَوضِع نصب على أَعنِي
قَوْله وَهُوَ مَعكُمْ مَعكُمْ نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ الْمَعْنى تَقْدِيره وَهُوَ شَاهد مَعكُمْ
قَوْله وَمَا لكم لَا تؤمنون مَا ابْتِدَاء وَلكم الْخَبَر وَلَا تؤمنون حَال
قَوْله وكلا وعد الله انتصب كلا بوعد وَمن قَرَأَهُ بِالرَّفْع جعل وعد نعتا لكل فَلَا يعْمل فِيهِ فرفعه على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره

(2/716)


أُولَئِكَ كل وعد الله الْحسنى وَقد منع بعض النَّحْوِيين أَن يكون وعد صفة لكل لِأَنَّهُ معرف تَقْدِيره كلهم فَلَا يكون الْخَبَر إِلَّا وعد وَهُوَ بعيد لَا يجوز عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَلا فِي الشّعْر
قَوْله من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ قد تقدم ذكره فِي الْبَقَرَة
قَوْله قرضا مصدر أَتَى على غير الْمصدر كَمَا قَالَ انبتكم من الأَرْض نباتا وكما قَالُوا أَجَابَهُ جابة وَقيل هُوَ مفعول بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ يقْرض الله مَالا حَلَالا
قَوْله يَوْم ترى يَوْم نصب وَالْعَامِل فِيهِ وَله أجر وَيسْعَى فِي مَوضِع نصب على الْحَال لِأَن ترى من رُؤْيَة الْعين
قَوْله بشراكم ابْتِدَاء وجنات خَبره وَتَقْدِيره بشراكم دُخُول جنَّات ثمَّ حذف الْمُضَاف وَمَعْنَاهُ يُقَال لَهُم ذَلِك وَأَجَازَ الْفراء نصب جنَّات على الْحَال وَيكون الْيَوْم خبر بشراكم وَتَكون جنَّات حَالا لَا معنى لَهُ اذ لَيْسَ فِيهَا معنى فعل وَأَجَازَ أَن يكون بشراكم فِي مَوضِع نصب على معنى يبشرونهم بالبشرى وَنصب جنَّات بالبشرى وَكله بعيد لِأَنَّهُ يفرق بَين الصِّلَة والموصول بِالْيَوْمِ

(2/717)


قَوْله خَالِدين فِيهَا نصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم
قَوْله يَوْم يَقُول يَوْم ظرف وَالْعَامِل فِيهِ ذَلِك هُوَ الْفَوْز وَقيل هُوَ بدل من الْيَوْم الأول
قَوْله فَضرب بَينهم بسور الْبَاء زَائِدَة وسور فِي مَوضِع رفع مفعول لم يسم فَاعله وَالْبَاء مُتَعَلقَة بِالْمَصْدَرِ اي ضربا بسور
قَوْله وَمَا نزل من الْحق مَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع خفض عطف على ذكر وَفِي نزل ضمير الْفَاعِل يعود على مَا وَلَا يجوز أَن يكون مَا مَعَ الْفِعْل مصدرا لِأَن الْفِعْل يبْقى بِغَيْر فَاعل وَمن قَرَأَ نزل بِالتَّشْدِيدِ جعل فِي نزل اسْم الله جلّ ذكره مضمرا وَقدر هَاء محذوفة تعود على مَا لِأَن الْفِعْل لما شدد تعدى الى مفعول
قَوْله وَالشُّهَدَاء رفع عطف على الصديقين وَلَهُم أجرهم ونورهم تعود على الْجَمِيع وَقيل هُوَ مُبْتَدأ وَعند رَبهم الْخَبَر وَلَهُم أجرهم ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر الشُّهَدَاء ان شِئْت وَالضَّمِير يعود على الشُّهَدَاء فَقَط
قَوْله اعلموا أَنما الْحَيَاة الدُّنْيَا أَن سدت مسد

(2/718)


مفعولي علم وَمَا كَافَّة لِأَن عَن الْعَمَل والحياة ابْتِدَاء وَلعب الْخَبَر وَالدُّنْيَا فِي مَوضِع رفع نعت للحياة
قَوْله كَمثل غيث الْكَاف فِي مَوضِع رفع نعت لتفاخر أَو على أَنَّهَا خبر بعد خبر للحياة
قَوْله عرضهَا كعرض ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لجنة وَكَذَلِكَ أعدت نعت أَيْضا للجنة
قَوْله مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض قَوْله فِي الأَرْض فِي مَوضِع رفع صفة للمصيبة على الْموضع لِأَن من زَائِدَة وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع خفض على النَّعْت على اللَّفْظ وَفِي الصّفة ضمير يعود على الْمَوْصُوف وَيجوز أَن يكون فِي الأَرْض ظرفا لأصاب أَو للمصيبة فَلَا يكون فِيهِ حِينَئِذٍ ضمير
قَوْله تبرأها الضَّمِير يعود على الْمُصِيبَة وَقيل على الأَرْض وَقيل على الْأَنْفس
قَوْله الَّذين يَبْخلُونَ الَّذِي فِي مَوضِع رفع على اضمار مبتداء على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف اَوْ فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من كل أَو على أَعنِي

(2/719)


قَوْله فِيهِ بَأْس شَدِيد ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْحَدِيد
قَوْله أَلا ابْتِغَاء رضوَان الله ابْتِغَاء اسْتثِْنَاء لَيْسَ من الأول وَيجوز أَن يكون بَدَلا من الْمُضمر الْمَنْصُوب فِي كتبناها

(2/720)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة المجادلة
قَوْله تَعَالَى الَّذين يظهرون الَّذين ابْتِدَاء وماهن أمهاتهم الْخَبَر وَأَتَتْ مَا فِي هَذَا على لُغَة أهل الْحجاز وَيجوز أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع نصب ببصير على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِي جَوَاز اعمال فعيل
قَوْله إِلَّا اللائي اللائي فِي مَوضِع رفع خبر مَا بعد إِلَّا الْمُوجبَة لِأَن ان بِمَعْنى مَا فِي قَوْله إِن أمهاتهم واللغتان متفقتان فِي الايجاب على الرّفْع فِي الْخَبَر وَكَذَلِكَ ان تقدم الْخَبَر على الِاسْم فالرفع فِي الْخَبَر لَا غير
قَوْله مُنْكرا وزورا نعتان لمصدر مَحْذُوف نصب بالْقَوْل اي ليقولون قولا مُنكر وقولا زورا أَي كذبا وبهتانا وَلَو رفعته لانقلب الْمَعْنى لِأَنَّك كنت تحكي قَوْلهم فتخبر أَنهم يَقُولُونَ هَاتين اللفظتين وَلَيْسَ اللَّفْظ بِهَاتَيْنِ اللفظتين يُوجب ذمهم
قَوْله ثمَّ يعودون لما قَالُوا اللَّام مُتَعَلقَة بيعودون أَي يعودون لوطء الْمَقُول فِيهِ الظِّهَار وَهن الْأزْوَاج فَمَا وَالْفِعْل مصدر أَي

(2/721)


لقَولهم والمصدر فِي مَوضِع الْمَفْعُول كَقَوْلِهِم هَذَا دِرْهَم ضرب الْأَمِير أَي مضروبه فيصيرمعنى لقَولهم للمقول فِيهِ الظِّهَار أَي لوطئه بعد التظاهر مِنْهُ فَعَلَيْهِم تَحْرِير رَقَبَة من قبل الْوَطْء وَقيل التَّقْدِير ثمَّ يعودون لامساك الْمَقُول فِيهِ الظِّهَار وَلَا يُطلق وَقَالَ الْأَخْفَش اللَّام مُتَعَلّقه بتحرير وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير وَالْمعْنَى فَعَلَيْهِم تَحْرِير رَقَبَة لما نطقوا بِهِ من الظِّهَار فتقدير الاية عِنْده وَالَّذين يظهرون من نِسَائِهِم فَعَلَيْهِم تَحْرِير رَقَبَة للفظهم بالظهار ثمَّ يعودون للْوَطْء وَقَالَ أهل الظَّاهِر أَن اللَّام مُتَعَلقَة بيعودون وان الْمَعْنى ثمَّ يعودون لقَولهم فيقولونه مرّة أُخْرَى فَلَا يلْزم الْمظَاهر عِنْدهم كَفَّارَة حَتَّى يظاهر مرّة أُخْرَى وَهَذَا غلط لِأَن الْعود لَيْسَ هُوَ أَن يرجع الانسان الى مَا كَانَ فِيهِ دَلِيله تسميتهم للاخرة الْمعَاد وَلم يكن فِيهَا أحد فَيَعُود اليها وَقد قَالَ قَتَادَة مَعْنَاهُ ثمَّ يعودون لما قَالُوا من التَّحْرِيم فيحلونه فَاللَّام على هَذَا مُتَعَلقَة بيعودون
قَوْله يَوْم يَبْعَثهُم يَوْم ظرف وَالْعَامِل فِيهِ وللكافرين عَذَاب مهين أَي فِي هَذَا الْيَوْم
قَوْله مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة ثَلَاثَة خفض باضافة نجوى

(2/722)


اليها والنجوى بِمَعْنى السركما قَالَ تَعَالَى نهوا عَن النَّجْوَى وَبَين يَدي نَجوَاكُمْ وَيجوز أَن يكون ثَلَاثَة بَدَلا من نجوى والنجوى بِمَعْنى المتناجين كَمَا قَالَ تَعَالَى لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر وَيجوز فِي الْكَلَام رفع ثَلَاثَة على الْبَدَل من مَوضِع نجوى لِأَن موضعهَا رفع وَمن زَائِدَة وَلَو نصبت ثَلَاثَة على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي نجوى اذا جعلته بِمَعْنى المتناجين جَازَ فِي الْكَلَام
قَوْله يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا جَمِيعًا نصب على الْحَال
قَوْله استحوذ عَلَيْهِم الشَّيْطَان هَذَا مِمَّا جَاءَ على أَصله وشذ على الْقيَاس وَكَانَ قياسة استحاذ كَمَا تَقول استقام الْأَمر واستجاب الدَّاعِي
قَوْله اباءهم أَو أَبْنَاءَهُم أصل أَب أَبُو على فعل دَلِيله قَوْلهم أَبَوَانِ فِي التَّثْنِيَة وحذفت الْوَاو مِنْهُ لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَو جرى على أصُول الاعتلال وَالْقِيَاس لَقلت أَبَاك فِي الرّفْع وَالنّصب والخفض ولقلت أَبَا فِي الرّفْع وَالنّصب والخفض بِمَنْزِلَة عَصا وعصاك وَبَعض الْعَرَب يفعل فِيهِ ذَلِك وَلَكِن جرى على غير قِيَاس الاعتلال فِي أَكثر اللُّغَات وَحسن ذَلِك فِيهِ لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله وتصرفه فَأَما ابْن فالساقط

(2/723)


مِنْهُ يَاء وَأَصله بني مُشْتَقّ من بنى يبْنى وَالْعلَّة فِيهِ كالعلة فِي أَب وَقد قيل إِن السَّاقِط مِنْهُ وَاو لقَولهم الْبُنُوَّة وَهُوَ غلط لِأَن الْبُنُوَّة وَزنهَا الفعولة وَأَصلهَا البنوية فادغمت الْيَاء فِي الْوَاو وغلبت الْوَاو للضمتين قبلهَا وَلَو كَانَت ضمة وَاحِدَة لغيرت الى الْكسر وغلبت الْيَاء وَلَكِن لَو أَتَى بِالْيَاءِ فِي هَذَا لوَجَبَ تَغْيِير ضمتين فتستحيل الْكَلِمَة

(2/724)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْحَشْر
قَوْله تَعَالَى من خيل وَلَا ركاب يجوز فِي الْكَلَام وَلَا ركابا بِالنّصب تعطفه على مَوضِع من خيل لِأَن من زَائِدَة وخيل مفعول بِهِ
قَوْله كي لَا يكون دولة دولة خبر كَانَ وَفِي كَانَ اسْمهَا تَقْدِيره كي لَا يكون الْفَيْء دولة وَمن قَرَأَ تكون بِالتَّاءِ وَرفع دولة جعلهَا اسْم كَانَ كَانَ بِمَعْنى وَقع وَلَا يحْتَاج الى خبر وَلَا فِي الْقِرَاءَتَيْن غير زَائِدَة
قَوْله يَبْتَغُونَ فضلا من الله يَبْتَغُونَ فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْفُقَرَاء وَمن الضَّمِير فِي أخرجُوا
قَوْله وَالَّذين تبوءوا الدَّار الَّذِي فِي مَوضِع خفض عطف على الْفُقَرَاء وَيُحِبُّونَ فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الَّذين وَمثله وَلَا يَجدونَ ويؤثرون أَو فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر يحبونَ
قَوْله كَمثل الشَّيْطَان الْكَاف فِي مَوضِع رفع خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره مثل هَؤُلَاءِ كَمثل الشَّيْطَان

(2/725)


قَوْله لَا يخرجُون مَعَهم وَلَا ينصرونهم لم يجزما لِأَنَّهُمَا جوابان لقسمين قبلهمَا وَلم يعْمل فيهمَا الشَّرْط
قَوْله لَا يقاتلونكم جَمِيعًا جَمِيعًا نصب على الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع
قَوْله فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِي النَّار أَن فِي مَوضِع رفع اسْم كَانَ وَالْعَاقبَة الْخَبَر وخالدين حَال وَيجوز رفع خَالِدين على خبر أَن ويلغى الظّرْف وَبِه قَرَأَ الْأَعْمَش وكلا الْوَجْهَيْنِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ سَوَاء وَقَالَ الْمبرد نصب خَالِدين على الْحَال أولى لِئَلَّا يلغى الظّرْف مرَّتَيْنِ فِي النَّار وفيهَا وَلَا يجوز عِنْد الْفراء الا نصب خَالِدين على الْحَال لِأَنَّك لَو رفعت خَالِدين على خبر أَن كَانَ حق فِي النَّار أَن يكون مُؤَخرا فَيقدم الْمُضمر على الْمظهر لِأَنَّهُ يصير التَّقْدِير عِنْده فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا خالدان فِيهَا فِي النَّار وَهَذَا جَائِز عِنْد الْبَصرِيين إِذا كَانَ الْمُضمر فِي اللَّفْظ بعد الْمظهر وَإِن كَانَت رُتْبَة الْمظهر التَّأْخِير انما ينظر الى اللَّفْظ عِنْدهم وَكلهمْ أجَاز ضرّ زيدا طَعَامه لتأخير الضَّمِير فِي اللَّفْظ وان كَانَت رتبته التَّقْدِيم لِأَنَّهُ فَاعل
قَوْله خَاشِعًا متصدعا حالان من الْهَاء فِي رَأَيْته وَرَأَيْت من رُؤْيَة الْعين

(2/726)


قَوْله المصور هُوَ مفعل من صور يصور وَلَا يحسن أَن يكون من صَار يصير لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن يُقَال الْمصير بِالْيَاءِ وَهُوَ نعت بعد نعت أَو خبر بعد خبر وَيجوز نَصبه فِي الْكَلَام ولابد من فتح الْوَاو فتنصبه بالبارىء أَي هُوَ الله الْخَالِق البارىء المصور يَعْنِي آدم عَلَيْهِ السَّلَام وبنيه وَلَا يجوز نَصبه مَعَ كسر الْوَاو لِأَنَّهُ مفعول ويروى عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ بِفَتْح الْوَاو وَكسر الرَّاء على التَّشْبِيه بالْحسنِ الْوَجْه

(2/727)