معاني القراءات للأزهري

سورة الْبَلَدِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) .
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي (فَكَّ رَقَبَةً أَوْ أطعَمَ) بالنصب.
وقرأ الباقون (فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ) .
قال أبو منصور: من قرأ (فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ)
فالمعنى: اقتحام العقبة: (فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ) .
فَك رقبة: الإعانة في فكاكها، كالمكاتَب، والمُعْتَقِ على
مال، يُعَان على فكاكها.
ومن قرأ (فَكَّ رقبةً) فهو محمول على المعنى، كأنه
لما قال: فلا اقتحم العقبة قال: فلا فَكَّ رقبة، ولا أطْعَمَ في يوم ذِى مَسْغَبة
وهذه القراءة مروية عن على رضي الله عنه.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20) .
قرأ أبو عمرو، وحفص عن عاصم، وحمزة ويعقوب " مُؤصَدَة " بالهمز،
وكذلك؟ " مُؤصَدَة " في الهُمَزة.
وقرأ الباقون " مُوصَدَة " بغير همز في السورتين.

(3/147)


قال أبو منصور: هما لغتان: أوْصَدْتُ البابَ، وَآصَدْتُه، إذا أطْبَقته
والحظيرة يقال لها: الوَصيَدة والأصيدَة.
* * *

(3/148)


سورة وَالشَّمْسِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) .
قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم ويعقوب ياءاتها كلَّها بالتفخيم.
وقرأها نافعِ وأبو عمرو بين الفتح والكسر.
وكسرها الكسائي كلَّها.
وقرأ حمزة (تلاَهَا) و (طحاها) بالفتح.
وكذلك قرأ في النازعات (دحاها) بالفتح وكَسرِها الباقي.
وقال عباس: سألت أبا عمرو فكسرها كلَّها.
قال أبو منصور: من فخَّم هذه الألفات كلها فلأن التفخيم هى لغة أهل
الحجاز القديمة.
ومن قرأها بين الفتح والكسر فلأن ذوات الياء كثرت فيها،
فأتبعها ذوات الواو؛ لتتواطأ الفواصل كلها على نسقٍ واحد، وذوات الياء
الإمالة أولى بها؛ لأن الياءات أخوات الكسرة.
ومن فَخم (تَلاَهَا) و (طَحَاهَا) و (دَحَاهَا) فلأنها من ذوات الواو، وكسر باقي السورة؛ لأنها من ذوات الياء.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا) .

(3/149)


قرأ نافع وابن عامر (فلا يَخَافُ) ، وكذلك هي في مصاحفهم.
وقرأ الباقون بالواو (وَلاَ يَخَافُ) .
قال أبو بكر بن الأنباري: من قرأ (فَلاَ يَخَافُ) بالفاء فلأن الفاء فيها
تَصِل الذي بعدها بالذي قبلها، وهو قوله (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَواهَا) .
أي: فسوى الأرض عليهم، فلا يخاف عقبى هَلَكتِهِمْ، ولا يُقَدِّرُ أنْ يرجعوا إلى السلامة بعد أن أزالها عنهم.
قال أبو بكر؛ وقراءة العراقيين بالواوِ (وَلاَ يَخَافُ) ؛ لأن الواو جمعت الذي
اتصل بها مع العَقر إذا انبعث أشقاها فعَقَرَها وهو لا يخاف عُقْبى عَقْرِها، أى
لا يُقَدِّرُ أنَ الهَلَكة تَنزِل به من جهة عَقْره إياها.
قال: وقوله: فدمدم عليهم ربهم، أي: غَضِب.
وقال أبو طالب النحوي:
الدمدَمَةُ: كلام مع غَضَب.
وقال غيرهما في قوله (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِم)
أي: أطبق الله عليهم العذاب.
والله أعلم بما أراد.
* * *

(3/150)


سورة وَاللَّيْلِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ نافع وابن عامر ياءاتها كلها بين الكسر والفتح.
وأما حمزة والكسائي فإنهما كسراها.
وفتحها الباقون.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (نَارًا تَلَظَّى (14)
شدّد التاء يعقوب.
وفتحها الباقون.
قال أبو منصور: من خفّف التاء فلحذفه إحدى التاءين، ومن شددها فلإدغام إحداهما في الأخرى.
والأصل: تَتَلَظَّى.
* * *

(3/151)


سورة الضُّحَى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وكان ابن كثير إذا انتهى إلى سورة الضحى كبر عند رأس كل سورة إلى
أن يختم القرآن، وروى ذلك عن مجاهد عن ابن عباس عن أبيٍّ.
وقرأ نافع ياءاتها بين الفتح والكسر.
وفتح حمزة (سَجَى) وَحْده.
وكسرها الباقون كلها.
وقال عباس بن عبد العظيم سألت أبا عمرو عن (وَالضُّحَى) و (سَجَى) ،
و (قَلَى) فقرأهن بالكسر) .
وقرأ الباقون بالتفخيم.

(3/152)


سورة وَالتِّينِ
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
اتفقوا كلهم على كسر السين من قوله: (وَطُورِ سِينِينَ (2) .
وقد روى عن عمر (وَطُورِ سَيْنَاء) .
وقيل " سِينِينَ " نعتهُ بالحسنى.
ويقال: هو جبل بين حُلْوان وهَمَذَان.
قال أبو منصور: ما روي عن عمر فهو شاذ، وهو خلاف المصحف.
وسَيْنا معناه: الحَسَن.
وقد جاء عن النبى - صلى الله عليه - أنه تكلم به.

(3/153)


سورة الْعَلَقِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) .
روى قنبل عن ابن كثير " أن رأه استغنى " بوزن (رَعَهُ) .
وروى أصحاب ابن كثير " أن رآه " بفتح الراء والهمزة.
قال أبو منصور: وهذا هو الصحيح، وما رواه قنبل فإنه خارج عن اللغة.
وقال ابن مجاهد: (رَأهُ) بوزن (رَعَهُ) غَلَط، والصواب (رآه) بوزن
(رَعَاه) .
وقرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب (أن رآهُ) بوزن (رَعَاه) .
وقرأ نافع بين الكسر والفتح.
وقرأ أبو عمرو (رآه) بفتح الراء وكسر الهمزة.
وقرأ حمزة والكسائي " رآه " بكسر الراء والهمزة.
وقال ابن مجاهد: كان حمزة؛ والكسائي يقرَآن (أن رآهُ) بكسر الراء وفتح
الهمزة بوزن (رِعَاهُ) .
* * *

(3/154)


سورة الْقَدْرِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) .
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة
(هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) بفتح اللام.
وقرأ الكسائي (مَطْلِعِ الْفَجْرِ) بكسر اللام،
وكذلك روى عبيد عن أبي عمرو بكسر اللام.
قال أبو منصور: من قرأ (مَطْلَعِ الْفَجْرِ) فهو مصدر بمعنى الطلُوع.
يقال: طلعت الشمس مَطْلَعًا وطُلُوعًا.
ومن قرأ (مَطْلِعِ) بكسر اللام فمعناه:
وقت طُلُوع الشمس. والعرب تضع الاسم مَوْضع المصدر.
* * *

(3/155)


سورة لَمْ يَكُنِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (أولَئكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة) .
قرأ نافع وابن عامر " خَيْرُ الَبْرِيَئَةِ "، و (شَر البَرِيئَةِ) مهموزتين.
وقرأ سائر القراء بغير همز.
قال أبو منصور: من همز (البرِيئَة) جعلها منْ بَرِئ الله الخلق يبرَؤهم،
والله البارئ الخالق.
وقال الفراء: جائز أن يكون (البرِية) مأخوذة من البرْي، وهو: التراب.
* * *

(3/156)


سورة إِذَا زُلْزِلَتِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (خَيْرًا يَرَهُ) و (شَرًّا يَرَهُ) .
روى هشام بن عمّار بإسناده عن ابن عامر " خَيْرًا يَرهْ " و (شَرًّا يَرَهْ)
جزمًا.
وروى أبان عن عاصم " خَيْرًا يُرهُ " و (شَرًّا يُرَهُ) بضم الياء.
وقرأ ابن كثير، وابنَ عامر، وحفص عن عاصم، وحمزة، والكسائي ونافع
في رواية الحُلْوَاني عن قالون، ورواية ورش (يَرَهُو) و (يَرَهُو) .
والكسائي عن أبي بكر عن عاصم " خَيْرا يَرَهْ " و (شرًا يَرَهْ)
ساكنين.
وقرأ أبو عمرو في رواية اليزيدي وعباس (يَرَهو) بواو مشبعة فيهما.
* * *

(3/157)


سورة الْعَادِيَاتِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (وَالْعَادِيَاتِْ ضَبْحًا. . . . . فَالْمِغُيرَاتِ صُبْحًا) .
قرأ أبو عمرو وحده بإدغام التاء في الضاد والصاد.
وأظهر الباقون التاء.
* * *

(3/158)


سورة الْقَارِعَةِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ذكر أبو حاتم عن أبي عمرو أنه كان يميل (الْقِارِعَةُ) .
وأصحاب أبي عمرو لا يعرفون ذلك؛ لأن القارعة في موضع الرفع.
والقراءة بفتح القاف.
وقرأ حمزة ويعقوب (مَا هيَ)
في الوصل بغير هاء.
قال أبو منصور: الاختيار الوقف على (مَا هِيَهْ) ؛ لأن الهاء مثبتة في المصاحف
فلا يجوز إسقاطها وأنت تجد إلى إثباتها سبيلا.
* * *

(3/159)


سورة التَّكَاثُر
* * *
قوله جلَّ وعزَّ: (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) .
قرأ ابن عامر والكسائي (لَتُرَوُنَّ الْجَحِيمَ) بضم التاء.
وقرأ الباقون (لَتَرَوُنَّ) .
وروى إسماعل عن ابن كثير أنه قرأ (ثُم لَتُرَوُنَّهَا)
بضم التاء.
وفتحها الباقون.
* * *

(3/160)


سورة وَالْعَصْرِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رُوى عن أبي عمرو أنه كان يضم الباء من (الصَّبْرِ)
جرَّةً خفيفة ولا يشبع.
روى ابن مجاهد عن سلمان البصري عن أبي حاتم عن أبي زيد
عن أبي عمرو (بِالصَّبْرِ) مثله، أى: يُشم الباء جرَّة.
قال أبو منصور: كان هذا من اختلاس أبي عمرو لم يروَ هذا لأبي عمرو.
والقُراء يسكنون الباء.
* * *

(3/161)


سورة الْهُمَزَةِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي (جَمَّعَ مَالًا) بالتشديد.
وقرأ الباقون " جَمَعَ " خفيفة.
قال أبو منصور -: جمعتُ الشيءَ، إذا كان متفرقا فَجمَعْته.
وجَمعْتُه، كثرته وجعلته مجموعًا.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9) .
قرأ أبو بكر على عاصم، وحمزة والكسائي (فِى عُمُدٍ)
بضم العَيْن والميم.
وقرأ الباقون (فِى عَمَدٍ) بفتحتين.
قال أبو منصور: هما لغتان، عَمُود، وعُمُد.
مثل: أَدِيم، وأدَم

(3/162)


وفَصيم، وفَصَم، وأما (عُمُد) فإنها تكون جمع: عَمُود - وجائز
أن يكون جَمْع: عِمَادٍ.
وأما (عُمُد) فلا يكون إلا جمع عَمُود.
* * *

(3/163)


سورة الْفِيلِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ الحضرمي وحده (تَرْمِيهُمْ)
بضم الهاء.
وقرأ الباقون (تَرمِيهِمْ) بكسر الهاء.
* * *

(3/164)


سورة لِإِيلَافِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ ابن عامر (لِإِلَافِ قُرَيْشٍ)
بهمزةٍ مختلسة الكسرة، ليس بعدها ياء.
وقرأ الباقون (لِإِيلَافِ) قبلها همزة.
وروى زمعة بن صالح عن ابن كثير " إلْفِهمِ " بغير ياء قبل اللام.
وقرأ الباقون " إيلاَفِهِمْ " بوزن (عِيلاَفِهِم)
قال أبو منصور: من قرأ (لإيلاَفِ) فإنه كان فى الأصل (لإئْلاَفِ قُرَيْشٍ)
بهمزتين، كقولك: لإعْلافِ قُرَيْشٍ.
فأبدلت الهمزة الثانية ياء، كما قالوا: أئمة.
وهى فى الأصل (أَأْمِمَة) فكرهوا الجمع بين الهمزتين.
وروى الأعشى عن أبي بكر عن عاصم " إأْلاَفِهِمْ " بهمزتين، الأولى
مكسورَة والثانية ساكنة.
كذا قُرِئَ على أبي بكر، ثم رَجَعَ عنهُ، وقرأ

(3/165)


مثل حمزة بهمزة بعدها ياء.
ومن قرأ (لإلْفِهِمْ) فهو من ألفَ يألفُ إلْفًا.
يقال: آلفته آلفُهُ إلْفا.
* * *

(3/166)


سورة أَرَأَيْتَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله جلَّ وعزَّ: (أَرَأَيْتَ الَّذِي)
قرأ نافع (أَرَايْتَ) بألف فى تقدير الهمزة ولا يهمز.
وقرأ الكسائي (أريْتَ) بغير ألف وبغير همز.
وقرأ الباقون (أَرَأَيْتَ) بالهمز.
قال أبو منصور: من قرأ (أرايت) فإنه خففّ الهمزة، وجعلها ألفًا
ساكنة.
ومن قرأ (أريت) بغير ألف فإنه قرأ بحذف الهمزة.
ومن قرأ
(أَرَأَيْتَ) فعلى تحقيق الهمزة.
* * *

(3/167)


سورة الْكَوْثَرِ
بسم الله الرحن الرحيم
قرأ عاصم فى رواية أبي بكر من طريق الأعشى (إِنَّ شَانِيَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
بغير همز.
وقرأ الباقون " إن شَانِئَك " بالهمز.
قال أبو منصور: هما لغتان، والأصل الهمز.
يقال: شَنِئته أشْنَوهُ إذا أبغَضْتهُ.
* * *

(3/168)


سورة الْكَافِرُونَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ ابن كثير ويعقوب (لاَ أعبدُ) بغير مد، وكذلك قوله
(وَلاَ أنتمْ عَابِدُونَ مَا أعبدُ) وكذلك نظائرها من القرآن.
وقرأ عاصم وحمزة بالمد التام فى هذه الحروف.
وأما الكسائي فقراءته لهذه الحروف متوسطة.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَلِيَ دِينِ (6) .
قرأ نافع، وحفص عن عاصَم (وَلِيَ دِينِ) مفتوحة الياء، وكذلك روى
شبل عن ابن كثير.
وروى إسماعيل بن جعفر، وأخوه يعقوب عن نافع (وَلِي دِينِ) ساكنة. وكذلك قرأ الباقون بسكون الياء.
وقرأ يعقوب وحده (وَلِي دِينِي) بياء فى الوصل.

(3/169)


سورة النَّصْر (الفتح)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وقوله جلَّ وعزَّ: (أَفْوَاجًا)
اجتمع القراء على تفخيم قوله (أَفْوَاجًا) .
فلا يجوز فيه الإمالة.
ومعناه. أنه كان يُسْلم الحَيُّ بأسره، وكان قبل ذلك يُسْلم الرجل والرجلان والثلاثة، فلما نزلت هذه السورة قال النبى - صلى الله عليه -:
"نُعِيْتْ إليَّ نفسي".
* * *

(3/170)


سورة تَبَّتْ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ ابن كثير (يَدَا أَبِي لَهْبٍ) .
بسكون الهاء. وقرأ الباقون (أَبِي لَهَبٍ) بفتح الهاء.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَامْرَأتُهُ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) .
قرأ عاصم وحده (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) .
وقرأ الباقون (حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) بالرفع.
قال أبو منصور: من قرأ (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) بالنصب فهو على الذم.
المعنى: اذكر حَمَّالَةَ الْحَطَبِ.
ومن قرأ (حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) فهو مرفوع بقوله (وامرأته) ؛ لأنه
ابتداء، و (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) مُرَافِعه.
وقيل: (حَمَّالَةُ) نعتٌ، والخبر (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) .
وقيل لها: (حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) لأنها كانت تمشي بالنمِيمة.
والعرب تضرب الحطب مثلاً للنميمة.
وقال بعضهم: كانت تحمل الشوك فتطرحه فى طريق رسول الله - صلى الله عليه -.
وقيل معنى (حَمَّالَةُ الْحَطَبِ) : أنها حَمَّالَةُ الخَطايا والذنوب والفواحش.
كما يقال: فلان يَحْطِبُ على نفسه.
* * *

(3/171)


سورة الإخلاص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال أبو عمرو وحده (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) .
يقف على (أحَد) ولا يصل.
والعرب لا تصل مثل هذا.
قال أبو عمرو: أدْرَكتُ القُراء يقفون على (أَحَد) .
وغيره ينُوَنُ (أَحَدٌ) فيصل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) .
قرأ به ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي (أَحَدٌ اللَّهُ)
منَونًا.
وقد قرئ برفع الدال بغير تنوين (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدُ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) .
وهو شاذ.
قال أبو منصور: من حذف التنوين فلالتقاء الساكنين، ومن أسكن الدال
أراد الوقف، ثم ابتدأ فقال (الله الصمَدُ) .
ومن نَون فهو وَجْه الكلام.
وهي القراءة الجيدة.
وروى هارون عن أبي عمرو (أحدُ اللَّه) لا ينون إن وصل.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (كُفُوًا أَحَدٌ (4) .
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم، والكسائي (كُفُؤًا) مثقلاً مهموزًا.
وقرأ حفص عن عاصم " كُفُوًا " مثقلاً بغير همز.
وقرأ حمزة ويعقوب " كُفْؤا " مهموزًا مخففًا.
وروى عن نافع أنه كان يقرأ " كُفُؤًا " مثقلاً مهموزًا.
وروى إسماعيل عن نافع " كُفْؤا " خفيفًا مهموزًا.
وحمزة يقف (كُفْوَا) بغير همز.
قال أبو منصور: هذه لُغات، وأجودها، كُفُؤًا، ثم كُفْؤًا مهموزًا.
وأما (كُفُوًا) بترك الهمزة وضم الفاء فليس بكثير.
* * *

(3/172)


سورة الْفَلَقِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) .
روى رُوحٌ عن أحمد بن موسى عن أبي عمرو (حِاسِدٍ)
بكسر الحاء.
وقرأ بن كثير ونافع، وأبو عمرو وعاصم، وحمزة، والكسائي، وابن عامر (حَاسِدٍ) بفتح الحاء.
* * *

(3/173)


سورة النَّاسِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اتفق القراء على (مَلِكِ النَّاسِ (2) .
بغير ألف.
وروى أبو عمر الدوري عن الكسائي أنه كان يُمِيل النون من (النَّاسِ)
فى موضع الخفض، ولا يُميلها فى مرضع الرفع والنصب.
وسائر القرَّاء فخَموا الناس فى جميع الوجوه.
والمعنى عند القرَّاء فى قوله: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
الذين هم جن و (يُوَسْوِسُ فى صُدورِ النَّاسِ) يعنى الإنس.
وقال الزجاج: المعنى فيه: قل يا محمد أعوذ برَب الناس، من
شر الوسواس، الذى يوسوس فى صدور الناس،
مِنَ الْجِنَّةِ: أى: من الذين هم من الجنِّ.
قال: وقوله (والناس) معطوف على الوسواس.
المعنى: من شر الوسواس، ومن شر الناس.
كما يستعيذ الرجل باللَّه من شر الجن والإنس.
ودليل ذلك قوله: (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) .
* * *

(3/174)


تم الكتاب بحمد الله ومنه، والحمد لله،
وصلى الله على محمد النبي وآله، وعلى جميع الأنبياء
والمرسلين وسلَّم دائما كثيرًا كثيرًا.
كتبه العبد الضعيف المذنب الراجي إلى رحمة ربِّه الغفور.
غفر الله له ولوالديه، ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات. ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين، برحمك يا أرحم الراحمين.
فرغ من تحريره فى أواخر شهر اللَّهِ صفر
ختم اللَّهُ بالخير والظفر فى تاريخ سنة أربع وسبعين
وسبعمائة.

(3/175)