معترك الأقران في إعجاز القرآن

 (حرف الطاء المهملة)
(طاغوت) : من الجن والإنس شياطينهم، ويكون واحداً
وجمعا، وجَمَعه في آية البقرة، وأفرده في غيرها، لأنه اسم جنْس لما عُبِدَ مِنْ
دون الله.
(طالوت) : هو الذي بعثه الله لقتال جالوت، وكان ملكاً وأعطى بِنْته
لداود.
(طَلّ) : مَطَر ضعيف خفيف، والمعنى أنه يكفى هذه الجنة
لكرم أرضها.
(طيِّبَاتِ ما كسبتم) : الجيد غير الرديء، ويُراد به الحلال.
وهو المراد في كل موضع.
وزاد، كقوله: (كُلوا من طيِّبات ما رَزَقْنَاكم) .
(كلوا من الطيبات) .
لكن اختلف في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفِقُوا مِنْ طَيِّبَات ما كسبتم) ، فقيل إنها في الزكاة، فيكون واجباً.
وقيل: في التطوع، فيكون مندوبا لا واجبا، لأنه كما يجوز التطوع في القليل يجوز في الرديء.
(طَوْعاً) : انقياداً بسهولة حيث ما وقع.
(طبعَ اللَّهُ على قلوبهم) ، أي ختم عليها.
(طَوْلاً) : هو السعة في المال.
وأباح الله في هذه الآية تزوُّجَ الفتيات، وهن الإماء، للرجال إذا لم يجدوا طولاً للمحصنات.

(2/213)


وذهب مالك وأكثر أصحابه إلى أنه لا يجوز للحُرِّ نكاح أمَةٍ إلا بشرطين: أحدهما عدم الطول، وهو عدم الوجود بما يتزوَّج به امرأة.
والآخر خوف الزنى وهو العنت، لقوله تعالى بعد ذلك: (ذلك لمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ منكم) .
وأجاز بعضهم نكاحهنَّ دون الشرطين على القول بأن دليل الخطاب لا يُعْتبر.
واتفقوا على اشتراط الإسلام في الأمَة التي تتزوج، لقوله: (من فتياتكم
المؤمنات) ، إلا أهل العراق فلم يشترطوه.
وإعراب (طولاً) مفعول بالاستطاعة.
وأن ينكح بدلاً منه، فهو في موضع نصب، بتقدير إلا أن ينكحن.
ويحتمل أن يكون طولاً نصب على المصدر، والعامل فيه الاستطاعة، لأنها بمعنى يتقارب.
وأن ينكحن على هذا مفعول بلاستطاعة أو بالمصدر.
(طَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) : الضمير يعود على قابيل، وذلك أنه كان صاحب زَرْع، فقرّب أرْذَلَ زَرْعِه، وكان هابيل صاحب غنم
فقرّب أحسن كَبْش عنده.
وقد قدمنا أن النار كانت حاكم آدم، فقام هابيل يصلّي، فنزلت النار وأخذت كبشه، وتركت زرع قابيل، فحسده على قَبول
فرْبانه، فقتله، وإنما حسده على نكاح أخته، لأن الله أوحى إلى آدم أن زوّج ذميما من قابيل واقلما من هابيل، فأخبرهما آدم بوحْيِ الله فَرَضِيَ هابيل وأبى قابيل.
وقال: إن أختي أحسن، وكانت وُلدت معه.
فقال آدم: يا بني، لا تخالف أمر الله.
فقال: لَمْ يَأمرك الله، ولكن أنت تحبُّ هابيل وتزَوِّجه أحسن بناتك.
فقال آدم: اذهبا وتحاكما إلى الله، فوقع منهما ما أخبر
الله به بقوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا) .
كأنه تعالى يقول: أحرقت قربان سائر الأمم، ولم أجوز أنْ أحرق قربانَ حبيبي، فأمرتهم بإطعام الفقير، فإذا لم أجوز إحراق
القربان فكيف أحرق من قرأ القرآن، فلما فقد هابيل سأل عنه جميع أولاده.
فقالوا لا ندري أين هو، فاغْتَمَّ غَمّاً شديداً على فَقْده، وبات مهموما.

(2/214)


فرأى في منامه هابيل وهو يناديه من بعيد: يا أبت، الغَوْث! الغَوْث! فانتبه من نومه مَذْعورا، وبكى حتى غُشِي عليه، فنزل جبريل ورفع رأسه.
فلما أفاق قال: يا جبريل، أين ولدي هابيل، فقال: الله يعظِّم أجْرَكَ فيه، قتَله قابيل.
فقال آدم: أنا بريء منه.
فقال له جبريل: والله بريء منه.
ثم قال آدم: يا جبريل، أرِنيه، فأراه له تحت التراب وإذا هو ملطّخ بالدم، فصاح يَا حَسْرتاه! يا ويلتاه! يا ابناه! وبكى حتى بكَتِ الملائكةُ لبكائه، وقالوا: إلهنا، بكى آدم ثلاثمائة سنة ولم يسترح إلاَّ مدة يسيرة، ثم اشتغل بالبكاء، فقال تعالى: الدنيا دار البكاء والعَنَاء، ودار البَلاَء والفناء.
(فَطَوَّعت) : فعَّلت من الطوع، يقال.
: طاع له كذا، أي أتاه طَوْعا.
ولساني لا يطوع بكذا، أي لا يَنْقَاد.
(طفِقَا) : أي جعلا، تقول: طفق يفعل كذا، وجعل
يفعل كذا، قال بعضهم: معناه قصد بالرومية، حكاه شَيْذَلة، وضمير التثنية على آدم وحواء.
(طائِفٌ من الشيطان) : معناه لَمَّة منه، كما جاء: إن
للشيطان لمَّة، وللملك لَمَّة.
ومَنْ قرأ طَيْف - بياء ساكنة - فهو مصدر، أو
تخفيف من طيّف المشدد، كميِّت وميْت.
ومن قرأ طائف - بالألف - فهو اسم
فاعل.
(طَرَفَي النهار) : أوله وآخره، فالأول الصبح، والطرف
الثاني الظهر والعصر.
(طائره في عُنقِهِ) : أي عمله.
والمعنى أنه لازم له ما قدّر له وعليه من خير أو شر، يعني أن كل ما يَلْقَى الإنسان قد سبق به القضاء، وإنما عَبَّر عن ذلك بالطائر، لأن العرب كانت عادتها التيمّن والتشاؤم بالطير، وإنما عَبَّر بالعنق، لأنه لا ينفك عنه.
ويقال لكل ما لزم الإنسان قد لزم عنقه،

(2/215)


وهذا لك في عنقي.
ومثله: (ألا إنَّمَا طائِرهم عند الله) .
أي حظّهم ونصيبهم الذي قُدِّرَ لهم.
ومقصود الآية الرد عليهم فما نسبوا إلى موسى من الشؤم.
(طه) : من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل معناه: يا رجل.
وأخرج الحاكم في المستدرك من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: طه - قال: هو كقولك يا محمد، بلسان الحبَشة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جُبير عن ابن عباس، قال: طه - بالنبطية.
وأخرج عن عكرمة قال: طه: يا رجل، بلسان
الحبشة.
(طغَى) : ترفَّعَ وعلا حتى جاوز الحدَّ أو كاد.
ومنه قوله تعالى: (لما طغَى الماءُ حَمَلْنَاكم في الجارية) ، أي كثر، فيحتمل
أنه طغى على أهل الأرض أو على خزَّانه، يعني وقت طوفان نوح عليه السلام.
(بطريقتكم المُثْلَى) : أي سيرتكم الحسنة، وهذا من كلام
فرعون يخاطب قومه أن هذا يذهب بدينكم، وما أنتم عليه.
والمثْلَى تأنيث الأمثل.
(طَهورا) : أي نظيفا يطهر به من توضأ واغتسل من جنابته.
والطهور: مبالغة في طاهر، ولهذا المعنى يقول الفقهاء: ماء طهور، أي
مطهِّر، وكل مطهِّر طاهر، وليس كل طاهر طهورا.
(طَوْد) : الجبل، وروِيَ أنه صار في البحر اثنا عشر
طريقأ لكل سبْط من بني إسرائيل طريق.
(طَلْعُها هَضِيم) : أى منضم قبل أن ينشقّ ويخرج من
الكم.
والهضيم: اللين الرطب، فالمعنى أن طَلْعَها يتمُّ ويرطب.
وقيل: هو الرخص أول ما يخرج.
وقيل: الذي ليس فيه ندى.
فإن قيل: لم ذكر النخل بعد ذكر الجنّات، والجنات تحتوي على النخل؟
فالجواب: أن ذلك تحديدٌ، كقوله تعالى: (فاكِهَةٌ وَتخْلٌ ورُمّان) .

(2/216)


ويحتمل أنه أراد الجنّات التي ليس فيها نخل، ثم عطف عليها
النخل.
(طَلْغ نَضِيد رِزْقاً لِلعباد) : النَّضِيد هو المنضد، كحب
الرمان، فما دام بعضْة ببعض فهو نضِيد، فإذا تفرق فليس بنضيد.
(طَمَسْنَا أعْينَهم) : الضمير راجع لقَوْم لوط لما راودوه عن
ضَيْفه لِظَنِّهمِ أنهم من بني آدم، وأرادوا منهم الفاحشة، فطمس جبريل على
أعينهم، فاستوَتْ مع وجوههم.
وقيل: إن هذا الطمس عبارةٌ عن عدم رُؤيتهم
لهم، وإنهم دخلوا منزل لوط فلم يَرَوْا فيه أحدًا.
والمطموس الذي لا يكون بين جفنيه شق طرف خفيّ، ويحتمل أن يريد به
العين، أو يكون مصدراً.
وفيه قولان: أحدهما أنه عبارة عن الذل، لأن نظر الذليل بمهابة واستكانة.
والآخر أنهم يحشرون عُمْيا، فلا ينظرون بأبصارهم، وإنما ينظرون بقلوبهم.
واستبعد هذا ابن عطية والزمخشري.
(طَلْح) : شجر عِظَام كثيرات الشوك، قاله ابن عطية.
وحُكي عن علي بن أبي طالب وابن عباس، وقرأ علي بن أبي طالب: وطَلْع
منضود - بالعين، فقيل له إنها بالحاء، فقال: ما للطلح والجنّة.
فقيل له: أنصْلِحها في المصحف، فقال، المصحف اليوم لا يغيَّر.
وقال الزمخشري: والطلح هو شَجَر الموز.
(طاغية) : طغيان، مصدر كالعاقبة والواهية وأشباههما من
المصادر.
(طَرَائق قِدَداً) ، الطرائق: المذاهب والسير وشبهها.
والقدد: المختلفة، وهو جمع قِدّة، وهذا بيانٌ للقسمة المذكورة قَبْل، وهو على حذف مضاف، أي كُنَّا ذوي طرائق، أو كُنَّا في طرائق.
(الطامَّة الكبرى) : هي القيامة.
وقيل: النفخة الثانية، واشتقاقها من قولك، طمّ الأمر إذا علا وغلب.

(2/217)


(طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) : الطبق في اللغة له معنيان:
أحدهما ما طابق غيره، يقال هذا طبق لهذا إذا طابقه.
والآخر جَمْع طبقة، فعلى الأول يكون المعنى لتركبنَّ حالاً بعد حال، كل واحدة منهما مطابقة للأخرى.
وعلى الثاني يكون المعنى لتركَبنّ أحوالا بعد أحوال، هي طبقاتٌ بعضُها فوق بعض.
ثم اختلف في تفسير هذه الأحوال، وفي قراءة: تركبنّ:
فأَما من قرأه بضم الباء فهو خطابٌ لجنس الإنسان، وفي تفسير الأحوال على
هذا ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها شدائد الموت، ثم البعث، ثم الحساب، ثم الجزاء.
والآخر: أنها كون الإنسان نطفة ثم علَقة إلى أن يخرج إلى الدنيا إلى أن يَهْرم
ثم يموت.
والثالث: لتركبنّ سنَنَ مَنْ كان قبْلكم.
وأما من قرأ تركبَنَّ - بفتح الباء - فهو خطاب للإنسان على المعاني الثلاثة التي ذكرنا.
وقيل: خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثم اختلف القائلون على هذا، فقيل لتركبنّ
مكابدة الكفَّار حالاً بعد حال.
وقيل: لتركبن فَتْحَ البلاد شيئاً بعد شيء.
والآخر لتركبنَّ السماوات في الإسراء سماءً بعد سماء.
وقوله: (عن طَبَق) في موضع الصِّفَة لطبق، أو في موضع حال من الضمير
في تركبن، قاله الزمخشري.
(طارق) : هو في اللغة ما يطرق، أي يجيء ليلاً.
وقد فسره الله في الآية بأنه النجم الثاقب.
وهو يطلع ليلاً.
ومعنى الثّاقب المضيء أو المرتفع.
فقيل: أراد جِنْسَ النجوم.
وقيل: الثريا، لأنه الذي تطلق عليه العرب النجم.
وقيل، زحل، لأنه أرفع النجوم، إذ هو في السماء السابعة.
(طَحَاها) : مدّها أو بسطها.
(بطَغْوَاها) : هو مصدر بمعنى الطغْيَان، قلِبَتْ فيه الياء
واواً على لغة من يقول: طغيت.
والباء الخافضة كقولك: كتبت بالقلم، أو سببية.

(2/218)


والمعنى بسبب طغيانها.
وقال ابن عباس: معناه كذبت ثمود بعذابها.
ويؤيده قوله: (فأمّا ثمود فأُهْلِكوا بالطاغية) .
(طغْيَانهم) ،: غيّهم وكفْرهم.
(طور) : جبل بالسريانية، قاله مجاهد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه بالنبطية.
وذلك أن موسى لما جاء بالتوراة أبوا أن يقبلوها، فرفع الجبل
فوقهم كأنه ظلَّة.
وقيل لهم: إن لم تأخذوها وضع عليكم..
(طُوفَان) : سَيْلٌ عظيم، والطوفان: الموت الذَّريع.
وطوفان الليل: شدة سَوَادِه.
والطوفان المبعوث على بني إسرائيل كان مطراً
شديدا دائماً مع فيض النيل حتى هدم بيوتهم، وكادوا يهلكون وامتنعوا من
الزراعة.
(طوبَى) : مصدر من طاب، كبشرى، ومعناها أصبت
شيئاً طيباً.
وقيل شجرة في الجنة.
وإعرابها مبتدأ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد، قال: طوبى اسم الجنة
بالحبشية.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن خبير، قال: بالهندية.
طوبى في معناه قولان: أحدهما أنه اسم الوادي، وإعرابه على هذا بَدَل.
ويجوز تنوينه على أنه مكان، وترْك صرْفه على أنه بقْعة.
والثاني أن معناه مرتين، فإعرابه على هذا مصدر، أي قدس الوادي مرة بعد
أخرى، أو نودي موسى مرة بعد مرة.
وفي العجائب للكرماني: هو معرّب (ليلاً) ، وقيل: هو رجل بالعبرانية.
(طِبْتم) : أي من الذنوب والمعاصي، لأنها مَخَابث في
الناس، فإذا أراد الله أن يدخلهم الجنة غفر لهم، فطابوا لدخولها.
ومن هذا قول العرب: طاب لي هذا، أي فارقته المكاره، وطاب له العَيْش.
(طائفين) : من الطواف بالبيت جمع طائف.

(2/219)