معترك الأقران في إعجاز القرآن

 (حرف الزاي المعجمة)
(زكرياء) : كان مِنْ ذرّيَّةِ سليمان بن داود عليهما السلام، وقتل بعد قَتْلِ
ولده يحيى، وذلك أنه هرب من اليهود، فقفوا أثره، فلما دَنوْا منه رأى شجرةَ فقال لها: اكتميني، فانشقت الشجرة، فدخل فيها، ثم التأمت عليه فجاءوا فلم يجدوه، فقال لهم إبليس: هو في هذه الشجرة فأتَوْا بِمِنْشَارٍ وشقّوها على نصفين، فلما بلغ النشار إلى أمِّ رَأْسِه صاح وتأوّه، فتزلزل الملكوت فنزل عليه جبريل، وقال: يا زكرياء، إنَّ الله تعالى يقول لك: لئن قلْتَ آه مرةً أخرى لأمْحونّك من ديوان الأنبياء، فعضَّ زكرياء على شفتيه حتى شقّوه بنصفين (1) .
فليتأمل العاقِل هذا التهديد والوعيد الهائل مع أنبيائه وأصفيائه، فكيف بنا
الذين عميت بصائرنا، وأظلمت سرائرنا، وليعلم أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل.
قال أبو يزيد البسطامي: كنت أمشي في البادية فرأيت أربعين شابًّا من
أصحاب الطريقة ماتوا عطاشاً جياعاً.
فقلت: إلهي، كم تقتل الأحباب، وكم تريق دم الأصحاب، فسمِعْت قائلاً يقول: يا أبا يزيد، اقتل النفس، وأعط ديتها.
فقلت: ما دية هؤلاء، فسمعت هاتفاً يقول: دية مقتول الخلق الدنيا، ودية مَقْتول الحقّ رؤية الجبَّار.
وروي أنَ يحيى بن معاذ الرازي ناجى ربه في ليلة.
فقال: إلهي، إن طلبتك أتعبتني، وإن هربت منك أحرقتني، وإن أحببتك قتلتني، فلا منك فرار، ولا عنك قرار.
__________
(1) من الإسرائيليات المنكرة.

(2/207)


وكان لزكرياء - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بُشَر بولده اثنان وسبعون سنة.
وقيل: تسع وتسعون سنة.
وقيل: مائة وعشرون.
وزكياء اسم أعجمي، وفيه خمس لغات: أشهرها المد.
والثانية القَصْر، وقرئ بهما في السبع.
وزكريا - بتشديد الياء وتخفيفها.
وزكَر - كقلَم.
(زَكى، وَزَكاة) : طهارة ونماء أيضاً.
وإنما قيل لما يجب في الأموال صدقة، لأنها تطهّر الأموال مما يكون فيها من الإثم والحرام إذا لم يؤدَّ حقّ الله منها، وتنميها وتزيد فيها بالبركة، وتقيها من الآفات.
وتأتي بمعنى الثناء.
ومنه قوله: (وحَنَاناً مِنْ لَدنّا وزَكاةً) ، كما يزكى الشاهد.
وزكا هو - مخففاً: أي صار زكياً.
(زَيْغ) : ميل حيثما وقع.
ومنه: (وأمَّا الذين في قلوبهم زَيْغ) ، ونزلت في نصارى نَجْران، فإنهم قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أليس في كتابك أن عيسى كلمة الله وروح منه، قال: نعم.
قال: فَحَسْبنَا إذاً، فهذا من المتشابه الذي اتبعوه.
وقيل: نزلت في أبي ياسر بن أخطب اليهودي وأخيه حيي.
ثم يدخل في ذلك كل كافر أو مُبْتَدع أو جاهل يَتْبَعُ المتشابه من القرآن.
(زَبور) : فعول بمعنى مفعول، من زبرت الكتاب، أي كتبته.
والزبور الذي أعطيه داود عليه السلام، وهو من الكتب المنَزَّلة على الأنبياء، وعددها مائة وأربعة.
وقيل وأربعة عشر.
(زَحْفاً) : حال من الذين كفروا، أو من الفاعل في لقيتم.
ومعناه متقابلي الصفوف والأشخاص.
وأصل الزحف الاندفاع.
(زَيَّلْنَا بينهم) : فَرَّقْنا.
(زَفِير) : إخراج النفس من الصدر، وهو أول نهيق الحمار.

(2/208)


(زَعِيم) : بمعنى كفيل وضامن وحميل وصبير، وهذا من
كلام المنادي الذي جعل لهم حِمْل بعير لمن ردَّ الصَّاعَ.
(زَهَق الباطل) : ذهابه.
ومن هذا زهوق النفس، وهو بطلانها.
والمعنى أن الإيمان يُبْطِل الكُفْو.
(زللا) : هو الذي لا يثبت القدم عليه، يعني أنه لا تثبت
أشجاره ونباته.
(زاكية) : ليس له ذنب لعدم بلوغه.
وقيل: إنه بلغ، ولكنه لم ير له ذنباً.
وقرئ (زكيَّة) .
قال أبو عمرو: الصواب زكية في الحال، وزَاكية في غد، والاختيار زكِيت.
مثل ميت ومائت، ومريض ومارض، وقوله: (ما زَكَى منكم من أحد) .
أي لم يكن زاكياً.
(زَهْرةَ الحياة الدّنيا) : بالفتح والزاي والهاء: نَوْرُ النبات.
وبضم الزاي وفتح الهاء: النجم.
وبنو زهرة بتسكين الهاء.
وشبَّه نعم الدنيا بالزهرة، لأن الزَّهْرَ له منظر حسن - ثم يضمحلّ.
وفي نَصْب زهرة خمسة أوجه: أن ينتصب بفعل مضمر على الذّم، أو يضمَّن
متّعنا معنى أعطينا، ويكون زهرة مفعول ثان له، أو يكون بدلاً من موضع الجار والمجرور، أو يكون بدلاً من أزواج على تقدير ذوي زهرة، أو ينتصب على الحال.
(زَجْرة واحدة) : قدمنا أن الزجرة معناها الصيحة بشدة
وانتهار.
وأما قوله: (فالزَّاجِرَات زَجْراً) - فمعناها الملائكة
تزجر السحب وغيرها.
وقيل الزاجرون بالواعظ من بني آدم.
وقيل: هي آيات القرآن المتضمنة الزجر عن المعاصي.
والمراد هنا النَّفْخ في الصّور للقيام من القبور.
(زَوَّجْنَاهم) : قرنَّاهم بالحور، وليس في الجنة تزويج

(2/209)


كتزويج الدنيا، وإنما هو القارنة بين الرجل والمرأة، والصاحب والصاحبة.
وقد يأتي بمعنى الصنف والنوع، كقوله تعالى: (ثمانية أزواج) .
(أزواجاً من نبات شتّى) .
(من كل زَوْجٍ كَرِيم) .
(سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا) ، يعني أصناف المخلوقات، ثم فسرها بقوله: مما تنْبِت الأرْض ومن أنفسهم ومما لا يعملون.
(من) في المواضع الثلاثة للبيان.
(زنيم) : معلّق بالقوم وليس منهم.
وقيل: هو ولد الزِّنى.
وقيل: هو الذي في عنقه زَنَمة الشاة التي تعلَّق في حلقها.
وقيل: معناه مريب قبيح الأفعال، وقيل: ظلوم.
واختلف من الموصوف بهذه الصفة الذميمة، فقيل: لم يقصد بها شخص
معيّن، بل كل من اتصَف بها.
وقيل: المقصود بها الوليد بن المغيرة، لأنه وصفه
بأنه (ذو مال وبنين) ، وكان كذلك.
وقيل أبو جهل. وقيل الأخنس بن شريق.
ويؤيد هذا أنه كانت له زَنَمة في عنقه.
قال ابن عباس: عرفناه بزنمته، وكان أيضاً من ثقيف.
ويعَدّ في بني زهرة فيصح وصفه بِزَنيم على القولين.
وقيل: الأسود بن عبد يغوث.
(زَنْجَبيل) : معروف.
والعرب تذكره في أشعارها، وتستطيب برائحته.
وذكر الجواليقي والثعالبي أنه فارسيّ.
(زَرَابي) : بسط فاخرة.
وقيل: الطنافس، واحدها زَرْبِيَّة.
(زَبانِية) : واحدهم زبْنِيّ، مأخوذ من الزّبْن، وهو الدَّفْع.
كأنهم يدفعون أهل النار إليها.
ونزلت الآيَة بسبب قول أبي جهل: أيتوعد محمد، فوالله ما بالوادي أعظم زَبْناً مني.
فنزلت الآية، تهديداً وتعجيزاً له.
والمعنى فلْيَدعُ أَهْلَ نادِيه لنصْرَته إن قدروا على ذلك، ثم أوْعد بأن يدعو له
زبانية جهنم، وهم من الملائكة الموكَّلون بالعذاب.

(2/210)


وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عياناً.
(زلزلوا) ، بالتخويف والشدة.
والآية خطاب للمؤمنين على وجه التشجيع لهم، والأمر بالصبر على الشدائد، أي لا تدخلون الجنة حتى يصيبكم مثل ما أصاب من قَبْلكم من الأمم.
(زحْزح عن النار) : أي أبعد عنها.
(زُخْرفَ القَوْل) : أي ما يُزَيِّنه من القول والباطل.
والزخرف أيضاً الذهب.
ومنه قوله تعالى: (أوْ يكون لك بَيْتٌ مِنْ زخْزفٍ) .
(وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا) .
وأما قوله تعالى (أخَذَتِ الأرْض زخْزفَها وازَّينَتْ) - فهو تمثيل
للعروس إذا زيِّنَتْ بالثّياب والحلي، تزف إلى زَوْجها فلا يصلحها، كذلك
الدنيا إذا ظن أهلها أنهم متمكنون من الانتفاع بها أتتْها بعض الجوائح، كالريح والصِّر، وغير ذلك
(زلَفاً من الليل) : المراد به المغرب والعشاء.
وزلف الليل ساعاته، واحدها زلْفة.
(زبرَ الحديد) : واحدتها زُبْرة.
(زلْفَى) : قرْبى، فهو مصدر من يُقرِّبونا، أي يقول الكفار ما
نعبد هؤلاء الآلهة إلا ليقَرِّبونَا إلى الله ويشفعوا لنا عنده.
ويعني بذلك الكفَّار الذين عَبَدوا الملائكة أو الأصنام أو عيسى أو عُزيراً، فإن جميعهم قالوا هذه المقالة.
(زمرا) ، في الموضعين جمع زمرة، وهي الجماعة من
الناس، قال - صلى الله عليه وسلم -: أول زمْرة يدخلون الجنةَ على صورة القمر ليلة البدر.
والزمرة الثانية على صورة أشد نجم في السماء إضاءة، ثم هم بعد ذلك منازل.

(2/211)


(زِينةَ الله) : هي ما شرعه لعباده من الملابس والمآكل، وكان بعض العرب إذا حَجّوا يجردون من الثياب ويطوفون عُرَاة، ويحرمون
الشحم واللبن، فنزل ذلك ردًّا عليهم وإنكاراً لتحريمها.
(زلْزَالها) : مصدر، وإنما أضِيفَ إلى الأرض تهويلاً، كأنه
يقول: الزلزال الذي يليق بها على عظمة جِرْمها.
(زَعم الذين كفروا) : كناية عن كَرْبهم.
(زَيْد) : هو ابن حارثة الذى تبنّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم
يذكر في القرآن أحَدٌ من الصحابة غيره تعظيما له.

(2/212)