نواسخ القرآن ناسخ القرآن ومنسوخه ت آل زهوي

... الباب الثالث عشر باب ذكر الآيات اللواتي ادّعي عليهنّ النّسخ في سورة الأنعام
ذكر الآية الأولى
: قوله تعالى: إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأنعام: 15].
زعم بعض ناقلي التفسير أنه كان يجب على النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يخاف عاقبة الذنوب، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: 2].
قلت: فالظاهر من هذه المعاصي أن المراد بها الشرك؛ لأنها جاءت في عقيب قوله: وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 14] فإذا قدرنا العفو عن ذنب- إذا كان- لم تقدر المسامحة في شرك- لو تصور- إلا أنه لما لم يجز في حقه، بقي ذكره على سبيل التهديد والتخويف من عاقبته كقوله: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 66] فعلى هذا الآية محكمة، يؤكده أنها خبر، والأخبار لا تنسخ (1).

ذكر الآية الثانية
: قوله تعالى: قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 66]. للمفسرين فيه قولان:

الأول [أنها منسوخة]:
أنه اقتضى الاقتصار في حقهم على الإنذار من غير زيادة ثم نسخ بآية
__________
(1) انظر المصدر السابق (ص 95 - 96).

(1/138)


السيف وهذا المعنى في رواية الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما.

والثاني [أنها محكمة]:
أن معناه: لست حفيظا عليكم إنما أطلبكم بالظواهر من الإقرار والعمل، لا بالأسرار، فعلى هذا هو محكم، وهذا هو الصحيح يؤكد أنه خبر، والأخبار لا تنسخ. وهذا اختيار جماعة منهم أبو جعفر النحاس (1).

ذكر الآية الثالثة
: قوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [الأنعام: 68] المراد بهذا الخوض: الخوض بالتكذيب، ويشبه أن يكون الإعراض المذكور هاهنا منسوخا بآية السيف.

ذكر الآية الرابعة
: قوله تعالى: وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: 69] أي من كفر الخائفين وإثمهم، وقد زعم قوم منهم سعيد بن جبير: أن هذه الآية منسوخة بقوله: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ [النساء: 140].
[144]- أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: ابنا عمر بن عبيد الله، قال: ابنا ابن بشران، قال: ابنا إسحاق بن أحمد، قال: ابنا عبد الله بن أحمد، قال:
حدّثني أبي، قال: ابنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن السدي، عن سعيد بن جبير وأبي مالك في قوله: وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ قالا: نسخها:
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها الآية.
قلت: ولو قال: هؤلاء إنها منسوخة بآية السيف كان أصلح، وكان معناها عندهم إباحة مجالستهم وترك الاعتراض عليهم. والصحيح أنها محكمة؛ لأنها خبر، وقد بينا أن المعنى: ما عليكم شيء من آثامهم إنما يلزمكم إنذارهم.

ذكر الآية الخامسة
: قوله تعالى: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً [الأنعام: 70] للمفسرين فيه قولان:
الأول: أنه اقتضى المسامحة لهم والإعراض عنهم ثم نسخ بآية السيف، وهذا مذهب قتادة والسدي.
__________
(1) في «ناسخه» (ص 131).

(1/139)


[145]- (1) أخبرنا ابن ناصر، قال: ابنا ابن أيوب، قال: ابنا أبو علي بن شاذان، قال: ابنا أبو بكر النجاد قال: ابنا أبو داود السجستاني، قال: ابنا أحمد بن محمد، قال: ابنا عبد الله بن رجاء، عن همام، عن قتادة وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً ثم أنزل الله في براءة، وأمرهم بقتالهم.
والثاني: أنه خرج مخرج التهديد: كقوله تعالى: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً [المدثر: 11] فعلى هذا هو محكم، وهذا مذهب مجاهد، وهو الصحيح.

ذكر الآية السادسة
: قوله تعالى: قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ [الأنعام: 91] فيه قولان:
الأول: أنه أمر به بالإعراض عنهم، ثم نسخ بآية السيف.
والثاني: أنه تهديد، فهو محكم، وهذا أصح.

ذكر الآية السابعة
: قوله تعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [الأنعام: 104] فيه قولان:
الأول: أن هذه الآية تتضمن ترك قتال الكفار ثم نسخت بآية السيف.
والثاني: أن المعنى لست رقيبا عليكم أحصي أعمالكم فهي على هذا محكمة.

ذكر الآية الثامنة
: قوله تعالى: وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 106].
روى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هذا ونحوه مما أمر الله المؤمنين بالعفو عن المشركين فإنه نسخ بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: 5].

ذكر الآية التاسعة
: قوله تعالى: وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 107].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: نسخ بآية السيف. وعلى ما ذكرنا في نظائرها تكون محكمة.
__________
(1) أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (2/ 212) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/ 1317/ 7448) والنحاس في «ناسخه» (ص 132).

(1/140)


ذكر الآية العاشرة
: قوله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: 108].
قال المفسرون: هذه نسخت بتنبيه الخطاب في آية السيف؛ لأنها تضمنت الأمر بقتلهم، والقتل أشنع من السب. ولا أرى هذه الآية منسوخة، بل يكره للإنسان أن يتعرض بما يوجب ذكر معبوده بسوء أو بنبيه صلّى الله عليه وسلّم.

ذكر الآية الحادية عشر
: قوله تعالى: فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ [الأنعام: 112] إن قلنا إن هذا تهديد كما سبق في الآية السادسة فهو محكم، وإن قلنا إنه أمر بترك قتالهم فهو منسوخ بآية السيف.

ذكر الآية الثانية عشر
: قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: 121].
قد روى عن جماعة منهم الحسن، وعكرمة، أنهم قالوا: نسخت بقوله:
وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة: 5] وهذا غلط؛ لأنهم إن أرادوا النسخ حقيقة وليس هذا بنسخ، وإن أرادوا التخصيص وأنه خص بآية المائدة طعام أهل الكتاب فليس هذا بصحيح؛ لأن أهل الكتاب يذكرون الله على الذبيحة فيحمل أمرهم على ذلك، فإن تيقنا أنهم تركوا ذكره جاز أن يكون عن نسيان، والنسيان لا يمنع الحل، فإن تركوا لا عن نسيان، لم يجز الأكل فلا وجه للنسخ أصلا. ومن قال من المفسرين إن المراد بها لم يذكر اسم الله على البتة فقد خص عاما، والقول بالعموم أصح وعلى قول الشافعي هذه الآية محكمة، لأنه إما أن يراد بها عنده الميتة أو يكون نهى كراهة.

ذكر الآية الثالثة عشر
: قوله تعالى: قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [الأنعام: 135] للمفسرين فيها قولان:
الأول: أن المراد بها ترك قتال الكفار، فهي منسوخة بآية السيف.
والثاني: أن المراد بها التهديد فعلى هذا هي محكمة وهذا هو الأصح.

ذكر الآية الرابعة عشر
: قوله تعالى: فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ [الأنعام: 137] فيه قولان:
الأول: أنه اقتضى ترك قتال المشركين، فهو منسوخ بآية السيف.
والثاني: أنه تهديد ووعيد فهو محكم.

(1/141)


ذكر الآية الخامسة عشر
: قوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ [الأنعام: 141] اختلف العلماء في المراد بهذا الحق على قولين:
الأول: أنه الزكاة.
[146] (1) - أخبرنا محمّد بن عبد الباقي البزاز، قال: ابنا أبو محمّد الجوهري، قال: ابنا محمّد المظفر، قال: ابنا علي بن إسماعيل بن حماد، قال: ابنا أبو حفص عمرو بن علي، قال: ابنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ابنا يزيد بن درهم قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال: الزكاة المفروضة.
قال أبو حفص: وابنا معلى بن أسد، قال: ابنا عبد الواحد بن زياد، قال:
ابنا الحجاج بن أرطاة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال: العشر ونصف العشر.
قال أبو حفص: وابنا عبد الرحمن، قال: ابنا إبراهيم بن نافع، عن ابن طاوس عن أبيه، وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال الزكاة.
قال أبو حفص: وابنا عبد الرحمن، قال: ابنا أبو هلال، عن خباب الأعرج، عن جابر بن زيد وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال الزكاة.
قال أبو حفص: وابنا محمّد بن جعفر، قال: ابنا شعبة، عن أبي رجاء، قال: سألت الحسن عن قوله: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال الزكاة.
وهذا قول سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وابن الحنفية، وعطاء وقتادة وزيد بن أسلم في آخرين، فعلى هذا الآية محكمة وينبغي على قول هؤلاء أن تكون هذه الآية مدنية لأن السورة مكية، والزكاة إنما أنزلت بالمدينة (2).
والثاني: أنه حق غير الزكاة أمر به يوم الحصاد، وهو إطعام من حضر وترك ما سقط من الزرع، والتمر.
[147] (3) - أخبرنا محمّد بن أبي طاهر قال: ابنا الجوهري، قال: ابنا الظفر، قال:
ابنا علي بن إسماعيل، قال: ابنا أبو حفص، قال: ابنا يحيى بن سعيد، قال: ابنا عبد الملك، عن عطاء وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال: القبضة من الطعام.
__________
(1) أخرجه ابن أبي حاتم (5/ 1398/ 7953) والنحاس (ص 133).
(2) انظر «صفوة الراسخ» (ص 100 - 101).
(3) نحوه عند ابن أبي حاتم (5/ 1397/ 7950).

(1/142)


وقال: يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، وَآتُوا حَقَّهُ قال: شيء سوى الزكاة في الحصاد والجذاذ إذا حصدوا وإذا جذوا (1).
وقال أبو حفص: وبنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: إذا حصدوا ألقى إليهم من السنبل، وإذا جذوا النخل ألقى لهم من الشماريخ، فإذا كاله زكّاه (2).
قال أبو حفص: وبنا معمر بن سليمان، قال: بنا عاصم، عن أبي العالية:
وَآتُوا حَقَّهُ قال: كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة.
[148]- أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: ابنا عمر بن عبيد الله، قال: ابنا ابن بشران، قال: ابنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد الله بن أحمد، قال: حدّثنا أبي قال: بنا هشيم، قال: ابنا مغيرة، عن شباك، عن إبراهيم، قال: كانوا يعطون حتى نسختها، الصدقة العشر أو نصف العشر.
[149] (3) - أخبرنا المبارك بن علي، قال ابنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: ابنا إبراهيم بن عمر، قال: ابنا محمّد بن إسماعيل بن العباس، قال: ابنا أبو بكر بن أبي داود قال: ابنا عبد الله بن سعيد، قال: ابنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطية: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال: كانوا إذا حصدوا، وإذا يبس، وإذا غربل، أعطوا منه شيئا، فنسخ ذلك العشر ونصف العشر.
قال أبو بكر: وبنا محمّد بن بشار قال: بنا يزيد، قال: ابنا عبد الملك، عن عطاء وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال: ليس بالزكاة، ولكنه إذا كيل قبض منه قبضات من شهد رضخ له منه.
واختلف العلماء، هل نسخ أم لا؟ إن قلنا أنه أمر وجوب فهو منسوخ بالزكاة، وإن قلنا إنه أمر استحباب، فهو باقي الحكم.

ذكر الآية السادسة عشر
: قوله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ [الأنعام: 145] اختلف العلماء في حكم هذه الآية على قولين:
الأول: أن المعنى لا أجد محرما مما كنتم تستحلون في الجاهلية إلا هذا، قاله طاوس ومجاهد.
__________
(1) أخرجه ابن أبي حاتم (5/ 1398/ 7951).
(2) أخرجه أبو عبيد في «ناسخه» (40) والطبري (12/ 164/ 13995).
(3) أخرجه ابن أبي حاتم (5/ 1398/ 7954).

(1/143)


والثاني: أنها حصرت المحرم، فليس في الحيوانات محرم إلا ما ذكر فيها.
ثم اختلف أرباب هذا القول؛ فذهب بعضهم إلى أنها محكمة، وأن العمل على ما ذكر فيها، فكان ابن عباس لا يرى بلحوم الحمر الأهلية بأسا، ويقرأ هذه الآية ويقول: ليس بشيء حراما إلا ما حرمه الله في كتابه، وهذا مذهب عائشة، والشعبي.
وذهب آخرون إلى أنها نسخت بما ذكر في المائدة من المنخنقة، والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وقد رد قوم هذا القول، بأن قالوا: كل هذا داخل في الميتة، وقد ذكرت الميتة هاهنا فلا وجه للنسخ.
وزعم قوم: أنها نسخت بآية المائدة، وبالسنة من تحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، وهذا ليس بصحيح، أما آية المائدة فقد ذكرنا أنها داخلة في هذه الآية.
وأما ما ورد في السنة فلا يجوز أن يكون ناسخا، لأن مرتبة القرآن لا يقاومها أخبار الآحاد ولو قيل: إن السنة خصت ذلك الإطلاق أو ابتدأت حكما، كان أصلح، وإنما الصواب عندنا أن يقال: هذه الآية نزلت بمكة، ولم تكن الفرائض قد تكاملت ولا المحرمات اليوم قد تتامت، ولهذا قال: فِي ما أُوحِيَ على لفظ الماضي وقد كان حينئذ من قال: لا إله إلا الله ثم مات، دخل الجنة، فلما جاءت الفرائض والحدود، وقعت المطالبة بها، فكذلك هذه الآية إنما أخبرت بما كان في الشرع من التحريم يومئذ، فلا ناسخ إذن ولا منسوخ. ثم كيف يدعى نسخها وهي خبر، والخبر لا يدخله النسخ (1).

ذكر الآية السابعة عشر
: قوله تعالى: انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ [الأنعام: 158] للمفسرين فيها قولان:
الأول: أنها اقتضت الأمر بالكف عن قتالهم، وذلك منسوخ بآية السيف.
والثاني: أن المراد بها التهديد، فهي محكمة وهو الصحيح.

ذكر الآية الثامنة عشر
: قوله تعالى: لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام: 159] للمفسرين في معناه ثلاثة أقوال:
الأول: لست من قتالهم في شيء، ثم نسخ بآية السيف، قاله السدي.
__________
(1) انظر «صفوة الراسخ» (ص 102 - 103).

(1/144)


والثاني: ليس إليك شيء من أمرهم، قاله ابن قتيبة.
والثالث: أنت بريء منهم، وهم منك برآء، إنما أمرهم إلى الله سبحانه في الجزاء فعلى هذين القولين الآية محكمة.