الإعراب المحيط من تفسير البحر المحيط سورة البروج
اثنتان وعشرون آية مكية
وشاهد ومشهود: هذان منكران، وينبغي حملهما
على العموم لقوله: {علمت نفس ما أحضرت} ، وإن كان اللفظ لا
يقتضيه، لكن المعنى يقتضيه، إذ لا يقسم بنكرة ولا يدري من هي.
فإذا لوحظ فيها معنى العموم، اندرج فيها المعرفة فحسن القسم.
وكذا ينبغي أن يحمل ما جاء من هذا النوع نكرة، كقوله: {والطور
وكتاب مسطور} ، ولأنه إذا حمل {وكتاب مسطور} على العموم دخل
فيه معنيان: الكتب الإلهية، كالتوراة والإنجيل والقرآن، فيحسن
إذ ذاك القسم به. وجواب القسم قيل محذوف، فقيل: لتبعثن ونحوه.
وقال الزمخشري: يدل عليه {قتل أصحاب الأخدود} . وقيل: الجواب
مذكور فقيل: {إن الذين فتنوا} . وقال المبرد: {إن بطش ربك
لشديد} . وقيل: قتل وهذا نختاره وحذفت اللام أي لقتل، وحسن
حذفها كما حسن في قوله: {والشمس وضحاها} ، ثم قال: {قد أفلح من
زكاها} ، أي لقد أفلح من زكاها.
وإذا كان {قتل} جواباً للقسم، فهي جملة خبرية، وقيل: دعاء،
فكون الجواب غيرها. وقرأ الحسن وابن مقسم بالتشديد، والجمهور
بالتخفيف.
وقرأ الجمهور: {النار} بالجر، وهو بدل اشتمال، أو بدل كل من كل
على تقدير محذوف، أي أخدود النار. وقرأ قوم النار بالرفع. قيل:
وعلى معنى قتلهم.
وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وابن وثاب والأعمش والمفضل عن عاصم
والأخوان: {المجيد} بخفض الدال، صفة للعرش، ومن قرأ: ذي العرش
بالياء، جاز أن يكون المجيد بالخفض صفة لذي، والأحسن جعل هذه
المرفوعات أخباراً عن هو، فيكون {فعال} خبراً. ويجوز أن يكون
{الودود ذو العرش} صفتين للغفور، و {فعال} خبر مبتدأ وأتى
بصيغة فعال لأن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة.
قرأ الجمهور: {ذو} بالواو وابن عامر في رواية: ذي بالياء صفة
لربك.
وقرأ الجمهور: {قرآن مجيد} : موصوف وصفة. وقرأ ابن السميفع:
{قرآن مجيد} بالإضافة.
وقرأ الأعرج وزيد بن علي وابن محيصن ونافع بخلاف عنه: محفوظ
بالرفع صفة لقرآن.
سورة الطارق
سبع عشرة آية مكية
وقرأ الجمهور: إن خفيفة، كل رفعاً لما
خفيفة، فهي عند البصريين مخففة من الثقيلة، كل مبتدأ واللام هي
الداخلة للفرق بين إن النافية وإن المخففة، وما زائدة، وحافظ
خبر المبتدأ، وعليها متعلق به. وعند الكوفيين: إن نافية،
واللام بمعنى إلا، وما زائدة، وكل حافظ مبتدأ وخبر؛ والترجيح
بين المذهبين مذكور في علم النحو. وقرأ الحسن والأعرج وقتادة
وعاصم وابن عامر وحمزة وأبو عمرو ونافع بخلاف عنهما: لما مشددة
وهي بمعنى إلا، لغة مشهورة في هذيل وغيرهم. تقول العرب: أقسمت
عليك لما فعلت كذا: أي إلا فعلت، قاله الأخفش. فعلى هذه
القراءة يتعين أن تكون نافية، أي ما كل نفس إلا عليها حافظ.
وحكى هرون أنه قرىء: إن بالتشديد، كل بالنصب، فاللام هي
الداخلة في خبر إن، وما زائدة، وحافظ خبر إن، وجواب القسم هو
ما دخلت عليه إن، سواء كانت المخففة أو المشددة أو النافية،
لأن كلاًّ منها يتلقى به القسم؛ فتلقيه بالمشددة مشهور،
وبالمخففة تالله إن كدت لتردين، وبالنافية {ولئن زالتا إن
أمسكهما} . وقيل: جواب القسم {إنه على رجعه لقادر} ، وما
بينهما اعتراض.
و {مم خلق} : استفهام، ومن متعلقة بخلق، والجملة في موضع نصب
بفلينظر، وهي معلقة. وجواب الاستفهام ما بعده وهو: {خلق من ماء
دافق} .
وقال الضحاك: على رده من الكبر إلى الشباب.
وقال عكرمة ومجاهد: الضمير عائد على الماء، أي على رد الماء في
الإحليل أو في الصلب. وعلى هذا القول وقول الضحاك يكون العامل
في يوم تبلى {وَالتَّرَآئِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ
لَقَادِرٌ} مضمر تقديره اذكر. وعلى قول ابن عباس، وهو الأظهر،
فقال بعض النحاة: العامل ناصر من قوله: {ولا ناصر} ، وهذا فاسد
لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، وكذلك ما النافية لا
يعمل ما بعدها فيما قبلها على المشهور المنصور. وقال آخرون،
ومنهم الزمخشري: العامل رجعه ورد بأن فيه فصلاً بين الموصول
ومتعلقه، وهو من تمام الصلة، ولا يجوز. وقال الحذاق من النحاة:
العامل فيه مضمر يدل عليه المصدر تقديره: يرجعه يوم تبلى
السرائر. قال ابن عطية: وكل هذه الفرق فرت من أن يكون العامل
لقادر، لأنه يظهر من ذلك تخصيص القدرة في ذلك اليوم وحده. وإذا
تؤمل المعنى وما يقتضيه فصيح كلام العرب جاز أن يكون المعنى
لقادر، وذلك أنه قال: {إنه على رجعه لقادر} على الإطلاق أولاً
وآخراً وفي كل وقت. ثم ذكر تعالى وخصص من الأوقات الوقت الأهم
على الكفار، لأنه وقت الجزاء والوصول إلى العذاب ليجتمع الناس
إلى حذره والخوف منه، انتهى.
سورة الأعلى
تسع عشرة آية مكية
قالوا: الأعلى {رُوَيْداً * سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأّعْلَى *
الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى} يصح أن يكون صفة لربك، وأن يكون صفة
لاسم فيكون منصوباً، وهذا الوجه لا يصح أن يعرب {الذي خلق} صفة
لربك، فيكون في موضع جر لأنه قد حالت بينه وبين الموصوف صفة
لغيره. لو قلت: رأيت غلام هند العاقل الحسنة، لم يجز؛ بل لا بد
أن تأتي بصفة هند، ثم تأتي بصفة الغلام فتقول: رأيت غلام هند
الحسنة العاقل. فإن لم يجعل الذي صفة لربك، بل ترفعه على أنه
خبر مبتدأ محذوف أو تنصبه على المدح، جاز أن يكون الأعلى صفة
لاسم.
وأثبتت الألف في فلا تنسى {أَحْوَى *
سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى} ، وإن كان مجزوماً بلا التي للنهي
لتعديل رءوس الآي.
{ونيسرك} معطوف على {سنقرئك} ، وما بينهما من الجملة المؤكدة
اعتراض.
سورة الغاشية
ست وعشرون آية مكية
وقيل: هل بمعنى قد. وجوه يومئذ {وَمُوسَى * هَلْ أَتَاكَ
حَدِيثُ الْغَشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَشِعَةٌ *
عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً * تُسْقَى
مِنْ عَيْنٍءَانِيَةٍ * لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن
ضَرِيعٍ * لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ} : أي يوم إذ غشيت، والتنوين
عوض من الجملة، ولم تتقدم جملة تصلح أن يكون التنوين عوضاً
منها، لكن لما تقدّم لفظ الغاشية، وأل موصولة باسم الفاعل،
فتنحل للتي غشيت، أي للداهية التي غشيت. فالتنوينن عوض من هذه
الجملة التي انحل لفظ الغاشية إليها، وإلى الموصول الذي هو
التي.
وقال الزمخشري: {لا يسمن} مرفوع المحل أو
مجروره على وصف طعام أو ضريع، فقوله: مرفوع المحل أو مجروره
على وصف طعام أو ضريع. أما جره على وصفه لضريع فيصح، لأنه مثبت
منفي عنه السمن والإغناء من الجوع. وأما رفعه على وصفه لطعام
فلا يصح، لأن الطعام منفي ولا يسمن، منفي فلا يصح تركيبه، إذ
يصير التقدير: ليس لهم طعام لا يسمن ولا يغني من جوع إلا من
ضريع، فيصير المعنى: أن لهم طعاماً يسمن ويغني من جوع من غير
ضريع، كما تقول: ليس لزيد مال لا ينتفع به إلا من مال عمرو،
فمعناه أن له مالاً ينتفع به من غير مال عمرو. ولو قيل: الجملة
في موضع رفع صفة للمحذوف المقدر في {إلا من ضريع} كان صحيحاً،
لأنه في موضع رفع على أنه بدل من اسم ليس، أي ليس لهم طعام إلا
كائن من ضريع، إذ الإطعام من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع،
وهذا تركيب صحيح ومعنى واضح، وقال الزمخشري: أو أريد أن لا
طعام لهم أصلاً، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلاً عن الإنس،
لأن الطعام ما أشبع وأسمن، وهو منهما بمعزل. كما تقول: ليس
لفلان ظل إلا الشمس، تريد نفي الظل على التوكيد. انتهى. فعلى
هذا يكون الاستثناء منقطعاً، إذ لم يندرج الكائن من الضريع تحت
لفظة طعام، إذ ليس بطعام. والظاهر الاتصال فيه.
والإبل لا واحد له من لفظه وهو مؤنث، ولذلك
إذا صغر دخلته التاء فقالوا: أبيلة، وقالوا في الجمع: آبال.
وقد اشتقوا من لفظه فقالوا: تأبل الرجل، وتعجبوا من هذا الفعل
على غير قياس فقالوا: ما آبل زيداً. وإبل اسم جاء على فعل، ولم
يحفظ سيبويه مما جاء على هذا الوزن غيره. وكيف خلقت: جملة
استفهامية في موضع البدل من الإبل، وينظرون: تعدى إلى الإبل
بواسطة إلى، وإلى كيف خلقت على سبيل التعليق، وقد تبدل الجملة
وفيها الاستفهام من الاسم الذي قبلها كقولهم: عرفت زيداً أبو
من هو على أصح الأقوال، على أن العرب قد أدخلت إلى على كيف،
فحكى أنهم قالوا: انظر إلى كيف يصنع. وكيف سؤال عن حال والعامل
فيها خلقت، وإذا علق الفعل عن ما فيه الاستفهام، لم يبق
الاستفهام على حقيقته، وقد بينا ذلك في كتابنا المسمى بالتذكرة
وفي غيره.
وقرأ الجمهور: {خلقت} : رفعت، {نصبت} سطحت بتاء التأنيث مبنياً
للمفعول؛ وعليّ وأبو حيوة وابن أبي عبلة: بتاء المتكلم مبنياً
للفاعل، والمفعول محذوف، أي خلقتها، رفعتها، نصبتها؛ رفعت
رفعاً بعيد المدى بلا عمد، نصبت نصباً ثابتاً لا تميل ولا
تزول؛ سطحت سطحاً حتى صارت كالمهاد للمتقلب عليها. وقرأ
الجمهور: {سطحت} خفيفة الطاء؛ والحسن وهارون: بشدّها.
وقرأ الجمهور: ألا حرف استثناء فقيل متصل، أي فأنت مسيطر عليه.
وقيل: متصل من فذكر، أي فذكر إلا من انقطع طمعك من إيمانه
وتولى فاستحق العذاب الأكبر، وما بينهما اعتراض. وقيل: منقطع،
وهي آية موادعة نسخت بآية السيف. وقرأ ابن عباس وزيد بن عليّ
وقتادة وزيد بن أسلم: ألا حرف تنبيه واستفتاح، والعذاب الأكبر
هو عذاب جهنم.
وقرأ الجمهور: إيابهم {بِمُسَيْطِرٍ *
إِلاَّ مَن تَوَلَّى} بتخفيف الياء مصدر آب؛ وأبو جعفر وشيبة:
بشدّها مصدراً لفعيل من آب على وزن فيعال، أو مصدراً كفوعل
كحوقل على وزن فيعال أيضاً كحيقال، أو مصدر الفعول كجهور على
وزن فعوال كجهوار فأصله أوواب فقلبت الواو الأولى ياء لسكونها
وانكسار ما قبلها؛ واجتمع في هذا البناء والبناءين قبله واو
وياء، وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، وأدغم ولم يمنع
الإدغام من القلب لأن الواو والياء ليستا عينين من الفعل، بل
الياء في فيعل والواو في فعول زائدتان. وقال صاحب اللوامح،
وتبعه الزمخشري: يكون أصله إواباً مصدر أوّب، نحو كذّب كذاباً،
ثم قيل إواباً فقلبت الواو الأولى ياء لانكسار ما قبلها. قال
الزمخشري: كديوان في دوان، ثم فعل به ما فعل بسيد، يعني أنه
اجتمع ياء وواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت
الياء في الواو، فأما كونه مصدر أوب فإنه لا يجوز، لأنهم نصوا
على أن الواو الأولى إذا كانت موضوعة على الإدغام وجاء ما
قبلها مكسوراً فلا تقلب الواو الأولى ياء لأجل الكسرة، ومثلوا
بأخرواط مصدر أخروّط، ومثلوا أيضاً بمصدر أوب نحو أوّب إواباً،
فهذه وضعت على الإدغام، فحصنها من الإبدال ولم تتأثر للكسر.
وأما تشبيه الزمخشري بديوان فليس بجيد
لأنهم لم ينطقوا بها في الوضع مدغمة، فلم يقولوا دوّان، ولولا
الجمع على دواوين لم يعلم أن أصل هذه الياء واو، وأيضاً فنصوا
على شذوذ ديوان فلا يقاس عليه غيره. وقال ابن عطية: ويصح أن
يكون من أأوب، فيجيء إيواباً، سهلت الهمزة، وكان اللازم في
الإدغام يردها إواباً، لكن استحسنت فيه الياء على غير قياس،
انتهى. فقوله: وكان اللازم في الإدغام بردها إواباً ليس بصحيح،
بل اللازم إذا اعتبر الإدغام أن يكون إياباً، لأنه قد اجتمعت
ياء وهي المبدلة من الهمزة بالتسهيل. وواو وهي عين الكلمة
وإحداهما ساكنة، فتقلب الواو ياء وتدغم فيها الياء فيصير
إياباً.
سورة الفجر
ثلاثون آية مكية
وقرأ أبو الدينار الأعرابي: والفجر، والوتر، ويسر {حِسَابَهُمْ
* وَالْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ *
وَالَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} بالتنوين في الثلاثة. قال ابن
خالويه: هذا كما روي عن بعض العرب أنه وقف على آخر القوافي
بالتنوين، وإن كان فعلاً، وإن كان فيه ألف ولام. قال الشاعر:
أقلّي اللوم عاذل والعتاباوقولي إن أصبت لقد أصاباانتهى. وهذا
ذكره النحويون في القوافي المطلقة إذا لم يترنم الشاعر، وهو
أحد الوجهين اللذين للعرب إذا وقفوا على الكلم في الكلام لا في
الشعر، وهذا الأعرابي أجرى الفواصل مجرى القوافي.
وجواب القسم محذوف. قال الزمخشري: وهو
لنعذبن، يدل عليه قوله: ألم تر إلى قوله: {فصب عليهم ربك سوط
عذاب} . وقال ابن الأنباري: الجواب: {إن ربك لبالمرصاد} .
والذي يظهر أن الجواب محذوف يدل عليه ما قبله من آخر سورة
الغاشية، وهو قوله: {إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم} ،
وتقديره: لإيابهم إلينا وحسابهم علينا. وقول مقاتل: هل هنا في
موضع تقديره: إن في ذلك قسماً لذي حجر. فهل على هذا في موضع
جواب القسم، قول لم يصدر عن تأمل، لأن المقسم عليه على تقدير
أن يكون التركيب إن في ذلك قسماً لذي حجر لم يذكر، فيبقى قسم
بلا مقسم عليه، لأن الذي قدره من إن في ذلك قسماً لذي حجر لا
يصح أن يكون مقسماً عليه.
{إرم} بكسر الهمزة وفتح الراء والميم ممنوع الصرف للتأنيث
والعلمية لأنه اسم للقبيلة، وعاد، وإن كان اسم القبيلة، فقد
يلحظ فيه معنى الحي فيصرف أولاً يلحظ، فجاء على لغة من صرف
هنداً، وإرم عطف بيان أو بدل. وقرأ الحسن: بعاد غير ممنوع
الصرف مضافاً إلى إرم، فجاز أن يكون إرم وجداً ومدينة.
{بعاد} والضحاك: بعاد مصروفاً، وبعاد غير مصروف أيضاً، أرم
بفتح الهمزة وسكون الراء تخفيف أرم بكسر الراء؛ وعن ابن عباس
والضحاك: أرم فعلاً ماضياً، أي بلي، يقال: رم العظم وأرم هو:
أي بلي، وأرمه غيره معدى بالهمزة من رم الثلاثي. وذات على هذه
القراءة مكسورة التاء؛ وابن عباس أيضاً: فعلاً ماضياً، ذات
بنصب التاء على المفعول به، وذات بالكسر صفة لإرم؛ وسواء كانت
اسم قبيلة أو مدينة، وإن كان يترجح كونها مدينة بقوله: {لم
يخلق مثلها في البلاد} ، فإذا كانت قبيلة صح إضافة عاد إليها
وفكها منها بدلاً أو عطف بيان، وإن كانت مدينة فالإضافة إليها
ظاهرة والفك فيها يكون على حذف مضاف، أي بعاد أهل إرم ذات
العماد.
وقرىء: {إرم ذات} ، بإضافة إرم إلى ذات، والإرم: العلم، يعني
بعاد: أعلام ذات العماد. ومن قرأ: أرم فعلاً ماضياً، ذات
بالنصب، أي جعل الله ذات العماد رميماً، ويكون {إرم} بدلاً من
{فعل ربك} وتبييناً لفعل، وإذا كانت {ذات العماد} صفة للقبيلة.
{الذين} صفة لعاد وثمود وفرعون، أو منصوب على الذم، أو مرفوع
على إضمارهم.
{وجيء يومئذ بجهنم} ، كقوله تعالى: {وبرزت الجحيم لمن يرى} ،
{يومئذ} بدل من {إذا} . قال الزمخشري: وعامل النصب فيهما
يتذكر، انتهى. ظاهر كلامه أن العامل في البدل هو العامل نفسه
في المبدل منه، وهو قول قد نسب إلى سيبويه، والمشهور خلافه،
وهو أن البدل على نية تكرار العامل.
{لا يعذب ولا يوثق} ، ولا يطلق على الماضي إلا بمجاز بعيد، بل
موضوع، لا إذا دخلت على المضارع أن يكون مستقبلاً. ويجوز أن
يكون الضمير قبلها عائداً على الكافر، أي لا يعذب أحد من
الزبانية مثل ما يعذبونه. وقيل إلى الله، أي لا يعذب أحد في
الدنيا عذاب الله للكافر، ويضعف هذا عمل لا يعذب في يومئذ، وهو
ظرف مستقبل.
وتعدى فادخلي أولاً بفي، وثانياً بغير فاء، وذلك أنه إذا كان
المدخول فيه غير ظرف حقيقي تعددت إليه بفي، دخلت في الأمر
ودخلت في غمار الناس، ومنه: فادخلي في عبادي {مَّرْضِيَّةً *
فَادْخُلِى فِى عِبَادِى} . وإذا كان المدخول فيه ظرفاً
حقيقياً، تعدت إليه في الغالب بغير وساطة في.
وإذا العامل فيه فيقول: والنية فيه التأخير، أي فيقول كذا وقت
الابتداء، وهذه الفاء لا تمنع ان يعمل ما بعدها فيما قبلها،
وإن كانت فاء دخلت في خبر المبتدأ لأجل أما التي فيها معنى
الشرط، وبعد أما الثانية مضمر به وقع التوازن بين الجملتين
تقديره: فأما إذا هو ابتلاه، وفيقول خبر عن ذلك المبتدأ
المضمر. |