|
المجموع
شرح المهذب ط عالم الكتب بَابُ
السَّاعَاتِ الَّتِي نُهِيَ 1عَنْ الصَّلَاةِ
فِيهَا.
قال المصنف
رحمه الله تعالى:"هِيَ خَمْسٌ اثْنَتَانِ
نُهِيَ عَنْهُمَا لِأَجْلِ الْفِعْلِ، وَهِيَ
بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ
الشَّمْسُ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى
تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ
مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
قَالَ:
"حَدَّثَنِي أُنَاسٌ أَعْجَبُهُمْ إلَيَّ
عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى
الله عليه وسلم "نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ
الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ
الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ" وَثَلَاثٌ نُهِيَ عَنْهَا لِأَجْلِ الْوَقْتِ، وَهِيَ عِنْدَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ،
وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ حَتَّى تَزُولَ،
وَعِنْدَ الِاصْفِرَارِ حَتَّى تَغْرُبَ
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رَوَى عُقْبَةُ
بْنُ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ:
"ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ
نَقْبُرَ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ
الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ،
وَحِينُ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ،
وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ" وَهَلْ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ لِمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْ
الْفَجْرِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أحدهما: يُكْرَهُ؛
لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ:
"لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ أَنْ لَا تُصَلُّوا
بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا سَجْدَتَيْنِ"
والثاني: لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ إلَّا بَعْدَ
الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ".
الشرح: حَدِيثُ ابْنِ
عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
وَلَفْظُهُ عِنْدَهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:
"شَهِدَ
عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ
عِنْدِي عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ
الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تُشْرِقَ
وَبَعْد الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ" وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَفِيهِ زِيَادَةُ:
"وَحِينَ
يَقُومَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ" وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ إلَّا أَنَّ فِيهِ
رَجُلًا مَسْتُورًا، وَقَدْ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ إنَّهُ حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وَأَمَّا أَلْفَاظُ
الْفصل:فَقَوْلُهُ: لِأَجْلِ
الْفِعْلِ سَبَقَ أَنَّ اللُّغَةَ
الْفَصِيحَةَ أَنْ يَقُولَ: مِنْ أَجْلِ،
وَقَوْلُهُ: وَهِيَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ
كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَهُمَا،
وَقَوْلُهُ: نَقْبُرُ فِيهِنَّ: هُوَ بِضَمِّ
الْبَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ،
وَقَوْلُهُ: قَائِمُ الظَّهِيرَةِ هُوَ حَالُ
الِاسْتِوَاءِ، وَقَوْلُهُ: تَضَيَّفُ هُوَ
بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ
وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ
الْمَفْتُوحَةِ وَبَعْدَهَا فَاءٌ، أَيْ
تَمِيلُ، وَالْمُرَادُ بِالسَّجْدَتَيْنِ
رَكْعَتَا سُنَّةِ الْفَجْرِ، وَعُقْبَةُ بْنُ
عَامِرٍ مِنْ مَشْهُورِي الصَّحَابَةِ رضي
الله عنهم وَهُوَ جُهَنِيٌّ فِي كُنْيَتِهِ
سَبْعَةُ أَقْوَالٍ: أحدها: أَبُو حَمَّادٍ
سَكَنَ مِصْرَ وَتَوَلَّاهَا لِمُعَاوِيَةَ،
وَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ
وَخَمْسِينَ.
أَمَّاحُكْمُ الْمَسْأَلَةِ:
فَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ
الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا
الْمُصَنِّفُ، فَالْوَقْتَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في بعض نسخ المهذب ( نهى الله عن الصلاة
فيها ) وعلى هذا يكون قوله: ( نهى عنها )
بصيغة البناء للمعلوم (ط)
ج / 4 ص -56-
الْأَوَّلَانِ تَتَعَلَّقُ كَرَاهِيَتُهُمَا بِالْفِعْلِ،
وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ
الْكَرَاهَةِ لِمُجَرَّدِ الزَّمَانِ،
وَإِنَّمَا يَدْخُلُ إذَا فَعَلَ فَرِيضَةَ
الصُّبْحِ وَفَرِيضَةَ الْعَصْرِ، وَأَمَّا
الْأَوْقَاتُ الثَّلَاثَةُ فَتَتَعَلَّقُ
الْكَرَاهَةُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ الزَّمَانِ
هَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ:
إنَّ أَوْقَاتَ الْكَرَاهَةِ خَمْسَةٌ،
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: هِيَ ثَلَاثَةٌ مِنْ
صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ
الشَّمْسُ، وَمِنْ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ،
وَحَالُ الِاسْتِوَاءِ وَهُوَ يَشْمَلُ
الْخَمْسَةَ، وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى
أَجْوَدُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ
الصُّبْحَ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ يُكْرَهُ
لَهُ التَّنَفُّلُ حَتَّى تَرْتَفِعَ قَيْدَ
رُمْحٍ، وَكَذَا مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ
حَتَّى اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ يُكْرَهُ لَهُ
التَّنَفُّلُ حَتَّى تَغْرُبَ، وَهَذَا
يُفْهَمُ مِنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى دُونَ
الثَّانِيَةِ وَلِأَنَّ حَالَ اصْفِرَارِ
الشَّمْسِ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِيهِ عَلَى
الْعِبَارَةِ الْأُولَى بِسَبَبَيْنِ، وَعَلَى
الثَّانِيَةِ بِسَبَبٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ
عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ تَمْتَدُّ حَتَّى
تَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ، هَذَا هُوَ
الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي
التَّنْبِيهِ وَالْجُمْهُورُ، وَفِيهِ وَجْهٌ
حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ أَنَّ
الْكَرَاهَةَ تَزُولُ إذَا طَلَعَ قُرْصُ
الشَّمْسِ بِكَمَالِهِ، وَيُسْتَدَلُّ لَهُ
بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ
حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ
الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَرَوَيَاهُ أَيْضًا مِنْ
رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
وَيُسْتَدَلُّ لِلْمَذْهَبِ بِحَدِيثِ عَمْرِو
بْنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه قَالَ:
"قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ الصَّلَاةِ قَالَ:
صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ
الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى
تَرْتَفِعَ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ
تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ،
وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ،
ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ
مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ
بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ
فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسَجَّرُ جَهَنَّمُ
فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فصل:فَإِنَّ
الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى
تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ أَقْصَرِ عَنْ
الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ
فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ
شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا
الْكُفَّارُ"
رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَتُحْمَلُ رِوَايَةُ الطُّلُوعِ عَلَى
الطُّلُوعِ مُرْتَفِعَةً بِدَلِيلِ حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ جَمْعًا بَيْنَ
الْأَحَادِيثِ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذِهِ
الرِّوَايَاتِ وَالْجَمْعَ بَيْنَهَا فِي
شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَلَا خِلَافَ أَنَّ
وَقْتَ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا
يَدْخُلُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْعَصْرِ، بَلْ
لَا يَدْخُلُ حَتَّى يُصَلِّيَهَا، وَأَمَّا
فِي الصُّبْحِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
الصحيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ
لَا يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، بَلْ لَا
يَدْخُلُ حَتَّى يُصَلِّيَ فَرِيضَةَ
الصُّبْحِ والثاني: يَدْخُلُ بِصَلَاةِ
سُنَّةِ الصُّبْحِ والثالث: بِطُلُوعِ
الْفَجْرِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو
حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ
وَيُسْتَدَلُّ لَهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ
الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ
بِحَدِيثِ حَفْصَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَمْ
يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَيُجَابُ عَنْهُ لِلْمَذْهَبِ
بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ، وَحَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي
إسْنَادِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ يُؤَوَّلُ عَلَى
مُوَافَقَةِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قال المصنف رحمه الله تعالى:"وَلَا يُكْرَهُ
فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مَا لَهَا سَبَبٌ
كَقَضَاءِ الْفَائِتَةِ، وَالصَّلَاةِ
الْمَنْذُورَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ،
وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَمَا أَشْبَهَهَا؛
لِمَا رُوِيَ عَنْ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ رضي
الله عنه قَالَ:
"رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَأَنَا أُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَعْدَ
صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ مَا هَاتَانِ
الرَّكْعَتَانِ؟ فَقُلْتُ لَمْ أَكُنْ
صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَهُمَا
هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ" فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِيُصَلِّيَ
التَّحِيَّةَ لَا لِحَاجَةٍ غَيْرِهَا فَفِيهِ
وَجْهَانِ: أحدهما: يُصَلِّي؛ لِأَنَّهُ
وُجِدَ سَبَبُ
ج / 4 ص -57-
الصَّلَاةِ، وَهُوَ الدُّخُولُ والثاني: لَا
يُصَلِّي؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم قَالَ:
"لَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ
الشَّمْسِ، وَلَا غُرُوبَهَا" وَهَذَا يَتَحَرَّى بِصَلَاتِهِ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَغُرُوبَهَا".
الشرح: حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ
قَهْدٍ، بِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ هَاءٍ
سَاكِنَةٍ ثُمَّ دَالٍ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَغَيْرُهُمْ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ فِيهِ
انْقِطَاعٌ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْأَصَحُّ
أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَرُوِيَ عَنْ قَيْسِ بْنِ
قَهْدٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ،
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْأَكْثَرُونَ:
قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ
جُمْهُورِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ
أَشَرْتُ إلَى ذَلِكَ فِي تَهْذِيبِ
الْأَسْمَاءِ، وَكَيْفَ كَانَ؟ فَمَتْنُ
الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ
وَيُغْنِي عَنْهُ مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ
الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي فرع:
مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ إنْ شَاءَ الله تعالى.
وَأَمَّا حَدِيثُ:
"لَا
تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ
وَلَا غُرُوبَهَا" فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ
رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم.
أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ:
فَمَذْهَبُنَا: أَنَّ النَّهْيَ عَنْ
الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا
هُوَ عَنْ صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا، فَأَمَّا
مَا لَهَا سَبَبٌ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا،
وَالْمُرَادُ بِذَاتِ السَّبَبِ الَّتِي لَهَا
سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهَا، فَمِنْ ذَوَاتِ
الْأَسْبَابِ: الْفَائِتَةُ فَرِيضَةً كَانَتْ
أَوْ نَافِلَةً إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ
أَنَّهُ يُسَنُّ قَضَاءُ النَّوَافِلِ: فَلَهُ
فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ
وَالنَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ وَغَيْرِهَا،
وَقَضَاءُ نَافِلَةٍ اتَّخَذَهَا وِرْدًا،
وَلَهُ فِعْلُ الْمَنْذُورَةِ، وَصَلَاةُ
الْجِنَازَةِ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ
وَالشُّكْرِ وَصَلَاةُ الْكُسُوفِ وَصَلَاةُ
الطَّوَافِ وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي هَذِهِ
الْأَوْقَاتِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ
رَكْعَتَيْ الْوُضُوءِ، صَرَّحَ بِهِ
جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ
الرَّافِعِيُّ، وَيُكْرَهُ فِيهَا صَلَاةُ
الِاسْتِخَارَةِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ
وَغَيْرُهُ، وَتُكْرَهُ رَكْعَتَا
الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَلَى أَصَحِّ
الْوَجْهَيْنِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ؛
لِأَنَّ سَبَبَهُمَا مُتَأَخِّرٌ، وَبِهِ
قَطَعَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي كِتَابِ
الْحَجِّ والثاني: لَا يُكْرَهُ حَكَاهُ
الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُمَا
إرَادَةُ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ،
وَهَذَا الْوَجْهُ قَوِيٌّ.
وَفِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَجْهَانِ
لِلْخُرَاسَانِيَّيْنِ أصحهما: لَا يُكْرَهُ،
وَحَكَاهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي
الْبَسِيطِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَقَطَعَ
بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي
تَعْلِيقِهِ وَالْعَبْدَرِيُّ؛ لِأَنَّ
سَبَبَهَا مُتَقَدِّمٌ والثاني: تُكْرَهُ
كَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ، وَهَكَذَا
عَلَّلُوهُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ
يَمْنَعُ الْأَوَّلُ كَرَاهَةَ صَلَاةِ
الِاسْتِخَارَةِ، وَأَمَّا تَحِيَّةُ
الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ
دَخَلَهُ لِغَرَضٍ كَاعْتِكَافٍ أَوْ لِطَلَبِ
عِلْمٍ أَوْ انْتِظَارِ صَلَاةٍ وَنَحْوِ
ذَلِكَ مِنْ الْأَغْرَاضِ صَلَّى
التَّحِيَّةَ، وَإِنْ دَخَلَهُ لَا لِحَاجَةٍ
بَلْ لِيُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ فَقَطْ
فَوَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا الْكَرَاهَةُ،
كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ
لِيَقْضِيَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ
فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه
وسلم
"لَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَلَا غُرُوبَهَا"
والثاني: لَا يُكْرَهُ وَاخْتَارَهُ
الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ
وَحَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ
وَجْهًا فِي كَرَاهَةِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ
فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مِنْ غَيْرِ
تَفْصِيلٍ، وَهَذَا غَلَطٌ نَبَّهْتُ عَلَيْهِ
لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ وَقَدْ حَكَاهُ
الصَّيْدَلَانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ
وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ، وَاتَّفَقُوا
عَلَى أَنَّهُ غَلَطٌ. فرع: لَوْ فَاتَتْهُ
رَاتِبَةٌ أَوْ نَافِلَةٌ اتَّخَذَهَا وِرْدًا
فَقَضَاهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَهَلْ
لَهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى مِثْلِهَا فِي
وَقْتِ الْكَرَاهَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ
حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ
وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْقَاضِي أَبُو
الطَّيِّبِ وَالْمُتَوَلِّي
ج / 4 ص -58-
وَغَيْرُهُمْ أحدهما: نَعَمْ حَكَاهُ أَبُو
حَامِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ
لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ
"أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاتَهُ رَكْعَتَا
سُنَّةِ الظُّهْرِ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ
الْعَصْرِ وَدَاوَمَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ
الْعَصْر" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَصَحُّهُمَا: لَا. وَتِلْكَ
الصَّلَاةُ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ
الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ.
فرع: فِي مَذَاهِبِ
الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ الَّتِي
لَهَا سَبَبٌ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ:
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهَا
لَا تُكْرَهُ، وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ
أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ
وَابْنُهُ وَأَبُو أَيُّوبَ وَالنُّعْمَانُ
بْنُ بَشِيرٍ وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ
وَعَائِشَةُ رضي الله عنهم.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ شَيْءٌ
مِنْ ذَلِكَ وَوَافَقْنَا جُمْهُورَ
الْفُقَهَاءِ فِي إبَاحَةِ الْفَوَائِتِ فِي
هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَقَالَ أَبُو
حَنِيفَةَ: تُبَاحُ الْفَوَائِتُ بَعْدَ
الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، وَلَا تُبَاحُ فِي
الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ إلَّا عَصْرَ
يَوْمِهِ فَتُبَاحُ عِنْدَ اصْفِرَارِ
الشَّمْسِ، وَتُبَاحُ الْمَنْذُورَةُ فِي
هَذِهِ الْأَوْقَاتِ عِنْدَنَا، وَلَا تُبَاحُ
عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَجْمَعَ
الْمُسْلِمُونَ عَلَى إبَاحَةِ صَلَاةِ
الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ
وَنَقَلَ الْعَبْدَرِيُّ فِي كِتَابِ
الْجَنَائِزِ عَنْ الثَّوْرِيِّ
وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ
وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّ صَلَاةَ
الْجِنَازَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا عِنْدَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ غُرُوبِهَا،
وَعِنْدَ اسْتِوَائِهَا، وَلَا تُكْرَهُ فِي
الْوَقْتَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَنَقَلَ
الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ أَنَّهُ
أَبَاحَ الصَّلَاةَ لِسَبَبٍ وَبِلَا سَبَبٍ
فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَالْمَشْهُورُ
مِنْ مَذْهَبِ دَاوُد مَنْعُ الصَّلَاةِ فِي
هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، سَوَاءٌ مَا لَهَا
سَبَبٌ وَمَا لَا سَبَبَ لَهَا، وَهُوَ
رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وَاحْتُجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِيهِ
بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي
النَّهْيِ. وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ
أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم قَالَ:
"مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ
يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا"
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَهَذَا
لَفْظُ مُسْلِمٍ وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي
الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم
"صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا
بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ
الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ إنَّهُ
أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ
بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ فَشَغَلُونِي
عَنْ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا
هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ"
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَعَنْ
عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
"صَلَاتَانِ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَعُهُمَا
سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً، رَكْعَتَانِ قَبْلَ
صَلَاةِ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ
صَلَاةِ الْعَصْرِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ
رضي الله عنه قَالَ
"شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم حَجَّتَهُ وَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ
الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَلَمَّا
قَضَى صَلَاتَهُ وَانْحَرَفَ إذَا هُوَ
بِرَجُلَيْنِ فِي آخِرِ الْقَوْمِ لَمْ
يُصَلِّيَا مَعَهُ، قَالَ: عَلَيَّ بِهِمَا،
فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا
قَالَ: مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا
مَعَنَا؟ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا
قَدْ كُنَّا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا قَالَ:
فَلَا تَفْعَلَا فَإِذَا صَلَّيْتُمَا فِي
رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ
جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا
لَكُمَا نَافِلَةٌ" رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَالْجَوَابُ عَنْ أَحَادِيثِ النَّهْيِ
أَنَّهَا عَامَّةٌ، وَهَذِهِ خَاصَّةٌ،
وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ
سَوَاءٌ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَ،
فَإِنْ قِيلَ: لَا حُجَّةَ فِي حَدِيثَيْ
أُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ
الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ
الْعَصْرِ مَخْصُوصَةٌ بِالنَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم قُلْنَا: فِي الْمَسْأَلَةِ
وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا سَبَقَا أحدهما:
جَوَازُ مِثْلِ هَذَا لِكُلِّ أَحَدٍ
ج / 4 ص -59-
وأصحهما: لَا تُبَاحُ الْمُدَاوَمَةُ لِغَيْرِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَى هَذَا
يَكُونُ الِاسْتِدْلَال بِفِعْلِهِ صلى الله
عليه وسلم فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.
فرع: فِي بَيَانِ حَدِيثَيْنِ
يُسْتَشْكَلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَهُمَا
حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ
الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَغَيْرِهِمَا مَعَ
حَدِيثِ:
"إذَا دَخَلَ
أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى
يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ" فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَقَدْ
ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ
يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ تَحِيَّةَ
الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ فِيهَا، وَالْجَوَابُ
عَنْ أَحَادِيثِ النَّهْيِ أَنَّهَا
مَخْصُوصَةٌ كَمَا سَبَقَ فَإِنْ قِيلَ:
حَدِيثُ النَّهْيِ عَامٌّ فِي الصَّلَوَاتِ
خَاصٌّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَحَدِيثُ
التَّحِيَّةِ عَامٌّ فِي الْأَوْقَاتِ خَاصٌّ
فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فَلِمَ رَجَّحْتُمْ
تَخْصِيصَ حَدِيثِ النَّهْيِ دُونَ تَخْصِيصِ
حَدِيثِ التَّحِيَّةِ؟ قُلْنَا: حَدِيثُ
النَّهْيِ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ
بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي
صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ،
وَبِالْإِجْمَاعِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ فِي
صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. وَأَمَّا حَدِيثُ
تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ
لَمْ يَأْتِ لَهُ مُخَصِّصٌ. وَلِهَذَا أَمَرَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الدَّاخِلَ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ
بِالتَّحِيَّةِ بَعْدَ أَنْ قَعَدَ. وَلَوْ
كَانَتْ التَّحِيَّةُ تُتْرَكُ فِي وَقْتٍ
لَكَانَ هَذَا الْوَقْتَ؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ
فِي حَالِ الْخُطْبَةِ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا
التَّحِيَّةَ، وَلِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي
الْخُطْبَةِ وَبَعْدَ أَنْ قَعَدَ الدَّاخِلُ،
وَكُلُّ هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي تَعْمِيمِ
التَّحِيَّةِ.
فرع: عَنْ وَهْبِ بْنِ
الْأَجْدَعِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم قَالَ:
"لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إلَّا أَنْ
تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ" وَفِي رِوَايَةٍ (نَقِيَّةٌ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ
بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ
الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ فِي تَعْمِيمِ
النَّهْيِ مِنْ حِينِ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى
غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيُخَالِفُ أَيْضًا مَا
عَلَيْهِ مَذَاهِبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ
وَجَوَابُهُ مَرَّ.
قال المصنف رحمه الله تعالى:"وَلَا تُكْرَهُ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْد الِاسْتِوَاءِ
لِمَنْ حَضَرَ الصَّلَاةَ؛ لِمَا رَوَى أَبُو
سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه "أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ
الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ
الشَّمْسُ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ"
وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ
الْخَلْقِ أَنْ يَخْرُجَ لِمُرَاعَاةِ
الشَّمْسِ، وَيَغْلِبُهُ النَّوْمُ إنْ
قَعَدَ، فَعُفِيَ عَنْ الصَّلَاةِ، وَإِنْ
لَمْ يَحْضُرْ الصَّلَاةَ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أحدهما: يَجُوزُ لِلْخَبَرِ والثاني: لَا
يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ
فِي مُرَاعَاةِ الشَّمْسِ".
الشرح: هَذَا الْحَدِيثُ
ضَعِيفٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ
أَبِي قَتَادَةَ وَقَالَ: هُوَ مُرْسَلٌ:
وَذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ
أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي
هُرَيْرَةَ وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَابْنِ
عُمَرَ، وَضَعَّفَ أَسَانِيدَ الْجَمِيعِ
ثُمَّ قَالَ: وَالِاعْتِمَادُ عَلَى أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَحَبَّ
التَّبْكِيرَ إلَى الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَغَّبَ
فِي الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ
غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَلَا اسْتِثْنَاءٍ.
أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ:
فَلِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مَزِيَّةٌ فِي نَفْيِ
كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ، وَفِي ذَلِكَ أَوْجُهٌ:
أحدها: أَنَّهُ تُبَاحُ الصَّلَاةُ بِلَا
كَرَاهَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ والثاني: وَهُوَ
الْأَصَحُّ يُبَاحُ لِكُلِّ أَحَدٍ عِنْدَ
اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ خَاصَّةً، سَوَاءٌ
حَضَرَ الْجُمُعَةَ أَمْ لَا والثالث: تُبَاحُ
عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ لِمَنْ حَضَرَهَا دُونَ
غَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو
الطَّيِّبِ والرابع: تُبَاحُ عِنْدَهُ لِمَنْ
حَضَرَهَا وَغَلَبَهُ النُّعَاسُ والخامس:
تُبَاحُ عِنْدَهُ لِمَنْ حَضَرَهَا،
وَغَلَبَهُ النُّعَاسُ وَكَانَ قَدْ بَكَّرَ
إلَيْهَا، وَدَلَائِلُهَا تُفْهَمُ مِمَّا
ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْبَيْهَقِيُّ،
ج / 4 ص -60-
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُبَاحُ فِيهِ
كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ.
قال المصنف رحمه الله تعالى:"وَلَا تُكْرَهُ
الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ
بِمَكَّةَ؛ لِمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ رضي الله
عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم يَقُولُ:
"لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى
تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ
حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إلَّا بِمَكَّةَ" وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ" وَلَا خِلَافَ أَنَّ الطَّوَافَ يَجُوزُ فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ".
الشرح: حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ
ضَعِيفٌ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ
وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَضَعَّفَهُ وَيُغْنِي عَنْهُ حَدِيثُ
جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا
الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ
لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ
وَالنَّسَائِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ
وَغَيْرُهُمَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ،
وَهَذَا لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ، وَقَالَ: هُوَ
حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ صَلَاةَ الطَّوَافِ
خَاصَّةً، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالْآثَارِ،
وَيُحْتَمَلُ جَمِيعُ الصَّلَوَاتِ، قُلْتُ:
وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ رِوَايَةُ أَبِي
دَاوُد
"لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ يُصَلِّي أَيَّ
سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ" وَأَمَّا حَدِيثُ
"الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ"
فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى
ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا
قَالَهُ الْحَافِظُ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ
السَّائِبِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّكُمْ
تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ
فَلَا يَتَكَلَّمْ إلَّا بِخَيْرٍ" قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ
وَغَيْرِهِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
مَوْقُوفًا قَالَ: وَلَا نَعْرِفُهُ
مَرْفُوعًا إلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ
السَّائِب، قُلْتُ: وَعَطَاءٌ ضَعِيفٌ لَا
يُحْتَجُّ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ:
فَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا تُكْرَهُ
الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ
سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ صَلَاةُ الطَّوَافِ
وَغَيْرُهَا، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ
الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ وَفِيهِ وَجْهٌ
أَنَّهُ إنَّمَا تُبَاحُ صَلَاةُ الطَّوَافِ
حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ جَمَاعَةٌ مِنْ
الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو
حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ
وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْحَاوِي عَنْ أَبِي
بَكْرٍ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ،
وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ قَالَ صَاحِبُ
الْحَاوِي: وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ
الْمَرْوَزِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا.
وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ: الْبَلْدَةُ
وَجَمِيعُ الْحَرَمِ الَّذِي حَوَالَيْهَا.
وَفِي وَجْهٍ إنَّمَا تُبَاحُ فِي نَفْسِ
الْبَلْدَةِ دُونَ بَاقِي الْحَرَمِ، وَفِي
وَجْهٍ ثَالِثٍ حَكَاهُ صَاحِبُ الْحَاوِي
عَنْ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ إنَّمَا تُبَاحُ
فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ الَّذِي حَوْلَ
الْكَعْبَةِ، لَا فِيمَا سِوَاهُ مِنْ بُيُوتِ
مَكَّةَ وَسَائِرِ الْحَرَمِ، وَالصَّحِيحُ
الْأَوَّلُ، صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ وَحَكَاهُ
صَاحِبُ الْحَاوِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
الْمَرْوَزِيِّ هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ
وَأَحْمَدُ: لَا تُبَاحُ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ
فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِعُمُومِ
الْأَحَادِيثِ، دَلِيلُنَا حَدِيثُ جُبَيْرٍ،
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فرع: فِي
مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ
إحداها: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ
النَّهْيَ حَيْثُ ثَبَتَ فِي هَذِهِ
الْأَوْقَاتِ هَلْ هُوَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ
أَمْ تَحْرِيمٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أحدهما:
كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ
تَصْرِيحًا، مِنْهُمْ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي
آخِرِ بَابِ
ج / 4 ص -61-
الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ والثاني: ، وَهُوَ
الْأَصَحُّ: كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ لِثُبُوتِ
الْأَحَادِيثِ فِي النَّهْيِ، وَأَصْلُ
النَّهْيِ لِلتَّحْرِيمِ. وَقَدْ صَرَّحَ
بِالتَّحْرِيمِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِهِ
الْإِقْنَاعِ، وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ
وَغَيْرُهُمَا.
الثانية: لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ
فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَفِي انْعِقَادِهَا
وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْخُرَاسَانِيُّونَ
أصحهما عِنْدَهُمْ: لَا تَنْعَقِدُ
كَالصَّوْمِ يَوْمَ الْعِيدِ. والثاني:
تَنْعَقِدُ كَالصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ
الْإِبِلِ وَالْحَمَّامِ، وَلِأَنَّ هَذَا
الْوَقْتَ تُقْبَلُ الصَّلَاةُ فِي
الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ يَوْمِ الْعِيدِ. قَالَ
الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رحمه
الله: مَأْخَذُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ النَّهْيَ
يَعُودُ إلَى نَفْسِ الصَّلَاةِ أَمْ إلَى
أَمْرٍ خَارِجٍ؟ قَالَ: وَلَا يَحْمِلُنَا
هَذَا عَلَى أَنْ نَقُولَ: هِيَ كَرَاهَةُ
تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا دَلَّ
عَلَيْهِ إطْلَاقُهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ نَهْيَ
التَّنْزِيهِ أَيْضًا يُضَادُّ الصِّحَّةَ
إذَا رَجَعَ إلَى نَفْسِ الصَّلَاةِ؛
لِأَنَّهَا لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ عِبَادَةً
مَأْمُورًا بِهَا، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ
الرَّاجِعَانِ إلَى نَفْسِ الشَّيْءِ
يَتَنَاقَضَانِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ
الْفِقْهِ. وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي
هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، فَإِنْ قُلْنَا:
تَنْعَقِدُ صَحَّ نَذْرُهُ، وَإِلَّا فَلَا،
وَإِذَا صَحَّ نَذْرُهُ فَالْأُولَى: أَنْ
يُصَلِّيَ فِي وَقْتٍ آخَرَ، فَإِنْ صَلَّى
فِيهِ أَجْزَأَهُ، كَمَنْ نَذَرَ أَنْ
يُضَحِّيَ بِشَاةٍ يَذْبَحُهَا بِسِكِّينٍ
مَغْصُوبٍ يَصِحُّ نَذْرُهُ وَيَذْبَحُهَا
بِغَيْرِ مَغْصُوبٍ، فَإِنْ ذَبَحَ
بِالْمَغْصُوبِ عَصَى وَأَجْزَأَهُ. وَلَوْ
نَذَرَ صَلَاةً مُطْلَقَةً فَلَهُ أَنْ
يُصَلِّيَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا
خِلَافٍ لِأَنَّ لَهَا سَبَبًا. |