البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة

كتاب الرضاع

(5/145)


من سماع عبد الرحمن بن القاسم من مالك رواية سحنون من كتاب أوله : أخذ يشرب خمراً
قال ابن القاسم : سمعت مالكاً يقول في الرجل يفارق امرأته وهي ترضع ، فتكون موسرة وهو معسر ، لا يجد ما يسترضع به ، أترى أن تلزم رضاعه ؟ قال : نعم ، إلا أن تكون لا تقوي على ذلك ، فقيل له : فإن أيسر يوماً أتراه أن تتبعه بما أرضعته ؟ قال : لا أراه تتبعه بذلك .
قال محمد بن رشد : قوله ، أن المرأة المطلقة تلزم رضاع ولدها إذا لم يكن للأب مال ، معناه إذا لم يكن للولد مال أيضاً ، فإذا لم يكن لواحد منهما مال ، قال ذلك مالك هاهنا ، وابن القاسم في سماع أصبغ . وقد قيل أن ذلك لا يلزمها ، ولا رجوع لها على من ايسر منهما بشيء ، كانت قد أرضعته أو استرضعها له من مالها ، لأن ذلك قد سقط عنهما بعدمهما لقوله عز وجل : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )وتوجه عليها بقول الله عز وجل : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين )لأنه محمول على عمومه في

(5/147)


ذلك الزوج والمطلقة مع عسر الأب والدليل على وجوب الرضاع على الأب إذا فارق وله مال ، قو الله عز وجل : ( فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورن وأتمروا بينكم بمعروف )فيمن حق المرأة المطلقة أن ترضع ولدها بأجر مثلها . واختلف إذا وجد الأب من يرضعه له باطلاً أو بدون أجرة مثلها وهو موسر ، فقيل لا كلام له في ذلك ، وللأم أن ترضعه بأجرة مثلها وهو قول مالك في المدونة . وقيل : أن الأم إن لم ترد أن ترضعه باطلاً أو بما وجد كان له أن يدفعه إلى من يرضعه له باطلاً أو بما وجد . وهو قول مالك في رواية ابن وهب عنه . ومعنى ذلك إذا أرضعته عند أمه ولم يخرجه من حضانتها . وأما إن أبت الأم أن ترضعه ، فيستأجر له الأب من يرضعه ، ليس عليه أن يكون ذلك عند أمه ، وما دامت المرأة في عصمة الزوج فعليها رضاع ولدها ، إلا ألا يكون لها لبن ، أو تكون شريفة لا ترضع مثلها ، ويقبل الولد غيرها ، فيكون على الأب أن يسترضع له من ماله وبالله التوفيق .
مسألة
قال : وقال مالك : أن رجلاً أفتي بالرضاعة بشيء كأنه لم يرها إلا من قبل الأم ، فقال له عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم لا تفت بفتيا لا تتقلب من الليل في فراشك إلا ذكرته .
قال محمد بن رشد : الصحيح الذي عليه فقهاء الأمصار ، أن لبن الفحل يحرم كما يحرم من قبل الأم بدليل حديث عائشة عن النبي عليه السلام في شأن عمها : أفلح ، أخي أبي القعيس وقد كرهته طائفة من العرب ورخصت فيه أخرى فأنكرت عبد الله بن أبي بكر على من رخص فيه ، ورأى أن

(5/148)


ذلك لا يقول إلا من لم ينعم النظر ونهاه أن يفتي في شيء من الأشياء دون تدبر صحيح ، فيندم على ذلك متى ما تذكر ، مخافة أن يخرج بالتقصير عما يلزمه من بلوغ الاجتهاد . وبالله التوفيق .
ومن كتاب مساجد القبائل
وسئل مالك عن الرجل يسافر مع أخته من الرضاعة ، هل تراه ذا محرم ؟ قال : نعم أراه ذا محرم .
قال محمد بن رشد : وهذا كما قال ، لأن الله تبارك وتعالي يقول ( حرمت عليكم )إلى قوله ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة )وقال الرسول عليه السلام : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة " فلا اختلاف أعلمه في ذوي المحارم من الرضاعة كذوي المحارم من النسب في جميع الأحكام ، إذا كان التحريم من قبل الأم المرضعة ، ولم يكن من قبل الفحل الذي اللبن منه للاختلاف الذي جاء في لبن فحل ، فقد روى عن عائشة رضى الله عنها أنه كان يدخل عليها من أرضعه بنات أختها وبنات أخيها ، ولا يدخل عليها من أرضعه نساء إخوتها فرخص في لبن الفحل جماعة من العلماء لما جاء عن عائشة فيه وقد مضى القول على ذلك في رسم الطلاق الأول من سماع أشهب من كتاب النكاح وبالله التوفيق .
مسألة
وسئل مالك عن المرأة المتجالة تسافر مع غير ولي إلى مكة ،

(5/149)


قال : تخرج في جماعة من النساء وناس مأمونين لا تخافهم على نفسها .
قال محمد بن رشد : قوله : إلى مكة يريد في حجة الفريضة ، وذكر المتجالة إنما وقع في السؤال ، فخرج الجواب عليه ، فلا يستدل بذلك على أن غير المتجالة ، بخلاف المتجالة بل المتجالة وغير المتجالة . في ذلك سواء عند مالك . هذا قوله في الموطأ وغيره لأن عدم المرأة التي لا زوج هلا ، أو لها زوج لا يريد الخروج معها ولياً يخرج معها لا يسقط فرض الحج عنها ، بدليل إجماعهم على أنها إذا أسلمت في بلاد الحرب ، يجب عليها الهجرة إلى بلد الإسلام ، وإن لم يكن معها ذو محرم ، فهذا مخصص من عموم قو النبي عليه السلام : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم منها " بالإجماع ، وحجها مع غير ذي محرم إذا لم يكن لها محرم ، ولا زوج يحج معها ، مخصص منه بالقياس ، على ما أجمعوا عليه وقد اختلف ألفاظ الأحاديث في حد السفر الذي لا يجوز للمرأة أن تسافره إلا مع ذي محرم منها . أو زوج ، ففي بعضها البريد ، وفي بعضها اليوم ، وفي بعض الليلتين ، وفي بعضها ثلاثة أيام ، وفي بعضها ألا تسافر المرأة ومعها ذو محرم دون حد ، واختلف على ذلك كله الفقهاء ، فمنهم من لم يحد للمرأة أن تسافر مع ذي محرم سفراً قريباً ولا بعيداً ، وإن كان أقل من بريد ، وهو مذهب أهل الظاهر ومنهم من حد لها في ذلك البريد ، ومنهم من حد لها في ذلك اليوم ، ومنهم من حد لها في ذلك الليلتين ، ومنهم من حد لها ذلك

(5/150)


في مسيرة ثلاثة أيام وهو مذهب أبي حنيفة ، ومن مذهبه أن المرأة إذا كانت بينها وبين مكة ثلاثة أيام أو أكثر ولم يكن لها زوج ولا ذو محرم معها ، ففرض الحج سقط عنها ، وقد تقدمت الحجة عليه في ذلك لمالك . وذهب مالك إلى أن الحد في ذلك مسيرة يوم وليلة ، على ما في روايته في حديث الموطأ وجعل ذلك أصلاً فيها يقصر فيه الصلاة كما جعل أبو حنيفة مسيرة الثلاثة أيام التي ذهب إليها في ذلك حداً تقصر فيه الصلاة .
ومن كتاب أوله باع غلاماً
وسئل عن رجل تزوج أمة فولدت منه ثم أعتق سيد الأمة ولده منها ، قال : إن الرضاع عليه .
قال محمد بن رشد : الهاء من عليه عائدة على الزوج لا على السيد المعتق ، لأن السيد لما أعتقه صار حراً فسقطت عنه نفقته ، ووجبت على أبيه ، ولو كان أبوه معدماً أو لم يكن له أب لما سقط عنه رضاعة ونفقته في حال صغره ، لأن من أعتق صغيراً ليس له من ينفق عليه فنفقته عليه وبالله التوفيق .
ومن سماع أشهب وابن نافع من مالك رواية سحنون من كتاب الطلاق الثاني
قال أشهب وابن نافع ، سئل مالك عن امرأة تزوجت رجلاً فولدت منه ، ثم عمدت إلى أخت لها صغيرة ، فأرضعتها من لبن ذلك الرجل ، ثم مات فتزوجت بعده زوجاً غيره ، وقد شمت أختها التي أرضعت ، فهي أختها وابنتها من لبن زوجها

(5/151)


الأول ، أفتراها تحرم على زوجها الآخر ؟ قال نعم ، أراها من الربائب ، هي بنت امرأته فقيل أينظر إلى شعرها ويدخل عليها وتدخل عليه ؟ قال : نعم ينظر إلى شعرها ويدخل عليها ، وهي منه بحرمة قال الله عز وجل : ( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم ) .
قال محمد بن رشد : وهذا كما قال ، لأن الرجل إذا تزوج المرأة ويدخل بها حرم عليه كل ما ولدت من غيره أو أرضعته قبل أن يتزوجها أو بعد أن تزوجها لقول الله عز وجل : ( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )وقول النبي عليه السلام : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة " وقوله في الرواية أنها ولدت من الزوج الأول وإنها أرضعت أختها بلبنه لا تأثير له في تحريمها على الزوج الثاني ، سواء ولدت منه أو لم تلد ، وسواء أرضعت بلبنه ، أو بلبن من غير زوج تحرم على الزوج الذي دخل بها لأنها قد صارت ابنتها من الرضاعة بإرضاعها إياها في حولي رضاعها كيف ما كان ، وإنما جرا ذلك في السؤال وصفاً للحال على ما كان .
ومن كتاب الطلاق الثالث
وسئل عن الرجل يطلق امرأته ولها منه ولداً ألها أن تطرح ولده من ساعتها ؟ فال : لا حتى يلتمس له مرضعاً .
قال محمد بن رشد : وهذا كما قال : قال الله عز وجل : ( لا نصار والدة بولدها ولا مولود له بولده )ليس له أن يأخذ ولده منها إذا أحبت أن ترضعه ولا لها أن تطرحه إليه إذا لم يجد من يرضعه . وقد مضى في أول

(5/152)


سماع ابن القاسم القول فيما ترضعه به من الأجرة إذا أحبت رضاعه ، وما في ذلك من الاختلاف فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق .
ومن كتاب الطلاق
قال : وسمعته وسئل عن المرأة تشرب الشجرة فيدر بشربها لبنها فترضع به ، أيحرم بذلك الرضاع ؟ فقال : نعم يحرم بذلك أليس بلبن ؟ فقال : نعم يحرم بذلك ، وليس ذلك بصواب وأخاف أن تكون هذه علة ، كلما فجرت امرأة وكثر لبنها قالت هذا القول ، قيل له بلغنا أن رجلاً شربها قدر حتى ارضع فقال : بلغك الباطل والزور ، وإنما يحدثك بها قول نفاق ، قال الله عز وجل : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين )يجيء الرجل يرضع .
قال محمد بن رشد : قوله أن المرأة إذا در لبنها بشيء تشربه فأرضعت به ، إنه لبن يحرم ، هو مثل ما في المدونة من أن لبن الجارية البكر يحرم ، وأن لبن النساء يحرم على كل حال ، بظاهر قول الله عز وجل : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة )ولم يخص ذات زوج ممن لا زوج لها ، وكره للنساء شرب هذه الشجرة ، والتي يزعمن أنها تدر اللبن من غير وطء ، ولم يحقق ما يزعمن من ذلك ، وخشي أن يكون ذلك من قول الفواجر وما يعتذرون به إذا كثر لبنهن من الفجور ، ولما قيل له : إن رجلاً شربها فدر له لبن أرضع به ، وأنكر ذلك ، وقال : إنه باطل وزور ، وهو كما قال ، لأن ذلك خرق عادة ، وقد أجرى الله الأمور على عوائد ، فهو لا يخرقها في غير خرق العادات إلا معجزة للأنبياء أو كرامة للأولياء وبالله التوفيق .

(5/153)


مسألة
وسألته عن المرأة المسلمة ترضع ولد النصراني ، فقال : أما أن تعطيه ثديها فلا أرى بذلك بأساً ، وأما أن تذهب فتكون عندهم في بيوتهم فلا يعجبني وكرهه .
قال محمد بن رشد : وهذا كما قال ، أنه لا ينبغي للمرأة المسلمة أن ترضع ولد النصراني في بيته فإن ذلك لها مكروه من وجه امتهانها له ، فإن أجرت نفسها منه ظئراً على ذلك ، فسخت إجارتها ، فإن ماتت مضت ، ولم تحرم الأجرة ، لأن أجرة المسلم نفسه من النصراني أو اليهودي على أربعة أقسام : جائزة ومكروهة ومحظورة وحرام فالجائزة أن يعمل له عملاً في بيت نفسه أو حانوته ، كالصانع يعمل للناس ، فلا بأس أن يعمل من غير أن يستبد بعمله ، والمكروهة أن يستبد بجميع علميه من غير أن يكون تحت يده ، مثل أن يكون مقارضاً أو مساقياً ، والمحظورة أن يؤجر نفسه منه في عمل يكون فيه تحت يده ، كأجير الخدمة في بيته ,إجازة المرأة نفسها منه لترضع له ابنه في بيته وما أشبه ذلك ، فهذه تفسخ إن عثر عليها ، فإن فاتت مضت وكانت له الأجرة ، والحرام أن يؤاجر نفسه منه لما لا يحل من عمل الخمر أو رعي الخنازير وما أشبه ذلك ، فهذه تفسخ إن عثر عليها قبل العمل ، فإن فاتت بالعمل تصدق بالأجرة على المساكين ، ولمي يسوغ إياها .
مسألة
وسئل عن رجل تزوج امرأة شهد عليها أنها كانت تسمع تقول لزوجها الذي تزوجها قبل ذلك ، أخي أخي فقال : لا أرى هذا شيئاً يحرم نكاحها ، وهو أمر لم اسمع أحداً يذكره ، وهو ابن

(5/154)


خالها ، ولم يعلم ، وهذا من كلام الناس ، تقول المرأة للرجل أخي أخي للرجل الذي لا قرابة بينها وبينه ، تريد أن تقربه بذلك ، لا أرى هذا في رأي يحرم ، هذا من أكثر كلام الناس ، ولا أرى عليك في ذلك شيئاً ، فأقم مع امرأتك .
قال محمد بن رشد : وهذا كما قال ، لأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض وإخوة لبعض قال عز وجل : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )وقال تعالي : ( إنما المؤمنين أخوة )وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه المسلم " الحديث وقال عليه السلام ، " من حق المسلم على أخيه أن سليم عليه إن لقيه " الحديث فوجب إلا يكون ما سمع من قول المرأة للرجل قبل أن تتزوجه : أخي مما يحرم عليه نكاحها ولا المقام معها إذا نكحها لأنها تقول ذلك على وجه الإطلاق والتقريب ، وقد يقول ذلك الرجل للمرأة قبل أن يتزوجها فلا يحرم ذلك عليه نكاحها ، وقد يقول لامرأته يا أختي فلا يكون ذلك طلاقا ً ، ولا يعد ذلك فراقاً ، كما أنه قد يقول الرجل للصبي الذي لا يعرف له نسب يا بني أفعل كذا وكذا ، ولا تفعل كذا وكذا فلا يعد ذلك استلحاقاً منه له ، ولا إقراراً به .
مسألة
وسئل فقيل له : أترى أن أولم بعد الدخول ؟ فقال : ليس بذلك بأس ، أنا أرى أن يفعل ذلك .

(5/155)


قال محمد بن رشد : وهذا كما قال ، لأن المعنى الذي من أجله أمر الرسول عليه السلام بالوليمة وحض عليه بقوله لعبد الرحمان بن عوف : أولم ولو بشاة . هو ما قاله ربيعة في رسم طلق من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح من إشهار النكاح وإظهاره ومعرفته ، لأن الشهود يهلكون ، فإذا كان ذلك هو المعنى في الوليمة فلا تفوت بالدخول . وستحب للرجل إذا لم يولم عند الدخول ، أن يولم بعده ليشهر بذلك نكاحه ويظهره وبالله التوفيق .
مسألة
قال : وسئل فقيل له أرأيت إذا وضعت امرأة ابنا لي ، ألي أن أتزوج ابنتها ؟ فقال : نعم وما بينك أنت وبينها لا بأس بذلك .
قال محمد بن رشد : وهذا كما قال ، إن إرضاع المرأة ابنه لا توجب حرمة بينه وبين ابنتها لأنها لا تصير بذلك ابنة له ، وإنما تصير أختاً لابنه ، فالحرمة إنما هي بين ابنه وابنتها هو الذي لا يحل له نكاحها ، لأن حرمة الرضاع لا تسري من قبل المرضع إلا أن ولده الذكور ، والإناث وإن سلفوا ، فيجوز له أن يتزوج ابنة المرأة التي أرضعت ابنه ، لأنها أخت ابنته من الرضاعة ، ويجوز للمرأة التي أرضعت ابن الرجل ، أن تتزوج أخو الولد الذي أرضعت ، إذا لا حرمة بني الولد وبين أبي أختها من الرضاعة ولا بين الرجل وأم أخيه من الرضاعة ، والرضاع في هذا بخلاف النسب ، لا يحل للرجل أن يتزوج أم أخته من النسب ، لأنها زوجة أبيه ، ولا يحل للرجل أن يتزوج أخت ابنه من النسب ، لأنه ربيبة ، وأما نكاح الرجل أخت أخيه أو أخت عمته أو عمة عمته فذلك جائز في الرضاع والنسب ، إذا لا حرمة بينه وبين واحدة منهن .

(5/156)


من سماع عيسى عن ابن القاسم من كتاب نقدها نقدها
وسئل عن الرجل يزوج ابنه صغيراً امرأة كبيرة ، ثم يباري عنه ، فيتزوج المرأة أجنبي ، فترضع تلك المرأة الصبي الذي بارأت قال : تحرم على زوجها ، لأنها حليلة أبنه ، لأن الصغير كان زوجها وهي حليلة له ، وقد صار ولداً لزوجها الأجنبي ، لأنه رضع من لبنه ، فقد صار ابنه من الرضاعة .
قال محمد بن رشد : وهذا بين على ما قال ، لأن المرأة إذا أرضعت صبياً بلبن رجل صار ابنها من الرضاعة وابنا لزوجها الذي كان اللبن منه من الرضاعة ، فلما صار ابناً لزوجها ، حرمت على زوجها ، إذا قد كانت زوجة له ولا يحل للرجل أن يتزوج زوجة أبيه ، لقول الله عز وجل : ( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) وليس في قول الله عز وجل من أصلابكم دليل على أن حلائل الأبناء من الرضاع ، حلال ، لأن ذلك إنما جاء تحليلاً لحلائل الأبناء الأدعياء لا لحلال الأبناء من الرضاعة وذلك أن النبي عليه السلام لما تزوج بنت جحش وقد كانت زوجة لزيد بن حارثة الذي كان تبناه ، قال المنافقون وقد كان ينهي عن ذلك فأنزل الله عز وجل تجويز الفعلة : ( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم )وأنزل : ( فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً .
مسألة
وسئل عن الرجل يسترضع ولداً من امرأة له قد طلقها ، أو

(5/157)


من غيرها فيعطيها رضاع سنة ثم يموت الأب ، قال : إذا مات الأب كان ما بقي من أجر السنة التي بقيت بين الورثة ، لأنه إنما كان يجب عليه رضاعه ما كان حياً ، قيل له فلو كان ابنه غلاماً يأكل الطعام ، وهو عند أم له قد طلقها ، فهو يجزي له النفقة عندها ، فقدم إليها نفقة سنة ، فمات أو فلس بعد ستة أشهر ، قال : إذا مات فما بقي من النفقة فهو للورثة ، وأما إذا فلس ، فإن كان حين جعل ذلك هو جائز الأمر قائم الوجه ، ولم يأت في ذلك منه سرف ولا محاباة ، ولا أمر يتم عليه ، فذلك جائزة ، وإن كان على غير ذلك ، رد ما بقي عنده من النفقة . قد قال ابن القاسم في غير هذا الكتاب ، في الرجل يدفع إلى امرأته نفقة ولده ، وقد طلقها ، فيدفع إليها نفقة كثيرة ، ثلاثين ديناراً ونحوها ثم يفلس ، قال : إن كان يوم دفع إليها عليه دين يحيط بماله ، أخذ ذلك كله منها ، لأنه فاز بماله ، فإن لم يكن عليه دين لم يؤخذ منها شيء .
قال محمد بن رشد : قوله فيما قدم الرجل من أجرة رضاع ابنه أو من نفقته إلى التي ترضعه أو تحضنه ، إن الابن لا يستوجب ذلك ، كالعطية المحوزة ، إذ لم يدفعه على وجه العطية له ، وإنما دفع ما يري أنه لازم له ، وهو لا يلزمه إلا ما كان حياً ويكون ما بقي من ذلك إن مات الأب موروثاً عنه ، هو مثل قوله في كتاب الجعل والإجازة من المدونة ، خلاف قول أشهب وروايته عن مالك في أن ذلك كالعطية للابن يستحقها طول حياته ، وإن مات الأب وإن مات هو في حياة الأب رجع ما بقي منها إليه ، كالعبد المخدم حياة المخدم إن مات المخدم استحقه المخدم طول حياته ، وإن مات المخدم رجع العبد إلى سيده المخدم ، فكان القياس على قول ابن القاسم ، إذ لم يراع تقديم الأب ، فيما تقدم من أجرة رضاع ابنه أو نفقته وجعل ذلك كأنه في يده

(5/158)


يكون لورثته أن مات ، ما بقي من ذلك أن يكون لغرمائه أن فلس ما بقي من ذلك أيضاً ، وإن كان يوم دفع ذلك وقدمه لا دين عليه ، ولا يترك له من ذلك إلا قدر ما يترك المفلس ، إذا فلس من نفقة ولده الصغير ، وذلك نفقة الأيام ، على قوله في المدونة ، والشهر على ما في الواضحة ، فقوله : إنه إن كان يوم دفع ذلك قائم الوجه ، جائز الأمر جاز ذلك للابن ، إنما يصح على مذهب اشهب ، وروايته عن مالك ، الذي يرى ذلك عطية محوزة للابن ، ويريد بقوله قائم الوجه جائز الأمر ، أن يكون المفلس مأموناً عليه ، مع كثيرة ما عليه من الديون مع ألا يتحقق أنها مستغرقة لجميع ماله ، فيقوم من قوله هذا أن من وهب أو تصدق أو حبس أو أعتق ، وهو غريم لقوم بديون كثيرة ، إلا أنه قائم الوجه غير مخوف عليه الفلس ، وان أفعاله غير مردودة ، وإن لم يخص الشهود قدر ما معه من مال ، وما عليه من الدين وبهذا كان يفتي ابن زرب ، ويستدل بهذه الرواية ويقول : لا يخلو أحد من أن يكون عليه دين وقوله صحيح واستدلاله حسن ، وأما إذا علم أن ما عليه من الدين يستغرق ما بيده من المال فلا
يجوز له هبة ولا عتق ولا عطية ، ولا شيء من المعروف ، ويجوز له أن يتزوج منه ، وأن ينفق منه على ولده الذين يلزمه الإنفاق عليهم ، وان يؤدي منه ما لزمه من عقل جرح خطأ أو عمد لا قصاص فيه ، ولا يجوز له أن يؤدي منه عن جرح يجب عليه فيه القصاص . هذا معنى قول مالك في المدونة وغيرها ، وبه يقول ابن القاسم ، فقوله في آخر المسألة في الذي دفع ثلاثين ديناراً أو نحوها لنفقة ابنه ثم فلس : إنه إن كان يوم دفع ذلك عليه دين يحيط بماله أخذ ذلك كله منها ، لأنه فاز بماله ، صحيح ، لا اختلاف فيه إذا فلس بحدثان دفعها قبل أن ينفق منها شيء ، وأما إن فلس بعد أن أنفق بعضها ، فإنما يرد ما بقي منها ، إذ من حق المديان أن ينفق على ولده مما بيده من المال ، وإن كانت الديون مستغرقة له ، ما لم يفلس ، وأما قوله فإن لم يكن عليه دين لم يؤخذ منها شيء ، فقد بينا أن ذلك

(5/159)


إنما يصح على قول أشهب وروايته عن مالك ، لا على أصل ابن القاسم وقد مضى في رسم العشور في سماع عيسى من كتاب النكاح طرف من هذا المعنى فقف على ذلك وبالله التوفيق .
ومن كتاب أسلم وله بنون صغار
وسئل عن رجل تزوج أربع نسوة : ثلاث صغار وواحدة كبيرة فقامت الكبيرة فأرضعت الثلاث الصغار ، فقال : إن كان دخل بالكبيرة حرمن عليه جميعاً وإن كان لم يبين بواحدة منهن ، حرمت عليه الكبيرة منهن أبداً ، واختار من سائرهن الثلاث الصغار واحدة ، وفارق سائرهن في بعض الروايات ، ولم يدخلها ولا تكلم عليه القاضي رضي الله عنه .
من سماع سحنون من ابن القاسم
قال سحنون : وسئل ابن القاسم عن أخوين ولد لأحدهما جارية وللأخر غلام ، فأرضع أحد الصبيين جدة الصبيين أم أبويهما قال لا يتناكحان أبداً .
قال محمد بن رشد : وهذا كما قال ، لأن المرضع منهما يصبر ابناً للجدة بإرضاعها إياه ، فإن كان المرضع الصبي صار عماً للصبية ، وإن كانت المرضعة الصبية صارت عمة للصبي ، ولا يحل للرجل أن يتزوج عمته ولا ابنة أخيه ، وهذا إن كان الرجلان الأخوان اللذان ولد لأحدهما جارية ، والآخر غلاماً شقيق أو لأم تجمعها في الوجهين ويصير من أرضعته أخا لهما جميعاً ، فيصير عم ابنة الآخر ، وإن كان المرضع الذكر ، أو عمه أبن الآخر إن كانت المرضعة الأنثى ، وكذلك إن كانا لأب ، فأرضعت أحد الصبيين جدته ،

(5/160)


أو الجدة الآخر من لبن من وطء الجد ، وأما إن أرضعنه بلبن من غير وطء الجد ، فلا يوجب ذلك بينهما حرمة ، لأن أخت العم وعمة الأخ من الرضاعة والنسب ، حلال ، كأخت الأخ وعمة العم وبالله التوفيق .
من سماع أصبغ من ابن القاسم
سألت ابن القاسم عن الصبي يموت أبوه ولا مال له ، ولا شيء له , وللأم مال ولا لبن لها ، وهي ترضع ، أيجب عليها أن تسترضع له من مالها ؟ قال : نعم ، إني لأرى ذلك ولو لم يجب ذلك عليها ، إذا لم يكن لها لبن ، أما كان عليها أن ترضعه إذا كان لها لبن ؟
قال محمد بن رشد : هذا استدلال مغلوب ، لأن وجوب إرضاعه عليها إذا كان لها لبنن أصل الإيجاب الله ذلك تعالي عليها بقوله : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين ) ووجوب ذلك عليها في مالها إذا لم يكن لها لبن ، فرغ مقيس عليه عند من شهد به ، فلا يستدل بالفرع على أصله وقد ذهب إسماعيل القاضي إلى أن ذلك لا يجب عليها ، وإياه اختار أبو إسحاق التونسي وقال : لو وجب عليها ذلك في عسر الأب إذا لم يكن لها لبن وهي مطلقة لوجب ذلك عليها في يسر الأب إذا لم يكن لها لبن وهي في عصمته وقال ابن الكاتب : إنما يجب عليها من باب وجوب إعانة من يخشى هلاكه ، لا من الوجه الذي وجب ذلك على الأب ، لأن ذلك من النفقة ، بخلاف اللبن الذي هو در من درها وبالله التوفيق .
مسألة
قال أصبغ : قلت لأبن القاسم : الرجل يشتري الجارية ولها ابنة ترضعها ، فيطأها وهي ترضع ابنتها ، ثم تكبر الابنة ، فيريد هبتها لابنه يطأها قال : لا خير فيه ، ولا يعجبني ، لأن ماءه وقع في

(5/161)


لبنها قال ابن القاسم : وكذلك الرجل يتزو المرأة ولها ابنة من غره ترضعها فيدخل فيطأها وهي ترضع ثم تكبر الابنة ، فيريد أن يزوجها ابناً له لا يحل ذلك ، ولا خير فيه ، لأن اللقاح واحد .
قال محمد بن رشد : هذا بين لا إشكال فيه ، على القول بأن لبن الفحل يحرم وهو الذي عليه جماعة فقهاء الأمصار ، لحديث عائشة عن النبي عليه السلام في شأن عمها أفلح أخي أبي القعيس وقد رخصت في ذلك طائفة من العلماء لما جاء من فعل عائشة على ما مضى في أول رسم من سماع ابن القاسم .
مسألة
قال أصبغ : قلت لابن القاسم : فالرجل تكون له امرأتان وله أخ صغير ، فأرضعت إحدى امرأتيه أخاه ذلك ، فأراد أخوه ذلك أن يتزوج امرأة أخيه الأخرى التي لم ترضعه وقد مات أخوه عنها أو طلقها ، قال : لا يحل له ذلك ، إنها امرأة أبيه حين أرضعته بلبنه .
قال محمد بن رشد : وهذا بين أيضاً ، لا إشكال فيه على القول بأن لبن الفحل يحرم كما مضى في المسألة التي فوق هذه وبالله التوفيق .
مسألة
قال أصبغ : قال ابن القاسم : في المرأة ترضع صبياً بلبن رجل هو زوجها لها منه ولد ، ومن غيره ولد ، ولذلك الرجل ولد من غيرها ، إن جميع ولدها من ذلك الرجل الذي أرضعت الغلام من لبنه ، وجميع ولدها من غيرها ، وولده من غيرها حرام على ذلك

(5/162)


الصبي . قال أصبغ : وما يولد له منها ومن غيرها للأبد ، وتلد من غيره حرام عليه ، قال ابن القاسم : لأنه صار أبوه من الرضاعة فكل ولد له أخوة قال الرسول عليه السلام : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " .
قال محمد بن رشد : ويحرم عليه أيضاً بنات ولدها وبنات ولده من الذكران والإناث ما سلفوه ، لأنهم بنات أخوته ، ويحرم عليه أيضاً أمهاتها وجميع جداتها وإن علوا لأنهن جدات له ، وبناتهن ، لأنهن عمات له وخالات ، ويحرم عليه أيضاً أخواتهما ، لأن أخوات المرأة خالات له ، و أخوات الرجل عمات له ، ويحرم عليه أيضاً عماتهما وخالتهما ولا يحرم عليه شيء من أولاد هؤلاء وكذلك يحرم أيضاً على ولد هذا الصبي وإن سلفوا بنات المرأة المرضعة ، وبنات الرجل الذي اللبن منه دينه ، دون شيء من أولاد أولادهم المرضعة ، وبنات الرجل الذي اللبن منه دنية ، دون شيء من أولاد أولادهما وجداتهما ، وبنات الأمهات والجدات وأخواتهما دون شيء من بناتهما . والأصل في هذا أن جرمة الرضاع تسري من قبل المرضعة إلا إلى الولد وولد الولد وبالله التوفيق .
مسألة
قيل لأصبغ فيما تقول فيمن أرضعته جارية جده ، بلبن من وطء جده ، أتحرم عليه بنات عمه أم لا ؟ قال : نعم قد صار عماً لهن أخا أبيهن .

(5/163)


قال محمد بن رشد : وهذا كما قال ، لأنه إذا رضع جارية جدة بلبن من وطء جده ، صار ولداً لجده وولد الجد عم يحرم عليه بنات عمه ، لأنهن صرن بنات أخيه وقد مضى هذا المعنى في سماع سحنون فوق هذا وبالله التوفيق .
مسألة
وسئل عن جارية أرضعتها جدتها لأمها أتحل لابن عمها وهو ابن خالتها أم لا ؟ قال : لا تحل له إذا كان ابن خالتها ، لأنه قد صارت ابنة للجدة برضاعها إياها ، فصارت أختاً لامه ، وصارت بذلك خالة الغلام ، كخالة الولادة ، فهي محرمة عليه ، ولو لم يكن ابن العم من خالة ، وكان لغير خالة ، لم يضر ذلك أن شاء الله .
قال محمد بن رشد : هذا كما قال لأن الجدة للأم ، إذا أرضعت حفيدتها ابنة ابنتها ، صارت ابنة لها ، أختاً لسائر بنيها وبناتها ، فولد بعض بناتها ابن أختها وهي خالته ، فلا تحل له ، وولد بعض بنيها ابن أخيها ، وهي عمته ، كما أن الجدة للأب إذا أرضعت حفيدتها ابن ابنتها صارت بذلك ابنتها أختاً لسائر ولدها ، فولد بعض ولدها الذكور ، ابن أختها وهي عمته ، وولد بعض ولدها الإناث ، ابن أختها ، وهي خالته . وبالله التوفيق .
مسألة
وقال : في الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها ثم يفارقها ، فيتزوجها رجل آخر ، فتلد منه ثم ترضع جارية ، هل يتزوج زوجها تلك الجارية التي أرضعها ؟ قال : لا قال تبارك وتعالي : ( وربائيكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )فإذا دخل الرجل

(5/164)


بالمرأة حرم عليه كل ما ولدت أو أرضعت من غيره قيل فهل بتزوجها ابنه ؟ قال : لا بأس بذلك قال عيسى : إنما هو بمنزلة ما لو تزوج امرأة فوطئها ثم طلقها أو مات عنها ثم تزوجها فولدت له جارية ، إنه لا بأس أن يتزوجها ابن الأول من غيرها ، ولا بأس أن يتزوج ابنها من الأخرى ابنة الأول من غيرها .
قال محمد بن رشد : وهذا كما قال أن الرجل تزوج المرأة ودخل بها ، لا يحل له أن يتزوج ما ولدت من غيره ولا ما أرضعت قبله ولا بعده لأنهن من الربائب المدخول بأمهاتهن المحرمات بنص التنزيل قال عز وجل ( وربائيكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )والرضاع والنسب في ذلك سواء لقول الله عز وجل : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم في الرضاعة ) وقول النبي عليه السلام : " تحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة " . ,أما قوله فيما ولدت أو أرضعت بعده ، إنه لا بأس أن يتزوجها ابنه ، ومتابعة عيسى له على ذلك ، فقد مضى القول فيه مستوفي في آخر سماع أبي زيد من كتاب النكاح وبالله التوفيق .
مسألة
قال عيسى : قلت لابن القاسم : وإن تزوج امرأة كبيرة فدخل بها ثم تزوج صبية صغيرة فأرضعتها ختنته : أم امرأته الكبيرة ، كان له أن يختار أيتهما شاء ، ويفارق الأخرى ، لأنها قد صارتا أختين حين أرضعتهما وقد كان عقد النكاح فيهما حلال . قال أصبغ : صواب حسن .
قال محمد بن رشد : وهذا كما قال ، لأنه لما أرضعت الصغيرة أم امرأته الأخرى صارتا أختين ، فحرم عليه المقام معهما جميعاً ، ووجب عليه أن

(5/165)


يفارق أيتهما شاء ، أن شاء الأولى وإن شاء الأخرى لأن العقدين جميعاً كانتا صحيحتين ثم وقع بعد ذلك ما أوجب تحريم واختلف في مفارقة من فارق منهما ، هل يفارقها بطلاق أو بغير طلاق ؟ فقبل : إنه يفارقها بغير طلاق فإن فارق الصغيرة التي لم يدخل بها على هذا القول ، لم يكن لها شيء من الصداق ، وهو مذهب ابن القاسم : وقيل إنه يفارقها بطلاق . واختلف على هذا القول إن فارق الصغير التي لم يدخل بها فيما يكون لها من الصداق فقبل : إنها يكون لها نصف صداقها لأنه كان مخيراً بين أن يمسكها ، أو يفارقها فكان كالمطلق لها قبل الدخول وهو مذهب ابن حبيب ، وقيل إنه يكون لها ربع صداقها ، لأنه لو فارقها جميعاً قبل الدخول بهما ، لم يكن عليه إلا نصف صداق يقسم بينهما فتعطي الصغيرة نصف ربع صداقها ، وتوفي الأخرى تمام صداقها لأنه قد دخل بها وبالله التوفيق .
تم الكتاب والحمد لله

(5/166)