التاج والإكليل لمختصر خليل

[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
[بَابٌ أَرْكَانُ الْإِقْرَارِ وَالْأَقَارِيرِ الْمُجْمَلَةِ]
(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)
وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ. الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ وَالْمُقَرُّ بِهِ وَالصِّيغَةُ. الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَقَارِيرِ الْمُجْمَلَةِ وَهِيَ سَبْعَةٌ. الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَقُّبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَدْفَعُهُ وَلَهُ صُوَرٌ سَبْعَةٌ. الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ (يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ بِإِقْرَارِهِ) ابْنُ شَاسٍ. الْمُقِرُّ يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمَحْجُورٍ. فَالْمُطْلَقُ

(7/215)


يَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي كُلِّ مَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فِي مَالِهِ وَبَدَنِهِ. وَالْمَحْجُورُ سِتَّةُ أَشْخَاصٍ: الصَّبِيُّ.
وَإِقْرَارُهُ مَسْلُوبٌ قَطْعًا مُطْلَقًا، نَعَمْ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ وَفِي وَقْتِ إمْكَانِهِ لَصُدِّقَ إذْ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ. وَالْمَجْنُونُ. هُوَ مَسْلُوبُ الْعَقْلِ مُطْلَقًا. وَالْمُبَذِّرُ وَالْمُفْلِسُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ.

(لِأَهْلٍ) ابْنُ شَاسٍ: مِنْ شَرْطِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلِاسْتِحْقَاقِ، فَلَوْ قَالَ لِهَذَا الْحَجَرِ أَوْ لِهَذَا الْحِمَارِ عَلَيَّ أَلْفٌ لَبَطَلَ.

(لَمْ يُكَذِّبْهُ) ابْنُ شَاسٍ: مِنْ شَرْطِ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْضًا أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْمُقِرَّ، فَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ وَيَتْرُكُهُ فِي يَدِ

(7/218)


الْمُقِرِّ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ.

(وَلَمْ يُتَّهَمْ) اُنْظُرْ إنْ كَانَ عَنَى بِهَذَا الْإِقْرَارِ لِمَنْ عُرِفَ بِالْقَهْرِ فَيَكُونُ الْمَقَامُ عَلَى الَّذِي يَعُودُ فَاعِلُ يُكَذِّبُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: إقْرَارُ غَيْرِ الْمَحْجُورِ جَائِزٌ لَا يَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ وَلَا يَحْتَاجُ لِمُعَايَنَةِ قَبْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالْقَهْرِ وَالتَّعَدِّي. اهـ مِنْ الْكَافِي.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: وَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِرَجُلٍ فَهُوَ كَالْهِبَةِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَاتَ بَطَلَ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْغَرِيمِ مَنْعُ إقْرَارِهِ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ.
وَسُئِلَ الْمَازِرِيُّ عَمَّنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ ثُمَّ اعْتَرَفَ بِدَنَانِيرَ لِمُعَيَّنٍ فَأَجَابَ: إنْ اعْتَرَفَ فِي صِحَّتِهِ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ يَمِينَ الْقَضَاءِ وَأَخَذَ الدَّنَانِيرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ فِي مَرَضِهِ وَلَا وَارِثَ وَلَا تُهْمَةَ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ ثَمَّ تُهْمَةُ صَدَاقَةٍ وَنَحْوِهَا بَطَلَ الْإِقْرَارُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَيُمْضَى مِنْ الثُّلُثِ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِمَا. وَانْظُرْ إذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ لِوَلَدِهِ أَوْ لِأَمْوَاتِهِ وَمَاتَ بَعْدَ سِنِينَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِقْرَارَ ثَابِتٌ.
وَعَنْ ابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ عَلَى أَنْ لَا يُقَوَّمَ عَلَيْهِ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَ لَهُ رَأْسًا أَوْ أَخَذَ مِنْ مِيرَاثِ أَمَةٍ شَيْئًا. اُنْظُرْ رَسْمَ الْبَرَاءَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الدُّعَاءِ.

(كَمَا لِلْعَبْدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ) اُنْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ.

(7/219)


ابْنُ عَرَفَةَ: حَجْرُ الرِّقِّ يَعْنِي غَيْرَ الْمَأْذُونِ لَهُ وَالْمُكَاتَبِ يُلْغِي الْإِقْرَارَ فِي الْمَالِ لَا الْبَدَنِ. وَفِي جِنَايَتِهَا إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ صُدِّقَ فِيهِ وَمَا آلَ إلَى غُرْمِ سَيِّدِهِ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ. ابْنُ سَحْنُونٍ: وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَصْبٍ لَازِمٌ.
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَإِقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِبَيْعٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ جَائِزٌ (أَوْ أَخْرَسَ) اُنْظُرْ الْوَكَالَةَ عِنْدَ قَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا فَإِنِّي أَجِدُ غَيْرَ مَا ذَكَرْته هُنَاكَ.

(وَمَرِيضٍ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ لِلْأَبْعَدِ أَوْ لِمُلَاطِفِهِ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِثْلَ أَنْ يُقِرَّ بِعَصَبَةٍ وَلَهُ أَبٌ أَوْ لِأَخٍ لِأُمِّ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ أَوْ لِأَبٍ وَلَهُ أُمٌّ جَازَ إقْرَارُهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ أَقَرَّ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ أَوْ لِقَرِيبٍ

(7/220)


غَيْرِ وَارِثٍ فَقِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ إلَّا إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ.
وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَإِنْ أَقَرَّ لِمَجْهُولٍ، فَإِنْ وَرِثَ بِوَلَدٍ جَازَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ وَرِثَ بِكَلَالَةٍ فَفِي كَوْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ قَلَّ وَإِنْ كَثُرَ بَطَلَ ثَالِثُهَا إنْ أَوْصَى بِوَقْفِهِ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبٌ جَازَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُمْ بَطَلَ مُطْلَقًا. اُنْظُرْ أَنْتَ هَذَا مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ.

(كَزَوْجٍ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا) ابْنُ رُشْدٍ: تَحْصِيلُ إقْرَارِ الزَّوْجِ لِزَوْجِهِ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ عَلَى مِنْهَاجِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إنْ عُلِمَ مَيْلُهُ لَهَا وَصَبَابَتُهُ بِهَا سَقَطَ إقْرَارُهُ لَهَا، وَإِنْ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا وَشَنَآنُهُ لَهَا صَحَّ إقْرَارُهُ، وَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا سَقَطَ إقْرَارُهُ لَهَا إنْ وُرِثَ بِكَلَالَةٍ، وَإِنْ وُرِثَ بِوَلَدٍ غَيْرِ ذَكَرٍ مَعَ عَصَبَةٍ فَسَوَاءٌ كُنَّ وَاحِدَةً أَوْ عَدَدًا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا مِنْ غَيْرِهَا أَوْ كِبَارًا مِنْهَا، يَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ إقْرَارَهُ لِزَوْجَتِهِ جَائِزٌ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ فِي إقْرَارِهِ لِبَعْضِ الْعَصَبَةِ إذَا تَرَكَ ابْنَةً وَعَصَبَةً.
وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَاحِدًا جَازَ إقْرَارُهُ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ إنْ كَانَ الْوَلَدُ ذُكُورًا عَدَدًا جَازَ إقْرَارُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا مِنْهَا وَبَعْضُهُمْ كَبِيرًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْفَعُ التُّهْمَةَ عَنْ الْأَبِ فِي إقْرَارِهِ لَهَا عَاقًّا لَهُ لَمْ يَرْفَعْ تُهْمَتَهُ، وَبَطَلَ إقْرَارُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ عَاقًّا وَبَعْضُهُمْ بَارًّا تَخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ (أَوْ جُهِلَ بِهِ وَوَرِثَهُ ابْنٌ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: إنْ جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا سَقَطَ إقْرَارُهُ لَهَا إنْ وَرِثَ بِكَلَالَةٍ، وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ وَاحِدٌ جَازَ إقْرَارُهُ،

(7/221)


صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ بَنُونَ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: إذَا جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا وَوَرِثَ بِوَلَدٍ وَكَانَ الْوَلَدُ ذُكُورًا عَدَدًا أَنَّ إقْرَارَهُ لَهَا جَائِزٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا مِنْهَا (وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: إنْ كَانَ الْوَلَدُ إنَاثًا يَرِثُهُ مَعَ الْعَصَبَةِ، فَسَوَاءٌ كُنَّ وَاحِدَةً أَوْ عَدَدًا تَخَرَّجَ عِنْدِي عَلَى قَوْلَيْنِ.

(كَإِقْرَارِهِ لِوَلَدِهِ الْعَاقِّ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ قَرُبَ مِنْهُ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ كَأَحَدِ أَوْلَادِهِ أَوْ إخْوَتِهِ أَوْ بَنِي عَمِّهِ أَوْ أَقْرَبَ مِنْ سَائِرِهِمْ كَإِقْرَارِهِ لِابْنَتِهِ وَلَهُ عَصَبَةٌ أَوْ لِأَخٍ شَقِيقٍ وَلَهُ أَخٌ لِأُمٍّ أَوْ لِأُمِّهِ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ سَقَطَ اتِّفَاقًا قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّ لَهُ عَاقًّا، وَمَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بَارًّا بِهِ فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ كَالزَّوْجَةِ يُقِرُّ لَهَا وَقَدْ عُرِفَ الْبُغْضُ وَالشَّنَآنُ مِنْهُ لَهَا.
وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَبْعَدُ وَأَقْرَبُ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُقَرَّ لَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ وَبَعْضُهُمْ أَبْعَدُ مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُمِّهِ وَلَهُ ابْنَةٌ وَأَخٌ فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ. وَهَذَا الْخِلَافُ أَيْضًا إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ كَإِقْرَارِهِ لِبَعْضِ إخْوَتِهِ وَلَهُ ابْنَةٌ.

(لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ) تَقَدَّمَ نَصُّ

(7/222)


ابْنِ رُشْدٍ: إنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ قَرُبَ مِنْهُ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقْرَبَ سَقَطَ إقْرَارُهُ.

(كَأَخِّرْنِي إلَى سَنَةٍ وَأَنَا أُقِرُّ وَرَجَعَ لِخُصُومَتِهِ) مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ: إنْ قَالَ أَقْبِضْنِي الْمِائَةَ الَّتِي لِي قِبَلَكَ فَذَكَرَ فُرُوعًا إلَى أَنْ قَالَ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قَالَ

(7/223)


إنْ أَخَّرْتَنِي بِهَا سَنَةً أَقْرَرْت لَكَ بِهَا أَوْ إنْ صَالَحَتْنِي عَنْهَا صَالَحْتُكَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَحْلِفُ.

(وَلَزِمَ لِلْحَمْلِ) الْمَازِرِيُّ: الْإِقْرَارُ لِلْحَمْلِ إنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَصِحُّ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا أَوْ مِنْ مِيرَاثٍ صَحَّ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَمْتَنِعُ بَطَلَ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ مُعَامَلَةٍ عَامَلَنِي بِهَا (أَوْ وُطِئَتْ وَوُضِعَ لِأَقَلِّهِ وَإِلَّا فَلِأَكْثَرِهِ وَسُوِّيَ بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ) ابْنُ سَحْنُونٍ: مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِحَمْلٍ، فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ قَوْلِهِ لَزِمَهُ لَهُ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَزَوْجُهَا مُرْسَلٌ عَلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا فَقِيلَ يَجُوزُ الْإِقْرَارُ إنْ وَضَعَتْهُ لِمَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ وَذَلِكَ أَرْبَعُ سِنِينَ،

(7/226)


وَإِنْ وُضِعَ الْحَمْلُ تَوْأَمَيْنِ فَالْإِقْرَارُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ.

(إلَّا بِبَيَانِ الْفَضْلِ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ أَنَا وَصِيُّ وَالِدِ هَذَا الْحَمْلِ وَلَهُ عَلَيْهِ مِائَةٌ فَالْمِائَةُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِنْ وَضَعَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتُ الْحَمْلِ زَوْجَةً فَلَهَا الثُّمُنُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا فَالْمَالُ لِعَصَبَةِ الْمَيِّتِ.

(فَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي أَوْ عِنْدِي) ابْنُ عَرَفَةَ: الصِّيغَةُ الصَّرِيحَةُ فِي الْإِقْرَارِ " كَتَسَلَّفْتُ " وَ " غَصَبْت " وَفِي " ذِمَّتِي " وَالرِّوَايَاتُ فِي " عَلَيَّ " كَذَلِكَ. ابْنُ شَاسٍ: وَإِذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ. ابْنُ شَاسٍ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [آل عمران: 199] وَقَوْلُهُ: {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] (أَوْ أَخَذْت مِنْكَ) الْمَازِرِيُّ: قَوْلُهُ أَخَذْت هَذَا مِنْ بَيْتِ فُلَانٍ أَوْ دَارِهِ وَمَا يَحُوزُهُ فُلَانٌ بِغَلْقٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ زَرْبٍ وَيَمْنَعُ مِنْهُ النَّاسَ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَإِقْرَارِهِ بِأَخْذِهِ مِنْ يَدِهِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ مِنْ فُنْدُقِهِ أَوْ حَمَّامِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ.

(وَلَوْ زَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ) ابْنُ سَحْنُونٍ: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا إذَا أَقَرَّ فَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَهُ عِنْدِي أَوْ مَعِي لَزِمَتْهُ وَلَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إذَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَكَأَنَّهُ أَدْخَلَ مَا يُوجِبُ الشَّكَّ.

(أَوْ قَضَى) ابْنُ سَحْنُونٍ: لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ قَضَى اللَّهُ ذَلِكَ أَوْ بِذَلِكَ لَزِمَهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(أَوْ وَهَبْته لِي أَوْ بِعْته) ابْنُ الْحَاجِبِ: مِثْلُ صِيغَةِ الْإِقْرَارِ وَهَبْته لِي أَوْ بِعْته مِنِّي. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا مُقْتَضَى نَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ.

(أَوْ وَفَّيْته) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ قَضَيْتُهُ لَزِمَتْهُ الْأَلْفُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَإِنْ قَالَ أَلَمْ أُوَفِّك الْعَشَرَةَ الَّتِي لَكَ عَلَيَّ فَقَالَ لَا، فَهُوَ إقْرَارٌ.
مُحَمَّدٌ: وَيَغْرَمُ لَهُ الْعَشَرَةَ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الِاسْتِفْهَامِ فَيَقُولَ: بَلْ قَضَيْتُكَ فَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ.

(أَوْ أَلَيْسَ أَقْرَضْتنِي) ابْنُ سَحْنُونٍ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَلَيْسَ قَدْ أَقْرَضْتنِي أَمْسِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الطَّالِبُ بَلَى أَوْ نَعَمْ فَجَحَدَهُ الْمُقِرُّ، لَزِمَهُ الْمَالُ (أَوْ أَمَا أَقْرَضْتنِي أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي) ابْنُ سَحْنُونٍ: وَلَوْ قَالَ أَمَا أَقْرَضْتنِي أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي لَزِمَهُ الْمَالُ إنْ ادَّعَاهُ طَالِبُهُ.

(أَوْ سَاهِلْنِي أَوْ اتَّزِنْهَا مِنِّي) ابْنُ سَحْنُونٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطِنِي كَذَا فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ سَأُعْطِيكَ أَوْ أَبْعَثُ لَكَ بِهِ وَلَيْسَ عِنْدِي الْيَوْمَ أَوْ أَبْعَثُ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنِّي فَهُوَ إقْرَارٌ، وَكَذَا أَجِّلْنِي بِهِ شَهْرًا أَوْ نَفِّسْنِي بِهِ.
ابْنُ شَاسٍ: سَاهِلْنِي فِيهَا دُونَ نَفِّسْنِي بِهَا لَمْ أَجِدْهُ اهـ. نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: وَمِنْ الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنْ قَالَ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْكَ فَقَالَ: اتَّزِنْ أَوْ اجْلِسْ فَانْتَقِدْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ الَّذِي يَدْفَعُ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ:

(7/227)


اتَّزِنْهَا مِنِّي أَوْ سَاهِلْنِي فِيهَا لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ.

(أَوْ لَأَقْضِيَنَّكَ الْيَوْمَ) سَحْنُونَ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطِنِي الْأَلْفَ دِرْهَمٍ الَّتِي لِي عَلَيْكَ فَقَالَ أَنَا أَبْعَثُ بِهَا الْيَوْمَ إلَيْكَ أَوْ غَدًا أُعْطِيكهَا فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ.

(أَوْ بِنَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ حَقٌّ جَوَابًا لَا لَيْسَ لِي عِنْدَكَ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ لَيْسَ قَدْ أَقْرَضْتَنِي ".
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ عَشَرَةٌ فَقَالَ بَلَى أَوْ أَجَلْ أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِذَلِكَ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا لَهُ فَهُوَ إقْرَارٌ. وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ بَلَى لَزِمَتْهُ، وَلَوْ قَالَ نَعَمْ فَكَذَلِكَ أَيْضًا. ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَامِّيِّ.

(أَوْ لَيْسَ لِي مَيْسَرَةٌ) ابْنُ شَاسٍ: إذَا قَالَ لَهُ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْكَ فَقَالَ: لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ أَوْ أَرْسِلْ رَسُولَكَ يَقْبِضُهَا أَوْ أَنْظِرْنِي بِهَا، فَكُلُّهُ إقْرَارٌ لَزِمَهُ.

(لَا أُقِرُّ) مِنْ الْمُفِيدِ: لَوْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ لَكَ بِذَلِكَ بِكَذَا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا بِالتَّمَادِي أَوْ بِالرُّجُوعِ عَنْ هَذَا الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ دَمًا كَانَ أَوْ طَلَاقًا.

(أَوْ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ) مُحَمَّدٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لَكَ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى فُلَانٍ حَلَفَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَعَلَى أَصْلِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ كَذَا أَوْ عَلَى فُلَانٍ لَزِمَهُ دُونَ فُلَانٍ.

(أَوْ مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ تَأْخُذُهَا مَا أَبْعَدَكَ مِنْهَا) ابْنُ سَحْنُونٍ: لَوْ قَالَ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْكَ فَقَالَ لَهُ اتَّزِنْهَا مَا أَبْعَدَكَ مِنْهَا فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ.

(وَفِي حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهُهُ أَوْ اتَّزِنْ أَوْ خُذْ قَوْلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا قَوْلَا ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: اجْلِسْ فَزِنْ فَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا نَقْلَا الْمَازِرِيُّ عَنْهُمَا.

(كَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَظُنُّ أَوْ عِلْمِي) سَحْنُونَ: مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِي عِلْمِي أَوْ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ فِيمَا أَحْسِبُ فَهُوَ إقْرَارٌ وَيَلْزَمُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ فَيَسْقُطُ

(7/228)


كَالشَّهَادَةِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: بِأَنَّ الشَّكَّ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ.

[بَاب فِي تعقب الْإِقْرَار بِمَا يَرْفَعهُ]
(وَلَزِمَ إنْ نُوكِرَ فِي أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ) قَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَقُّبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ وَلَهُ صُوَرٌ: الْأُولَى: إذَا قَالَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ حُرٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ الطَّالِبُ هِيَ مِنْ ثَمَنِ بُرٍّ أَوْ شِبْهِهِ فَيَلْزَمُهُ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، فَأَمَّا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْكَ خَمْرًا بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: نَحْوُ هَذَا عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.

(أَوْ عَبْدٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ. ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ الْعَبْدَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمَا: يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ.

(كَدَعْوَاهُ الرِّبَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَابَاهُ فِي أَلْفٍ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ مَثَلًا ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ رِبًا وَإِنَّمَا أَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ لَزِمَهُ الْمَالُ بِإِقْرَارِهِ لَهُ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارٍ لِلطَّالِبِ أَنَّهُ رِبًا. وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ رِبًا وَيُرَدُّ إلَى رَأْسِ مَالِهِ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ سَحْنُونَ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي النَّوَادِرِ وَلَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ (لَا إنْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا إلَّا الرِّبَا) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ: إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الطَّالِبِ أَنَّهُ رِبًا.

(أَوْ اشْتَرَيْتُ خَمْرًا بِأَلْفٍ) ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْكَ خَمْرًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ شَيْئًا.

(أَوْ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ هُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى

(7/230)


سِلْعَةً وَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا نَسَقًا مُتَتَابِعًا قَبْلَ قَوْلِهِ.

(أَوْ أَقْرَرْت بِكَذَا وَأَنَا صَبِيٌّ) فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ غَصَبْتُكَ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُنْت أَقْرَرْت لَكَ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ. ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ: " غَصَبْتُكَ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ " لَا خِلَافَ فِي لُزُومِهِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يَلْزَمُهُ مَا أَفْسَدَ وَكَسَرَ.
وَقَوْلُهُ: " أَقْرَرْت لَكَ بِأَلْفٍ وَأَنَا صَبِيٌّ " يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُ نَسَقًا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ " طَلَّقْتُكِ وَأَنَا صَبِيٌّ ".

(كَأَنَا مُبَرْسَمٌ إنْ عَلِمَ تَقَدُّمَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا قَالَ أَقْرَرْت لَكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَأَنَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ مِنْ بِرْسَامٍ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ صُدِّقَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ فَلَا يُصَدَّقُ.

(أَوْ أَقَرَّ اعْتِذَارًا) سَمِعَ أَشْهَبُ: مَنْ اشْتَرَى مَالًا فَسَأَلَ الْإِقَالَةَ فَقَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى أَبِي ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَلَا شَيْءَ لِلِابْنِ بِهَذَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: وَإِنْ سُئِلَ كِرَاءَ مَنْزِلِهِ فَقَالَ: هُوَ لِابْنَتِي ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهَا بِهَذَا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فِي حِجْرِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَذِرُ بِمِثْلِ هَذَا مَنْ يُرِيدُ مَنْعَهُ. وَسَمِعَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ: لَوْ سَأَلَهُ ابْنُ عَمِّهِ أَنْ يُسْكِنَهُ مَنْزِلًا فَقَالَ هُوَ لِزَوْجَتِي ثُمَّ قَالَ لِثَانٍ وَثَالِثٍ قَامَتْ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: إنَّمَا قُلْته اعْتِذَارًا لِنَمْنَعَهُ، فَلَا شَيْءَ لَهَا بِهَذَا. وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلسُّلْطَانِ فِي الْأَمَةِ وَلَدَتْ مِنِّي وَفِي الْعَبْدِ هُوَ مُدَبَّرٌ لِئَلَّا يَأْخُذَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ فِيهِ.

(أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَقْرَأْته مَنْ كَانَ تَسَلَّفَ مِنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ مَالًا وَقَضَاهُ إيَّاهُ، فَإِنْ كَانَ عَنْ زَمَنٍ لَمْ يَطُلْ غَرِمَ، وَإِنْ طَالَ مِنْ ذَلِكَ حَلَفَ وَبَرِئَ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الشُّكْرِ فَيَقُولُ جَزَى اللَّهُ عَنِّي

(7/231)


فُلَانًا خَيْرًا أَسْلَفَنِي وَقَضَيْته فَلَا يَلْزَمُهُ، قَرُبَ الزَّمَانُ أَوْ بَعُدَ اهـ.
نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ. فَلَا مَعْنَى لِلْأَصَحِّ هَاهُنَا وَيَبْقَى النَّظَرُ إذَا قَالَ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِينَارٌ فَتَقَاضَاهُ مِنِّي أَسْوَأَ التَّقَاضِي فَلَا جُزِيَ خَيْرًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الدَّيْنُ بَاقٍ عَلَى الْمُقِرِّ، وَلَيْسَ كَمَنْ يَقُولُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ أَوْ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ. فَلَوْ قَالَ خَلِيلٌ: " أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَصَحِّ " لَكَانَ لِقَوْلِهِ: " عَلَى الْأَصَحِّ " مَعْنًى. وَفِي الْغَالِبِ أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ إذْ مَا كَانَ خَلِيلٌ لِيَتْرُكَ الْإِقْرَارَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَهُوَ مَذْكُورٌ مِنْ حَيْثُ نُقِلَ.

(وَقَبِلَ أَجَلُ مِثْلِهِ فِي بَيْعٍ لَا قَرْضٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ أُعْطِيهِ كُلَّ يَوْمٍ دِينَارًا وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هِيَ حَالَّةٌ، قُبِلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ. وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.
وَفِي الزَّاهِي: مَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ مُنَجَّمٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هُوَ حَالٌّ، فَقِيلَ: يَحْلِفُ الْمُقَرُّ

(7/232)


لَهُ وَيَكُونُ حَالًّا. وَقِيلَ: إنَّ الْمُقِرَّ يَحْلِفُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي يَمِينِ الْمُقِرِّ وَهَذَا أَحْوَطُ وَبِهِ كَانَ يَقْضِي مُتَقَدِّمُو قُضَاةِ مِصْرَ.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَأَلْفٌ مُؤَجَّلٌ يُقْبَلُ فِي تَأْجِيلِ مِثْلِهَا عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مُؤَجَّلَةٍ مِنْ قَرْضٍ فَقَبِلَ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ نَقْلَهُ أَنَّ حُكْمَ الْقَرْضِ الْحُلُولُ، دُونَ ذِكْرِ خِلَافٍ فِيهِ، وَلَا أَعْرِفُ هَذَا لِغَيْرِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَظَاهِرُ مَا نَقَلْتُهُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ.

(وَتَفْسِيرُ أَلْفٍ فِي كَأَلْفٍ وَدِرْهَمٍ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُسَمِّ الْأَلْفَ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ هِيَ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: لَا يَكُونُ الدِّرْهَمُ الزَّائِدُ تَفْسِيرَ الْأَلْفِ، بَلْ يَكُونُ الْأَلْفُ مَوْكُولًا إلَى تَفْسِيرِهِ فَيُقَالُ لَهُ سَمِّ أَيَّ جِنْسٍ شِئْت؟ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَلْفَ جَوْزَةٍ أَوْ أَلْفَ بَيْضَةٍ قُبِلَ مِنْهُ، وَأُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ إنْ خَالَفَهُ الْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَعَبْدٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْعَطْفُ تَفْسِيرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.

(وَكَخَاتَمٍ فَصُّهُ لَهُ نَسَقٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَكَ هَذَا الْخَاتَمَ ثُمَّ قَالَ وَفَصُّهُ لِي، أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِجُبَّةٍ ثُمَّ قَالَ وَبِطَانَتُهَا لِي، لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامًا نَسَقًا (إلَّا فِي غَصْبٍ فَقَوْلَانِ) لَمْ يَنْقُلْ ابْنُ يُونُسَ إلَّا مَا تَقَدَّمَ خَاصَّةً وَمَا ذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا.

(لَا بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ كَفِي عَلَى الْأَحْسَنِ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ أَوْ فِي هَذَا الْحَائِطِ أَوْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِجُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ، قُبِلَ تَفْسِيرُهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا شَائِعًا كَانَ أَوْ مُعَيَّنًا، وَلَوْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ أَرَدْت هَذَا الْجِذْعَ أَوْ هَذَا الْبَابَ الْمُرَكَّبَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ الَّذِي بِالدَّارِ أَوْ سُكْنَى هَذَا

(7/233)


الْبَيْتِ فَقَالَ سَحْنُونَ مَرَّةً يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: لَوْ قَالَ: إنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضِ أَوْ الْحَائِطِ حَقًّا وَفَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مُرَكَّبٍ وَشِبْهِهِ، فَثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ " مِنْ " " وَفِي ".

(وَمَالُ نِصَابٍ) ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ أَوْصَى أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ مَالًا وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ كَانَ بِالشَّامِّ أَوْ بِمِصْرَ قَضَى عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا، وَفِي الْعِرَاقِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعِي.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: إنْ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الْكِيسِ مَالًا أُعْطِيَ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَخَذَهَا وَحَلَفَ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: الْأَشْهَرُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْإِقْرَارِ بِمَالِ نِصَابِ زَكَاةِ أَهْلِ الْمُقِرِّ مِنْ الْعَيْنِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ رَدُّ الْحُكْمِ لِمُقْتَضَى اللُّغَةِ أَوْ الشَّرْعِ أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ. ابْنُ عَرَفَةَ: فَيَقُومُ مِنْهَا مَا فِي الْأَيْمَانِ.

(وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ) مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَقُولُهُ مَعَ يَمِينِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَعَزَاهُ فِي الْمَعُونَةِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَلَوْ فَسَّرَهُ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ.

(كَشَيْءٍ) الْمَازِرِيُّ: " شَيْءٌ " أَوْ " حَقٌّ " مِنْ قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ " شَيْءٍ " يَصْدُقُ عَلَى مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَجْنَاسِ وَالْمَقَادِيرِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَصْلُحُ لَهُ. ابْنُ شَاسٍ: يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلَّ مِمَّا يُتَمَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِكُلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ مِمَّا يَتَمَوَّلُ. الْمَازِرِيُّ: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّفْسِيرِ سُجِنَ حَتَّى يُفَسِّرَ.

(وَكَذَا) الْمَازِرِيُّ: قَوْلُهُ: " عِنْدِي كَذَا " كَقَوْلِهِ: " لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ " أَوْ " لَهُ عِنْدِي وَاحِدٌ " فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ.
وَفِي الصِّحَاحِ " كَذَا " كِنَايَةٌ عَنْ الشَّيْءِ (وَسُجِنَ لَهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمَازِرِيِّ سُجِنَ حَتَّى يُفَسِّرَ.

(وَكَعَشْرَةٍ وَنَيِّفٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٍ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي النَّيِّفِ، وَلَوْ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانَقٍ، وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ.
وَانْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ خَلِيلٌ تَفْسِيرَ عَشَرَةٍ فَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ أَلْفٍ فِي قَوْلِهِ: " وَتَفْسِيرُ أَلْفٍ ".

(وَسَقَطَ فِي كَمِائَةِ وَشَيْءٍ) ابْنُ الْمَاجِشُونِ: مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَيْءٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُسْأَلْ، فَالشَّيْءُ سَاقِطٌ وَيَلْزَمُهُ مَا سَمَّى وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ " شَيْءٍ " مُفْرَدًا أَوْ مَعْطُوفًا أَنَّ لَغْوَهُ مُفْرَدًا يُؤَدِّي إلَى إهْمَالِ اللَّفْظِ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِذَا كَانَ مَعْطُوفًا فَأَسْلَمَ مِنْ الْإِهْمَالِ لِإِعْمَالِهِ فِي الْمَعْطُوفِ

(7/234)


عَلَيْهِ.

(وَكَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ وَكَذَا وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَكَذَا كَذَا أَحَدَ عَشَرَ) الصِّحَاحُ: كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْعَدَدِ وَعَنْ الشَّيْءِ، الْمَازِرِيُّ: قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ الْمَالِكِيِّينَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْكِنَايَةِ بِإِعْرَابِ مَا وَقَعَ بَعْدَهَا مِنْ التَّفْسِيرِ. فَفِي كَذَا دَرَاهِمَ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَكَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَكَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ.
قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: لَا نَصَّ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ لِي بَعْضُ النُّحَاةِ: يَلْزَمُ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: مَنْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَفِي كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا فِي كَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ دِرْهَمًا.

(وَبِضْعٌ أَوْ دَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ عَلَيَّ بِضْعَةَ عَشَرَ كَانَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْبِضْعَ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى التِّسْعَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مَعَهَا. الْمَازِرِيُّ: لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دُرَيْهِمَاتٍ أَوْ دُنَيْنِيرَاتٍ فَثَلَاثٌ مِنْ الْمُسَمَّى.

(وَكَثِيرَةٌ أَوْ لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ أَرْبَعَةٌ) ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَوْ قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ. وَحَدَّهَا ابْنُ الْمَوَّازِ بِوَاحِدٍ صَحِيحٍ فَأَكْثَرَ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ لَا قَلِيلَةٌ وَلَا كَثِيرَةٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ.

(وَدِرْهَمٌ الْمُتَعَارَفُ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْإِقْرَارُ بِمُطْلَقٍ مِنْ صِنْفٍ أَوْ نَوْعٍ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ أَوْ السِّيَاقِ فَإِنْ عُدِمَا فَأَقَلُّ مُسَمَّاهُ. فِي الْمَعُونَةِ: إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ وَلَمْ يَقُلْ جَيِّدًا وَلَا رَدِيئًا وَلَا نَاقِصًا وَمَاتَ، حُكِمَ بِجَيِّدٍ وَلَزِمَ بِنَقْدِ بَلَدِهِ. وَإِنْ اخْتَلَفَ نَقْدُ الْبَلَدِ. فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَلْزَمُهُ دِينَارٌ مِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ وَيَحْلِفُ إنْ اسْتَحْلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُ الْأَصْنَافِ أَغْلَبَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَغْلَبُ (وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ) نَحْوُ هَذَا لِابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَلَا أَعْرِفُهُ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ مَا فَسَّرَهُ بِهِ الْمُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ.

(وَقُبِلَ غِشُّهُ وَنَقْصُهُ إنْ وَصَلَ) ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنْ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ وَزْنُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إنْ وَصَلَ كَلَامَهُ. ابْنُ شَاسٍ: وَكَذَا التَّفْسِيرُ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ. الْمَازِرِيُّ: إنْ قَيَّدَ إقْرَارَهُ بِدَرَاهِمَ بِصِفَةٍ لَمْ يُؤْخَذْ بِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهَا ثَمَنًا لِمَبِيعٍ فَيَرْجِعُ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ.

(وَدِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ دِرْهَمٌ أَوْ ثُمَّ دِرْهَمَانِ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ. وَمِنْ الِاسْتِغْنَاءِ: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ قُضِيَ بِهِمَا لَهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ قَفِيزِ حِنْطَةٍ قُضِيَ لَهُ بِالْجَمِيعِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ دِرْهَمٌ عَلَى دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَ دِرْهَمٍ قُضِيَ عَلَيْهِ بِدِرْهَمَيْنِ.
ابْنُ شَاسٍ: وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ قَالَ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ.

(وَسَقَطَ فِي لَا بَلْ دِينَارَانِ) سَحْنُونَ: مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا بَلْ أَلْفَانِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ، فَإِنْ قَالَ لَا بَلْ خَمْسُمِائَةٍ قُبِلَ قَوْلُهُ إنْ كَانَ نَسَقًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ سُكُوتٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَكَذَلِكَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ نِصْفُ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ

(7/235)


غَيْرُهُ: إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ لَا بَلْ مِائَتَانِ لَزِمَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ فِي الْقِيَاسِ وَلَكِنَّا نَدَعُهُ وَنَسْتَحْسِنُ أَنَّ عَلَيْهِ مِائَتَيْنِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ.

(وَدِرْهَمٌ دِرْهَمٌ أَوْ بِدِرْهَمٍ دِرْهَمٌ وَحَلَفَ مَا أَرَادَهُمَا) ابْنُ شَاسٍ: إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَلِلطَّالِبِ أَنْ يُحَلِّفَهُ مَا أَرَادَ دِرْهَمَيْنِ.

(كَإِشْهَادِهِ بِذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ أَشْهَدَ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ فَآخِرُ قَوْلَيْهِ مِائَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ وَهْمٌ وَغَفْلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ فِي عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: مَنْ أَشْهَدَ لِرَجُلٍ فِي مَوْطِنٍ بِمِائَةٍ ثُمَّ أَشْهَدَ لَهُ فِي مَوْطِنٍ بِمِائَةٍ فَقَالَ الطَّالِبُ هِيَ مِائَتَانِ وَقَالَ الْمُقِرُّ هِيَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا: لَا تَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ بِخِلَافِ إذْكَارِ الْحُقُوقِ لَوْ شَهِدَ لَهُ فِي حَقٍّ بِمِائَةٍ وَفِي صَكٍّ آخَرَ بِمِائَةٍ لَزِمَتْهُ مِائَتَانِ.

(وَبِمِائَتَيْنِ الْأَكْثَرُ) لَمْ يَعْرِفْ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا لِغَيْرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا حَكَاهُ ابْنُ شَاسٍ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: لَوْ أَشْهَدَ بِمِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فِي مَوْطِنٍ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ أَوَّلًا لَزِمَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ تَلْزَمُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ مُطْلَقًا وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَلَا أَعْرِفُ الْقَوْلَ الثَّانِي وَلَا حَكَاهُ ابْنُ شَاسٍ.

(جُلُّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا أَوْ نَحْوُهَا الثُّلُثَانِ فَأَكْثَرُ بِالِاجْتِهَادِ) سَحْنُونَ: مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ جُلَّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبَ الْمِائَةِ أَوْ نَحْوَ الْمِائَةِ أَوْ مِائَةً إلَّا قَلِيلًا وَإِلَّا شَيْئًا فَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يُعْطَى مِنْ ثُلُثَيْ الْمِائَةِ إلَى أَكْثَرَ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ.

(وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي عَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ عِشْرُونَ أَوْ مِائَةٌ قَوْلَانِ) قَوْلُ عِشْرُونَ مَا حَكَاهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا أَعْرِفُهُ.
ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَازِرِيُّ مَنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي دِينَارٌ فِي دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ سِوَى دِرْهَمٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَزِمَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ الْأَوَّلُ وَيَسْقُطُ مَا بَعْدَهُ إنْ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ التَّضْعِيفَ وَلَا ضَرْبَ الْحِسَابِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا إنْ كَانَ الْمُقِرُّ لَهُ عِلْمٌ بِالْحِسَابِ لَزِمَهُ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ اتِّفَاقًا صَوَابٌ إنْ كَانَ الْمُقَرّ لَهُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا.

(وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ فِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ) ابْنُ شَاسٍ: إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ كَانَ مُقِرًّا بِالزَّيْتِ وَالظَّرْفِ، وَلَوْ قَالَ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ فِي مِنْدِيلٍ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ:

(7/236)


يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّوْبِ دُونَ الْوِعَاءِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: يَلْزَمُهُ الْوِعَاءُ أَيْضًا. وَلَوْ قَالَ عِنْدِي عَسَلٌ فِي زِقٍّ كَانَ مُقِرًّا بِالْعَسَلِ وَالزِّقِّ إذْ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ.
ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ نَفْيُ الْخِلَافِ فِي تَعَلُّقِ الْإِقْرَارِ بِالْجَرَّةِ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ وَهُوَ وَهْمٌ تَبِعَ فِيهِ ظَاهِرَ لَفْظِ ابْنِ شَاسٍ لِذِكْرِ الشَّيْخِ فِيهِ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.

(لَا دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ) الْقَرَافِيُّ: وَوَافَقُونَا عَلَى قَوْلِهِ عِنْدِي دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ أَوْ نَخْلٌ فِي بُسْتَانٍ أَنَّ الظَّرْفَ لَا يَلْزَمُ.

(وَأَلْفٌ إنْ اسْتَحَلَّ أَوْ أَعَارَنِي لَمْ يَلْزَمْ كَإِنْ حَلَفَ) ابْنُ سَحْنُونٍ: مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إنْ حَلَفَ أَوْ إذَا حَلَفَ فَحَلَفَ فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ وَنَكَلَ الْمُقِرُّ وَقَالَ: مَا ظَنَنْتُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ، فَلَا يُؤْخَذُ بِذَلِكَ الْمُقِرُّ فِي إجْمَاعِنَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةٌ إنْ حَلَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ بِهَذَا وَإِنْ حَلَفَ الطَّالِبُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ إنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ أَوْ قَالَ إنْ أَعَارَنِي رِدَاءً أَوْ دَابَّةً فَأَعَارَهُ أَوْ قَالَ إنْ شَهِدَ بِهَا عَلَيَّ فُلَانٌ فَشَهِدَ بِهَا عَلَيْهِ فُلَانٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ حَكَمَ بِهَا فُلَانٌ لِرَجُلٍ سَمَّاهُ فَتَحَاكَمَا إلَيْهِ فَحَكَمَ بِهَا عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.

(فِي غَيْرِ الدَّعْوَى) ابْنُ سَحْنُونٍ: مَنْ أَنْكَرَ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنْتَ بَرِيءٌ فَحَلَفَ فَقَالَ هُوَ بَرِيءٌ، وَكَذَا إنْ قَالَ الْمَطْلُوبُ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنَا أَغْرَمُ لَكَ فَحَلَفَ لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْ قَوْلِهِ اهـ.

(7/237)


اُنْظُرْ بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ (أَوْ شَهِدَ فُلَانٌ غَيْرُ الْعَدْلِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ دُونَ أَنْ ذَكَرَ غَيْرَ الْعَدْلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا بَيِّنٌ إذْ الْحَقُّ يَثْبُتُ بِالْعَدْلِ مَعَ الْيَمِينِ.

(وَهَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ وَحَلَفَ) ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لَكَ هَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَزِمَتْهُ الشَّاةُ وَحَلَفَ مَا النَّاقَةُ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي الْإِقْرَارِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ اضْطِرَابٌ رَاجِعْهُ فِيهِ.

(وَغَصَبْتُهُ مِنْ فُلَانٍ لَا بَلْ مِنْ آخَرَ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَقُضِيَ لِلثَّانِي بِقِيمَتِهِ) ابْنُ شَاسٍ: إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ.
وَفِي كِتَابِ

(7/238)


ابْنِ سَحْنُونٍ: إنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ يَمِينِهِ وَيُقْضَى لِلْآخَرِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ فِي إجْمَاعِهِمْ.

(وَلَكَ أَحَدُ ثَوْبَيْنِ عَيَّنَ وَإِلَّا فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا حَلَفَ) ابْنُ عَرَفَةَ: مَنْ قَالَ فِي ثَوْبَيْنِ بِيَدِهِ لِفُلَانٍ أَحَدُهُمَا فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ أَجْوَدَهُمَا أَخَذَهُ، وَإِنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا وَصَدَّقَهُ فَكَذَلِكَ دُونَ يَمِينٍ وَإِنْ أَكْذَبَهُ أَحْلَفَهُ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي ثَوْبَيْنِ فِي يَدِهِ أَحَدُهُمَا لَكَ وَلَا أَدْرِي فِي أَيِّهِمَا هُوَ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمُقِرِّ: احْلِفْ أَنَّكَ لَا تَدْرِي أَنَّ أَجْوَدَهُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ حَلَفَ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَا أَعْرِفُهُ فَيُؤْمَرُ بِتَعْيِينِهِ، فَإِنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا أَخَذَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَإِنْ عَيَّنَ أَجْوَدَهُمَا أَخَذَهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ (وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَاشْتَرَكَا) ابْنُ شَاسٍ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُقَالُ لِلْمُقِرِّ احْلِفْ أَنَّكَ لَا تَدْرِي أَنَّ أَجْوَدَهُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ: احْلِفْ أَنَّكَ لَا تَعْلَمُ أَيَّهُمَا لَكَ، فَإِنْ حَلَفَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْبَيْنِ جَمِيعًا.

(وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا كَغَيْرِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى قَوَاعِدِهِ. ابْنُ شَاسٍ: إذَا اسْتَثْنَى مِنْ الْإِقْرَارِ مَا لَا يَسْتَغْرِقُ صَحَّ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً يَلْزَمُهُ وَاحِدًا خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ. وَعَلَى الْمَشْهُورِ: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً إلَّا سِتَّةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا أَرْبَعَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا اثْنَيْنِ إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ.

(وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ وَالْبَيْتُ لِي) ابْنُ شَاسٍ: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْعَيْنِ صَحِيحٌ كَقَوْلِهِ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا ذَلِكَ الْبَيْتَ وَالْخَاتَمُ إلَّا الْفَصَّ.

(بِغَيْرِ الْجِنْسِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: الْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ (كَأَلْفٍ إلَّا عَبْدًا وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ) ابْنُ شَاسٍ: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ صَحِيحٌ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَبْدًا وَيُقَالُ لَهُ اُذْكُرْ قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّذِي اسْتَثْنَيْت ثُمَّ يَكُونُ مُقِرًّا بِمَا

(7/239)


فَضَلَ مِنْ الْأَلْفِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ، فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقِيمَةَ تَسْتَغْرِقُ الْأَلْفَ بَطَلَ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ.

(وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا بِمَا لَهُ قِبَلَهُ أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ أَوْ أَبْرَأهُ بَرِئَ مُطْلَقًا وَمِنْ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَإِنْ

(7/240)


بِصَكٍّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ بَعْدَهُ وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ إلَّا الدَّيْنَ) مِنْ رَسْمِ الرُّطَبِ فِي شَرِيكَيْنِ تَحَاسَبَا فَكَتَبَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بَرَاءَةً مِنْ آخِرِ حَقٍّ لَهُ قِبَلَهُ ثُمَّ جَاءَ يَذْكُرُ حَقًّا لَمْ يَقَعْ اسْمُهُ فِي الْبَرَاءَةِ فَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي الْبَرَاءَةِ قَالَ: يَحْلِفُ وَيَبْرَأُ.
وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَكَتَبَ بَرَاءَةً مِنْ آخِرِ حَقٍّ لَهُ فَأَتَى بِذِكْرِ حَقٍّ لَهُ لَا يَعْلَمُ أَقَبْلَ الْبَرَاءَةِ هُوَ أَمْ بَعْدَهَا، إنْ كَانَ حَيًّا حَلَفَ وَبَرِئَ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَمِنْ ابْنِ سَلْمُونَ: مَنْ اكْتَرَى دَارًا مُشَاهَرَةً فَإِنْ دَفَعَ كِرَاءَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ بَرَاءَةٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّهُورِ. اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ ". وَمِنْ الْكَافِي: مَنْ قَالَ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ مِنْ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَاتِ مِنْ الضَّمَانَاتِ وَالدُّيُونِ، وَإِنْ قَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ أَوْ عِنْدَهُ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانَاتِ وَالْأَمَانَاتِ. اُنْظُرْ فِي أَوَاخِرِ طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ تَرْجَمَةَ وَثِيقَةٍ فِي بَرَاءَةٍ.
اُنْظُرْ تَرْجَمَةَ جَامِعٍ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ وَمَا شَكَّ فِيهِ وَفِي آخِرِ وَصَايَا النَّوَادِرِ.

(7/242)


[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]
(فَصْلٌ)
ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ. رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الِاسْتِلْحَاقُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ وَهَذَا الْبَابُ أَكْثَرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ (إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ) ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَجُوزُ لَهَا اسْتِلْحَاقٌ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ نَظَرَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَجُلٍ فَقَالَتْ ابْنِي وَمِثْلُهَا يُولَدُ

(7/248)


لَهَا وَصَدَّقَهَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهَا إذْ لَيْسَ هُنَا أَبٌ يُلْحَقُ بِهِ، وَإِنْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ بِغُلَامٍ مَفْصُولٍ فَادَّعَتْ أَنَّهُ وَلَدُهَا لَمْ يَلْحَقْ بِهَا فِي مِيرَاثٍ وَلَا يُحَدُّ مَنْ افْتَرَى عَلَيْهِ.
وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَصْلُحُ اسْتِلْحَاقُ الْجَدِّ. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ قَالَ هَذَا ابْنُ وَلَدِي أَوْ وَلَدُ ابْنِي لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ قَالَ أَبُو هَذَا ابْنِي أَوْ وَالِدُ هَذَا ابْنِي صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي إلْحَاقِ وَلَدِهِ بِفِرَاشِهِ لَا فِي إلْحَاقِهِ بِفِرَاشِ غَيْرِهِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ. وَمِنْ الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ: إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِابْنٍ جَازَ إقْرَارُهُ وَلَحِقَ بِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، أَنْكَرَ الِابْنُ أَوْ أَقَرَّ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ وُلِدَ عِنْدَهُ صَبِيٌّ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لَحِقَ بِهِ وَإِنْ أَكْذَبَهُ الْوَلَدُ.

(بِمَجْهُولِ النَّسَبِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ادَّعَى وَلَدًا لَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ فِيهِ لَحِقَ بِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي يَتَبَيَّنُ لَهُ كَذِبُهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ أَوْ هُمْ

(7/249)


مِنْ الْمَحْمُولِينَ مِنْ بَلْدَةٍ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ دَخَلَهَا كَالزِّنْجِ وَالصَّقَالِبَةِ أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْأُمَّ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِغَيْرِهِ حَتَّى مَاتَتْ، وَأَمَّا إنْ اسْتَلْحَقَ مُسْلِمٌ مَحْمُولًا مِنْ بَلْدَةٍ دَخَلَهَا لَحِقَ بِهِ.

(إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ لِصِغَرِهِ أَوْ الْعَادَةُ) ابْنُ شَاسٍ: إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ هَذَا ابْنِي لَحِقَ بِهِ مَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْحِسُّ بِأَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْهُ أَوْ الْعُرْفُ بِأَنْ يَسْتَيْقِنَ النَّاسُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدِهِ كَمَا إذَا كَانَ الْغُلَامُ سِنْدِيًّا وَالرَّجُلُ فَارِسِيًّا.

(وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا

(7/250)


لِمُكَذِّبِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إذَا أَكْذَبَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ أَوْ لِوَلَائِهِ، وَلَا يَرِثُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تُثْبِتُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ عِتْقِ الْمُبْتَاعِ الْأُمَّ مَضَى ذَلِكَ وَأَلْحَقْتُ بِهِ نَسَبَ الْوَلَدِ وَلَمْ أُزِلْ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا ثَبَتَ مِنْ وَلَائِهِمَا وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ أُمِّ وَلَدٍ وَقِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَابٍ آخَرَ: أَرَأَيْت مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ، أَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ فِيهِ وَلَا يُعْتَقُ؟ قَالَ: أَرَى إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. قَالَ سَحْنُونَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعْدَلُ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْأَصْلِ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ ابْنُهُ لَحِقَ بِهِ وَرَدَّ الثَّمَنَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَى يَوْمِ اسْتِلْحَاقِهِ كَمَنْ تَعَمَّدَ طَرْحَ وَلَدِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ فَكَذَلِكَ هَذَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ كَمَنْ وَلَدُهُ بَلْ هُوَ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ لَا يَغْرَمُ أَجْرَ خِدْمَتِهِ، فَكَذَلِكَ هَذَا لَا يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا.
وَقَالَ غَيْرُهُمَا: إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا خِدْمَةَ فِيهِ رَجَعَ بِالنَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِدْمَةٌ وَأَقَرَّ الْمُبْتَاعُ بِخِدْمَتِهِ أَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ خَدَمَهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَالنَّفَقَةُ بِالْخِدْمَةِ.
ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا أَعْدَلُهَا. وَمِثْلُهُ عَنْ سَحْنُونٍ (أَوْ مَوْلًى) تَقَدَّمَ نَصُّهَا: أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُهُ (لَكِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ عِتْقِ الْمُبْتَاعِ مَضَى وَأَلْحَقْتُ بِهِ نَسَبَ الْوَلَدِ وَلَمْ أُزِلْ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِ.

(وَفِيهَا أَيْضًا يُصَدَّقُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ) تَقَدَّمَ النَّصُّ قَبْلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَابٍ آخَرَ: إنْ أَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُ

(7/251)


الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَالَ سَحْنُونَ: وَهَذَا أَعْدَلُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ: لَوْ اسْتَلْحَقَهُ بَائِعُهُ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوَّلَ الْبَابِ: إنْ أَكْذَبَهُ مَنْ أَعْتَقَهُ لَمْ يُصَدَّقْ.
وَقَالَ بَعْدَهُ: إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُ الْبَائِعِ قُبِلَ قَوْلُهُ، قَالَ سَحْنُونَ: وَهَذَا أَعْدَلُ. (وَإِنْ كَبِرَ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: إذَا أَقَرَّ بِابْنٍ لَحِقَ بِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ

(7/253)


كَبِيرًا، أَنْكَرَ الِابْنُ أَوْ أَقَرَّ.

(أَوْ مَاتَ وَوَرِثَهُ ابْنٌ) أَشْهَبُ: إذَا مَاتَ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ وَتَرَكَ مَالًا وَمَوَالِيَ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ الْأَبُ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِجَرِّ الْوَلَاءِ وَالْمَالِ إلَى نَفْسِهِ، وَقَدْ وَجَبَ لِأُمِّهِ وَمَوَالِيهِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ.
وَإِنْ كَانَ تَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ ذَكَرًا

(7/254)


أَوْ أُنْثَى صُدِّقَ وَلَحِقَ بِهِ وَوَرِثَ نَصِيبَهُ مَعَ بَنِيهِ أَوْ بَنَاتِهِ وَضُرِبَ الْحَدَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا، لَحِقَ الْوَلَدُ أَوْ لَمْ يَلْحَقْ. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ جَارِيَةً حَامِلًا ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ مَوْتِ الِابْنِ أَنَّهُ ابْنُهُ لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ نَفَى وَلَدًا بِلِعَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ أَنْ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ، فَإِنْ كَانَ لِوَلَدِهِ وَلَدٌ ضُرِبَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي مِيرَاثِهِ وَيُحَدُّ وَلَا يَرِثُهُ (أَوْ بَاعَهُ وَنُقِضَ وَرَجَعَ بِنَفَقَتِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خِدْمَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ) تَقَدَّمَ النَّصُّ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ مَوْلًى ".

(وَإِنْ ادَّعَى اسْتِيلَادَهَا بِسَابِقٍ فَقَوْلَانِ فِيهَا) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا، وَهَلْ هُوَ يُشِيرُ إلَى مَا يَتَقَرَّرُ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الرَّجُلُ مُصَدَّقٌ فِي حَمْلِ أَمَتِهِ أَنَّهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرَقَ الذِّمَّةِ بِالدَّيْنِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ وَلَدَتْ مِنِّي وَلَا وَلَدَ مَعَهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَتُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَدْ سُمِعَ وَفَشَا أَوْ قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَدَايَنَ.
وَمِنْ الِاسْتِغْنَاءِ: إنْ أَقَرَّ رَجُلٌ فِي جَارِيَةٍ بَاعَهَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُبْتَاعُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَالنَّفَقَةِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يُسْمَعَ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ الْبَيْعِ.

(وَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ فَاسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ وَلَمْ يُصَدَّقْ فِيهَا إنْ اُتُّهِمَ بِمَحَبَّةٍ أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ أَوْ وَجَاهَةٍ وَرَدَّ ثَمَنَهَا وَلَحِقَ الْوَلَدُ مُطْلَقًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَمَا لَا تُلْحَقُ فِيهِ الْأَنْسَابُ وَلَمْ يَدَّعِهِ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ وَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَتَعُودُ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ اُتُّهِمَ فِيهَا وَهُوَ

(7/256)


مَلِيءٌ لَمْ يُرَدَّ إلَيْهِ إلَّا الْوَلَدُ بِحِصَّتِهِ وَلَا تُرَدُّ هِيَ حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ خَصْلَتَيْنِ مِنْ الْعُدْمِ وَالصَّبَابَةِ فِيهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ عَدِيمًا لَحِقَ بِهِ وَاتُّبِعَ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِصَبَابَةٍ وَلَا بِمَا صَلَحَتْ فِي بَدَنِهَا وَفَرَّهَتْ وَهُوَ مَلِيءٌ فَلْتُرَدَّ إلَيْهِ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَهُوَ عَدِيمٌ لَحِقَ بِهِ وَاتُّبِعَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ أَقَرَّ بِهِ يُرِيدُ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَا تُرَدُّ الْأَمَةُ إلَيْهِ. اهـ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.

(وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقَهُ وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ عَتَقَ كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ اسْتَلْحَقَ ابْنَ أَمَةٍ لِرَجُلٍ فَادَّعَى نِكَاحَهَا وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ رَبِّهِ فَيَلْحَقَ بِهِ وَيَكُونَ حُرًّا كَمَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِعِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَلَدُهُ بِنِكَاحٍ لَا بِحَرَامٍ وَإِنْ ابْتَاعَ الْأُمَّ لَمْ تَكُنْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ أَوْلَدَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا وَادَّعَى أَنَّ حَمْلَهَا مِنْهُ بِنِكَاحٍ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ وَتَكُونُ هِيَ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.

(وَإِنْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ وَارِثٌ وَإِلَّا فَخِلَافٌ)

(7/257)


لَا شَكَّ أَنَّ الْعِبَارَةَ خَانَتْهُ هُنَا. ابْنُ عَرَفَةَ: إقْرَارُ مَنْ يُعْرَفُ لَهُ وَارِثٌ مُحِيطٌ بِإِرْثِهِ وَلَوْ بِوَلَاءٍ لِوَارِثٍ لَغْوٌ اتِّفَاقًا.
وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونَ: مَا عَلِمْت بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافًا أَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ بِوَلَدِ الْوَلَدِ أَوْ الْأَجْدَادِ أَوْ الْإِخْوَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبٌ مَعَ وَارِثٍ.
قَالَ هُوَ وَأَصْبَغُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَا مَوَالٍ غَيْرُ هَذَا الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهُ وَيَسْتَوْجِبُ مِيرَاثَهُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبُهُ.
وَقَالَ أَيْضًا سَحْنُونَ: لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهُ وَلَا يَرِثُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ فَذَلِكَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ.
قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَأَهْلُ الْعِرَاقِ فِي مِثْلِ هَذَا لِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِمَالِهِ كُلِّهِ لِمَنْ أَحَبَّ فَلِذَلِكَ جَوَّزُوا إقْرَارَهُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الْقَرَابَاتِ، وَأَصْحَابُنَا لَا يُجِيزُونَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ لَهُ إلَّا بِالثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ. وَمِنْ نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ: أَجْمَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إقْرَارِ مَنْ لَهُ وَارِثٌ.
قَالَ الْمَخْزُومِيُّ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ وَرَثَتُهُ، وَإِلَى هَذَا رَجَعَ سَحْنُونَ وَرَجَّحَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّ إجْمَاعَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنْ لَا تَجُوزَ وَصِيَّةُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ. وَحَكَى قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ قَالَ: وَبِهَذَا صَدَرَ الْحُكْمُ بِوَصِيَّةِ شَيْخِنَا ابْنِ عَرَفَةَ رُدَّتْ إلَى الثُّلُثِ قَالَ: وَوَافَقْت عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْإِمَامُ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَهُوَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ.
قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: وَأَبُو فَارِسٍ فِي وَقْتِهِ كَعُمَرَ فِي وَقْتِهِ عَلَى نِسْبَةِ كُلِّ زَمَانٍ وَأَهْلِهِ مُحْتَاجٌ لِإِقَامَةِ حَوْزَةِ الْإِسْلَامِ مِمَّنْ يُرِيدُ أَذَاهُمْ أَوْ انْتِهَاكَ حُرَمِهِمْ.
اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ السُّلْطَانُ عَدْلًا فَهُوَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ قَدْ قَالَ أَيْضًا: إنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ لَا يَثْبُتُ بِهَا نَسَبٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا مُشْتَهِرًا مِثْلَ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَوْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ سَهْلٍ: قَوْلُ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْإِرْثَ إلَّا مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّسَبَ هُوَ الْقِيَاسُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ.
وَمِنْ الْمُتَيْطِيِّ قَالَ مَا نَصُّهُ: فَصْلٌ الْوَلَاءُ وَالنَّسَبُ كَالْحُدُودِ وَلَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَلَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى عِلْمٍ أَوْ سَمَاعٍ. وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَاهُ لَا تَتِمُّ الشَّهَادَةُ حَتَّى يَقُولُوا إنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ أَعْتَقَ أَبَاهُ.
وَمِنْ الْمُفِيدِ مَا نَصُّهُ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي عَدْلٍ وَلَا فِي جَرِيحٍ وَلَا حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ وَلَا وَلَاءٍ وَلَا نَسَبٍ إلَّا إنْ كَانَ سَمَاعًا فَاشِيًّا ظَاهِرًا مُسْتَفِيضًا يَقَعُ بِهِ الْعِلْمُ، فَيَرْتَفِعُ عَنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ وَيَصِيرُ فِي بَابِ الِاسْتِفَاضَةِ وَالضَّرُورَةِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الشَّهَادَةِ أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَنَّ مَالِكًا ابْنَ أَنَسٍ فَإِنَّمَا قَصُرَ عَنْ هَذَا الْجُزْءِ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالشَّهَادَةِ الْمَالَ دُونَ الْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ وَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ. وَمِنْ نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ مَا نَصُّهُ: مَذْهَبُ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ إلَّا مَنْ اسْتَحَقَّ النَّسَبَ وَثَبَتَ لَهُ بِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْأَنْسَابُ وَبِهَذَا كَانَ يَقُولُ ابْنُ لُبَابَةَ.
وَقَالَ: إذَا لَمْ يَثْبُتْ

(7/258)


النَّسَبُ فَكَيْفَ يُسْتَلْحَقُ الْمَالُ، وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ هُوَ النَّظَرُ وَالْقِيَاسُ إلَّا أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الصَّوَابِ. اهـ. نَصُّ ابْنِ سَهْلٍ.
قَالَ أَصْبَغُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَارِثُهُ وَلَهُ وَرَثَةٌ مَعْرُوفُونَ فَلَمْ يَمُتْ الْمُقِرُّ حَتَّى مَاتَ وَرَثَتُهُ الْمَعْرُوفُونَ فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِهَذَا الَّذِي كَانَ أَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ وَارِثُهُ وَكَأَنَّهُ أَقَرَّ وَلَا إرْثَ لَهُ. وَلِابْنِ يُونُسَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِزَوْجٍ وَأَقَرَّ الرَّجُلُ بِزَوْجَةٍ وَصَدَّقَ الْآخَرُ صَاحِبَهُ فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: إنْ كَانَا غَرِيبَيْنِ طَارِئَيْنِ قُبِلَ قَوْلُهُمَا.
وَإِنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ بِمَوْلًى فَقَالَ هَذَا مَوْلَايَ أَعْتَقَنِي، فَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ إقْرَارَهُ يَثْبُتُ وَهُوَ وَارِثُهُ بِالْوَلَاءِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ، فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ يَجُوزُ الْإِقْرَارُ بِهِمْ وَيَرِثُونَ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدُهُمْ غَيْرَ هَؤُلَاءِ مِثْلَ أَخٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ لَمْ يَجُزْ اسْتِلْحَاقُهُ، لَكِنْ إنْ مَاتَ الْمُقِرُّ أَوْ الْمُقِرُّ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ فَإِنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَّا قَوْلَةً شَاذَّةً لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَالَ يَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ.
وَقَالَ أَيْضًا سَحْنُونَ وَأَصْبَغُ: إنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَا مَوَالٍ غَيْرُ هَذَا الْمُقِرِّ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ وَيَسْتَوْجِبُ بِذَلِكَ مِيرَاثَهُ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبُهُ اهـ. وَهَذَا الَّذِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنَّهُ قَوْلَةٌ شَاذَّةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَقَالَهُ أَصْبَغُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِيهِ: إنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعَ غَيْرِهَا.

(وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ) اللَّخْمِيِّ: إنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ هَذَا أَخِي فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ ثَابِتٌ يَرِثُهُ. وَقِيلَ: إنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى وَهَذَا أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ لَهُ بِذَلِكَ شُبْهَةً.
وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ وَطَالَتْ الْمُدَّةُ وَهُمَا عَلَى ذَلِكَ

(7/259)


يَقُولُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِلْآخَرِ أَخِي أَوْ يَقُولُ هَذَا عَمِّي وَيَقُولُ الْآخَرُ ابْنُ أَخِي وَمَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ السُّنُونَ وَلَا أَحَدَ يَدَّعِي بُطْلَانَ ذَلِكَ لَكَانَ حَوْزٌ. وَانْظُرْ فِي فَصْلِ التَّوَارُثِ مِنْ تَرْجَمَةِ السَّفِيهِ وَالْمَحْجُورِ مِنْ ابْنِ سَلْمُونَ: الْعُقُودُ فِي ذَلِكَ وَثُبُوتُ ذَلِكَ بِالِاسْتِرْعَاءِ، وَكَيْفَ لَوْ لَمْ يَرْفَعْ شُهُودُ الِاسْتِرْعَاءِ النَّسَبَ إلَى جَدٍّ وَاحِدٍ،.

(وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي عَتَقَ الْأَصْغَرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ) سَحْنُونَ: مَنْ

(7/261)


قَالَ فِي ثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ مِنْ أَمَتِهِ أَحَدَهُمْ وَلَدِي يُرِيدُ ثُمَّ مَاتَ قَالَ: فَالصَّغِيرُ مِنْهُمْ حُرٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ الْكَبِيرَ فَالْأَوْسَطُ وَالصَّغِيرُ حُرَّانِ بِحُرِّيَّةِ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ الْأَوْسَطَ فَالصَّغِيرُ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ فَالْأَوْسَطُ وَالْكَبِيرُ عَبْدَانِ فَفِيهِمَا الشَّكُّ.
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: يَعْتِقُ الْأَصْغَرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَرَادَ الْأَكْبَرَ فَكُلُّهُمْ أَحْرَارٌ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَوْسَطَ فَهُوَ وَالْأَصْغَرُ حُرَّانِ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَصْغَرَ فَهُوَ حُرٌّ وَحْدَهُ، فَالْأَصْغَرُ لَا تَجِدُهُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ إلَّا حُرًّا، وَالْأَوْسَطُ ثَابِتُ الْعِتْقِ فِي حَالَيْنِ وَيُرَقُّ فِي حَالٍ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ، وَالْأَكْبَرُ ثَابِتُ الْعِتْقِ فِي حَالٍ وَيُرَقُّ فِي حَالَيْنِ فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَعْتِقُونَ كُلُّهُمْ بِالشَّكِّ. اهـ. نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ.
وَكَذَا نَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَنَقَلَ سَحْنُونَ فِي نَوَازِلِهِ مِثْلَ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ فَرَاجِعْهُ أَنْتَ. (وَإِنْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ) هَذَا أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَخِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ.
قَالَ سَحْنُونَ: مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ لَيْسُوا بِإِخْوَةٍ لِأُمٍّ فَقَالَ فِي مَرَضِهِ أَحَدُهُمْ ابْنِي وَمَاتَ فَقَالَ الرُّوَاةُ: إنَّهُ كَقَوْلِهِ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ. ابْنُ رُشْدٍ: فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ فَفِي ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلُ مَالِكٍ إنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُمْ الْجُزْءُ الْمُسَمَّى بِعَدَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ. وَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَحَدُهَا أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ يَعْتِقُ بِالْقُرْعَةِ وَبَاقِي الْأَقْوَالِ لِغَيْرِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ.
وَانْظُرْ ذِكْرَ خَلِيلٍ حُكْمَ الْعِتْقِ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَتَرَكَ حُكْمَ النَّسَبِ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ. فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ نَسَبٌ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْإِرْثِ فَقَالَ سَحْنُونَ: وَلَا مِيرَاثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: عَلَى الْقَوْلِ بِعِتْقِهِمْ جَمِيعًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُمْ حَظٌّ وَاحِدٌ مِنْ الْمِيرَاثِ لِصِحَّةِ

(7/262)


الْمِيرَاثِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا بِعَيْنِهِ يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ.

(وَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ وَأَمَةُ آخَرَ وَاخْتَلَطَا عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ) أَشْهَبُ مَنْ نَزَلَ عَلَى رَجُلٍ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ هِيَ وَوَلَدَتْ امْرَأَةُ الضَّيْفِ فِي لَيْلَةٍ صَبِيَّيْنِ فَلَمْ تَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدَهَا دُعِيَ لَهُمَا الْقَافَةُ.
ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدًا بِعَيْنِهِ وَنَفَى الْآخَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا وَاحِدًا بِعَيْنِهِ وَنَفَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ نَفْسِهِ مَا سِوَاهُ فَالْوَاجِبُ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ كَالْأَمَةِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَطَآنِهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَتَلِدُ وَلَدًا يَدَّعِيَانِهِ مَعًا. الْقَرَافِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ قَالَا بِالْقَافَةِ فِي لُحُوقِ الْأَنْسَابِ، وَخَصَّصَهُ مَالِكٌ فِي مَشْهُورِ مَذْهَبِهِ بِالْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ مَا نَقَلَ غَيْرَ هَذَا فِي أَسْرَارِ الْفُرُوقِ.

(وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَتْ مَعَ بِنْتِهَا أُخْرَى لَا تَلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةٌ) مِنْ كِتَابِ ابْنِ مُيَسَّرٍ: مَنْ حَلَفَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَلَدَتْ الْمَرَّةَ جَارِيَةً لَأَغِيبَنَّ عَنْكِ غَيْبَةً طَوِيلَةً فَوَلَدَتْ فِي سَفَرِهِ جَارِيَةً فَبَعَثَتْ بِهَا خَادِمَهَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ لِتَطْرَحَهَا عَلَى بَابِ قَوْمٍ فَفَعَلَتْ فَقَدِمَ زَوْجُهَا فَوَافَى الْخَادِمَ رَاجِعَةً فَأَنْكَرَ خُرُوجَهَا حِينَئِذٍ وَحَقَّقَ عَلَيْهَا فَأَخْبَرَتْهُ فَرَدَّهَا لِتَأْتِيَ بِالصَّبِيَّةِ فَوَجَدَتْ صَبِيَّتَيْنِ فَأَتَتْ بِهِمَا فَأَشْكَلَ الْأَمْرُ

(7/263)


عَلَى الْأُمِّ أَيَّتُهُمَا هِيَ مِنْهُمَا قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا. وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: تُدْعَى لَهُمَا الْقَافَةُ وَبِهِ أَقُولُ.

(وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ) سَحْنُونَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ: لَا تُلْحِقُ الْقَافَةُ الْوَلَدَ إلَّا بِأَبٍ حَيٍّ، فَإِنْ مَاتَ فَلَا قَوْلَ لِلْقَافَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ قَرَابَتِهِ إذْ لَا تَعْتَمِدُ عَلَى شَبَهِ غَيْرِ الْأَبِ.

(وَإِنْ أَقَرَّ عَدْلَانِ بِثَالِثٍ ثَبَتَ النَّسَبُ) ابْنُ يُونُسَ: إذَا هَلَكَ وَتَرَكَ وَرَثَةً فَأَقَرَّ بَعْضُهُمْ بِوَارِثٍ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ رَجُلَانِ عَدْلَانِ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَأَخَذَ جَمِيعَ مَوْرُوثِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِمَّنْ لَا تَثْبُتُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا؛ أَوْ لِأَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ غَيْرُ عُدُولٍ أَوْ لِأَنَّهُمْ نِسَاءٌ وَلَيْسَ الْجَمِيعُ بِسُفَهَاءَ فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي الَّذِي يَغْرَمُونَهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ، فَذَهَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ إلَى أَنَّ الْمُقِرَّ يَسْتَوْفِي جَمِيعَ مَا يَجِبُ لَهُ فِي حَالِ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ أَخَذَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ دَفَعَهُ إلَى الْمُقِرِّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَفْضِلْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ بِهِ.

(وَعَدْلٌ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُ وَلَا نَسَبَ وَإِلَّا فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ كَالْمَالِ) ابْنُ الْحَاجِبِ:

(7/264)


إنْ أَقَرَّ وَلَدَانِ عَدْلَانِ بِثَالِثٍ ثَبَتَ النَّسَبُ وَعَدْلٌ يَحْلِفُ وَيُشَارِكُهُمَا، وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَغَيْرُ عَدْلٍ يُؤْخَذُ لَهُ مِنْهُ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ دُخُولِهِ مَعَهُمْ انْتَهَى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْعَدْلَ وَغَيْرَ الْعَدْلِ سَوَاءٌ. وَقَدْ تَعَقَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَكِنْ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَلِيلٌ قَدْ اخْتَارَ نَقْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ لِتَرْشِيحِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَالْمَالِ كَالْمَرْأَةِ تُقِيمُ شَاهِدًا عَدْلًا بِنِكَاحِ مَيِّتٍ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَتَرِثُ، ثُمَّ اطَّلَعْت عَلَى شَرْحِ ابْنِ عَلَاقٍ فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعْزُوًّا لِلطُّرْطُوشِيِّ.

(وَهَذَا أَخِي بَلْ هَذَا فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ إرْثِ أَبِيهِ وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ) سَحْنُونَ: لَوْ تَرَكَ وَلَدًا وَاحِدًا فَقَالَ لِأَحَدِ شَخْصَيْنِ هَذَا أَخِي بَلْ هَذَا الْآخَرُ، فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ مَا وَرِثَ عَنْ أَبِيهِ وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ، وَقِيلَ لَهُ جَمِيعُهُ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا أَصَحُّ فِي النَّظَرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ: أَنْتَ أَتْلَفْت عَلَيَّ مُوَرِّثِي، وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى. وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالْأَخِ ثَانِيًا إنَّمَا أَقَرَّ بِمَا فِي يَدِهِ حِينَ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْإِرْثِ فَكَانَ إقْرَارَ وَارِثٍ مَعَهُ وَإِرْثٌ بِوَارِثٍ. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ السُّلَيْمَانِيَّةِ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ ثُلُثَ النِّصْفِ.

(وَإِنْ تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ فَلَهُ مِنْهَا السُّدُسُ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ آخَرَ فَإِنَّهَا تُخْرِجُ نِصْفَ مَا فِي يَدَيْهَا وَهُوَ السُّدُسُ فَيَأْخُذُهُ الْأَخُ الْمُقَرُّ لَهُ وَحْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَعَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ أَصْحَابِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ: هُوَ يَعْنِي نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْأُمِّ بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ وَالْأَخِ الْآخَرِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَظَاهِرُ نَقْلِ الشَّيْخِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصَةٌ فِي الْمُوَطَّأِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي الْمُوَطَّأِ. وَعَزَا ابْنُ رُشْدٍ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِلْفَرَّاضِ وَلِمَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.
قَالَ: وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَاخْتِيَارُ مُحَمَّدٍ.

(وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ بِأَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتُهُ وَلَدَتْ

(7/265)


مِنْهُ فُلَانَةَ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْضًا وَنَسِيَتْهُمَا الْوَرَثَةُ وَالْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَهُنَّ أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ) قَوْلُهُ: " وَلَهَا ابْنَتَانِ " يُرِيدُ غَيْرَهَا وَلَعَلَّ هَذَا سَقْطٌ لِنَاسِخِهِ. وَعِبَارَةُ سَحْنُونٍ: مَنْ أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتُهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَلِلْأَمَةِ ابْنَتَانِ أُخْرَيَانِ سِوَى فُلَانَةَ الْمُقَرِّ بِهَا فَمَاتَ وَأُنْسِيَتْ الْبَيِّنَةُ وَالْوَرَثَةُ اسْمَهَا، فَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ فَهُنَّ كُلُّهُنَّ أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ وَاحِدَةٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ وَأُنْسِيَتْ الْبَيِّنَةُ اسْمَهَا فَلَا عِتْقَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ. ابْنُ رُشْدٍ: إقْرَارُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى قَوْلِهِ إحْدَى هَذِهِ الثَّلَاثِ ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا فَلَا شَهَادَةَ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا. وَقَوْلُهُ " يَعْتِقْنَ كُلُّهُنَّ " خِلَافُ قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا فِيمَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ فِي عَبِيدٍ لَهُ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمَا ابْنِي وَقَوْلُهُ إنْ حَجَرَ حُجِرُوا فَلَا عِتْقَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إنْ لَمْ تَعْلَمْ الْبَيِّنَةُ أَيَّتَهنَّ هِيَ هُوَ الْمَشْهُورُ.

(وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَا يَرِثُهُ وَوُقِفَ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوهُ) ابْنُ شَاسٍ: إذَا اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ فَلَا يَأْخُذُهُ الْمُسْتَلْحِقُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيُوقَفُ ذَلِكَ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ هَذَا الْمُسْتَلْحِقُ صَارَ هَذَا الْمَالُ لِوَرَثَتِهِ وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ، وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوا ذَلِكَ الْمَالَ فِي دُيُونِهِمْ. ابْنُ شَاسٍ.

(7/266)