التلقين
في الفقة المالكي كتاب الضحايا
والعقيقة
مدخل
...
كتاب الضحايا
والعقيقة
والأضحية سنة مؤكدة يخاطب بها كل قادر عليها
إلا الحاج بمنى وهي إراقة دم كامل لكل مضح
منفرد به غير مشارك في ثمنه وإن ضحى رجل
بأضحية واحدة عنه وعن أهل بيته بغير عوض جاز
ولا يكون إلا من بهيمة الأنعام.
وأفضل الأجناس منها: الغنم ثم البقر ثم الإبل
والعجول من كل جنس أفضل من الإناث.
وسنها من الضأن الجذع ومما سواه الثني ويتقي
فيها كل عيب ينقص اللحم أو مرض الحيوان وكذلك
كالأعمى وبين العور والعجفاء والظلع وقطع بعض
الأعضاء المأكورة أو نقصانه في أصل الخلقة
وكذلك الشديدة المرض والمكسورة القرن إن كان
يدمى.
ومحلها الأيام المعلومات وهي ثلاثة أياما يوم
النحر وثانيه وثالثه فأما رابعه فليس من
المعلومات وتعجيلها يوم النحر أفضل.
ويستحب إن يلي ذبحها أن كان ممن يحسن الذبح
وإن استناب فيها من هو من أهل القربة أجزأه.
وذلك المسلم العاقل فقط حرا كان أو عبدا رجلا
أو امرأة بالغا أو مراهقا ووقتها بعد الصلاة
والخطبة وبعد ذبح الإمام إن كان ممن يظهر
النحر وذلك الأولى به وإلا فليتحر الناس وقت
ذبحه أو ذبح أقرب أئمة البلد إليهم ثم إن بان
لهم الغلط في تحريهم فلا شيء عليهم ويسمى عند
ذبحها ويكبر ولا يباع شيء منها ولا يعأوض به
لجار ولا يصرف في ماعون ولا غيره ويجوز أن
يطعم الغني والفقير ويأكل منها المضحي ويدخر
القدر الذي يجوز أكله.
(1/104)
فصل
والعقيقة سنة مستحبة غير واجبة وهي شاة كاملة
عن كل مولود ذكرا كان أو أنثى ووقتها سابع يوم
الولادة فإن فات فاتت بفواته وقيل السابع
الثاني.
ويحسب السابع إذا سبقت الولادة فجره وإن تأخرت
عنه ألغى وحسب غده وسنتها في الجنس والسن
واتقاء العيب ووقت الذبح من اليوم وجواز الأكل
سنة الأضحية وكسر عظامها مباح غير ممنوع ولا
مندوب وحلاق رأس المولود والتصدق بوزنه جائز
لمن أراده وتلطيخه بالدم ممنوع وإبداله
بالخلوق جائز والختان واجب بالسنة في الذكور
ومثله الخفاض في الإناث وليس بواجب وجوب فرض.
(1/105)
باب الذبائح
يتعلق بالذكاة خمسة أشياء: أنواع التذكية وشرط
كل نوع منها وصفة الذابح وصفة المذكي وصفة
الآلة المذكى بها.
(1/105)
فأما أنواع
التذكية فهي ثلاثة: الذبح والنحر والعقر فأما
العقر فإنه في غير المقدور عليه وهو في
المتوحش طبعا ما لم يقدر عليه وذلك يبين في
بابه.
وأما النحر والذبح ففي المقدور عليه إنسيا كان
أصله أو وحشيا فتأنس أو قدر عليه مع استيحاشه
أو كان غير مقدور عليه لتوحشه بعد أنسه ولا
تبيح الضرورة فيما ذكاته النحر أن يذكى بالعقر
كالبعير يقع في بئر فلا يوصل إلى تذكية في
حلقه ولبته.
فأما شروط الذكاة فشرط الذبح هو استيفاء قطع
الحلقوم والودجين في قطع واحد.
وأما النحر ففي اللبة والنحر سنة ذكاة الإبل
ويجوز ذبحها للضرورة والذبح سنة ذكاة الغنم
ويجوز نحرها للضرورة وسنة البقر الذبح والنحر
جائز فيها من غير ضرورة وما ذكى من ذلك بغير
سنته لغير ضرورة فقيل لا يؤكل تحريما وقيل
كراهة.
فأما سننه ومندوباته فأربعة: إحداد الآلة
والتسمية واستقبال القبلة والصبر عليها إلى أن
تبرد فإن ترك ذلك كله أو بعضه سهوا أو عمدا
كره له ولم تحرم الذبيحة إلا في ترك التسمية
فإن تعمد تركها يحرمها عند جمهور أهل المذهب
إلا أن يتأول.
فأما صفة الذابح فأن يكون مسلما أو كتابيا
عاقلا عارفا بالذبح قاصدا به التذكية فإن قصد
اللعب أو إتلاف البهيمة أو دفعها عن نفسه أو
تجريب السيف.
(1/106)
ولم يقصد
التذكية لم يكن ذلك ذكاة وإن أصاب صورتها وليس
من شرطه الذكورية ولا البلوغ إذا كان مراهقا
يتأتى منه الذبح ويعرف شروطه.
ولا يجوز ذبح الكافر غير الكتابي ولا المجنون
ولا السكران.
فأما صفة المذكي فأن يكون حيا غير ميئوس من
بقاءه مثل أن يكون قد أصابه من وقذ أو نطح أو
ترد أو عرقا أو حرقا أو عقر سبع أو غير ذلك
مما يعلم معه أنه لا يعيش بمستقر العادة فمتى
أصابه بعد ذلك لم تصح تذكيته.
وأما الآلة المذكى بها فأن تكون مما ينهر الدم
ويحصل به القطع جرحا كالمنحدد من السيف
والسكين والرمح والحرية والزجاج والحجر والقطب
الذي له حد يصنع ما يصنعه بحد السلاح ولا يجوز
التذكية بسن ولا ظفر متصل بالمذكي ولا منفصل
ولا بمثقل.
(1/107)
باب الصيد
كل حيوان مأكول اللحم طبعه التوحش والامتناع
لا يقدر عليه إلا بالاصطياد فتذكيته بالعقر في
أي موضع كان منه من مقتل أو غيره من جارح أو
محدد سلاح إذا تلف عنده في حال امتناعه
وانتفاء القدرة على تذكيته بالذبح من غير
تفريط كأن فوت نفسه مشاهدا لصائده أو غائبا
عنه ما لم يفرط في طلبه إلا أن يبيت عنه ففيه
تفصيل نذكره إن شاء الله.
والآلة المصيد بها نوعان جوارح وسلاح فأما
الجوارح فلجواز أكل ما صيد به شرطان أحدهما أن
يكون معلما والآخر أن يكون بإرسال من صاحبه من
أي أصناف الجوارح كان من كلب أو باز أو صقر أو
شاهين أو غيره من سباع الوحش والطير التي تفقه
التعليم.
وتعليمه أن يفقه عن مرسله فيأتمر إذا أمره
وينزجر إذا زجره وليس من شرطه ترك الأكل من
كلب أو غيره.
وأما الإرسال فأن يبتديء صاحبه بعثه من يده
نأويا إرساله للاصطياد والتذكية مسميا لله
تعالى عند ذلك.
ثم قتله الصيد بنوعين بعقر وبغير عقر فأما
العقر فبجرح من تنبيب
(1/108)
أو تخليب فذكاة
له وغير العقر ضربان أحدهما فعل فيه كالصدم
والنطح وما أشبه ذلك مما لا يبلغ فيه الجرح
وهذا فيه خلاف والآخر أن يتلف عند مشاهدة
الجارح طالبا له فزعا أو دهشا فلا يجوز أكله.
وأما السلاح فكل ما جرى فالاصطياد به جائز من
سيف ورمح وسكين وسهم ومعراض أصاب بحده دون
عرضه فإن بات الصيد عنه بعد إرسال الجارح أو
السهم فوجده من الغد مقتولا لم يؤكل من الجارح
وفي السهم خلاف.
(1/109)
وشركة الجارح
غير المعلم أو مرسل المجوسي مانعة من أكل من
شركا فيه جارح المسلم أو سهمه وإذا بان من
الصيد عضو أو بضعة يعيش مع مفارقتها لم يؤكل
البائن وأكل سائره وإن سأوى البائن ما بقي أكل
جميعه ولا يؤكل ما قتلته الحبالة لأنه مقدور
عليه ولا ما قتله السهم المسموم لشركة السم في
قتله ولا صيد المجوس لأنه كذبه ويكره صيد
الكتابي من غير
تحريم ولا يؤكل ما أدركه والجوارح تنهشه فلم
يخلصه وهو قادر على ذلك أو طالبا لما يذبحه به
للتفريط بذلك كله.
(1/110)
باب الأطعمة والأشربة
الأطعمة ضربان حيوان يحتاج إلى ذكاة ونبات
وغيره من الجامدات والمائعات لا يحتاج إلى
ذكاة.
فما لا يحتاج إلى ذكاة من جميع الأطعمة
المعتادة فأكله جائز ما لم يكن نجسا بنفسه أو
مخالطة نجس. وأما الحيوان فنوعان بري وبحري
فأما البحري فيؤكل جميعه كان مما له شبه في
البر أو مما لا شبه له من غير حاجة إلى ذكاة
تلف بنفسه أو بسبب أتلفه مسلم أو مجوسي طفا أو
لم يطف.
فأما البري فمحتاج إلى ذكاة وهي مختلفة
باختلاف أنواعه على ما بيناه فبهيمة الأنعام
والوحش كله مباح ما عدا الخنزير ولا تؤكل فإنه
حرام والسباع فإنها مكروهة.
فأما الإنسي من ذوات الحوافر فالخيل مكروهة
دون كراهة السباع والبغال والحمير مغلظة
الكراهية جدا وقيل محرمة بالسنة دون تحريم
الخنزير.
(1/110)
ولا تؤكل
الجراد عند مالك رحمه الله إلا أن يتلف بسبب
ومن أصحابه من لا يرى فيه السبب. والطير كله
مباح ذو المخلب وغيره وما عدا ذلك فمكروه
مستقذر غير مقطوع على تحريمه.
وأما الأشربة فلا يحرم منها إلا ما أسكر فيحرم
جميعه من أي نوع كان من عنب أو زبيب أو تمر أو
رطب أو بسر نيا كان أو مطبوخا قليله وكثيره
وشرب الخليطين مما ذكرناه.
وانتباذهما مكروه والانتباذ فيما عدا الدباء
والمزفة جائز وفيهما مكروه وشرب العصير جائز
وكذلك العقيد إذا ذهب منه بالطبخ الأكثر
الثلثان وشبهها.
(1/111)
|