التلقين في الفقة المالكي

كتاب النكاح وما يتصل به
والنكاح مندوب إليه للقادر عليه من غير ايجاب والمنكوحات ضربان حرائر وإماء فالحرائر يجوز نكاحهن على الإطلاق والإماء لا يجوز للحر نكاحهن إلا بشرطين عدم الطول وخشية العنت وذلك سيذكر فيما بعد والحرائر نوعان إبكار وثيب وكل واحد من النوعين ينقسم إلى قسمين أصاغر وبوالغ.
ولا نكاح إلا بولي ذكر ولا يجوز لامرأة أن تنكح نفسها ولا غيرها بوجه وذلك باطل متى وقع لا يجوز بوجه ثم الأولياء ضربان آباء وغير آباء فأما صغار النساء فلا يزوجهن أحد من الأولياء سوى الأباء وللأباء إنكاحهن أبكارا وثيبا.
وأما الإبكار البوالغ فلآباء إنكاحهن بغير إذنهن ويستحب استئذانهن من غير إيجاب وينقطع الإجبار عن المعنسة وهي التي برزت وجهها وباشرت الأمور بنفسها وعرفت مصالحها وقيل إنه باق عليها ببقاء البكارة.

(1/112)


وأما الثيب من البوالغ فلا إجبار عليها ولا تنكح إلا بإذنها.
والثيوبة المسقطة للإجبار هي الوطء بنكاح أو ملك أو بشبهتهما.
وأما الحرام المحض فلا يقطع الإجبار كان طوعا أو اغتصابا.
والولاية ولايتان خاصة وعامة فالخاصة في أربعة أوجه نسب أو خلافة نسب أو ولاء أو سلطان فأما ولاية النسب فمستحقة بالتعصيب لا مدخل فيها لذوي الأرحام الذين لا تعصيب لهم كالأخ للأم والخال وغيرهما ثم ما يملك بهما نوعان إجبار وإنكاح بإذن فأما الإجبار فلا يملكه إلا الأب وحده على صغار بناته وأبكار بوالغهن على ما قدمناه والسيد في أمته.
وأما الإنكاح بالاستئذان فيستوي الأب وسائر الأولياء وترتيب العصابات فيه بحسب قوة تعصيبهم فأولاهم البنون ثم بنوهم وإن سفلوا ثم الأب
ثم الأخوة للأب والأم ثم للأب ثم بنو الأخوة للأب والأم ثم بنو الأخوة للأب ثم الأجداد للأب وإن علوا ثم العمومة على ترتيب الأخوة ثم بنوهم على ترتيب بني الأخوة وإن سفلوا ثم الموالى ثم السلطان.
وإن أنكح الأبعد مع وجود الأقرب فيمن تستأذن جاز فأما خلافة النسب فوصى الأب خاصة في البكر هو أولى من سائر الأولياء بإذنها وهو في الثيب واحد منهم.
والمستأذنان أبكار وثيب فإذن الثيب بالقول وإذن البكر بالقول أو بالصمات ويستحب أن تعلم البكر بأن صماتها محمول منها على الإذن.
وأما الولاية العامة فولاية الدين وهو جائز مع تعذر الولاية الخاصة.
فأما مع وجودها فقيل: إنه جائز في الدنية التي لا خطر لها وكل واحد كفؤلها ولا يجوز في ذات القدر والشرف وقيل لا يجوز بحال مع القدرة.
وإذا تقدم العقد على الإذن فالصحيح أن لا يجوز وإن تعقبته الإجازة.
وللولي إنكاح صغار الذكور كان أبا أوصى أبا أو حاكما وإذا أنكح الأب إبنه الصغير فإن سمي الصداق عليه أو على الابن الذي له المال جاز وإن سكتا

(1/113)


عنه فهو على الابن إن كان له مال وعلى الأب إن لم يكن للابن مال ثم لا ينتقل إليه بيسره.
ويجوز خلع الأب عن ولده الصغير الذكر والأنثى وكذلك إنكاحه البكر بأقل من صداق مثلها إذا رءاه حظا والعفو عن نصف صداقها بطلاقها قبل الدخول وللولي أن يلي إنكاح نفسه من وليته التي يجوز له نكاحها بنفسه بأي شيء كانت ولايته.
وإذا زوج الوليان فالداخل من الزوجين أولى ولا ولاية لعبد ولا لمن فيه بقية رق ولا لكافر على مسلمة ولا لمسلم على كافرة إلا بالرق وللسيد إجبار عبيده وإمائه وعبيد من يلي عليه من ولده أو بوصية على النكاح ولا يجوز لعبد ولا لأمة أن ينكحا إلا بإذن سيدهما والسيد في العبد بالخيار إذا نكح بغير إذنه بين أن يجيز أو يرد إلا أن يعتق قبل علمه بالنكاح فيمضي ولا رد له ولا خيار له في الأمة بخلاف العبد.
وللعبد أن ينكح أربعا كالحر وله أن ينكح الأمة مع القدرة على الحرة بخلاف الحر.
والإشهاد من شروط كمال النكاح وفضيلته دون نفوذه وصحته وكذلك الإعلان والتراضي بكتمان العقد يفسده.
ولا يجوز لولي عضل وليته إذا دعته إلى كفء في الدين والحال والمروءة ويزوجها عليه الإمام وإن اتفقا على غير كفء جاز وليس كمال مهر المثل من الكفاءة والمتوك في عقد النكاح جائز.
فصل
الصداق مستحق في عقد النكاح ولا يجوز التراضي على إسقاطه ولا النكاح المشترط فيه سقوطه ولا حد لأكثره وأقله محدود وهو ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم فضة أو ما يسأوي أحداهما من العروض ويجوز أن يكون أعيانا ومنافع والأعيان أحب إلينا.
ولا يجوز الصداق ما لا يجوز بيعه لتحريم عينه أو لغرره كالخمر والخنزير وكالآبق والشارد وفي فسخ النكاح به روايتان إحداهما أنه يفسخ قبل الدخول

(1/114)


وبعده والأخرى أنه يفسخ قبله ويثبت بعده ويجب صداق المثل ويجوز على وصف أو عبد مطلق أو جهاز بيت ويرجع إلى العرف والوسط من ذلك ويجوز تعجيل المهر وتأجيله ويستحب تقديم ربع دينار قبل الدخول والصداق واجب بالعقد والتسمية ويستقر وجوبه بالدخول فيؤمن سقوطه وما لم يكن دخول فهو معرض لأن يسقط نصفه بطلاق أو جميعه بما يكون من جهة المرأة مثل أن ترتد أو تختار نفسها إذا أعتقت أو يبيعها سيدها من زوجها وعلى المرأة أن تتجهز لزوجها من صداقها وغيره بما يجري العرف في موضعها وله إن طلقها قبل الدخول نصف ما ابتاعته إلا أن يكون صرفته في شيء تختص به فتغرمه عينا.
ونكاح الشغار باطل وهو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما فإن سميا مهرا لهما أو لأحدهما صح النكاح المسمى فيه المهر ووجب صداق المثل.
ونكاح المتعة باطل وهو العقد المشروط فيه الأجل والخطبة على خطبة الغير جائزة على وجه وممنوعة على آخر فجوازها ما لم يكن بينهما إنعام وركون وتقدير صداق وما أشبهه ومنعها مع وجود ذلك وإذا اشترط المنكح في

(1/115)


العقد حباءا لنفسه والصداق للزوجة فهو لها حق بصداقها وما دفعه الزوج إليه بعد العقد فهو له. ونكاح التفويض جائز وصفته أن يعقدا ولا يسميا صداقا أو على أن يفرضاه بعد أعقد ومن فرض منهما فرضية الآخر جاز وكان هو الصداق ومن كره لم يلزمه ونظر فإن كانت المرأة لزمها مما يفرضه صداق المثل دون ما قصر عنه وإن كان الزوج كان خير بين أمور ثلاثة إما أن يبذل لها صداق المثل أو يرضي بفرضها أو يطلق ولا يلزمه شيء بفرضها فإن طلق استحب له أن يمتع والمتعة هي أن يعطيها شيئا يجري مجرى الهبة بحسب ما يحسن من مثله على قدر حاله من يسره وعسره ومن مات من الزوجين قبل الفرض فبينهما الميراث ولا صداق في من لم يفرض والموت في استقرار الصداق به كالدخول.
وصداق المثل معتبر بحالها وما هي عليه من جمال وحال وأبوه فيكون لها بحسب ذلك وما يكون مثله لأقرانها في السن ومن كان في مثل حالها ولا اعتبار بنساء عصبتها ومن أعتق أمته على أن يتزوجها نفذ العتق ولم يلزمها ذلك وإن شرط عتقها صداقها لم يصح ولزمه الصداق وللمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها وليس لها ذلك بعد طوعها بالتسليم. وإذا اختلفا في مقدار الصداق فإن كان قبل الدخول تحالفا وتفاسخا وبدئت باليمين ومن نكل منهما قضى عليه مع يمين صاحبه.

(1/116)


وإن اختلفا بعد الدخول فالقول قول الزوج مع يمينه وإن كان الاختلاف في القبض فالقول قولها قبل الدخول فإن دخل رجع إلى الموضع الذي هما فيه فعمل على غالب أحوالهم وعرفهم فإن عدم ذلك فالقول قولها وإن كان هناك عرف يصدق الزوج ومعها كتاب ذكر الحق فالقول قولها.
فصل
ويثبت الخيار للزوجين بعيوب توجد فيهما أو في أحدهما فيكون الخيار لمن لم توجد به وذلك على ضربين منها ما يختص به الزوج ومنها ما تختص به المرأة ومنها ما يشتركان فيه.
فالذي يختص بالزوج هو ما يمنع الوطء وذلك أربعة عيوب الجب والخصي والعنة والاعتراض فالمجبوب هو المقطوع ذكره وأنثياه والخصي هو المقطوع أحدهما والعنين هو الذي له الذكر لا يتأتى الجماع مثله لصغره وامتناع تأتي إيلاجه والمعترض هو الذي لا يقدر على الوطء لعارض وهو بصفة من يمكنه وربما كان بعد وطء قد تقدم منه وربما كان عن امرأة دون أخرى ففي الجب والخصي والعنة لها الخيار وكذلك إذا كان الخصي قائم الذكر يمكنه الوطء إلا أنه لا ينزل فالخيار لها.
فأما المعترض فيضرب له الأجل سنة من يوم توقفه ويخلي بينه وبينها والقول قوله إن ادعى الوطء في السنة فإن مضت وتقارا على عدم الوطء فالخيار لها وذلك إذا لم يكن منه وطء قبل الاعتراض فلا يقبل قولها في دعوى ذلك به إلا بتصديقه إياها.
والفسخ إذا اختار الفرقة بطلاق وفي تكميل الصداق روايتان إحداهما إثباته على الإطلاق والأخرى بشرط طول إقامتها وتلذذه بها واستمتاعه بقدر تمكنه ثم إن تزوجته ثانية كان لها الخيار أيضا بخلاف المجبوب والخصي لأن هذين لا يتوقع زوال ما بهما ويكمل الصداق في حقهما.

(1/117)


وأما العيوب المختصة بالمرأة فهي داء الفرج المانع من وطئها.
وهو الرتق والقرن فذلك يوجب الخيار إن شاء أقام واستمتع بقدر ممكنة وإن شاء طلق ولا شيء عليه.
وأما المشتركة فالجنون والجذام والبرص فإذا وجد بالزوج فالمرأة بالخيار فإن اختارت الفسخ قبل الدخول فلا مهر لها وإن وجد ذلك الرجل بالمرأة فهو بالخيار إن شاء دخل ولزمه الصداق كاملا وإن شاء طلق ولا شيء عليه فإن كان دفعه استرده وإن لم يعلم إلا بعد الدخول ترك لها ربع دينار وأخذ ما زاد عليه إن كانت هي الغارة وإن كان الغار وليها رجع الزوج بما دفعه إليها على الولي فلم يترك لها ربع دينار.
وكل هذه إذا كانت العيوب موجودة بمن وجد به منهما في حال العقد ولا خيار إن سلم في حال العقد ثم طرأت عليه.
ولا خيار فيما سوى ذلك من العيوب كالقطع والعمى والعور والحد في الزنا أو كونها ولد زنا أو ما أشبه ذلك.
ويستحب المتعة لكل مطلقة ومن جرى مجراها كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها إلا المطلقة المسمى لها قبل الدخول والمختلعة والملاعنة ولا يجبر عليها من أباها.

(1/118)


فصل
وتجب النفقة للزوجة بالعقد والتمكين من الاستمتاع مع بلوغ الزوج وكونها ممن يستمتع بمثلها إلا أن تنشز والاعتبار في تقديرها بحالهما فيلزمه لها كفايتها على قدر حالها ويخدمها كفايتها إلا أن تتزوجه عالمة بفقره وأنه متكفف لا مال له فلا قول لها ولها في غير ذلك أن تفارق مع الإعسار بعد
ضرب الأجل ليتضح إعساره وطلاقه رجعي وله الرجعة إن أيسر في العدة والخيار لها في الإعسار بالصداق بعد ضرب الأجل على ما يرجى لمثله.
فصل
ونكاح المريض المخوف عليه المحجور عليه في ماله غير جائز ويفسخ إن وقع صح أو لم يصح وقيل يثبت إن صح وطلاقه ثلاثا لا يقطع الميراث جملة بغير تفصيل إلا أن يصح من ذلك المرض ولا نكاح لمولى عليه إلا بإذن وليه.
فصل
ولا يجوز استباحة الفرج في الشرع إلا بأحد وجهين إما عقد النكاح أو ملك يمين فكل امرأة فجائز في الجملة العقد عليها ما لم يكن فيها ما يقتضي تحريمها والتحريم ضربان مؤبد وغير مؤبد فالمؤبد يرجع إلى عين المرأة فلا تحل بوجه وذلك بوجهين أحدهما أصل والأخرى معنى طاريء على العين يحظرها بعد إباحتها وجملته خمسة أشياء نسب ورضاع وصهر ولعان ووطء في العدة.
فالأصل هو النسب والفرع ما عددناه معه فالتحريم بالنسب هو في الأعيان السبعة وهي الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت فالأم اسم لكل أنثى لها عليك ولادة فتدخل في ذلك الأم دنية وأمهاتها وجداتها وأم الأب وجداتها وإن علون والبنت اسم لكل أنثى لك عليها ولادة أو على من له عليها ولادة فتدخل في ذلك بنت الصلب وبناتها وبنات

(1/119)


الأبناء وإن نزلن والأخت اسم لكل أنثى جأورتك في أصليك أو في أحدهما.
والعمة اسم لكل أنثى شاركت أباك أو جدك في أصليه أو في أحدهما والخالة اسم لكل أنثى شاركت أمك في أصليها أو في أحدهما وبنت الأخ اسم لكل أنثى لأخيك عليها ولادة بواسطة أو مباشرة وبنت الأخت اسم لكل أنثى لأختك عليها ولادة بمباشرة أو واسطة.
وأما الرضاع فإنه يكسب من وجد به من الاسم ما يكسبه النسب فإذا أرضعت المرأة طفلا حرمت عليه لأنه أمه وبنتها لأنها أخته وأختها لأنها خالته وأمها لأنها جدته وبنت زوجها صاحب اللبن لأنها أخته وأخته لأنها عمته وأمه لأنها جدته وبنات بنيها وبناتهما لأنهن بنات إخوته وأخواته.
وأما الصهير فأربع أم المرأة وابنتها وزوجة الأب وزوجة الابن.
فالأم تحرم بمجرد العقد الصحيح على ابنتها والبنت تحرم بشرط الاستمتاع بالأم لمن الدخول فما دونه استمتاعا مباحا أو شبهه وفي محض الزنا روايتان وسواء كانت الربيبة في حجر المتزوج بأمها أم لا.
وأما اللعان فيحرم على التأبيد وكذلك وطء المتزوجة في عدة بنكاح أو ملك فهذه جملة التحريم المتأبد.
وأما التحريم غير المؤبد فهو الذي يكون لعارض يزول بزواله وذلك يرجع إلى أمرين أحدهما صفة لأحد المتزوجين يزول التحريم بزوالها.
والآخر صفة في العقد وجملة ذلك أشياء وهي "ستة عشر وجها":
أحداها" أن تكون المرأة ذات زوج.
والثاني: أن تكون في عدة من زوج رجعية أو بائنة.
والثالث: أن تكون مستبرأة من غير الناكح أو حاملا حملا لا يلحق به كان لاحقا بالواطء أو غير لاحق.
والرابع: أن يكون أحدهما مرتدا.
والخامس: أن تكون المرأة كافرة غير كتابية.
والسادس: أن يكون الرجل كافرا أي أنواع الكفر كان.
والسابع: أن تكون أمة كافرة.
والثامن: أن يكون في حال إحرام.

(1/120)


والتاسع: أن تكون المرأة أمته أو أمة ولده.
والعاشر: أن يكون الرجل عبدا للمرأة أو لوالدها.
والحادي عشر: نكاح الأمة المسلمة للحر الذي يجد الطول ولا يخشى العنت.
والثاني عشر: أن يكون جامعا بين أكثر من أربع.
والثالث عشر: أن يكون عنده من ذوات محارمها من لا يجوز له الجمع بينه وبينها.
والرابع عشر: أن يكون أحدهما مريضا مرضا يحجر عليه فيه ويشتد الخوف عليه على ما ذكرناه. والخامس عشر: أن تكون قد ركنت إلى غيره وتمهد الأمر بينهما ولم يبق إلا العقد أو شبيه به. والسادس عشر: فيخ خلاف وهو أن يكون العقد يوم الجمعة والإمام يخطب على المنبر وربما أغفلنا شيئا يرد في التفصيل.
فصل
ولا يجوز العقد على معتدة من غيره وأن يصرح بخطبتها في العدة ويجوز التعريض لها نحو القول إني فيك لراغب والمقرب منك لمؤثر وما أشبه ذلك ويجوز لمن زنا بامرأة أن يتزوجها إذا استبرأها وأن يزوج زانيته بغيره ويكره تزويج المعروفة بالزنا والكتابيات ولا يفسخ نكاح المرأة بزناها عند زوجها ولا يطؤها إلا بعد استبرائها ونكاح حرائر الكتابيات جائز.
ووطء أمهاتهن بالملك دون النكاح جائز وللرجل أن ينكح أمة أبيه وأمه بخلاف أمة ابنه والأم في عبد ابنها.
وإذا أسلم الكافر وتحته من لو ابتدأ العقد عليها في الإسلام جاز ثبت عليها وإن كانت ممن لو أراد ابتداء العقد عليها في الإسلام لم يجز له ذلك لم يثبت عليها كذات المحرم والمرضعة وغيرهما قبل الدخول وبعده وإذا أسلم الكتابي وتحته كتابية ثبت عليها وإن كانت مجوسية عرض عليها الإسلام فإن أسلمت ثبتت معه وإن أبت انفسخ النكاح في الحال كان قبل الدخول أو بعده وكذلك إن كانا مجوسيين أو صابئين أو غير ذلك من أنواع الشرك وإن أسلمت هي

(1/121)


فإن كان قبل الدخول بانت منه وإن كان بعده وقف على انقضاء العدة فإن أسلم قبل خروجها تمسك بها وإلا بانت منه.
فصل
ومن أنواع التحريم تحريم الجمع وهو التحريم الراجع إلى صفة العقد وذلك ينقسم إلى ضربين أحدهما راجع إلى الأعيان والآخر راجع إلى عدد دون الأعيان.
فالراجع إلى الأعيان كالجمع بين الختين وبين المرأة وعمتها وخالتها وحصر ذلك أن كل امرأتين لو كانت كل واحدة منهما ذكرا لم يجز له أن يتزوج الأخرى لم يجز الجمع بينهما وما عدا ذلك فجائز وطريق الجواز في الأول أن يحرم الأولى فيخرج عن الجمع ولا يجوز الجمع في الوطء بملك اليمين بين ما يحرم جمعه بالنكاح فتحريمها إن كانت زوجة بأن تبين منه وإن كانت أمة فبإخراجها عن ملكه ببيع أو هبة لمن لا يعتصرها منه أو بأن يزوجها أو يكاتبها أو يقنعها منجزا أو مؤجلا أو غير ذلك.
وأما الراجع إلى العدد دون الأعيان فهو الجمع بين أكثر من أربع نسوة وليس في ملك اليمين حد ومن بانت منه زوجته فله أن يتزوج من كان يمنع الجمع بينه وبينها وإن كانت البائن في عدتها.
وإذا أسلم المشرك وعنده من لا يجوز الجمع بينهن في الإسلام اختار منه أربعا أو واحدة من الأختين وفارق البواقي وله اختيار الأوائل والأواخر كان نكاحهن في عقد واحد أو في عقود متفرقة والعدل بين الزوجات واجب في القسم وغيره من حقوق النكاح.
ومن تزوج بكرا وله زوجة غيرها أقام عندها سبعا وإن كانت ثيبا أقام ثلاثا ثم استأنف التسوية ولم يقض والأمة والحرة في القسم سواء وكذلك المسلمة والكتابية ويقرع بينهن إذا أراد السفر.
فصل
ومن غاب عن امرأته فعمى خبره وانقطع أثره ولم يعلم حياته من موته وأضر ذلك بزوجته فإنها ترفع أمرها إلى السلطان فيبحث عن خبره ويسأل عنه ويجتهد فإن وقف له على خبر حياته فليس بمفقود ويكاتبه بالعود أو الطلاق فإن أقام على الإضرار طلق عليه وإن لم يوقف له على خبر ولم يتميز له حياة ضرب لها حينئذ

(1/122)


أجل أربع سنين ثم اعتدت بعدها عدة الوفاة ثم نكحت فإن جاء في الأجل أو في العدة أو بعدها وقبل أن تتزوج فهي امرأته.
فإن جاء بعد أن تزوجت فإن كان الثاني دخل بها فهي له دون الأول وإن كان لم يدخل بها ففي رجوعه عليها بنصف الصداق روايتان وإن جاء قبل دخول الثاني بها ففيها روايتان والأسير بخلافه فلا يضرب لآمرته أجل وتبقى إلى أن ينكشف أمره.
ولا يقسم مال المفقود بين ورثته إلا ان يأتي عليه ما لا يعيش إلى مثله غالبا وحده سبعون سنة وقيل ثمانون وقيل تسعون وقيل مائة والمفقود في المع يجتهد فيه من غير ضرب أجل فإذا لم يوقف له على حياة اعتدت امرأته وتزوجت.

(1/123)